الحكم السديد على ترجمة العالم الجديد

الجزء الثاني من كتاب

الرد على شهود يهوه

تأليف بسّام فرجو
جميع حقوق الطباعة والنشر محفوظة للمؤلف، فلا يجوز أن يطبع هذا الكتاب أو يوزع أو ينشر بدون اذنه.

livinghope@hotmail.de
basfar77@hotmail.com

تمهيد

الفصل الأول: المسيح في ترجمة العالم الجديد
الفصل الثاني: يهوه في العهد الجديد، حقيقة أم تخمين؟
الفصل الثالث: الروح القدس، قوة بلا روح أم روح يتّصف بالقوة؟
الفصل الرابع: مصير الناس كمصير البهائم
الفصل الخامس: الخلاص عند غير المخلّصين
الفصل السادس: النهاية والأبدية المنتظرة
الفصل السابع: 1– خشبة أم صليب؟
الخاتمة
المراجع

مقدمة

بعد مرور عقدين من الزمان على وضع الجزء الأول من "الــرد على شهود يهوه" اجتاحتني رغبة إلى تجديده. وفي غمرة البحث ضمن ترجمتهم العربية للكتاب المقدس، "ترجمة العالم الجديد" أردت للكتاب فصلاً إضافياً يلقي الضوء على هذه الترجمة، لكن البحث فيها تطور وما لبث أن صار الفصل كتاباً، وهكذا نشأ الجزء الثاني.

ليس من شك، ترجمتهم تعتبر إحدى أخطر الترجمات في تاريخ المسيحية على الإطلاق. ففيها أعادوا صياغة أفكار الله لتنسجم مع أفكارهم، وذلك باختراع مبادئ وقواعد خاصة في الترجمة وتغليب الظنون والتخمينات على الأسلوب العلمي. فحذفوا وأضافوا بحسب الحاجة وليس ما يقيدهم في ذلك شيء.

ومع ظهور ترجمة العالم الجديد طرأت تغيرات جذرية على مبادئ الحوار مع شهود يهوه، لأنها فرضت واقعاً حوارياً جديداً، وباتت هي العنصر الأساسي المسَّير لكل نقاش؛ بها يستشهدون وعليها يضعون كامل ثقتهم وبغيرها لا يقبلون حكماً في التعليم والعقيدة. ولـمّا كان القبول بها أمراً لا يعقل، ولعلمنا أن رفضها يطوي صفحة كل نقاش، توجب تعريضها للفحص الدقيق ومناقشة ما جاء فيها.

أتضرع إلى الله أن يجعل هذا الكتاب كسابقه بركة للجميع، ويشع بنور حقه لأولئك الذين وقعوا فريسة سهلة بين أنياب هذه الجماعة الخطيرة. ولإلهنا وحده كل المجد.


المؤلف

15/6/2010

تمهيد

 

 يؤمن المسيحيون بعصمة الوحي الإلهي في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وبسلطان الكلمة المطلق في كافة المسائل المتعلقة بإيمان وحياة الإنسان. كما ويقرون بصعوبة ومشقة ترجمة كلمة الله من اللغات الأصلية وعدم تمتع أية من الترجمات، مهما بلغت من دقة، بالمستوى الذي للمخطوطة الأصلية، لأنّ لكل ترجمة نواحي ضعف تميزها، ويندر وجود ترجمة كاملة تحظى برضا عالمي أو بإجماع كنسي عام.

ويتطلب عمل الترجمة من المترجم مؤهلات عالية، أقلها أن يكون متمكنا في علوم اللغات والترجمة، وله إطّلاع على البيئة والخلفية الثقافية والأدبية والدينية والتاريخية لكل سفر وكاتبه، ويمتلك بالدرجة الأولى المعرفة والخبرة الروحية، إضافة إلى الضمير الحي والأمانة العلمية. فلا يستنبط من كلام الله ما تمليه عليه عقيدته وإنما يعكس الحق كما أعلنه الله. آخذاً بالاعتبار أنّ كلام الله في الكتاب المقدس جاء بلغات بشرية عدة، ووسم بتراث جغرافي وتاريخي وفكري وأدبي عمره آلاف السنين. فكل سفر فيه هو ابن بيئته، وتفصلنا عنه مئات السنين، مما يجعل ترجمته غاية في الصعوبة.

مع ذلك تدعي منظمة برج المراقبة أنها أخرجت إلى الوجود ترجمة غاية في الدقة والجودة، ترجمة تعكس المعاني الحقيقية لفكر الله وتستحق أن يضع البشر فيها كامل الثقة، وأن كل الترجمات على مر العصور السالفة لا يتجلى فيها الحق الإلهي نقياً كما في ترجمتهم المسمّاة "ترجمة العالم الجديد".

في السنة 1946 اقترح الرئيس الثالث لجمعية برج المراقبة ناثان كنور العمل على إخراج ترجمة جديدة يعتمدها شهود يهوه بدلاً من ترجمة "الملك جيمس" أو "الترجمة الأميركية المشتركة". واستناداً إلى تصريحات برج المراقبة، نشأت الترجمة الإنكليزية للعالم الجديد عن النسخ الأصلية، العبرية واليونانية والآرامية. أما الترجمة العربية وغيرها من ترجمات ظهرت لاحقاً، فقد نقلت عن الطبعة الإنكليزية. فقالوا:"تعتمد هذه الترجمة العربية الجديدة للكتاب المقدس على الطبعة الإنكليزية للكتاب المقدس – ترجمة العالم الجديد". [1]

ومع ظهور ترجمة "العالم الجديد" شجبت جمعية برج المراقبة مجمل الترجمات التي اعتمدت عليها لعشرات السنين بحجة أنها:
- ترجمات طائفية تخدم أفكار بعض الفرق المسيحية. 
- ترجمات متأثرة بفلسفة هذا العالم.
- ترجمات لا تنسجم مع الحقائق الإلهية.
- ترجمات تعّوج القواعد "لتأييد غاية الثالوثيين". [2]

اتهامات كبيرة تُكال لمترجمي الكتاب المقدس، بالتآمر على تشويه الحق الإلهي وعدم إظهاره للناس نقياً صافياً. وإذ استحال علينا إبطال تلك التهم بتقديم الأدلة العلمية على صحة الترجمات الكثيرة ومقارنة كل منها مع الأصل، نفعل أمرين اثنين:
1 – نعرض بعض الترجمات العربية لمختلف الطوائف المسيحية لمقارنة نصوصها. وهي، كما سنتحقق لاحقاً، ترجمات متوافقة، رغم أنّ العلماء القائمين عليها توزعوا في انتمائهم الطائفي واختلفوا في اتجاههم الفكري والعقائدي. هذا التوافق يدل على أمانة علمية عالية تمتع بها هؤلاء، وهو حجة دامغة ضد من اعتقد بغايات دفينة في قلوب المترجمين.

2 – نضع ترجمة "العالم الجديد" على مائدة التشريح ونعرّض نصوصها لضوء المقارنة مع الأصل اليوناني ومع الترجمات العربية الأخرى، ثم نترك الفصل فيها للسياق والقرينة.

يجمع العلماء، أنّ التقييم الصحيح لترجمة ما لابد أن يأخذ بالاعتبار مؤهلات المترجم العلمية وخبراته في اللغات الأصلية والمخطوطات القديمة. لكن جمعية برج المراقبة ترفض الكشف عن هوية المترجمين *، فتقول: "عملنا على عدم كشف هويتهم بناءاً على رغبتهم وحرصهم بأن يعطوا المجد ليهوه وحده... لذلك يتعسّر علينا إثبات قدراتهم العلمية، وعليه يجب أنّ الترجمة تقيـًّم نظراً لمزاياها وخصائصها". [3] "إنّ مترجمي هذا العمل، الذين يحبون الله مؤلف الأسفار المقدسة، يحسّون بمسؤولية خصوصية تجاهه تحتـٍّم عليهم أن ينقلوا أفكاره وإعلاناته أدق نقل ممكن. كما أنهم يحسّون بالمسؤولية تجاه القراء الدقيقين". [4]

ادعاء مثير للجدل وزعم بالدقة يستدعي منا الدقة في البحث. وفي بحثنا نوظف كامل الجهد على ترجمتهم لأسفار العهد الجديد اليونانية، ونصب اهتمامنا على النصوص التي استنبطوا منها عقائدهم الأساسية. ملاحظين في عملنا العلامات الأساسية التي تميز كل ترجمة تجنبت الصواب وانحرفت عن مسار الفكر الإلهي. من هذه العلامات:

1 – غض النظر عن كلمات و عبارات وردت في النص الأصلي وتجنب ترجمتها.
2 - إضافة كلمات و عبارات لا وجود لها في النص الأصلي لإظهار إتجاهات فكرية ترسخت في ذهن المترجم.
3 - تحوير الكلمة الأصلية وإعطاءها معانٍ آخرى ليست لها.
4 - الكلمة التي تشير إلى أكثر من معنى يتم اختيار ما يتناسب مع فكر المترجم.
5 – عند مواجهة نصوص عسرة الفهم والتفسير يتم اختيار مالا يتعارض مع هيكلية التعليم الذي للمترجم.

لقد أرادوا أن تُقيَّم الترجمة بالنظر إلى فحواها وميزاتها، ونحن قبلنا بعرضهم؛ سنفحص ونحكم في النهاية، إما بسلامتها أو بفسادها وعدم نفعها.
-----------------------------------------------
* تدرك جمعية برج المراقبة، أنّ إخفاء شخصية المترجمين وقدراتهم يضعف من موقفها ويشكك الخبراء في ترجمتها، مع ذلك امتنعت عن تقديم هذا الدليل الهام آخذة في الاعتبار احتمال إثارة الشبهات. لكن بعد صدور ترجمتهم بسنوات كشف الانفصالي رايموند فرانس في كتابه "صراع الضمير" عن العاملين في لجنة الترجمة، وأعلن أسماء كلٍ من الرئيس ناثان كنور، ونائبه فريدريك فرانس، ورئيس مجلس الإدارة البرت شرودر، وجورج غانغاس، وميلتون هِنشل، لكن لا أحد من هؤلاء امتلك المؤهلات العلمية للقيام بمثل هذا العمل الضخم.

الفصل الأول: المسيح في ترجمة العالم الجديد


 

 

ابتدأ الآريوسيون عداوتهم للمسيح منذ قرون بعيدة، وكما حارب الشيطان كرامة الكيان الإلهي حاربوا هم تجسد الكلمة مستغلين تواضعه و تنازله. أُزيلت الآريوسية واستمر "روح ضد المسيح" يعمل على مر العصور في جماعات متفرقة في أرجاء المعمورة إلى أن استعلن أخيراً بقوة في تعاليم تشارلز تاز رصل وأتباعه. وكما كانت البدعة القديمة، هكذا ربيبتها اليوم، منظمة برج المراقبة وشهودها الذين حملوا لواء الآريوسية ببراعة، بل فاقوهم آريوسية بتشكيكهم في صحة الكتاب نفسه، ولسان حالهم قول المشكك "أحقا قال الله؟" (تكوين 3: 1).

في ترجمتها تسعى منظمة برج المراقبة إلى حجب كل ما يشير إلى لاهوت المسيح وحقيقة الإله الواحد المثلث الأقانيم. فأعطت المسيح دوراً ثانوياً بأن رسمته في فكر مشايعيها إلهاً اقل شأناً وقدرة من الله الآب، تماشياً مع تعليمها القائل، أنّ "يسوع في مركز ثانوي في الزمان، القدرة، والمعرفة". [5] ولعل أهم ما تتعكز عليه في حربها، بداية إنجيل يوحنا،"وكان الكلمة الله".

يوحنا 1 : 1

ترجمة فندايك *: "في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ"
الترجمة الكاثوليكية: "والكَلِمَةُ هوَ الله"
الترجمة المشتركة *: "وكانَ الكَلِمَةُ اللهَ"
ترجمة العالم الجديد: "وكانَ الكَلِمةُ إلهاً"
النسخة اليونانية *، مع لفظها وترجمتها الحرفية: 
εν αρχη ην ο λογος και ο λογος ην προς τον θεον και θεος ην ο λογος
en (في)archē (بدء، بداية) ēn (كان)o (ال)logos (كلمة)kai (و، أيضاً) o (ال)logos (كلمة)ēn (كان)pros (عند، مع)ton (ال) theon (إله، الإله، الله) kai (و، أيضاً)theos (إله، الإله، الله)ēn (كان)o (ال)logos(كلمة)

قالوا: "في يوحنا 1: 1 يرد الاسم اليوناني ثيوس ( إله ) مرتين ... وثيوس الأول هنا تسبقه لفظة تون ( الـ)، صيغة لأداة التعريف اليونانية ... ومن ناحية أخرى ، ليست هنالك أداة قبل ثيوس الثاني في يوحنا 1 : 1 لذلك فانّ الترجمة 
---------------------------------------------------
* وتسمّى "البروتستانتية". عمل على إخراجها كلٍ من دكتور عالي سميث، و دكتوركرنيليوس فندايك، وشارك فيها المعلم بطرس البستاني، والشيخ ناصيف اليازجي، والشيخ يوسف الأسير الأزهري. 
* صدرت عن اتحاد جمعيات الكتاب المقدس، وقد وضعتها لجنة مؤلفة من علماء كتابيين ولاهوتيين ينتمون إلى مختلف الكنائس المسيحية، الكاثوليكية و الأرثوذكسية و الإنجيلية.
* النسخ اليونانية المستخدمة هنا تجدها في لائحة المراجع.
الحرفية تقرأ،" وإلها كان الكلمة" ... كان "إلهيا"، "شبيها بإله" "إلها". [6]

الرد: يقيناً، كلمة "ثيوس" theos في الشطر الثاني للآية جاءت نكرة لا تتقدمها أداة التعريف o أو to، لذا فإنّ ترجمتها الحرفية تفيد "إله". وهكذا أراد معشر شهود يهوه أن تترجم العبارة إلى "وكان الكلمة إلها"، تصحيحاً لما ترجمه البعض لصالح لاهوت المسيح، كما يزعمون.

ليست القضية بجديدة، فالحوار والجدل في هذه الآية يكاد يكون بقدم الإنجيل نفسه. ونحن لا نعترض على كون "ثيوس" النكرة تعني "إله"، ولا على انتماء المسيح للطبيعة الإلهية. فهذا الانتماء بحد ذاته ليس متعارضا مع العقيدة، لكنه غير كافٍ، وأنّ الوقوف عند هذا الحد من الإيمان يجعلنا نقف أمام عقبات لاهوتية لا حل لها، وعليه فأن "ثيوس" النكرة عندنا تفيد "الله"، ولا يجوز أن تترجم إلى غير ذلك.

ومما يعلن صحة صياغتها إلى "الله"، أنها تكررت في الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا خمس مرات، هذا لأنّ البشير يوحنا في استخدامه صيغة النكرة يعتمد على عرف يهودي في توحيد الإله الحق. وخلاصة هذا العرف التاريخي أنه في حالة الحديث عن الإله الحق، في صيغة معرفة أم نكرة يقصد به دائماً الله، ما لم تأتي الإشارة إلى غيره، مثل استخدام ثيوس المعرفة للتعبير عن إبليس "إله هذا الدهر"( 2 كورنثوس 4 : 4 ). وهذا يعني، أنّ لا ثيوس نكرة و لا ثيوس معرفة يحددان طبيعة الكائنات، فقد يقال إله للتعبير عن الله و قد يقال الله للتعبير عن إله. هذا ليس اختراع مسيحي، بل هو عرف موجود بكثرة في الترجمة السبعينية *، التي سبقت المسيحية بقرون، وفيها تم ترجمة "يهوه" إلى "ثيوس"، وعليه فإنّ ثيوس نكرة أو معرفة تفيد "الله"، ما لم يظهر في السياق نقيضها، وهذا لا يخالف اللغة كونه اصطلاحا.

جاءت "ثيوس" نكرة في الأعداد التالية من إنجيل يوحنا الأصحاح الأول:

العدد 1: kai theos ēn o logos وترجمته الحرفية "وإلهاً كان الكلمة"، لكن إن ترجمنا بالحرف ناقضنا كلمة الله التي تصرّ بقوة على وجود الله الواحد، ومن إيمان يوحنا الرصين والثابت أنّ الله واحد، لا وجود لإله غيره. كما ولا يقبل العقل بوجود إله صغير بجانب الله القدير.

العدد 6: apestalmenos para theou "مرسل من إله". إنّ المنطق السليم يستبعد، أن يكون يوحنا "مرسل من إله" مجهول، قد لا يكون هو الله ذاته من العدد الأول. لهذا السبب، ومنعا لكل التباس، انبغى أن تترجم العبارة إلى "مرسل من الله".

العدد 12: tekna theou genesthai وترجمته الحرفية: "أولاد إله يصيرون"، لكن لا يسوغ الاعتقاد، أنّ المؤمنين هم أولاد إله مجهول، وعليه فالسياق يلزم المترجم أن ينقل إلى "يصيرون أولاد الله".

العدد 13: ek theou egennēthēsan، إنّ الترجمة الحرفية إلى "من إله ولدوا"، استحالت، فاستلزم أن تترجم النكرة إلى "الله"، للدلالة على الإله الحقيقي. 
--------------------------------------------------
* السبعينية (السبتواغنتا) هي ترجمة العهد القديم إلى اليونانية في القرن الثالث ق.م. قام بها سبعون عالماً يهودياً في مدينة الإسكندرية.

العدد 18: theon oudeis eōraken ، وهنا يستعمل يوحنا "ثيوس" بدون تعريف للدلالة على الكيان الإلهي لا على إله نسبي أو زائف أو مجهول الهوية، لذلك ينبغي أن تكون الترجمة "الله لم يراه أحد"، رغم كون "ثيوس" في الأصل نكرة.

من قراءتنا لهذه النصوص لا يساورنا شك البتة، أن يوحنا حين خط في إنجيله "ثيوس" نكرة كان في ذهنه "الله" الوحيد العظيم القدرة. لأن النكرة طبقا للمصطلح المستخدم في بيئته تفيد "الله"، وهذا المصطلح يجب أن يتقدم على حرفية اللغة ولغة الحرف. هذا حق أدركه المترجمين ونقّال الكلمة منذ العصور الأولى للمسيحية.

قالوا: "كانت للغة اليونانية الدارجة أداة تعريف (الـ ) ولكن لم تكن لها أداة تنكير. لذلك عندما لا تأتي أداة التعريف قبل الاسم المسند يمكن أن يكون نكرة، إذ يتوقف ذلك على القرينة". [7]

الرد: تشير قاعدة كولويل إلى أنّ الاسم الواقع عليه فعل الجملة predicate nominative تتقدمه أداة التعريف "الـ" إذا جاء بعد فعله، أما إذا جاء قبل فعله فلا يحتاج إلى "الـ "، أي أنّ استخدامها ممكن ولكنه غير إلزامي، فلا يمتنع تعريفه لمجرد عدم وجود أداة تعريف.* وبناءاً على هذه القاعدة التي هي محط احترام الدارسين، ليس ما يلزم المترجم بنقل "ثيوس" النكرة في يوحنا 1: 1 إلى "إله". لا القاعدة تنص بذلك ولا حتى السياق والقرينة.

وردت "ثيوس" في العهد الجديد مئات المرات بصيغة نكرة، وقد التزم مترجمي "العالم الجديد"، مئات المرات بترجمتها معرفة إلى "الله"، حتى في مجمل الآيات الواردة في الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا، إلاّ في الآية الأولى، فهل اختلفت القاعدة؟

وظنوا، بغير حق، أنّ "ثيوس" النكرة هي اقل قدرة من "ثيوس" المعرفة، فقالوا: "التعبير "إله" في هذا السياق معناه "قدير"... فيسوع - الكلمة - هو "إله"، إي أنّ له مركزا رفيعا لكنه ليس الله القادر على كل شيء". [8]

نقول: جلّ قصدهم أن يحطوا من قدر المسيح وقدرته، لكن كلمة الله واضحة وجلية تُبيّن، أنّ ثيوس النكرة استخدمت في العهد الجديد عشرات المرات للإشارة إلى الله الآب. مثالاً عليها في القول: "المدعوين المقدسين في الله الآب" theō patri en ( يهوذا 1: 1). فلا الله ولا الآب أتت معرفة، وإنّ كان استخدام النكرة هنا لا يحط من قدرة الآب فهو بالتأكيد لا يحط من قدرة الابن- الكلمة.

ولا يغرب عنهم، أنّ موضوع الإصحاح بجملته هو الكلمة (لوجس)، ولا يفوتهم مفهوم اللوجوس 
--------------------------------------------------
*
"A definite predicate nominative has the article when it follows the verb; it does not have the article when it precedes the verb...A predicate nominative which precedes the verb cannot be translated as an indefinite or a 'qualitative' noun solely because of the absence of the article; if the context suggests that the predicate is definite, it should be translated as a definite noun despite the absence of the article." (A Definite Rule for the Use of the Article in the Greek New Testament,” in Journal of Biblical Literature, 1933, Volume 52, p. 21).

عند اليونانيين، فالكلام موجه إليهم وبلغتهم. وبهذا الصدد يقول المفسر والعالم في النسخ اليونانية، وأستاذ النقد الكتابي وليم باركلي: "اللوجوس اليوناني، كان يعني الكلمة كما كان يعني الفكر، العقل. ولقد كان كلا المعنيين، مترابطين في ذهن الرسول يوحنا، وفي أذهان كبار المفكرين من اليهود في حديثهم عن الكلمة... وهكذا استطاع اليهود واليونانيون على السواء أن يصلوا إلى إدراك معنى اللوجوس – كلمة الله، وفكر الله، وعقل الله الذي أبدع الوجود ".* اللوجوس ليس مجرد إله أو شبه إله، وإنمّا الله ذاته، والآية يجب أن تُفهم وتُفسر بوحدة متكاملة مع السياق.

اعتراض: "يُدعى يسوع أيضا "الكلمة". (يوحنا ١‏:١٤) وتُظهر هذه التسمية انه كان الناطق باسم الله. فلا شك انه حمل رسائل الله وإرشاداته إلى أبناء الآب الآخرين، سواء كانوا روحانيين أم بشرا." [9]

على معشر الشهود، بدل المكابرة والإنكار، التأمل في وصف الوحي للكلمة. فالكلمة أزلي، الكلمة الهي، الكلمة خالق الكل، والكلمة شخص قائم بذاته. من عرفه عرف الله بجوهره، ومن رآه رأى الله، وبدون الكلمة لا وجود حقيقي لله، وعليه لا يعقل أن الله وجد في زمن من الأزمنة بدون الكلمة، العقل الناطق، ثم خلق لنفسه الكلمة، وكيف يخلق لنفسه الكلمة وهو لا يملك ما يخلق به، أي العقل ؟!

