تفنيد ضلالة السبتيين

تفنيد ضلالة السبتيين

القس عبد الله صايغ

 

 

 

مقدمة

كلما قرأت في الكتب الكثيرة عندي من منشورات بدعتي شهود يهوه والسبتيين أجد نفسي تحت تأثير عاملين قويين يعملان في أفكاري. العامل الأول هو تفاقم المغالطات المدسوسة في هذه الكتب والتي لا يصح السكوت عنها، لأنها مناقضة لأقوال الكتاب المقدس. والعامل الثاني في أفكاري هو المسؤولية الجسيمة التي تفرض عليَّ كشف الضلالات في تلك الكتب بنور كلمة الله، لخدمة إخواني المسيحيين، خشية عليهم أن ينخدعوا وتتشوه أذهانهم بتأثير تلك التعاليم الغريبة عن الحقائق المعلنة في كلام الوحي المقدس، فيتسنى بهذا لكل مؤمن أن يميز بين الحق والضلال حتى يتمسك بالحق الإلهي وينبذ الضلال، بل ليحذر كل الحذر من قراءة تلك الكتب ويسلم من سمومها التي تفتك فتكاً ذريعاً في عقول البسطاء وتفسد إيمانهم.

فبعامل هذه المسؤولية قمت، بمعونة الله، بنشر كتابين لتنفيذ آراء شهود يهوه والسبتيين، وبنشر عدد من النبذ للتوزيع المجاني. ولبيّت أيضاً الطلب عدة مرات لإلقاء محاضرات في بعض النوادي الإنجيلية في سوق الغرب وطرابلس وفي اجتماعات بعض البيوت ببيروت.

وما قلتهُ وما كتبتهُ وأكتبهُ الآن ليس بدافع الكراهية أو البغضاء لأحد الأشخاص من شهود يهوه أو من السبتيين. وإن كان عندي بغض ما فهو للتعليم فقط، وحسبي التمثل بما قاله الرب يسوع إلى ملاك كنيسة برغامس "هكذا عندك أنت أيضاً قومٌ متمسكين بتعاليم النقولاويين الذي أبغضه" (رؤ 2: 15).

والآن نزولاً عند رغبة الإخوة الغيورين الذين أرادوا نشر هذه المحاضرة الأخيرة عن السبتيين، واستحقوا الشكر من أجل سخائهم بدفع نفقات الطبع، عزمت على إعدادها للمطبعة بقصد أن تكون في متناول الكثيرين من الناس حتى يتأكد الجميع أن السبتيين لا يستحقون أن يدعوا بالحق مسيحيين، لأن الكثير من تعاليمهم تناقض التعاليم الأساسية التي عليها يرتكز الإيمان المسيحي كما هو معلن بالإنجيل المقدس. وسيرى القارئ الكريم فيما يلي من الأبحاث عن معتقدات هذه الشيعة بأني لا أفتري على المنتمين إليها بتصريحي مراراً أنهم غير مسيحيين. وهذا ما قلتهُ مرة في بحثي مع أحد قسوسهم على مسمع بعض الحاضرين.

في أول الأمر كنت أظن أن الخلاف بين الإنجيليين والسبتيين قائم على الاعتقاد بحفظ السبت فقط. وهذا أمرٌ لا أهمية لهُ، لأن الرسول بولس في (رو 14: 5 و6) يقول "واحدٌ يعتبر يوماً دون يوم وآخر يعتبر كل يوم. فليتيقن كل واحد في عقلهِ، الذي يهتم باليوم فللرب يهتم والذي لا يهتم باليوم فللرب لا يهتم" فالمهم إذاً أكثر من حفظ اليوم أو عدم حفظه هو اعتقاد السبتيين المغاير لنصوص الحقائق الكتابية وبالتالي الذي يمس بكرامة الرب يسوع إلهنا المبارك.

وقد أسفتُ جداً لأن جماعة السبتيين قُبلوا في عضوية المجمع الأعلى مع الفرق الإنجيلية المنضمة إليه. على أني أتأكد أن الذين قبلوهم في العضوية لم يكونوا يعرفون كل اعتقاداتهم المغايرة لتعاليم الكتاب المقدس وإلا لما قبلوهم في الأساس.

وبما أن المعلومات عن اعتقاداتهم قد توافرت لديَّ فأكتب عما وجدتهُ في كتبهم وفي بعض الكتب عنهم خصوصاً كتاب السيد E.B.Jones (أربعون سبب مؤيدة من الكتاب لماذا لا أكون سبتياً) فمستر جونز هذا سبق له أن عاش كسبتي بل ومكرس للخدمة مع هذه الشيعة مدة عشرين سنة في الهند، على أنه حينما فتح الله عينيه لمعرفة الحق صمَّم أن يتبرأ من تعاليمهم بل أنه فنّدها بكل إيضاح في كتابهِ المشار إليه.

ومن أجل تعميم الفائدة للقراء الكرام وجدت أنه من الضروري أن أذكر الاقتباسات المأخوذة من كتاب مستر جونز وأشير إلى الأماكن الواردة فيه. وها أنا أضع على كل اقتباس رقماً متتابعاً يراه القاري مذكوراً في الهامش. وأود الآن أن أضع موجزاً لاعتقادات هذه الشيعة. 

أولاً: عن اعتقادهم بأن المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة وأنه كان ملاكاً وبوظيفة معادلة لوظيفة لوسيفورس، أي إبليس.

ثانياً: عن اعتقادهم بأن المسيح لم يكمل الكفارة على الصليب ولم يكملها إلا سنة 1844.

ثالثاً: عن اعتقادهم بان المسيح وارث للطبيعة الخاطئة.

رابعاً: عن اعتقادهم بأن المسيح لم يصعد رأساً إلى الآب ولكنه صعد إليه سنة 1844.

خامساً: عن اعتقادهم بأن التيس عزازيل رمز الشيطان وهو الذي يحمل الخطية وعقابها.

