دلائل النبوة

 

مقدمة

 

هذا الكتيب هو واحد من ضمن الأوراق التي نتمخض بها يومياً ..

ليس من أجل الحرب نفعل ذلك

فهذا مخاض العاقر

 

ولكن نحن أولاد إسماعيل نتمخض .. مخاض الأم

التي تشفق على أولادها من الضلال والزيف

من التيه في سراب الإدعاء

 

أولاد إسماعيل ..

أم تحاول أن تضيء شمعة

وفي ظلام ليل أولادها الدامس

هذا الليل الذي أعمى أذهان الكثيرين

أولاد إسماعيل ..

أم تعشق أولادها

أب يخاف عليهم

 

هذه هي نوايا قلوبنا ونحن نكتب

ونحن ننزف حبرنا لعله يضيء

لعله يشق الحجاب .. فتروا .. وتعرفوه مثلنا

فتتحرروا

فنصير أنسباء الجسد والروح معاً

 

مقدمة

سألني ذات مرة أحد الأخوة الأفاضل من أصدقائي المسلمين قائلاً: لماذا ترفضون النبي محمد ولا تقبلونه كرسول كما نقبل نحن نبوة عيسى ابن مريم؟

ولم أدر بماذا أجيب ، لقد كان سؤالاً محرجاً حقاً فإن قلت له أنه ليس بنبي اشتد غيظه وغضبه عليّ وربما اعتدى علي ؛ لأنني أهنت رمزاً مهماً من رموز عقيدته .

وإن تحدثت معه عن عيسى الذي يقبلونه من هو وماذا يقولون فيه ؟ لكانت النتيجة أسوأ من سابقتها .

لكن كانت لدي رغبة في ألا أضيع تلك الفرصة وأستغلها أفضل استغلال لتوصيل بشارة الإنجيل إليه ، وما عليّ قبـِل أو لم يقبل ، فهذا الأمر يرجع إلى الله وحده لكن عليّ فقط أن ألقي البذار في الأرض الخصبة ، خاصة وأنني قد كنت آنذاك أوشكت على الانتهاء من بحث نبوات التوراة والإنجيل التي تكلمت عن نبي من قريش ، لأرى ما إذا كانت صحيحة أم غير ذلك ؟

قلت له : عليك أولاً أن تعرفني بشخص النبي محمد ، من هو ؟ وما هي براهين نبوته ؟ وبعد ذلك يمكنك أن تسألني لماذا أقبل أو لماذا أرفض؟

إن محمداً بالنسبة لي هو مجرد شخص لا أعرف عنه سوى ما تقولون ، لكنني لم أقف على أدلة لإثبات ما تقولونه ، وأنا لن أتردد في قبوله إن ثبتت نبوته ؟ ففرح صديقي وأخذ يسرد الأدلة التي عليها يستندون لإثبات نبوة محمد ، وكانت تنقسم إلى قسمين :

الأول أدلة مستقاة من النصوص القرآنية والتاريخ الإسلامي والسيرة ، والآخر أدلة قال أنها موجودة في التوراة والإنجيل .

فأخذت منه كل ما قال ورحت أبحث عن مصداقية كل منها، ولكي أكون أكثر واقعية فقد تعمدت أن يكون البحث من واقع المصادر الإسلامية الصحيحة والمقبولة لدى عامة المسلمين وخاصتهم ، وما دفعني إلى هذا البحث هو التصدي للاعتقاد السائد لدى كل مسلم بأن النصارى أو المسيحيين يرفضون نبوة محمد رغم ثبوتها عندهم حسداً للعرب وحقداً عليهم " أتحدثونهم بما فتح الله عليكم فيحاجوكم به عند ربكم " أو حسداً أن يكون من بنى إسماعيل نبياً ، وقد اتهم القرآن اليهود والنصارى بأنهم إنما رفضوا نبوة محمد وكتموها حسداً من عند أنفسهم ؛ لكنه لم يأت بالدليل على ذلك " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " .

