لماذا يسمح الله بالمشاكل والضيق للإنسان؟

 

لا زلنا ندرس في أولى المعجزات التي أجراها السيد المسيح في قرية قانا الجليل بفلسطين وهي معجزة تحويل الماء الى خمر بعد أن فرغت الخمر من العرس. وفي الحلقة الماضية حضرتك ذكرت خمسة مفاتيح لا بد من توافرها للحصول على معجزة، أي معجزة لأي أنسان بالرغم من دينه أو جنسه او عقيدته، فهل ممكن أن تذكر لنا هذه المفاتيح مرة أخرى؟

ذكرت أن هناك سبعة مفاتيح لا بد من توافرها وأستعمالها لفتح الابواب المغلقة في وجه الانسان للحصول على معجزة. والمفاتيح التي ذكرناها في الحلية السابقة هي الخمسة مفاتيح الأول:

أولا: مفتاح العلاقة والشركة الشخصية مع الرب يسوع المسيح تبارك أسمه ومع تلاميذه في الارض الان.

ثانيا: مفتاح الكف عن المحاولات البشرية الفاشلة وعدم الاتكال عليها في حل المشكلة التي اعاني منها او أحداث معجزة في حياتي.

ثالثا: مفتاح الصلاة والدعاء لرب العباد والتحدث معه لسرد مشكلتي أو الامر الذي أريد حدوث معجزة به.

رابعا: مفتاح التوقيت الالهي أي الوقت الذي يحدده المولى سبحانه وتعالى لعمل معجزة في حياتي.

خامسا: مفتاح الطاعة لأوامر القدير تبارك اسمه حتى أحصل على معجزة.

د. ناجي نحن لم نكمل بعد الحديث عن مفتاح الطاعة، وأنا أحب أن أسميها الطاعة العمياء لكلام المولى تبارك اسمه وأوامره حتى يمكنني الحصول على معجزة. قدمت لنا نموذجا ذكر في العهد القديم عن طاعة أوامر الله من خلال نبيه اليشيع عندما أمر نعمان قائد جيش ملك أرام بان يذهب ويغتسل في نهر الاردن لكي يشفى من برصه. وأنا طلبت منك مثلا أو نموذجا أخر من العهد الجديد للدلالة على اهمية أطاعة أوامر المولى سبحانه وتعالى للحصول على معجزة؟

وأنا أوافقك على ان الطاعة لله سبحانه وتعالى لا بد ان تكون طاعة عمياء لكل ما يأمرنا به جل شأنه. وهناك أمثلة كثيرة في العهد الجديد أيضا، معندما جاء للرب يسوع المسيح تبارك أسمه عشرة مرضى مصابين بالبرص وطلبوا منه أن يشفيهم فقال لهم الرب يسوع: " اذهبوا أروا أنفسكم للكاهن".

طلب منهم هذا قبل أن يشفيهم أو بعدما شفاهم؟

كلا قبل ان يشفيهم وهم مازالوا مرضى.

كيف يطلب منهم هذا الطلب قبل أن يشفوا، المفروض أنهم لا يذهبوا للكاهن الأ بعد شفائهم؟

هذا ما أقصده بالطاعة لأوامر المولى تبارك أسمه. فكما قلت تماما كان لابد للسيد المسيح ان يشفيهم أولا ثم يذهبوا للكاهن ليأمر بطهارتهم ورجوعهم الى عائلاتهم بعد شفائهم. لكن الرب يسوع طلب منهم هذا الطلب الغريب قبل شفائهم ليختبر طاعتهم وأيمانهم له وبه.

وماذا حدث لهؤلاء البرص؟

ما حدث أنه نتيجة لطاعتهم لكلام السيد تبارك اسمه أنطلقوا ليروا أنفسهم للكاهن. ويقول الكتاب المقدس وفيما هم منطلقون طهروا، وتمت معجزة شفائهم. لأجل ذلك أنا ذكرت في الحلقة الماضية أنه لو طلب منك المولى تبارك اسمه أي شيء أعمله دون تردد. حتى لو كان هذا يخالف معتقداتك وما ربيت عليه والا لن تحصل على معجزة.