سادساً: عن اعتقادهم بعدم خلود النفس البشرية وعدم العذاب أو الراحة لها بعد الموت.

سابعاً: عن اعتقادهم بأن كنيستهم هي التي باشرت بالمناداة بالملكوت سنة 1844.

ثامناً: عن اعتقادهم بأن من يحفظ الأحد يوم للرب يحمل سمة الوحش ويهلك.

تاسعاً: عن اعتقادهم بأن إبليس سيتقيد لمنعه من الذهاب إلى عوالم أخرى ليضلها.

عاشراً: عن اعتقادهم بالسبت كأهم سلاح، وإن مخالفة الوصية الرابعة هي مخالفة لكل الوصايا. 

وبعد هذا الإيجاز أتقدم بالتفصيل.

أولاً: عن اعتقادهم بأن المسيح هو ميخائيل رئيس الملائكة

وهذا الاعتقاد بدون شك، مهين جداً لمقام السيد المسيح، لأنهُ إن كان هو ميخائيل أو أحد الملائكة فيكون مخلوقاً، وطبعاً لا يمكن أن يكون هو الخالق وهو المخلوق في الوقت نفسه. فقد أتى مرةًّ رجل من البارزين في فئة السبتيين ليبحث معي وليؤكد لي إن المسيح هو ميخائيل. وحيث أن سلاحي القوي ضد بهتان الناس، هو من الكتاب المقدس، فقرأت له ما جاء في العدد التاسع في رسالة يهوذا القائل "وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجَّاً عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب". وهذه الآية المقدسة ترينا بكل وضوح أن ميخائيل رئيس الملائكة عجز عن انتهار إبليس والتجأ للرب لينتهرهُ، بينما نجد أن المسيح وهو على الأرض بجسد إنساني متضع لم يلجأ إلى أحدٍ ما لينتهر إبليس بل انتهرهُ بسلطانه الإلهي (مت 4: 10) وللروح الشرير النجس الأصم قال "أنا آمرك" (مر 9: 25) ثم إن الكتاب يرينا الفرق بين المسيح وبين الملائكة. ففي (عب 1: 7 و8) نقرأ هكذا: (عن الملائكة يقول الصانع ملائكتهُ رياحاً وخدامه لهب نار. وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور"، وفي (كو 1: 16) نقرأ أيضاً عن الرب يسوع "فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض. ما يُرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل بهِ وله قد خلق".

وفي (عب 1: 6) يرينا أنه "تسجد له كل ملائكة الله" فملائكة الله ومن جملتهم ميخائيل يسجدون لهذا الابن البكر المتجسد.

والغريب أن السبتيين يتشبثون في اعتقادهم الباطل بحجة أن كلمة ميخائيل تعني (مثل الله). فالعبارة مثل الله لا تعني هو الله لأن المسيح هو الله بالذات بطبيعته وليس مثل الله كميخائيل.

ومن الكتاب نعلم أنه هو الابن الوحيد للآب القدوس، فإن كان ميخائيل هو المسيح حسب رأي الضلالة السبتية فيكون للآب ابنان. وهل كانا توأمان الواحد سمي يسوع والآخر دعي ميخائيل.

ونريد أن نسأل السبتيين هل مجرد كل اسم لواحدٍ ما يجعله هو الشخص الأخر بعينهِ، وهذا طبعاً لا يمكن أن يكون لأننا نقرأ في (كو 4: 11) "يسوع المدعو يُسطس" فهل يسوع يُسطس هذا هو يسوع المخلص لأنه اسمه مثلهُ. ثم نعلم أن أحد ملوك ايطاليا كان اسمه عمانوئيل فهل اسمه هذا يعطيه الحق أن يكون عمانوئيل المولود من العذراء المباركة مريم، وحسب معناه "الله معنا" .

فيا ليت جماعة السبتيين يقبلون نصيحتنا المخلصة التي نقدمها لهم بمحبة أن ينزعوا عن أفكارهم هذه الخرافات التي تطعن ابن الله الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس في صميم لاهوتهِ، وأن يعودوا إلى الإيمان بابن الله الوحيد يسوع.

ولسوء الحظ نرى أن السبتيين لا يقفون عند هذا الحد بل يعتقدون أن المسيح كان ملاكاً وبرتبة لوسيفورس، وهاكم أيها القراء الأعزاء ما تصرح بهِ مسز هويت نبية السبتيين المشهورة وتشرحهُ ببحث طويل نختصر منه ما جاء في صفحتي 9 و10 من كتابها (المعركة القادمة) حيث تقول (تساءَل لوسيفورس قائلاً لماذا تكون السيادة للمسيح دونهُ هو..... زاعماً أن الله قد ظلمه بأنه تعالى قد فضَّل المسيح عليه.....وأنه اعتزل منصبه وراح يبث بين الملائكة روح التذمر مخفياً قصده الحقيقي تحت ستر من الاحترام لله. وأن الله أبقاه في السماء يعرض عليه بين الفينة والفينة العفو إن هو تاب وخضع ... وأن ابن الله ذاته توسل إلى لوسيفورس مبيناً له عظمة الإله ولطفه وعدله وعدم تغير شريعته المقدسة وموضحاً أنه تعالى هو الذي وضع نظام السماء.... أما هذه التوسلات المقدمة له في محبة ورأفة فلم تزده إلا عناداً).

ثانياً: عن اعتقادهم بأن المسيح لم يكمل الكفارة على الصليب

فاسمعوا ما يقول أحد السبتيين السيد أوريا سمث[1] في كتاب ناظرين إلى يسوع وجه 237 (إن المسيح لم ينجز الكفارة على الصليب. فلترسخ هذه الحقيقة دائماً في العقل) ومستر وتس[2] في كتاب عمل المسيح الكفاري وجه 95 و113 يقول (أنه لمستحيل أن يُستنتج أن عمل الكفارة قد أنجز على الصليب.... عمل الكفارة يجب أن يستمر في السماء طيلة وقت الامتحان). 

