هل يمكن أن يقال عن البشر أنهم أبناء الله سبحانه وتعالى ،

إلا يعد هذا شركاً وكفراً بالله؟

 

دكتور ناجي، تكلمنا في المرة السابقة عن رفض الإيمان بالسيد المسيح (تبارك اسمه) من خاصته، وهم اليهود، وأسباب رفضهم. واليوم نريد أن نناقش ماذا عن أؤلئك الذين قبلوه واعترفوا به أنه المسيا أو المسيح الآتي إلى العالم؟

في العدد الثاني عشر من الإنجيل بحسب البشير يوحنا يقول الوحي: "وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه". وهنا نلاحظ أن كلمة أما ذكرت استدراكاً لما قبلها، وتحقيقاً لما بعدها، أي أنها تفصل بين نوعين من الناس لا ثالث لهم. النوع الأول هم الذين رفضوه ولم يؤمنوا به وبرسالته. والنوع الثاني هم الذين قبلوه وأمنوا برسالته، وأنا وأنت وكل إنسان لابد أن يقع تحت واحد من هذين النوعين اللذين لا ثالث لهم.

يتهيأ لي أن هناك نوع ثالث، وليس واحد فقط. فهناك نوع من الناس الذين يقولون نحن نؤمن بكل الرسل والأنبياء، لكن لا نؤمن بأن السيد المسيح هو الله الظاهر في جسد إنسان، ولا نؤمن أنه صلب ومات وقام من الأموات. ولا نؤمن أن السيد المسيح هو خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، ولا نؤمن بالكفارة والفداء. لكن نؤمن بيوم الدين وبالله ورسوله أجمعين بما فيهم المسيح عيسى ابن مريم، فما رأيك فهل يمكن اعتبار هؤلاء الأحباء نوعاً ثالثاً غير الرافضين والمؤمنين؟

لا قد تبدوا هذه الفئة أنها نوعاً ثالثاً من أنواع البشر، لكن الحقيقة هم أيضاً من الرافضين ببساطة؛ لأنه ما شخصية المسيح عيسى ابن مريم الذي يؤمن به هؤلاء الأحباء؟ فالمسيح ليس هو عيسى ابن مريم، بل هو يسوع ابن الله كما شرحنا في حلقات سابقة. فليس من العدل أو الإنصاف تسميته (له المجد) باسم أمه ما دام ليس له أب أرضي. فإذا قال المولى القدير أنه ابني، وليس المقصود كما وضحنا سابقاً أنه ابن الله بالتناسل الجسدي، فلابد أن نؤمن بهذه الحقيقة. وأيضاً أقول إذا كان المسيح عيسى ابن مريم ليس هو الله الظاهر في الجسد، وليس هو كفارة وفداء لخطايانا، وهو لم يمت ولم يقم، وإذا كان مثل المسيح عيسى ابن مريم كمثل آدم خلقه الله من طين، ونفخ فيه، وقال له كن فكان، وإذا لم يكن عيسى ابن مريم هو خاتم النبيين وسيد المرسلين- إذن فنحن نتكلم عن شخص آخر اسمه السيد المسيح يسوع، وليس عن عيسى ابن مريم. وبالتالي من يؤمن به هؤلاء الأحباء غير إلهنا ومخلصنا المسيح يسوع ابن الله، إذن فهم أيضاً للأسف من الرافضين.

وماذا عن بركات أو جزاء الذين آمنوا أن السيد المسيح هو كلمة الله، وقد قبلوه في قلوبهم كالمخلص والفادي لهم؟

هؤلاء يقول فيهم الإنجيل بحسب البشير يوحنا الأصحاح الأول، والعدد الثاني عشر: "وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه".

هذه كلمات خطيرة جداً، فما معنى أنه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله؟ ومن هم كل الذين قبلوه إن كان اليهود رفضوه؟

كل الذين قبلوه يقصد بها أي شخص في العالم مهما كان دينه أو جنسه أو عقيدته أو بلده. هؤلاء الذين قبلوه، أي اعترفوا به رسولاً ونبياً ورباً وملكاً على حياتهم، وآمنوا أنه هو الطريق الوحيد للسماء والنعيم الأبدي. وأنه ليس بأحد غيره الخلاص؛ لأنه كما يشهد بذلك جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا. لأنه ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص من خطايانا وعقابها المميت. هؤلاء هم الذين أعطاهم (تبارك اسمه) سلطاناً، أي أهلية وأحقية وتفويضاً لهم بالسلطة والسلطان والحق أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه (له المجد).