وهنا في هذه الصفحات نحاول جاهدين توضيح الأمور ووضع النقاط على الحروف بخصوص هذا الأمر الذي لا يعد مجرد نبوة فحسب ، أو مجرد رد على سؤال عابر؛ بل هو أمر تتوقف عليه في المقام الأول أمر يتعلق به مصير كل الجنس البشري .

 

الفصل الأول

الأدلة المستوحاة من القرآن والسيرة

1- الأميــــــة :

 

يقول عامة المسلمون وخاصتهم أن من أهم دلائل نبوة محمد هو أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، وتكمن قيمة الإعجاز هنا أن أمية محمد تجعله بمنأى عن أن يكتب القرآن بيده كما ادعوا على اليهود والنصارى من قبل وهم لا يدركون ما يقولون .

وبمعنى أصح خلطوا أو تشابهت عليهم كل النصوص التي تحمل لفظ " أمي" فلم يفرقوا بين أمية أهل الكتاب مثلاً في قوله " ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون " . فقد قال علماء التفسير جميعهم أن الأمية هنا ليست الجهل العلمي بل هي الجهل بما في الكتب ، أي عدم المعرفة الإرادية .

 كذلك لفظ الأمية المذكور في " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " والذي يبني عليه عامة المسلمون وخاصتهم أمية نبيهم ليس هذا فقط بل أمية قريش بالكامل ، والأكثر من ذلك أنهم أطلقوا على أنفسهم الجهل ووصفوا أنفسهم بالغباء والأمية إعمالاً للنص الذي في سورة الجمعة آية 2 " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ... " والحقيقة أنه لا محمد ولا قريش كانوا أميين والدليل على ذلك :

أولاً : بخصـــوص محــمد :

1- جاء في تفسير سورة النحل الآية 103 " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر " ، إن ابن اسحق روى : كان النبي فيما بلغني كثيراً ما يجلس عند المروة إلى غلام نصراني يقال له جبر عبد بنى الحضرمي وكان يقرأ الكتب ، فقالت قريش والله ما يُعلم محمد ما يأتي به إلا جبر النصراني .

قال عكرمة إن الغلام اسمه يعيش وكان محمد يلقنه القرآن، ذكر ذلك الماوردي ، وروى كذلك الثعلبي عن عكرمة وقتادة إن الغلام اسمه يعيش وهو عبد لبنى المغيرة كان يقرأ الكتب الأعجمية ولا يعرف العربية .

وقال عبد الله بن مسلم الحضرمي : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر اسم أحدهما يسار واسم الآخر جبر كانا يصنعان السيوف ويقرآن كتاباً لهما يقال التوراة والإنجيل فكان محمد يمر بهما ويسمع منهما وقال آخرون إنه سلمان الفارسي ، وقيل نصراني بمكة اسمه بلعام ، قال بذلك ابن عباس .

وقال القتبي كان بمكة رجل نصراني يقال له أبو ميسرة يتكلم بالرومية ربما قعد إليه محمد ، وفى رواية أخرى أن الغلام اسمه عداس غلام عتبة بن ربيعه ، وعلق على ذلك الإمام عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي قال :  كل ذلك محتمل وصحيح لكن جلوس النبي معهم كان لكي يعلمهم مما علمه الله .

 

تعليـــــــق :

