الموضوع السابع عشر : مكونات الذرة .

   نعلم أن المادة في جميع حالاتها الصلبة و السائلة والغازية إنما تتكون من أجزاء صغيرة ، اصطلح العلماء على تسمية أصغر جزء منها ب" الذرة " وكان العلماء إلى عصر قريب يعتقدون أن الذرة لا تتجزأ ولكن أخيرا علمنا أن الذرة قابلة للتجزئة ، واكتشف العلماء بأن الذرة تتكون من دقائق جد صغيرة وهي "النواة " و" الإلكترونات " وبعد ذلك وجدوا أن النواة بدورها تتكون من " بروتون " و" نوترون" ، بيد ان أصدقاءنا المسلمين أخبرونا أنهم وجدوا ذلك في قرآنهم المكتوب منذ أكثر من أربعة عشر قرنا خلت .

ولما أردنا معرفة الآيات والسور التي تتحدث عن هذه المعطيات العلمية الحديثة دلونا على الآية 61 من سورة يونس لذلك نحب جدا أن نشرك معكم فحصنا لهاته الآية فنعرضه أمامكم كما يلي :

ـ أولا تقول الآية " وما يغرب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين " يونس 61.

ـ علق عليها مؤيد الإعجاز قائلا "...فكلمة (أصغر) من الذرة في الآية القرآنية تصريح جلي بإمكان تجزئتها وفي قوله (ولا في السماء) بيان بأن خواص الذرات التي في الأرض هي نفس خواص الذرات الموجودة في الشمس والنجوم والكواكب ، أي أنها محتوية على الأجزاء التي ذكرناها " (1).

ونحن لا نعارض الفكرة لو كانت توافق أقوال المفسرين وسياق الآية ، ولتأكيد ذلك نقرأ مايلي :

ـ يفسر محمد علي الصابوني هاته الآيات قائلا " أي ما يغيب ولا يخفى على الله (من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ) أي من وزن هباءة أو نملة صغيرة في سائر الكائنات الموجودة ( ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) أي ولا أصغر من الذرة ولا أكبر إلا وهو معلوم لدينا ومسجل في اللوح المحفوظ . قال الطبري :" والآية خبر منه تعالى أنه لا يخفى عليه أصغر الأشياء وإن خف في الوزن ولا أكبرها وإن عظم في الوزن ، فليكن عملكم أيها الناس فيما يرضي ربكم فإنا مُحْصوها عليكم ومجازوكم بها ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) "(2) .

ـ وحتى نوضح أكثر ونجنب القارئ الوقوع في الإلتباس يجب علينا أن نشرح معنى الذرة أو "مثقال ذرة " في اللغة .

الذرة : هباءة أو نملة صغيرة (3) ، الذرة : هباءة (4) .

وهي ترد بالآيات القرآنية كثيرا للإشارة إلى الأعمال ، كالزلزلة 7 " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ..." .

 

                                    الإعتراضات

أولا : الذرة ليست ذلك المصطلح العلمي الذي نعرفه اليوم ، لأن الذرة لم تُكتشف إلا حديثا بينما المصطلح كان موجودا عند العرب بمئات السنين وكان يعني ( الهباءة أو النملة الصغيرة ) لذلك لما اكتُشِفت الذرة لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1: روح الدين الإسلامي ص55و56    

2: صفوة التفاسير في تفسير سورة يونس    

3: كلمات القرآن ص 52

4: صفوة التفاسير

يجد العلماء اسما في اللغة العربية يشير إلى الأجزاء الصغيرة أحسن من اسم " ذرة " لذلك تم الإجماع على التسمية بها ، ومنطقيا لا يُمكن وجود الإسم قبل وجود المسمى ، إن كان المقصود بالذرة هو مانعرفه اليوم في العلوم الكيميائية .

ثانيا: سياق الآية ـ وكذا رأي المفسرين ـ يشير إلى الأعمال " مثقال ذرة " من العمل ، والأعمال ليست بالأشياء المادية لذا فالمقصود ليس مادة بل هو تعبير مجازي فقط ليدل على أصغر الأعمال . وقوله ( في الأرض ولا في السماء ) إشارة إلى الكائنات الموجودة في السماء كالشياطين والملائكة والكائنات الموجودة على الأرض وهي البشر ، وهذا ما صرح به الفسرون أيضا .

وبالتالي أقول إن كل من أراد أن يوهم الناس بأن القرآن تنبأ عن اكتشاف الذرة مستغلا الإسم المشترك بين الذرة كمصطلح علمي حديث وبين الذرة كما كان يعرفها العرب آنذاك " أي الهباءة " ماهو إلا مضلل مخادع يكذب على ذوي العقول البسيطة الذين يصدقون كل شيء دون بحث أو تحري حتى عن أبسط الحقائق وأصغرها .

امتحـــنوا كل شـيء تمسكوا بالحسن .1تسالونيكي21:5

عودة