نقلاً عن موقع الاقباط

وطنية الأقباط

الجزء الرابع

 تحدثنا في العدد الماضي عن ثورة البشموريين ضد الأحتلال العربي والطغيان الإسلامي ورأينا كيف قاوم أقباط مصر جيوش المستعمر مما إضطر الخليفة المأمون أن يأتي إلى مصر على رأس قواته للتنكيل بالأقباط وإخماد ثوراتهم، يقول الأستاذ (E. A. B. Elyaeb) "كان المأمون عنيفاً وقاسياً فى إنتقامه من الأقباط-  فقد أمر بقتل الأسرى وببيع النساء والأولاد في سوق النخاسة " العبيد ´واقطعت القرى القبطية المهجورة إلى الفلاحين المسلمين،  وحول كثير من كنائسهم إلى مساجد. أما تقي الدين المقريزي فيذكر "ومن حينئذ ذلت القبط في مصر ولم يقدر  أحد منهم بعد ذلك علي الخروج علي السلطان وغلبهم المسلمون علي عامة القري فرجعوا عن المحاربة إلي المكايدة واستعمال المكر والحيلة ومكايدة المسلمين".

 والواقع المرير أن الولاة العرب والمسلمين كانوا غاية في المكر والمكايدة إذ لما أعياهم الفشل في تحويل الأقباط عن عقيدتهم سواء بالسيف أو القهر أو الجزية... ألخ عملوا علي قتل الروح الوطنية والقومية في الشعب ولكنهم فشلوا في ذلك أيضاً، ولما كانت طبيعة الديانة الإسلامية طبيعة استعمارية فقد  حاول الولاة أيضاً صبغ القومية القبطية بصبغة عربية واحلال لغة المستعمر محل اللغة الوطنية التي استعملها المصريون آلاف السنين ففشلوا في ذلك أيضاً فشلا ذريعا. وهنا بدأ ،الاستعمار العربي الاسلامي مخططاً لابادة الشعب القبطي بأكمله وإحلاله بجحافل العرب الزاحفة  مع الولاة حتي نهاية العهد الأموى وكانت القبائل العربية تفد باستمرار الي مصر إما مع الولاة أو يبعث بها الخليفة لتعزيز جنود الاحتلال واستيطان البلاد. وكانت الأغلبية في مصر من عرب اليمنية أو عرب الجنوب وأخذت القبائل العربية تفد إلي مصر باستمرار وأخذت تستولي علي الأراضي الزراعية حتى يتقوي المسلمون العرب ضد الأقباط الذين كانوا في ثورة دائمة، وأن يحل العرب محل من يقتل من الأقباط في هذه الثورات أو من يهرب من أرضه، وابتدأ العرب يحلون محل القبط.

 تقول الأستاذة ايريس المصرى " أمعن عبيد الله في سياسة العسف والطغيان وقد أدهشه أن القبط ـ رغم استبداده بهم لم ينكروا دينهم ولم يكن بينهم من حاول التهرب من الجزية لجحد مسيحيته وكان غرضه أن يزيد عدد المسلمين فلما لم تتزايد صفوفهم من أهالي مصر استقدم خمسة آلاف عربي من قبيلة القيس"ـ ونزل العرب إلي الاسكندرية لم يكن فيها خطط وإنما كانت أخائذ أي من أخذ منزلا نزل فيه  وفرض العرب نظام الولاة بينهم وبين الأقباط واحترفوا الزراعة والتجارة والصناعة وغيرها من المهن والحرف التي كانت، وتضاءل أهل البلاد.  

 ويذكر لين بول أن الذى دعي عبيد الله بن الحجاب إلي احضار قيس إلى مصر هو ما رآه من عدم أنتشار الاسلام بين الأقباط.

 وأخذت عرب الشمال فى القدوم إلي مصر وانتشروا في انحائها ونزلت طائفة منهم بأعلي الصعيد وكانت تشن الغارات علي القرى الشرقية في كل وقت  حتي أخربوها وقامت ثورات لتصدهم.

 وسبب إزدياد القبائل العربية في مصر منازعات قبلية بين القيسية والينية وحروب بين العرب والأقباط... وبقدر زيادة عدد العرب فى مصر بقدر ما كانت تزاداد مشاكلهم واضطراباتهم فيها.. وأصبحت مصر الحضارة بوتقة صراع وخراب ينهبها الولاة ويسلبها المشاغبون ويشعلها نارا المسلمون العرب. يقول يوليوس فلهاوزن " لم تكن الحكومة الاسلامية يهمها سوي حمل الخراج إلى بيت المال على المقدار المفروض له-  بقرة الوالي يمسكها من قرونها حتى تسكن وعامل الخراج يحلبها".

 أما الاستاذ صبحي وحيدة فيذكر ذلك بالتفصيل في كتابه أصول المسألة المصرية" وقد أقبلت القبائل العربية علي مصر عقب الفتح في موجات متوالية فقدمها في العهد الأموى 12 من قريش وقيس وجهينة والأزد وحمير ولخم وهبطتها في العهد الفاطمي قبائل أخرى من عرب الشام وأفريقيا الشمالية وبني سليم وبني هلال وخزام، عدا قبائل كتامة وزويلة والبربر التي صحبت جوهر الصقلي والمعز، وكانت هذه القبائل خصوصاٍ ما استجلبه الولاة لتعزيز سلطانهم أو اخضاع الانتقامات المسيحية التي ظلت تثرى حتى نهاية القرن الرابع عشر واستثمار الأراضي المهجورة التي كانت توجد بوفرة عند دخول عمرو، هذه القبائل أخذت تستقر في الوجه البحرى وتتسرب منه إلي حيث تستطيع، وقد استأثر  بعضها بالحوف الشرقي واستولى علي القرى الواقعة باشاطيئ الغربي للنيل وانصرف إلي الزراعة ولا سيما زراعة القصب التي اشتهرت مصر بها حينئذ بينما انتشرت القبائل الأخرى بسائر الأقاليم ولم تقطع صلتها بقبائل الجزيرة والشام وأفريقيا الشمالية بل كانت تدعو من يريد منها اللحاق بها وتتناسل بالكثرة حتى بين البدو. بينما كان أهل البلاد الأصليون " الأقباط" يثورون المرة تلو المرة فيُسبون أو يُقتلون.... ويقل عدد الباقي منهم على كل حال حتي يصيروا أقلية.

 وقد لحق بهذين العاملين في نهاية العهد الفاطمي وعهد المماليك وبني عثمان عامل ثالث لا يقل عنها أثراً وهو ماكان يعقب اضطراب أمور الدولة وقتئذ من خلل في توزيع المياه كان ينتهي بالفلاحين إلى ترك أراضيهم ليهبطوا المدن أو ينصرفوا للسلب والنهب أو يلحقوا ببدو الصحراء فتتسع مساحة الأراضى التي لا تُزرع ويجد هؤلاء البدو المجال الذى يحتاجون ‘ليه لرعي قطاعانهم أو مزاولة الزراعة الهينة التي يحسنونها  وينمو بذلك مجتمعهم على حساب المجتمع المدني المصرى وهكذا كانت الموجة العربية تتسع وتعلو بفعل قوتها التناسلية الذاتية وتعدد الزوجات وما يلحق بها من امدادات قبائل الصحراوات المحيطة بمصر على مر القرون، ثم اتساع الأراضي الصحراوية على حساب الأراضي الزراعية.

 

الهيئة القبطية الأمريكية

شمال كاليفورنيا

أحمس 4

الصفحة الرئيسية