الإعلان واضح، "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يوحنا1: 3)، ومن يفصل الكلمة عن الله ينسب العجز إلى ذات الله وينفي قدرته الذاتية، ويجعل قوله "أنا صنعت الأرض، وخلقت الإنسان عليها" (اشعياء 45: 11) بدون مغزى. ومن يفصل الكلمة عن الله يقر بأن قدرة الله الخالقة مرتبطة بشخص أخر لا ينتمي للذات الإلهية، وهذا الشخص هو الكلمة. لهذا، لا يبقى أمامنا سوى الرضوخ للحق المعلن في السياق، أنّ الكلمة هو الله ذاته وليس شخصاً منفصلاً عنه.

بمنتهى التكلّف يفككون الصورة الحقيقية للكلمة ويشوهون معالمها. و أي تحقير لله اكبر من اعتبار كلمته مجرد مخلوق يحمل رسالة الله للبشر؟! من الظلمة العقلية أن ينظروا كل هذه العلامات تشير إلى حقيقة الكلمة المتجسد ويكابروا ويتفننوا في تأويلها. إنّ المترجم الذي يترجم "كان الكلمة إلها" لا دقة في ترجمته، رغم حرفيتها، كونه يتجاهل معنى الكاتب وفكره الواضح والجلي في السياق والقرينة، وإننا نتحكم للمنطق الذي يقرون به، أن "القرينة يجب أن ترشد المترجم". [10]

اعتراض: "كيف يمكن أن يكون الشخص عند شخص آخر ويكون هو نفسُه ذلك الشخصَ الآخر في آن واحد؟". [11]

نقول: منطقيا لا يمكن، ولكن الذات الإلهية لا تخضع لنطاق منطقنا، ولو صح ذلك لصارت كل أمور الله تفهم بالعقل وتُفسَّر بالمنطق، ويكون لحكماء هذا الدهر ولفلاسفته القدرة المطلقة على كشف أسرار الطبيعة الإلهية وسبر أغورها. والمثل بحد ذاته فاسد ولا يصح استخدامه في هذا المقام، إذ أننا لا نؤمن أن الله شخص مجرد، بل هو ثلاثة أقانيم، إي الآب هو اقنوم، والابن هو اقنوم، والروح القدس هو اقنوم، والثلاثة معاً هم الذات الإلهية. فالقول، الابن كان عند الله يفيد وجوده في الذات الإلهية مع الآب وروحه، وفي هذا لا غرابة ولا عدم منطقية.
--------------------------------------------------
* مقدمة تفسير إنجيل يوحنا، وليم باركلي
رومية 9 : 5

فندايك: "وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً ُمباركاً إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ". 
الكاثوليكية: "وهو فَوقَ كُلِّ شيءٍ : إِلهٌ مُبارَكٌ أَبَدَ الدُّهور. آمين".
المشتركة: "وهوَ الكائِنُ على كُلِّ شيءٍ إلهًا مُباركًا إلى الأبَدِ. آمين".
العالم الجديد: "والذين منهم الآباء ومنهم تحدّر المسيح بحسب الجسد. ليكن الله، الذي هو فوق الجميع، مباركاً إلى الأبد آمين".
اليونانية: 
ο ων επι παντων θεος ευλογητος εις τους αιωνας αμην
o ōn (الذي هو) epi (فوق، على) pantōn) (كل، كل شيء، جميع theos ( إله، الله) eulogētos (مبارك) eis (في، إلى، حتى)tous(ال) aiōnas (دهر،أزل، أبد،) amēn (آمين)

واضح بأنّ ترجمة العالم الجديد في واد و المقصود في وادٍ آخر، وهي أشبه بمن يحدثك في جملة واحدة عن الطب والهندسة. فالتركيب شاذ جدا ولا يتفق مع الأصل اليوناني، الذي لنا فيه أجمل تصريح عن لاهوت المسيح. القراءة السليمة للآية هي: "المسيح الكائن على الكل الله المبارك"، وكل ما عداها احتمالات. ففي الأصل اليوناني لا علامات وقف أو حروف ابتداء، فكيف وعلى أي أساس علمي ولغوي افترضوا وجود نقطة تفصل بين "المسيح" و "إلهاً مباركا"؟ أي كان السبب فقد جانبوا الصواب في ترجمتهم، والأسباب أسوقها كالتالي:

1- إنّ الجملة إما أن تكون صيغة بركة أو صيغة الوصف. في الحالة الأولى تأتي الصفة قبل الله، "مباركٌ الله"، بينما في الثانية تأتي الصفة بعد الموصوف، "الله المبارك". لو أنها بركة لله لكانت البركة سبقت الاسم، أو لتقدمها كلمة تربط البركة مع ما يسبقها، وهذا ما لم يحصل في الآية. عندما يعطي بولس البركة لله في كتاباته يأتي التركيب الشهير، الذي فيه البركة تسبق اسم الله، كما في القول "مبارك الله" eulogētos o theos ( 2 كورنثوس 1 : 3 و وأفسس 1: 3). هذه الصيغة لا يمكن إسقاطها على نص رومية 9، حيث الصفة تصف ما قبلها مباشرة "المسيح... إلهاً مباركاً"، ونجد شبهاً لها في القول "الله ... الذي هو مبارك إلى الأبد" eulogētos o theos…oiden o ōn (2 كورنثوس 11: 31) هذه الصيغة هي تماما الحالة في رومية.

للتمويه ذهبوا إلى السبعينية، حيث اعتقدوا بوجود آيات في صيغة البركة، فيها يسبق الموصوف الصفة، ومنها أيوب 1: 21، ودانيال 2 : 20. غير أنّ النصوص التي يعتمدون عليها لقلب الحقائق ترد البركة فيها بصيغة فعل eulogēmēnon بينما الحال في رومية 9 مختلف، إذ ترد البركة كصفة eulogētos والفرق شاسع. فجميع ما يُستدل به من السبعينية لا يصلح في هذا المقام، باستثناء المزمور 68: 18- 19، حيث جاءت عبارة "الله مبارك" في نهاية العدد 18 ثم تكررت بشكل معكوس في بداية العدد 19 "مبارك الله"، وهي حالة شاذة في السبعينية لا يمكن الاعتماد عليها لبناء قاعدة أو خلق مفهوم حول مصطلح جاء بعدها بقرون وتأكد صحة الاستدلال به من استخدام الكاتب وأسلوبه. 
يقول العالم في العهد الجديد بروس متزغر في تعليق على النص السبعيني للمزمور: "العبارة الأولى [مبارك] ليس لها كلمة مطابقة في العبرية ويبدو أنها ترجمة مزدوجة (ص 522). لذلك فالعبارة المترجمة ليس لها دليل لغوي أو كتابي يُحتج به".* ولفهم كلام بروس تكفينا نظرة إلى النص:
العدد 18: kuriov o qeov euloght 
العدد 19: euloghtov kuriov

ببساطة شديدة، إنّ الدليل المزعوم الذي يستند عليه الشهود لتكذيب قراءة "المسيح الله المبارك" غير موجود في الأصل العبري، وما دليلهم إلاّ خطأً مطبعياً في النسخة السبعينية.*

2 – وفيما يختص بالسياق والقرينة نقول، إنّ استخدام الأسلوب العلمي في استقراء أسلوب الكاتب واختياراته يجعلنا على يقين، بأنها صيغة وصف مرتبطة بشكل وثيق مع السياق، الذي فيه الحديث عن المسيح كسبب بركة في جماعة إسرائيل، الذين تشرفوا بانتساب المسيح إليهم. وقوله "حسب الجسد" يدل على طبيعة أخرى يمتلكها وإلى مجد أسمى، فهذه العبارة تتوقع عبارة موازية توضح ناحية أخرى عن المسيح وهي، "الكائن على الكل إلهاً مباركاً". أما القول أنّ الرسول يقدم بركة لله ثم يعقبها بتوجيه النقد للإسرائيليين فهو في غير محله ومحاولة فاشلة لإنكار حقيقة ساطعة. فالتركيبة التي صنعتها ترجمة العالم الجديد ضمن السياق لا تعطي فكرة واضحة وتتعارض مع منطق الخطاب اللغوي السليم. فلا يعقل أنّ بولس يبارك الله وسط الإقرار بفشل الإسرائيليين وإلا لما قال: "أود أن أكون أنا نفسي محروما من المسيح لأجل إخوتي".

وإن قارنا أسلوب الكاتب في رومية 1 نصل إلى النتيجة ذاتها. هناك يقول: "الذين استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد. آمين"، هذا وصف وليس بركة، لأنّ الكلام عن المنكرين، فكيف وسط إظهار اعوجاجهم ووصف نجاساتهم يقف الرسول ليبارك الله؟! فليس الكلام بركة لله، ولا وصفاً له، لأنّ المنطق السليم يستبعد أن يقرر الكاتب فجأة ترك السياق والتحدث عن صفة الله. ففي الحالتين لا ينطبق الكلام عن الله، وعليه لا مفر من التسليم، أنّ الآية تتكلم عن المسيح وأنّ "ثيوس" تسمية له، كما أنّ عبارة "الكائن على الكل" هي وصف استحقه، لأنه "رب الكل" (أعمال 10: 36)، وكل ما للآب هو له (يوحنا 16: 15).

كولوسي 1 : 16و 17 
-------------------------------------------------
*
Metzger explains the problem with Ps 67:19 in the Septuagint: “... the first eulogetos [blessed] has no corresponding word in Hebrew and seems to be a double translation" (p.522). So the WT really has no Scriptural or linguistic evidence for its claim “
*
Romans 9:5 Research, By Gary F. Zeolla: “But the editor of Calvin's commentaries was quoted in the first part of this article as saying:It is well known, that in Hebrew the word "blessed" is ALWAYS placed before "God" or Jehovah, when it is an ascription of praise; and it appears that the Septuagint has in more than THIRTY instances followed the same order, and, indeed, in every instance except one (Ps 67:19) and that evidently a typographical mistake. The same is the case with ALL the examples in the new Testament…”


فندايك: "16 فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ... الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. 17 اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ". 
الكاثوليكية: "16 ففيه خُلِقَ كُلُّ شيَء... كُلُّ شيَءٍ خُلِقَ بِه ولَه. 17 هو قَبْلَ كُلِّ شيَء وبِه قِوامُ كُلِّ شيَء".
المشتركة: "16 بِه خَلَقَ اللهُ كُلَّ شيءٍ... بِه ولَه خَلَقَ اللهُ كُلَّ شيءٍ. 17 كانَ قَبلَ كُلِّ شيءٍ وفيهِ يَتكوَّنُ كُلُّ شيءٍ".
العالم الجديد: "16 لانه به خلقت سائر الأشياء... به وله خُلقت 17 وهو قبل سائر الأشياء وبه أوجدت".
اليونانية:
16 οτι εν αυτω εκτισθη τα παντα … τα παντα δι αυτου και εις αυτον εκτισται 17 και αυτος εστιν προ παντων και τα παντα εν αυτω συνεστηκεν
16 oti فإنّ، لأنّ)) en autō (فيه) ektisthē (خلق، مخلوق) ta panta ...(الكل، الجميع)ta panta (الكل، الجميع) di autou (به) kai (و) eis auton (له) ektistai (خُلق، مخلوق) 17 kai (و) autos (هو) estin(كائن، موجود) pro(قبل،أمام) pantōn (كل الاشياء) kai (و) ta panta (الكل، الجميع)en autō (فيه) sunestēken(يقوم،يثبت)

إنّ كلمة "الكل" تعلن المسيح بصفته الخالق الأزلي، الذي لم يأت شيء إلى الوجود إلا به ومن خلاله. فهو قبل كل الأشياء، أصلها وعلة وجودها. ولـمّا كان هذا الحق يتعارض مع فكر شهود يهوه القائل بخلق المسيح، استلــزم الأمر تعديلاً طفيفاً على النص يجعل من المسيح مخلوقا خارج نطاق "الكل"، أي أنه خُلق أولاً ليخلق بعدئذٍ سائر المخلوقات الأخرى. وبدون هذا التعديل لا يمكن تفادي المشكلة، ويكون المسيح الذي خلق "الكل" قد خلق نفسه أيضا.

قالوا في باب التوضيحات على الترجمة العربية للعالم الجديد: "يشير المعقوفان [ ] إلى معلومات تفسيرية زيدت بينهما في النص العربي". [12] أما في ترجمات أخرى للنص كالإنكليزية فقد جاء المعقوفان تتوسطهما كلمة "أخرى" ليوحوا للقارئ أنّ كلمة "كل" لا تعني مطلقا كل الخليقة.* وبهذا أضعفوا عبارة "الكل" لتصير "كل الأشياء [الأخرى]"، مما قد يشير إلى خلق أخر لم يخلقه يسوع، بل يهوه، وهذا الخلق يريدون به يسوع. لكن في ترجمتهم العربية لم يستخدموا المعقوفان [ ]. فجعلوا التوضيح من أصل النص، كما وأبدلوا عبارة "الكل" الأولى بـ "سائر الأشياء" وحذفوا "الكل" الثانية، وتكرر الفعل ذاته في العدد الذي يليه. هذا التلاعب غرضه تثبيت تعليمهم القائل: "قبل أن يصير يسوع بشرا استخدمه يهوه كصانع مبدع في خلق كل الأشياء الأخرى في السماء وعلى الأرض - إنّه الشخص الوحيد المخلوق مباشرة من يهوه. فكل الأشياء الأخرى أتت إلى الوجود بواسطته كعميل الله الرئيسي". [13]
-------------------------------------------------
*
“because by means of him all [other] things … All [other] things have been created,,

 

الرد: إنّ الكلمة اليونانية pas يعَّرفها القاموس بـ "كل"، و "جميع" *. بينما كلمة "سائر" مشتقة من Loipoi، كما في القول "سائر الأمم" (مرقس 4 : 19) و "سائر الكنائس" (2 كورنثوس 12 : 13) و "سائر الأشياء" (رومية 1 : 13 )، وهي لا تفيد في كل الأحول الكل المطلق. والملفت أنهم ترجموا pas إلى "كل" في مجمل ترجمتهم للعهد الجديد، حتى في ذات الرسالة وذات الإصحاح ترجموها إلى "كل الخليقة". فكان من الأمانة أن يترجموا الآيات 16 و 17 بوضوح يتفق مع القرينة الكتابية. فأين الدقة والأمانة المزعومة، ولماذا غابت الترجمة الصحيحة في هذه الآيات بالذات؟

أما كلمة Sunestēken في نهاية العدد 17 فهي في صيغة المضارع ولها معنى مخالف لما أعطوه. لقد ترجموا الكلمة بصيغة الماضي إلى "الأشياء به أوجدت" لكي يقوضوا سلطان المسيح على الخليقة فيحصروه في الخلق فقط. بينما أعطت الترجمات الأخرى المعنى الحقيقي للكلمة فدلت، أنّ المسيح لم يوجد كل شيء فحسب، بل أنه يبقي كل شيء على حالة الوجود، لأنه الله الذي "به نحيا ونتحرك ونوجد".

كولوسي 2 : 9

فندايك: "فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً".
الكاثوليكية: "ففِيه يَحِلُّ جَميعُ كَمالِ الأُلوهِيَّةِ حُلولا جَسَدِيًّا".
المشتركة: "ففي المَسيحِ يَحِلُّ مِلْءُ الألوهِيَّةِ كُلُّهُ حُلولاً جَسَدِيّاً".
العالم الجديد: "لأنه فيه يسكُنُ ويُجسَّمُ ملء الصفات الإلهية كُلّه".
اليونانية :
οτι εν αυτω κατοικει παν το πληρωμα της θεοτητος σωματικως
oti (فإنّ، لأنّ) en autō (فيه) katoikei (يحل، يسكن) pan (كل، جميع) to plērōma (ملء، تكميل) tēs(ال) theotētos (لاهوت) sōmatikōs (جسديّاً)

أمامنا نص يعلن حلول اللاهوت بكماله وجلاله في المسيح، مما يجعل المسيح هو الله الكلي القدرة. النص يؤرق الشهود ويثقلهم بمتاعب جمة حاولوا تخفيفها بترجمتهم المحرِّفة للحرف والمعنى.

لا حديث هنا عن صفات إلهية بل عن ملء اللاهوت، وليس ملء اللاهوت إلا الله بملئه. والكلمة اليونانية المستخدمة هي theotētos وتشتق من theos ، أي الله، ولم ترد في موضع آخر في الكتاب. تقابلنا كلمة شبيهة بها وردت في رومية هي theiotēs، وعليها اعتمدت ترجمة العالم الجديد في نقل معاني "لاهوت". تقول الآية: "لأن منذ خلق العالم ترى أموره غير المنظورة وقدرته السرمدية ولاهوته مدركة بالمصنوعات"(رومية1: 20)، وعليه أشاعوا أن الصفات الإلهية التي ملئت المسيح تملء نسبيا كل 
---------------------------------------------------
* قاموس Strog 3956

إنسان. وهذا ضلال وتضليل، لأنّ العبارة في رومية مشتقة من theiotes *، ولا علاقة لها بـ "ملء اللاهوت" التي في كولوسي، بل وتختلف عنها كتابة ولفظا ومعنى. ففي رومية تدل العبارة على الطبيعة الإلهية التي وضعها الله في خلقه، بينما العبارة في كولوسي تشير إلى الألوهية ذاتها التي حلّت في المسيح، انسجاماً مع الإعلان "أنّ الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه" (2 كورنثوس 5 : 19 ).

وإن قبلنا جدلا بترجمتهم هل يقبلون هم بما تترتب عليه من معانٍ؟ ترجمتهم تعترف أقله أنّ المسيح اتصف بملء الصفات الإلهية كاملة وليس ببعضها أو بجزء منها، ومن صفات الله، أنه واجب الوجود، أزلي، سرمدي، كلي القدرة، كلي العلم والمعرفة. إن التسليم بحقيقة امتلاك المسيح لملء الصفات الإلهية الكاملة والغير محدودة سواء في قوتها أو في فعلها يرفعه إلى مرتبة واحدة مع الله الآب. إن قبلوا بهذا يكون قولهم "أنّ الابن اقل قدرة من الآب" إجحافا بالابن.

أرادوا أن يجعلوا من اللاهوت مجرد صفات منفصلة عن ذات الله، لكن ترجمتهم لم تأتي بالنتيجة المرجوة، وجهدهم الدؤوب لم ينجح في تغيير الصورة الحقيقية الصريحة، بأنّ الحّال في المسيح ليس صفات اللاهوت وإنما اللاهوت بصفاته، أي الكلمة الذي "صارا جسدا وحل بيننا".

تيطس 2 : 13

فندايك: "مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ". 
الكاثوليكية: "وتجلي مَجْدِ إِلهِنا العَظيم ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيحِ".
المشتركة: "ظهور مَجدِ إلهِنا العَظيمِ ومُخَلِّصِنا يَسوعَ المَسيحِ".
العالم الجديد: "والاستعلان المجيد لله العظيم ولمخلّصنا المسيح يسوع".
اليونانية:
και επιφανειαν της δοξης του μεγαλου θεου και σωτηρος ημων ιησου χριστου 
kai (و) epiphaneian (ظهور) tēs(ال) doxēs (مجد، بهاء) tou (ال)megalou (عظيم، كبير، شديد) theou (الله، الإله، إله) kai (و) sōtēros (مخلص)ēmōn (تصريف فعل كينونة) iēso (يسوع)christou (المسيح)

إنّ القراءة اليونانية أعلاه معتمدة من سائر النسخ اليونانية بلا استثناء، ولا نرى فيها أثراً لـحرف "ل" الذي أضافوه للمخلص بقصد فصله عن "الله العظيم"، بل نرى بالأحرى واو العطف التي تتوسط "الله العظيم" و "مخلصنا" للدلالة على أن الكلام عن شخص واحد هو المسيح. علاوة على ذلك أنّ كلمة "المجد" يراد منها وصف مجد إلهنا المسيح، وليس "استعلان الله". 
---------------------------------------------------
* قاموس Strong 2305, 2320


لقد عبثوا بالنص بغية إبعاد الألوهية الكاملة عن المسيح، وهو النص الذي يعلن بلا منازع، أنّ المسيح هو الله، وأدلتنا نسوقها كالتالي:

1 – شهادة الكثير من علماء الترجمة وخبراء العهد الجديد، ومنهم العاملين في نسخة "نت بايبل"، التي تقول في تعليقها على النص: "مصطلح الله و مخلصنا كلاهما يشير إلى شخص واحد، يسوع المسيح. و هذه واحدة من أوضح التصريحات في العهد الجديد حول لاهوت المسيح . التعبير بتركيبته اليونانية يخضع لقانون غرانفيل شارب *... وهو القانون الذي تعرض على مدى 200 سنة لمحاولات إجهاض باتت بالفشل". * لقد اختارت "نت بايبل" ترجيح قراءة "الله العظيم مخلصنا يسوع المسيح" استناداً على ما توفر لديها من مواد علمية.

2 – لقب "إله ومخلص" استخدمه اليهود قديما للإشارة إلى يهوه، وإضافة اسم "يسوع المسيح" في النص خير دليل، على أنّ "إلهنا ومخلصنا" تعود عليه. وإن جاء نص فيه "مخلصنا الله" إلى جانب "يسوع المسيح مخلصنا" كما في تيطس 3، "ظهر لطف مخلصنا الله ... الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" فهذا إشارة واضحة إلى كون المسيح هو الله، وإن جاءت عبارة "مخلصنا الله" في سياق الحديث عن المسيح فهي غالبا ما تشير إليه كما في تيطس 1 "بالكرازة التي اؤتمنت أنا عليها، بحسب أمر مخلصنا الله". فما من احد أمر بولس بالكرازة إلاّ المسيح، وليس المسيح إلاّ الله.

3 – يقول قانون شارب: "عندما تأتي واو العطف اليونانية kaiفي جملة لتربط اسمان من نفس النوعية أو أسماء فاعل أو نعوت أو أوصاف ورافقها تكرار أداة التعريف فهذا يشير إلى عناصر مختلفة، كما في 1كورنثوس 3 : 8، "والغارس والساقي" phuteuōn de kai o potizōn o . لكن ورود اسمان تتوسطهم واو العطف ولهم أداة تعريف واحدة فهذا يدل على عنصر واحد، كما هو الحال مع "الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح". وقد أدرك معشر الشهود هذه القاعدة ففعلوا ما امتنع بولس عن فعله، ألا وهو إضافة "ل" إلى المخلص لتعريفها فجعلوا في النص شخصين هما، الله والمسيح.