[1]- كتاب أربعون سبب صفحة 9

[2]- كتاب أربعون سبب صفحة 9

ثالثاً: عن اعتقادهم بان المسيح وارث للطبيعة الخاطئة

فاسمعوا ما تقول مسز هويت[3] في كتاب مشتهى الأجيال وجه 24 ثم في كتاب قراءّات التوراة. (إن المسيح من ناحيته ورث كل ما يرثه أي واحد من أولاد آدم كطبيعة خاطئة).

ثم إن مستر ولكوكس[4] في كتاب علامات الأزمنة يقول (إن المسيح كان في عروقه الميل الوراثي المدنس) وفي كتاب "الكتاب يتكلم" صفحة 197 يقول (لقد اشترك يسوع في لحم البشرية ودمها بعد سقوطها ولذلك صار شبيهاً لإخوته في كل شيء مجرباً مثلهم) ونلاحظ هنا أن الكاتب عندما أورد العبارة من (عب 4: 15) "مجرب مثلنا" أهمل القول "بلا خطيئة" وكأنه أيضاً نسي القول في (رو 8: 3) "الله أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد".

ونجد "الكتاب يتكلم" في صفحة 197 ذاتها يقول (أما أن المسيح ولد من أم خالية من الخطية ولم يرث الميل إلى الخطيئة، لذلك لم يقع فيها، فهي فكرة مغلوطة، تُبعد المسيح عنا وتضعه في مركز حيث لا ننال منه نفعاً. نعم قد ورث السيد المسيح في تجسده ما يرثه جميع أبناء آدم).

ويضيف "الكتاب يتكلم" في صفحة 198 قوله (كانت حاجة المسيح إلى معونة الله في القيام بعمله حاجة كل إنسان يعيشها، فلم يستخدم واسطة تمكنه من حياة القداسة إلاَّ وهي في مقدور كل إنسان أن يريد وأن يعمل من أجل المسرة), ونحن نستغرب مثل هذه الأقوال عن المسيح، فهو بلا عيب مع أنه ولد من أم خاطئة نظير باقي البشر، وهو قدوس. ولم تنزع منه القداسة عند التجسد حتى صار بحاجة إلى واسطة تمكنه من حياة القداسة.

[3]- كتاب أربعون سبب صفحة 6

[4]- كتاب أربعون سبب صفحة 6

رابعاً: عن اعتقادهم بأن المسيح لم يصعد رأساً إلى الآب ولكنه صعد إليه سنة 1844

فمن أقوال مسز هويت[5] في كتاب المناظرة العظمى وجه 220 و221 (إن المسيح عند صعوده إلى السماء لم يذهب رأساً إلى حضرة الآب في قدس الأقداس ولكنه ذهب أولاً إلى القدس ولمدة 18 جيلاً كانت خدمته فيه لإتمام الفداء وبعد نهاية سنة 1844 دخل قدس الأقداس لإكمال عمل الكفارة تمهيداً لنزوله إلى الأرض).

وأريد الآن أن تنظروا في أقوال الكتاب عن صعود الرب يسوع إلى الآب رأساً، ففي (اع 7: 56) رآه استفانوس "قائماً عن يمين الآب" وفي (عب 8: 1) يقول "لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في عرش العظمة في السموات".

وفي (عب 10: 12) يقول "فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" وفي (رؤ 13: 21) الرب نفسه يقول "كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه" وكل هذه الأقوال الكتابية مع الكثير من أمثالها أتت بتصريحاتها قبل سنة 1844 الوهمية.

والآن نأتي إلى قصة الـ 1844 فنقول أن أحد رجال السبتيين المدعو مستر ملر كان في أول أمره – مشككاً ثم ادعى أنه تجدد سنة 1816 وبتعمقه في الدراسة لسفر دانيال- وهدفه كما نعلم، كهدف شهود يهوه، وهو أن يجد مستنداً في النبوات عن رجوع اليهود إلى الهيكل في القدس. ففي (دانيال 8: 14) قرأ ما قاله قدوس واحد لدانيال هكذا: "إلى ألفين وثلاث مئة صباح ومساء فيتبرأ القدس" وعندما عثر مستر ملر على هذه الآية توهم أنه وجد ضالته المنشودة، فاتخذها دليلاً على تحرير القدس من القوات العالمية.

على أنه من الضروري أن ندرك قول الوحي 2300 صباح ومساء يدل على أنها أيام عادية وليست أياماً نبوية كغير أيام في الكتاب تتأول إلى سنين. أما السبتيون فاتخذوا هذه الأيام سنيناً أي 2300 سنة واستعملوا قواعد الحساب كالضرب والطرح والجمع حتى توصلوا إلى 1844 كموعد معين لمجيء الرب وتبرئة القدس. وهاكم ما قاله "الكتاب يتكلم" صفحة 275 (أن المدة الواردة في هذه النبوة تتناول 2300 يوم أي سنة وتنتهي في السنة 1844 ميلادية بدليل أن خدمات المقدس الأرضي أبطلت عندما أسلم المسيح الروح، وبدليل تدمير الهيكل نفسه عندما سقطت أورشليم في يد القائد الروماني تيطس سنة 70 ميلادية) وفي صفحة 265 من الكتاب نفسه يضيف الكاتب شرحاً للموضوع فيقول (بما أن التسعة والستين أسبوعاً قد انتهت في خريف سنة 27م. فينتهي نصف الأسبوع أي ثلاث سنوات ونصف) في ربيع سنة 31 م. أما الثلاث سنوات والنصف الباقية من السبعين أسبوعاً أي الـ 490 سنة المقطوعة من 2300 سنة فتنتهي في خريف سنة 34 م. حين أكمل اليهود معصيتهم برجم الشهيد استفانوس إذا طرحنا الـ490 سنة من الـ2300 سنة يبقى 1810 سنوات وإذا أضفنا إلى هذا الرقم الأخير الـ34 سنة يكون المجموع 1844).

