الفصل الثالث

زواج المتعة والنص القرآنى

عودة للحوار السنى الشيعى

[1]

 

*   يقول السنة:

انتهى حوارنا السابق على وعد منكم بالدليل القرآنى على حلّ المتعة, ونصدقكم القول أننا على أحرّ من الجمر فى انتظار هذا الدليل ولو أتيتم به لسلمنا لكم بالحجة, واعترفنا معكم بالبرهان, فهاتوا دليلكم يرحمكم الله ...

 

ü    فيرد الشيعة:

تعودنا معكم أن نستند إلى مرجعكم,

وما نظن أن تفسير الطبرى, أو تفسير الرازى, أو تفسير السيوطى محل اتهام منكم,

وقد ورد فيها وفى غيرها أن عبدالله بن مسعود ( وهو من هو ),

وعبدالله بن عباس وهو حبر الأمة وترجمان القرآن,

وأبىّ بن كعب وهو أشهر كتب الوحى,

كانوا يرون أن آية : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } [ سورة النساء : 24 ].

نزلت فى المتعة,

وجميعهم كان يقرأها قراءة مختلفة نصها { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً },

بإضافة { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى },

ويقسمون أنها هكذا نزلت,

وعلى هذا تابعهم ـ فى  ذات  المراجع ـ تابعون أجلاء مثل: مجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب وغيرهم كثير,

وبعض الفضلاء منكم ينكرون التواتر فى مثل هذه القراءات,

وهى متعددة لكونها لم تثبت فى مصحف عثمان, وهو الذى بين أيدينا الآن,

لكنهم يأخذون بها كقراءة تفسيرية للنص, لكونها ثابتة على لسان كبار الصحابة,

ومن أمثلة ذلك قراءة السيدة عائشة لآية

{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [ البقرة 238]

حيث تذكر ( والصلاة الوسطى صلاة العصر )

وتقسم أنها هكذا نزلت,

فيكتفى العلماء بما ورد مصحف عثمان ( والصلاة الوسطى ) ويعتبرون القول بأنها صلاة العصر قراءة تفسيرية.

والأمثلة كثيرة, ولكننا نقبل هذه الآية بهذا القول ونسلم معكم بأن إضافة أبىّ بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن مسعود تفسير نص الاستماع بأنه { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى }, أى أنه زواج متعة, ومرة أخرى نوجز قولنا  حتى لا تكابروا فى الحق ...

*** آية { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } [ سورة النساء : 24 ]. نزلت فى المتعة بقول أبىّ بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن مسعود وبعض كبار التابعين.

*** يقرؤها أبىّ بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن مسعود بإضافة { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى } بعد {  فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ }, ويؤكدون أنها هكذا نزلت. والقبول بعبارة { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى } نصًا أو تفسيرًا يقطع بنزول الآية فى المتعة,

فالخلاف بيننا أنكم ترون أن الزواج كله دائم,

و نرى نحن أن زواج المتعة { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى }.

نقبل بما أجمعت عليه الأمة فى مصحف عثمان,

ونأخذ بقراءة أبىّ بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن مسعود وبعض كبار التابعين

 كقراءة تفسيرية للنص ...

*** نخلص من ذلك إلى أن الآية بالإضافة أو بدونها نزلت فى المتعة, وعليه يصبح زواج المتعة ثابتًا بالنص القرآنى , وقد اختلفنا فى نصوص السنة والسنة ظنية, فأتينا لكم بالنص القرآنى, والقرآن قطعى, فأين تذهبون؟ ...

[2]

*   فيرد السنة:

تسألون إلى أين نذهب؟ ...

نقول لكم: سنذهب إلى صحيح العقيدة وسليم الدين وثابت النص, ونلقمكم أحجار المنطق واحدة واحدة ...

 

ü    فيرد الشيعة:

إذن هاتوها يرحمكم الله ...

فقط اسمحوا لنا أن نردها عليكم ونلقمكم ردها واحدة فواحدة ...

