قتله النبي بيده

بالهجرة الى المدينة تحول الدين الى دولة دينية. والدولة الدينية لها سياسة، والسياسة قد تطغى عليها. وقد تقتضي سياسة الدولة ما لا يقتضيه الدين والنبوة والقداسة، من الاغتيالا السياسية.

جاء في الحديث: " اشتد عضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله". من تلك الاغتيالات والقتل ما تروي السيرة لابن هشام ( نذكر منها للاختصار):-

حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب قال: لما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف يركض فرسه حتى إذا دنا من النبي اعترض له ناس من أصحابه ليقتلوه فقال رسول الله استأخروا عنه فقام رسول الله وحربته في يده فرماه ما بين سابغة البيضة والدرع فطعنه هناك فوقع أبي عن فرسه فكسر ضلع من أضلاعه واحتملوه ثقيلا حتى ولوا قافلين فمات بالطريق ونزلت فيه( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )

فحدثني يونس بن محمد الظفري ، عن عاصم بن عمر ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال( كان أبي بن خلف قدم في فداء ابنه وكان أسر يوم بدر ، فقال يا محمد ، إن عندي فرسا لي أجلها فرقا من ذرة كل يوم أقتلك عليها . فقال رسول الله بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله . ويقال قال ذلك بمكة فبلغ رسول الله كلمته بالمدينة فقال( أنا أقتله عليها إن شاء الله)

قالوا ( وكان رسول الله في القتال لا يلتفت وراءه فكان يقول لأصحابه إني أخشى أن يأتي أبي بن خلف من خلفي ، فإذا رأيتموه فآذنوني به) فإذا بأبي يركض على فرسه وقد رأى رسول الله فعرفه فجعل يصيح بأعلى صوته يا محمد لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله ما كنت صانعا حين يغشاك فقد جاءك ، وإن شئت عطف عليه بعضنا . فأبى رسول الله ودنا أبي فتناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة ، ثم انتفض بأصحابه كما ينتفض البعير فتطايرنا عنه تطاير الشعارير ولم يكن أحد يشبه رسول الله إذا جد الجد . ثم أخذ الحربة فطعنه رسول الله بالحربة في عنقه وهو على فرسه فجعل يخور كما يخور الثور .

ويقال تناول الحربة من الزبير بن العوام . ويقال لما تناول الحربة من الزبير حمل أبي على رسول الله ليضربه فاستقبله مصعب بن عمير يحول بنفسه دون رسول الله فضرب مصعب بن عمير وجهه وأبصر رسول الله فرجة بين سابغة البيضة والدرع فطعنه هناك فوقع وهو يخور.

قال ابن هشام : تدأدأ يقول تقلب عن فرسه فجعل يتدحرج .

قال ابن إسحاق : وكان أبي بن خلف ، كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، يلقى رسول الله بمكة فيقول يا محمد إن عندي العوذ فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه فيقول رسول الله بل أنا أقتلك إن شاء الله . فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال قتلني والله محمد قالوا له ذهب والله فؤادك والله إن بك من بأس قال إنه قد كان قال لي بمكة أنا أقتلك ، فوالله لو بصق علي لقتلني . فمات عدو الله سرف وهم قافلون به إلى مكة .

عودة