هناك شبه إجماع أن الغلام مهما كان اسمه لم يكن يعرف العربية مطلقاً لكن يحتمل أنه كان يعرف الرومية ، وهناك إجماع أيضاً أن محمد كان يجلس إلى هذا الغلام ويسمع منه ما يقرأ ، وكان جلوسه معه يطول في بعض المرات إلى الغروب ، وكان يتم باستمرار ولم ينكر أحد من المؤرخين أو المفسرين ذلك ، والواضح أيضاً أن ذلك كان في الأيام الأولى لنبوة محمد إذ لم يكن يجد مقاومة من قريش هو ولا الغلام النصراني الذي كان يجالسه ، ولو أضفنا هذا إلى مرافقة محمد لعلي بن عمه أبو طالب أكثر من 20 سنة ، وعلمنا أن أبو طالب كان لا يمنع محمد مما لا يمنع ابنه علي ، وأنه قد أغدق في تربيته وتعليمه دون أن يشيروا إلى أي توع من التعليم ذلك ، وبعد ذلك انتقال محمد لمجالسة أربعة من عتاولة قريش وفقهاء العرب المتنصرين وهم ورقة بن نوفل ، النضر بن الحارث ، زيد بن عمرو بن نفيل ، عثمان بن الحويرث ومنهم من أضاف إليهم عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة التي تزوجها محمد فيما بعد ، وأخيرا اشتغال محمد بتجارة خديجة وأموالها وأسفاره المتكررة وإبرامه العقود والبيع ، ألا يعد هذا كافياً ليكون محمد ولو بقدر يسير قد تعلم على الأقل الحروف الهجائية ؟

فذاك الغلام النصراني الذي كان يقرأ محمد عليه القرآن ، رغم عدم دراية النصراني بالعربية فبأي لغة كان يتم التخاطب بينهما ؟

     

2- ذكر ابن كثير في تفسير الآية 48 من سورة العنكبوت : " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك .." أن أبا الوليد الباجى قال إن محمد كتب ( لم يكتب له أحد ) يوم الحديبية : هذا ما قاضى عليه محمد ابن عبد الله سهيل ابن عمر وأيده في ذلك ما رواه البخاري في صلح الحديبية من نفس ما ذكر وأضاف البخاري : ثم أخذ رسول الله يكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد سهيل بن عمر .

     

3- ذكر ابن سعد في طبقاته طبعة دار الفكر ببيروت في المجلد الثاني صفحة 242 : عن عبد الله بن عبد الله بن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : اشتد بالنبي وجعه في مرضه الذي مات فيه فقال : " ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبدا .."

وهناك رواية أخرى في نفس المرجع حدد فيها محمد ما كتبه حيث ذكر ثلاث كتب منهن اثنتين وسكت عن الثالثة أما ما كتبهن : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، أجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزه .

4- ذكر ابن سعد في طبقاته عن أول ما ابتدأ به الوحي : أن جبريل نزل على محمد فقال له : اقرأ

فقال محمد : ما أنا بقارئ وتكرر ذلك ثلاث مرات حتى قرأ عليه سورة العلق الشهيرة وهنا نقول أن احتجاج العلماء بكلمة ما أنا بقارئ على أنها دليل على أمية محمد مرفوض وذلك لافتقاره للدليل وكل ما قالوه مبنى أساساً على اعتقادهم بأن محمد لابد وأن يكون أمياً : فـ( ما ) هنا لها عدة احتمالات لغوية :

- فقد تكون نافية تعمل عمل لست 

- وقد تكون استفهامية بمعنى ماذا أقرأ

- وقد تكون رافضة بمعنى لن أقرأ

والذي يخصصها هي القرائن والذين قالوا أنها نافية ليس لديهم ما يثبت قولهم ، لكننا من خلال ما قرأناه من نصوص صحيحة نثبت أن محمد كان يقرأ ويكتب ترجح المعنى الذي قصدناه من أنها استفهامية ، ثم إن الأمر بالقراءة لمحمد والله يعلم أنه لا يقرأ فيه نظر؛ إضافة إلى أن ذلك يعني أن محمد كان بين يديه كتاب جاهز ومُعد للقراءة وهذا يدعونا للبحث عن ماهية هذا الكتاب هل هو القرآن ؟ أم هو ما كان يسمعه من الغلام النصراني عند الصفا والمروة ؟