[3]

*   فيرد السنة:

هو ذلك إن استطعتم ... بيد أننا لا نكتمكم مشاعرنا حول حواركم هذا فقد قرأنا ما قرأتم, لكننا قرأناه كاملاً,

بينما قرأتم أنتم سطرًا وأخفيتم سطرًا,

فالطبرى والرازى والسيوطى, ونضيف إليهم الزمخشرى والثعلبى وابن حيان والنيسابورى والقرطبى وغيرهم,

ذكروا ما ذكرتم, لكنهم ذكروه كرأى, ودحضوه بالرأى الآخر,

ولم يسلّم واحد منهم بحجتكم, ولم يأخذ واحد منهم برأيكم,

والمحاور العالم الفقيه الفاضل, يقرأ بقلب خاشع, وضمير مؤمن,

أما الخارج عن الجماعة, الباحث عن سبيل للخروج على الإجماع فإنه يقرأ بعين اللاقط للشذوذة, الباحث عن المثالب, المقبل على الخلاف وكأنه هدف حياته, ومبرر دعواته , معذرة لهذا الانطباع الأول ...

فلو كتمناه عنكم نكون قد قصرنا فى الرد الذى سوف يكون مفحمًا إن شاء الله,

وبنصوص كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ...

إن ما ورد فى التفاسير السابقة, ونحسب أنه إسرائيليات تسللت إلى ثنايا الدين القين, هو الذى أعطاكم الفرصة للمكابرة فى الحق, ووضع الذى يرد عليكم فى موقف الحائر فى البداية, فهو إن أهمل ما جئتم به ورماه بما هو أهل له, زدتم تمسكًا به, واتهمتم مجاوركم بالهروب من الساحة والعجز عن الرد, وهو إن سلّم به اتخذتم تسليمه تكأة للدفاع عن فكركم المريض, ولسوف نسلِّم معكم فى البداية برأى من ذكرتم فى تفسير الآية, وهو فى تقديرنا رأى لا أقل ولا أكثر, يرد عليه محكم التنزيل فيجعله كعصف مأكول ...

 

إن الآية التى ذكرتم, بالإضافة التفسيرية أو بدونها منسوخة بالآيات [ 29, 30, 31 من سورة المعارج ] ونصها: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {29} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {30} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {31} }...

المتمتع بها هنا ليست زوجة لأنها لا عدة لها ولا طلاق ولا نفقة ولا غرث وهى ليست مملوكة ...

إذن فهى لا تدخل ضمن { أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } ...

إذن فهى تدخل ضمن قوله تعالى { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } ...

وقد ورد نفس النص { إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [ سورة المؤمنون 6 ].

وهو أيضًا نص ناسخ للنص الذى تعتمدون عليه ولنفس الأسباب  ...

هذه هى الحجة الأولى ... أيها العادون ...

 

ü    فيرد الشيعة:

لن ندخل معكم فى تفاصيل حول المتزوجة بالمتعة وهل هى زوجة أم لا ؟ ...

فالحوار بيننا سيطول, والرد على هذا كله سوف يأتى إن شاء الله فى موقعه من الحوار, لكننا نسألكم وأنتم فقهاء ...

هل ينسخ النص المتقدم زمانًا, النص المتأخر زمانًا؟ ...

هل إذا نزلت آية فى زمن معين, ثم نزلت بعدها بزمان طويل آية أخرى ... هل تنسخ الأولى الثانية؟ ...

بديهى إن العكس هو الصحيح ...

فالمتأخر زمانًا هو الذى ينسخ المتقدم زمانًا ...

إذا سلمتم بهذا ونظن أنه لا مفر,

فالرد عليكم يصبح من أيسر ما يكون ...

الآية التى نستند إليها { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ .... } من أواخر ما نزل من سورة النساء فى المدينة ...

والآيات التى تستندون إليها فى سورتى ( المؤمنون ) و ( المعارج ) من الآيات المتقدمة زمانًا فى مكة ...

والمكى المتقدم زمانًا لا ينسخ المدنى المتأخر زمانًا ...

وعليه فالآيتان اللتان تستندون إليهما لا تنسخان الآية التى نستند إليها ... هذه واحدة ...

