من آذى الرسول يقتل

 

من آذى الرسول  يقتل وان تاب

اعلم أن نصوص الكتاب والسنة، وكذلك أقوال علماء الأمة قد دلت دلالة صريحة قطعية لا تحتمل صرفاً ولا تأويلاً على أن من آذى  الرسول كافر مرتد، خارج من الملة الإسلامية، تجرى عليه جميع الأحكام المتعلقة بالردة ويقتل ولا تقبل توبة، مسلما كان ام كافر . هذا ما اجمع عليه علماء الإسلام .

ليس المقصود بالأذى هنا الشتم فقط . بل كل من عاب الرسول او شتمه او انتقضه او ناقده او انتقص من قدره بأي شكل من الأشكال، كافر مرتد، خارج من الملة ويقتل ولا تقبل توبة. هذا ما اجمع عليه علماء المسلمين . وإليك الأدلة على ذلك :

جاء في سورة التوبة : ) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (التوبة:12.

فسمى الطاعن في الدين، إماماً في الكفر، وهو زائد عن الكفر المجرد .. فدل أن الطعن بالدين كفر مغلظ.

قال الشيخ سليمان آل الشيخ[ في مجموعة التوحيد،ص 48]: إن معنى الآية على ظاهرها، وهو أن الرجل إذا سمع آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فجلس عند الكافرين المستهزئين من غير إكراه ولا إنكار ولا قيام عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره فهو كافر مثلهم، وإن لم يفعل فعلهم لأن ذلك يتضمن الرضى بالكفر، والرضى بالكفر كفر.

وقال القرطبي في الجامع 5/418: من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضى بالكفر كفر، فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية ا- هـ.

         قال القرطبي في التفسير: استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين؛ إذ هو كافر.

         قال ابن كثير في التفسير 2/352: ومن هنا أخذ قتل من سب الرسول ، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بنقص.

ومن الطعن ما يكون خفياً، وبالتلميح دون التصريح، لكن له نفس حكم الطعن الصريح.

        وقال القرطبي في التفسير:8/206: قال القشيري: كلمة الكفر سب النبي والطعن في الإسلام،) وكفروا بعد إسلامهم( أي بعد الحكم بإسلامهم.

        قال ابن القاسم :(من سبه (النبي) أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق) ،

       يقول القاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2/473-474: اعلم ان جميع من سب النبي أو عابة أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله آو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب أو الإزراء عليه، أو التصغير لشانه، أو الغض منه والعيب له فهو سب له، وكذلك من لعنه أو دعا عليه ، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمزه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة  لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة إلى هلم جر. وهذا ما اجمع عليه علماء المسلمين وأصحاب المذاهب الأربعة .

          وقال ابو بكر بن المنذر: اجمع عوام اهل العلم على ان من سب النبي يقتل.  ولا نعلم خلافاً في استباحة دمه بين علماء الأمصار وأئمة الآمة. راجع :الشفاء للقاضي عياض 2/474.

      من يعيب نبينا ... أو يلعنه أو يسبه أو يستخف أو يستهزئ به أو بشيء من أفعاله كلحس الأصابع، أو يلحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو فعله أو يعرض بذلك، أو يشبهه بشيء على طريق الإزراء أو التصغير لشأنه أو لغض منه، أو تمني له مضرة أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور أو غيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوار في البشرية الجائزة والمعهودة لديه، فيكفر بواحد مما ذكر إجماعاً، فيقتل ولا تقبل توبته عند أكثر العلماء، وقد قتل خالد بن الوليد من قال له"عند صاحبكم" - المقصود بصاحبكم النبي - وعد هذه الكلمة تنقيصاً له . راجع : الزواجر عن اقتراف الكبائر " لابن الهيتمي 1/29-30 .

وقد روي أن رجلاً قال في مجلس علي: ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدراً! فأمر علي بضرب عنقه.

قال القرطبي في الجامع 8/84: قال علماؤنا هذا يقتل ولا ينتسب إن نسب الغدر للنبي  ؛لأن ذلك زندقة.

وفي "الشفا" للقاضي عياض: من أضاف إلى نبينا تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به، أو شك في صدقة، أو سبه، أو قال: إنه لم يبلغ أو استخف به، فهو كافر بالإجماع.[[1]]. الشفا" للقاضي عياض صفحة  582 و 608 و630 و633 و636.

وفي "المحلى" لابن حزم قال: أن كل من آذى رسول الله  فهو كافر مرتد يقتل ولا بد. المحلى لابن حزم 12/438.

قال الخطابي: لا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله.

وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله ـ وهو الإمام أحمد بن حنبل ـ  يقول: من شتم النبي  أو ينتقصه ـ مسلماً كان أو كافراً ـ فعليه القتل وأرى أنه يُقتل ولا يستتاب.

وقد روي عن رجال من أهل العلم، منهم: ابن عمر، ومحمد بن كعب، ويزيد بن أسلم، وقتادة أنه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء  أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء؛ يعني الرسول  وأصحابه القراء.

فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله ، فذهب عوف إلى رسول الله  ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه.                                                                

فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله ، وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق!

قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله  وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله : " أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون"، ما يلتفت إليه، ولا يزيد عليه . الصارم والمسلول في شاتم الرسول 31 .

