عالم المعجزات -  بحث في تاريخ القرآن

المقدمة

كتاب المسلمين المقدس

 صلة النبي بالقرآن

اللغة العربية في حمى القرآن

العلم في القرآن ومن القرآن

في القرآن شريعة الخلود

في القرآن حلول لكل مشاكل الكون والانسان

كل الاطمئنان في القرآن

القرآن معجزة المعجزات

هذا الكتاب

هل لغير الله نصيب في القرآن ؟

معجزة الوحي والتنزيل

ستمرارية الوحي

معنى الوحي

طرق الوحي

بدء الوحي

الوحي والإلهام والنبوة

بين النبي محمد والأنبياء السابقين

خاتمة

معجزة أمية محمد

هل لغير الله  في القرآن نصيب؟

القرآن معجزة وأية معجزة ؟ في كل شئ هو معجزة ولن نقف في هذا البحث إلا عند معجزة نشأته وتدوينه وحفظه وما عدا ذلك يدخل في نطاق معجزات النبوة والعقيدة ولا شأن لنا بها الآن لأن كل ما في الدنيا من خير وصلاح وعلم وقوانين هو في القرآن والإسلام على أتمه وكل ما في الكون من فضيلة لا يصل إلى عشر معشار فضيلة من فضائل القرآن

وفيما نحن نرى الله وراء القرآن يستحثنا القرآن نفسه لرؤية غير الله وفيما يدعونا المسلمون إلى سؤال الله عن عصمة كتابه والأكتفاء بشهادته والاتكال عليه يدعونا القرآن نفسه إلى سؤال ا÷ل الذكر والاحتكام إليهم والاستشهاد بهم وفي قول القرآن للمسلمين اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون  عبرة خطيرة للغاية !

وأخطر منها حث القرآن لمحمد نفسه إلى سؤال اهل الكتاب والالتجاء إليهم ليرفع عن نفسه الشك والريبة  يقول له إن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك  10 : 10

ويبدو أن محمدا كان يعرف تمام المعرفة أن الذين يشهدون على صحة رسالته هم أهل الكتاب وكان يكتفي بشهادتهم لإقناع تابعيه  يقول كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب  13 : 43

وأخطر من كل شئ آخر احتكام محمد إلى أهل الانجيل لأنهم يحكمون بما لديهم على ما في القرآن  وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه أى بما في القرآن 5 : 47 فهل لأهل الانجيل حق يستحقونه ؟

إننا إذا كنا نتجرأ على مثل هذا السؤال فلأن القرآن نفسه يدعونا إليه ولكن وراء هذا السؤال سيلا من الأسئلة وهي تصدر عنه وتتفرع منه وليس دونه أهمية وخطورة  من هم أهل الذكر  وأهل الكتاب وأهل الانجيل ؟

من هم الذين يقرأون الكتاب من قبل محمد ؟  وهل للقرآن مصدر غير الله ؟

هل تم نقل القرآن على يد غير الله ؟  وهل هذا يعني أن حفظ القرآن وجمعه وقرآنه وبيانه وتدوينه وانتشاره واستمراره تمت على يد جبريل بشري  اختلس دور جبريل الإلهي ؟

انها أسئلة تطال حرم القرآن وقدس أقداس المسلمين ولكن قبل الدخول في متاهاتها والغوص فيها لابد من طرح أسئلة أخرى تخطر على البال وهي أيضا من سماحة القرآن وسعة صدره

أين أنزل جبريل القرآن ؟ ومتى ؟ وكيف ؟ وعلى من أنزله ؟ واين كان قبل تنزيله ؟ وأين كتبه ؟ وعلى أى لوح لؤلؤي دون كلام الله ؟ ولمن أعطي شرف حفظه وكتابته وتدوينه ؟

ثم هل استطاع النبي الأمي الذي يجهل القراءة والكتابة حفظه كله ؟ هل عصم من آفة النسيان ؟ وهل وجد محمد لكل الآيات الأزلية مناسبات في التاريخ ؟ هل عصم كتبة الوحي أيضا من أهوائهم ليدونوا بموضوعية كل آيات القرآن ؟

