عجز محمد عن الاتيان بأية معجزة


وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (البقرة:118) 

تفسير ابن كثير
قال محمد بن إسحق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك من قوله "وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية" وقال مجاهد "وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية" قال النصارى تقوله وهو اختيار ابن جرير قال لأن السياق فيهم. وفي ذلك نظر وحكى القرطبي "لولا يكلمنا الله" أي يخاطبنا بنبوتك يا محمد قلت وهو ظاهر السياق والله أعلم وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي في تفسير هذه الآية هذا قول كفار العرب "كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم" قال هم اليهود والنصارى ويؤيد هذا القول أن القائلين ذلك هم مشركو العرب قوله تعالى "وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله" الآية وقوله تعالى "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا" إلى قوله "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" وقوله تعالى "وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا" الآية وقوله تعالى "بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة" إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعتوهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به إنما هو الكفر والمعاندة كما قال من قبلهم من الأمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم كما قال تعالى "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة" وقال تعالى "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة" وقوله تعالى "تشابهت قلوبهم" أي أشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو كما قال تعالى "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به" الآية وقوله تعالى "قد بينا الآيات لقوم يوقنون" أي قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر وزيادة أخرى لمن أيقن وصدق واتبع الرسل وفهم ما جاءوا به عن الله تبارك وتعالى وأما من ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة فأولئك قال الله فيهم "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم".


تعليق : واضح جدا عجز محمد الكامل والشامل عن إتيانه بمعجزة .. فراح يتهرب بمحاولة مشابهة موقفة بقصة لم تذكرها التوراة ولا يمكن ان يحتج بها اليهود او حتى العرب لانها غير موجودة فى التوراة وهى ان بنى اسرائيل طلبوا من موسى ان يريهم الله جهرا وكان هذا فى نظر القران تعنتا .. والموقف مختلف نهائيا .. لان رؤية الله جهرا بالفعل هو تعنت بعد رؤية المعجزات الواضحة كما ان الانسان لا يمكن ان يرى الله لان الله غير محدود .. ولكن موسى اتى بمعجزات اخرى كشق البحر واتيان ماء من الصخرة بينما محمد لم يقدر على فعل معجزة واحدة .. ولو كان لمحمد معجزة لاحتج بها وذكرها لقومه .... ولا نرى فى آيات القران التى ذكرها ابن كثير الا التاكيد على ان ليس لمحمد معجزات 


إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190) 

ابن كثير
قال الطبراني: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا يحيى الحماني حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتت قريش اليهود فقالوا: بم جاءكم موسى؟ قالوا عصاه ويده بيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا كيف كان عيسى؟ قالوا: كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيى الموتى: فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا فدعا ربه فنزلت هذه الآية "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" فليتفكروا فيها.

وهذا مشكل فإن هذه الآية مدنية وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة والله أعلم. ومعنى الآية أن الله تعالى يقول "إن في خلق السموات والأرض" أي هذه في ارتفاعها واتساعها وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات وثوابت وبحار وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص "واختلاف الليل والنهار" أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر. فتارة يطول هذا ويقصر هذا ثم يعتدلان ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز العليم ولهذا قال تعالى "لآيات لأولي الألباب" أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها. وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله فيهم "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون.

تعليق: بقى دة كلام يدخل العقل؟؟ يقولون له اعمل لنا معجزة فيقول لهم المعجزة هى شوفوا مدى اختلاف الليل والنهار!!!!!!!!!!!!! انه جواب اشتمل على العجز والمراوغة .. فقد طلبوا منه ان ياتيهم بمعجزة كباقى الانبياء الصادقين فلم ياتيهم بذلك بل حول نظرهم الى خلق السموات فليتفكروا فيها!!!!! .. ويمكن لكل كاذب ادعى النبؤه ان ياتى بهذه المعجزة وهى ان فى خلق السماوات والارض آية .. والان بحسب هذا المقياس اقدر ان اقول لك اننى انا ايضا نبى ومعجزتى هى تامل فى البحار والمحيطات وما بها من اسرار عظيمة!!!!!!!!!