قال القرطبي في التفسير: قيل كانوا ثلاثة نفرن هزئ اثنان وضحك واحد، فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم. قال خليفة بن خياط في تاريخه:اسمه "مخاشن بن حمير"، وقيل أنه كان مسلماً. تفسير القرطبي 8/199.

قال ابن العربي في الأحكام 2/976: لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جداً أو هزلاً، وهو كيفما كان كفر فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة. فإن التحقيق أخو الحق والعلم، والهزل أخ والباطل والجهل.                                                                               

وقال أبو بكر الجصاص في كتابه" أحكام القرآن" 4/348: فيه الدلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه، لأن هؤلاء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوا لعباً فأخبر الله عن كفرهم باللعب بذلك.

وقال الكشميري في كتابه"إكفار الملحدين" ص59: والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعباً، كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده، كما صرح به في"الخيانة" و"رد المختار"ا-

سب الرسول اعظم من الردة . قاله ابن تيمية في كتابه : الصارم المسلول في شاتم الرسول : أن سب رسول الله مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن الإسلام . راجع المصدر السابق .

" لان من آذى الرسول فقد آذى الله لان حق الله وحق رسوله متلازمان وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين ، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة ، فمن آذى الرسول فقد آذى الله ، ومن أطاعه فقد أطاع الله ، لأن الأمة لا يصلون ما بينهم و بين ربهم إلا بواسطة الرسول ، ليس لأحد منهم طريق غيره ، ولا سبب سواه ، وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه ، فلا يجوز أن يفرق بين الله و رسوله في شيء من هذه الأمور . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 40-41.

       وقد اختلف المسلمين في حكم من كذب على الرسول على قولان :

أحدهما : الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله ومن هؤلاء من قال : يكفر بذلك ، قاله جماعة منهم أبو محمد الجويني ، حتى قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني  مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين، قصدوا إفساد الدين من خارج ، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل ، فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله ، والملحدون كالمحاصرين من خارج ، فالدخلاء يفتحون الحصن ، فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص  169-175.

 

ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ، ولهذا قال : [ إن كذباً علي ليس ككذب على أحدكم ] فإن ما أمر به الرسول فقد أمر الله به يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله ، وما أخبر به وجبتصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به .

ومن كذبه في خبره أو امتنع من التزام أمره ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه أو أخبر عن الله خبراً كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوها من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم ، فكذلك من تعمد الكذب على رسوله.

من حديث أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا على بن مسهر عن صالح ابن حيان عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي بلغه أن رجل قال لقوم : إن النبي أمرني ان أحكم فيكم برأيي و في أموالكم كذا وكذا  وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه ، ثم ذهب حتى نزل على المرأة ، فبعث القوم إلى رسول الله ، فقال : كذب عدو الله ثم أرسل رجلاً فقال : إن وجدته حيا فاقتله ، وإن أنت وجدته ميتاً فحرقه بالنار ، فانطلق فوجدوه قد لدغ فمات ، فحرقه بالنار ، فعند ذلك قال رسول الله: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار .

ورواه أبو أحمد بن عدي في كتابه الكامل قال : ثنا الحسن بن محمد ابن عنبر ثنا حجاج بن يوسف الشاعر ثنا زكريا بن عدي ثنا على بن مسهر عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه قال : كان حي من بني ليث من المدينة على ملين ، وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه ، فأتاهم وعليه حلة فقال : إن رسول الله كساني هذه الحلة ، وأمرني أن أحكم في أموالكم ودمائكم ، ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها، فأرسل القوم إلى رسول الله لم، فقال : كذب عدو الله ثم أرسل رجلاً فقال : إن وجدته حيا ـ وما أراك تجده حياً ـ فاضرب عنقه ، وإن وجدته ميتاً فاحرقه بالنار ، قال : فذلك قول رسول الله : من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح ، لا نعلم له علة .

أخبرني عطاء ابن السائب عن عبد الله بن الزبير [ أنه ] قال يوماً لأصحابه : أتدرون ما تأويل هذا الحديث : من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ؟ . قال : كان رجل عشق امرأة فأتى أهلها مساء فقال : إن رسول الله بعثني إليكم أن أتضيف في أي بيوتكم شئت ، قال : وكان ينتظر بيتوتة المساء ، قال : فأتى رجل منهم النبي فقال : إن فلاناً يزعم أنك أمرته أن يبيت في أي بيوتنا شاء ، فقال : كذب ، يا فلان انطلق معه ، فإن أمكنك الله منه فاضرب عنقه وآحرقه بالنار ، ولا أراك إلا قد كفيته . فلما خرج الرسول قال رسول الله : ادعوه قال : إني كنت أمرتك أن تضرب عنقه وأن تحرقه بالنار ، فإن أمكنك الله منه فاضرب عنقه ولا تحرقه بالنار ، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار ، ولا أراك إلا قد كفيته ، فحانت السماء بصيب فخرج الرجل يتوضأ فلسعته أفعى ، فلما بلغ ذلك النبي قال :هو في النار.

وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن أسامة قال قال رسول الله : من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار وذلك أنه بعث رجلاً فكذب عليه ، فوجد ميتاً قد انشق بطنه ولم تقبله الأرض .

 وروى أن رجلاً كذب عليه ، فبعث علياً و الزبير إليه ليقتلاه . . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص  169-175.

الصفحة الرئيسية