4 – عبارة "عظيم" megas لم تستخدم في العهد الجديد ولا مرة لوصف الله، وإنما هي وصف خاص بالمسيح، النبي العظيم ( لوقا 7 ) ورئيس الكهنة العظيم ( عبرانيين 14 ).

5 – كذلك عبارة "ظهور" epiphaneiaاستعمالها في العهد الجديد خاص بالمسيح ( 2 تسالونيكي 2 : 8 و 1 تيموثاوس 6 : 14 و 2 تيموثاوس 4 : 1 و 8 ).

6 – إنّ القرينة من 2 بطرس 1:1 "بر إلهنا والمخلص يسوع المسيح" تؤيد أنّ الكلام عن شخص واحد، وأنّ "إلهنا والمخلص" إشارة إلى يسوع. هذه الآية لم يتعرض لها شهود يهوه، والسبب هو منهاج يتبعونه في التمويه ولا يصعب اكتشافه على الملّم بأساليبهم، ففي حالة وجود أكثر من آية بذات الصيغة يغيرون إحداها لتصبح مقياساً في تفسير الآيات الأخرى. 
----------------------------------------------------
* قواعد اللغة اليونانية Grandville Sharp Rule
*
Netbible,comentar to Tit.2,13:“The terms “God and Savior” both refer to the same person, Jesus Christ. This is one of the clearest statements in the NT concerning the deity of Christ. The construction in Greek is known as the Granville Sharp rule... Although there have been 200 years of attempts to dislodge Sharp’s rule, all attempts have been futile,, 
انطلاقا مما تقدم، تكون القراءة الصحيحة هي "الله العظيم مخلصنا يسوع المسيح".

1 يوحنا 5 : 20

فندايك: "أَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
الكاثوليكية: "أَعْطانا بَصيرةً لِنَعرِفَ بِها الحَقّ. نَحنُ في الحَقِّ إِذ نَحنُ في ابنِه يسوعَ المَسيح. هذا هو الإِلهُ الحَقُّ والحَياةُ الأَبدِيَّة".
المشتركة: "أعطانا فَهمًا نُدرِكُ بِه الحَقَّ. ونَحنُ في الحَقِّ، في ابنِهِ يَسوعَ المَسيحِ. هذا هوَ الإلهُ الحَقُّ والحياةُ الأبدِيَّةُ".
العالم الجديد: "أعطانا مقدرة تفكيرية لكي نعرف الإله الحقيقي. ونحن في اتحاد به، بواسطة ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحقيقي والحياة الأبدية".
اليونانية: 
δεδωκεν ημιν διανοιαν ινα γινωσκομεν τον αληθινον και jεσμεν εν τω αληθινω εν τω υιω αυτου ιησου χριστω ουτος εστιν ο αληθινος θεος και ζωη αιωνιος 
dedōken (يعطي، يهب)ēmin ) (فعل الكينونة للجمعdianoian ( (بصيرة، عقل، فهم ina( لكي، بحيث) ginōskomen( نعرف، ندرك) ton (ال)alēthinon (حق) kai (و)esmen(نكون، نوجد) en (في) tō alēthinō (الحق) en ) ( في tō (ال)uiō (ابن)autou(ضمير الملكية) iēsou christō يسوع المسيح)) outos (هذا) estin(هو، يكون) o (ال) alēthinos (حق)theos (إله، الإله، الله)kai zōē والحياة) ( aiōnios (أبد،أزل) 

لا صحة في ترجمتهم لهذا النص، والأسباب:

1 - لقد استبدلوا كلمة "الحق" بعبارة "الإله الحقيقي"، وأعادوا صياغة عبارة "في المسيح" إلى "في اتحاد معه"، ليدللوا أنّ "الإله الحق والحياة الأبدية" في الشطر الأخير تعود إلى "الإله الحقيقي" من الشطر الأول، أي الله الآب. أما الابن فأصبح مجرد وسيط يعطي المعرفة عن الله، لا أكثر ولا أقل.

2 - إنّ "الإله الحقيقي" مسندة للفاعل الأقرب في الصورة وهو المسيح، الذي أتى وأعطانا بصيرة، ونحن نوجد فيه. هو موضوع الآية، والعبارة وصف خاص به، كما أنّ وصف الحياة الأبدية يرجع إليه وحده. فهذا التعبير يميز أسلوب يوحنا عند وصف الابن في إنجيله ورسائله. وبتأملنا لسياق الرسالة والإصحاح الذي جاء فيه الكلام نتيّقن، أنّ الابن هو موضوع الكلام، وهو الحياة الأبدية التي كانت عند الآب أظهرت لنا، لذلك من له الابن له الحياة. إنّ الحياة والحق صفتان وُصف المسيح بهما، والصفتان نراهما في آية واحدة، فنسب عبارة "الإله الحقيقي" إلى الله هنا لا يتفق مع السياق.

3 - المقدرة التفكيرية هي غير المعرفة أو البصيرة الروحية. فقد يملك الإنسان قدرة فائقة على التفكير ومع ذلك لا يعرف الله. فالترجمة الأصح هي "بصيرة"، وقد أعطيت لنا لمعرفة الحق المتجسد في المسيح الابن.

4 - ولا حديث هنا عن اتحاد روحي مع المسيح أو ما شابه ذلك، وإنما عن كينونة ووجود في المسيح الحق. والكينونة تعود إلى المسيح وليس إلى الله، أي نحن في ابنه، وليس في الله بواسطة ابنه، كما ترجموا. فالفرق شاسع، وترجمتهم مشوهة وتركيبها فاسد يهدف إلى نفي ألوهية المسيح الكاملة.

فيلبي 2 : 6

فندايك: "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ".
الكاثوليكية: "م يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة".
المشتركة: "ما اعتبَرَ مُساواتَهُ للهِ غَنيمَةً لَه".
العالم الجديد: "لم يتأمل في فكرة اختلاس، أي أن يكون مساويا لله".
اليونانية:
αρπαγμον ηγησατο το ειναι ισα θεω
ouch (لم ) arpagmon (خلسة) ēgēsato (يحسب، يرى، يعتبر) to (أن) einai (يكون) isa(،مساوٍ معادلٍ ) theō (إله،الإله، الله)

ترجمتهم توحي، أنّ المسيح لم يكن مساوياً لله، كما أنه لم يتطلع إلى المساواة على اعتبارها تصرفا غير لائق به، وللتأكيد قالوا: "من هذا القبيل يقول رالف مارتن في رسالة بولس عن اليونانية الأصلية :"ولكن هنالك شك في ما إذا كان يمكن لمعنى الفعل ان ينزلق من معناه الحقيقي "يختلس"، ينتزع بعنف، إلى " يتمسك بـ". وهكذا خرجوا باستنتاج، أنّ "فيلبي 2 : 6 باليونانية، عندما تقرأ بموضوعية، تظهر العكس تماما، أن يسوع لم يفكر أن ذلك لائق". [14]

الرد: إنّ قول رالف مارتن الذي أشاروا إليه لا يمكن أن يصل بالقارئ إلى ما استنتجوه، بل لا نرى ضرورة تستدعي الاستشهاد به في هذا المقام. فالاقتباس هو من قبيل المراوغة وهدفه التمويه على الحقائق والإيحاء للقارئ بنزاع فكري دائر بين الفرق المسيحية حول معاني الآيات، بينما في الواقع يسود إجماع عند غالبية العلماء والمفسرين حول مدلول النص.

نذهب إلى المرجع من حيث ابتتروا قول مارتن، لنتحقق بأنّ مارتن يصل إلى نتائج متعارضة مع فكرهم، فيرى أنّ المساواة هي حق للمسيح، فيقول: "لقد واجه ابن الله الأزلي تجربة مزدوجة، التخلي عن حقه، وإمكانية امتلاكه بالاستيلاء عليه، أي المساواة مع الله. فاختار أن يسود بالطاعة عن طريق الآلام. في الأعداد التابعة

 

نرى ما آل إليه اختياره." * يقر مارتن أن المساواة حقّت للمسيح، ثم يواصل شرح الآية ويظهر مجد المسيح المساوي لله الآب. ولن يستدل القارئ من كلامه إلى ما يدعم فكر شهود يهوه بشيء.

لقد فسر اللاهوتيين هذا النص بأشكال عدة، لكنّ معظمهم اتفق على كونه يصرح بمساواة المسيح لله، فيقول وليم باركلي: "الكلمة التي يستعملها الرسول للخلسة هي "هاريجموس"، وهي مشتقة من فعل يعني الخطف أو النهش بالمخلب. وهذا التعبير يمكن أن يمل معنيين كلاهما يهدفان إلى شيء واحد، 1 – فقد يكون المعنى أنّ يسوع لم يكن في حاجة إلى خطف المساواة مع الله لأنه كان كذلك واللاهوت حق طبيعي له. كانت المساواة حقا له فلم تكن به حاجة إلى خطفها أو اختلاسها. 2 – وقد يكون المعنى أيضا أنّ يسوع لم يخطف المساواة مع الله كما لو كان قد احتفظ بها لنفسه ممسكا بها بشدة لئلا تفلت منه. انه تخلى عنها بمحض رغبته لصالح الناس. ويمكنك أن تأخذ المعنى الذي يروق لك فكلاهما محتملان ويؤكدان مرة ثانية جوهر اللاهوت الذي لا يتغير في يسوع المسيح".*

ثم لا حاجة للمسيح إلى خطف المساواة، لأنه يملكها "الذي إِذ كَانَ فِي صورة الله". والآية التابعة "لكنه أخلى نفسه" تؤكد امتلاكه شيئاً جليلاً تخلى عنه، وهذا الشيء هو بلا شك المساواة بالله. فعمله هو من قبيل التواضع، وتواضعه دليل على كونه يملك مجداً سامياً، وتخليه يدل أنه يمتلك الثمين، وإلا فلا معنى للتواضع وللتخلي مادام المسيح أصلا لا يملك المساواة، كما يزعمون.

يوحنا 16 : 27 – 28

فندايك: "وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجْتُ. خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ".
الكاثوليكية: "أَنِّي خَرجتُ مِن لَدُنِ الله. خَرَجتُ مِن لَدُنِ الآب".
المشتركة: "بأنِّي خَرَجتُ مِنْ عِندِ اللهِ. نعم، خَرَجتُ مِنْ عِندِ الآبِ".
العالم الجديد: "أنني خرجت ممثلا للآب. خرجت من عند الآب".
اليونانية : 
27 καὶ πεπιστεύκατε οτι εγω παρα του θεου εξηλθον 28 εξηλθον παρα του πατρος
27 kai pepisteukate (وآمنتم) oti egō (أني) para (من عند) tou (ال)theou (إله، الإله، الله) exēlthon خرجت)) 28 exēlthon (خرجت) para (من عند) tou (ال)patros (آب)

نلحظ هنا أمرين: أ - أبدلوا عبارة "من عند الله" بـ "ممثلا للآب" مع عدم وجود ما يدل عليها في النص. ب - الآية الأولى تذكر "ثيوس"، بينما تذكر الثانية "باتروس"، أي الآب، أما هم فترجموا في كلا
-------------------------------------------------
وكعادتهم في الاقتباس لم يذكروا المرجع باسمه الاصلي ورقم الصفحة مما يصعب البحث. هنا المرجع والنص كما جاء في سياقه:*
Martin, Ralph P. 1987. The Tyndale New Testament Commentaries: Philippians: "The eternal Son of God, however, faced with a parallel temptation, renounced what was his by right, and could actually have become his possession by the seizure of it, viz. equality with God, and chose instead the way of obedient suffering as the pathway to his lordship.The circumstances of this tremendous decision are described in the verses which follow,
* تفسير الرسالة إلى فيلبي، وليم باركلي
الموضعين "آب". لا يمكننا الجزم في الأغراض والنوايا التي تقف خلف هذا التصرف، لكن بلا شك الترجمة تخفي معالم المكانة الفريدة التي للابن في الذات الإلهية، وبالتالي تجعل المسيح مجرد رسول كغيره من الرسل جاء ليمثل الآب.

أعمال 3 : 15 

فندايك: "وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ". 
الكاثوليكية: " فقَتَلتُم سيِّدَ الحَياة، فأَقامَه اللهُ". 
المشتركة: "فقَتَلْتُم مَنبَعَ الحياةِ، ولكِنَّ اللهَ أقامَهُ". 
العالم الجديد: "قتلتم الوكيل الرئيسي للحياة إلاّ أن الله أقامه". 
اليونانية: 
τον δε αρχηγον της ζωης απεκτεινατε 
ton de (ال)archēgon (رئيس، منشئ، مؤسس ) tēs(ال) zōēs (حياة) apekteinate (قتلتموه)

ليس من يتسلط على الحياة إلا الله مانح الحياة. لذلك حاولوا تفريغ الآية من قوتها ونفي سلطان المسيح على الحياة بجعله مجرد "الوكيل الرئيسي للحياة". لكنّ الكلمة archēgos لا تفيد "وكيل" كما ترجموها، بل "رئيس"، و"رأس"، و"أصل"، و"مؤسس"، و"منشئ"، و"قائد"، ومثالاً عليها في أعمال 5: 31 "رئيساً ومخلصاً" archēgon kai sōtēra. وقد نقولوها هي الأخرى إلى "وكيلاً رئيسياً ومخلصاً". ولاحقا لنا عودة إلى هذه الكلمة في موضوع آخر.

أعمال 20 : 28

فندايك : "لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ".
الكاثوليكية: "الَّتي أكتَسَبَها بِدَمِه".
المشتركة: "الّتي اَكتسَبَها بدَمِهِ".
العالم الجديد: "التي اشتراها بدم ابنه".
اليونانية، وفيها قراءتان:
ην περιεποιησατο δια του ιδιου αιματος
ēn (التي) periepoiēsato (اقتناها) dia (بـ) tou idiou aimatos (دم)
)1894 scrivener textus Receptus(

ἣν περιεποιήσατο διὰ τοῦ αἵματος τοῦ ἰδίου
ēn (التي) periepoiēsato (اقتناها) dia (بواسطة، من خلال، عن طريق) tou(، أداة تعريف ال 
(ضمير الغائب هو aimatos (دمه) ton (ال)ioion (خاص به، خاصته)
)Nestle-Aland 26th-27th Greek NT(

ترجمتهم يشوبها التمويه والتضليل، ونرد عليها كالتالي:

1 - أمامنا قراءتان باليونانية، واحدة تفيد "اقتناها بدمه" والأخرى "اقتناها بدمه الخاص"، وهذا ما نقلته الترجمة العربية البولسية. لكن مترجمي العالم الجديد سمحوا لأنفسهم إضافة فاعل آخر للنص وهو "ابنه"، رغم عدم وجوده في النص الأصلي، الأمر الذي يتنافى مع الأمانة العلمية.

2 – لا يجوز أن تنسب عبارة "خاصته" ton ioion للمسيح، لأنّ العهد الجديد لم يشر إليه ولا مرة بهذا اللقب. كما أنّ الكلمة لم ترد ولا مرة في حالة مشابهة بالمفرد، بل في صيغة جمع الأقرباء أو الأصدقاء أو الإخوة والأخوات. وإن أتت العبارة بالمفرد فهي إما إشارة لغير العاقل، كما في يوحنا 15 :19 "العالم يحب خاصته"، أو أن ترافقها الكلمة الأساسية التي تشير إليها الخاصية ، متى 9 :1 "مدينته". فمعشر الشهود افترضوا أنّ "خاصته" تدل على المسيح رغم انعدام الدليل على ذلك.

3 - بمقارنة النص مع 1 بطرس 1 : 18- 19 "عالمين أنكم افتديتم ... بدم كريم... دم المسيح"، و1 بطرس 2 : 10 – 11 "وأما أنتم ... شعب اقتناء ... شعب الله" يصل المعنى إلينا بأن المسيح هو الله ذاته. فالفعل "اقتنى"peripoiēsis ينسب تارة إلى الله وتارة أخرى إلى المسيح، وعليه لا فرق بين القول "الله اقتنى الكنيسة" أو "المسيح اقتنى الكنيسة". والكتاب بجملته يؤكد، أن الكنيسة هي خاصة الله والمسيح، ولذا فأنّ الدم يكون دم الله والمسيح، وما الاثنين إلا واحد. فرغم عدم امتلاك الله لدم حقيقي يُنسب له الدم في أعمال 20.

عبرانيين 1: 8

فندايك: "وَأَمَّا عَنْ الاِبْنِ: كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ".
الكاثوليكية: " وفي الاِبْنِ يقول: إِنَّ عَرْشَكَ أَللَّهُمَّ لأَبَدِ الدُّهور".
المشتركة: "أمَّا في الابنِ فقالَ: عَرشُكَ يا اللهُ ثابِتٌ إلى أبَدِ الدُّهورِ".
العالم الجديد: "ولكن في شأن الابن: "الله عرشك إلى الأبد".
اليونانية:
πρὸς δὲ τὸν υἱόν, Ὁ θρόνος σου ὁ θεὸς εἰς τὸν αἰῶνα τοῦ αἰῶνος 
pros (عن، حول)de (أما، ولكن)ton uion(الابن) o thronos son (عرشك)o theos (يا ألله) eis (إلى، حتى) ton (ال)aiōna (أبد، أزل، دهر)ton (ال)aiōnos (دهور)

يخاطب الوحي المسيح بصفته الله الأزلي وملك الدهور. وفي اجتهادهم للتمويه على الآية خرجوا بترجمة جعلوا فيها الله عرشاً للمسيح. ولئلا تفهم ترجمتم العربية بوجه آخر ومنعاً لكل التباس نشير إلى ترجمتهم باللغة الانكليزية *.

دانيال 7: 14

فندايك: "فَأُعْطِيَ (ابن الإنسان) سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتاً لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ".
الكاثوليكية: "فجَميعُ الشُّعوبِ والأُمَمِ والأَلسِنَةِ يَعبُدونَه".
المشتركة: "حتى تعبُدَهُ الشُّعوبُ".
العالم الجديد: "لتخدمه جميع الشعوب".
العبرية: פּלח pelach
اليونانية: δουλεύω douleuō

الكلمة في الأصل العبري تفيد "العبادة" كما تفيد "خدمة الله". والكلمة اليونانية المرادفة لها في السبعينية هي douleuō وتفيد "الاستعباد والعبودية والقبول بسلطان الآخر، طوعاً أو مجبراً".* أمثلة عليها في رومية 12: 11 و غلاطية 4: 8 و أعمال 7: 7.

بالرجوع إلى السياق يتضح أنّ الموضوع هو مجد ابن الإنسان الفائق، وإنّ العبادة والإجلال أمور تليق به، ولذلك يعود الوحي فيشدد على هذا الحق في العدد 27 قائلاً: "ملكوته ملكوت أبدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون". وقد جاءت ترجمة العالم الجديد لهذا العدد قمة في المهزلة، فنقلت: "أما المملكة والسلطان وعظمة الممالك تحت كل السماء فأعطيت لشعب قدوسي العليّ. ملكوتهم ملكوت دهري. وجميع السلاطين إياهم يخدمون ويطيعون". لم يقفوا عند تحريف "يعبدون"، وإنما تطاولوا ونسبوا النبوّة إلى جماعتهم، وبهذا صار الكلام النبوي يتماشى تماما مع إدعاءات الهيئة الحاكمة في بروكلين، ومنها أن الشعوب ستخضع "لقديسي العلي"، أي لشهود يهوه وقادتهم "جماعة العبد الأمين الحكيم" في "ملكوتهم" القادم بقيادة المسيا. *
-----------------------------------------------
* 
“But with reference to the Son: “God is your throne forever and ever…”(NW)
*
Strong: H6399 פּלח pelach (Chaldee); corresponding to H6398; to serve or worship: - minister, serve.
Strong: G1398 δουλεύω douleuō From G1401; to be a slave to (literally or figuratively, involuntarily or voluntarily): - be in bondage, (do) serve

* انظر "الرد على شهود يهوه" الجزء الأول، فصل 2

الفصل الثاني: يهوه في العهد الجديد، حقيقة أم تخمين؟

 


 

 

لم يكن لاسم الجلالة "يهوه" أهمية كبرى لدى جمعية برج المراقبة إلى أن اهتدت إليه وسميت به في النصف الأول من القرن الماضي. منذئذٍ والاسم يُسخَّر ليعطي نظامها البشري طابعاً روحانياً افتقر له. فصار الاسم هو موضوع فخرهم وبرهانهم الأعظم على أنهم الشعب الوحيد الذي ينتمي لله ويسلك في حقه. ويستخدم الشهود حنكة بشرية منقطعة النظير لإقناع الناس، أنهم كشفوا الحقائق المتعلقة بالاسم يهوه وأعادوا إليه في ترجمتهم المجد الذي سلبته "المسيحية المزيفة". وفي تصريح مبطن وخطير قالوا:

"لابد للمرء أن يسأل: هل تنسجم الترجمة مع التعليم الثابت لكامل الكتاب المقدس – أنّ يهوه الله وحده هو الأسمى ؟ إن لم يكن الأمر كذلك ، حينئذ لابد أن تكون الترجمة خاطئة". [15]

هذا المقياس في ظاهره حق لا شائبة عليه، لكنّ باطنه فاسد يحمل أبعاد أخرى. فكل عالم بفكر شهود يهوه يدرك، أن المقصود بتعليم الكتاب المقدس هو التعليم المؤسس على تفسير الهيئة الحاكمة لشهود يهوه، جماعة "العبد الأمين الحكيم"، التي تعتمد على تطويع النصوص لخدمة تعاليمها الهشة وإزالة الاعتراضات القائمة بشأنها، فالترجمة ينبغي أن تتوافق مع ما تقوله، وقولها أعلاه يحمل تكذيباً لكل ترجمة تخالف فكرها وتقول بمساواة المسيح ليهوه في القدرة.