ألا ترى حضرتك أن فكرة إدعاء إنسان أنه ابن لله هذا أمر صعب المنال، وغير متماش مع العقل البشري، وهو يحد المولى (تبارك اسمه) في علاقات إنسانية جسدية مما يتخالف مع طبيعته (جل شأنه)، فكيف يأخذ الإنسان السلطان بأن يصبح ابن الله (تبارك اسمه)، ألسنا جميعاً عبيداً لله؟

هذه الفكرة أو الحقيقة تبدو صعبة المنال أو التحقيق- كما قلت- وهو على كل شيء قدير. فهو فعال لما يريد بيده الخير، وهو يعز من يشاء، ويذل من يشاء. وهو المكتوب عنه في الإنجيل: "من ينزل الأعزاء عن الكراسي، ويرفع المتضعين". فمن ناحية الإنسان هذا أمر مستحيل الحصول عليه، أما من ناحيته (تبارك اسمه) فهو الذي أعطى لكل من يؤمن بالسيد المسيح (تبارك اسمه) سلطاناً أن يصير من أولاد الله. وهذا لا يحد من مكان وعظمة المولى القدير، ولا يدخله في علاقات جسدية محدودة، فهو بالطبع منزه عنها. فالأمر كله أمراً روحياً لا علاقة له بالأرضيات أو المحدوديات أو الجسديات. وهذا لاينفي أننا عبيد الله (سبحانه وتعالى) جميعاً، فهو الخالق والسيد والمهيمن جل شأنه. لكن نحن عبيد له سبحانه، ونستلذ بذلك، فهو الذي منح لنا في كرمه وجوده حق أن نصبح أولاده إذا ما آمنا باسم ابنه الرب يسوع المسيح (تبارك اسمه)، وفي هذا توضيح لحقيقة أن بنوة السيد المسيح (له المجد) لله الآب ليست بنوة جسدية.

دكتور ناجي، كيف توضح بنوتنا لله (سبحانه وتعالى) طبيعة بنوية السيد المسيح (تبارك اسمه) لله؟

هناك ثلاثة أنواع من البنوية لله يوضحها الكتاب العزيز الحكيم الكتاب المقدس، وهي:

أولاً- هناك بنوية لله (سبحانه وتعالى) بالطبيعة، وهذه نوع بنوية السيد المسيح يسوع (تبارك اسمه)، ولا يشاركه فيها أحد ممن في الأرض أو في السماء أو تحت الأرض. فهو الوحيد المساوي لله في طبيعته، أي من له طبيعة الله نفسه، أي أنه كائن منذ الأزل وإلى الأبد. وهو الكائن بذاته فاطر السماوات والأرض لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو الفعَّال لما يريد، وله الأسماء الحسنى. وبما أننا نؤمن بالله الواحد، إذن السيد المسيح (تبارك اسمه) هو ظهور الله، أو تعين الله، أو جوهر الله الذي اتخذ صورة إنسان، وظهر لنا الوحيد الحكيم الذي له المجد إلى الأبد. وهذا واضح من طريقة ميلاده (تبارك اسمه).

ما نوعا البنوية غير البنوية الطبيعية؟

هناك البنوية بالخلق، وهذه تنطبق على الملائكة والإنسان أيضاً، لأنه مخلوق بواسطة المولى عز وجل. فتنزيل الحكيم العليم يذكر في الإنجيل بحسب البشير لوقا، والأصحاح الثالث في سلسلة نسب السيد المسيح (له كل المجد)، وفي العدد 38 الكلمات: "بن نوش بن شيث بن آدم بن الله"، أي أنه دعي آدم ابن الله. وهذا بالطبع ابن الله لا تفهم أنها عن طريقة التناسل، بل عن طريق الخلق. ويقول موسى كليم القدير نبي إسرائيل في سفر التثنية من الأصحاح الرابع عشر، والعدد الأول: "أنتم أولاد للرب إلهكم".