نضيف إلى ذلك أن لفظ " أمي " الوارد في النصوص القرآنية لا يعنى الجهل بالقراءة والكتابة بل يعنى الجهل بالكتب السماوية أو من ليس لهم كتاب سماوي فقد كان الناس فريقان أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى أبناء إسحاق والأميين أبناء إسماعيل ممن ليس لهم كتاب والدليل على ذلك آن القرآن يدعوا الكتابيين والأميين للإسلام فقال " قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم " آل عمران 20 ، وقوله " منهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني " البقرة 78 وآل عمران 75 والأعراف 157 - 158 "  

2- أدلــــــة النبــوة قبــل الوحي :

يؤمن أو يعتقد المسلمون في أن محمد كانت لديه علامات تدل على نبوته قبل الوحي ، وأن الله قد أعده للرسالة بطريقة فريدة ومتميزة ، وقالوا من الأحداث التي سنناقشها أنها مجرد تجهيز وعلامات اختيار من الله لمحمد ومن هذه الأدلة .

* شـــق الصـــــدر .

* كانت رؤيته تتحقق كفلق الصبح .

* حبب إليه الخــــلاء .

* عندما ولدته أمه ظهر ضوء أضاء بلاد الشام .

* شهادة الراهب بحيرة وتنبأ عنه .

 

 

1- معجزة شق الصدر :

إن رواية شق صدر محمد تناولها أكثر من مؤرخ ومفسر بطريقة تختلف عن الآخر لكنهم جميعاً أجمعوا على أن ذلك كان قبل نبوة محمد ، وكان في ديار بني سعد ، والمؤسف حقاً أن يتم إعادة طبع كتب التفسير وتنقيحها وحذف ما كان بخصوص هذه الحادثة من غرابة ، لكن رغم ذلك سوف نناقش ما جاء بخصوص شق الصدر وهى رواية مذكورة بعدة أسانيد في طبقات ابن سعد وسيرة ابن هشام وقد حدثت عندما كان محمد في رضاعته في بنى سعد بن بكر وكان يلعب مع أخيه في الرضاعة ( لم يذكر اسمه ) خلف بيوت بنى سعد وحدثت الواقعة ، لكن في سرد ابن كثير للواقعة في كتاب قصص الأنبياء أن الله أرسل ثلاثة ملائكة للقيام بهذا العمل مع محمد لكنهم لم يعرفوا محمد أيهم من الفتية الثلاث ( ليس واحداً ) حتى اقترعوا أن يأخذوا أجملهم وكان محمد ، وفى علم الحديث لا تقبل هذه الرواية لوجود المجهول وكذلك لخطأ المتن .

هنا يطرأ على أذهاننا السؤال التالي : ترى هل يعقل أن ملائكة معينين من الله لاختيار شخص ما لعمل ما ، يعقل أن هؤلاء الملائكة لا يعلمون من هو؟ ولا يملكون دلالة للاستدلال عليه سوى اجتهادهم الشخصي ؟ ومن يستطيع أن يجزم بأن محمداً كان أجملهم ؟

إن هذا أمر مشكوك في صحته ، وهو يطابق وجهة النظر الشيعية بأن ملاك الله جبريل عندما نزل بالرسالة كان المقصود هو علي بن أبي طالب لكنه أخطأ ونزل على محمد ، وطالما أن ملائكة الله يخطئون ويعتمدون على اجتهادهم في الأمور المكلفين بها من الله فلا نستبعد عنهم الخطأ .

وإن تغاضينا عن كل هذا ، ألا يحق لنا أن نسأل عن دوافع الله من شق صدر محمد ؟ وهل كل إنسان يختاره الله للنبوة لا بد وأن يتم شق صدره مثل محمد ؟

إننا نعلم أن هناك أنبياء كثيرون في القرآن لم يحدث لهم مثل ما حدث لمحمد ، لكن قد يكون هذا من خصوصيات الله نحو محمد ، لكن نجد أنفسنا نعود ثانية للسؤال عن دوافع الله لهذا ؟

يقولون أن الله أراد أن ينزع كل دوافع الشر أو الخطأ من قلب محمد ويضع مكانها دوافع خير، لكن الثابت أن محمد قد أخطأ كثيراً بعد هذه الحادثة لكن نستطيع التأكد من اثنتين من هذه الأخطاء أولها : أنه أكل مما ذبح على النصب ( ذبيحة تذبح على أوثان قريش ) ، ثانياً أنه قد شرب من خمر النبيذ عندما كان على راحلته التي كان يقودها زيد ، بمعنى أن شق صدره لم يغير فيه شيء وبقى بداخلة دوافع الخطأ .