وهنا لا بد لي من إبداء بعض الملاحظات المختصرة على أقوالهم الباطلة هذه.

أولاً: إن خدمات المقدس الأرضي لم تبطل عندما أسلم المسيح الروح كما قالوا. بل استمرت إلى سنة الـ70 عند تدمير الهيكل.

ثانياً: تفنيد رأيهم بأمر الـ34 سنة وتأويلهم لها بأن المسيح ابتدأ عمله سنة 27 من عمره، والصحيح أنه ابتدأ وهو ابن 30 سنة. (لو 3: 23).

ثالثاً: إفساد تأويلهم للـ2300 صباح ومساء كسنين لأنها بالحقيقة هي أيام عادية ولا تتعدى كونها مسألة تاريخية، عبارة عن مدة تتراوح بين 170 أو 165 سنة ق.م. أي حينما دنس انتيوخوس ابيفانيوس الهيكل وذبح خنزيرة ورش مرقها في هيكل أورشليم. وهذا الأمر جعل اليهود يثورون ثورتهم الدموية بقيادة يهوذا المكابي وإخوته. وعندما تم انتصارهم طهروا الهيكل وسموا وقت التطهير هذا "عيد التجديد" وهو المذكور في (يو 10: 22) ومن هذا نعلم حق العلم أن الحادث تاريخي محض ولا علاقة له بمجيء المسيح سنة 1844 لتبرئة القدس كما زعموا بتأويلهم.

وعندما أتت سنة 1844 ولم يأتِ المسيح قامت احتجاجات وخلافات بين السبتيين لأن تفاسير الزعماء لم تكن صحيحة. وهذا الأمر دعا مسز هويت نبيتهم لتدلي برأيها لحل المشكلة، وهو أن المسيح لا يرجع إلى العالم سنة 1844 ولكنه في تلك السنة صعد إلى قدس الأقداس ليكمل الكفارة ومن ثم يرجع إلى الأرض وقد سبقت الإشارة إلى رأيها هذا. وفي إحدى تصريحاتها تقول (إن السيد رب البيت في سنة 1844 قد نهض وأغلق الباب).

وهنا أرجو القراء الأعزاء أن يسمحوا لي أن أذكر على سبيل الفكاهة ما قيل على لسان أحد رجال السبتيين بهذا الصدد (إن الذين لا يعرفون أن الرب غيَّر مكانه سنة 1844 فلا يمكنهم أن يجدوه في المكان الأول. وبما أن البروتستانت لم يقبلوا الإعلانات السبتية عن إغلاق باب الرحمة عند انشغال المسيح، فالكنيسة البروتستانتية هي بابل التي سقطت. وبما أنهم لم يفهموا أمر الانتقال فالمفتاح للمعرفة موجود بيد السبتيين).

ولا بد لنا أيضاً من ذكر السخافة في أقوالهم عن الغفران ومحو الخطية. "فالكتاب يتكلم" صفحة 271 يقول (إن كل الذين اغتنموا فرصة النعمة هذه نالوا الغفران ومحو الخطايا في تبرئة القدس يوم الكفارة العظيم. لأن الخطية وإن غفرت وقد تخلص منها الخاطئ فهي لم تمحَ إلا في ذلك اليوم). وفي صفحة 265 يقول ( قد سبق فبينا أن تبرئة القدس هي الدينونة التي يصير فيها محو الخطايا وتكميل الكفارة استعداداً لمجيء المسيح الثاني وها أكثر من مئة سنة منذ ابتدأت الدينونة في القدس السماوي ولا بد من أن تنتهي عن قريب فهل أنت مستعد).

فهل سمع أحد عن سخافة أقبح من هذه التي تعني أن الذين قال لهم المسيح "مغفورة لكم خطاياكم" إنها لم تمحَ إلا سنة 1844. وهل غفران المسيح كان دفعة مقبوضة والمحو دفعة مؤجلة إلى سنة 1844.

[5]- كتاب أربعون سبب صفحة 12

خامساً: عن اعتقادهم بأن التيس عزازيل رمز الشيطان وهو الذي يحمل الخطية وعقابها

وهاكم ما تقوله مسز هويت[6] بهذا الصدد في كتاب المجادلات العظمى صفحة 419 إلخ إلخ (فالتيس الآخر الذي يُرسل إلى عزازيل يرمز للشيطان الذي هو موجد الخطية وعليه بالنتيجة توضع خطايا التائب. فإن الشيطان يحمل الإثم وكل الخطايا التي جعل شعب الله يرتكبها. ولمدة ألف سنة يكون محصوراً في الأرض الخالية من الناس في خلال حكم الألف سنة وأخيراً سيتحمل عقاب الخطية بالنار التي ستفني الأشرار). وفي كتاب "المعركة القادمة" لمسز هويت صفحة 89 تقول: (أما الشيطان وقد وُضع عليه خطايا الأبرار فيعاقب على خطاياه الثورية وعلى الخطايا التي جرَّ شعب الله إلى ارتكابها).

ففساد هذه الآراء يظهر حينما نقابلها بأقوال الكتاب المقدس. ففي (عب 13: 12) يقول "لذلك يسوع أيضاً لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب" وفي (1بط 2: 24) يقول الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر" وقد سبقت النبوة في (اش 53: 6) فقالت "الرب وضع عليه إثم جميعنا". والمعمدان شهد للرب يسوع بقوله في (يو 1: 29) "هوذا حمل الله الذي يرفع خطايا العالم".

[6]- كتاب 40 سبب وجه 10

سادساً: عن اعتقادهم بعدم خلود النفس البشرية وعدم العذاب أو الراحة لها بعد الموت

وخذوا ما ورد في كتاب "المعركة القادمة" لمسز هويت صفحة 32 حيث تقول (بعد أن أهبط الشيطان آدم أمر ملائكته أن يطبعوا في البشر الاعتقاد بخلود النفس حتى إذا ما أعتقد الناس به قادهم إلى الاعتقاد أيضاً بأن الخاطئ يعذب عذاباً أبدياً لا نهاية له، وهكذا يصورون الله بصورة الظالم المنتقم الذي يرمي الخاطئ في نار جهنم ويسكب عليه فيها غضبه المشتعل، وبينما يتمرغ في لظى لهيبها متألماً ينظر إليه الخالق بعين الرضا وانشراح الصدر).

