من هم الصابئة المندائييون؟

المندائية كانت منتشرة في بلاد وادي الرافدين وايضا فلسطين قبل المسيحية، أي قبل اكثر من 2000 عام والصابئة المندائيون هم أقدم واصغر شعوب العراق وهم مثل القصب وطيور الماء ارتبط وجودهم بنهري دجلة والفرات فعاشوا على ضفاف النهرين عبر التاريخ بسلام وانسجام مع باقي أبناء العراق لان الأنهار مرتبطة بشكل عضوي بالمعتقدات والطقوس الدينية لديهم.

وسبب أرتباطهم بمصادر الماء أن التعميد من أهم ركائز الديانة المندائية
وكلمة الصابئة مشتقة من كلمة "صبا" الآرامية التي تعني اصطبغ وتعمد بالماء أما كلمة المندائي مشتقة من كلمة "مندا" التي تعني المعرفة والعلم.
الديانة المندائية هي من أقدم الديانات التوحيدية الحية التي نشأت في بلاد الرافدين ومحصورة بهذه الطائفة التي تنتشر في العراق وخاصة في منطقة الاهوار جنوب العراق وإقليم الأهواز الإيراني.
ويؤمن الصائبة بوحدانية الله ويسمى "الحي العظيم" في كتابهم المقدس "كنزا ربا" والذي يعني الكنز العظيم ومكتوب باللغة الآرامية الشرقية و ينظرون الى يوحنا المعدان أو النبي يحيى باعتباره أهم أنبيائهم.( الصورة المقابلة ) ك. ستار هو فقط احد خمسة رجال دين مندائيين على قيد الحياة ------------->
وتشمل أركان ديانتهم الصلاة ثلاث مرات يوميا باتجاه الشمال والصوم والصدقة وتحرم الكفر والقتل والزني والسرقة والكذب وشهادة الزور وخيانة الأمانة والشعوذة والسحر والربا والختان وشرب الخمر والطلاق. ويعتبر التعميد في مياه الانهار من الركائز الاساسية في الديانة المندائية


العنف الذي يعيشه العراق اليوم خرج عن إطار عنف الدولة ضد الجماعات المسلحة المناوئة لها أو عنف الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة لأسباب سياسية وانحدر إلى سويات غير مسبوقة من العنف الذي تمارسه فئات وطوائف ضد بعضها البعض لأسباب يعجز المرء عن إدراك دوافعه في كثير من الأحيان.

 

القتل والتهجير
قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان عدد الصابئة في العراق يقدر بحوالي 70 ألفا أما الآن فأفضل التقديرات تشير إلى ان عددهم تراجع إلى اقل من عشرة آلاف بعد اضطرار غالبيتهم العظمى إلى الهجرة إلى خارج العراق بسبب تعرضهم للقتل والتهجير والخطف في مختلف أرجاء العراق.
وقالت منظمة حماية الأقليات التي مقرها لندن في تقرير نشرته في شهر فبراير/شباط من هذا العام إن هذه الأقلية "مهددة بالزوال لان تعاليمها الدينية تحرم أتباعها حمل السلاح أو ممارسة العنف مما يجعلها هدفا سهلا لمختلف أشكال العنف".
كما تقول منظمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين "إن المندائيين الذين لا يحملون السلاح والذين يحرم عليهم القتل ولا توجد لديهم مؤسسات تدافع عنهم هم أسهل وأول أهداف العنف".
وهو الأمر الذي أشار إليه المسؤول المندائي بشار السبتي قائلا " إن اكبر المخاطر التي تتهدد المندائيين هو الانقراض بسبب تسارع وتيرة قتل المندائيين الذين يعيشون في ظل خوف دائم".