ومن هنا أعتقد أن الكلام عن هذه الواقعة يفتقر إلى القوة التي تجعله من المعجزات ، مثل تلك التي أجراها الله مع موسى وعيسى كما يقولون ، فيبطل الاستدلال بما تطرق إليه الاحتمال .

2- مسألة أن محمد كانت رؤياه تتحقق كفلق الصبح  :

 فذلك ليس دليل نبوة فقد سبقه إلى ذلك جده عبد المطلب وورقة ابن نوفل ، وأبو طالب إضافة إلى أنهم لم يذكروا واقعة تبين أن محمد فعلاً كانت رؤياه تتحقق ، في حين ثبت أن عبد المطلب قد رأى رؤيا أن أبرهة سيُـغير على مكة بجيشه وفيلته وأخبر قريش بما رأى ، وبعد ذلك تحققت رؤياه ، في حين لم يثبت شيء من هذا بخصوص محمد .

3- مسألة أنه حبب إليه الخلاء :

ليست دليل نبوة ، وإلا لأصبح كل من حبب إليه الخلاء مثله نبياً ، فهناك على الأقل أربعة ممن أحبوا الخلاء وامتنعوا عن أكل ذبائح الأوثان والميتة وهم : عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة التي تزوجها محمد ، وعثمان بن الحويرث ابن عم ورقة بن نوفل ، الذي مات بالشام مسموماً لأنه تنصر، وزيد بن عمرو بن نفيل ( طبقاً لابن سعد ج 1 ص 162 ، الأغاني للأصفهاني ج 3 ص 13، السيرة المكية ج 1 ص 110 ، ابن هشام ج 1 ص 206 ) الذي قال فيه محمد أنه يبعث أمة .

4- مسألة أنه عندما ولدته أمه ظهر نور أضاء بلاد الشام :

هذه خرافة انتقلت لمكة وشبه الجزيرة العربية عن طريق الفرس الذين كانوا دائمي التردد على مكة والجزيرة العربية ، إما في غزو أو في التجارة ؛ وقد بدأت هذه الخرافة عندما ولد نيرون ملكهم ، فقالوا أن ضوءاً ظهر فأضاء بلاد فارس والشام وأن السماء أبرقت ورعدت والمعروف أن نيرون كان فاسقاً وليس نبياً .

 

 

5- شهادة الراهب بُـحيرة ونبوته عنه :

جاءت هذه الرواية في طبقات ابن سعد ج1 ص 162 وفى سيرة ابن هشام ولا مجال هنا لذكر الرواية مفصلة لطولها ، لكن ملخصها أن محمد قد سافر مع عمه أبو طالب في تجارة للشام وعندما وصلوا قرب صومعة بحيرة ؛ عزمهم وأعد لهم طعام وطلب منهم جميعاً أن يحضروا الوليمة لأنه قد علم أن بينهم من سيكون نبي هذا الزمان ، وعندما دخلت القافلة وليس بينهم محمد ، تفرس بحيرة في وجوههم فلم يجد عليها علامة النبوة فسألهم إن كان بقى منهم أحد بالخارج فقالوا : نعم ، غلام صغير تركناه عند القافلة فطلب دخوله فدخل فسأل بحيرة أبو طالب من يكون لهذا الغلام ؟ فقال أبو طالب : إنه ابنه . فقال بحيرة لأبى طالب : لست والده لأن هذا ينبغي ألا يكون له أب ...

