النبوات في التوراة ( العهد القديم )

 

 

سفر التكوين 49 : 10 " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب "

يقول بعض الكتاب المسلمون أن المقصود " بشيلون " هو محمد والآتي بعض الأمثلة من أقوالهم :

1- يقول مؤلف إظهار الحق ص 518 - 520 بعد أن أورد النص

لا يزول الحاكم من يهوذا ولا راسم من بين رجليه حتى يجئ الذي له وإليه تجتمع الشعوب وقال إنما أراد بالحاكم موسى ( ع ) لأن شريعته جبرية انتقامية ومن الراسم عيسى ( ع ) لأن شريعته غير جبرية ولا انتقامية والمراد بشيلون هو محمد ( ص )

2- ويقول د. أحمد حجازي السقا كتاب ( إظهار الحق ) هامش ص 518- 519 في تعليقه على إظهار الحق :    أن أمة بني إسرائيل كانت ظاهرة في الأرض بملك وسلطان ولها كتاب موسى إماماً ورحمة وقد حدث لهذه الأمة ما يحدث لسائر الأمم من الانتصارات والهزائم إلى أن جاء الإسلام واستولى على ديارهم ومزقهم . ومن زمن موسى إلى نبي الإسلام كان كل نبي أتى إلى العالم كان يأتي على شريعة موسى إلى أن نسخت شريعة موسى بشريعة محمد ولا يمكن أن نقول بزوال الملك من اليهود على يد النصارى لأن النصارى طائفة من اليهود ، ولا يمكن أن نقول بنسخ شريعة موسى على يد عيسى لأن عيسى كما حكى القرآن مصدقاً لما بين يديه من التوراة غير مهيمن عليها وإنما يمكننا أن نقول : ظل الملك مع اليهود ينتصرون مرة وينهزمون أخرى والشريعة في أيديهم إلى أن جاء نبي الإسلام ( شيلون ) فتسلم الملك والشريعة من بني إسرائيل .

ويقول سيادته أيضاً في كتاب نبوة محمد في الكتاب المقدس ص 43 - 46 : يظل الملك في نسل يهوذا وتظل الشريعة يعمل بها الناس في ظل الملوك من أهل يهوذا حتى يأتي من غير اليهود من يتسلم الملك منهم والشريعة والمراد لا يزول الملك من اليهود عامة ولا الشريعة حتى يأتي النبي المنتظر ، وأن شيلون أو الذي له الحكم من غير أنبياء يعقوب بل من بني إسماعيل لأن الشريعة لم تنسخ إلا على يد نبي الإسلام وأن الملك لم يزول إلا على يد نبى الإسلام .

الــــرد :

إن هذه الآية جزء من نبوة يعقوب لبنيه وإذ نرجع إلى تكوين 49 : 10

“ ودعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام ... "

وفى عدد 8 يقول : " يهوذا إياك يحمد اخوتك . يدك على قفا أعدائك يسجد لك بنو أبيك ... "

وفى عدد 10 يقول : " لا يزول قضيب من ... " وكلمة قضيب هنا تعني عصا السبط وقد كان لكل سبط من أسباط بنى إسرائيل الاثنى عشر عصا كتب عليها اسمه وهذه الآية تعنى أن عصا سبط يهوذا لن تزول حتى يجئ شيلون.

 ونحن نعلم أن خلال فترة السبي البابلي ( لمدة سبعون سنة ) زال السلطان من سبط يهوذا ولكن السبط لم يفقد عصاه وكان لهم قضاتهم ومشترعوهم حتى وهُم في السبي ( عز 5 : 1 و 8 ) وقد توقع اليهود حدوث أمرين حالاً بعد مجيء المسيا :

1- زوال القضيب من يهوذا أو عصا سبط يهوذا .

2-إنهاء السلطة القضائية .