المسلمين قتلوا الرجال لأنهم رفضوا أعتناق الإسلام وأسروا النساء وأعتدوا عليهن
فقد كتب عبد المنعم الاعسم في جريدة الاتحاد العراقية في شهر/ مارس من عام 2005 إن إحدى مستشفيات بغداد ذكرت "وجود العشرات من الجثث التي تعود لضحايا من الأقليات غير المسلمة قتلوا بعد اختطافهم حيث تخشى عائلاتهم على حياتها خلال البحث عنهم وتشير التقارير إلى بين الضحايا الكثير من النساء اللواتي مثّل فيهن وبعض القتلى وجد على صدره قرار الإعدام من محكمة شرعية مجهولة يقول :نزل فيه حكم الشريعة لأنه رفض اعتناق الإسلام وأصر على الاستمرار في غيّه".
والعنف الذي يتعرض له الصابئة كان عاما بحيث لم يقتصر على منطقة واحدة أو من قبل طائفة معينة ويقول رئيس جمعية الصابئة المندائيين في الدنمارك عبد الرزاق الشمخي في مقابلة مع بي بي سي " إن العنف الذي يتعرض له الصابئة المندائيون ليس من قبل طائفة معينة أو ميليشية معينة، بل يقوم بها متطرفون ومجرمون من الطائفتين الشيعية والسنية بهدف تصفية الصابئة المندائيين بتوجيه وعلم من قبل منظمات سياسية تتخذ من الدين غطاء لجرائمها المروعة ضد هذه الطائفة المسالمة التي عاشت طوال السنوات الماضية جنب إلى جنب مع إخوانهم من الإسلام شيعة وسنة".
والأمثلة على استهداف الصابئة لا تعد ولا تحصى بل حتى معابدهم لم تسلم، فالمعبد الوحيد لهم في مدينة البصرة تم تدميره من قبل مليشيا محلية أواسط 2006.
وأشارت دراسة منظمة الشعوب المهددة بالانقراض الألمانية عام 2006 إن المليشيا لم تعد تطلب من الصابئة اعتناق الإسلام أو مغادرة منازلهم في البصرة بل لجأت إلى القتل لأنه اقل كلفة بعد أن مرت جرائمها السابقة دون عقاب.
كما تحدثت تقارير مروعة عن إجبار العديد من أبناء الصابئة على العمل كعبيد أو الاتجار بهم في أسواق البغاء.
أما في مدينة الفلوجة وعقب سقوط نظام صدام حسين مباشرة تمت مداهمة بيوت 35 عائلة من الصابئة عاشت في المدينة منذ عدة قرون واقتيد الرجال إلى إحدى الساحات العامة وتم إجبارهم على اعتناق الإسلام وتم ختان الرجال، وهو احد المحرمات لدى الصابئة، ومن رفض فقد تم نحره وتم تزويج نساء الصابئة إلى مسلمين عنوة حسبما ذكرت احدى المنظات المندائية المعنية بحقوق الانسان.
وتشير الإحصاءات التي ذكرتها الرابطة الوطنية للمندائيين إلى حجم العنف والجرائم المرعبة التي تعرض لها الصابئة خلال الفترة من أكتوبر 2003 إلى آذار 2006 ومنها مقتل 504 منهم وخطف 118 ومغادرة 4663 عائلة إلى خارج العراق وكان عدد العائلات الباقية في العراق شهر آذار/مارس من عام 2006 فقط 1162, فعلى سبيل المثال كان عدد عائلاتهم في بغداد قبل الغزو 1600 عائلة لم يبق منهم حتى ابريل 2006 سوى 150 عائلة.
وخلال شهر مايو/ أيار من العام الحالي اضطر الصابئة الذين كانوا يعيشون في منطقة الدورة في بغداد إلى الرحيل إلى إقليم كردستان بعد استهدافهم من قبل مسلحين و تعرض العديد منهم إلى الخطف والقتل على يد الجماعات المسلحة.
كما قامت جماعة مسلحة تطلق على نفسها "كتائب القصاص العادل" خلال شهر مايو/ أيار الماضي بتوزيع منشورات في مدينة الناصرية تمهل الصائبة 72 ساعة فقط لم لمغادرة المحافظة تحت التهديد بالقتل.
( الصورة المقابلة ) الطفل سلوان البالغ من العمر 9 سنوات - اجبر متطرفون سلوان على القفز فوق النار مما ادى الى اصابته بحروق في وجهه وجسده
وضعف الدولة في العراق الحالي وفشلها في فرض الحد الأدنى من القانون أو النظام حتى في مراكز المدن أدى إلى خلق البيئة المثالية لنشاط عصابات الخطف والقتل والنهب والسلب والسرقة.
وكانت الطوائف والأقليات الصغيرة في العراق الضحايا الصامتين لعنف متعدد الأشكال ابتداء من فتاوي بعض رجال الدين من السنة والشيعة بتكفير هذه الفئات واستباحة دمهم إلى فتاوي التخيير بين دفع الجزية أو التحول عن دينهم إلى فتاوي التهجير.
وتمر الجرائم التي ترتكب بحق هذه الاقليات بصمت مطبق فلا قنوات فضائية تزعق وتهيج ولا مليشيات تحرسها وتدافع عنها ولا دول ولا منظمات ولا أحزاب تحميها من القتل والتهجير.
العمل الرئيسى للصابئة
يمتهن اغلب الصابئة المهن اليدوية وكانوا عماد صناعة الأدوات الزراعية في جنوب العراق كما أن للعديد من أبناء هذه الطائفة أيادي بيضاء في مجال العلم والتربية في العراق.
وتحول اغلبهم خلال العقود الأخيرة إلى صياغة الذهب والفضة وهم بارعون في هذه المهنة وحملوها معهم أينما حلوا.
واللغة الأصلية للصابئة هي الآرامية القديمة لكن حاليا يتحدث بها كبار السن فقط مما حدا برئيس الطائفة في العراق بمطالبة الحكومة العراقية بحماية هذه اللغة لأنها آيلة للزوال مع وفاة المتحدثين بها.
ويقول الكاتب العراقي زهير كاظم حبيب عن الصابئة ومكانتهم في العراق " كانوا يطرزون مدن الجنوب فيخلطون طهارتهم بطيبة أهلها وتمتد جذورهم عميقا في ارض الرافدين متمسكين بطقوسهم قرب الأنهار والاهوار متفانين في الإخلاص لعملهم في صناعة الآلات الزراعية ثم زاولوا فن الصياغة الجميل وبعدها الطب والهندسة والعلوم وليس أكثر شهرة من المعلمين المندائيين المخلصين لمهنتهم وتركوا الأثر الكبير في نفوس وقلوب طلابهم".
لكن كل هذا لم يشفع لهم امام حملات التهجير والخطف والقتل من قبل عصابات الجريمة والمليشيات التي ترتدي لبوس الدين.
وإذا استمرت الأوضاع الراهنة يخشى إن يأتي يوم يقول فيه أبناء العراق والعالم هنا كان يعيش الايزيديون وهناك كان يعيش الصابئة أقدم شعوب العراق وهذه هي أثارهم وفي هذا الحي كان يعيش الغجر أو الشبك او الارمن ويكون مصيرهم مثل يهود العراق الذين أصبحوا أثرا بعد عين في العراق الان.