كيف أطلب من المولى تبارك اسمه أن أعمل شيء يخالف معتقداتي أو ديني مثلا حتى أحصل على معجزة؟

هناك بعض الناس يعتقدون أن عصر المعجزات أنتهى، وأن هذا كان أيام رسل المسيح تبارك أسمه يوم كانوا على الارض. وهناك البعض يعتقدون أن السيد المسيح تبارك اسمه مجرد نبي ورسول مات وصعد الى السماء وهو كأي رسول أخر قد فارق الحياة ولا أتصال له بالبشر الأن وهو لا يصنع معجزات. والبعض بسبب ديانته أو معتقداته يظن أنه لا يمكن أن يدخل الى كنيسة اويستدعي أحد القسوس أو خدام الكنيسة ليصلوا عليه صلاة نصرانية ويدهنوه بزيت، فهذا مستحيل في أذهانهم أن يحدث بل بعضهم يفضلون أن يموتوا في مرضهم على أن يطلبوا المساعدة من المسيحيين. كل هذه الامور تقف حائلا مانعا ضد الحصول على معجزة، فقد يكون المولى تبارك اسمه يريد أن يعلمني الايمان بالسيد المسيح يسوع بأنه مازال حي يشفي ويشفع فينا أمام الله سبحانه وتعالى. وقد يريد أن يعلمني التواضع وقبول أصحاب الديانات الاخرى وقد يكون في تدبيره سبحانه وتعالى يريد أن يغير قلبي ويملأه بالمحبة تجاه الاخرين الذين يخالفونني في الدين أو العقيدة ويستخدم مرضي أو مشكلتي أو أحتياجي في وصولي لهذه النقط المختلفة. فأن لم أطعه سبحانه لن أحصل على معجزة.

لماذا يسمح الله جل شأنه بالضيق والمرض والمشاكل للناس ثم يطلب منهم أن يستعملوا مفاتيح مختلفة للحصول على مساعدته ومعجزة من عنده. فأن كان الله سبحانه وتعالى كما قلت أنه عالم بكل شيء، قدير على كل شيء ومحب لماذا لا يصنع معجزة واحدة وينهي آلام البشر والبشرية، ولماذا يسمح بعذابهم؟

هذا سؤال رائع وخطير وعميق في نفس الوقت. وللأجابة عليه أقول أنه لا ذنب للمولى القدير تبارك اسمه فيما يصيب الانسان من كوارث ومشاكل وأمراض تحتاج الى معجزات لأن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الانسان خلقه في جنة، وكان ينوي تبارك اسمه أن يحفط الانسان في هذه الجنة للأبد. لكن في وسط شجر الجنة كانت هناك الشجرة المحرمة شجرة معرفة الخير والشر، وقد حذر سبحانه وتعالى أبوانا آدم وحواء اشد تحذير من أن لا يأكلا من هذه الشجرة، لكنهما عصيا ربهما فغضب عليهما وطردهما من الجنة وأصبحا من الخاسرين. وعندها جلب الانسان على نفسه، الانسان هو الذي جلب على نفسه بمحض أرادته ونتيجة لأختياره عصيان المولى تبارك اسمه والاكل من الشجرة المحرمة وتصديق غواية الوسواس الخناس. كل هذا كان سببا فيما يعاني منه الانسان نفسه وليس للمولى كما قلت ذنب فيه.

إذا لماذا لا يتدخل المولىلأنقاذ الانسان وعمل المعجزة وعلاج الموقف كله؟

هذا ما يفعله المولى تبارك اسمه الان، وهو مقدم لكل الناس وعلى الانسان نفسه كل واحد أما أن يقبل خطة الله لعلاجه وغفران معاصيه وآثامه، والحصول على مفاتيح عمل المعجزة في حيلته، والا فالانسان سيدفع الثمن في الارض وسيكتشف انه في الاخرة من الخاسرين. فما هذه المفاتيح الا وسائل وطرق وضعها المولى تبارك اسمه للأنسان ليستعملها ليحصل على معجزة.

