العرب الوثنيين والحج والعمرة

الأيام الخمسة الأولى
في البداية عندما يصل الحاج إلى نقطة على بعد عدة أميال خارج مكة, يقوم بإعداد نفسه لكي يكون في حالة من الطهارة أو القداسة. وبعد أن يقوم بارتداء لباس الحج البسيط و يؤدي الوضوء والصلاة, يدخل الحاج إلى الأراضي المقدسة المجاورة لمكة, حيث من المتوقع منه أن يمتنع عن قتل الحيوانات و قلع النباتات و القيام بأعمال عنف و المشاركة في العملية الجنسية. ثم انه يقوم بعمليات وضوء وابتهالات عند المسجد الحرام بمكة, ثم انه يقبل الحجر الأسود, الموضوع داخل الركن الشرقي من الكعبة والتي هي بناء مكعّب في داخل الصحن الفناء المكشوف للمسجد الحرام.
يلتفت الحاج بعد ذلك إلى اليمين و يقوم بالطواف حول الكعبة سبع مرّات, ثلاث مرات بخطى سريعة هرولة (كان فى الوثنية قفز كما تفعل الظباء). وأربع مرات بخطى بطيئة. وفي كل مرة يمر حول الكعب يقوم بلمس الركن اليماني, حيث موضع حجر مبارك آخر ويقبل الحجر الأسود أيضا.
يتجه الحاج بعد ذلك إلى مقام إبراهيم , المكان الذي يقال أن إبراهيم صلى منه إلى الكعبة. يقوم بصلاتين اخرتين ثم يعود إلى الحجر الأسود ليقبله. بقرب ذلك يوجد بئر زمزم المقدسة, حيث شربت هاجر وشرب ابنها إسماعيل في البريّة حسب التقليد الإسلامي. ينتقل الحجيج إلى مكان محاط يسمى بالحجر, المكان الذي يعتقد المسلمون أن هاجر وإسماعيل دفنا فيه, والمكان الذي قيل أن محمدا نفسه يوما ما قد نام عليه في ليلة إسراءه الاعاجيبي من مكة إلى القدس.
اليوم السادس إلى العاشر
يغادر الحاج المسجد الحرام من أحدى بواباته الأربعة والعشرون. وفي الخارج يقوم يتسلق التل قليل الانحدار المعروف بجبل الصفا, مرددا خلال ذلك آيات من القرآن -كذا-. هذه المناسك السخيفة تذكر ببحث هاجر المفترض عن الماء في البرية.
هذا هو اليوم السادس من الحج, يتم قضاء المساء في مكة حيث يقوم (الحاج) بالطواف حول الكعبة مرة واحدة أخرى. وفي اليوم السابع , يقوم (الحاج) بالاستماع إلى خطبة في المسجد الكبير, وفي اليوم الثامن ينتقل إلى منى حيث يقوم بالفروض الإسلامية المعتادة ويبيت هناك. وفي اليوم التاسع. وبعد صلاة الفجر, ينتقل الحاج إلى جبل عرفة حيث يقام منسك الوقوف بعرفة .
طبقا للتقليد الإسلامي التقى ادم وحواء هناك بعد هبوطهما من الجنة. هناك يردد الحاج الصلوات المعتادة ويستمع إلى خطبة أخرى موضوعها عن التوبة. ثم يفيض إلى مزدلفة, موضع بين منى وعرفة, وهناك من المطلوب منه أن يقيم صلاة المغرب.
اليوم التالي وهو العاشر, هو يوم الأضحية, ويحتفل به في أرجاء العالم الإسلامي كعيد الأضحى. يؤدي المتعبدون صلواتهم مبكرا في الصباح في مزدلفة ثم ينتقلون إلى مواضع الرجم الثلاثة في منى . يرمي الحاج سبع حصوات على كل موضع من مواضع الرجم, ويسمى الطقس رمي الجمار, يرمي الحاج عن بعد لا يقل عن خمسة عشر قدما ويقول " بسم الله العظيم افعل هذا وبكره لإبليس وخزيه""-كذا-( يكبّر فقط عند رمي الجمار وقد يدعى إلى الله. المترجم) . ترمى بقية الجمرات في نفس اليوم. يعود الحاج ويقوم بالتضحية بعنزة أو حمل. وبعد الوليمة, يحتفل الحاج بطقس التحلل, عندما يقوم الكثير من الحجيج بحلق رؤوسهم أو ببساطة يقومون بقص بضع خصل.

