الموضوع الثاني والعشرون :منبع السائل المنوي

 

 

  تقول الآية 172 من سورة الأعراف " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " في هذه الآية يرى أحدهم إعجازا علميا أيضا لذلك يقول "..هذه الآية تنص على أن الله أخذ ذرية بني آدم من ظهورهم والمعروف أن الخصية موضوعة في الجزء الأسفل من الجدع لا في الظهر ولكن الله تعالى يتكلم عن خلق الإنسان وذريته ونشأته ولذا هو يتكلم عن علم (Embryologie ) أو علم الأجنة ويتكلم عن الجزء الذي يخصصه للنطفة في جسم الجنين هذا الجزء في الظهر عند أسفل الظهر تحت الكليتين حتى الأشهر الأخيرة من حياة الجنين في بطن أمه ثم تنحدر إلى أسفل ، وعند الولادة تكون في مركزها الطبيعي فالآية الكريمة تشير والحالة هذه إلى النقطة الأصلية في جسم الجنين التي تؤخذ منها النطفة وهذه هي الظهر بلا شك ولما كان علم التشريح لم يتقدم إلا في المائة سنة الأخيرة فإن هذه الآية تعد في حكم المعجزات " (1)

ـ أما تفسير الآية فقد ورد كالتالي :" قال الطبري : أي واذكر يامحمد إذا استخرج ربك أولاد آدم من أصلاب آبائهم فقررهم بتوحيده وأشهد بعضهم على بعض بذلك ، قال ابن عباس مسح الله ظهر آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة " (2) وقال محمد علي الصابوني " للمفسرين قولان أحدهما أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه وهم مثل الذر وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم فأقروا وشهدوا بذلك ، وقد روي هذا المعنى عن رسول الله من طرق كثيرة وقال به جماعة من الصحابة ، والثاني : أن هذا من باب الثمثيل والتخيل والمعنى أنه سبحانه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته ، وشهدت بذلك عقولهم وبصائرهم التي ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقال لهم ألست بربكم فقالوا بلى وهذا الرأي اختاره الزمخشري وأبو حيان وأبوالسعود والأول أصح "(3)

 

                                            الإعتراضات

 

1ـ ولا واحد من المفسرين المسلمين ذكر لنا أن الآية قد تطرقت إلى علم الأجنة أوأنها قد ذكرت منبع السائل المنوي ، وظهر من أقوالهم أن الآية تتحدث عن معجزة قام بها الله في البدء عندما خلق آدم حتى أنه استخرج كل الناس من ظهره وأخذ عليهم عهدا وشهادة بأنه هو ربهم ، ويؤكد قولنا حبر الأمة الإسلامية عبد الله بن عباس ، ومن كعبد الله في تفسير القرآن ؟

إذن لماذا يحاول العديدون تأويل الآيات وإبعادها عن سياقها الذي تتحدث عنه ، وكأني أرى القرآن قد عناهم بقوله " أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يوفكون " .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1: روح الدين الإسلامي ص62 / الإسلام والطب الحديث ص 81

2،3: صفوة التفاسير في تفسيره للأعراف

2ـ نجد هذا التعبير كان شائعا عند العرب آنذاك وكثيرا ما كانوا يقولون " أبناء ظهورهم " أو " من صلبهم"

وليس فقط عند العرب وحدهم بل كل الشرقيين ولذلك نجد نفس الإصطلاح مستخدما في العهد القديم وبالضبط في سفر التكوين 11:35 " عندما خاطب الله يعقوب قائلا " وملوك سيخرجون من صلبك " فالكلمة العبرية الأصلية هي (خلاصيم ) وهي مرادفة للكلمة العربية " صلب " وتعني أيضا " من ظهره " ولكننا لم نجد أحدا من علماء الكتاب المقدس يذكرنا بأن هذه الآية تحمل إعجازا لو وزناها بميزان هواة الإعجاز .

لذلك فإني أكرر بأن هذا التعبير مألوف في ذلك الحين وقبله ولازال مستعملا إلى يومنا هذا ، دون أن يربط أحد بينه وبين علم الأجنة إلا إخوتنا المسلمين الذين صاروا محترفين في هذه المهنة دون مراعاة لأي ضوابط أو مقاييس محددة .

عودة