ما هو المفتاح السادس للحصول على معجزة؟

المفتاح السادس هو ان ترضى بطريقة المولى سبحانه تعالى في حل مشكلتك وعمل معجزة معك. ففي المعجزة التي نحن بصددها كانت المشكلة أنه ليس لهم خمر، الخمر فرغت منهم والناس تطلب الخمر والعريس في موقف محرج ولا مخرج لهذه الازمة الا بأن يعمل الرب يسوع شيء معجزي لعمل الخمر. لكن الرب يسوع يطلب من الخدام قائلا: " أملأوا الاجران ماء". لماذا، نحن نريد خمر لا ماء، ما علاقة الماء بالخمر. لكن هذه هي طريقته تبارك أسمه في عمل معجزة.

هل من الممكن أن توضح لنا أكثر بأمثلة من الكتاب المقدس هذه النقطة أو كيفية أستخدام مفتاح قبول طريقة الله سبحانه وتعالى في الحصول على معجزة؟

من المثل الذي أنا أعطيته قبل ذلك مثل شفاء قائد جيش أرام نعمان السرياني من برصه. فنعمان كان يتوقع أن يخرج رجل الله اليشيع ويردد يده على نعمان السرياني فيشفى، هذه طريقة نعمان السرياني في الشفاء، لكن طريقة النبي كانت مختلفة. فقد قال له عن طريق مرسل اي أنه لم يره من الاصل، ارسل له قائلا أذهب أغتسل في نهر الاردن، فغضب نعمان ومضى ولم تعجبه هذه الطريقة. لكن عندما أقنعه عبيده بان يقبل هذه الطريقة ويذهب ويغتسل في نهر الاردن طهر من برصه.

وماذا عن مثال في العهد الجديد؟

الحقيقة يحصرني مثال غريب جدا في العهد الجديد حدث عندما جاء رجل اعمى للسيد الرب يسوع المسيح يطلب اليه أن يشفيه من عماه. فما كان من السيد المسيح له المجد ألا أنه تفل على الارض وصنع من التفل طينا وطلا عيني الاعمى. ما هو رأيك، اليست هذه طريقة غريبة وعجيبة ان يطلي عيني أعمى بالطين لكي يبصر!

طبعا هذا لو كان بصير ووضع طين على عينيه يمكن كان فقد بصره وأصبح اعمى.

لكن هذه الطريقة العجيبة الغريبة هي التي قرر السيد الرب يسوع المسيح تبارك اسمه استخدامها مع هذا الاعمى وقال له أذهب أغتسل في بركة سلوام، فلما مضى وأغتسل عاد بصيرا. فلو لم يقبل هذا الاعمى هذه الطريقة مع كونها غريبة وعجيبة لما تمت معه المعجزة.

هل من الممكن أن تعطينا مثل عملي على ما تقول من حياتنا اليومية؟

قد أكون محتاج الى مبلغ من النقود مثلا وليكن الف جنيه او الف ليرة أو دينار، وأصلي الى الله سبحانه وتعالى وأدعوا قائلا " ياألهي الكريم يا من تملك السماء والارض انت تعلم حاجتي لهذه النقود والا لحصلت كارثة في حياتي، وأنت تعلم أن ما في جيبي ليس أكثر من عشرة دنانير فمن أين آت بالالف. أستمع لعبدك وأرسل لي الالف دينار أستمع يا ربي والهي". وأذا بشيء يهمس في أذني قائلا " اذهب أعط العشرة دنانير التب في جيبك لفلان الفلاني لأنه محتاجها" لا شك أن الدم سيتجمد في عروقك. فأنت تصلي لكي تأخذ لكن المولى تبارك اسمه يسألك ان تعطي. ويكون العطاء هي الطريقة التي يريد الله ان يدربك عليها وعندما تعطي هذا المبلغ البسيط الذي معك، يرسل لك المولى من خيراته ما يسد أحتياجك. ألمهم أن تقبل طريقة الله سبحانه وتعالى.

ماهو المفتاح السابع والاخير للحصول على معجزة؟

المفتاح السابع والاخير هو الايمان بالله سبحانه وتعالى والثقة في السيد الرب يسوع المسيح انه ليس فقط قادر على صنع معجزة بل انه سيصنع معجزة معي انا شخصيا، وسأحصل على ما أطلبه منه. فبعد أن طلب السيد الرب يسوع المسيح له المجد من الخدام أن يملأوا الاجران ماء. وبالرغم أنهم لم يروه قد صلى على الماء أو لمسها بل ببساطة قال لهم أستقوا الان وقدموا الى رئيس المتكأ. فيقو ل الكتاب تنزيل الحكيم العليم " فقدموا" أي أنهم كانوا واثقين ان الماء قد تحول الى خمر.

