الغضب المقدس

    إندلع مساء الأمس ( الأربعاء 7/7/2004م) غضب الشباب القبطي في فناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، معبرين عن استيائهم من الازدراء المتعمد والمتكرر لعقيدتهم من وسائل الإعلام المتعددة فلقد تكررت في الآونة الأخيرة المحاولات الإعلامية المتكررة والمختلفة التي تهدف إلى إهانة الشخصية القبطية ، والاستخفاف والازدراء بعقائدها، كان آخرها الفيلم "بحب السيما" ( للكبار فقط) للثنائي المسيحي المتأسلم هاني وأسامة فوزي ( الأول كسينارست له والثاني كمخرج ) ، هذا الفيلم الذي استباح- بغير حياء ولا معرفة – الخوض في مقدسات الأقباط ، مدعياً أنه عملاً فنياً درامياً ، متجاهلاً كل التجاهل شريك الوطن (القبطي) ،  حيث يتناول الفيلم هدماً في العقائد المسيحية العظمى بدأً بقضية الفداء، مروراً بأسرار الكنيسة، وانتهاءً بحرمة أماكن العبادة، وتصوير الأسرة المسيحية بصورة مخزية (زوج متعصب متخلف، زوجة فاسقة ترتكب الفحشاء مع غير مسيحي، وطفل يكره الله  فيقف ليتبول على المصلين من البلكون ، وشخصية شاب وفتاة يتغامزا وقت الصلاة ليلتقيا في منارة الكنيسة ليمارسا الخطية معاً و.... إلخ ) مما يطول شرحه.

    بدأ الشباب - القليل العدد نوعاً بالمقارنة بغضبة الجرية الصفراء "النبأ" – في السادسة مساءً بتوزيع دعوة لجموع الوافدين إلى الكاتدرائية لحضور المحاضرة الأسبوعية لقداسة البابا شنودة الثألث ، مما أسفر عن تعرض الأمن الداخلي بالكاتدرائية للشباب الموزع ومنعه ومصادرة الدعاوى المطبوعة ، ثم أعيدت طباعة الدعوة وتم توزيعها مرة أخري ، وبدأت التظاهرة السلمية الراشدة في السابعة قبيل نزول قداسة البابا من قلايته للمحاضرة برفع لافتات تحمل علامات الغضب مثل "يسقط الإعلام الهدّام" ، " لن نسكت على الازدراء بعقيدتنا ، فالغضب المقدس آت" ، الأقباط سلام ، لا استسلام" وغيرها من اللافتات الفردية الصغيرة وهم يرتلون قصيدة "كم قسى الظلم عليكِ" مما دفع أفراد الأمن الداخلي بالكاتدرائية إلى التعرض لهم ومحاولة مصادرة اللافتات دون جدوى ، وبدأ الشباب الهتافات " الأقباط ساكتيت ساكتين : لكن أبداً مش ناسيين" ، " ولا بنخاف ولا ح نطاطي : خلاص بطلنا الصوت الواطي" ، "بالروح بالدم نفديك يا صليب" .. وغيرها ، وذلك بحضور ومباركة بعضٌ من الكهنة الذين أتوا خصيصاً لتشجيع الشباب على التعبير عن رأيهم بشكل حضاري حتى لا يندس في الوسط العملاء المدسوسين فيفسدون الجو الناضج للتعبير عن الرأي - كما حدث في اليوم الأخير لمظاهرة النبأ- وبالفعل التزم الشباب بالسيطرة على الرغم من التعبير الغاضب الصادق الذي قدموه

    والجدير بالذكر أنه قد تمت محاولات لوأد التظاهرة في مهدها ، كذلك أثناء تجوالها في أفنية وحدائق الكاتدرائية مستخدمين الضغط على بعض الكهنة الحضور وتحميله مسئولية النتائج المترتبة على ذلك ، ومستخدمين سلاح حب الشباب لشخص قداسة البابا وإيهامهم بأن "هذا الفعل يغضب قداسته" ، إلا أنه قد فشلت جميع المحاولات لإحباط التظاهرة ، مما أسفر عنه استدعاء ثلاثة تشكيلات من الأمن المركزي وتمركزها أمام الكاتدرائية بشارع رمسيس على سبيل الاحتياط تخوفاً من عدم السيطرة على الشباب الغاضب الذي كرر محاولة الخروج إلى الشارع بعد انتظام التظاهرة لكنه رضخ لنصيحة البعض بعدم الخروج حرصاً على حياتهم من بطش الشرطة ( مثلما حدث في أحداث الجريدة الصفراء).

    وعلى الرغم من أن التظاهرة انتهت بانتهاء محاضرة البابا ( التاسعة تقريباً ) ، إلا أن النتائج المترتبة على ذلك ( أهداف التظاهرة ) كانت إيجابية بشكل ما.  

عودة للفهرس