من المؤكد أن استمرار استهداف الصابئة بهذه الوتيرة سيؤدي إلى إفراغ العراق قريبا من أقدم واعرق واصغر مكوناته وبالتالي اندثار تراث وثقافة موغلة في القدم وفريدة وهو ما يمثل ليس خسارة للعراق فحسب بل للبشرية جمعاء.


ونقلت مراسلة بي بي سي انجس كروفورد من العاصمة السورية دمشق في شهر مارس/آذار من العام الحالي معاناة الصابئة الذين اضطروا إلى الهجرة إلى سوريا والتقت هناك بالطفل سلوان البالغ من العمر 9 أعوام فقط وروى لها ما تعرض له في العراق على يد جماعات مسلحة في العراق، حيث لم يعد يجرؤ على الخروج من المنزل حتى في دمشق، بعد خطفه على يد مسلحين متشددين وإجباره على القفز فوق النار مما أدى إلى إصابته بحروق في وجهه وأنحاء عديدة من جسده كما التقت بامرأة تعرضت للاغتصاب أمام زوجها بسبب عدم ارتدائها الحجاب.
غياب الدولة

الانقسام والصراع المسلح المجتمعي في العراق والذي يحمل في كثير من الأحيان سمات طائفية واضحة والذي يتجلى بالانتحاريين والسيارات المفخخة وفرق الموت والقتل على الهوية تجاوز الإطار الطائفي وانتشر حتى بين أبناء الطائفة الواحدة

الصفحة الرئيسية