وقد جاءت العلامة المنظورة الأولى على زوال القضيب من سبط يهوذا عندما حكم هيرودس الكبير ( ليس يهودي ) بعد حكم المكابيين الذين كانوا من سبط لاوى وهم آخر يهود حكموا في أورشليم ، وقبل محاكمة السيد المسيح بثلاثة وعشرون عاماً لم يعد لمجلس السنهدريم اليهودي حق إصدار أحكام الإعدام فقد أخذت منه هذه السلطة وكان ذلك في عهد أرخيلاوس عام 11 ميلادية

ويقول التلمود :

قبل خراب الهيكل بأكثر من أربعين عام سلب الرومان حق إصدار حكم الإعدام من اليهود ، ويقول ابرب ( رشمن ) : إن أعضاء السنهدريم وقتها ذروا الرماد على رؤوسهم ولبسوا المسوح على أجسادهم وصرخوا ويل لنا فقد زال القضيب من سبط يهوذا قبل أن يجئ المسيا ، وكلمة شيلون قد أجمع المفسرون اليهود والمسيحيون أنها تعني المسيا ، فقد جاء في ترجوم اوتليسلوس " إلى أن يأتي المسيح الذي له الملك وله يكون خضوع شعوب "

وقال أحدهم عن معنى كلمة شيلون : حرف ( الشين ) معناه ابن ولفظ ( إيل ) معناه الله وكلمة ( اون ) معناها حي ، فيكون معنى كلمة شيلون هو ابن الله الحي وتعنى أيضاً رئيس السلام أو صانع السلام أو المسيا

بعد هذه المقدمة لنأتى إلى أقوال الكتاب السابق ذكرها للرد عليها :

1- قول مؤلف إظهار الحق : أن أريد من القضيب السلطة الدنيوية ومن المدبر الحاكم الدنيوي ، فلا يصح أن يراد بشيلون المسيح لأن السلطة الدنيوية والحاكم الدنيوى زالا من كل يهوذا من مدة تزيد عن 2000 سنة من عهد نبوخذنصر وزالتا من يهوذا أيضاً قبل ظهور عيسى ( ع ) بمقدار 600 سنة من عهد نبوخذنصر - ص 518 .

2- وقول أحمد حجازي السقا : يظل الملك في نسل يهوذا وتظل الشريعة يعمل بها الناس في ظل الملوك من أهل يهوذا حتى يأتي من غير اليهود من يتسلم الملك منهم والشريعة

والمراد من النص لا يزول الملك من اليهود عامة ولا الشريعة حتى أتى النبي المنتظر نبي الإسلام ( نبوة محمد ص 43 ) .

 

 

الــرد :

لقد وضح في المقدمة أن القضيب هنا تعني عصا السبط وفى ذلك يقول مؤلف أبحاث المجتهدين ( نقولا يعقوب ص 82 ) :

القضيب حسب استعمال اليهود أنواع : منه ما يحمله الراعي ، ومنه ما يستعمله علامة على السلطة الملكية فيدعى إذ ذاك صولجان ، ومنه ما يدل على السلطة الخاصة والامتياز أي سلطة سبط على سبط والسلطة السبطية هي المقصود بالنبوة لأن السلطة الملكية لم تكن وقتئذ معروفة من اليهود . ولكن يعقوب قصد أن يجعل ميزة على بقية الأسباط فقال له : إياك يحمد اخوتك يسجد لك بنى أمك .

