هل من المفروض أن يبحث الإنسان عن المولى؟

أم يبحث المولى عز وجل عن الإنسان ليعلن له ذاته؟

وما هي الشروط الواجب توافرها فيمن يبحث عن المولى تبارك أسمه؟

عندما تحدث الوحي عن أن تلميذين من تلاميذ نبي الله يوحنا بن زكريا تركا معلمهما، وذهبا وراء السيد المسيح تبارك اسمه، ولم يكلماه حتى التفت هو إليهما وتكلم إليهما. وبيَّنا أن المولى القدير تبارك اسمه دائما يلتفت إلى الإنسان ويتكلم معه وهذا لا يحد من مكانته أو عظمته جل جلاله، وأنه إله غير صامت أو منفصل عن خلائقه. وسؤالي الأول هو يقول الإنجيل بحسب البشير يوحنا في أصحاحه الأول والعدد38 : "فالتفت يسوع ونظرهما يتبعانه، فقال لهما ماذا تطلبان، فقالا: ربي الذي تفسيره يا معلم أين تمكث، فقال لهما: تعاليا وانظرا. فأتيا ونظرا أين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم، وكان نحو الساعة العاشرة". لماذا سأل الرب يسوع تبارك اسمه تلميذا يوحنا ابن زكريا عندما مشيا وراءه" ماذا تطلبان"؟

الحقيقة هذا سؤال مهم في التعامل مع السيد المسيح تبارك اسمه سواء مدة أقامته على الأرض بالجسد أو حتى الآن. فكل من يتعامل مع المولى القدير تبارك اسمه لا بد أن يحدد بالضبط ماذا يطلب منه، ولماذا يريد أن يتحدث إليه ويمشي وراءه. فالبعض يريد أن يرضي المولى عز وجل فيمشي وراءه طمعاً في نعيمه وعطاياه وهباته لهم على الأرض. ولكي يقيهم من شر الوسواس الخناس ومن شر حاسد إذا حسد ويحميهم وذويهم من تقلبات ومفاجأت الزمان، فكل تفكيرهم محصور في الآن مدة أقامتهم على الأرض أما حياتهم الأبدية فهي ليست في بالهم. والبعض يحاول أن يرضي المولى تبارك اسمه اتقاء لغضبه وتجنبا لعقابه وانتقامه منهم وهم لا يعلمون أنه تبارك اسمه محبة. يحبهم ولا يشاء أن يهلكهم بل يشاء أن يكون أباً لهم ويعينهم في ضعفهم ويضمن لهم النعيم الأبدي. بل يحبونه لأنه القدير الرائع المحبة التي إذا ما جاءه المرء لذاته سكب في قلبه محبة خاصة له جل شأنه وأعطاه فيضاً من المحبة يحب بها لا مولاه القدير فحسب بل يحب بها نفسه ويحب الآخرين مهما اختلفت أفكارهم وأديانهم، وردود أفعالهم معه وهؤلاء هم المفلحون. لذلك من الضروري أن يحدد المرء لماذا يمشي وراء السيد المسيح تبارك اسمه.

ماذا عن حواري السيد المسيح تبارك اسمه؟ لماذا كانوا يمشون وراءه، فهؤلاء الناس وعددهم أثني عشر- لازموه (له المجد) مدة خدمته على الأرض لمدة ثلاث سنين وثلث؟

الحقيقة لم تكن دوافع أغلبهم صافية واضحة وصحيحة في معظم الأوقات. فمنهم من كان يسير وراءه لأنه رأى معجزاته والآيات البينات التي كان يعملها، ومنهم من ظن أنه سيصبح ملكاً على اليهود وأرادوا أن يجلسوا في ملكوته واحداً عن اليمين والآخر عن اليسار. ومنهم من كان لصاً سارقاً خائناً فخانه وسلمه ليصلب لكن منهم أيضاً من أخلصوا له النية. وقال له أحدهم "إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك".