ان كلام محمد هنا للكفار هو كلام من يقنع الملحد بوجود الله فيذكر ايات الله ويدعو الملحد ليفكر فى صانعها وهو ما نادت به مزامير داود من قبل محمد بمئات السنين وكان هو مجرد ناقلا لها او سرقها من المزامير 
(السماوات تحدث بمجد الله و الفلك يخبر بعمل يديه (مزمور 19 : 1)

ولكن هذا لا يدل على ان محمد من عند الله ولا يستدل منها على انه رسول هذا الخالق العظيم.. فيمكن لاى انسان ان يقول انه نبى لله الذى خلق البحار مثلا او اى شى بالكون ... ولكن مالم ياتى بمعجزة ليعرف الناس بانة صادق فيكون بالتاكيد كاذبا .. فموسى بكل تاكيد كان نبيا لهذا الاله لكنه لم يقل لقومه انا نبى الله والدليل تاملوا فى خلق الطيور والاسماك مثلا .. لكن صنع المعجزات الباهرة .. ونفس الامر تكرر مع المسيح 

وابن كثير عنده مشكلة ايضا.. كيف تكون الآية مدنية وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة ؟؟ ولا نعرف حل لها 



)وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:109) 

ابن كثير
يقول تعالى إخبارا عن المشركين أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم أي حلفوا أيمانا مؤكدة "لئن جاءتهم آية" أي معجزة وخارق "ليؤمنن بها" أي ليصدقنها "قل إنما الآيات عند الله" أي قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وكفرا وعنادا لا على سبيل الهدى والاسترشاد إنما مرجع هذه الآيات إلى الله إن شاء جاءكم بها وإن شاء ترككم قال ابن جرير حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريش فقالوا يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا فقال لهم فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا نعم والله لئن فعلت لنتبعك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فجاءه جبريل عليه السلام فقال له ما شئت إن شئت أصبح من الصفا ذهبا ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتوب تائبهم فأنزل الله تعالى "وأقسموا بالله جهد أيمانهم" إلى قوله تعالى "ولكن أكثرهم يجهلون" وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر.


القرطبى
سبب الآية فيما ذكر المفسرون: القرظي والكلبي وغيرهما, أن قريشا قالت: يا محمد, تخبرنا بأن موسى ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا, وأن عيسى كان يحيي الموتى, وأن ثمود كانت لهم ناقة; فائتنا ببعض هذه الآيات حتى نصدقك. فقال: (أي شيء تحبون)؟ قالوا: أجعل لنا الصفا ذهبا; فوالله إن فعلته لنتبعنك أجمعون. فقام رسول الله صلى الله عليه سلم يدعو; فجاءه جبريل عليه السلام فقال: (إن شئت أصبح الصفا ذهبا, ولئن أرسل الله آية ولم يصدقوا عندها ليعذبنهم فأتركهم حتى يتوب تائبهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بل يتوب تائبهم) فنزلت هذه الآية. وبين الرب بأن من سبق العلم الأزلي بأنه لا يؤمن فإنه لا يومن وإن أقسم ليؤمنن. 

التعليق على هذا : هذا من اقبح انواع العجز فجميع الانبياء كانوا يعملون المعجزات الباهرة ثم يطلبون من الناس التصديق برسالتهم ولم يقتف محمد اثرهم ولما طلبوا منه ان يعمل معجزة كمعجزة موسى او عيسى او غيرهما قال انكم لا تؤمنون لعمرى انه لو فعل معجزة ولو صغيرة لامن بة كثيرون ولا سيما انه يكون جمع بين القران كمعجزة ومعجزة من نفس نوع الانبياء الصادقين فيكون بالحق النبى الخاتم الكامل .. اما الاعتذار الذى اعتذر به هو اعتذار يدل على عجز تام .. والان من يقول ان لمحمد معجزة فنقول له هذا كله كذب والا تسقط أعذار محمد المذكورة هنا وتكتمل صحة بطلانها .. وبالمناسبة لماذا لم يقل محمد لهم عندكم معجزة كبرى هى القران ؟؟ فواضح ان العرب لم يجدوا فى القران المعجزة المبهرة التى يحاول المسلمون تصويرها الان والا كان محمد احتج بالقران وافحمهم بذكره للقران امامهم كمعجزة قاهرة 

ولكن تضحك من قلبك ضحكة كبرى عندما تقرا هذا الكلام(فقام رسول الله صلى الله عليه سلم يدعو; فجاءه جبريل عليه السلام فقال: (إن شئت أصبح الصفا ذهبا, ولئن أرسل الله آية ولم يصدقوا عندها ليعذبنهم فأتركهم حتى يتوب تائبهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بل يتوب تائبهم) فنزلت هذه الآية !!!! فمحمد اولا لم يتكلم عن ان معجزتة هى القران مطلقا لكن مضى ليحاول الاتيان بمعجزة فى اشارة واضحة لعدم ثبوت قاطع على نبؤه محمد واعتراف محمد بذلك .. ثم ذهب ليرجع بهذا الكلام المضحك المخجل .. فجبريل كان هيعطية المعجزة لكن محمد اختار ان يتوب قومه افضل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

)وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) (الاسراء:90) )أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً) (الاسراء:91) )أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (الاسراء:92) )أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (الاسراء:93) 

بن كثير
قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا يونس بن بكير حدثنا محمد بن إسحاق حدثني شيخ من أهل مصر قدم منذ بضع وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار وأبا البختري أخا بني أسد والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبدالله بن علي وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم في أمره بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا يا محمد: إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي ـ فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتي يحكم الله بيني وبينكم" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما فقالوا يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليفجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول فقال حق هو أم باطل؟

فإن صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولا كما تقول. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما بعثني فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتي يحكم الله بيني وبينكم" قالوا فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وتسأله فيجعل لك جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أنا بفاعل ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتي يحكم الله بيني وبينكم" قالوا فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك"

فقالوا يا محمد أما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب فيقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد أما والله لانتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقام معه عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر ابن مخزوم وهو ابن عمته عاتكة ابنة عبدالمطلب فقال:

يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فوالله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بصحيفة منشورة ومعك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وايم الله لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ولما رأى من مباعدتهم إياه وهكذا رواه زياد بن عبدالله البكائي عن ابن إسحاق حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس فذكر مثله سواء. 

وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلاء له لو علم الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادا لأجيبوا إليه ولكن علم أنهم إنما يطلبون ذلك كفرا وعنادا فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت أعطيناهم ما سألوا فإن كفروا عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة. فقال "بل تفتح عليهم باب التوبة والرحمة" كما تقدم ذلك في حديثي ابن عباس والزبير بن العوام أيضا عند قوله تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا".

وقال تعالى "وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا" وقوله تعالي "حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا" الينبوع: العين الجارية سألوه أن يجري لهم عينا معينا في أرض الحجاز ههنا وههنا وذلك سهل على الله تعالى يسير لو شاء لفعله ولأجابهم إلى جميع ما سألوا وطلبوا ولكن علم أنهم لا يهتدون كما قال تعالى "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم" وقال تعالى "ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا وما كانوا ليؤمنوا" الآية. 

القرطبى
الآية نزلت في رؤساء قريش مثل عتبة وشيبة ابني ربيعة, وأبي سفيان والنضر بن الحارث, وأبي جهل وعبدالله بن أبي أمية, وأمية بن خلف وأبي البختري, والوليد بن المغيرة وغيرهم. وذلك أنهم لما عجزوا عن معارضة القرآن ولم يرضوا به معجزة, اجتمعوا - فيما ذكر ابن إسحاق وغيره - بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة, ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه, فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فأتهم, فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بدو, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم, حتى جلس إليهم فقالوا له: يا محمد! إنا فد بعثنا إليك لنكلمك, وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك; لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة, فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك, أو كما قالوا له. فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا, وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا, وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا, وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا - فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. قالوا: يا محمد, فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك, فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا, فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به, فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا, وليبسط لنا بلادنا وليخرق لنا فيها أنهارا كأنهار الشام, وليبعث لنا من مضى من آبائنا; وليكن فيمن يبعث لنا قصي بن كلاب; فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول, أحق هو أم باطل, فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك, وعرفنا به منزلتك من الله تعالى, وأنه بعثك رسولا كما تقول. فقال لهم صلوات الله عليه وسلامه: (ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم). قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك! سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك, وأسأله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي; فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمس, حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم. فقال لهم رسول الله: (ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت بهذا إليكم ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا - أو كما قال - فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم) قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل; فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذلك إلى الله عز وجل إن شاء أن يفعله بكم فعل) قالوا: يا محمد, فما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألنا عنه ونطلب منك ما نطلب, فيتقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به, ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به. إنه قد بلغنا إنما يعلمك هذا رجل من اليمامة يقال له الرحمن, وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا, فقد أعذرنا إليك يا محمد, وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك أو تهلكنا. وقال قائلهم: نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله. وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم, قام عنهم وقام معه عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم, وهو ابن عمته, هو لعاتكة بنت عبدالمطلب, فقال له: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم, ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول, ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل - أو كما قال له - فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما, ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها, ثم تأتي معك بصك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول. وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه, ولما رأى من مباعدتهم إياه, كله لفظ ابن إسحاق. وذكر الواحدي عن عكرمة عن ابن عباس: فأنزل الله تعالى "وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا". "ينبوعا" يعني العيون; عن مجاهد. وهي يفعول, من نبع ينبع. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي "تفجر لنا" مخففة; واختاره أبو حاتم لأن الينبوع واحد. ولم يختلفوا في تفجر الأنهار أنه مشدد. قال أبو عبيد: والأولى مثلها. قال أبو حاتم. ليست مثلها, لأن الأولى بعدها ينبوع وهو واحد, والثانية بعدها الأنهار وهي جمع, والتشديد يدل على التكثير. أجيب بأن "ينبوعا" وإن كان واحدا فالمراد به الجمع, كما قال مجاهد. الينبوع عين الماء, والجمع الينابيع. وقرأ قتادة "أو يكون لك جنة". 