ومما يثبت أن المراد بالقضيب هنا ليس السلطة الزمنية الملكية هو إقامة شاول أول ملك على بنى إسرائيل وهو ليس من سبط يهوذا ، من هنا نرى أن القول بأن السلطة زالت من يهوذا على يد نبوخذنصر لا يفيدهم بشي بل الشيء العجيب أن الدكتور السقا عندما وجد أن القول بزوال السلطة على يد نبوخذنصر لا يدعم أقوالهم قال : إن سلطة بني إسرائيل لم تزل حتى مجيء محمد وطبعاً هذا خطأ حيث أن السلطة لا تعني السلطة الزمنية كما وضحت ، وأيضاً النبوة تعني نسل يهوذا وليس كل اليهود ، فإذا افترضنا صحة قوله أنها تعني اليهود عامة ، فبالرجوع إلى كتب التاريخ نجد أن سلطان اليهود زال عنهم عندما هجم الرومان على أورشليم وخدموا الهيكل سنة 70 م ( تاريخ بنى إسرائيل من أسفارهم ج 2 تأليف محمد عزه )

 

اعتراض :

يقول السقا أن شيلون أو الذي له الحكم من غير أبناء يعقوب بل هو من بني إسماعيل .

الـــــــرد:

لا ندري من أين استطاع أن يثبت هذا القول لأن بالرجوع إلى الكتاب المقدس نجد أن هذه نبوة خاصة بيهوذا بن يعقوب ومما يدل على انتظار يهوذا لإتمام نبوءة عنه عندما أنجب ابنه الأول وكان شرير وكذلك الثاني ولذلك عندما أنجب ابنه الثالث سماه " شيله " ( تكوين 38 : 5 ) " ثم عادت فولدت أيضاً ابناً ودعت اسمه شيله " .

جاء في مجلة الإسلام العدد 11 بتاريخ 2/5/1939 م مقال بعنوان ( بشرى التوراة برسالة سيدنا محمد )

هذه عبارة التوراة حاكية ما تنبأ به يعقوب نبي الله لابنه يهوذا وذريته حين حضرته الوفاة فيقول له : إن القضيب الذي هو النبوة لا يزول منك ولا ينتقل مشترع أي آت بشريعة جديدة بين رجليه من ذريتك حتى يأتي شيلون فتنتقل هذه الأمور إليه وينتهي أمر ذريتك . فالقضيب - النبوة - التشريع وتخضع الشعوب لمن انتقلت إليه هذه الأمور ولم نجد من تنطبق عليه هذه العبارة سوى محمد ، وقد ادعت طائفة إن المراد بالقضيب الملك وأن المراد بشيلون عيسى كلاهما باطل أما الأول فلأن الملك زال من بني إسرائيل قبل عيسى بستمائة سنة وأما حمل شيلون على أنه عيسى فباطل من وجوه :

1- عيسى من أولاد يهوذا فلو حمل عليه لكان المعنى : لا تزول النبوة في بنى يهوذا حتى يأتي من يهوذا وهذا باطل .

2- إن الآية تذكر إن الشعوب تخضع له ولم يخضع شعب ولا قبيلة للمسيح ( ع ) .

الـــــرد :

لقد أوضحت أن القضيب يعنى عصا السبط أو السلطة السبطية وليس الملك ولا النبوة وهذا ينقض ادعائه من أوله ، أما القول بأن حمل شيلون على عيسى بأنه باطل لأنه من أبناء يهوذا فلست أدرى كيف استنتج هذا فالنص يقول : " لا يزول ... حتى ... " أي عند زواله أو فور زوال السلطة السبطية والتشريعية من بنى يهوذا يأتي شيلون أي المسيح وليس محمد الذي ظهر بعد ستة قرون من المسيح .

 وقد بنى استنتاجه الثاني على أساس أن القضيب يعني النبوة أو الملك وهذا خلاف الواقع ، أما قوله أن المسيح لم يخضع له شعب ولا قبيلة فسؤالي هل خضع لمحمد في حياته شعوب ؟ وهل خضعت له الآن شعوب أكثر من الخاضعة للمسيح ؟

والخضوع هو خضوع روحي للشريعة ولا يصح إلا الصحيح

ملاحظة :

في كتاب الانتصارات الإسلامية في علم مقارنة الأديان للإمام الصوفي المثلى ص 107 -108 بعد ذكر تكوين 49 : 10 يقول وهذه صفات المسيح (ص) بلا شك .

الصفحة الرئيسية