هل نزعوا كلهم من أنانيتهم وأميالهم السياسية ؟ هل كانوا فيما دونوا على اتفاق وعصمة ؟

لئن كان كذلك _ وهم بنظر المسلمين كذلك  _ فهم والله أكثر عصمة من الرسول نفسه وبتنا لا نعرف كم بارك الله هذه الأمة لكي يكون فيها أكثر من 45 رجلا يتمتعون بالتجرد والصدق والأمانة والايمان والتسامي والعصمة والشرف المجيد  _ انظر عدد كتبة الوحي  في الاستيعاب 1 : 30 وكتاب الوزراء  والعقد الفريد  4 : 246

ثم بعد هل لمكة في القرآن يد ؟ أم للمدينة يد ؟  وهل كانت اليدان على اتفاق ؟ أم بين مكة والمدينة جرى تزوير وتحريف وتصحيف ؟

هل كان ابو بكر الصديق وعمر ابن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلى ابن ابي طالب على اتفاق وصراط قويم حتى يجتمعوا على وحدة كلام الله ويختلفوا فيما عدا ذلك ؟

وهل كانت أمهات المؤمنيين حفصة وعائشة وأم سلمة على شئ من الاتفاق حتى لا يختلفن في رواية القرآن ؟ هل كان القرآن واحدا واستمر واحدا ووصل إلينا واحدا وموحدا ؟ فما دور مصاحف الصحابة إذن

لماذا كان لعلى مصحف ؟  ولأبي ابن كعب مصحف ؟ ولأبن مسعود مصحف ؟ ولسالم مولى حذيفة  ولأبن العباس ولزيد ابن ثابت ولعائشة ولحفصة ولأبي موسى الأشعري  كل هؤلاء كان لكل منهم مصحف

ولماذا قرر ابو بكر جمع المصاحف ؟ ولماذا اختار مصحف زيد ابن ثابت ؟ ولماذا جمع عثمان المصاحف ؟ واختار مصحف ابو بكر ؟ ولماذا أحرق باقي المصاحف  وفيها كلها صورة المعلم المحبوب وكلام الله الذي لا عوج فيه ولا اختلاف  وقد أقسم الله  إنا له لحافظون ؟؟؟؟؟

وحده القرآن بقي لنا من عهد النبي  وما كتبه المحدثون وأصحاب السير والأخبار كتبوه بعد مضي أكثر من 150 سنة على موت محمد  فهل يصدقون القول فيما كتبوا ؟ وهل كان لهم مصادر ومراجع من أيام النبي والصحابة ؟ واين هي ؟ ولماذا أتلفت ؟ ولماذا لم تبقى ؟

 والمعروف أنها دونت بحسب روايات أهل الأخبار  على ألواح من حجارة وأكتاف من العظام وأخشاب من النخيل  تعصى على عوامل الطبيعة  !!  فهل نقل أهل الأخبار ما نقلوا بصدق وأمانة وروح علمية رصينة ؟ من الصعب ذلك بعد هذه المدة من الزمن والخلاف فيما بينهم دليل

ثم أيضا ألم تترك الفتوحات العربية أى أثر في كلام الله ؟  ألم يضاف إلى كلام القرآن كلام بشري  يناسب الوضع السياسي المستجد ؟

أبقي نصارى الشام والعراق مثلا مع الفاتحين كما كان نصارى مكة مع محمد ؟  أيعقل أن يكون  نصارى  سورة التوبة هم أنفسهم نصارى سورة المائدة ؟ أيعقل أن يكون رهبان  التوبة يأكلون أموال الناس بالباطل  9 : 34  ورهـــبان المائدة لا يستكبرون   5 : 82

وقل الشئ نفسه عن أهل الكتاب بالعموم  وعن الصابئة والمجوس واليهود  ولننظر ما كانوا عليه أيام محمد  وما أصبحوا عليه عهد الغزوات  والفتوحات ...؟