ويتهمون الفريقين، اليهودي والمسيحي، بالتآمر على إخفاء الاسم "يهوه"، فاليهود أزالوا التتراغراماتون* "يـ هـ وهـ"، في القرن الأول ميلادي حين أعادوا نسخ السبعينية. والمسيحيون أزالوه من الأسفار المسيحية اليونانية في القرن الثاني أو الثالث للميلاد. معظم أقوالهم في هذا الشأن هي من نسج الخيال، وحججهم ظنون لا ترقى إلى مستوى الدليل العلمي. وإني أسوق بعضها للقارئ الكريم كما وردت في النسخة العربية لترجمة "العالم الجديد": [16]

1 - "إنّ أعظم إهانة يرتكبها التراجمة العصريون في حق الإله الذي ألف الأسفار المقدسة هي حذف اسمه الشخصي الفريد ..
2 - "ونحن إذ استخدمنا الاسم " يهوه " التزمنا التزاما دقيقا بالنصوص في اللغات الأصلية ..
3 - "بناء على الترجمة السبعينية، رددنا التتراغراماتون في تث 30 : 16 ، 2 صم 15 : 2 و 2 أخ 3 : 1.. 
4 - "كنا في غاية الحذر بشأن نقل الاسم الإلهي في الأسفار اليونانية المسيحية، مراعين دائما وبتدقيق الأسفار العبرانية كأساس ..
5 - "وقد بحثنا عن مطابقة من الترجمات العبرانية المتوفرة للأسفار اليونانية المسيحية لتأكيد ترجمتنا ..
6 - "لقد اسـَتُخدم التتراغراماتون بالأحرف العبرانية (יהוה) في النص العبراني والترجمة السبعينية اليونانية كليهما.. 
7 - "لذلك سواء قرأ يسوع وتلاميذه الأسفار المقدسة بالعبرانية أم باليونانية، فقد صادفوا الاسم الإلهي ..
8 - "وتوجد في الترجمات العبرانية العديدة مطابقة لكل من هذه المواضع الـ 237 التي رددنا فيها الاسم متن النص ".
ادعاءات تستحق الفحص، وفي فحصنا لها نتجنب الخوض في الأسباب التي استدعت استبدال اسم "يهوه" بـ " الله" أو "الرب" في أسفار العهد القديم، و لعل أهمها جهل اللفظ الحقيقي للاسم والامتناع عن اللفظ الخاطئ له تمعناً وإفراطا في تقديسه تبعاً للوصية "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا". فقام اليهود قبل الميلاد بقرون باستبدال اللفظ "يهوه" بـ "ادوناي"، أي "الرب" أو "السيد". ولا إجماع للآن حول كيفية ترجمة الاسم أو كتابته والتلفظ به. لكن ما يهمنا هنا في المقام الأول، البحث في الأصل اليوناني للعهد الجديد، وإلى أي مدى يلزمنا هذا الأصل باستخدام الاسم "يهوه".

ويأتي ردنا على أقوالهم كالتالي:

1 – لا إهانة البتة في عدم نقل الاسم "يهوه" في ترجمات العهد الجديد، إذ لا وجود لأية مخطوطة أو نسخة يونانية تلزم المترجم بذلك.

2 – قولهم، أنهم التزموا بالنصوص الأصلية في نقل الاسم "يهوه" يحمل الحق وخلافه. فإن كنا لا نعترض على وجود الاسم في الأسفار العبرية للعهد القديم، إلا أننا نرفض نقله إلى العهد الجديد لعدم وجود أية نسخة تقول بذلك، وإلا فليقل لنا معشر الشهود ما اسم النسخة أو المخطوطة التي نقلوا عنها.

3 – إنّ النصوص التي أشاروا إليها في الترجمة السبعينية لا تتضمن الاسم "يهوه"، بل " الرب الإله"، "كيريوس تون ثيوس" kurios ton theos، ومن قال بغير ذلك تجنب الصواب.

4 – لا يجوز الاعتماد على الأسفار العبرية بشأن نقل الاسم في العهد الجديد، فللعهد الجديد أصل يوناني هو الأساس الذي ينبغي الاعتماد عليه. فسواء كان الكاتب فيه من أصول يهودية أو أممية فقد كتب باليونانية واستخدم "كريوس" و "ثيوس" للإشارة الى الله والمسيح. فقط سفر واحد قام جدلا في أصله اللغوي وهو إنجيل متى، فقال البعض إنه كتب بالعبرية ونقل إلى اليونانية، وقال البعض الآخر بعكس ذلك، لكن حتى التسليم بأصله العبري لا يقدم الدليل على استخدام متى للاسم "يهوه". فقولهم خلط وتمويه، بل واستخفاف بعقول الناس.

5 – بحثوا عن مطابقة للأصل في ترجمته العبرية، وهذا تصرف غريب وشاذ ينم عن جهل بأبسط قواعد الترجمة وأسلوبها العلمي السليم، الذي يلزم المترجم بعكس ما فعلوه، أي البحث في الأصل وليس في الترجمة. فحتى وجود الاسم في ترجمات عبرية ليس دليل على وجوده في الأصل اليوناني.

6 - زعمهم، أنّ السبعينية استخدمت التتراغراماتون، لا صحة فيه. فالسبعينية لا تتضمن الاسم، بل أنّ سبعين عالما يهوديا اشتركوا في هذا العمل استعاضوا بـ "كيريوس" و "ثيوس" بدلا عن "يهوه". وقولهم، أن الاسم تواجد قبلا فيها ثم أزيل لاحقاً، يقع في خانة الظنون، بينما تصريحات من هذا النوع يجب أن
-------------------------------------------------
יהוה ( ي هـ و هـ ) ‎* التتراغرام = الاسم الرباعي الأحرف

تؤسس على براهين علمية وتاريخية وليس على ظنون.

7 – الأسفار المقدسة التي قرأ فيها يسوع وتلاميذه هي ترجمة يونانية للعهد القديم العبري، والاستدلال بها في هذا المقام هو خلط وتمويه للحقائق. فرغم معرفة المسيح وتلاميذه باسم الله "يهوه"، لا يشير العهد الجديد بتاتا أنهم استخدموه، لا في تصريحاتهم ولا في كتاباتهم ولا حتى في اقتباساتهم من العهد القديم، وإنما استخدموا "كيريوس"، الذي نسب إلى الله والمسيح.

8 – إنّ نقلهم "ثيوس" و "كيريوس" إلى "يهوه" 237 مرة في العهد الجديد لا يوجد ما يؤيده في النسخة اليونانية، وهو عمل ينم عن عدم أمانة، بل هو عبث في الكتب المقدسة. وبالرجوع إلى ترجمتهم للعهد الجديد نرى أنهم وضعوا الاسم "يهوه" حيث أرادوا تابعين الظن والتخمين. هنا بعض الأمثلة:

1- الرب الكائن والذي كان والذي يأتي (رؤيا 1: 8)

فندايك: "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبَدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ " يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ."
الكاثوليكية: "ما يَقولُه الرَّبُّ الإِله".
المشتركة: "يَقولُ الرَّبُّ الإلَهُ".
العالم الجديد: "يقول يهوه الله".
اليونانية، وفيها قراءتان، "يقول الرب" و "يقول الرب الإله":
λεγει ο κυριος 
legei (يقول)o kurios (الرب)
)1 - 1894 Scrivener Textus Receptus Greek NT. 2 - Stephens Textus Receptus (1550). 3- Greek NT: Textus Receptus (1550)

λεγει κυριος ο θεος 
legei (يقول) kurios (الرب) o theos (الله)
)1-Westcott-Hort Greek NT. 2 - Greek NT: Tischendorf 8th Ed. 3 - Greek NT: Byzantine/Majority.4 -Greek NT Orthodox Church(

القول يعلن عن القدرة الكلية للناطق به، وهي التي ينفوها عن المسيح، لذلك قالوا، أنّ المتكلم هو يهوه. لكن من يترجم هنا إلى "يهوه"، إما أن يكون قد بلغ من الجهل أقصاه، أو انه يصرح: يسوع و يهوه واحد في الطبيعة والصفات والأزلية والمجد. والخيار الثاني حق، بشهادة السياق والقرينة:

أ – السياق، ويبدأ بـ "إعلان يسوع المسيح"، ثم يليه سلام الله المثلث الأقانيم، الآب "الكائن والذي كان والذي يأتي، ومن الروح القدس المشبه بـ " السبعة الأرواح التي أمام عرشه"، ومن الابن "يسوع المسيح الشاهد الأمين". بعدها ينفرد في وصف الابن آتيا "مع السحاب، وستنظره كل عين"، ويعقب الوصف مباشرة قول الابن الآتي مع السحاب "أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شي". ويتكرر القول ثانية، ولما التفت يوحنا إلى مصدر الصوت رأى وسط سبع مناير "شبه ابن إنسان". السياق يقول أن الناطق بعبارة "أنا الألف والياء ... القادر على كل شيء" هو المسيح الآتي، الذي يوجه خطابه للكنائس. ولقطع الشك باليقين يقول يوحنا، أنّ صاحب القول "كان حيا ومات وهو حي إلى ابد الآبدين" والذي مات وقام هو المسيح ( انظر أيضا رؤيا 2: 8، 22: 13).

ب – القرينة، ومن ذات السفر، حيث يتصف المسيح بذات الصفات التي يتصف بها يهوه، ولا عجب، فما هو ليهوه هو أيضا للمسيح، وليس المسيح إلا يهوه. الأصحاح 22 يرسخ إيماننا هذا، ويصد كل من ينفي القدرة والألوهية الكاملة عن المسيح، مؤكداً أنّ عبارة kurios o theo التي ترجموها "يهوه الله" هي من نصيب المسيح. برهاننا نستخرجه من مقارنة الأعداد 6 و16، حيث قيل في 6 "والرب إله الأنبياء القديسين أرسل ملاكه" بينما في 16 جاء القول: "أنا يسوع، أرسلت ملاكي"، فليس من شك أنّ يسوع هو يهوه مرسل الملائكة، وتبقى محاولتهم لتعزيز الفارق بين الاثنين عقيمة بلا ثمر.

2 - قول المسيح "أنا كائن"، يعني ضمنا انه "يهوه" (يوحنا 8 : 58)

فندايك: "قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ".
الكاثوليكية: "أَنا هو".
المشتركة: "أنا كائِنٌ".
العالم الجديد: "كنت أنا".
اليونانية:

πριν αβρααμ γενεσθαι εγω ειμι
prin (قبل) abraam (إبراهيم) genesthai (يوجد، يولد) egō eimi (أنا كائن، أنا موجود)

ترجمتهم لقول المسيح في صيغة الماضي تفرغه من قوته ومعناه الحقيقي. نرد عليها فنقول: أنّ المسيح يستخدم مصطلح عبري له وزنه وقوته، وقوله يحمل تلميحاً واضحاً ومحدّداَ للّه "يـ هـ وهـ" في العهد القديم، وبناءا على هذا المفهوم رأى اليهود وجوب رجمه. إضافة إلى ذلك جاءت عبارة ego eimi في صيغة المضارع، وهي تفيد الوجود الذاتي الدائم والمستمر، وليس حالة تواجد فيها الابن في زمن ما قبل إبراهيم. والعبارة لها صلة وثيقة مع العبارة "اهيه الذي اهيه"، التي استخدمها الله قديما ليصف بها ذاته في الاصحاح الثالث من سفر الخروج.

اعتراض: "إنّ التعبير في يوحنا 8 : 58 مختلف تماما عن ذلك المستعمل في خروج 3 : 14. فيسوع لم يستعمله كاسم او لقب بل كوسيلة لإيضاح وجوده السابق لبشريته ... وهكذا فإنّ الفكرة الحقيقية لليونانية المستعملة هنا هي أنّ "بكر" الله المخلوق، يسوع، كان قد وجد قبل أن يولد ابراهيم بزمن طويل . كولوسي 1 : 15 ، امثال 8 : 22 ، 23 ، 30 ، رؤيا 3 : 14". [17]

نقول: لا اختلاف بين يوحنا 8 وخروج 9، لأنّ العبارة ehyeh asher ehyeh في التوراة العبرية نقلها علماء اليهود في السبعينية إلى Egô eimi ho ôn هكذا وردت في النص اليوناني لإنجيل يوحنا، وهي تفيد حيث وردت "الكائن بنفسه" أو "الواجب الوجود" أو "ذاتي الوجود". فالعبارة قطعا ليست اختراعاً مسيحياً، وقد استخدمت في الحديث عن المسيح وغيره للإشارة إلى الشخصية، لكن في سياق الحديث عن زمن ما قبل إبراهيم فهي تفيد الكينونة الدائمة، وليس من شك، أنّ المسيح في قوله "أنا كائن" لا يشير إلى زمن خلق فيه، وإنما قطعا إلى أزليته.

وقد أدرك الشهود الخطورة في قول المسيح وتطابقه مع نص الخروج، فغيروا في ترجمتهم معالم "اهية"، وترجموها كالتالي: "فقال الله لموسى: أنا أصير ما أشاء أن أصير. وأضاف: هكذا تقول لبني أسرائيل: أنا أصير أرسلني إليكم". ويبنون الترجمة على مفهومهم للاسم "يهوه" بأنه "مشتق من الفعل العبراني הוה ( هاواه:صَارَ)، فيكون معنى الاسم الإلهي "يصير"، وبذلك يتجلى يهوه بأنه الإله الذي يُصَيِّرُ نفسه - بالعمل التقدُّميّ - متمما للمواعيد، فيحقق مقاصده على الدوام". [18] بهذه الترجمة حوّلوا العبارة من صيغة الكينونة إلى الصيرورة وأضعفوا بالتالي من قوة الاسم الإلهي الذي يعلن الوجود الذاتي الأزلي.

3- في حياتنا ومماتنا نحن ملك المسيح (رومية 14 : 8 )

فندايك، بتوافق مع جميع الترجمات: "لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ".
العالم الجديد: "لأننا إن عشنا فليهوه نعيش. وإن متنا فليهوه نموت. فإن عشنا وإن متنا فليهوه نحن".
اليونانية:
τω κυριω ...τω κυριω ...του κυριου 
tō kuriō ...(الرب) tō kuriō ...(الرب) tou kuriou (الرب)

يذكر النص اليوناني "كيريوس" ثلاثة مرات، فلا يترك مجالا للشك أنّ الحديث ليس عن يهوه، بل عن المسيح. أما الآية التاسعة فتغنينا عن شرح كثير، إذ تقول: "لأَنَّهُ لِهَذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ". إنّ الحديث في السياق هو بلا نزاع عن المسيح وسلطانه على المؤمنين به، الذين افتداهم بدمه، وهو الآن يسود على الأحياء والأموات منهم، وإنّ المؤمنين في حياتهم ومماتهم هم ملكه وحده. وعليه فإن kuriou في الآية السالفة تخصه وحده، ولا ينبغي أن تترجم في أي حال من الأحوال إلى "يهوه"، وليس في النص اليوناني ما يوحي بذلك.

4- كأس يهوه وكأس الرب (1 كورنثوس 10 : 21 )

فندايك: "لا تَقدِرونَ أنْ تَشرَبوا كأسَ الرَّبِّ وكأسَ شَّياطينِ،".
الكاثوليكية: "كَأسَ الرَّبِّ".
المشتركة: "كأسَ الرَّبِّ".
العالم الجديد: "كأس يهوه". 
اليونانية:
ου δυνασθε ποτηριον κυριου πινειν 
ou dunasthe (لاتقدرون) potērion (كأس) kuriou (الرب) pinein (تشربون)

هذه الترجمة خاطئة بامتياز، وليس من شك أنّ نقلهم "كيريوس" إلى "يهوه" أتى بدافع إخفاء لاهوت الابن. ردنا كالآتي:

أ – السياق يخطئهم لأنّ موضوعه المسيح، الطعام والصخر الروحي الذي رافق الشعب في برية سيناء، وهو من جربوه قديما، وعليه تكون كأس البركة كأسه وشركة دمه، ويكون هو الرب "كيريوس". والملفت أنهم ترجموا عبارة "الصخرة كانت المسيح" في العدد الرابع إلى "وذلك الصخر مَثَّلَ المسيح"، وهذه محاولة من جانبهم لإخفاء سلطان المسيح مصدر الحياة. فبينما كافة الترجمات العربية وغير العربية راعت في النقل فعل الكينونة eimi ونقلت بحق وأمانة "الصخرة كانت المسيح"، زجوا هم في النص كلمة "مثّل" التي لا وجود لها في الأصل.

ب – القرينة من ذات الرسالة تخطئهم، حيث يكرر الرسول حديثه عن "كأس الرب"، فيقول: "إذاً أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه". (1 كورنثوس 11: 27). هذا أوقع الشهود في مأزق كبير، إذ أن بولس يقرن الحديث عن الكأس بجسد الرب ودمه، ويهوه ليس له جسد أو دم مادي، فما العمل؟ إن ترجموها "كأس يهوه" نسبوا لله المادية، وإن تركوها "كأس الرب" ناقضوا ما ترجموه في الإصحاح السابق إلى "كأس يهوه"، فاعتمدوا الخيار الثاني وترجموا "من يأكل الرغيف أو يشرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مذنباً إلى جسد الرب ودمه". إنّ الحديث في الآيتين عن نفس الشخص "كيريوس"، في العدد الأول قالوا بأنه يهوه، وفي العدد الآخر أقروا أنه المسيح وبذلك قدموا مكرهين الدليل على عدم أمانتهم في الترجمة.

5 - "جربوا يهوه" و "جربوا المسيح" ( 1 كورنثوس 10 : 9 )

فندايك: "وَلاَ نُجَرِّبِ الْمَسِيحَ كَمَا جَرَّبَ أَيْضاً أُنَاسٌ".
الكاثوليكية: "ولا نُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ".
المشتركة: "ولا نُجَرِّبُ المَسيحَ". 
العالم الجديد: "ولا نمتحن يهوه".
اليونانية، وفيها ثلاثة قراءات:
القراءة الأولى:
μηδε εκπειραζωμεν τον χριστον 
mēde (لا) ekpeirazōmen (نجرب) ton christon (المسيح)
(1-Nestle-Aland 26th-27th Greek NT. 2-Greek NT of Enzinas. 3- Robinson/Pierpont Byzantine Greek New Testament .4-1894 scrivener textus Receptus. 5- Greek NT with Variants. 6- Greek NT Stephan us Texts Receptors 1550. 7- Greek NT: Greek Orthodox Church)
القراءة الثانية تخيّر بين الرب والمسيح 
μηδε εκπειραζωμεν το )1 κυριον) ( 2 χριστον) 
mēde (لا) ekpeirazōmen (نجرب) ton kurion (الرب) christon (المسيح) 
)Greek NT: Greek NT: Westcott / Hort, UBS4 Variants(

القراءة الثالثة: 
μηδὲ ἐκπειράζωμεν τὸν κύριον 
mēde (لا) ekpeirazōmen (نجرب) ton kurion (الرب)
)Greek NT: Tischendorf(

أمامنا سبعة نسخ يونانية يعتمدها المترجمون وعلماء الكتاب، خمسة منها تشير فقط إلى المسيح بالاسم، ونسخة واحدة تشير إلى المسيح وكيريوس وتخير بينهما، ونسخة أخرى تشير إلى كيريوس وحده. فكيف توصل مترجمي "العالم الجديد" إلى ترجمتهم "يهوه"؟ لا نرى أنهم اتبعوا الترجيح ولا الاستنتاج، لأن الترجيح هو لصالح قراءة "لا تجربوا المسيح". وإن اتبعوا الاستنتاج، فالاستنتاج لا يأتي من فراغ بل يؤسس على قواعد علمية سليمة. فإن لم يكن ترجيح ولا استنتاج فهو، إما ظن خاطئ أو تجاهل وتحريف.

6 - طريق يهوه هو طريق يسوع (مرقس 1 : 3، واشعياء 40 : 3)

فندايك: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: "هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً".
الكاثوليكية: "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ".
المشتركة: "هَيِّئوا طَريقَ الرَّبِّ،".
العالم الجديد: "هَيِّئوا طريق يهوه".
اليونانية: 
ετοιμασατε την οδον κυριου
etoimasate (اعدوا) tēn odon (طريق) kuriou (الرب)

كالعادة، غلب عندهم الظن، أنّ البشير مرقس قد عرف وتلفظ الاسم "يهوه"، ولاسيما أنه اقتبس من أقوال النبي إشعياء. هذا ظن في غير مكانه وليس ما يحفزه تاريخيا أو كتابيا. وكما سبق وأشرنا، الاسم "يهوه" لم يكن متداولا زمن المسيح ولا قبله بقرون، كما ولا دليل في السبعينية يشير إليه. لذلك من غير المحتمل أن مرقس تلفظ بالاسم كما ورد في أشعياء، وإنما استخدم المرادف له في السبعينية، أي "كيريوس".

العبارة واضحة، ووضوحها يعلنه السياق الذي جاءت فيه وتوضحه القرائن في الأناجيل. فصاحب الخطاب هو الله "هاأنا أرسل أمام وجهك ملاكي"، وهو يخاطب الابن بالقول "يهيئ طريقك قدامك"، وعليه فإنّ يوحنا يهيئ الطريق للابن، وكلمة "كيريوس" في نداء يوحنا تعود على المسيح، فالوحي ينسب إليه ما نسبه قديما لله يهوه. هذا إعلان صريح لا يقبل باعتراض.

اعتراض: "يهيئ يوحنا الطريق بجلب الناس إلى حالة قلبية ملائمة لقبول المسيا ... وهكذا فإنّ رسالة يوحنا " قد اقترب ملكوت السموات " هي كإشعار بأن خدمة ملك يهوه المعيَّن يسوع المسيح على وشك الابتداء". [19]

الرد: في اعتراضهم لخبطة كلامية وتناقض مفضوح مع ما جاء في ترجمتهم. هنا يصرحون بأن يوحنا هيأ الطريق لقبول الملك المسيح، بينما ترجمتهم تقول، أنه هيأ الطريق ليهوه. 

7 - الطلب باسم "يهوه" هو طلب باسم يسوع (رومية 10: 13، أيضا يوئيل 2 : 32 )

فندايك: "لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ".
الكاثوليكية: "بِاسمِ الرَّبِّ".
المشتركة: "باسمِ الرَّبِّ".
العالم الجديد: "باسم يهوه".
اليونانية:
επικαλεσηται το ονομα κυριου
epikalesētai (يدعوا) to onoma (باسم) kuriou (الرب)

الترجمة إلى "يدعو باسم يهوه" خاطئة ولا تجوز، والدلائل التي تخطئها هي:

أ – الدليل من الأصل: وردت "كيريوس" في رومية 10 ثلاثة مرات، نقلوها في الأعداد 13 و 16 إلى "يهوه" وفي العدد 9 إلى "رب". وظني أن الأسباب هي: أ- عندما تكون "كيريوس" منفردة تترجم "يهوه"، وحين تقترن بالمسيح تترجم "رب". ب - الأعداد 13 و 16 هي اقتباسات من العهد القديم، لذلك غلب الظن عندهم أنّ بولس استخدم "يهوه" كما في الأصل العبري، واتبّاع الظنون في نقل النصوص المقدسة ليس من الأمانة العلمية.