وفي صفحة 34 و35 من كتابها هذا عينه تقول: (إن الاعتقاد بأن النفس خالدة لمن الاعتقادات الباطلة قد أخذتها الكنيسة عن الوثنية وأدمجتها في المعتقدات التي تعلم بها، أما الكتاب المقدس فيصرح بأن النفس التي تخطيء هي تموت، وأن الموتى لا يعلمون شيئاً...... ليس من آية من الآيات المقدسة تعلم أن الأبرار يذهبون إلى ثوابهم حال الموت. ولم يعطنا الآباء ولا الأنبياء تأكيداً بمثل هذا الأمر. ولم يشر إليه السيد المسيح أو رسله الكرام).

وفي صفحة 42 تتابع قولها (يجمع الشيطان أخيراً كل الشعوب تحت لوائه المضل بواسطة الضلالين العظيمين ألا وهما أولاً الاعتقاد بخلود النفس وثانياً بقدسية الأحد).

و"الكتاب يتكلم" في صفحة 579 يقول (لو كان في موت الإنسان الانتقال إلى حياة أفضل فلماذا يموت المسيح ليفدي الإنسان من الموت. وما هي الحاجة إلى القيامة والمجيء الثاني) وفي صفحة 582 يقول (إذا بقي الإنسان حيّاً بعد الموت وصعد إلى السماء أو نزل إلى جهنم حسب زعم البعض، فما المنفعة من مجيء المسيح الثاني طالما يكون الإنسان قد نال جزاء ما استحق توَّاً بعد الموت).

ألا نرى بأقوالهم هذه تكذيباً لأقوال الله في كتابه. ففي (اش 66: 24) يقول "ويخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا عليَّ لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ ويكونون رذالة لكي ذي جسد".

ثم أليس هذا تكذيباً لقول الرب يسوع نفسه في (مت 25: 46) فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" وقوله الذي كرره في (مر 9: 43) "خير لك أن تدخل الحياة الخ..... من أن تطرح في جهنم حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ" وكذلك ما قيل في (لو ص 16) عن عذاب الغني بعد موته حالاً وعن راحة لعازر بعد انتقاله إلى أحضان إبرهم فوراً. وبالإضافة إلى كل ذلك وغيره نجد الكتاب يخبرنا عن النفوس الحية تحت الختم الخامس، وأعطوا أن يستريحوا لإكمال العدد (رؤ 6: 9-11).

ألا تلاحظون معي أيها الأحباء إن إنكار حقيقة خلود النفس يلاشي الإيمان بالحياة بعد الموت حسب تعليم الكتاب، وإن هذا الإنكار لا يتفق مع نص الإنجيل في قول الرب يسوع إلى اللص الذي اعترف بخطاياه وتاب وآمن "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43).

ومما تجدر الإشارة إليه هو أن السبتيين يتفقون مع شهود يهوه بالتلاعب في عبارة الرب هذه التي قالها إلى اللص لأنها تفسد رأيهم. والعجيب أن السبتيين لا يقفون عند حد في آراء الضلال، لأننا نراهم يحامون عن الأشرار وهلاكهم. وفي "الكتاب يتكلم" صفحة 595 يقولون (يفنى الأشرار كالدخان ويصيرون رماداً.... أن هلاك الأشرار لرحمة من الله لهم إذ لا يشأ أن يبقيهم في عصيانهم وبؤسهم وتعاستهم. نعم إنها لرحمة من الله أن يفنيهم فلا يبقى لهم أصلاً ولا فرعاً ويكونوا كأنهم لم يكونوا وتصبح الأرض مسكناً سعيداً للمفديين يملئونها تمجيداً لاسم الرب الفادي). وفي صفحة 592 يقول (يصعب جداً حفظ الأشرار في العذاب إلى الأبد بدون تعيين محل يكونون فيه).

وهذه الآراء الفاسدة يبطلها كلام الله الحق القائل في (رؤ 20: 10) "وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين". وهلاك إبليس هذا يشمل الجيش البشر الذي تجند معه لمحاربة الرب (رؤ 20: 9).

ويظهر فساد قولهم بأنه (يصعب تعيين محل لحفظ الأشرار). على أن الكتاب يعيّن لهم المحل كما في (رؤ 21: 8) إذ يقول "أما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني".

ثم إن "الكتاب يتكلم" لم يكتفِ بالمحاماة عن الأشرار ولكنه يحامي عن الملائكة الساقطين. ففي صفحة 46 يقول (أن الله الذي هو محبة والذي يُسَرّ بالرحمة والذي لا يتغير، قد عامل الإنسان بعد أن أخطأ بالصفح والغفران ومنحه وقتاً ليرجع إليه. أفليس من المعقول أنه سلك المسلك نفسه أيضاً مع الملائكة الذين أخطأوا؟ أما أولئك الذين تمردوا أو ثاروا على الله وعلى النظام السماوي فقد طردوا من السماء). فأقوال الكاتب هذه تتفق مع أقوال مسز هويت بهذا الصدد. ولكن كلمة الله تبين لنا أنه صفح للإنسان ودبر خلاصه بالفداء بخلاف الملائكة لأن الوحي في (عب 2: 16) يقول "لأنه حقاً ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبرهيم".