أليس هذا غريباً جداً على هؤلاء الحواريين أن يكون بينهم هذه الأنواع وهم الذين قضوا سنوات مع السيد المسيح له المجد؟

هذا غريب بالطبع فيمن هو السيد المسيح تبارك أسمه، فمعرفته تفرح القلب وتجعل للحياة معنى وطعم جديد لذيذ. لكن من هم الحواريين؟ أليسوا بشر ككل البشر. لذلك ليس غريب على الإنسان أن يجري وراء مصالحه الشخصية أو حتى خطاياه وأخطاءه. لكن العظيم في هذه المجموعة أنها كانت قابلة للتعليم والتصحيح. فليس عيبا أن يكون الإنسان أنانياً خاطئاً ولصاً مثلاً، لكن العيب والمصيبة الكبيرة انه يكون أحد الأنواع السابقة ويرفض أن يأتي للمولى تبارك اسمه ويعترف له بخطيته ويطلب منه الصفح والعفو والغفران، مستخدماً شفاعة سيدنا ونبينا وإلهنا الرب يسوع المسيح تبارك اسمه.

لماذا لم يطلب هذان التلميذان شيئاً من السيد المسيح تبارك اسمه، بل قالا له: "ربي أين تمكث؟" وما معنى ربي هنا؟ هل تعني أنهما قد عرفا أنه الرب أي السيد أو الله الظاهر في جسد إنسان؟

لا، لم يعرفا أنه الله الظاهر في جسد إنسان، بل كلمة ربي هنا معناها معلم وليس الرب أو الله. والحقيقة كان يريد التلميذان أن يتعرفا عليه أكثر ويمكثا بعض الوقت ليعرفا من هو وما هي رسالته. لكن واضح أنهما عندما جلسا معه، لم يستطيعا أن يفترقا عنه اليوم كله، بل كل طيلة مدة إقامته على الأرض لأنهما صارا من الحواريين. بل أكثر من ذلك فهما لم ولن يفترقا عنه أبداً إلى أبد الآبدين، فهو حي قائم بذاته في السماء وقبره فارغ على الأرض وهم أحياء عند ربهم يرزقون لذا فلن يفترقا إلى الأبد. إن العاقل هو من يطلب الملكوت والجلوس في حضرة السيد المسيح الحي إلى أبد الآبدين. وهذه أعظم طلبة يمكن أن تتحقق للإنسان على الأرض لأنه إذا تمتع المرء بوقت معه له المجد، ستتضاءل في عينيه كل طلباته واحتياجاته الأخرى. لذا فهما قد طلبا الطلبة العظمى.

عدد 40 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا يقول: "كان أندراوس أخو سمعان بطرس واحد من الاثنين الذين سمعا يوحنا وتبعاه" لكن من التلميذ الثاني الذي كان مع أندراوس؟

الواضح أن التلميذ الثاني كان هو يوحنا البشير كاتب هذا الإنجيل بالوحي من المولى تبارك اسمه. وهذا واضح من ذكره هذه التفاصيل الدقيقة عن التلميذين وزمان لقائهما مع السيد له المجد. وهذا طبيعي أن يسعى الكاتب في إخفاء نفسه تواضعا منه.

في عدد 41 يقول عن أندراوس : "أنه وجد أولاً أخاه سمعان فقال له: قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح" فما معنى هذه الكلمات؟

الكلمة مسيا هي الصيغة اليونانية للكلمة الآرامية( مشحا) والعربية مسيح. وكلمة مسيا تعني المسيح أو الممسوح أو في الإيمان والاعتقاد اليهودي حتى اليوم، المسيا هو المنتظر عند اليهود الذي سيعيد عرش الملك داود لإسرائيل مرة أخرى وسيخلصهم من أعدائهم وستخضع الشعوب تحت أقدامهم. لذلك أضاف يوحنا البشير هذه الكلمات مسيا الذي تفسيره المسيح، وعندما يقول المسيح معرفاً الألف واللام، فهو يتكلم عن شخص معين محدد وليس أي مسيح. لأن الملوك والكهنة والأنبياء في العهد القديم كانوا يمسحون قبل بداية خدمتهم، ويسمى كل منهم مسيح الرب. لكن المسيح هنا تعني المخلص المنتظر، وكلمة يمسح هنا تعني يدهن بالزيت أو يصب عليه نوعاً خاصاً من الزيت أو الدهن يعرف بدهن المسحة في طقوس حددها العهد القديم، وتكون بمثابة إعلان من المولى عز وجل عن بداية تعيين شخص ما في وظيفة ما كالملك أو النبي أو الكاهن.