ب – الدليل من السياق: في الأصل اليوناني لرومية 13 تأتي "كيريوس" إشارة إلى المسيح، الذي هو غاية الناموس للبر، "لانّ القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص"، والإيمان به هو الهدف: "لأنّ الكتاب يقول: كل من يؤمن به لا يخزى"، وهو مصدر الخلاص، "لأنه لا فرق بين اليهودي واليوناني لأنّ ربا واحدا للجميع غنيا لجميع الذين يدعون به لأنّ "كل من يدعو باسم الرب يخلص". يستخدم بولس ثلاثة مرات متتالية حرف الجر "لأنّ" في معرض شرحه لسبيل التبرير معطيا سياقاً كاملاً وتسلسلاً منطقياً. لكن أين المنطقية في سياق يطالب باعتراف شفوي بالمسيح ثم بعدها بعددين يلزمنا أن ندعو باسم يهوه؟!
ت – الدليل من القرينة: استخدم بطرس ذات العبارة في أعمال 2: 21، وكان بلا شك مدرك أنّ يسوع المسيح هو يهوه. فنراه يوضح معنى "يدعو باسم الرب" شارحا أمر المسيح بدءاً من حياته ومعجزاته وصلبه وقيامته ليصل إلى تمجيد الآب له، ثم بعدها يوضح قائلا: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا". لماذا الاعتماد على اسم يسوع وليس على اسم يهوه؟ التوضيح في الإصحاح الرابع، "لأنّ ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص". وقوله "ليس أسم آخر" يشمل أيضاً التتراغراماتون "يـ هـ و هـ" . هذا حق نادى به جميع الرسل، فبولس الذي اقتبس العبارة من يوئيل يؤكد أنّ يسوع المخلص هو أعظم ما في الوجود، وانّ الله رفعه "وأعطاه اسما فوق كل اسم" (فيلبي 2 : 9)، وكلمة "كل" تشمل أيضا أسم "يهوه". ليس ذلك فقط، بل وجعله "فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة، وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا" أفسس (1 : 20 – 21)، لهذا صلى الرسول أن يتمجد اسم ربنا يسوع المسيح في المؤمنين ( 2 تسالونيكي 1 : 12). في هذا كله يقين، أن الدعوى تكون باسم يسوع وحده؟!

8 - يوم يهوه هو يوم المسيح ( 2 بطرس 3 : 9 – 10 )

فندايك: "لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ ... وَلَكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ". 
الكاثوليكية: "إِنَّ الرَّبَّ لا يُبطِئُ في إِنجازِ وَعْدِه... سيَأتي يَومُ الرَّبِّ كما يأتي السَّارِق". 
المشتركة: "والرَّبُّ لا يُؤخِّرُ إتمامَ وَعدِهِ ...ولكِنَّ يومَ الرَّبِّ سيَجيءُ مِثلَما يَجيءُ السّارِقُ". 
العالم الجديد: "لا يتباطأ يهوه ... إلا أن يوم يهوه سيأتي كسارق".
اليونانية: 
ου βραδυνει ο κυριος ... ηξει δε η ημερα κυριου 
ou bradunei (لايتباطىء) o kurios (الرب) ... ēxei (يأتي) de ē (لكن) ēmera (يوم ) kuriou (الرب)

سميّ قديما "يوم يهوه"، وبدخول المسيح إلى العالم أصبح "يوم الرب يسوع المسيح". فالإشارة في النصوص أعلاه هي إلى شخص المسيح، الرب - كيريوس، ولا يجوز ترجمة "كيريوس" إلى "يهوه"، إذ لا يسمح بذلك لا الأصل ولا السياق ولا القرينة. والقرينة تؤكد أن "يوم الرب" هو يوم المسيح، وحين يقول الرسول بولس "يوم الرب كلص في الليل هكذا يجيء" يتبع قوله توضيحاً يجعل من يوم الرب يوماً للمسيح، "عند مجيء ربنا يسوع المسيح" ( ا تسالونيكي 5: 2و 23). وفي رسالة ثانية للجماعة ذاتها توضيح أعمق، بالقول: "لا تتزعزعوا ... ولا برسالة كأنها منا، أي أنّ يوم المسيح قد حضر" (2 تسالونيكي 2 : 2). فيوم يهوه هو يوم المسيح، ولا غرابة، لأنّ بولس آمن بأنّ المسيح هو يهوه، وقد اشتهر الرسول في استخدام مصطلح "يوم المسيح"، كما في فيلبي الإصحاح الأول والثاني، ومصطلح "يوم الرب يسوع" (1 كورنثوس 1 : 8 و 5 : 5 ، 2 كورنثوس 1 : 14).

في مجمل العهد الجديد يعلن الوحي أنّ المسيح هو رب الساعة وموضوعها، وعليه فإنّ اليوم يكون يومه كما هو يوم يهوه، وما المسيح إلا يهوه. أم يعتقد الشهود بوجود يوم ليهوه ويوم للمسيح؟ في الحقيقة نعم، فلمّا كشفت كلمة الله التواء معتقدهم في المسيح اضطروا إلى اختراع تعليم يخرجهم من المآزق التي وقعوا فيها، وهكذا خرجوا بنظرية بنظرية تقول، أنّ يوم المسيح قد حضر، بينما يوم يهوه قادم. المزيد عن هذا الموضوع في فصل "عالم بلانهاية".

9 – استفانوس ناجى المسيح (أعمال 7 : 59- 60)

فندايك، بتوافق مع جميع الترجمات العربية: "فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ".
العالم الجديد: "وهو يلتمس ويقول: أيها الرب يسوع... وصرخ بصوت قوي: "يايهوه".
اليونانية:
59 και λεγοντα κυριε ιησου 60 εκραξεν φωνη μεγαλη κυριε 
59 kai legonta (ويقول) kurie ( ايها الرب) iēsou ...(يسوع) 60 ekraxen (صرخ) phōnē (بصوت) megalē (عظيم) kurie (يارب)

كلنا دهشة واستغراب من أساليبهم الغامضة وطريقة تعاملهم مع النصوص، وإن دل هذا على شيء فعلى حيرة وعجز. أما ردنا فهو:

1 - الجملة الأولى ترجموها "أيها الرب يسوع"، لانّ "كيريوس" تقترن بالمسيح . لكن في الجملة التابعة، حيث وردت "كيريوس" منفردة ترجموها "يهوه"، غير آخذين بالاعتبار سياق النص، وثقافة كاتبه لوقا، الذي كتب سفره بلغة ولد فيها وتعلمها وأتقنها، وفي لغته كلمة "كيريوس" تعني "الرب" وليس "يهوه".

2 - إن كان الغرض من تلاعبهم نفي وجوب الصلاة للمسيح وطلب الغفران منه فقد اخفقوا في تحقيقه، لأننا نرى في تسليم الروح للمسيح، كما في العدد 59، قوة الصلاة والدعاء والمناجاة. فالله وحده "أبي الأرواح" (عبرانيين 12 : 9)، أي خالقها والمتحكم في مصيرها، ولا يعقل أنّ استفانوس يستودع روحه بين يدي المسيح بينما لا يؤمن أنه الله.

3 – مخاطبة استفانوس للمسيح، بغض النظر عن دوافعها وأغراضها، لا تجوز إلا في حالة الإيمان، أنّ المسيح هو الله. ونحن نسأل معشر الشهود، هل بإمكانهم مخاطبة المسيح بالصورة التي فعلها استفانوس؟ هل يتحدثون إليه ويسلمون له الروح؟ لا نعتقد بهذا، وعليه إما أن يكون استفانوس قد اخطأ بالتوجه للمسيح، أو أنّ الشهود قد ضلوا في نظرتهم له.

4 - ولا يعقل أنّ استفانوس يخاطب ويناجي المسيح ليقطع فجأة نداءه ويتوجه إلى مخاطبة يهوه، إلا إذا وافقوه في إيمانه، أنّ المسيح ويهوه واحد.

5 – كل الترجمات العربية ترجمت "يدعو ويقول" بخلاف ترجمتهم "يلتمس ويقول". والفعل "يدعو" epikaleoma يشير في السياق إلى الدعاء والطلب والمناجاة والصلاة والتضرع. وقد ورد في صيغة المضارع تأكيداً على طول المناجاة واستمراريتها. فكلمات استفانوس ليست سوى جزء من صلاة طويلة قدمها للمسيح بينما كانوا يرجمونه.

السياق واضح ولا يحتمل أي تأويل. ترجمتهم للنص أوقعتهم في مشاكل لا حصر لها، ولا أستغرب تصحيحه في طبعة مقبلة لترجمة العالم الجديد.

كما نرى، لـم يجد كتّاب العهد الجديد أية مشكلة في أن ينسبوا ليسوع كل فقرات العهد القديم التي تشير إلى يهوه. كل الدلائل في صفنا وتؤكد إيماننا، بأنّ يسوع المسيح هو يهوه الله. وختاما نستأذنهم في استخدام قاعدتهم التي اعتمدوا عليها في نقل "كيريوس" إلى "يهوه"، فنترجم بناءاً عليها 1 كورنثوس 12: 3 "وليس أحد يقدر أن يقول: يسوع يهوه إلا بالروح القدس". فهل قبلوا بهذا؟

الفصل الثالث: الروح القدس، قوة بلا روح أم روح يتّصف بالقوة؟


 

 

قالوا عن الروح القدس، بأنه "قوة الله الفعّالة"، قوة أو طاقة كالكهرباء والريح. وجلَّ غايتهم من هذا التعليم إنكار كونه شخص عاقل وبذلك استبعاده كأحد أقانيم الثالوث الأقدس. فنراه غالبا في ترجمتهم العربية بصيغة النكرة "روح قدسٍ"، وفي ترجماتهم إلى لغات أخرى تسبقه أداة تعريف حيادية تستخدم لغير العاقل.

تكوين 1 : 2

فندايك : "وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ".
الكاثوليكية : "ورُوحُ اللهِ يُرِفُّ".
المشتركة: "وروحُ اللهِ يَرِفُّ".
العالم الجديد : "وقوة الله الفعَّالة تروح وتجي على وجه المياه". 
العبرية: מְרַחֶ֖פֶת אֱלֹהִ֔ים וְר֣וּחַ 
(يرف) Merachefe (الله - إلوهيم)elohim (روح) rûach 
اليونانية السبعينية: 
πνεῦμα θεοῦ ἐπεφέρετο
pneuma (روح) theo (الله) epefereto (يرف)

لن يرى الباحث في الأصل العبراني للآية ما يدل على عبارة "قوة فعَّالة"، فهذا مصطلح ابتدعته جمعية برج المراقبة اعتراضاً منها على الإيمان المسيحي بشخصية الروح القدس والثالوث الأقدس. الكلمة المستخدمة هنا هي rûach وتفيد حرفيا "روح"، ولا يجوز أن تترجم بغير ذلك في هذا السياق. ولن نجد ضمن المعاني العديدة التي تعطيها القواميس لـ rûach ما يؤيد ترجمة العالم الجديد. لقد شُرحت الكلمة بمعنى: ريح، نفس، نفخة، حياه، غضب، سماء الروح، كيان عاقل كتعبير ووظيفة، عقل، روح"*. ليس 
-------------------------------------------------
*
Strong: rûach From H7306; wind; by resemblance breath, that is, a sensible (or even violent) exhalation; figuratively life, anger, unsubstantiality; by extension a region of the sky; by resemblance spirit, but only of a rational being (including its expression and functions): - air, anger, blast, breath, X cool, courage, mind, X quarter, X side, spirit ([-ual]), tempest, X vain, ([whirl-]) wind (-y(

من معنى يعبر عن "قوة فعالة"، لكن معشر شهود يهوه يخالفون كل الترجمات ويضربون بعرض الحائط كل قاعدة لغوية.

حين أقدم سبعون عالماً يهودياً على ترجمة التوراة إلى اليونانية نقلوا العبارة إلىtheo epefereto pneuma ولم يستخدموا الكلمة dunamis التي تعبر عن "قوة" كما فعلوا في ترجمة القول "الله لنا ملجأ وقوة" (مزمور 46: 1). ولـمّا نقل متى كلام يسوع "لا تعرفون الكتب ولا قوة الله" استخدم dunamis ton theos (متى 22: 29)، ولم يستخدم pneuma . ليس من شك، الروح القدس ليس مجرد قوة، وإنما القوة هي صفة من صفاته.

1تيموثاوس 4 : 1

فندايك: "وَلَكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحاً".
الكاثوليكية: "والرُّوحُ يَقولُ صَريحًا".
المشتركة: "والرُّوحُ صَريحٌ في قَولِهِ".
العالم الجديد: "لكن الوحي يقول صريحا".
اليونانية: 
το δε πνευμα ρητως λεγει 
to (لكن) de pneuma (الروح) rētōs (صريحا، بصراحة) legei (يقول، يتكلم، يخبر، يعلن)
لقد استبدلوا "روح" pneuma بعبارة "وحي" مع أن "وحي" مشتقة من الفعل اليوناني chrēmatizō، كما في رومية 11: 4 "يقول له الروح" chrēmatismos o autō legei . الدافع خلف هذا التلاعب، إخفاء عمل الروح القدس الذي يعلم الغيب ويوحي بالمستقبل، فعندهم أنّ الآب وحده العليم بكل شيء. وما فعلوه مع الابن فعلوه أيضا مع الروح القدس، إذ أعطوه هو الآخر دوراً جانبيا وجعلوا منه مجرد طاقة يستخدمها الله وابنه. ولـمّا اعترضت عبارة "الروح يقول" معتقدهم توجب استبدالها بـ "يقول الوحي"، لكن شتان ما بين التعبيرين. التعبير الأول يعلن عن شخص عاقل ناطق وعليم بكل شيء، الثاني يعلن عن إيحاء إلهي.

ومن الملاحظ أنهم لم يستبدلوا pneuma في أعمال 8 "فقال الروح"، ولا حتى في أعمال 10 "قال له الروح"، أو أعمال 13 "قال الروح القدس"، ولهم في ذلك أسباب عدة: أ - كما سلف، الأسلوب المتبع لديهم عند وجود أكثر من آية بذات المعنى، تُحرّف واحدة وتُفسّر الأخرى على ضوءها. ب - ليست لهذه النصوص الأهمية التي في تيموثاوس، حيث الحديث في الغيبيات.

عبارة "قال الروح" كانت وستبقى أحدى العوائق التي تعترضهم. وفي محاولة للتخفيف من وقعها قالوا: "بينما تقول بعض آيات الكتاب المقدس أنّ الروح يتكلم تُظهر آيات أخرى أنّ ذلك كان يجري فعلا بواسطة البشر أو الملائكة... وعمل الروح في مثل هذه الحالات يشبه ذاك الذي لموجات الراديو التي تنقل الرسائل من شخص إلى آخر بعيد". [20]

هذا التكلف الشديد في شرح "قال الروح" لا يغير من إعلانات الكتاب التي تدل بشكل صريح، أنّ الروح القدس شخص عاقل ناطق. والقول بأنه كان يتكلم بواسطة البشر والملائكة لا ينفي قطعا تكلمه شخصياً إلينا، وقد ساق لنا الكتاب المقدس من الأدلة ما يؤكد ذلك.

قالوا: "فماذا عن الروح القدس؟ لو كان الروح القدس جزءا من الإله نفسه تماما كالآب، فلمَ لم يقل يسوع أن الروح يعرف ما يعرفه الآب؟" [21]

نقول: لا يصح القول، أنّ الروح القدس جزءاً من الإله، لأنّ الله لا تركيب فيه. القول السليم، أنّ الروح القدس هو أقنوم من أقانيم الله، وهو بذات القدرة التي للآب وابنه، ومع أنّ المسيح لم يعلن شخصيا عن قدرة الروح القدس ومساواته للآب في العلم والمعرفة، إلا انه صرح عن هذا الحق بلسان رسله، فقيل: "الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ ... أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ" (1 كورنثوس2: 10و11). فليس من شك أنّ الروح القدس أقنوم حي وشخص عاقل ينتمي إلى الذات الإلهية ويعرف كيانها وأسرارها، والذي يعرف أعماق الله وأموره يعرف كالله.

يقول الكتاب أنّ "الله روح" ( يوحنا 4 : 24)، "وأما الرب فهو الروح" ( 2 كورنثوس 3 : 17)، التي ترجموها "أنّ يهوه هو الروح". وقالوا: "لا يمكنك رؤية الله لأنه روح غير منظور". [22] وعليه نسألهم، إن كان يهوه هو الروح كما يقرؤون وإن كان الروح مجرد قوة فعالة كما يقرّون، فإنّ التسلسل المنطقي يقود إلى نتيجة واحدة هي، أنّ يهوه مجرد قوة فعالة لا أكثر، فهل يؤمنون حقاً بذلك؟

أكدنا في الجزء الأول من هذا الكتاب، أنّ نفي الشخصية عن الروح القدس يدخلنا في مشاكل لاهوتية لا حل لها، وأنّ الإيمان السليم هو التسليم بكون الروح القدس أحد أقانيم الذات الإلهية. من لا يقبل بهذا الحق سيضطر إلى إتباع طرق ملتوية تدخله أغوار بحور الشطط.

هناك آية أخرى تعلن بوضوح أنّ الروح القدس، المسمى أيضا روح الآب وروح المسيح، هو مصدر الوحي والإعلان:

1 بطرس 1 : 11

فندايك: "بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ".
الكاثوليكية: "الَّتي أَشارَ إِلَيها رُوحُ المسيحِ الَّذي فيهِم".
المشتركة: "الّتي دَلَّ علَيها رُوحُ المَسيحِ فيهِم".
العالم الجديد: "الزمان الذي اشار اليه الروح الذي فيهم عن المسيح".
اليونانية:
πνευμα χριστου
pneuma (روح) christou (المسيح)

وهنا نلحظ الجهد في تحريف معاني الآية التي تدل بوضوح على سلطان الروح القدس، روح الله وروح المسيح العامل في الوحي والنبوّة. 

الفصل الرابع: مصير الناس كمصير البهائم


 

 

تعلن كلمة الله، أنّ الله خلق الإنسان على صورته ووضع فيه ما يميزه عن باقي المخلوقات. ففيه عنصران، عنصر مادي قابل للموت وعنصر روحي خالد هو الذي يعقّله، وهكذا فالموت لا ينهي عنصر الروح الخالد بل يدخله عالم الأبدية اللانهائية. لكن شهود يهوه أنكروا هذا الحق، وادعوا بأنّ الإنسان بروحه لا يمتاز عن الحيوان بشيء، "فهنالك روح واحدة أو قوة فعّالة غير منظورة تعمل في كلا الإنسان والحيوانات الدنيا". [23] ولـمّا وقفت كلمة الله لهم بالمرصاد لم يذعنوا لها، بل طوعوها بالتفسير، وما لم يجدوا له حلاً بالتفسير عدلوه في الترجمة.

لوقا 23 : 43

فندايك: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ".
الكاثوليكية: "سَتكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس".
المشتركة: "سَتكونُ اليومَ مَعي في الفِردَوسِ".
العالم الجديد: "فقال له: الحق أقول لك اليوم: ستكون معي في الفردوس".
اليونانية :
σημερον μετ εμου εση εν τω παραδεισω
amēn (الحق) legō (اقول) soi (لك) sēmeron (اليوم، هذا اليوم، حالاً) met (معي) emou esē (سوف تكون) en (في) tō paradeisō (الفردوس)

لم يطل تحريفهم الحرف اللغوي، بل فقط أضافوا نقطة أو فاصلة خفيفة للنص بعد كلمة "اليوم"، فصارت "اليوم" تشير إلى الزمن الذي نطق فيه المسيح قوله بدلاً من الحالة التي سيتواجد فيها اللص بعد موته مباشرة. بذلك جعلوا زمن لقاء اللص بالمسيح ضمن المجهول وأسدلوا الستار على حقيقة استمرار الحياة بعد الموت.

نقول:

1 - طلب اللص أن يذكره المسيح متى جاء في ملكوته، أي مستقبلا، لكن جواب المسيح لم يكن "ستكون معي متى جئتُ"، وإنما جاء الجواب مصححا لفكر اللص ومؤكدا "اليوم تكون معي". وفي الكلام تأكيداً بأنّ الخلاص يعقب التوبة وقبول المسيح مباشرة ولا يستدعي الأمر انتظاراً.

2 – الكلمة sēmeron تفيد: "اليوم"، "حالاً"، "الآن"، "الليلة" *، واستخدامها في السياق بغير الإشارة إلى زمن ما بعد موت اللص لا معنى له إطلاقا، ولذلك فإن الترجمة المنطقية تكون "حالاً تكون معي"، وليس "حالاً أقول لك: ستكون معي".

3 – يعلّمون أن "فردوس" paradeiso في الآية السالفة تشير إلى حديقة أو بستان، أرض يسكن فيها شهود يهوه بعد أن يقيم يهوه مملكته بقيادة المسيا، كما تصورها مطبوعاتهم. وبالطبع، لا صواب في هذا التعليم لأن الفردوس يشير إلى مكان راحة للمؤمن بالمسيح، حيث يستمر في حياة ما بعد الموت كما ثبت مما سلف. ويتأكد لنا هذا الحق في قول الرسول "فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب"( 2 كورنثوس 5 : 8).

4 – أوضح المسيح في القديم لجماعة الصدوقيين، بأنّ "ليس الله إله أموات بل إله أحياء"( متى 22: 32 )، وعليه فإنّ اعتبار اللص مؤمنا بالمسيح ومن جملة الذين نالوا الخلاص، يجعلنا نسلم بأنه صار في عهدة الله، وهو حي عند رب الأحياء.

متى 27: 52 – 53

فندايك: "َالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِين. وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ".
الكاثوليكية: "وخرَجوا مِنَ القُبورِ بعدَ قِيامتِه، فدَخَلوا المدينةَ المُقَدَّسة وتَراءَوا لأُناسٍ كثيرين".
المشتركة: "وبَعدَ قيامَةِ يَسوعَ، خَرَجوا مِنَ القُبورِ ودَخلوا إلى المدينةِ المقدَّسَةِ وظَهَروا لِكثيرٍ مِنَ النّاسِ".
العالم الجديد: "وانفتحت القبور التذكارية وقامت أجساد كثيرة للقديسين الراقدين (وخرج أشخاص من بين القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة)، فصارت منظورة لكثيرين".
اليونانية:
και εξελθοντες εκ των μνημειων μετα την εγερσιν αυτου εισηλθον 
εις την αγιαν πολιν και ενεφανισθησαν πολλοις

kai (و) exelthontes (خرجوا) ek (من) tōn mnēmeiōn (القبور) meta (بعد) tēn egersin autou (قيامته) eisēlthon eis (فدخلوا) tēn agian polin (المدينة المقدسة) kai (و)enephanisthēsan (ظهروا) pollois (لكثيرين)

-------------------------------------------------
*
Strong G2250 : “on the (that is, this) day (or night current or just passed); genitively now (that is, at present, hitherto): - this (to-) day”.