أما الثانية فهى عسيرة عليكم, مردودة إليكم, لأننا إذا سلمنا معكم بالنسخ فى هذه الآيات, نصل إلى نتيجة عكسية لما أردتم تمامًا, وهى أن الآية التى نستند إليها هى التى تنسخ الآيتين اللتين تستندون إليهما ...

ما رأيكم أيها المدعون بالنسخ ؟ ...

[4]

*   فيرد السنة:

كعادتكم معنا دائمًا ... تقرأون سطرًا وتنسون سطرًا وتقفزون كالقردة فوق ما ينقض حجتكم وينسف منطقكم ...

كيف تقفزون هكذا خفافًا فرحين فوق ما ذكرناه من أم المتمتعة ليست بزوجة لأنه لا عدة لها ولا طلاق ولا نفقة ولا إرث ....

إذن هاكم الحجة الثانية ...

ألم يأتكم قول الله تعالى فى محكم كتابه { أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ .... } [ سورة الطلاق 1 ] ـ ألا تنسخ آية الطلاق هذه زواجكم المسخ حيث لا طلاق فيه ولا عدة ...

وألم يأتكم قوله تعالى فى كتابه الكريم { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ...... }

ألا تنسخ آية المواريث هذه زواجكم المشبوه, حيث لا ميراث ...

لقد تشدقتم كثيرًا بحديث زواج المتعة, ولم يخجل واحد منكم وهو يتشدق بلفظ الزواج, متجاهلاً ومتناسيًا أن الزواج صنو للطلاق, وصنو للعدة, وصنو للميراث ...

تقولون إنه زواج بغير طلاق ...

قولوا إنه زواج بغير عدة ...

قولوا إنه زواج بغير ميراث ...

قولوا إنه زواج يتحدى ( ونستغفر الله لكم ) آية الطلاق التى ذكرناها ...

قولوا إنه زواج يتحدى ( ونستغفر الله لكم ) أية المواريث التى ذكرناها ...

قولوها ولا تخشوا فى الفجور لومة لائم ...

قولوها ونحن نردد على مسامعكم قولة الحق حتى لا تهربوا منها ...

زواجكم ( بل الأدق فعالكم ), منسوخة بآيتى الطلاق والمواريث ...

 

ü    فيرد الشيعة:

حسنًا ... فهمنا من حديثكم أن الزواج بذاته يقتضى الطلاق ...

وأن الزواج بذاته يقتضى التوارث ...

وأن الزواج بذاته يقتضى العدة ...

أما أن الزواج بذاته يقتضى الطلاق, فالقصد منه كما نفهم أن زواج المتعة, الذى ينتهى بانتهاء الأجل دون طلاق, ليس زواجًا لافتقاده ركنًا من أركان الزواج وهو الطلاق أو إمكانيته ...

من قال لكم هذا؟ ...

ألم يقرأ واحد منكم فى كتب الفقه ( السنى ) أن هناك حالات من الزواج لا طلاق فيها,

ألم نذكر فى لكم حوارنا حول السنة أمثلة لهذه الحالات,

ألم يشفع لكم ذلك حتى تكرروا السؤال, وحتى تتبعوه بسؤال مماثل حول آية ( المواريث ), ونسيتم ما ذكرناه من حالات من الزواج ( الدائم ) لا توارث فيه ...

هل تريدون أن نعيد على مسامعكم الأمثلة؟ [ ارجع إلى الفصل الأول ] ... التى تؤكد أن عدم وجود طلاق وعدم وجود ميراث لا يعنى عدم وجود زواج ... ومعنى هذا أيها العلماء أن الزواج وحده, ومن حيث هو, غير مستلزم للتوارث, وإنما لحقه هذا الحكم لدليل خاص ...

ومعنى هذا أن هناك حالات من الزواج لا طلاق فيها, ولا ميراث, وتظل زواجًا ... ومنها المتعة ...

ومعنى هذا أيضًا أنه لا تعارض, ولا تدافع, ولا نسخ بين الآية التى ذكرناها وآية المواريث التى ذكرتم ...

أرأيتم كيف تركبون السهل من الأمر, والصعب من القذف, دون دليل شرعى يقف على قدمين ...

أرأيتم كيف التكرار لم يعلمكم بعد أيها الشطار ...