وقرأ أهل مكة والشام "قال سبحان ربي" يعني النبي صلى الله عليه وسلم; أي قال ذلك تنزيها لله عز وجل عن أن يعجز عن شيء وعن أن يعترض عليه في فعل. وقيل: هذا كله تعجب عن فرط كفرهم واقتراحاتهم. الباقون "قل" على الأمر; أي قل لهم يا محمد 
أي ما أنا "إلا بشرا رسولا" اتبع ما يوحى إلي من ربي, ويفعل الله ما يشاء من هذه الأشياء التي ليست في قدرة البشر, فهل سمعتم أحدا من البشر أتى بهذه الآيات وقال بعض الملحدين: ليس هذا جوابا مقنعا, وغلطوا; لأنه أجابهم فقال:

إنما أنا بشر لا أقدر على شيء مما سألتموني, وليس لي أن أتخير على ربي, ولم تكن الرسل قبلي يأتون أممهم بكل ما يريدونه ويبغونه, وسبيلي سبيلهم, وكانوا يقتصرون على ما آتاهم الله من إياته الدالة على صحة نبوتهم, فإذا أقاموا عليهم الحجة لم يجب لقومهم أن يقترحوا غيرها, ولو وجب على الله أن يأتيهم بكل ما يقترحونه من الآيات لوجب عليه أن يأتيهم بمن يختارونه من الرسل, ولوجب لكل إنسان أن يقول: لا أومن حتى أوتى بآية خلاف ما طلب غيري. وهذا يؤول إلى أن يكون التدبير إلى الناس. وإنما التدبير إلى الله تعالى. 


التعليق:
مضى محمد حزينا اسفا كما يذكر ابن كثير لانه ببساطة ظهر عجزة التام امام قومه ..
ومن تأمل فى اقوال اشراف العرب راى انها مبنية على حكمة وفطنة ولو كنت مكانهم لفعلت فعلتهم بكل تاكيد فاخبروه اولا انه اذا كان غايته دنيوية من طلب الحطام الفانى جمعوا اموالا له حتى يقلع عن بدعته التى كانت سبب الشقاق
ولما كان يعرف انهم بالتاكيد يضحكون علية فهى حيلة لا ينخدع بها طفل صغير لأنة لو قال غايتى الدنيا واعطونى المال وانا اكف عن الاسلام لكانوا فضحوه وشهروا به وهدموه امام تابعية ..
ولو كان فعل شيئا مما نسبه إلية اصحابة من انشقاق القمر ونبع الماء من بين اصابعة وغير ذلك من الخرافات لاحتج بها عند عقلاء قومه
ولكنة لم يدع بشى من هذا فافحمه العرب وانصرف والغم ملء فؤاده وهم معذورون اذا قاوموه ونبذوه ولو كان قرانه وحيا لما تاخر الله عن تأيده بمعجزة تعجز أعدائه وتفحمهم وتثبت ايمان المسلمين كما فعل مع الانبياء الصادقين ..
اما ما يحاول ابن كثير والقرطبى ايهامنا فى جميع الايات السابقة ان طلب القوم للمعجزات هو من باب العناد والتصلف و... لا اعتقد ان اى منصف عاقل يقبله..
ومرة اخرى عزيزى القارى ترى لو كنت مكانهم اما كان يحق لك ان تطلب نفس طلباتهم ؟؟

عودة