قالوا بأنّ "الناس عند موتهم يبادون كالبهائم"، غير أنّ النص أعلاه ينقض قولهم، لذلك استلزم التعديل بإضافة كلمة "أشخاص" للعدد 53، لفصله عن العدد الذي يسبقه، فصار القديسون الذين قاموا غير "الأشخاص" الذين خرجوا من القبور، وبهذا مهدوا إلى تفسيراً مرضياً للنص. فاعتبروا قيامة القديسين هي القيامة في اليوم الأخير، وأنّ الذين خرجوا من بين القبور هم اشخاص مجهولين، قد يكونوا أشباحا أو هياكل عظمية، أو من الأحياء الذي مروا بالقبور وشاهدوا الجثث التي قذفتها الأرض بفعل الزلزلة التي حصلت. [24]

الترجمة مأخوذة عن الألماني Johannes Greber ، وهو كاهن كاثوليكي عزلته الكنيسة بسبب ممارسته الشعوذة وتحضير الأرواح، فوضع كتابه "السبيل إلى عالم الأرواح"، ثم أخرج ترجمة للعهد الجديد تتسم بطبيعة ممارساته، وهي على حد قوله "إعلان روحاني". تبنى الآريوسية و شارك شهود يهوه إيمانهم في عدة نقاط، منها: لا وجود للثالوث الأقدس، وأنّ المسيح هو رئيس الملائكة والمخلوق الأول. رضوخا للاحتجاجات المتزايدة من قبل أتباعها أعلنت جمعية برج المراقبة عن رفضها لأفكار غريبر بعد أن كانت تستشهد بأفكاره وترجمته لعشرات السنين، فصرحت: "اعتمدنا في بعض الأحيان على ترجمة يوهانس غريبر لتأكيد صحة ترجمة العالم الجديد فيما يختص بـ يوحنا 1 : 1 و متى 27 : 52-53 ... لكن كما يتضح من مقدمة طبعة 1980 للعهد الجديد، أن غريبر استوحى ترجمته للنصوص العسرة من "العالم الروحاني"، بتخويل من زوجته، الوسيطة الروحانية بينه وبين عالم الروح، لذا رأينا أنه من غير اللائق اقتباس ترجمة لها صلة بعالم الروحانية ... إنّ الأبحاث والمصادر التي تؤسس عليها "ترجمة العالم الجديد" هي موضع ثقة ولا تحتاج إلى شهادة من ترجمة غريبر".[25]

عبرانيين 11 : 16

فندايك: "وَلَكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَناً أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيّاً".
الكاثوليكية: "الوَطَنَ السَّماوِيّ".
المشتركة: "إلى الوَطَنِ السَّماوِيِّ".
العالم الجديد: "مكانا تابعاً للسماء". 
اليونانية:
νυνι δε κρειττονος ορεγονται τουτ εστιν επουρανιου
nuni de (لكنهم) kreittonos (افضل، أحسن) oregontai tout (يتطلعون إلى) estin(وجود، استيطان (بقاء، كينونةepouraniou(سماوي)

أمامنا أحد النصوص الكثيرة التي أبدلوا فيها "السماء" بـ "أماكن سماوية" أو "أماكن تابعة للسماء". والأسباب:

1- إشارة منهم إلى الفردوس الأرضي الذي يكرزون به، واستبعاداَ للسماء وحياة السماء من فكر المشايعين.

2- التأكيد على عدم وجود وطن يذهب إليه المؤمن بعد موته، فلا حياة بعد الموت.

3- لأن التعليم بدخول المؤمنين إلى السماء يتناقض مع تعليمهم الذي يحدّد عدد سكان السماء بـ 144000، لهذا يعزون معشر الشهود بحياة على الأرض في "أماكن تابعة للسماء".

1 يوحنا 4 : 1

فندايك: "لا تُصَدِّقوا كُلَّ رُوحٍ، بَلْ امتَحِنوا الأرواحَ لِتَرَوْا هَل هِيَ مِنَ اللهِ".
العالم الجديد: "لا تصدقوا كل وحي، بل امتحنوا عبارات الوحي". 
اليونانية:

μὴ παντὶ πνεύματι πιστεύετε, ἀλλὰ δοκιμάζετε τὰ πνεύματα
mē panti(لا كل) pneumati (الأرواح) pisteuete (تصدقوا) alla (بل) dokimazete(امتحنوا) ta pneumata(الأرواح)

جعلوا من الروح البشرية عبارات وحيٍ ناطقة. وقد نظرنا قبلاً في ترجمتهم للشطر الأول من هذه الآية، وكما غيروا هناك في معاني pneuma غيروا هنا أيضا بغرض إخفاء معالم الروح الإنسانية وإنكار وجودها. لكن الكلمة في الموضعين تفيد "روح"، ولا يجوز ترجمتها بغير ذلك. نأخذ مثالا آخر على عدم أمانتهم من

1 تيموثاوس 4 : 1

فندايك: "فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحاً مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ".
الكاثوليكية: "ويَتْبَعونَ أَرْواحًا مُضِلَّةً".
المشتركة: "ويَتبَعونَ أرواحًا مُضلِّلَةً".
العالم الجديد: "مصغين إلى عبارات وحي مضلة".
اليونانية: 
προσεχοντες πνευμασιν πλανοις 
prosechontes (تابعين) pneumasin (أرواحاً) planois (مضلة)

وعلى ذات الوتيرة ترجموا رؤيا 16 : 13 "ثلاثة أرواح نجسة" إلى "ثلاثة عبارات وحي نجسة".

عبرانيين 12 : 23

فندايك: "أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ".
الكاثوليكية: "أَرْواحِ الأَبْرارِ".
المشتركة: "أرواحِ الأبرارِ".
العالم الجديد: "وإلى الحياة الروحية لأبرار مكملين". 
اليونانية:
πνευμασιν δικαιων τετελειωμενων
pneumasi (أرواح) dikaiōn (أبرار) teteleiōmenōn (مكمَّلين)

عداوتهم لـ pneuma هي شديدة للغاية، تارة ترجموها "عبارة وحي"، وتارة أخرى "حياة روحية"، وفي عبرانيين 12: 9 غيّروا "أبي الأرواح" فجعلوها "أبي حياتنا الروحية".

غلاطية 6 : 18

فندايك: "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. آمِينَ".
الكاثوليكية: "فعَلى رُوحِكم".
المشتركة: "ولتكنْ معَ رُوحِكُم".
العالم الجديد: "لتكن نعمة ربنا يسوع المسيح مع الروح التي تظهرونها، أيها الأخوة.آمين". 
اليونانية:
μετα του πνευματος υμων αδελφοι 
meta (مع) tou pneumatos (روحكم) umōn adelphoi (أيها الإخوة)

نلحظ أنهم حوّلوا الروح من عنصر حي في الإنسان إلى مجرد صفة.

يهوذا 19

فندايك: "هَؤُلاَءِ هُمُ الْمُعْتَزِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، نَفْسَانِيُّونَ لاَ رُوحَ لَهُمْ".
الكاثوليكية: "همُ الَّذينَ يُوجِدونَ الشِّقاق، إِنَّهم بَشَرِيُّونَ لَيسَ الرُّوحُ فيهِم".
المشتركة: "هُمُ الّذينَ يُسَبِّبونَ الشِّقاقَ، غَرائِزيُّونَ لا رُوحَ لهُم".
العالم الجديد: "حيوانيون، لاروحيات لهم".
اليونانية:
ψυχικοι πνευμα μη εχοντες
psuchikoi (غرائزيون) pneuma mē (لا روح) echontes (لهم)

هنا تحولت "الروح" إلى عبارة "روحيات"، وهي عبارة مطاطية قد تفسر بأشكال عديدة تتنافى مع المعنى الحقيقي.

1 كورنثوس 14 : 32

فندايك، بتوافق جميع الترجمات: "وَأَرْوَاحُ الأَنْبِيَاءِ خَاضِعَةٌ لِلأَنْبِيَاءِ".
العالم الجديد: "ومواهب الروح التي للأنبياء يضبطها الأنبياء".
اليونانية:
και πνευματα προφητων 
kai (و) pneumata (أرواح) prophētōn (الأنبياء)

وهنا صورة أخرى للتحريف، حيث صيّروا "الأرواح" pneumata "مواهب روحية".

متى 25 : 46

فندايك: "فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ".
الكاثوليكية: "إِلى العَذابِ الأَبديّ".
المشتركة: "إلى العَذابِ الأبديِّ".
العالم الجديد: "إلى قطع أبدي".
اليونانية:
κολασιν αιωνιον 
kolasin (عذاب) aiōnion (أبدي)

أنكروا خلود الروح، وترتب على ذلك إنكار العذاب. فالخاطئ لا يعاقب، وإنما يقطع من الحياة، هذا تعليم أساسي لشهود يهوه، ولتثبيته بدّلوا المعاني بانسجام معه. فبدلاً من أن تشهد عقائدهم لصحة الكلمة جعلوا الكلمة تشهد لصحة عقائدهم.

إنّ العبارة kolasin مشتقة من kolazo ، وتفيد "العقاب" أو "العذاب" *، وفي هذا السياق لا يجوز ترجمتها بغير ذلك. الكلمة ذاتها استخدمت بذات المعنى في 1 يوحنا 4 : 18 "لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ". فغيروا في معانيها وترجموها إلى "لأنّ الخوف يقيد". لكن لا هذا المعنى ولا ذاك يتوافق مع الأصل، وإن
---------------------------------------------------
* قاموس strong 2849 
بحثنا عن "قطع" أو "إبعاد" أو ما شابه ذلك من تعابير، فنجدها في كلمة xekobo أو apo كالقول "قطع بطرس أذنه" apokoptō (يوحنا 18: 26). لا علم لنا من أين استقى شهود يهوه هذه المعاني، لأنّ جميع النسخ الأصلية، بما فيها اليونانية والسريانية والسينائية والفاتيكانية والإسكندرية وغيرها أعطت معنى العذاب والعقاب.

لوقا 16 : 24

فندايك: "وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي ، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللَّهِيبِ."
الكاثوليكية: "فإِنِّي مُعَذَّبٌ".
المشتركة: "لأنِّي أتَعذَّبُ".
ونضيف أيضا لزيادة اليقين، 
الترجمة البولسية: "لأَنِّي مُعَذَّبٌ".
وترجمة الحياة: "فَإِنِّي مُعَذَّبٌ".
العالم الجديد: "لاني في كربٍ في هذه النار المتّقدة".
اليونانية:
μου, ὅτι ὀδυνῶμαι ἐν τῇ φλογὶ ταύτῃ
mou oti (لأني في) odunōmai (عذاب، ألم، وجع) en (في) tē phlogi (اللهيب، الشعلة) tautēهذا، (هذه

لعازر والغني، قصة تؤرقهم ، فحتى تفاسيرهم لم تنجح في التخفيف من تأثيرها. فيها يأتي الحديث عن الحالة الأبدية للمؤمن والخاطئ. والخاطئ لن يتعذب، هكذا يكرز الشهود، لأن العذاب رمز للموت الأبدي، فلا نار ولا جهنم. ولطمأنة الخاطئ أبدلوا "عذاب" بـ "كرب" وفسروا الكرب بالآلام النفسية وعذاب الضمير الذي أصاب المتدينين من اليهود. * 

السياق يخطئهم ويبين اعوجاج ترجمتهم، فلا يعقل وصف حالة إنسان وسط النار واللهيب بالكآبة والضيق النفسي، فهذه صفات قد ترافق الغني في الحالة التي وجد فيها، لكن حالته الأساسية تبقى عذاب وأوجاع. ليس أقل من ذلك، إذ على قدر الوصف "لهيب" تكون الحالة. ولماذا كل محاولات التخفيف المضنية، ماداموا يعتقدون بأنّ الغني في القصة يرمز إلى رجال الدين اليهود وعذابه رمز لعذاب الضمير؟

الكلمة المستخدمة هنا odunōmai قد وردت أيضا في سفر الأعمال 20: 38، بمعنى الألم أو الوجع النفسي " متوجعين ولا سيما من الكلمة التي قالها". لكنها في سياق لوقا 16 تعني بلا شك العذاب الأبدي الحرفي، كما أجمعت سائر الترجمات العربية وغير العربية، ولم يشذ عن القاعدة سوى شهود يهوه.
----------------------------------------------------
* انظر "الرد على شهود يهوه"، الجزء الأول، فصل "النفس البشرية".

الفصل الخامس: الخلاص عند غير المخلّصين


 

 

يؤمنون بما نؤمن به، أنّ المسيح جاء إلى العالم ليخلص الخطاة، لكنهم يختلفون معنا على: من ماذا نخلص؟ ولماذا نخلص؟ وكيف نخلص؟ وللخلاص عندهم شروط، أهمها: أ - ممارسة الإيمان، أي الأعمال الحسنة والكرازة بملكوت يهوه. ب – المعرفة عن الله، إي تقبّل دروس برج المراقبة. ج – الانضمام إلى منظمتهم ومن لا ينتمي لها هو هالك. وقد أوجدوا في ترجمتهم تعابير مبطنة وأخرى صريحة لتدعيم هذا التعليم.

رومية 10 : 10

فندايك: "لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ". 
الكاثوليكية: "فالإِيمانُ بِالقَلبِ يُؤَدِّي إِلى البِرّ، والشَّهادةُ بِالفمِ تُؤَدِّي إِلى الخَلاص".
المشتركة: "فالإيمانُ بِالقَلبِ يَقودُ إلى البِرِّ، والشَّهادَةُ بالِّلسانِ تَقودُ إلى الخلاصِ".
العالم الجديد: "لأنه بالقلب يمارس المرء الإيمان للبر. وبالفم يقوم بإعلان جهري للخلاص".
اليونانية :
καρδια γαρ πιστευεται εις δικαιοσυνην στοματι δε ομολογειται εις σωτηριαν
kardia (القلب) gar (لكن) pisteuetai (يؤمن به) eis dikaiosunēn (للبر) stomati (الفم) de omologeitai (يعترف به) eis sōtērian (للخلاص)

إنّ العبارة kardia gar pisteuetai تفيد قطعاً "الإيمان القلبي"، أما مصطلح "ممارسة الإيمان" فهو مصطلح غريب على الكتاب المقدس. هكذا أيضا تعبير "الاعتراف ألجهري" المرتبط بشكل وثيق مع "ممارسة الإيمان". هذه المصطلحات تأخذ حيزا كبيرا في تعاليم برج المراقبة، والغرض منها التشديد على ما يسمونه "الكرازة من بيت إلى بيت". الكرازة هي خدمة إلزامية موضوعة على كاهل شهود يهوه، وموقفهم منها وإنجازاتهم فيها وعدد ساعات العمل يقرران المصير الأبدي لكل شاهد.

العبارة de omologeitai تعني هنا الشهادة والإقرار والتصريح، وليس الإعلان الجهري أو الكرازة الجهرية. وبالرجوع إلى سفر العبرانيين نرى الكاتب يشرح العبارة ذاتها بصورة أسمى، فيقول "ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عبرانيين 13: 15).

تظهر عبارة "ممارسة الأيمان" بكثرة في ترجمتهم، وهنا مثالين عليها:

العالم الجديد: "لكي لا يهلك كل من يمارس الإيمان به" (يوحنا 3 : 16).
العالم الجديد: "لينال البر كل من يمارس الإيمان به" (رومية 10 : 4 ).

من الواضح أنّ لا شيء مجاني عند برج المراقبة، وللخلاص ثمن هو "ممارسة الإيمان". من محاولاتهم للتمويه على الخلاص المجاني ترجمتهم للنص في ..

رومية 3 : 24

فندايك: "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ".
الكاثوليكية: "مَجَّانًا بِنِعمَتِه".
المشتركة: "مَجّانًا بِنِعمَتِهِ".
العالم الجديد: "وهي هبة أن يتبرروا بنعمته".
اليونانية:
δικαιουμενοι δωρεαν τη αυτου χαριτι 
dikaioumenoi (متبررين) dōrean (مجاناً) tē autou chariti (بنعمته)

الرد:

أ - أخفوا عبارة "مجاناً" dōrean من النص وأضافوا كلمة "هبة" لتمويه الآية وإضعاف قوتها.
ب - الأصل اليوناني لكلمة "هبة" هو charisma ووردت في ذات الآية وترجمت "نعمة".
ت - لقد ترجموا dōrean في متى 10: 8 "مجاناً"، فلماذا لم يتبعوا ذات القاعدة مع رومية 3، حيث النص الذي ترنم به المخلّصين على مدى العصور؟ فأين دقة الترجمة التي يزعمونها؟

يوحنا 17 : 3

فندايك: "وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ".
الكاثوليكية: "يَعرِفوكَ".
المشتركة: "يَعرِفوكَ".
العالم الجديد: "أن يستمروا في نيل المعرفة عنك".
اليونانية:
ἵνα γινώσκωσι σὲ 
ina (أن) ginōskōsin se (يعرفوك)
قالوا: "نهاية نظام الشيطان باتت وشيكة ... أليس من الحكمة أن نستمر في تعلُّم المزيد عن يهوه وعمّا يطلبه منا؟ (يوحنا ١٧‏:٣) لذلك يجب أن تكون تلميذا مجتهدا في درس الكتاب المقدس ... لا تتوقف عن نيل المعرفة التي يزودها يهوه الله بسخاء للناس حول العالم". [26]

الخلاص بالمعرفة تعليم أساسي هام لدى شهود يهوه، فالدرس والمعرفة عن الله يقودان إلى الحياة الأبدية. ليس معرفته، بل المعرفة المستمرة عنه. وردنا: إنّ الأصل اليوناني لـ "معرفة" هو Ginosko ويوصفه القاموس بأنه "صيغة استمرارية للفعل الأصلي، معرفة ( مطلقاً) وله استخدامات متنوعة وعديدة"*. لكن إضافة الاستمرارية له في هذا السياق لا يزيده توضيحاً وإنما يضفي على الجملة بلبلة وتشويشاً. وترجمتهم هي تفسير أكثر منها ترجمة، لأنها أتت بدافع تثبيت العقيدة القائلة، أنّ الانقطاع عن الدرس مع شهود يهوه يقود إلى فقدان الخلاص.

صيغة الاستمرارية هي من علامات ترجمتهم وتظهر في نصوص أخرى، منها :

العالم الجديد: "فداوموا أولا على طلب ملكوته وبره" (متى 6 : 33).
العالم الجديد: "داوموا على السؤال تعطوا، داوموا على الطلب تجدوا، داوموا على القرع يفتح لكم" (متى 7: 7).

متى 5 : 3

فندايك: "طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ".
الكاثوليكية: "طوبى لِفُقراءِ الرُّوح".
المشتركة: "هنيئًا للمساكينِ في الرُّوحِ".
العالم الجديد: "سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية".
اليونانية:

μακαριοι οι πτωχοι τω πνευματι 
makarioi (طوبى) oi ptōchoi (للمساكين) tō pneumati (بالروح)
يعتقدون بأنّ الغذاء الروحي الذي يقود للحق والخلاص هو في حوزة قادتهم، "جماعة العبد الأمين الحكيم" دون غيرهم، لذلك "سعداء هم الذين يدركون حاجتهم الروحية" أي الذين يتغذون من الطعام الذي يمنحه لهم العبد. *
--------------------------------------------------
*
Strong 1079 “A prolonged form of a primary verb; to "know" (absolutely) in a great variety of applications and with many implications
* راجع "الرد على شهود يهوه" الجزء الأول، فصل "العبد والشهود".

متى 5 : 19

فندايك، وتوافقها مجمل الترجمات: "فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا ،يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ ،فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ".
العالم الجديد: "فمن نقض واحدة من هذه الوصايا الصغرى، وعلم الناس هكذا ، يدعى (الأقل أهلية) لملكوت السموات. أما من عمل بها وعلَّمها، فهذا يدعى (عظيم الأهلية) لملكوت السموات".
اليونانية:
ελαχιστος ... μεγας 
elachistos (أصغر) ... megas (أكبر)

تشرح ترجمة العالم الجديد أمر القوسين بالقول: "يستعمل القوسان ( ) عموما لحصر العبارات التي يراد اللفت إليها لغرض من الأغراض، أو العبارات المفسرة، التي تقطع توالي الأجزاء الرئيسية في الجملة أو تعاقب الجملتين المرتبطتين في المعنى، والتي هي من وضع كاتب الكتاب نفسه". [27]

نقول: لا النسخ اليونانية ولا أي من الترجمات المعروفة تستخدم القوسان، سوى ترجمة العالم الجديد، والغرض منهما تثبيت العقيدة، أنّ الخلاص هو من نصيب الذين يتلقنون دروس جمعية برج المراقبة ويعلّمونها للغير. في الترجمة الآتية تتجلى أغراضهم بوضوح.