وتبقى العدة ...

وليس ذنبنا أن قراءة النظرية الماركسية أو كتابات المستشرقين أيسر كثيرًا من قراءة كتب الفقه الشيعى, التى هى أوثق ما تكون ارتباطًا بروح الإسلام وجوهره ونصوصه, ولو قرأتم فيها لعلمتم أن العدة إذا انقضى أجل المتعة حيضتان إن كانت ممن تحيض , وإن لم تحض فخمسة وأربعون يومًا, ولو وات عنها فهى أربعة شهور وعشرة أيام ... [ راجع : المختصر النافع فى فقه الإمامية ـ الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى ـ دار الأضواء ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثالثة 1985 ].

هذا عن حجتكم الثانية, وقد ألحقناها بالأولى , فماذا لديكم بعد؟ ...

[5]

*    فيرد السنة:

لدينا الحجة القاصمة ...

ذلك أن الحق لا يعوزه الدليل, ولا تنقصه الحجة, غير أن فيما ذكرتموه رأيًا لا يحق لنا أن نتجاوزه دون وقفة وتعليق ...

ألم تلاحظوا أنكم تتعلقون بالشاذ من الحالات لإثبات ما هو فى رأيكم غير شاذ, وأنكم ما زلتم على عادتكم فى تلمس الشارد وغير الوارد من الأمور لإثبات منطقكم السقيم وغير المستقيم ...

هى ملاحظة شكلية على أية حال, لكنها تدفع بنا إلى قول ما لابد من قوله, وذكر ما لابد من ذكره, فالتلاعب بالأعراض عبث, وأن يتم هذا التلاعب تحت مظلة الدين الحنيف القيم فهى جريمة بكل المقاييس, وإن سكتنا عنها شاركناكم فى الإثم ...

نتوكل على الله فنقول:

أولاً: إن الرواية ( الشاذة ) تذكر زيادة { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى }, وهى رواية على سبيل البيان والتفسير, وإن يذكرها أو يراها صحابى أو تابعى فليس ذلك بحجة على أحد, وهى لم تكن حجة على أحد أصلاً, لأن أحدًا منهم أو منا لا يجوز له أن يخرج على إجماع الأمة حول مصحف عثمان, ولو اختلفنا حوله لهدمنا صرح الإسلام المتين, لذا فالفيصل بيننا وبينكم هو النص الثابت القطعى, والقول بالزيادة على مسئولية صاحبه, إن صدق, أو صدق النقل عنه, والجدال حول الزيادة لا مبرر له ولا معنى, لأننا لا نعترف به أصلاً ... هذه واحدة ...

ثانيًا: حتى لو صدقنا رواية أنه كانت هناك أصلاً زيادة, فإن سقوط { إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى } من المصحف يهدم مذهب الشيعة فى متعة النساء, لأن ارتفاع شئ بعد ما ثبت يجتث كل آثاره, والأجل فى تقديرنا هو أجل العقد, وهو إلى أن يشاء الله, بينما الأجل فى القراءة الشاذة هو أجل الاستمتاع, فحتى لو انعقد عقد بهذا الفهم الشاذ فإنه هزل فى موطن الجد, يبقى جده, وينتهى هزله, وينعقد دائمًا ...

ثالثًا: من أقوال الشيعة نأخذ الحجة, ومن منطقهم نستلهم المنطق فى هذه القضية, فلو ثبت أن المتعة مورست فى عهد أبى بكر ثم صدر عهد عمر, وأن عمر هو الذى أبطلها وتابعه المسلمون, فالحجة هنا للسنة وليست للشيعة, فقد انعقد إجماع المسلمين جميعًا على بطلان المتعة, هنا نحن نستند إلى الإجماع , وهو ليس بالهين, ونستند أيضًا إلى حكمة الزواج التى تتسق مع هذا الإجماع, وهى حكمة تساندها الديمومة, ويدفع إليها التراحم وتكوين الأسرة وليس الشهوة العارضة والجنس العارم, ونحن نحسب فى هذا أننا نتسق مع جوهر الدين, وأننا امام إجماع صادف جوهر الدين ومحكم آباته وروح نصوصه ...