سابعاً: عن اعتقادهم بأن كنيستهم هي التي باشرت بالمناداة بالملكوت سنة 1844

وهاكم ما ورد في "الكتاب يتكلم" صفحة 284 حيث يقول (إن نبوة الـ69 أسبوعاً قد حددت مجيء السيد المسيح الأول. أما زمن النبوة بطوله فيمتد إلى ساعة الدينونة التي ابتدأت في السماء سنة 1844 ومنذ ذلك العهد باشرت الكنيسة بالمناداة ببشارة الملكوت وبالدعوة للسجود لخالق الأرض والسماء) وهل نحن بحاجة إلى تفنيد هذا الهراء القائل أن الكنيسة ابتدأت أن تنادي بالملكوت سنة 1844. ألا نتيقن أن البشارة والمناداة بالملكوت ابتدأت برسل المسيح واستمرت في الكنيسة المسيحية ولا تزال إلى سائر الأجيال، على أن قول الكاتب هذا عن مباشرة الكنيسة بالمناداة سنة 1844 يعني أن كنيستهم التي خلقتها بدعة تعليمهم هي التي يزعم أنها باشرت بالمناداة بذلك الملكوت في ذلك التاريخ الوهمي.

ثامناً: عن اعتقادهم بأن من يحفظ الأحد يوم للرب يحمل سمة الوحش ويهلك

فإليكم ما يقوله "الكتاب يتكلم" صفحة 525 (هذه هي الرسالة الأخيرة يبعث بها الله إلى العالم أجمع قبل أن يجيء المسيح ثانية. وتحت هذه الرسالة الأخيرة يتكون طبقتان من الناس، الأولى تحمل إشارة الوحش، والثانية تحفظ وصايا الله وتوسم بختمه الخاص في حفظ الوصية الرابعة).

وإليكم ما تقوله مسز هويت[7] في كتاب شهادات الكنيسة وجه 117 في المجلد الثامن (إن علامة ختم الله تظهر في الذين يحفظون اليوم السابع كذكرى لعمل الخليقة. وعلامة الوحش تظهر في الذين يحفظون الأول من الأسبوع).

وكم يعوزني من الوقت الكافي إذا أردت أن أذكر كل ما قيل عن هذا الموضوع. وأكتفي بما قاله أوريا سمث في كتاب عجيبة الأمم صفحة 183 (إن حفظ الأحد يجب أن يكون علامة الوحش. كل الذين يحفظون الأحد بالضرورة هم من عابدي الوحش وبالتالي من عابدي الأوثان). وفي كتاب التبصر الزائد في أمر المجيء المطبوع سنة 1850 صفحة 174 و175 يقول (إن الذين يحفظون الأحد كيوم للرب هم عباد الوحش وعابدي أصنام ومختومون بختم الوحش ومحكوم عليهم بالعذاب الأبدي. أما الذين يحفظون السبت فهم المختومون إلى المجد الأبدي).

[7]- كتاب أربعون سبب صفحة 39 

تاسعاً: عن اعتقادهم بأن إبليس سيتقيد لمنعه من الذهاب إلى عوالم أخرى ليضلها

وبالإضافة إلى هذا يستنكرون وجود سلام مدة الألف سنة. وهاكم بعض ما ورد في كتاب "المجيء الثاني" بقلم كارليل ب. هينز في صفحات 66-71 إذ يقول (وكون الشيطان سيتقيد جعل البعض يستنتجون أن الألف سنة لا بد وأن تكون فترة سعيدة يغمرها السلام ويسودها الوئام بين الأمم. وأن شعوب الأرض طرَّا لا بد أن يؤمنوا بالإنجيل، فيكون من نتيجة ذلك أنهم يسرحون جنودهم ويتلفون أسلحتهم ويهدمون حصونهم ولا يعودون يتعلمون الحرب فيما بعد). ويقول أيضاً (وما هذه النظرية إلا اختراع شيطاني غايتها أن تقود شعب الله إلى الاعتقاد أن المسيح لا يأتي حتى يكون العالم قد تجدد بأسرهِ).

وللرد على هذه الأقوال الباطلة يحسن بالقارئ أن يقرأ ما قيل في (أش 11: 6-10) وفي (ميخا 4: 3 و4) عن توقف الحروب أثناء ملك المسيح.

هذا وإني أعجب بقول مستر هينز: عن رأي بعض الناس بأن المسيح لا يأتي حتى يكون العالم قد تجدد. على أننا من أقوال الروح القدس بفم بولس الرسول في (2تس 2: 3) عن مجيء المسيح "أنه لا يأتي ما لم يأتِ الارتداد أولاً" وهذا ما نراه كأدلة في انتشار تعاليم السبتيين وشهود يهوه والمرمون وغيرهم التي هي بوادر الارتداد بعينها.

ثم نجد مسز هويت في كتاب "المعركة القادمة" صفحة 77 تعلن اتفاقها على آراء مستر هينز بحبس إبليس إذ أنها تصرح (إذ يُحبس في الأرض لا يستطيع أن يذهب إلى العوالم الأخرى التي لم يخطئ سكانها قط ليجربها ويزعجها. بهذا المعنى هو مقيد إذ لا يبقى من يضلهم) وكتاب "المجيء الثاني" صفحة 71 يقول: (هنا في هذه الأرض الموحشة وقد خلت من كل بشر وامتلأت من إنقاص المدن سينحصر الشيطان لمدة ألف سنة مقيداً بسلسلة عظيمة، ومعنى ذلك أنه سيرغم على البقاء في هذا العالم، فلا يسمح له بالخروج منه إلى سواه من العوالم، وسيبقى كذلك مقيداً بالظروف، فليس بوسعهِ أن يخدع الأبرار لأنهم جميعاً في السماء وليسوا في متناول يدهِ. ولا أن يخدع الأشرار لأنهم أموات كلهم فهو لذلك مقيد وسيظل مقيداً حتى يطرأ تغيير على وضع الأبرار والأشرار).

