من آذى الرسول يقتل

 

غزوة بني جذيمة

المغازي > الجزء الثالث

قال حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر قال لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني جذيمة وبعثه داعيا لهم إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلا . فخرج والمسلمين من المهاجرين والأنصار وبني سليم ; فكانوا ثلثمائة وخمسين رجلا ، فانتهى إليهم بأسفل مكة ، فقيل لبني جذيمة هذا خالد بن الوليد معه المسلمون . قالوا : ونحن قوم مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد وأذنا فيها . فانتهى إليهم خالد فقال الإسلام قالوا : نحن مسلمون قال فما بال السلاح عليكم ؟ قالوا : إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح لأن ندفع عن أنفسنا من خالف دين الإسلام . قال فضعوا السلاح فقال لهم رجل <876> منهم يقال له جحدم يا بني جذيمة إنه والله خالد وما يطلب محمد من أحد أكثر من أن يقر بالإسلام ونحن مقرون بالإسلام وهو خالد لا يريد بنا ما يراد بالمسلمين وإنه ما يقدر مع السلاح إلا الإسار ثم بعد الإسار السيف قالوا : نذكرك الله تسومنا . فأبى يلقي سيفه حتى كلموه جميعا فألقى سيفه وقالوا : إنا مسلمون والناس قد أسلموا ، وفتح محمد مكة ، فما نخاف من خالد ؟ فقال أما والله ليأخذنكم بما تعلمون من الأحقاد القديمة . فوضع القوم السلاح ثم قال لهم خالد . استأسروا فقال جحدم يا قوم ما يريد من قوم مسلمين يستأسرون إنما يريد ما يريد فقد خالفتموني وعصيتم أمري ، وهو والله السيف . فاستأسر القوم فأمر بعضهم يكتف بعضا ، فلما كتفوا دفع إلى كل رجل من المسلمين الرجل والرجلين وباتوا في وثاق فكانوا إذا جاء وقت الصلاة يكلمون المسلمين فيصلون ثم يربطون . فلما كان في السحر والمسلمون قد اختلفوا بينهم فقائل يقول ما نريد بأسرهم نذهب بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقائل يقول ننظر هل يسمعون أو يطيعون ونبلوهم ونخبرهم . والناس على هذين القولين فلما كان في السحر نادى خالد بن الوليد : من كان معه أسير فليذافه - والمذافة الإجهاز عليه بالسيف . فأما بنو سليم فقتلوا كل من كان في أيديهم . وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم .

قال فحدثني موسى بن عبيدة . عن إياس بن سلمة ، عن أبيه قال كنت مع خالد بن الوليد وكان في يدي أسير فأرسلته وقلت : اذهب حيث شئت وكان مع أناس من الأنصار أسارى فأرسلوهم .

<877> قال وحدثني عبد الله بن نافع ، عن أبيه عن ابن عمر قال وأرسلت أسيري ، وما أحب أني قتلته وأن لي ما طلعت عليه شمس أو غربت وأرسل قومي معي من الأنصار أسراهم .

قال حدثني معمر عن الزهري ، عن سالم عن ابن عمر قال لما نادى خالد " من كان معه أسير فليذافه " أرسلت أسيري . قال حدثني عبد الله بن يزيد ، عن ضمرة بن سعيد قال سمعت أبا بشير المازني يقول كان معي أسير منهم . قال فلما نادى خالد " من كان معه أسير فليذافه " أخرجت سيفي لأضرب عنقه فقال لي الأسير يا أخا الأنصار ، إن هذا لا يفوتك ، انظر إلى قومك قال فنظرت فإذا الأنصار طرا قد أرسلوا أساراهم . قال قلت : انطلق حيث شئت فقال بارك الله عليكم ولكن من كان أقرب رحما منكم قد قتلونا بنو سليم .

قال فحدثني إسحاق بن عبد الله ، عن خارجة بن زيد بن ثابت قال لما نادى خالد بن الوليد في الأسرى يذافون وثبت بنو سليم على أسراهم فذافوهم - وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم - غضب خالد على من أرسل من الأنصار ، فكلمه يومئذ أبو أسيد الساعدي وقال اتق الله يا خالد والله ما كنا لنقتل قوما مسلمين قال وما يدريك ؟ قال نسمع إقرارهم بالإسلام وهذه المساجد بساحتهم .

قال حدثني عبد الله بن يزيد بن قسيط عن أبيه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه قال إنا في الجيش وقد كتفت بنو جذيمة ، أمر بعضهم فكتف بعضا . فقال رجل من الأسرى : يا فتى <878> فقلت : ما تريد ؟ قال هل أنت آخذ برمتي هذه فمقدمي إلى النسيات ثم رادي ففاعل بي ما فعل بأصحابي ؟ قال قد سألت يسيرا . قال وأخذت برمته فانتهيت به إلى النسوة . فلما انتهى إليهن كلم امرأة منهن ببعض ما يريد . قال ثم رجعت به حتى رددته في الأسرى ، فقام بعضهم فضرب عنقه . ويقال إن فتى من بني جذيمة أدركه الجيش عشية فنادى في القوم فكف عنه وكان الذين يطلبونه بنو سليم ، وكانوا عليه متغيظين في حروب كانت بينهم ببرزة وغيرها ، وكانت بنو جذيمة قد أصابوهم ببرزة وهم موتورون يريدون القود منهم فشجعوا عليه فلما لم ير إلا أنهم يقتلونه شد عليهم فقتل منهم رجلا ، ثم شد عليهم ثانية فقتل منهم آخر ثم جاء الظلام فحال بينهم ووجد الفتى فرجة حتى إذا كان الغداة جاء وقد قتل من القوم رجلين والنساء والذرية في يد خالد فاستأمن فعرض فرسه فلما نظروا إليه قالوا : هذا الذي صنع بالأمس ما صنع فناوشوه عامة النهار ثم أعجزهم وكر عليهم فقال هل لكم أن أنزل على أن تعطوني عهدا وميثاقا لتصنعن لي ما تصنعون بالظعن إن استحييتموهن استحييت وإن قتلتموهن قتلت ؟ قالوا : لك ذلك . فنزل بعهد الله وميثاقه فلما نزل قالت بنو سليم : هذا صاحبنا الذي فعل بالأمس ما فعل . قالوا : انطلقوا به إلى الأسرى من الرجال فإن قتله خالد فهو إمام ونحن له تبع ، وإن عفا عنه كان كأحدهم . فقال بعضهم إنما جعلنا له العهد والميثاق أن يكون مع الظعن وأنتم تعلمون <879> أن خالدا لا يقتل الظعن إما يقسمهن وإما يعفو عنهن . قال الفتى : فإذا فعلتم بي ما فعلتم فانطلقوا بي إلى نسيات هناك ثم اصنعوا بي ما بدا لكم . قال ففعلوا ، وهو مكتوف برمة حتى وقف على امرأة منهن فأخلد إلى الأرض وقال أسلمي حبيش على نفد العيش لا ذنب لي قد قلت شعرا :

 

 بعد ان بينا المعنى الحقيقي لآيات المسالمة والصفح في الإسلام .

دعونا نستعرض  نظرية السلام في الإسلام على ضوء القران والسنة لنري ان كانت نظرية السلام المنسوبة للإسلام تتماشى واهم مصادر التشريع في الإسلام (القران والسنة ). خصوصا وان القوم قد أشاعوا وروجوا أن الإسلام دين سلام لا يُشرع فيه الجهاد إلا لضرورة رد العدوان المداهم ولا يُرَغَّب أهله في الحرب ما وجدوا إلى السلام من سبيل .

الصفحة الرئيسية