وهنا نقول الآتي :

1- إن هناك رواية في صحيح البخاري باب الوحي والنبوة ج 1 تقول إن علامة النبوة كانت ختم في كتف محمد وليست على وجهه

2- إن الرواية تنسب لأبى طالب الكذب وهو لم يعرف عنه كذلك

3- القول بأن محمد لابد وألا يكون له أب لا علاقة لها بالنبوة فقد كان إبراهيم له أب وعلى قيد الحياة وقت نبوة ابنه وكذلك يوسف وإسماعيل وإسحاق وهود وصالح وشعيب

 

3 - أدلـــة النبوة بعد الوحــــــــــي :

ترتكز أدلة نبوة محمد بعد الوحي على عدة نقاط أهمها

 

المعجـــــزات :

مثلاً الإسراء والمعراج وحديث الشجرة معه وطاعتها له عندما ذهب ليقضى حاجته وأراد أن يستخفي من الناس ، ونبع المياه من بين أصابعه وسوف نناقش هذه الأمور معاً .

* الإسراء والمعراج :

هذه الحادثة التي نزلت فيها سورة كاملة تحمل اسم الإسراء، لكن للأسف لم تتفق الروايات التي تكلمت عنها في أي شئ بخصوص هذه الحادثة مثل قول عائشة أنها كانت رؤيا رآها محمد وتأكيدها أنه لم يغادر فراشها طرفة عين ليلة أسرى به ، مما دعا العلماء إلى إضافة أمور أخرى للرواية لإثبات وقوعها مثل القول بأن محمد قد وصف لهم بيت المقدس ، وأنه قد دلهم على بعير لهم قد ضلت طريق عودتها ، وكل هذه أيضاً لا ترقى إلى مرتبة الصحيح لأنها اجتهادات لم يأت بها حديث وإن كانت حدثت فهي ليست بالحدث الذي يثبت نبوة محمد ، فقد سبق وخاطب عمر بن الخطاب من على المنبر في مكة السارية التي كانت معرضة للهلاك ، ولم يقل أنه نبي ، ولمزيد من المعلومات حول هذه الحادثة ننصح بقراءة تفسير سورة الإسراء في كتاب ابن كثير أو القرطبي .

 

 

 

 

* حديث محمد مع الشجرة :

مهما كانت صحة هذه الحادثة فهي لا يمكن قبولها لعدم وجود شهود إثبات لها فالذى كان يرافق محمد آنذاك كان عبد الله بن مسعود وطلب منه محمد أن يذهب لينادى على الشجرتين وحدث ما حدث فلم يحدث ابن مسعود أحد بما رأى بل تحدث بذلك أناس لم يروا شيئاً ولم ينسبوا روايتهم لابن مسعود.

 

 

* مسألة نبع الماء من بين أصابعه :

وكان ذلك في صُـلح الحديبية عندما أدركت الصلاة المسلمين ولم يجدوا ماء وكانوا جميعا عطاشى، وما معهم من ماء لا يكفى فأخذ محمد يتوضأ والماء يسيل من بين أصابعه .

وهذه أيضاً ليس لها ما يؤيدها بل الأعجب من ذلك أن هذه المعجزة حدثت عندما احتاج المسلمون للوضوء رغم أنهم كانوا من قبل يعانون العطش ولم يفعل محمد ذلك ليشربوا مع العلم أن هناك رخصة للمسلمين بأن يتيمموا للصلاة في حالة عدم وجود المياه ، لكن في حالة العطش فهي مسألة حياة أو موت مما يستدعى أن تتم المعجزة لإرواء ظمأ العطاشى من أصحابه .

ونجمع كل هذه الأمور في نص واحد يؤكد عدم صدق هذه الحوادث جميعا فقد أخبر الله أنه لم يجر على يد محمد أية معجزة " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " الإسراء 59 .

بل إن هناك كثير من المواقف التي تعرض لها محمد وكانت في أشد الاحتياج للعمل الإعجازى من الله لكن الله تخلى عن نبيه فيما لم نعهده عليه من قبل

 

الصفحة الرئيسية