هل مسح أحد البشر الرب يسوع المسيح وهو على الأرض ليبدأ خدمته كما يمسح الملك أو النبي أو الكاهن؟

الرب يسوع المسيح ليس كباقي البشر الذي يحتاج إلى إنسان ليمسحه ليؤدي مهمته. لكن هو الله ظاهراً في جسد إنسان وهو من يمسح الناس لتتميم المهام التي يكلفهم هو به لذلك لم يمسحه إنسان قط. والرب يسوع المسيح تبارك اسمه مسح لكن ليس بزيت أو دهن أرضي، فرسالته وطبيعته وفداؤه كلها أشياء سماوية إلهية. لذلك قال هو تبارك اسمه عن نفسه: "روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين" أي أنه مسح بروح الرب وليس بالدهن أو الزيت الأرضي. وروح الرب هنا يعني الروح القدس أي روح المولى القدير تبارك اسمه.

لفت نظري كلمة وجدنا في الآية 41 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا، والتي نحن بصددها عندما قال أندرواس لأخيه بطرس "وجدنا مسيا". فما هو تعليقك على هذه الكلمة؟

كلمة وجدنا تعني أن الذين وجدوا كانوا أكثر من واحد وليس فقط أندرواس. وتعني أيضاً انهم كانوا يبحثون أو ينتظرون المسيا، والحقيقة أن شعب اليهود كله في زمن مجيء الرب يسوع المسيح تبارك اسمه على الأرض كانوا يبحثون عن المسيا أو المخلص. فكما ذكرت في حلقة سابقة كان الشعب مستعبد للرومان، ومضت عليهم مدة 400 سنة وهي فترة الصمت التي لم يرسل لهم المولى عز وجل لا كلمة ولا نبي من عنده. فكان الجميع يتطلع إلى ظهور المسيا. وهنا نرى أن يوحنا البشير وأندرواس وغيرهم قد رأوا في شخص الرب يسوع له المجد المسيا المنتظر. لذلك قال أندراوس لأخيه وجدنا مسيا. فكلمة وجدنا هنا كلمة قوية جدا ومعبرة أيضاً.

يذكر الوحي في عدد 42 من نفس الأصحاح: "فجاء به إلى يسوع فنظر إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا؟ أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس" فهل علم الرب يسوع هذه المعلومات عن بطرس من نفسه؟

واضح من سياق الحديث إن الرب يسوع عرف كل هذه المعلومات من تلقاء نفسه، لأن الشيء الطبيعي كان أن يقدم أندراوس أخاه بطرس للرب يسوع المسيح. فيقول له مثلاً "هذا أخي سمعان بن يونا، أو هذا أخي صفا". وحينئذ لم يكن هناك حاجة لأن يكرر الرب يسوع ما قاله. لكن العجيب أن الرب يسوع عرف أن القادم اسمه سمعان وأبوه اسمه يونا، وسمعان هذا له اسم آخر، وهو صفا الذي تفسيره بطرس. وعمل نفس الأمر أيضاً مع شخص آخر اسمه نثنائيل سوف يأتي ذكره بعد قليل. وهذا ليس غريباً على الرب يسوع المسيح، فهو عالم الغيب والعليم بكل شيء فهذا أمر طبيعي منه.

عدد 43 يقول: " في الغد أراد يسوع أن يخرج إلى الجليل، فوجد فيلبس فقال له: اتبعني. وكان فيلبس من بيت صيدا من مدينة أندراوس وبطرس". هل تكفي كلمة اتبعني التي قالها الرب يسوع المسيح لفيلبس لأن يتبع فيلبس يسوع، ألم يكن من الواجب عليه له المجد أن يتحدث مع فيلبس ويشرح له إرساليته ويقنعه بها ثم يطلب إليه أن يتبعه؟

الحقيقة الكلمة الواحدة التي تخرج من فم السيد الرب يسوع المسيح له المجد، كافية وافية لأن يترك الشخص كل شيء ويتبعه. فالسيد المسيح ليس نبياً أرضياً كأي نبي لا بد أن يدعوا الناس لدينه الجديد بالصبر والموعظة الحسنة. ولا بالترهيب والترغيب والإقناع. لكن يكفيه أن يقول كلمة واحدة للشخص، فإن كان الشخص عاقلاً حكيماً أتبعه دون نقاش، وعندها سيكتشف أنه هو الطريق والحق والحياة وإلا لخسر الدنيا والآخرة.