كلها أسئلة تخطر على البال وغيرها سيطرح في مجال البحث  وسبب طرحها اليوم هو ذلك الطمئنان المتحكم بعقول القرآنيين الذين احتجزوا الله في هيكل  لا من حجارة هذه المرة بل من ورق

هؤلاء الذين قعدوا عن البحث واعتصموا بحبل الله واستكنوا في ظلال القرآن  عنوان لتفسير سيد قطب على القرآن  واستراحوا في دار الإسلام ووجدوا كل الحقيقة في دفتي كتاب ورأوا فيه كل العلم والمعرفة ونظروا فيه كل الحلول لجميع مشاكل الانسان  وأمراضه وعقده النفسية ... لهؤلاء نقول باخلاص

هل من شأن الدين أن يحوي في جوفه  علوم الأرض والسماء ؟ أو أن ينظم علاقات البشر ويسن الشرائع والقوانين ؟  أو أن يعني بحقوق الانسان أو أن ينتمي إلى عضوية الأمم المتحدة ؟

هل من شأن الدين أن يكون له على الأرض دولة ؟ وهل من شأن الدين أن يتحدى المدنية المعاصرة ؟ أو يكون له فلسفات وعقائد ونظم في المال والاقتصاد ؟ وأحكام في ما بين الرجل وأمرأته ؟ وهل من شأن الدين أن يكون جهادا في سبيل فرض عقيدته وتعاليمه وشرائعه على الناس ؟

لست أخاف على الله  من أن لا يكون  أكـبــــــر ولن أرتعــــــــب مثل الشيخ أحمد الوائلي الذي أرتعدت فرائصه لمجرد ذكر لفظة دعوة وقوع التحريف بالقرآن

قال الشيخ أننا في هذا الموضوع يجب أن نتلمس طريقنا في حذر شديد وأقسم وأنا أكتب هذه الكلمات أن قلبي لا يطاوعني على مجرد  سطر هذا العنوان المذكور _ وفيما اعتقد أن ذلك شعور كل مسلم يؤمن بالله ورسوله وكتابه وأن مجرد افتراض وقوع هذا المعنى في القرآن الكريم يعتدي على أغلى صورة قدسية في صميم وجدان المسلم كتاب القرآن نظرة عصرية جديدة ص 135

أما أنا فلن أخاف ولن أرتعب _ ولن يضطرب قلبي لا على الله ولا على نبيه ولا على كتابه ومع هذا لن أكون أقل ايمانا من خير المؤمنيين  ومع هذا أيضا سأستمر في البحث عن الله وعن كتابه ونبيه ولن يكون بحثي في نشأة القرآن أبعد من الكلام على معجزات حفظه وتدوينه

ولم يوفر الله لكتابه  كلمة إلا ومسحها بعصمته ولم يترك لنا مجالا لظن وريبة إلا وأحكمها بمعجزته _ فالوحي والتنزيل كلاهما عند المسلمين معجزة  ووحي الله إلى نبي أمي جاهل بالقراءة والكتابة هو أيضا معجزة

وحفظ  محمد للقرآن رغم أميته هو أيضا معجزة  وحفظ الصحابة لهذه المعجزة هي معجزة  وجمع السور والآيات من الرقاع وصدور الرجال معجزة  وبلاغة القرآن معجزة

وما في القرآن من اكتشافات وعلوم توصل العالم لبعضها ولم يتوصل بعد لبعضها الآخر هو معجزة  واتيان القرآن بحلول لمشاكل البشر بأحسن ما يكون هو الآخر معجزة  ليس بعدها ولا قبلها

فأنت ترى أننا مع القرآن في عالم المعجزات في حين أننا مع الاسلام على دين الفطرة  وأنت ترى أيضا أن الله في القرآن تجسد فيما القرآن يعلن عن الله ليس كمثله شئ ترى المسلمين أخيرا يحلون بآيات القرآن كل العقد والمشاكل  فيما الانسان غني بالعقد والمشاكل ولو كان بالقرآن مؤمنا

هذا الغنى اكسب الانسان بحثا وحرية وقلقا في الوقت الذي اكتسب المسلمون من القرآن سكينة وطمأنينة واستراحة ولكأنك ترى المسلمين وهم يقفون عند مصحف عثمان غير جديرين لا بالإسلام ولا بالقرآن

هؤلاء المطمئنون لعالم المعجزات هم في العالم معجزات ومن يزحزح في العالم ايمانا معجزا  دون أن يطبق السماء بالأرض ! حسب جبريل  أن يلزم إكمال معجزاته ليهدينا الصراط المستقيم  ولكنه يبدو عليه الوهن لكثرة ما سعى !

