شخصية المسيح

 

المسألة التاسعة

دور المسيح في يوم الدين

 

لا يعترف القران بالشفاعة قي يوم الدين الا لمن ارتضى من الملائكة ، وللمسيح وحده من دون العالمين والمرسلين أجمعين.

1) الشفاعة في يوم الدين لله وحده : ( لله الشفاعة جميعا) الزمر 44، "(يومئذ لا تنفع الشفاعة ) طه 109؛ ( ولا تنفع الشفاعة عنده ) سباء 23.

ففي يوم الدين : ( لا يقبل منها شفاعة ) البقرة 48 ؛ ( ولا تنفعها شفاعة) البقرة 123، ( يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) البقرة 254. فيوم الدين ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ، والامر يومئذ لله) الانفطار 7 .

وبحسب القران لا يسمح الله بشفاعة إلا الملائكة المقربين ، ضمن حدود وقيود : ( وكم من ملاك في السماء لا تغني شفاعتهم شيئا ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم 26 ، ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا، لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا) النبأ 37، ولا يشفعون الا لمن ارتضى) الأنبياء 26؛ (الذين يحملون العرش ، ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ، ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا : وسعت كل شيء رحمة وعلما ، فاغفر للذين تابوا وقهم عذاب الجحيم ) غافر 7 .

فالذين يحملون العرش ، ومن حوله من الملائكة ، لهم وحدهم السماح بالشفاعة لمن ارتضى : وهم الملائكة المقربين . فوحدهم لهم الشفاعة مشروطة .

 

2) ويستند أهل السنة والجماعة إلى ثلاث آيات ليثبتوا الشفاعة لمحمد في يوم الدين :

 

1) ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا، وقل : ربي أدخلني مدخل صدق ، وأخرجني مخرج صدق ، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ) الإسراء 79.

فالآية تعني المقام المحمود في الدنيا بنصرة الله له. وهبها تعني المقام المحمود في الآخرة ، فلا شيء يوحي بالشفاعة .

 

2)  ( والضحى والليل إذا سجى ، ما ودعك ربك وما تلى ! وللآخرة خيرا لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى ) الضحى .

القرائن كلها تدل على ان الآخرة المذكورة  هي الآخرة في سيرة النبي ودعوته ، لا الآخرة في يوم الدين .وهب انها تعني الآخرة في يوم الدين ، فعطاء الله للنبي فيرضى لا يقتضي حكما بالشفاعة لان صريح القران ينفيها عن الخلق ، الا الملائكة المقربين .

 

3) ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ، نورهم يسعى بين أيديهم (قدامهم) : ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا ، انك على كل شيء قدير ) التحريم .

فالنبي ومن معه يستغفرون لأنفسهم في يوم الدين حتى يتم الله لهم نوره فيعبرون الصراط الى الجنة : فكيف يشفعون بالآخرين؟ ! .

  لجوء القوم الى هذه الآيات المتشابهات لاثبات  الشفاعة للنبي في يوم الدين ، دليل على ان محكم القران وصريحه لا يقول بشفاعة لمحمد في يوم الدين : (  أفمن حق عليه كلمة العذاب، أفأنت تنقذ من في النار)  ؟! الزمر 19- وبعد القران لا عبرة بما جاء في الحديث .

 

3) فهل يقول القران بشفاعة للمسيح ؟

في البشارة بالمسيح تقول الملائكة : ( يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه، اسم المسيح ، عيسى ، ابن مريم : وجيها في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين ) العمران 45.  أي ( ذا جاه عند الله في الدنيا بالنبوة ، وفي الآخرة بالشفاعة والدرجات العلا !) هكذا فسره جميع المفسرين من البيضاوي  الى الزمخشري الى الرازي الى الجلالين  الخ . ولنا في الآية قرينة على صحة التفسير ، من جعل المسيح ( من المقربين ) أي الملائكة  الذين يحفون بعرش الله ، (ويستغفرون لمن في الأرض ) .

وفي محاكمة الرسل يوم الدين يستجوب الله عيسى في عبادة الناس له وتأليهه ، فينكر بأدب حم نسبتها له ، ويقول : ( إن تعذبهم فانهم عبادك ، وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم ) المائدة 113-121 . هذا مثال حي من القران على شفاعة المسيح في يوم الدين  . ولا نرى في القران أحدا  من الملائكة ولا من الرسل يقف هذا الموقف الاستغفاري الاستشفاعي الا المسيح  وحده.

فالمسيح الشفيع في يوم الدين آية للعالمين والمرسلين .

تلك هي سيرة المسيح له كل مجدا وكرامة في القران ، لا تدانيها سيرة من سير الأنبياء ولا سيرة نبي القران!.

فقد استجمع الله آياته في سيرة مسيحه . سيرة الأنبياء ، تقوم على دعوتهم ولا تتخطاها إلى ما قبلها وما بعدها في الزمن إلى يوم الدين .  فالمسيح وحده ، في نظر القران ، كانت سيرته معجزة في مولده من الذرية المصطفاة على العالمين ، وفي رفعه حيا إلى السماء ، وفي رجوعه لليوم الآخر علما للساعة ، وفي دوره في يوم الدين . وحده يتخطى دوره رسالته ، في زمانها .

وحده استجمع الله في سيرته عظيم معجزاته ، حتى  كانت سيرته(آية للعالمين) من دون المرسلين أجمعين .

وسيرته المعجزة دليل رسالته المعجزة ، وشخصيته المعجزة .

Home عودة للصفحة الرئيسية