لم نقرأ في كل الكتاب المقدس أن الرب يسوع نادى أي إنسان أو دعي أي شخص لأن يقبل المسيحية كديانة له، فما تفسير ذلك؟

لم ينزل الرب يسوع المسيح تبارك اسمه من سمائه لينادي بدين جديد أو ليدعوا الناس إلى المسيحية. فالمسيحية ليست ديانة والمسيح يسوع تبارك اسمه ليس مجرد نبي أو مؤسس لديانة. لكن المسيحية هي حياة جديدة يعطيها ويهبها المولى تبارك اسمه لكل من يؤمن بالسيد المسيح له المجد. فخلص من المعاصي والذنوب وشفيع ووسيط وحيد بين الله والناس، وهذه الدعوة " اتبعني أنت". مقدمة لي ولك ولكل مستمع عاقل حكيم من كل دين وخلفية وقطر وجنس، فهو ينادي الكل بلا استثناء وليس عنده تفريق ولا محاباة، ينادي الكل لا إلى دين جديد وليس لاعتناق المسيحية كديانة. بل بالمجيء إليه تبارك اسمه وأتباع السيد المسيح له المجد كالمثل الأعلى في طهارة الحياة والسيرة النبوية العطرة المليئة بالمحبة والتضحية والفداء. بالاختصار بحياة جديدة طاهرة وإفلات من عذاب القبر والنار.

يقول الوحي في عدد 45 من الأصحاح الأول من الإنجيل بحسب البشير يوحنا أن فيلبس لم يتبع الرب يسوع فحسب. بل فيلبس وجد نثنائيل وقال له: "وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة". وعدد 46 يقول:" فقال له نثنائيل: أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح؟ قال له فيلبس تعال وانظر". فلماذا عمل فيلبس كل هذا وقال هذه الأقوال؟

الحقيقة هذه الواقعة تمثل حياة كل إنسان مسيحي حقيقي عرف الرب يسوع المسيح كمخلص شخصي له. فالقصة تبدأ بإنسان مجرد كفيلبس أو نثنائيل او يوحنا أو بطرس أو أنا وأنت أو كل مستمع. تبدأ بأن يشعر الإنسان بحاجته إلى المولى القدير تبارك اسمه، فهناك فراغ في النفس البشرية لا يمكن أن يملأه إلا المولى تبارك اسمه لذلك يبحث الكل عن الحق سبحانه وتعالى ويتطلع لأن يعرفه جل شأنه. وهذا واضح في كافة الشعوب والأديان حتى أولئك الذين لا يعرفون الله الحق الحقيقي خالق السموات والأرض، يحاولون أن يعبدوا أي إله هم وضعوه لأنفسهم. ففي اليابان وحدها يوجد 8 ملايين إله يعبده اليابانيون وهذا يدل على شوق وتعطش الإنسان، كل إنسان لمعرفة الله وعبادته سبحانه وتعالى. ثم تبدأ الخطوة الثانية وهي البحث عنه تبارك أسمه. فمن الناس من يقضي فترات طويلة أو قصيرة في البحث عنه حتى يجده ومنهم من لا يجدونه على الإطلاق ويخسرون الدنيا والآخرة.

هل مطلوب من الإنسان أن يبحث عن المولى تبارك اسمه، أم على المولى عز وجل أن يعلن نفسه ويظهر نفسه للإنسان؟

الحقيقة الاثنان، فعلى الإنسان أن يشتاق لمعرفة العلي جل شأنه ويطلبه من كل قلبه، ولابد أن تتوافر فيه الشروط التي تجعل المولى تبارك اسمه يعلن له عن ذاته ويعرفه بنفسه. فالإنسان لا يمكن أن يعرف المولى بنفسه فالمثل العربي القائل "الله عرفوه بالعقل" هذا مثل خاطئ. فالله روح ولا يمكن معرفته إلا بالروح. نعم نستخدم العقل الذي منحنا إياه جل شأنه في التفكير فيه سبحانه آناء الليل، وأطراف النهار، هو الله سبحانه يشرح لنا صدورنا بالإيمان به.

لا بد أن تتوافر في الإنسان الشروط التي تجعل المولى تبارك اسمه يعلن له ذاته، فما هي هذه الشروط؟

أهم شرطين لابد من أن يتوافرا في الشخص الباحث عن الله سبحانه وتعالى والتي بدونها لن يعلن له المولى عن ذاته هما:

أولاً: التواضع والشعور بالاحتياج إليه تبارك اسمه.