ما ذا تعني بكلمة الايمان بالله والثقة في الرب يسوع المسيح، اليس كل الناس يقولوا انهم يؤمنون بالله سبحانه وتعالى. وكل واحد يفكر أن دينه أو مذهبه أو جماعته هم المؤمنون بالله وليس الاخرين؟

أولا ليس كل من يقول أنه يؤمن بالله سبحانه وتعالى هو بالفعل مؤمن بالله تبارك اسمه. فيعلمنا تنزيل الحكيم العليم انه ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات. ثانياً أنه ليس كل من يؤمن بالله سبحانه وتعالى يؤمن أن السيد المسيح تبارك اسمه هو ظهور المولى عز وجل في جسد انسان. وأن كان السيد المسيح له المجد هو الرب شافينا وهو صانع المعجزات والمعطي لعبيده من البشر ان يعملوا ما عمله هو على الارض، أذا فلا بد من الايمان بالسيد الرب يسوع المسيح انه حي وأنه صانع المعجزات.

ثالثا: ليس كل من يؤمن بالله جل شأنه ويؤمن بالسيد المسيح تبارك اسمه يؤمن أن الرب يسوع له المجد سيصنع معه هو معجزة، فقد يطن نفسه انه لن يستطيع أن يحصل على معجزة أو ان المعجزة ليست هي لفئة أخرى من الناس وغيرها. اذن الايمان بالله هو الثقة بالرب يسوع المسيح انه حي الى الابد الابدين قائما في السماء لأجلنا ليشفع فينا وهو محبة يريد أن يتدخل في حياتنا لصنع معجزاته معنا وأنه يسمع لصلاتنا وسوف يشفينا أو يسدد أحتياجاتنا ويعمل مع المحتاج معجزة.

أنا أرى انك حصرت الحصول على معجزة مع أولئك المؤمنين بالمسيح. اليست هناك طرق أخرى للحصول على معجزات الا من خلال الرب يسوع المسيح تبارك اسمه. فكل دين يرى أن قديسيه او أنبياءه أو أولياؤه يمكن ان يصنعوا لهم معجزات؟

قال الرب يسوع المسيح عن نفسه:" أنا هو الطريق والحق والحياة" أي أنه هو الطريق الوحيد للسماء والحق وعرش الله سبحانه وتعالى. وهو الحياة التي يحياها تابعيه، وقال عن نفسه أنه هو باب الخراف والخراف هنا هم المؤمنون به، وقال أن من يدخل من خلاله أي بشفاعته الى القدير لا بد أن يجد ما يريد، وأن يحصل على معجزة في حياته. ومن يأتي للمولى باية طريقة أخرى قد تحدث معه معجزة مؤقتة غير حقيقية كما وضحنا في حلقة سابقة. لكن الطريق الوحيد الذي يضمن لي الحصول على أكبر وأعظم معجزة يمكن ان تحدث في حياة الانسان هي عن طريق الرب يسوع المسيح وحده تبارك اسمه وليس سواه كما علمنا هو بنفسه.

ماذا تعني بأكبر وأعظم معجزة يمكن أن تحدث في حياة الانسان؟

أكبر وأعظم معجزة يمكن ان تحدث في حياة الانسان هي أفلاته من عذاب القبر والنار ووروده النعيم الابدي خالدا فيه أبدا. وهي ايضا غفران معاصي الانسان وآثامه وقبوله بريئا عند المولى تبارك اسمه، وهذا لا يمكن أن يحدث الا من خلال الايمان بالسيد الرب يسوع المسيح مخلصا شخصيا لك وشفيعا في الدنيا والاخرة. ودافعا لثمن خطاياك بموته الكفاري النيابي عنك وعندئذ سيحل السلام في قلبك وستمتليء فرحا وستصبح بنعمته من الفائزين.

عودة للفهرس