وهل عند الله سواه أكثر سعيا ونشاطا تبدو لنا ابواب السماء موصدة وليس من يقوم مقام رسول الوحي القديم العاجز ! ومع هذا سنظل نطرق الأبواب ساجدين باكين معفري الجبين بالتراب لعل سامعا يسمع ! هيهات فوراء الأبواب صمت وهدوء لعل سكان السماء ضربوا هم أيضا ب  سكينة وطمأنينة واستراحة

عدت إلى الأرض من معراج بات لحظة ووعيت جنوني في عالم مجنون  التمست من عند المطمئنين السلام فلمست في نفوسهم قلقا أشد من الجنون  ذهلت من الوضع العجيب وضع عناق الجنون للمعجزة بل هو وضع التزامين متناقضين في أن معا وفي رأس واحد  ايمان وكفر - حرية واطمئنان - خير وشيطان - جبريل وقرآن  فما بالك في بشر يمشون صرعى الجنون والمعجزات  ؟

أما كيف يعانق الجنون المعجزات فأمر بات لدي مضمونا الساكت عن المعجزة مجنون  والمرتاح إلى جنونه هو في معجزة مستمرة وأى إله يعبد في الحالين ؟ ! وها ئنذا بين فريقين  فريق مطمئن إلى ما لديه ما استطعت لطمأنينته علاجــــــــا

وفريق قلق مجنون لم أتمكن من دفع الكبت عنه  أولئك ثرثارون ملؤا الدنيا حقائق وحلول وكتب ودراسات  وهؤلاء صامتون مكبوتون خائفون عاجزون درجوا على القلق وإصبح القلق عندهم أمرا مألوفا ومعهودا

وكلا الفريقين مزعج  واحد لكثرة كلامه والآخر لكبته وصمته  وعندهما فقط يلتقى الجنون بالمعجزة ويتعانقان

إني فيما أقصد واضح أمامي معجزة أبغي إلى النفاذ إلى حرمها وبين يدي كتب تتحدى العلم والمدنية وكل ما في الأرض من عقد ومشاكل وترى فيها كل الحلول وكل المعرفةوعلينا واجب دفع هذا التحدي وهذه المواجهة الصريحة

في العالم العربي كتب لو أردت زرع الصحراء جنائن وبساتين لطالت أغصان أشجارها بروج السماء انها صالحة جدا لمثل هذا النمو المطلوب وقد أعطيت نموذجا واضحا عنها فيما تقدم

وعلى الصامتين حبا برقى العالم أن يتدخلوا وأن يخرجوا من الكبت المشين  وأن بقوا في قلقهم صامتين لشاركوا الذين هم في راحتهم مطمئنون  وهل تسألني بعد لماذا نحن في عالم ينحدر

آمل من كل هذا أمرا وهو أن يسمح الانسان لله بالتدخل مرة أخرى فعند الله كلام جديد وكتاب جديد ومعلومات جديدة والله يريد لوفرة رحمته أن يتحفنا بمعجزة أخرى فليسمح له _ لدي أمل وأرجوا خيرا

وعلى الذين يخافون على الله أن يتركوا لله شرف الدفاع عن كرامته بل ليحرروا الله منهم وهو الذي أعطاهم خير ما عنده وهي حريتهم وهل يحق لهم بعد ذلك سلب الناس حريتهم

هذا الشئ الذي لم يفعله الله نفسه  أفتحوا أبواب الكعبة ونقبوا في رمال مكة  لعل الباحثين يجدون من الذي كان   قبل النبي  والله قبله وبعده في كل حال  وليس عنده محال