اعمال 20 : 20

فندايك: "وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْراً وَفِي كُلِّ بَيْتٍ".
الكاثوليكية: "وأُعَلِّمُكم في الأَماكِنِ العامَّةِ والبُيوت".
المشتركة: "وأعلِّمُكُم في الأماكِنِ العامَّةِ وفي البُيوتِ".
العالم الجديد: "تعليمكم علانية ومن بيت إلى بيت".
اليونانية:
και διδαξαι υμας δημοσια και κατ οικους 
dēmosia (أماكن عامة) kai (و) kat (في) oikous (البيوت)

ترجموا العبارة الأصلية kata oikos إلى "من بيت إلى بيت"، وبهذا صوروا الرسول بولس متنقلاً من بيت إلى آخر قارعاً على الأبواب ومنادياً بملكوت يهوه. إنها إحدى الآيات الأساسية التي تستخدمها برج المراقبة لدعم عقيدتها القائلة بوجوب الذهاب من بيت إلى بيت لتعليم الناس عن الملكوت. وهذه مهمة منوطة بكل شاهد اجتاز المرحلة التأهيلية، والاعتراض عليها قد يحرمه امتياز المعمودية. غير أنّ الكتاب واضح في هذه المسألة ويؤكد أنّ جميع المؤمنين هم شهود للمسيح، لكن بعضهم فقط مدعوين لخدمة التعليم "لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم" (يعقوب 3: 1 )، "وهو أعطى البعض أن يكونوا ... مبشرين ... ومعلّمين" (أفسس 4 : 11)، ولم يعطي الكل.
1 تيموثاوس 2 : 4

فندايك: "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ".
الكاثوليكية: "ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ".
المشتركة: "ويَبلُغوا إلى مَعرِفَةِ الحَقِّ".
العالم الجديد: "ويبلغوا إلى معرفة الحق معرفة دقيقة".
اليونانية:
καὶ εἰς ἐπίγνωσιν ἀληθείας ἐλθεῖν
kai eis (وإلى) epignōsin (معرفة) alētheias (الحق) elthein(يقبلون)

الكلمة الأصلية تفيد "قبول" و "معرفة تامة" و"اعتراف".* وعليه يكون المعنى في السياق، ليس الدقة في معرفة الحق، وإنما قبول الحق والاعتراف به ومعرفته بالتمام. عبارة "معرفة دقيقة" لا وجود لها في الأصل اليوناني، لكنها عبارة تفسيرية حشرت في النص، ومن الأمانة العلمية أن توضع بين هلالين، للدلالة على عدم انتماءها له. لكن الغرض من وضعها واضح، وهو تدعيم تعاليمهم الجوفاء، بأنّ المعرفة الدقيقة عن الله تأتي بواسطة "العبد الأمين الحكيم". وترجمتهم التالية تزيدنا يقيناً:

2 تيموثاوس 3 : 14

فندايك: "وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفاً مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ".
الكاثوليكية: "كُنتَ مِنْه على يَقين".
المشتركة: "ما تَعَلَّمْتَهُ عِلمَ اليَقينِ".
العالم الجديد: "فاثبت على ما تعلمت وأُقنعت حتى آمنت به".
اليونانية:
και επιστωθης
kai (و) epistōthēs(أيقنت)

كلمة epistōthēs تفيد: "يقين"، أو "ضمان"، أو "تأكيد" *، لكنها لا تفيد "الاقتناع". ترجمتهم خاطئة ومشوهة، وخطأها لا يكمن فقط في إبدال الكلمة، وإنما أيضا في التركيبة الكاملة للجملة، التي أصبحت تشير إلى فاعل مجهول أقنع تيموثاوس بالإيمان. وكما مر بنا في الجزء الأول من الرد على شهود 
-----------------------------------------------------
*
Strong 1922 : From epiginosko; recognition, i.e.(by implication) full discernment, acknowledgement --(ac-)knowledge (-ing, - ment(
* قاموس Strong G410
يهوه، أنّ جمعية برج المراقبة تبث في أتباعها الشعور بالعجز على فهم تعاليم الكتاب المقدس. لهذا يستلزم وجود معلّمين يقومون بمهمة "الإقناع" حتى تتأصل تعاليم الجمعية في العقول.

عبرانيين 5 : 9

فندايك: "وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ".
الكاثوليكية: "ولَمَّا بُلِغَ بِه إِلى الكَمال، صارَ".
المشتركة: " ولـمّا بلَغَ الكمالَ صارَ".
العالم الجديد: "عُهد إليه بالخلاص الأبدي لجميع الذين يطيعونه". 
اليونانية:
καίτε λειόω γίνομαι 
kai (ولـمّا) teleioō (كمل) ginomai (صار)

لا وجود لفاعل غير المسيح في الجملة، والترجمة الحرفية هي "صار". هنا محاولة أخرى لإضعاف دور المسيح بتجريده من إرادته الذاتية في عمل الخلاص، فالله هو الذي "عهد إليه بالخلاص". إشارات مشابهة نجدها في ترجمتهم التالية:

عبرانيين 2 : 10

فندايك: "أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ".
الكاثوليكية: "أَن يَجعَلَ مُبدِئَ خَلاصِهم مُكَمَّلاً بِالآلام".
المشتركة: "جعَلَ قائِدَهُم إلى الخَلاصِ كامِلاً بالآلامِ".
العالم الجديد: "أن يكمل بالآلام وكيل خلاصهم الرئيسي".
اليونانية:
ἀγαγόντα, τὸν ἀρχηγὸν τῆς σωτηρίας αὐτῶν διὰ παθημάτων τελειῶσαι
ton archēgon (رئيس) tēs sōtērias autōn (خلاصهم) dia pathēmatōn (بالآلام) teleiōsa (يكمل)

الكلمة archēgos تعني: "رئيس"، "رأس"، "قائد"*. وإنّ حشر كلمة "وكيل رئيسي" في الجملة، رغم عدم الاستدلال عليها في الأصل يراد منه الإشارة إلى وكلاء آخرون. والعبارة تحمل إشارة مبطنة 
---------------------------------------------------
* قاموس Strong G74
إلى جماعة "العبد الأمين الحكيم"، "ممثلي المسيح" و"وكلاء أسرار الله" (2 كورنثوس 4: 1). "لن يحكم يسوع وحده، بل سيكون له معاونون...ومنذ أيام الرسل، بدأ الله باختيار مسيحيين أمناء...ومعاونوه أيضا عانوا الألم وتحملوا المشقات أثناء حياتهم كبشر. كما حاربوا النقص وكابدوا شتى الأمراض. وهذا الأمر يجعلهم قادرين دون شك على تفهُّم المشاكل التي يواجهها البشر". [28]

عبرانيين 12 : 2

فندايك: "نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ".
الكاثوليكية: "مُحَدِّقينَ إِلى مُبدِئِ إِيمانِنا ومُتَمِّمِه، يسوعَ".
المشتركة: "ناظِرينَ إلى رَأسِ إيمانِنا ومُكَمِّلِهِ، يَسوعَ".
العالم الجديد: "ناظرين بإمعان إلى الوكيل الرئيسي لإيماننا ومكمّله يسوع". 
اليونانية: 
τον της πιστεως αρχηγον 
ton tēs pisteōs (الإيمان) archēgon (رئيس)

مرة أخرى ترجموا archēgos إلى "وكيل رئيسي"، كما فعلوا قبلا بـ "رئيس الحياة" (أعمال 3: 15).

تتلخص رسالتهم في أن الخلاص يأتي نتيجة الأمانة والولاء ليهوه. ولكي تحث جمعية برج المراقبة شهودها على تقديم

الطاعة والولاء لله من خلال الخضوع والامتثال لإرشاداتها "الحكيمة" صنعت لهم مثالا أعلى يقتدون به، وهذا المثال هو "المسيا"، الذي بواسطة أمانته وولائه ليهوه استحق أن يرفعه يهوه ويجعله سبب خلاص لكل من يقتدي به. ولهذا الغرض أيضا تلوي عنق الآيات لتعكس ما في ذهنها:

أعمال 2: 27

فندايك: " لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً".
الكاثوليكية: "ولا تَدَعُ قُدُّوسَكَ يَنالُ مِنهُ الفَساد".
المشتركة: " ولا تَدَعُ قُدّوسَكَ يرى الفسادَ".
العالم الجديد: "ولن تدع وليَّكَ يرى فساداً"
اليونانية:
τὸν ὅσιον
ton hosion (قدوسه)

الكلمة اليونانية hosios تفيد: "ورع" , "قدوس" , "طاهر"*، ولا يجوز أن تترجم إلى "وليّ"، لأن ذلك يفقدها معناها الحقيقي الذي لا يكتمل ولا يظهر إلاّ في كلمة "قدوس"، والتي تعلن بلا منازع لاهوت المسيح كونه يتشارك مع الله في القداسة والكمال. فالمسيح افتدانا ليس بولائه لله فحسب، وإنما قبل كل شيء بموته وقيامته ودخوله أقداس الله، كما توضح الآية التالية التي لم تسلم هي الأخرى من تلاعبهم:

عبرانيين 7: 26

فندايك، بتوافق الترجمات العربية الأخرى: "أَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ".
العالم الجديد: "فكان يلائمنا رئيس كهنة مثل هذا: وليٌّ، بلا خبث، غير مدنس".
اليونانية:
ἀρχιερεύς, ὅσιος
archiereus(رئيس كهنة) hosios (قدوس) 
---------------------------------------------------
* Strong G3741

الفصل السادس: النهاية والأبدية المنتظرة

 

 

 

لا نهاية للعالم عند شهود يهوه كما بالمفهوم المسيحي. العالم باقٍ، ما يذهب هو"نظام الأشياء الحاضر"، أي الأنظمة والحكومات. أما تعابير مثل "انقضاء الدهر" و "انقضاء العالم" فقد أوجدوا لها حلول ترجمية.

متى 24 : 3

فندايك: "قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟".
الكاثوليكية: "وما عَلامَةُ مَجيئِكَ ونِهايةِ العالَم؟".
المشتركة: "ما هي علامَةُ مَجيئِكَ واَنقِضاءِ الدَّهرِ؟".
العالم الجديد: "وماذا تكون علامة حضورك واختتام نظام الأشياء؟".
اليونانية: 
σημεῖον τῆς σῆς παρουσίας και της συντελειας του αιωνος
sēmeion (علامة)tēs sēs parousias(مجيئك) kai (و) tēs sunteleias (نهاية، انقضاء) tou aiōnos (العالم،الدهر)

ترجمتهم للآية هي ترجمة تفسيرية بامتياز، وكل ما فيها يشهد لعقيدة برج المراقبة. أولاً في كلمة "حضورك"، وثانيا في تعبير "اختتام نظام الأشياء". هذه مصطلحات اشتهروا باستخدامها، وهي لا تعكس المعاني الحقيقية للنص اليوناني. فالكلمة parousia في السياق تعني مجيء حرفي وليس حضور، كما أنّ aiōn تفيد العالم بما فيه وليس فقط نظامه وحكوماته.

أما السبب في خروجهم عن الأصل اليوناني فهو مجدداً العام 1914، الذي فيه توقعوا مجيء المسيح ونهاية العالم استنادا إلى حسابات زعيمهم رصل. لكن لا المسيح أتى ولا العالم انتهى، مما اضطرهم للخروج بفتوى مفادها، أنّ المسيح لا يأتي إلى الأرض، بل قد حضر في السماء واستلم الملك، وعليه فالعالم باق ونظامه فقط سيزول قريبا.

توجد في اليونانية كلمتان للتعبير عن المجيء، الأولى erchomai ويترجمونها "مجيء"، أما الثانية فهي parousia ويترجمونها "حضور"، لكن الترجمة إلى حضور، كما في الآية أعلاه، لا تصح للتالي:

1 – إنّ الكلمة إضافة إلى معناها "حضور" تعني في الأساس "مجيء" جسدي حرفي. يشرحها القاموس بأنها "مشتقّة من اسم الفاعل pareimi وتعني في سياق الكلام عن المجيء الثاني للمسيح للدينونة: حضور قريب، وصول مرتقب، مجيء جسدي*.

2- السياق يشهد انه مجيء حرفي مرتبط بنهاية العالم، وليس مجرد حضور، فحضور المسيح مع الكنيسة حالة دائمة مستمرة منذ صعوده إلى الآن.

3 – القرائن تؤكد انه مجيء، وعشرات الآيات تدل على ذلك. والغريب أنهم ترجموها أيضا مجيء، منها:
العالم الجديد: "يأتي ابن الإنسان في مجد أبيه" (متى 16: 27 ).
العالم الجديد: "ابن الإنسان حين يجيء في مجده" (لوقا 9: 26 ).

ترجمتهم قمة في التشويش، تارة "يأتي" وتارة أخرى "يحضر". تقول كلمة الله "وتنتظروا ابنه من السماء، الذي أقامه من الأموات، يسوع، الذي ينقذنا من الغضب الآتي" (1 تسالونيكي 1 : 10). استنادا على هذا الحق، ننتظر مسيحاً آتياً من السماء وليس مسيحا يحضر في السماء.

4 – أما مصطلح "نظام الأشياء الحاضر" فهو مخترع ولا ينتمي للكتاب بصلة. والكلمة aiōn وردت في الكتاب بمعنى العالم بما فيه، وليس فقط نظامه أو حكوماته، لكنهم نقلوها إلى "نظام" في كل الأماكن، مما يفقد النص معانيه الحقيقية، مثالا على ذلك (عبرانيين 9 : 26 ):

فندايك: "فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَاراً كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ". 
العالم الجديد: "منذ تأسيس العالم، ولكنه الآن قد أظهر نفسه مرة لا غير عند اختتام أنظمة الأشياء ليزيل الخطية بذبيحة نفسه".

العالم هنا يقابلها في الأصل اليوناني kosmos، أما "الدهور" فيقابلها aiōn وتنقلها ترجمات أخرى إلى "أزمنة". ترجمتهم غير متوافقة مع الأصل وقد خلقت تناقضا واضحا في السياق. الهدف منها بالدرجة الأولى، الإشارة إلى تعليمهم حول نهاية الأنظمة البشرية أو "أزمنة الأمم" وإقامة ملكوت المسيا سنة 1914. بهذا الصدد قالوا: "سنة ١٩١٤ أصبح المسيح ملكا ... هذا ما ذكره يسوع ‏المسيح في نبوته حول "اختتام نظام الأشياء"( متى 24 : 3 ، 14 )... إننا نعيش في الأيام الأخيرة... ستأتي"النهاية" لا محالة ... الأشخاص الذين يحظون برضى يهوه الله و "ابن الانسان"، يسوع المسيح، هم الذين لديهم أمل النجاة من نهاية نظام الأشياء". [29] 
---------------------------------------------------
*
Strong : “From the present participle of pareimi; a being near, i.e. Advent (often, return; specially, of Christ to punish Jerusalem, or finally the wicked); (by implication) physically, aspect -- coming, presence.

نفهم من قولهم، أنّ "نظام الأشياء" لازال قائماً، لكن الملفت أن ترجمتهم لنص العبرانيين تنهي هذا النظام في مجيء المسيح الأول وبظهوره متجسدا ليبطل الخطية، وهذا تناقض مفضوح. ترجمتهم لا تتفق مع الأصل ولا مع روح الكتاب، الذي ينبئ بمجيء حرفي للمسيح، كما أنّ النهاية فيه تفيد نهاية العالم بعناصره "وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها"( 2 بطرس 3 : 10).

فيلبي 3 : 11

فندايك: "لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ".
الكاثوليكية: "لَعَلي أَبلُغُ القِيامةَ مِن بَينِ الأَموات".
المشتركة: "على رَجاءِ قِيامَتي مِنْ بَينِ الأمواتِ".
العالم الجديد: "لعلي أبلغ بطريقة ما القيامة الأبكر من الأموات".
اليونانية:

την εξαναστασιν την εκ νεκρων 
tēn exanastasin (القيامة) tēn (من) ek nekrōn (الأموات) 

لا قيامة مبكرة ولا قيامة متأخرة في النص، فمن أين أتوا بالتعبير "القيامة الأبكر"؟! استنادا إلى نبوءة أطلقها زعيمهم رصل ثم عدل فيها خلفه رذرفورد، اعتقدوا أنّ المسيح حضر سنة 1914 إلى السماء وتسلًم الحكم على الملكوت. يحسبون ثلاث سنوات ونصف من 1914، وهي نصف الأزمنة السبعة لسنوات الضيق في سفر الرؤيا، فيصلون إلى 1918، قيامة القديسين. تسمى أيضا "القيامة السماوية"، وهي من نصيب فريق خاص قوامه 144 ألف شخص ويسمونه "القطيع الصغير". ينتمي لهذا القطيع رسل المسيح، وأنبياء يهوه، وقادة جمعية برج المراقبة للمنشورات والكراريس في بروكلين – نيويورك. ولذا استلزم تمييز قيامة هذا القطيع عن القيامة العامة للأموات بـ "القيامة الأبكر"، وإذ لا شاهد كتابي لهذا التعليم الهش، خلقوه في الترجمة.

نتابع مع آية أخرى كنا قد تأملنا فيها قبلا من منظور آخر:

عبرانيين 12 : 22 و 23

فندايك: "بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ: أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ". 
العالم الجديد: "ولكنكم اقتربتم إلى جبل صهيون ومدينةٍ لله الحي، أورشليم السماوية، وربوات من الملائكة في محفل عام، وإلى جماعة الأبكار المسجّلين في السموات، وإلى الله ديان الجميع، وإلى الحياة الروحية لأبرار مكمّلين".
اليونانية:
και πνευμασιν δικαιων τετελειωμενων 
kai (و) pneumasin (أرواح) dikaiōn (أبرار) teteleiōmenōn (مكمّلين)

نادوا، بأنّ الأموات، من مؤمنين وخلافهم، هم في حالة اللاوعي، وأن القيامة لم يختبرها سوى بعض الاتقياء وللمرة الأولى سنة 1918 فيما يعرف عندهم بـ "القيامة الأبكر". لكن النص من رسالة العبرانيين يعترض تعليمهم فيعلن بأن المؤمنين أحياء عند الله وهم "أرواح" حية واعية. مما اضطرهم إلى التعديل في النص، فجعلوا من الأرواح مجرد "حياة روحية".

ولترجمتهم ثلاثة أغراض:

1 – إنكار الخلود.
2 – تدعيم نظرية "القيامة الأبكر".
3 – تثبيت نظرية "فريقين من المؤمنين"، * فالذين "اقتربوا" إلى جبل صهيون هم الفريق الأرضي ويتميزون عن الأبكار.

إعلانات الكتاب المقدس هي سلسلة كاملة متصلة ببعضها البعض والتلاعب في إحدى حلقاتها يخل بالسلسلة كلها. لقد أنكروا خلود النفس البشرية، فاضطروا إلى تعويج أمر العقاب والخلاص والمجيء الثاني، وأُرغموا على قسم المؤمنين إلى فريقين، لكل منهم رجاء مختلف. وبناءا على ذلك ألغوا فريضة العشاء الرباني لأنها لا تحق إلا للفريق السماوي.

رؤيا 7 : 9 – 10

فندايك: "وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ... وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: الْخَلاَصُ لإِلَهِنَا".
الكاثوليكية: "الخَلاصُ لإِلهِنا".
المشتركة: "النَّصرُ لإلهِنا".
العالم الجديد: "نحن مدينون بالخلاص لإلهنا".
اليونانية:
η σωτηρια τω θεω ημων 
ē sōtēria (الخلاص) tō (ل) theō ēmōn (إلهنا)

الكلمة "مدينون" أوقعت الكثيرين في حيرة وتساؤل حول الأسباب التي دفعت بالشهود إلى زجها في النص، ولا نصل إلى جواب شافي إلا بالبحث الدقيق. والتفصيل في الآتي: 
---------------------------------------------------
* راجع "الرد على شهود يهوه"، الجزء الأول، فصل "نهاية العالم بلا نهاية".

إنّ النص أعلاه يعلن تجمهر المؤمنين بالمسيح أمام عرش الحمل. يقابله نص شبيه في رؤيا 19: 1 يوضح بلا منازع، أن هذا الحدث العظيم سوف يكون في السماء. فيقول: "وبعد هذا سمعت صوتا عظيما من جمع كثير في السماء قائلا: هللويا! الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا".

هذا الإعلان ينفي تعليمهم القائل، أن السماء لا يدخلها إلا جمع صغير يتألف من 144 ألفاً من المؤمنين، وأن "الجمع الكثير"، هو فريق أرضي من المؤمنين لن يرى السماء أبداً. لذلك خرجوا بفتوى تقول، أنّ "الجمع الكثير" في رؤيا 19: 1 هو جمع ملائكة لا علاقة له بالجمع البشري في رؤيا 7. والدليل المزعوم، أن الجمع البشري الأرضي يتميزون عن جمع الملائكة بقولهم "نحن مدينون بالخلاص لإلهنا". أما الملائكة فتنادي فقط "الخلاص لإلهنا" لأنها لا تحتاج للخلاص.

لقد خلقوا اختلافاً بين النداءين، مع أنّ الأصل اليوناني يستخدم الكلمة ذاتها في الموضعين sōtēria. وبالرجوع إلى رؤيا 19 يتضح أنّ كلمة "جمع" ochlos تعني جمعاً بشرياً، وحالها كحال الجمع في أصحاح 7، الذي سيكون في السماء بتأكيد القول من ذات الأصحاح ""هم أمام عرش الله ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم". ومن المتعارف عليه، أن الخدمة في هيكل الله لا تحق إلا لمن صيَّره يسوع كاهنا لله أبيه. بهذا أيضا يبطل زعمهم، أنّ الجمع الأرضي ليسوا ممن جعلهم المسيح ملوكا وكهنة لله أبيه.

ونادوا أن ممارسة كسر الخبز والاشتراك في مائدة الرب أمر لا يجوز إلا لـ "سكان السماء، صف الـ 144000"، وفقط لمرة واحدة في السنة. قالوا: "من ينبغي أن يتناولوا من هذين الرمزين؟ طبعا، الأشخاص الذين ادخلوا في العهد الجديد". وكيف يعرف الإنسان بحقيقة انتماءه لفريق السماء؟ "روح الله القدوس يقنعهم بأنهم اختيروا ليكونوا ملوكا في السماء". وماذا عن الفريق الأرضي؟ "لا يشاركون في العشاء، بل يكتفون بمشاهدة ما يحدث باحترام". [30]

عملت الكنيسة الأولى بكل أعضاءها بمأمورية الرب ومارست التناول بدون تمييز. وقد حذت الأجيال المسيحية اللاحقة في خطاها. ولـمّا كان هذا الحق لا يروق لجمعية برج المراقبة لأنه يجعل المشتركين في كسر الخبز يفوق العدد 144 ألفاً، تطلب الأمر تحريف الفريضة وطمس الحقائق المتعلقة بها، بالتالي حصرها في بعض الأشخاص القلائل.

أعمال 2: 42

فندايك: "وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ وَالشَّرِكَةِ وَكَسْرِ الْخُبْزِ وَالصَّلَوَاتِ".
الكاثوليكية: "وكَسْرِ الخُبزِ والصلوات". 
المشتركة: "وكَسْرِ الخُبزِ والصَّلاةِ والصلوات".
العالم الجديد: "وتناول الطعام والصلوات". 
اليونانية:
και τη κλασει του αρτου 
tē klasei (كسر) tou artou (الخبز)

فرغوا عبارة "كسر الخبز" من معانيها الحقيقية وجعلوا منها "تناول الطعام". فالشهود يمارسون التناول، لكن بشكل مشبوه وغريب يختلف عما هو معروف عند شتى الطوائف المسيحية. تقول كلمة الله: "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" ( 1كورنثوس 11 : 26 ). واستنباعا من هذا القول نؤمن بأنّه يحق لكل من يؤمن بفداء المسيح أن يمارس فريضة كسر الخبز وتناول كأس الرب. وإننا نسأل معشر شهود يهوه بناءاً على الآية السالفة: إن كان المسيح قد أتى ثانية سنة 1914 ينبغي أن تنتهي فريضة التناول، فلماذا يستمرون في الاحتفال بذكرى موته؟ 

الفصل السابع: 1– خشبة أم صليب؟

 

 

 

أكتب في هذه المسألة ليس لأنها تشكل أهمية إيمانية وروحية كبرى أو أنها تمس جوهر العقيدة المتعلقة بموت المسيح الكفّاري، بل لكونها طابع قوي تميزت به جماعة شهود يهوه على مر السبعة عقود الماضية. فالصليب من الرموز المسيحية التي تعرضت للطعن من قبل شهود يهوه بعد أن كان رمز فخر واعتزاز يزين كتب زعمائهم رصل ورزرفورد. لكن بتغير الأزمان تغيرت مواقف شهود يهوه تجاه الصليب. ولا حرج في ذلك لأن التغيير في المواقف والتعاليم هو عندهم ركن من الأركان العقائدية*. وهكذا تحولت نظرتهم إلى الصليب من الإكرام إلى الشجب، فاستبدلوا كلمة "صليب" في استخداماتهم بعبارات عدة، منها: "أداة الإعدام"، "خشبة"، "خشبة الآلام"، "عموداً خشبياً".