معنى كلمة حج

والحج الذهاب إلى الأماكن المقدسة في أزمنة موقوتة، للتقرب إلى الآلهة ، والى صاحب ذلك الموضع المقدس. وتقابل هذه الكلمة؛Bilgrinage في الانكليزية والحج بهذا المعنى معروف في جميع الأديان تقريباً، وهو من الشعائر الدينية القديمة عند الساميين.
وكلمة "حجّ" من الكلمات السامية الأصيلة العتيقة، وقد وردت في كتابات مختلف الشعوب المنسوبة إلى بني سام. كما وردت في مواضع من أسفار التوراة. وهي تعني قصد مكان مقدس وزيارته.

بيوت الآلهة
وفي روع الشعوب السامية القديمة وغيرها أن الأرباب لها بيوت تستقر فيها، قيل لها في الأزمنة القديمة "بيوت الآلهة". ولذلك يرى المتعبدون والمتقون شدّ الرحال اليها، للتبرك بها وللتهرب اليها، وذلك في أوقات تحدد وتثبت، وفي أيام تعين تكون أياماً حرماً لكونها أياماً دينية ينصرف فيها الإنسان إلى آلهته، ولذلك تعدّ أعياداً، يعمد فيها الناس، بعد اقامتهم الشعائر الدينية المفروضة وبعد أدائهم القواعد المرسومة، إلى االفرح والسرور والرقص، ليدخلوا السرور إلى قلوب الأرباب. ففي الحج اذن مناسك وشعائر دينية وعبادة تؤدى، وافراح وسرور وحبور.

الحج عند الوثنيين
ويكون الحج بأدعية وبمخاطبة إلى الالهة وبتوسلات لتتقبل حج ذلك الشخص الذي قصدها تقرباً اليها. وهذا هو الشائع والمعروف عن الحج، غير أن من الجاهليين من كان يحج حجاً مصمتاً، أي دون كلام، فلا يتكلم الحاج طيلة أيام حجه. وقد كان ذلك من عمل الجاهلية.

ميعاد الحج هو شهر ذى الحجة
وقد ميزّ الشهر الذي يقع فيه الحج عن الأشهر الأخرى بتسميته " ب "شهر ذي الحجة" وب "شهر الحج". وذلك لوقوع الحج فيه. وهذه التسمية المعروفة حتى الآن في التقويم الهجري، هي تسمية قديمة، كانت معروفة في الجاهلية، وردت في نصوص الجاهلية. فبين اسماء الأشهر الواردة في نصوص المسند اسم شهر يعرف ب "ذ حجتن" أي "ذي الحجة"، ويدل ذلك على أنه الشهر الذي يحج فيه. وقد وردت كلمة "حج" في نصوص المسند كذلك.
وقد ذكر "أفيفانيوس" Epiphanius ان من أسماء الأشهر عند العرب شهراً اسمه Aggathalbaeith "حج البيت" أراد به شهر "ذي الحجة". والعرب الذين قصدهم هذا الكاتب هم عرب "الكورة العربية"، ومعنى هذا ان العرب الشماليين كان لهم شهر يسمى ب "ذي الحجة" كذلك.
ولفظة Aggathalbaeith،هي لفظة عربية النجار حرفت على لسان "فيفانيوس" وقومه، لتناسب منطقهم، فصارت على هذا النحو، وهي من كلمتين عربيتين في الأصل، هما "حجة البيت"، أو "حج البيت". ويكون نص "أفيفانوس" هذا من النصوص المهمة بالنسبة لنا، التي ساعدنا في الرجوع بتأريخ استعمال هذا المصطلح إلى ايامه، ولا بد وان يكون ذلك المصطلح قد استعمل قبل أيام ذلك الكاتب ولا شك.
ويقع شهر الحج "ذي الحجة" - على رواية "افيفانيوس" - في "تشرين الثاني"، وأشار "بروكوبيوس" إلى ان العرب كانوا قد جعلوا شهرين من السنة حرماً لالهتهم لا يغزون فيهما ولا يهاجم بعضهم بعضاً، كما أشار "فوتيوس" إلى الأشهر الحرم عند العرب. والشهران اللذان أشار اليهما "بروكوبيوس"، هما شهرا ذو القعدة وذو الحجة في نظر "ونكلر"، وها بمثلان - في رأيه - "جولاي" و "أغسطس" أي تموز وآب.
إننا لا نستطيع في الوقت الحاضر أن نقول إن شهر "ذ حجتن المذكور في المسند، أو Aggathalbaeith الذي.ذكره "افيفانيوس"، هو شهر "ذو الحجة" الشهر المعروف الذي كان من شهور أهل مكة. فمن الجائز أن يكون حج العرب الشماليين أو حج العرب الجنوبين في وقت آخر يختلف عن وقت حج أهل مكة، فيكون شهرهم المذكور شهر آخر يقع في موسم آخر من السنة، ولا ينطبق شهر "ذي الحجة".
ويرى "ونكلر" ان ما ذكره "فوتيوس" من احتفال العرب مرتين في السنة بالحج إلى معبدهم المقدس: مرة في وسط الربيع عند اقتران الشمس ببرج الثُور، وذلك لمدة شهر واحد، ومرة أخرى في الصيف وذلك لمدة شهرين، إنما يراد بذلك شهر رمضان لاقتران الشمس فيه ببرج الثور. وأما الشهران الاخران فهما ذو القعدة وذو الحجةْ.