 رابعًا: كأننا بالشيعة لم يقرأوا ما تلا الآية من آيات وأولها جازم قاصم لظهورهم, مبطل لدعواهم ....

لقد ذكر الله فى محكم آياته بعد التى استدل بها الشيعة حل زواج المتعة ما نصه: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم } [ سورة النساء 25] ...

وفى هذه الآية نص قطعى يحرم نكاح المتعة ...

فلو كان { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } فى حل المتعة بكف من بر ( أى من الشعير ), فكيف يكون قوله بعد هذه الآية { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ....  }...

وهل يتصور عاقل أن يكون الإنسان عاجزًا عن شراء كف بر ثم يشترى ويملك يمينه جارية؟ ...

ومجرد نزول آية { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ } بعد { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } يكفى فى تحريم المتعة, لأنها نقلت من لم يستطع أن ينكح المحصنة إلى ملك اليمين, ولم يذكر ما هو أقدر عليه من ملك اليمين ...

فلو كان التمتع بكف من بر جائزًا لذكره الله سبحانه وتعالى ...

ومعنى عد ذكره أن الشيعة تفترض أن آيات القرآن قد نسيت ( ونستغفر الله ) أو تجاهلت ( ونستغفره ثانيًا ) ذكر ما كان ينبغى أن يتم به سياق الآيات ...

خامسًا: هى دعوة منا لإخواننا الشيعة أن نتفق على كلمة سواء, وأن نجتمع معًا على الحق الواضح الجلى فى سياق الآيات الواردة فى سورة النساء ...

التى أوردت بوضوح, لا لبس فيه, أقسام النكاح المشروع فى الإسلام وهو:

النكاح الدائم بالزواج الدائم,

ونكاح الأَمَة المَمْلُوكَة دُوْنَ زَوَاج ...

أما الزواج الدائم بالحرة أو الأمة فلا خلاف عليه ولا شبهة,

أما نكاح الأمة فجوازه فى حالتين:

        الأولى: هى ملك اليمين, و

الثانية: هى المحصنات من النساء ( أى النساء التى لها أزواج ) وتسبى فى الحرب, ووطء هاتيك النساء حلال بعد استبرائهن ( أى التأكد من خلوهن من الحمل ) وفقًا للنص القرآنى الوارد فى الآية السابقة على الآية التى يحاول الشيعة الاستدلال بها على المتعة, ونص الآية { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ }. ‏

يذكر الطبرى فى تفسيره [  جامع البيان عن تأويل آي القرآن: المجلد الرابع ـ الجزء الخامس ـ ص 3 ـ دار المعرفة ـ بيروت ] . عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبنا نساء من سبي أوطاس لهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت:{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } فاستحللنا فروجهن.

وهكذا ينحصر النكاح المشروع فى حالتين الأولى هى الزواج الدائم والثانية هى ملك اليمين ...

وفى غيرهما لا نكاح ولا مشروعية ولا نص فى المصحف العثمانى المتفق عليه ولا إجماع ...

سادسًا: كأننا بالشيعة لم يقرأوا محكم آيات الله ولم يطرق سمعهم قوله سبحانه وتعالى: { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ سورة النور: 33] ...

ولو كان زواج المتعة شرعيًا ومباحًا بحفنة من بر ( كما تذكرون ) لما كان للآية موضع للذكر أو الفهم ...

فكيف لا يجد البعض نكاحًا بحجة العوز وأمامه باب زواج المتعة مفتوح على مصراعيه ...

يستحل المسلم به فرج المراة بأقل ما يقدر عليه أفقر الفقراء ...

وأخيرأ: معذرة يا إخواننا فى الدين, فوالله ما أردنا لكم سوى الهداية, وما أردنا بكم سوى اجتماع الصف, وما قصدنا بحديثنا إلا بيان الحلال الذى هو بيِن, والحرام الذى هو أبْيَن, لولا غشاوة على العيون, واستكبار فى الحق, وتعالٍ عن صحيح الفهم وسليم العقل ...

 

ü    فيرد الشيعة:

بل خالص الشكر على مشاعركم النبيلة ونرجو أن تصحبكم هذه المشاعر إلى هاية الحوار ...