كل ما نعرفه بالتدقيق من الإعلانات الإنجيلية أن المسيح مات معلقاً ومسمراً على خشبة، غير أن كتبة الإنجيل لم يعطوا وصفاً دقيقاً لهذه الخشبة، هل هي عاموداً خشبياً منفرداً أم قطعتين متقاطعتين من الخشب. فقط استخدموا كلمة يونانية واحدة لوصفها وهي staurōs، وعليه قام جدل في معاني هذه الكلمة قاد العلماء والمتخصصين، من مسيحيين وخلافهم، إلى وضع كتب وأبحاث ومجلدات كثيرة في هذا الموضوع اتخذت شتى الاتجاهات. لكن غالبيتها جاءت موافقة للصلب وقلة منها فقط مناهضة له. ورغم أن الاكتشافات الأثرية الحديثة قد رجحت كفة مؤيدي الصلب تبقى هذه المسالة عند البعض غير مستقرة ويستلزم الأمر بحوثاً واكتشافات أخرى لحسمها.

يضيق بنا المجال هنا للخوض في عمق هذا الموضوع فنختصر الحديث على مالدى شهود يهوه من حجج لغوية وغير لغوية في رفض الصليب.

نقلت ترجمات الكتاب المقدس كلمة "صليب" وفعل "الصلب" من الأصل اليوناني staurōs ، لكن بخلاف مجمل الترجمات نقلت ترجمة العالم الجديد إلى "خشبة" بدلا من "صليب"، و "علق على خشبة" بدلا من فعل "الصلب".

إلينا العديد من الآيات للتوضيح:

متى 27 : 40 

فندايك: "إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ".
العالم الجديد: "انزل عن خشبة الآلام".

متى 27: 35
فندايك: " وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا".
العالم الجديد: "ولمّا علقوه على الخشبة".

لوقا 9 : 23

فندايك: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي ، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَيَتْبَعْنِي".
العالم الجديد: "ويحمل خشبة آلامه كل يوم ويتبعني".

متى 10: 38

فندايك: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي".
العالم الجديد: "ومن لا يقبل خشبة آلامه ويتبعني فلا يستحقني".

قالوا: "الكلمة اليونانية ‏‎‎ستافروس‎‎‏ التي تترجَم ‏عادة الى "صليب" تعني من حيث ‏الاساس "عمودا او وتدا مستقيما" ...لا تعني ‏مطلقا ‏‎‎قطعتين‎‎‏ من ‏الخشب متقاطعتين بشكل ‏ما . . . ولا ‏يوجد شيء في اللغة اليونانية للعهد ‏الجديد يدل حتى على ‏قطعتين من ‏الخشب" – "لم يمُت يسوع على صليب. فقد مات على عمود او خشبة. والكلمة اليونانية المنقولة الى "صليب" في كتب مقدسة عديدة تعني مجرد قطعة واحدة من الخشب". [31]

نقول: لا ننكر بأن staurōs في معناها الأصلي تفيد "عموداً" أو "وتداً"*. فقد أصاب معشر الشهود على الأقل في هذه النقطة. لكنهم يهملون جوانب أخرى في هذه المسألة لها أهميتها في الإستدال على شكل الخشبة، هل هي قطعة واحدة عامودية أم انها قطعتين متقاطعتين بشكل صليب؟ فالتعبير المستخدم في العهد الجديد لا يرفض المفهوم المتعارف عليه في الكنيسة حول الصليب. وحجتهم بانعدام الدليل على الصليب في اليونانية لا يعني تلقائيا وجوب الأخذ بعكس ذلك، فهذا ينم عن عدم أمانة وعدم موضوعية في البحث. فالدليل على كون staurós مجرد عامود خشبي هو أضعف من الدليل على كونها خشبتين متعارضتين بشكل صليب.

لقد احتار العلماء في التعبير اللغوي الذي ينبغي استخدامه لوصف وسيلة الإعدام الرومانية ورأوا أن المفردات اليونانية والآرمية لوصف هذه الممارسة، ومنها staurós قد تحمل معانٍ عدة من تعليق أو تسمير أو صلب. إلا أن التعبير الأسلم هو الصلب على قائمتين، واحدة عامودية وأخرى أفقية، وهذا أمر ليس له ما ينقضه كتابيا وعلميا.

ستافروس هي كلمة بسيطة غير مركبة ويمكن أن تستخدم بمعانٍ عدة كما جرت العادة في اللغات القديمة. وفي الحديث عن آلام المسيح وموته الكفّاري لفداء البشرية لابد أن يكون لها معنى مميزاً بعيداً عن الخلط والالتباس وأن تكون مفهومة لعامة الشعب وأبسطهم. فإن أخذنا كلام بولس "إن كلمة الصليب عند 
---------------------------------------------------
*
"Strong G4716: σταυρός - stauros-stow-ros': From the base of G2476; a stake or post (as set upright), that is, (specifically) a pole or cross …
الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1كورنثوس 1: 18) أو كلامه "إذا عثرة الصليب قد بطلت" (غلاطية 5: 11) ونقلنا staurós إلى مجرد "عامود" تكون الآيات مبهمة وغامضة لسامعيها. ولتفادي هذا الخلط عند القارئ أضافت ترجمة العالم الجديد كلمة "آلام" إلى "الخشبة" فصارت الآيات "إن الكلام عن خشبة الآلام حماقة عند الهالكين" و "معثرة خشبة الآلام قد أُبطلت". لكنها ترجمة خاطئة بامتياز، إذ لا يوجد في النص اليوناني ما يشير إلى خشبة وآلامٍ، وإنما هي كلمة واحدة بسيطة غير مركبة، staurós وتعني "عموداً".

نلحظ هنا المشكلة التي تواجههم في النقل والتي اضطرتهم إلى إضافة "الألم" للجملة لتفسير معنى staurós. هذا التكلف الشديد في النقل هو خير دليل على أن الكلمة تتضمن معنى أعمق مما يمكن حصره بالحرف اللغوي، فهي كلمة تصف وسيلة إعدام قاسية استخدمها الرومان وليست مجرد عامود أو وتد. الأمثلة كثيرة على أسلوب في نقل الكلمة ونأخذ مثالا آخراً،

غلاطية 6: 14

فندايك: " وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ".
العالم الجديد: "وأما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بخشبة آلام ربنا يسوع المسيح".
اليونانية:

σταυρῷ τοῦ κυρίου ἡμῶν Ἰησοῦ Χριστοῦ
staurō (صليب) tou kuriou ēmōn (ربنا) iēsou (يسوع) christou (المسيح)

فيلبي 2: 8

فندايك: " وَضَعَ (المسيح) نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ".
العالم الجديد: "وضَعَ نفسهُ وصارَ طائعاً حتى الموت، الموت على خشبةِ آلامٍ". 
اليونانية:

θανάτου δὲ σταυροῦ 
Thanatou (موت)de staurou(الصليب)

في الأصل اليوناني هي كلمة واحدة لا غير، "ستافروس". تتقدمها أداة التعريف لتميزها عن غيرها، وهذه الكلمة لا يجوز أن تترجم إلى خشبة آلام. وإن شاؤوا الترجمة الحرفية المجردة استلزم أن ينقلوها إلى "عمودا" لتصبح العبارة "موت العامود"، ويتحول بالتالي كلام المسيح لأتباعه "من لا يحمل عموده ويتبعني فلا يستحقني".
قالوا: "يستخدم كتبة الكتاب المقدس كلمة اخرى للإشارة الى الاداة التي مات عليها يسوع‏: الكلمة اليونانية كسيلون. (اعمال ٥‏:٣٠؛ ١٠‏:٣٩؛ ١٣‏:٢٩؛ غلاطية ٣‏:١٣؛ ١ بطرس ٢‏:٢٤) وتعني هذه الكلمة "قطعة خشب كبيرة" او "عصا او هراوة او شجرة".[32]

نقول: علاوة على ذلك تستعمل Xýlon للإشارة إلى مادة الخشب* كما في الآية "ولكن إن كان أحد يبني على هذا الأساس ذهبا فضة حجارة كريمة خشبا عشبا قشا" (1كورنثوس 3: 12). فليس هنا ما يدل إلى أنها قطعة خشبية واحدة. فالكلمة قد تستخدم لوصف مادة الخشب على أنواعها وكمياتها. وتقابلنا الكلمة أيضا في الأعمال 13: 29 "ولما تمموا كل ما كتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر". وهنا قد تشير الكلمة إلى الخشبة الافقية أو العامودية، فكل منها هي Xýlon، ويرجح البعض انها الخشبة الافقية التي كانت تحمل على ظهر المحكوم عليه لتشديد آلامه فيربط عليها ثم ترفع الخشبة لتثبت على الخشبة العامودية، التي من المرجح أنها تبقى في مكانها لتنفيذ أحكام أخرى.

قالوا: "أما الدليل القاطع والاهم على ان يسوع لم يمت على صليب فنجده في كلمة الله...ملعون كل معلق على خشبة".[33]

نقول: ليس في الآية المقتبسة دليلاً على شيء. وعبارة "عُلّق على خشبة" لا تعني بالضرورة من علق على قطعة واحدة. كل ما هناك أنهم خلطوا بين الصلب stauroó والتعليق kremannumi ونرى أنهم استخدموا هذا الأسلوب في نقل آيات أخرى كما في الأمثلة التالية:

غلاطية 2: 20

فندايك: "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ".
العالم الجديد :"مع المسيح انأ معلق على خشبة".
اليونانية:
Χριστῷ συνεσταύρωμαι
Christō sunestaurōmai

فبينما يرد فعل "علق" kremannumi κρεμάννυμι * في الآية من غلاطية 3: 13 يغيب تماما في 2: 20، رغم ذلك تستخدمه ترجمة العالم الجديد في الموضعين. وهذا مثال أخر على انعدام الأمانة العلمية وعلى الحيرة في نقل المعاني الحقيقية للفعل المشتق عن staurós، والذي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يعني "التعليق". نرى تكراراً لهذا الأمر أيضا في الآيات التالية: 
--------------------------------------------------
*
Strong: ξύλον, xulon, xoo'-lon. From another form of the base of G3582; timber (as fuel or material); by implication a stick, club or tree or other wooden article or substance: - staff, stocks, tree, wood.
* قاموس Strong G2910


مرقس 16: 6

فندايك: "يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ".
العالم الجديد: "يسوعَ الناصريَّ الذي عُلق على خشبةٍ".

متى 20: 19

فندايك: "وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ"
العالم الجديد: "ويجلدوه ويعلّقوه على خشبةٍ".

لا صواب في نقل ستافروس إلى "تعليق على خشبة"، وإن محاولاتهم المستميتة تؤكد عجزهم عن وصف المعاني الحقيقية الكامنة في هذه العبارة وأن كلمة "صليب" هي أفضل وأدق وصف لوسيلة الإعدام الرومانية.

قالوا: "ما من دليل على ان الذين ادّعوا المسيحية استخدموا الصليب في العبادة في السنوات الثلاثمئة التي تلت موت المسيح. ولكن في القرن الرابع، اعتنق الامبراطور الوثني قسطنطين المسيحية الزائفة التي كان قد تفشّى بها الارتداد، وروّج الصليب رمزا لها. وبغض النظر عن الدوافع التي حدت بقسطنطين الى ذلك، لا علاقة للصليب بيسوع المسيح، وإنما يرجع اصله الى الوثنية". [34]

نقول:

1 - لقد استعمل الصليب كرمز ديني وثني في الأزمنة السابقة للمسيحية في بعض الديانات. وهذا الأمر لا يعنينا كثيراً لأننا ننظر إليه من واقع حادثة موت المسيح وما آل إليه هذا الموت الكفاري من بركات عظمى للبشرية جمعاء. وإن كانت الأمم الوثنية تتعبد لآلهتها بتقديم الذبائح فهل هذا يثنينا عن الإيمان بأهمية الذبائح وعلى رأسها ذبيحة المسيح؟

2 - وإن كان هذا الرمز العظيم لم يظهر بوضوح في حياة الكنيسة في بداية عهدها إلى القرن الرابع، فذلك لان الكنيسة كانت تجتاز نيران الاضطهاد الروماني مما جعلها تتجنب استخدام كل شكل من أشكال الرموز الدينية، وليس في تحفظهم هذا أي دليل على جهلهم به أو عدم استخدامهم المطلق له.

3 - عرف العالم المسيحي قبل القرن الرابع العديد من ترجمات العهد الجديد، كالترجمة السريانية المعروفة بالبسيطة (فشيطتو)، والترجمة القبطية، وغيرها. كما وجاء ذكر الصليب في كتب طقسية كثيرة. فلو افترضنا أن الصليب لم يعرف قبل قسطنطين وأن المسيحيين تناقلوا على مدى ثلاثمائة سنة كلمة "عامود"، فكيف استطاع قسطنطين وبهذه السهولة أن يغير أفكار مئات الآلاف من المسيحيين المنتشرين في مصر وبلاد الشام وبلاد النهرين وفارس وأسيا الصغرى؟ وكيف يمر هذا التغيير مرور الكرام بدون أن يحدث ضجة ما؟ وكيف تجمع عليه مجمل الفرق المسيحية آنذاك، لا سيما أنها كانت متناحرة ومنقسمة إلى نحل عديدة؟ بل وكيف يتسنى لقسطنطين في آن واحد تغيير مجمل الترجمات الموجودة ليتحول فيها "العامود" إلى "صليب"؟

قالوا: "طريقة الإعدام هذه تجعل من الشخص "لعنة"، فليس لائقا أن يضع المسيحيون في منازلهم صورا وتماثيل تُظهر المسيح مصلوبا". [35]

نقول: استخدامهم للبلاغة والمنطق للزج بالصليب في خانة العبادات الوثنية ولجعله أداة لا يجوز الافتخار بها هو أمر يتناقض مع روح العهد الجديد. فبالرجوع إلى كلمة الله لا نلحظ أن الوحي يبيّن الصليب مجرد أداة محتقرة، وإنما رمز للتضحية والفداء يستحق أن يكون مركز افتخارنا وأن نحمله مدى الحياة. فهل أمرنا المسيح بحمل أداة إعدام محتقرة؟ وكيف نفسر قول الرسول: " فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح"؟ وحتى لو أسلمنا جدلا بأنه "عمود" فإن الآية تجيز الافتخار به.

نرى أنها محاولات فاشلة لتجريد الصليب من قوته ومعانيه السامية وجعله أداة محتقرة. لقد جهلوا أو تجاهلوا أن الصليب عند المسيح هو المجد بذاته، (يوحنا 12: 23). وأن الصليب هو الأداة التي استخدمها الله ليمحي ديننا، والتي بها انتصر على إبليس وسحق رأسه (كولوسي 2: 14- 15)، ومن خلالها صالح اليهود والأمم مع بعضهم البعض ومع نفسه ، "ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب، قاتلا العداوة به" ( أفسس 2: 16). فإن كان الصليب لا يستحق الافتخار به، لماذا لا يتجنب الوحي ذكره في المصالحة مع الله ويذكر بدلاً منه الدم؟

يقيناً، لا تنصب أغراض شهود يهوه في بحث علمي صادق يراعي جميع النظريات وينظر في مجمل البراهين والأدلة التي قد ترفض الصلب أو تؤيده، وإنما جل غرضهم هو توجيه الانظار إلى ما ينصب في صالح نظريتهم. وإن إصرارهم الشديد على نكران حقيقة الصلب رغم انعدام الأدلة القطعية عليه له بواعث أساسية هي:

1 - استخدام تعابير حصرية تميزهم عن باقي الطوائف المسيحية وتضمن لهم هوية خاصة بارزة توحدهم وتظهرهم في العالم كشعب يهوه الأمين. وقد مر بنا أنهم لهذا الغرض غيروا مصطلحات وابتدعوا أخرى لا وجود بين الجماعات المسيحية، مثل "ممارسة الايمان"، ويعنى بها الاعمال الصالحة، و"المحافل"، ويعنى بها المجامع الكنسية، "وقاعة الملكوت" التي حلت مكان "الكنيسة"، و "شهود يهوه" التي حلت محل "المسيحيون"، أو "شهود المسيح".

2 – إلغاء الرموز المسيحية الحقيقية. ومن هذه الرموز أيضا الاعياد الكبيرة كالميلاد والقيامة، التي نسبوها كذلك الأمر للوثنية وحذروا من الاحتفال بها.

الخاتمة

إنّ الأخطاء في ترجمة العالم الجديد كثيرة. بعضها تسبب فيه الجهل العلمي للمترجمين، وبعضها الآخر تحريف متعمد أنشئ على قواعد مخترعة لا وجود لها. وبناءاً على ما سيق من أدلة وبراهين، نعلن موقفنا الرافض لهذه الترجمة ونحكم بفسادها وانحرافها عن الحق المعلن في كتاب الله العزيز. هذه الترجمة إن صلحت لشيء، فكتفسير لتعاليم منظمة برج المراقبة، التي رغم وعدها بعدم تعدي "حدود الترجمة إلى مجال التفسير". [36] نرى مترجميها يضيفون ويحذفون ويحوّرون في الكلمات والمعاني كيفما شاءوا ورغبوا وليس من رادع.

إنّ الأمانة المسيحية والعلمية تلزم المترجم بأن لا يأخذ دور المفسر في عمله ولا يستنبط من الأصل ما يتناسب مع فكره أو يسند عقيدته. لكن ما مر بنا من أمثلة ينفي كل أشكال الأمانة عن قادة جمعية برج المراقبة ويرسخ اعتقادنا بانحرافهم عن الحق.

في تأمل عام وشامل لتاريخ هذه الجماعة والمراحل التي مرت بها يتضح لي شخصيا، أنّ أحدا لم يخطط للبدعة، ولا حتى المؤسس سعى إلى تأسيس فرقة بالانحراف الذي آلت إليه الجماعة اليوم. بدأ انحرافه خفيفا لكن ما لبث أن حبل وولد واحدة من أكبر الهرطقات على الإطلاق. لقد وضع أساسا أعوج، ومن تبعه بنى عليه وزاده اعوجاجاً، فاستحال معه التصحيح والتقويم.

وللانحراف مسببات، لعل أكبرها كان تعاملهم البسيط مع النصوص الكتابية والذي بلغ أحيانا حد السذاجة. لقد غفلوا بأنّ الحقائق الكتابية هرمية في تكوينها وبناءها، وإنّ انحراف إحدى حجارتها سيقود إلى خلل عام وشامل فيها. وحين بان الانحراف، منعهم الكبرياء من الرجوع إلى الله والعودة إلى أحضان الإيمان القويم. فكرسوا جهودهم على مدى أكثر من قرن على التقويم والتصحيح وتفادي الانهيار، ولـمّا عجزت الحجة عن ذلك وفرغت جعبتهم من الأدلة والبراهين امتدت أيديهم إلى كلمة الله، فطوّعوا نصوصها وسخّروها عنوة لسند حائطهم المهزوز

المراجع

مراجع لشهود يهوه:

1 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008 روما، المقدمة
2 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 25
3 - Reasoning from the Scriptures, WTBS , Inc., Brooklyn (1985), 276 – 314
4 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، المقدمة
5 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 14
6 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 27
7 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 27
8 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ الملحق 
9 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ الفصل 4
10 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 28
11 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ الملحق 
12 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، المقدمة
13 - ماذا يطلب الله منا ؟ الدرس 3، الحق الذي يقود إلى الحياة الأبدية، ص47
14 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 25
15 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 29
16 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، الملحق
17 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 26
18 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، الملحق
19 - أعظم إنسان عاش على الإطلاق، فصل 11 
20 - هل يجب أن تؤمنوا بالثالوث؟ ص 22
21 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ الملحق 
22 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ الفصل 1
23 - أمور لا يمكن أنّ الله يكذب فيها، ص 147- 149
24 – WT 15.01.1976
25- WT 01.07.1983
26 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ فصل 9
27 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، المراجع الهامشية ، القوسان والمعقوفان
28 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ فصل 8
29 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ فصل 8 و 9
30 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقا؟ ص307- 308
31 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقاً؟ – الملحق، ماذا يطلب الله منا؟- الدرس 11
32 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقاً؟ – الملحق
33 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقاً؟ – الملحق
34 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقاً؟ – الملحق
35 - ماذا يعلم الكتاب المقدس حقاً؟ – الملحق
36 - ترجمة العالم الجديد، طبعة 2008، الملحق

مراجع مسيحية:

- تفسير العهد الجديد، وليم باركلي
- ضرورة التعددية في الوحدانية الإلهية، د. عماد شحادة
- الموسوعة المسيحية العربية الالكترونية
- E-SWORD
- Strong's Hebrew and Greek Dictionary
- Net Bibel
- Die verfälschte Wachturm-Bibel, M. Aslan
- Questions for Jehovah's Witnesses, William Cetnar P & R Publishing / 1983 
- Reasoning from the Scriptures with the Jehovah's Witnesses - By: Ron Rhode

نسخ الأسفار اليونانية:

- Greek NT of Enzinas
- Greek NT with Variants 
- Majority Text Greek NT 
- Nestle-Aland 26th-27th Greek NT 
- Robinson/Pierpont Byzantine Greek New Testament w/ Strongs
- Scrivener Textus Receptus Greek NT
- Textus Receptus Greek NT Texto Griego Textus Receptus e-sword.net 
- Tischendorf Greek NT
- Westcott-Hort Greek NT 
- LXX Septuagint

الترجمات العربية:
فندايك
اليسوعية/ الكاثوليكية
المشتركة

 الصفحة الرئيسية