دكتور ناجي، قبل ما حضرتك تقول لنا النوع الثالث من البنوية لدي سؤال عن النوع الثاني، وهي البنوية بالخلق كما حضرتك تفضلت بتوضيحها، وهذا معناه أن الإنسان منذ أن خلقه المولى (تبارك اسمه)، وهو آخذ صفته ونسبته إلى المولى القدير نسبة الابن بأبيه، وهذا واضح من كل الأمثلة التي تفضلتم ذكرتها في البنوية بالخلق. لكن ما معنى العدد الذي نحن بصدده، وهو العدد الثاني عشر من الإنجيل بحسب البشير يوحنا والأصحاح الأول: "أما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطان أن يصيروا أولاد الله"؟ أليسوا هم أولاد الله من البداية؟! ما الذي أضافه هذا السلطان الذي أعطاه السيد المسيح (له المجد) للذين قبلوه، وما الداعي له من الأصل إن كان الإنسان قبل هذا السلطان ابن الله؟

إجابة هذا السؤال تتضح من النوع الثالث من البنوية، وهي البنوية بالفداء. وهذا ما نحن بصدده، وهذا واضح في كلمات العهد الجديد في مواضع كثيرة. أذكر منها على سبيل المثال في الرسالة إلى أهل غلاطية قال العليم بكل شيء عن السيد المسيح (تبارك اسمه): "إنه لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني". أي أنه بفداء السيد المسيح لنا عند موته كفارة عن خطايانا أصبحنا له أبناء.

ألم نكن نحن أبناء من الأول كما قلت لك في السؤال السابق؟

كنا أبناء بالخليقة، لكن عندما أطاع آدم وحواء غواية الشيطان (هذا وفي الوقت كان آدم وحواء يمثلان كل الجنس البشري) انفصل آدم وحواء عن المولى القدير روحياً. والكتاب العزيز يذكر أن الإنسان أصبح عدواً للمولى القدير، وخاضعاً للوسواس الخناس. وظل الإنسان من ناحية الخلق ابناً لله، لكن روحياً أصبح عدواً لله. وأراد الله وهو الفعال لما يريد أن يعيد علاقة بنوة الإنسان له، لكن في هذه المرة أعطى للإنسان حرية أن يصبح ابناً لله روحياً، وليس بالجسد فقط، أو أن يظل في الخصام والعدواة معه جل شأنه، فأرسل السيد المسيح (تبارك اسمه) ليفدي الإنسان. فكل من قبله وآمن به، واعترف بربوبيته وسلطانه المطلق عليه كإنسان، أعيدت علاقته بالمولى القدير عز وجل، وأخذ هذا السلطان وهو أن يصير من أولاد الله. أما كل من لم يقبله يظل كما هو في عداوة مع الجبار إلى يوم الدين، وعندها سيكتشف أنه من الخاسرين. ومن هنا نرى أهمية هذا السلطان؛ لأنه من خلاله تُعاد علاقة الإنسان به (تبارك اسمه).

دكتور ناجي، قبل ما نترك دراسة هذه الحقيقة، وهي حقيقة إمكانية أن يأخذ الإنسان السلطان ليصير ابنا لله، أريد أن أسألك: ما هي الفوائد التي ستعود على الإنسان إذا أصبح فى عداد أولاد الله؟

ليس في وسعنا أن نعدد كل ما نعرفه مما يعود على الإنسان من فوائد بأن يصبح ابناً لله (تبارك اسمه)، لكن سأكتفي بعدد قليل من هذه الفوائد.

أولاً- إن يصبح الإنسان من عائلة المولى (تبارك اسمه)، فهذا امتياز يفوق إدراك عقل الإنسان؛ لأنه ببساطة سينقله من عائلة الوسواس الخناس السيد القاسي الذي يهمه في المقام الأول أن يظل مسيطراً على الإنسان تحت قبضته، ويدفعه بنفسه لارتكاب المعاصي والذنوب ضد نفسه، وضد غيره، وضد المولى (تبارك اسمه)، وفي النهاية يجره معه إلى جهنم، وبأس المصير. ولا خلاص، ولا مفر من هذا الرجيم إلا بأن ينضم الإنسان إلى عائلة المولى القدير، وذلك بالإيمان بالسيد الرب يسوع المسيح مخلصاً وفادياً لنفسه.

ثانياً- بالانضمام إلى عائلة المولى (عز وجل) لا يتم الخلاص والإفلات من الرجيم فقط، بل يتم أيضاً التخلص من عذاب القبر والنار. فلا يعقل أن أبناء الله يذهبون الى العذاب، بل هو سيخلصهم يوم الدين. وإن أصبح لأعدائه كالديان العادل الذي سيقضي عليهم بالعذاب الأليم، يكون لأبنائه الذين قبلوا فداء ابنه شفيعاً وضامناً، نعيم أعده للمؤمنين باسم سيدنا وربنا ومخلصنا يسوع المسيح. إذن فالأمر لا يقتصر على نجاتهم من عذاب القبر والنار، بل يمتد إلى ورودهم نعيماً أبدياً جزاء من عند ربهم لقبولهم خطته في خلاصهم. هل تريد أن أذكر بعض الفوائد الأخرى؟

ليتك تذكر أكبر عدد منها.