موسم الحج عند العرب الوثنيين كان فى الربيع دائماً
ويظهر من غربلة ما أورده اهل الأخبار من روايات عن موسم الحج في ألجاهلية، أن الحج إلى مكة كان في موسم ثابت، هو الربيع على رأي كثير من المستشرقين، أو الخريف على رأي "ولهوزن". وذلك بسبب ما ذكر عن النسيء ومن رغبة قريش وغيرها من أن يكون في وقت واحد، كما تحدثت عن ذلك في باب النسيء. وقد ذهب "ولهوزن" إلى أن "الشهر الحرام" المذكور في القرآن الكريم، هو "شهر الحج"، وهو الشهر الأول أي شهر محرم، بينما يرى المفسرون أنه رجب، أو ذو القعدة أو ذو الحجة. والأصح انه في شهر من الأشهر الحرم.

أشهر الحج
وقد ورد في القرآن الكريم: )الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج (. وقد قال "الطبري": "اختلف اهل التأويل في قوله: الحج أشهر معلومات. فقال بعضهم: يعني بالأشهر المعلومات: شوالاً وذو القعدة، وعشراً من ذي الحجة"، "جعلهن الله سبحانه للحج، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلح ان يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج. والعمرة يحرم بها في كل شهر، وذكر ان الله لم يسم أشهر الحج في كتابه، لأنها كانت معلومة عندهم، وان المراد بذلك انه لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن من الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج. وبناءاً على ذلك، فلا يكون المراد من الآية ان الحج يقع في كل وقت من أوقات هذه الأشهر، وانما هو في وقت معين، ولكن الإحرام للحج، أي العزم عليه يكون في أي وقت من هذه الأشهر المذكورة، وليس في الأشهر الأخرى. وذكر "المسعودي" ان أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. ومعنى ما تقدم ان الجاهليين كانوا يتهيأون للحج من دخول شهر شوال، فيصلحون أمورهم، ويحضرون ما يحتاجون اليه من لوازم السفر،فإذا أراد أحدهم تجارة وكسبا ذهب إلى الأسوإق، حتى يهل شهر ذو الحجة، وإن لم يرد تجارة، ذهب في أي وقت يراه مناسباً له. فبدء موسم الحج اذن والتهيؤ له يكون من شهر شوال.
ويظهر من شعر نسب الى"عوف بن الأحوص،" أنه سمى شهر "ذي الحجه" شهر بني أميّة" 0 إذ يقول:

وإني والذي حجت قـريش محارمه وما جمعت حراء
وشهر بني أميّة والـهـدايا إذا حبست مضرجها الدماء


الحج كان لكعبات كثيرة وليس لمكة وحدها

وقد ذهب "ولهوزن" وجماعة آخرون من المستشرقين إلى تعدد بيوت الأرباب التي كان يحج اليها الجاهليون في شهر "ذي الحجة" والى عدم حصر الحج عند الجاهلين بموضع واحد. ومعنى هذا أن حج أهل الجاهلية لم يكن إلى "مكة" وحدها، بل كان الى جهات عديدة أخرى. بحيث حج كل قوم الى "البيت" الذي قدسوه وكانوا يتقربون اليه ووضعوا أصنامهم فيه. ويتفق هذا الرأي مع ما يراه أهل الأخبار من وجود بيوت للاصنام، وكان الناس يزورونها ويتقربون اليها ويذبحون عند أصنامها ويطوفون حولها ويلبّون تلبية الصنم الذي يطوفون حوله. والحج إلى مكة والى البيوت المقدسة الأخرى، مثل بيت اللات في الطائف وبيت العزُى على مقربة من عرفات وبيت مناة وبيت ذي الخلصة وبيت نجران وبقية البيوت الجاهلية المعظمة، إنما هو أعياد يجتمع للناس فيها للاحتفال معاً بتلك الايام وهم بذلك يدخلون السرور على أنفسهم وعلى أنفس آلهتهم بحسب اعتقادهم وتقترن هذه الاحتفالات بذبح الحيوانات، كل يذبح على قدر طاقته ومكاته، فيأكل منها في ذلك اليوم من لم يتمكن من الحصول على اللحم في اثناء السنة لفقره، فهي أيام يجد فيها الفقراء لذة ومتعة وعبادة.

الحج إلى مكة
ويذكر أهل الأخبار أن الحج إلى مكة كان في الجاهلية كذلك، وأن الجاهليين كانوا يحجون إلى البيت منذ يوم تأسيسه، وأنهم كانوا يقصدون مكة أفواجاً من كل مكان. وأن ملوكَهم كانوا يتقربون إلى "بيت الله" بالهدايا والنذور، وان منهم من حج اليه. وأن الناس كانوا يقسمون بالبيت الحرام لما له من مكانة في نفوس جميع الجاهليين.

ثلاثة ملايين مسلم يحج سنوياً

أفتى الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، بجواز إلغاء موسم الحج هذا العام 2009م ، إذا انتشر فيروس «H١N١» المعروف باسم «أنفلونزا الخنازير» بصورة كبيرة أضاف جمعة: «حدث قبل ذلك أن عطلت مصر موسم الحج ٣٠ مرة على مدار تاريخها الإسلامى، سواء بسبب انتشار الأوبئة أو لوجود قطاع طرق أو للغلاء». وقال: «حتى عام ١٩٥٦ لم يزد عدد الحجاج على ١٠٠ ألف حاج، وكان المسعى بين الصفا والمروة ضيقاً جداً ثم حدثت التوسعة الأولى فى عام ١٩٥٦ وبعد ذلك تمت الزيادات السنوية فى أعداد الحجاج حتى وصلت إلى ٣ ملايين الآن، مما يجعل انتشار أى وباء أو فيروسات أمرا سهلاً».

*****************************************************************************************************

لم يكن موضع هيكل سليمان أو كنيسة القيامة موضعاً عبدت فيه ألالهة الوثنية قط , والله ليس هو إله اليهود ولا المسيحيين , والموضع الذى قدسه إبراهيم هو هيكل سليمان , والموضع المقدس لدى المسيحيين هو القبر المقدس الذى يشع منه نوراً إلهياً كل سنة , وكان محمد صاحب الشريعة الإسلامية قبلته هى أورشليم ثم غيرها تنازلاً لرغبة قريش وعمر بن الخطاب إلى مكة .

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل الثاني والسبعون - الحج والعمرة ص 748 نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان
*****************************************************************************************************

الصفحة الرئيسية