الموضوع الثالث : السبع سموات .

يرد بالآيات القرآنية ذكر لفظة "سبع سموات" مرارا وتكرارا لكننا سنقتصر على إعطاء بعض الأمثلة رغبة في الإختصار :

  جاء بسورة الملك الآية (3) " الذي خلق سبع سموات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ".

  وأيضا قيل في سورة نوح الآيات 15ـ16"ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ".

وورد أيضا بسورة فصلت الآية (12) "فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير  العزيز العليم ".

وبخصوص تفسيرات هذه الآيات نقرأ :

ـ عن الملك 3 :" أي خلق سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض كل سماء كالقبة للأخرى "(1)

ـ وعن نوح 15ـ16 "أي ألم تشاهدوا يامعشر القوم عظمة الله وقدرته وتنظروا نظر اعتبار وتفكر وتدبر، كيف أن الله العظيم الجليل خلق سبع سموات سماء فوق سماء ، متطابقة بعضها فوق بعض وهي في غاية الإبداع والإتقان "وجعل القمر فيهن نورا " أي وجعل القمر في السماء الدنيا منورا لوجه الأرض في ظلمة الليل ، قال الإمام الفخر : القمر في السماء الدنيا وليس في السموات بأسرها وهذا كما يقال : السلطان في العراق ليس المراد أن ذاته حاصلة في كل أنحائها ، بل إن ذاته في حيز من جملة أنحاء العراق فكذا ههنا(2) وقال في البحر : والقمر في السماء الدنيا وصح كون السموات ظرفا للقمر لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأ المظروف ، تقول زيد في المدينة وهو في جزء منها (3)" (4).

ـ وعن فصلت 12قال: "أي صنعهن وأبدع خلقهن سبع سموات في وقت مقدر بيومين فتم خلق السموات والأرض في ستة أيام ولو شاء لخلقهن بلمح البصر ولكن أراد أن يعلم عباده الحلم والأناة ( وأوحى في كل سماء أمرها ) أي أوحى في كل سماء ما أراده وما أمر به فيها (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) أي وزينا السماء الأولى القريبة منكم بالكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض "(5) أما الإعجاز الذي يراه أصدقاؤنا في هذه الآيات هو أن القرآن قد سبق وتنبأ عن حقائق علمية في علم الفضاء وليثبتوا ذلك قالوا بأن الفضاء مقسم إلى :

ـ المجال الأرضي ومقداره أربعين كلم فوق الأرض وهذه هي السماء الأولى .

ـ مجال آخر يسمى سماء ثانية وليحصلوا على هذا المجال ضربوا العدد أربعين في 10000 وهكذا دواليك حتى حصلوا على سبع سموات ( سبع مجالات) . (6)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                                 

1: صفوة التفاسير .                                    

2: التفسيرالكبير للرازي في سورة نوح .           

3: البحر المحيط في تفسير سورة نوح                6: le coran et la bible sous la lumiere de l'histoire et la sience.

4: صفوة التفاسير                                                               

5:صفوة التفاسير

 

الإعتراضات:

نتساءل نحن هل هذا يتوافق مع ما يقوله القرآن؟؟

1ـ لقد صرحت الآيات القرآنية وكذا المفسرون بأن كل النجوم والكواكب إنما هي في السماء الدنيا ، ولكن حسب (هواة الإعجاز) فإننا نجد المجال الأرضي ( الذي بحسب اعتقادهم هو السماء الأولى ) لا يحوي أي نجوم . وباقي المجالات ( السموات الست بحسبهم ) تحوي الملايين من النجوم والكواكب . إذن فالإعجاز الذي يعتقد به أصحابه ليس له أي علاقة مع الآيات القرآنية بل يناقضها تماما .

2ـ لقد قسموا الفضاء حسب أهوائهم ليحصلوا على سبعة أقسام ويثبتوا بذلك إعجاز القرآن ولكن لو أردنا تقسيم الفضاء لجعلناه قسمين مجال أرضي ومجال فوق أرضي والفاصل بينهما هو طبقة الأوزون .

3ـ نعترض أيضا على قول القرآن وكذا الأحاديث ( خصوصا حديث المعراج ) اللذين يذكران السبع سموات لأن الفضاء واحد متجانس ويمكننا أن نقول عنه سماء واحدة! وليس سبعة أو أدنى أو أكثر ، وهذا ما أثبته علماء الفضاء اللهم إذا كان المقصود سموات مجازية أو للدلالة على الوسع أو للرمز لأشياء روحية ، فإنه لا اعتراض لنا على ذلك ...

 وللإشارة فإن الكتاب المقدس لا يذكر لنا طبقات سماوية كالقرآن لكننا نجد الرسول بولس أشار مرة في إحدى رسائله إلى سماء ثالثة وكان المقصود بها سماء روحيةحيث نقرأ : " أعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم اختطف هذا الإنسان إلى السماء الثالثة وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم أنه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها " 2كورنثوس2:12ـ4 و يتضح أن تعبير " السماء الثالثة " استعمله الرسول بولس فقط لتوضيح سموه الروحي ، لأنه اطلع على حقائق روحية عالية ومما يؤكد قولنا هذا هو ذكره للفردوس مع العلم أن الفردوس الذي نعتقد به كمسيحيين إنما هو روحي بخلاف الجنة المادية التي يعتقد بها المسملون .

    وبالتالي نخلص إلى القول بأن الكتاب المقدس إنما يعتبر السموات سماء واحدة ولا يقسمها أي تقسيم مادي ، بخلاف القرآن الذي يقر بسبع سموات الشيء الذي أوقعه في مشكل مع العلم إذ أنه لحد الآن لم يجد المسلمون تعليلا شافيا لهذا التقسيم السباعي فكيف إذن يمكننا اعتباره إعجازا والإعجاز يلزم أن يكون واضحا بينا ؟؟؟

الباسط السموات كشقه .    مزمور 2:104

عودة