أما الكتاب المقدس فيرد على آراء باطلة كهذه بأن تقييد إبليس معناه عدم إضلالهِ العالم الموجود في الأرض وليس بصحيح قول السبتيين أن الأرض تكون خالية من البشر مدة الألف سنة. ففي (رؤيا ص20) يوضح الوحي ذلك بأن إبليس بعد منعهِ من إضلال الأمم وحلهِ زماناً يسيراً سيجهز جيشاً عظيماً من أربعة أطراف الأرض. فلو لم تكن الأرض عامرة بالسكان لما وجد الجيش الكبير ليحارب الرب.

والمهزلة الكبرى هي في اعتقادهم بوجود عوالم أخرى لم يضلها إبليس لأن مسز هويت في كتابها "المعركة القادمة" صفحة 93 تتحدث عن الذين ينجون من الهلاك ويلتقون بأولئك الذين لم يخطئوا في العوالم الأخرى بقولها (عوالم اعترى سكانها الحزن الشديد إذ شاهدوا ما أصاب البشر من الويلات من الخطية، وقفزوا فرحاًً ورنموا ترنماً إذ سمعوا بخلاص نفس وبابتهاج يفوق الوصف يدخل بنو الأرض في فرح الذين لم يسقطوا قط).الخ

ألا ترون معي أيها الأحباء أن تعابير كهذه تمس كرامة عدل الله لأنه سمح لإبليس أن يضل البشر وفي الوقت نفسه جعله مقيداً لكي لا يضل العوالم الأخرى ويسقطهم بالخطية. أليس الكل خليقته تعالى وهل عنده محاباه فيسلم البعض للضلال ويحفظ البعض الآخر منه.

عاشراً: عن اعتقادهم بالسبت كأهم سلاح، وإن مخالفة الوصية الرابعة هي مخالفة لكل الوصايا

والآن بعد مرورنا في مواضيع اعتقاداتهم بالاختصار آتي إلى موضوع السبت الذي على أساسه يهاجمون من يحفظ يوم الأحد كيوم للرب. وهم يعلقون آمالهم بنجاح دعواهم وإقناع البسطاء الذين لا يعرفون الكتاب جيداً إذ يتذرعون بحجة باطلة أي أن الملك قسطنطين والبابا غيروا السبت بالأحد.

"فالكتاب يتكلم" في صفحة 469 يقول (إنما السبت هو المركز الدائم بقوة الله المبدعة من العدم كل شيء. ولأجل هذه الغاية وضع السبت من البدء لئلا ينسى الإنسان الإله الحي الحقيقي. انظر إلى سكان الأرض ترَ منهم الثلثين عبدة أوثان لأنهم لا يقدسون اليوم السابع الدال على الله الخالق. يا ليت الناس يصغون إلى الوصية الرابعة ليعملوا بها لأن في حفظها الابتعاد عن عبادة الآلهة الغريبة والركون إلى عبادة الإله الحي). وفي صفحة 459 يقول (لم يجعل السبت لأجل اليهود فقط بل لأجل الإنسان لأن وصية السبت كانت قبل ظهور اليهود بما ينوف عن الألفي سنة).

ولو أتيح لنا مقابلة الكاتب لسألناه عن إحصائهِ بأن ثلثي سكان الأرض، حسب زعمهِ، عبدة أوثان. فهل يؤلف السبتيون واليهود الثلث الباقي من السكان. وهل من اللائق أن يحسب ملايين من البشر عبدة أوثان ومن جملتهم المسيحيين لأنهم لا يحفظون سبته.

فمن الضروري إذاً أن نفند كل ادعاءّاتهم الباطلة بأمر السبت:

أولاً- إن وصية السبت لم تكن لأجل جميع الناس ولو كانت هكذا لأعطيت الوصية به منذ بدء الخليقة، على أننا نعلم أن اليوم السابع لم يصدر أمر بحفظهِ إلا بعد خروج الشعب اليهودي من مصر وبالضبط عند التقاطهم المن في البرية كما ورد في (خر16: 23 و29 و30).

ثانياً: أنه غير صحيح أن الملك قسطنطين والبابا غيروا السبت إلى الأحد، لأن أول الأسبوع أُعتبر يوماً للرب قبل عهد قسطنطين وقبل أن يوجد باباوات، وحفظ الأحد ابتدأ في الكنيسة الأولى ولو يسمح لنا المجال لذكرنا أسماء الكثيرين من قادة الكنيسة الذين منذ العصر الأول علموا عن حفظ اليوم الأول من الأسبوع كيوم للرب ونبذوا السابع.

ورغبة في الاختصار نذكر شهادة أغناطيوس سنة 70 مسيحية وهي القائلة: (كل من يحب المسيح فليقدس يوم الرب ملك الأيام، يوم القيامة المرتفع على كل الأيام) وشهادته أيضاً حوالي سنة 110 مسيحية القائلة (إن أولئك الذين ساروا الطريق الأول يبلغون جدة الرجاء بحيث لم يعتبروا السبوت بل اعتبروا يوم الرب الذي فيه تقوم حياتنا معه لنكون تلاميذ يسوع معلمنا الوحيد).

ونذكر أيضاَ شهادة جستين مارثر وهو الذي يُقال أنه ولد بينما كان الرسول يوحنا عائشاً. ومن أقواله (يوم الأحد هو اليوم الذي نعقد فيه اجتماع الشركة لأنه اليوم الذي فيه قام يسوع مخلصنا من الأموات). ونظن هذه الأقوال التي قالها رجال الكنيسة في العصر الأول وهي تغنينا عن ذكر ما قاله اكليمندس من الإسكندرية سنة 194 وما قاله ايرونيموس المؤرخ الشهير سنة 187 وقول ترتوليان بهذا الصدد وغيرهم وغيرهم.

ولعل هذه الأقوال الناطقة من الكنيسة الأولى تقنع السبتيين بأن يوم الرب هو الأحد وليس يوم السبت وأن لا صحة لادعائهم بأن قسطنطين والبابا غيروا السبت بالأحد. ألا يليق بجماعة السبتيين أن يقلعوا عن حججهم الهزيلة التي يعتمدون عليها لتمسكهم بالسبت اليهودي.