لن ننجو من الوسواس الخناس وعذاب القبر والنار فقط، وندخل نعيماً أعد لنا، بل بكوننا صرنا أبناء الله، فنحن نستطيع أن نناجيه، ونتحدث معه فيسمعنا. نسأله فيجيبنا ويبسط رعايته وحمايته علينا من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد. فما أعظم أن يكون للإنسان أباً قادراً على كل شيء، يقول للشيء كن فيكون. وما أعظم أن يحصل الإنسان على هذا الامتياز بأن لا يخاف من المولى القدير، ظاناً أنه يجلس في السماء بعد ويحصي أخطاءنا ومعاصينا وذنوبنا، ويخزنها عنده إلى يوم الحشر العظيم. الى ذلك اليوم الذي يضع حسناتي في كفة، وسيئاتي في الكفة الأخرى. وكإنسان أنا أعلم أن سيئاتي لن تكون بأية حال أقل وزناً من حسناتي حتى وإن كانت الحسنة بعشرة أمثالها. وبالتالي فمصيري الهلاك الأبدي، بل أنا أتوق أن أتعامل معه (جل شأنه) كالأب، اشكو له همي وضعف جسدي وروحي، وما يحيط بي من خوف يعجزني عن مبادلة حبه بحب، فيسمع لي، ويغفر خطيتي، ويعينني على العيش بأمانة في هذا العالم، ثم في الآخرة ينقذني من العذاب.

في العدد الثالث من الانجيل بحسب البشير يوحنا، وفي الأصحاح الأول، يذكر الوحي أن الذين قبلوا الرب يسوع المسيح (تبارك اسمه)، وأخذوا السلطان أن يصيروا أولاد الله أي هم المؤمنون باسمه (له المجد)، يصفهم في عدد 13 بشيء آخر ويقول: "الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل بل من الله" فما معنى هذه الكلمات؟ وما معنى الولادة من الله سبحانه وتعالى؟

الإيمان بالله (سبحانه وتعالى) والسيد الرب يسوع المسيح كالله الظاهر في الجسد هو أمر روحياً بحت لا علاقة له باللحم والدم على الإطلاق. فالولادة الجسدية الطبيعية العادية هي التي كان نتيجة لها وجودي ووجودك ووجود كل إنسان على الأرض. بالطبع إذا استثنينا آدم وحواء، فآدم خلق من طين؛ لذا هو غير مولود، والسيد الرب يسوع المسيح الذي ولد بروح الله من السيدة العذراء هو غير مخلوق، كل إنسان جاء بعد هذا من مشيئة جسد أو مشيئة رجل وامرأة. لكن هناك ولادة روحية غير جسدية وهي التي يعرفها العدد الذي نحن بصدده بالولادة من الله.

إلى الآن لم تقل لي ما الولادة من الله؟

هي عملية روحية تحدث بواسطة روح الله (سبحانه وتعالى) داخل الإنسان، فيدرك فيها الإنسان أنه خاطئ ومولود بالخطية. وأنه هالك لا محالة إن لم يغيره أحد. ثم يؤمن أن السيد المسيح يسوع (تبارك اسمه) هو الله الظاهر في جسد إنسان، وهو بذلك الوحيد الذي يصلح أن يكون الفادي والمخلص له- هو شخصياً- ثم في النهاية يطلب من الله (سبحانه وتعالى) أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر تائباً راجعاً له واثقاً في رحمته وغفرانه عز وجل. وعندئذ يغير الله بطريقة روحية طبيعية قلب هذا الإنسان، ويقبله ويضمه لعائلته (تبارك اسمه)، ويعطيه طبيعة تكره الخطية وارتكاب المعاصي بدلاً من الطبيعة القديمة الفاسدة التي كانت تحب الخطية، ولا تكترث لعملها. ويصبح الإنسان في علاقة محبة يهبها له المولى القدير. باختصار يحدث تغيير شامل في حياة الإنسان، وكأنه ولد من جديد.

لماذا سمي هؤلاء المؤمنين بالمولودين من الله؟

لأنه كما قلت لك هذه عملية يعملها الله (سبحانه وتعالى) في الإنسان.