ثانياً: استعداده لقبوله لأية صورة أو طريقة يعلن بها المولى عز وجل عن نفسه. فمن ناحية التواضع والشعور بالاحتياج فهذا أمر حتمي. فتنزيل الحكيم العليم الكتاب المقدس يعلمنا أن الله سبحانه وتعالى يقاوم المستكبرين أما المتواضعون فيعطيهم نعمة. وأكبر نعمة، هي نعمة معرفة المولى عز وجل وقبول رحمته وغفرانه لمعاصينا. فشعور الإنسان بالاحتياج إلى الله ومجيئه بكل خشوع وخضوع وتواضع لسؤاله عز وجل لأن يعلن له ذاته يفتح أمامه أبواب نعمه جل شأنه.

وماذا عن الشرط الثاني؟

الشرط الثاني لا يقل أهمية عن الأول وهو استعداد الإنسان لقبول طريقة المولى في الإعلان عن نفسه، وعدم وضع شروط مسبقة للمولى تبارك اسمه أو التمسك بعقائد أو ديانات أو تعاليم من شأنها تعطيل إعلان المولى عن نفسه للإنسان الباحث.

هل من الممكن أن تعطي لنا مثلاً توضيحياً ليوضح النقطة السابقة؟

يمكن أن آتي إلى المولى عز وجل وأشعر بالاحتياج له وأقول له يا مولاي أعلن لي عن ذاتك. لكن أنا لا أؤمن وليس عندي الاستعداد أن أؤمن أن السيد المسيح له المجد هو أكثر من نبي وولي من أولياء الله الصالحين. وأن المسيحية ليست الديانة التي جاءت بعدها ديانة أخرى، وأن السيد المسيح ليس هو خاتم المرسلين وسيد النبيين، ولست أؤمن ولن أؤمن أنه هو الطريق الوحيد للسماء وهو الوحيد الذي لم يمسه الشيطان، وهو الوسيط والشفيع الوحيد بين الله والناس من ستقبل شفاعته يوم الدين. وأنا لست أؤمن وليس لدي الاستعداد أن أؤمن أن الكتاب المقدس هو كتاب الله سبحانه وتعالى. ولأنه كتاب الله هو عز وجل قادر على حفظه من التحريف والعبث، وأنا لا أؤمن بالفداء ولا بصليب السيد المسيح. فالمسيح عيسى ابن مريم لم يصلب وليس عندي استعداد أن أؤمن بأنه صلب، ولست أؤمن أنه لابد من موت السيد المسيح نيابة عن البشر. وبالطبع فأنا لا أؤمن بقيامته من الأموات وجلوسه في عرش الله، وبالتالي لا أؤمن بأنه الديان للأحياء والأموات يوم لا ينفع مال ولا بنون. فإذا ما جاء المرء بهذه الفروض والأحكام المسبقة والإصرار على عدم فتح القلب والعقل لله سبحانه وتعالى بأن يظهر له الحق إلا من خلال نظرياته التي يؤمن بها. لا يمكن أن يعلن له المولى القدير تبارك اسمه عن نفسه، فالكتاب العزيز يعلمنا أن إعلان الله عن نفسه كان في شخص السيد الرب يسوع المسيح تبارك اسمه، ومن خلال كلمة الله الكتاب المقدس المنزه عن كل باطل.

ماذا يعمل الشخص الذي تربى على هذه الحقائق، كيف يستطيع أن يتخلص منها في لحظة ويقبل غيرها هل الأمر بهذه السهولة؟

لا، غير مطلوب من أي شخص التخلص عن شيء وقبول شيء آخر، لكن كل المطلوب من الشخص الذي يبحث عن الحق سبحانه وتعالى أن يأتي إليه متواضعاً مشتاقاً ويقول له ، يا مولاي أن ما بداخلي من تعاليم وعقائد قد يتعارض مع ما تعلنه لي. لكن افتح قلبي وعقلي لك أنت وحدك وأنا على استعداد بقوتك وبعملك في داخلي أن أقبل إعلانك عن نفسك مهما كانت صورته. فأفتح قلبي واشرح لي صدري وعرفني أين الحق فاتبعه وابعد عن الباطل فأكرهه، وأعلن لي عن محبتك وغفرانك وخطتك لإنقاذي من عذاب النار وورود النعيم الأبدي فأنت أرحم الراحمين أمين.

عودة للفهرس