ثالثاً: إن البطاركة القدماء لم يحفظوا يوم السبت ولم يعرفوا عن وصية خاصة به. فنحن أبناء إبرهيم المدعو في الكتاب أب المؤمنين. فإن كان إبراهيم وابنه وحفيده لم يحفظوا السبت فهل يطلب منا أن نحفظه إكراماً لخاطر السبتيين.

والدليل على عدم وجود وصية للسبت في عهد الآباء هو بقول موسى النبي الذي أخذ الوصايا من الله. ففي (تث 5: 2 و3) يقول "الرب إلهنا قطع معنا عهداً في حوريب. ليس مع آبائنا قطع الرب هذا العهد بل معنا نحن الذين هنا اليوم جميعنا أحياء" وفي عدد 15 يقول "اذكر أنك كنت عبداً في أرض مصر فأخرجك الرب إلهك من هناك بيدٍ شديدة وذراع ممدودة لأجل ذلك أوصاك الرب أن تحفظ يوم السبت". فهل يريد السبتيون أن يهودونا ونحن لم نكن قط في عبودية مصر نظير اليهود الذين أعطوا الوصية لذكرى إطلاق الرب لهم.

رابعاً: إن حفظ السبت كوصية ملزم بها اليهود فقط كشعب ومعهم السبتيون المتهودون.

ثم إن آيات الكتاب تصرح بأن السبت كان علامة عهد بين اليهود وبين الله. ففي (خر 31: 12 و13) نقرأ هكذا "وكلم الرب موسى قائلاً. وأنت تكلم بني إسرائيل قائلاً سبوتي تحفظونها لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم لتعلموا إني أنا الرب الذي يقدسكم" وفي عددي 16 و17 يقول فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً. هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد".

وقد تكرر ذكر هذا العهد إلى أجيال لاحقة كما نقرأ في (حز 20: 12) "وأعطيتهم أيضاً سبوتي لتكون علامة بيني وبينهم ليعلموا إني أنا الرب مقدسهم" وفي عدد 20 أيضاً يقول "قدسوا سبوتي فتكون علامة بيني وبينكم لتعلموا أني أنا الرب إلهكم".

خامساً: إن اليوم السابع الذي فيه استراح الله من جميع أعماله لم يرد ذكره ليحفظ كوصية على مدى الأجيال لكل الشعوب. ولو كان ذلك كذلك لصرح به موسى كاتب الأسفار الخمسة. ثم إن اليوم السابع المذكور في (تك 2: 2 و3) لم يكن كبقية الأيام التي كان لها صباح ومساء. ولا ريب أن اليوم السابع هذا كان رمزاً لراحة الرب في خلقه الخليقة الجديدة للمؤمنين بالمسيح والذي بقيامته أصبح عربوناً للأبدية الدائمة مع الرب, إذ أنه وهبنا بالفداء التحرير من عبودية الخطية.

سادساً: أن اليوم المذكور في (رؤ 1: 10) هو يوم قيامة الرب يسوع. وفي الكتاب كله لم يقل قط عن يوم السبت، يوم الرب بذات اللفظ. ولا شك أن يوحنا عنى به يوم قيامة الرب. ثم في (عب 4: 8-10) يخبرنا الوحي المقدس عن يوم آخر للراحة لشعب الله حيث يقول: "لأنه لو كان يشوع قد أراحهم لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر. إذا بقيت راحة لشعب الله. لأن الذي دخل راحته استراح هو أيضاً من أعماله كما الله من أعماله".

سابعاً: إن مجمع الرسل الأول الذي انعقد في أورشليم، كما ينص سفر الأعمال في (ص 15) نرى أن الرسل لم يفرضوا على المنتصرين حفظ يوم السبت مما يد على أن الرسل أنفسهم لم يحسبوه وصية للمسيحيين.

ثامناً: إن المسيح والرسل لم يتقيدوا بالسبت لحفظه. والادعاء بذلك باطل لأننا نقرأ ما قاله الفريسيون عن الرب يسوع. "هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت" (يو 9: 16) ونقرأ في الإنجيل المقدس أن أعمالاً كثيرة عملها الرب في يوم السبت، وقد دافع عن تلاميذه مبرراً كسرهم لوصية السبت.

وقد نبّه اليهود إلى أن وصية الختان أعظم من وصية السبت، لأنهم كانوا يكسرون السبت من أجل إتمام فريضتها. وبما أن وصية الختان أعظم من السبت بنظر الرب، فلماذا لا يدعو السبتيون أنفسهم ختانيين ويتمموا فريضة الختان.

تاسعاً: إن المجمع المسكوني المسيحي رفض إدخال السبتيين في عضويته لأن اعتقاداتهم لا تتفق مع الاعتقادات المسيحية الأساسية.

عاشراً: أننا لسنا بعد تحت فرائض ووصايا ناموسية لأننا "بالنعمة خلصنا" والرسول بولس في (كو 2: 26) يقول " لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت".

وفي الختام نرجو الله أن يعمل بروحه القدوس في أذهانكم أيها السبتيون الأعزاء، ويكشف عن بصيرتكم حتى تروا أخطاءكم العقائدية وتقلعوا عنها.

وطالما أنكم تدعون بأنكم مسيحيون وإنجيليون، وتزعمون أن كنيستكم هي مركز "الإشعاع والثقافة" فباسم الرب ولمجده وبمحبة صادقة ندعوكم للتخلي عن الإشعاع الخادع، وترجعوا لكلمة الحق بالإنجيل، ولا تجعلوا اعتمادكم على الناموس الذي لا يخلص البتة، بل أن تقبلوا الخلاص الكامل بالنعمة، لأن كلمة الله تقول لكم: "قد تبطلتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس سقطتم من النعمة" (غل 5: 4)

وبعودتكم إلى الإيمان الحي بالرب يسوع يمكننا أن نتعاون معاً لتفنيد كل تعليم خارج عن دائرة كلمة الله.

 

 الصفحة الرئيسية