مَنْ مِنَ الممكن أن تحدث معهم عملية الولادة هذه؟ هل هذه قاصرة على المسيحيين فقط، أم هي مقدمة لكل الناس؟ وإن حدثت لإنسان غير مسيحي، هل هذا معناه أنه يجب أن يغير دينه، ويصبح مسيحي؟

عملية التغيير الداخلية والولادة من الله التي تكلمت عنها في إجابتي على السؤال السابق، هي عملية وهبة مجانية مقدمة لكل بني البشر. كل من تتم فيه الشروط السابقة الخاصة بالتوبة والرجوع للمولى تبارك اسمه. والدليل على هذا أن تنزيل الحكيم العليم ذكر بكل وضوح أنه: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية". أي أن الله أحب العالم كله. وكل من يؤمن بالسيد المسيح (تبارك اسمه) تصبح له حياة أبدية. ورسالة الولادة من الله بدأت أولاً بين اليهود من تلاميذ المسيح ومريديه، ثم نقلت إلى كل العالم. فهذا شيء غير قاصر على المسيحيين، فالمسيح جاء كما قلنا لكل العالم. أما إذا حدثت هذه الولادة من الله لإنسان غير مسيحي، فهذا ليس معناه أنه لابد أن يغير دينه، ويصبح مسيحياً. هنا أحب أنا أسألك ما المقصود في ذهنك بأن الإنسان يصبح مسيحي؟

هو أن يقبل المسيحية كديانة له بكل تعاليمها وفرائضها وطقوسها، ويعلن للناس أنه اعتنق الدين الجديد، ولا علاقة له بالقديم مهما كان هذا الدين القديم، أليس كذلك؟

إن كان هذا مفهومك لمعنى أن يصبح الإنسان مسيحياً فهذا في رأيي مفهوم غير صحيح على الإطلاق. أما معنى كلمة مسيحي كما أعرفها أنا فهي ليست أتباع ديانة جديدة بتعاليم وفرائض وطقوس، بل هي إتباع شخص حي حقيقي رفعه الله إليه وهو حي إلى أبد الآبدين حي في السماء، حي في قلب كل من يؤمن به وسوف يجيء ثانية عادل كحاكم بين الناس وبين المولى القدير (تبارك اسمه). وقبول هذا الشخص كالمخلص من الذنوب والمعاصي- كما قلنا- وكشفيع لدى الله سبحانه واتباعه هو وليس مجرد تعاليم- هو لب هذا الموضوع.

لذا فكل من يقبل السيد المسيح بوصفه كما ذكرت سابقاً حتى لو لم يكن مسيحياً، يمكن أن يحدث معه اختبار الولادة من الله، وبالتالي الإفلات من عذاب القبر والنار والشيطان ودخوله إلى النعيم الأبدي؟

نعم، فهذه عطية مجانية من المولى (تبارك اسمه) لكل من يقبلها من البشر دون تغيير دين أو عقيدة أو جنس أو لون.

هل من الممكن أن تقودنا في دعاء لله تعبر فيه عن كل شخص يسمعنا الآن، ويريد ان يقبل السيد المسيح مخلص لحياته، ولا يعلم ماذا يقول في دعائه؟

الحقيقة أحب أن أقول لكل مستمع كريم يريد أن يقبل السيد المسيح يسوع (تبارك اسمه) مخلصاً لحياته، وأن يولد من الله كما شرحنا في هذه الحلقة، ولا يعرف ماذا يقول للمولى (تبارك اسمه) في دعائه- إن العبرة ليست بما تقول من كلمات أو عبارات له (سبحانه وتعالى)، بل العبرة بالرغبة الصادقة التي من القلب، والتي يمكن أن تعبر عنها للمولى بأية كلمات أو عبارات مادامت صادقة، وتصف بإخلاص ما تريده منه (جل شأنه). قل له:

يا مولاي القدير، آتي إليك الآن معترفاً بخطيتي وبأثمي وبعجزي التام عن إصلاح نفس، وتغيير حياتي. وأنا أعلم أنني إن لم أقبل الرب والسيد المسيح يسوع فسأكون من الخاسرين، وسأنتهي إلى عذاب أليم. وأنا اليوم أعود تائباً راجعاً إليك، فأغفر ذنبي، وامح اثمي، وتوفني مع الأبرار. ربي أومن بفدائك لي من خلال عمل السيد المسيح لأجلي وموته نيابة عني. أومن أن تطهرني من كل أثم، وتجعلني بنعمتك من عائلتك، فأنت على كل شيء قدير. استلم حياتي وقلبي، غيرهما كما تريد، فأنت نعم المولى ونعم النصير. آمين.

عودة للفهرس