ولو كنا نعلم أن إفحانا لكم فى حجججكم, حجة بعد حجة, سوف يدفعكم إلى هذا الغضب, الذى ينتج عنه هذا المنطق المتهافت لأغضبناكم من البداية, وأفحمناكم منذ أول محاورة, وندخل فى الموضوع ونرد فنقول:

أولاً: لنبدأ بما انتهيتم إليه ...

فهو بمعناه وفحواه قد تكرر قبل ذلك أكثر من مرة ...

ومنطقكم فيه ينطلق من المقابلة ( غير المنطقية فى تصوركم ) بين الآيات التى تربط الزواج الدائم بالمقدرة المالية { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ } , { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } , وبين إمكانية زواج المتعة بالمهر اليسير ( حفنة من بر ) ...

وترتيبكم لمنطقكم على النحو التالى:

1ـ آيات الزواج المذكورة تربط بينه وبين القدرة المالية.

2ـ الشيعة يعتبرون نكاح المتعة زواجًا ويدعون أن مهره يمكن أن يكون أقل القليل وهو حفنة من بر.

3ـ ما ورد فى (1) يتناقض مع ما ورد فى (2) وهو ما يعنى أن نكاج المتعة ليس زواجًا بأى معنى يرد فى القرىن وأن آية { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً } التى تلت آية المتعة تعنى أن الآية السابقة عليها تقصد الزواج الدائم الذى يتحقق فيه الطول ( أى الغنى ) ولا تقصد زواج المتعة الذى لا يحتاج إليه...

وما أيسر الرد على هذا من منطلق الفقه السنى ذاته, ففقهاء الوم ( السنيون ) يضعون حدًا أدنى للمهر للزواج الشرعى ( الدائم ) يقدر بحوالى خمسة وعشرون قرشًا وهو فى تقديرنا ما يوازى ثمن حفنة من بر. هذه واحدة ...

أما الثانية فهى ما تواتر فى كتب السنة عن تزويج الرسول لأحد فقراء المسملين بخاتم من حديد, وفى إحدى الروايات بآية من آيات القرآن...

إذن فمعنى الطول هنا ليس مقصودًا به الحد الأدنى المقبول للمهر الشرعى ... إنما يقصد به ما تطلبه بعض الأسر من مهر لابنتها, أو بعض النساء من مهر لهن, يفوق طاقة راغب الزواج, وهو أمر كان قائمًا وما يزال, وهو قائم فى الزواج الدائم بقدر ما هو قائم فى زواج المتعة, وعليه فالمقابلة بين الطول ( الغنى ) وبين الحد الأدنى ليست مقابلة صحيحة, والمفارقة بين الطول ( الغنى ) وبين الحفنة من البر ليست واردة, لأنها لو كانت لأصابت منطق السنة قبل أن تصيب منطق الشيعة ...

ثانيًا: الحديث عن الآراء ( الشاذة ) ووصفها بهذا الوصف لا يليق أولاً بمقام كبارالصحابة,  كما أن الشذوذ يحوى ضمن معانيه ندرة القائلين به, وأما وقد عددنا أسماء الكثيرين من كبار الصحابة ممن قطعوا بحل المتعة ورفضوا القول بتحريم الرسول لها والأمر الصادر من عمر بتحريمها, فقد انتفى بيننا شذوذ القلة العددية ...

وبقى ما تتصورون أنه شذوذ الرأى والفهم غير المستقيم, والمرجع فى الحكم على الرأى ونعته بالشذوذ أو بالصواب يكون للنص, والبينة علة من إدعى كما يقولون, ومن منطقكم نرد عليكم, شريطة أن يستقيم منطقكم فى كل حال, ونحن أول من يقبل معكم بالاحتكام إلى مصحف عثمان, لكن ليس قبل أن نذكركم بموقفكم من قضايا أخرى ترون فيها رأيًا يخالف رأيكم الآن, وتحتجون فيها بحجج تناقض ما تسوقونه إلينا فى هذه القضية, وعودوا إلى كتب الفقه السنى فيما يخص عقوبة الزنا ...

ألستم القائلين فيها بقول عمر بانه كانت هناك آية تخص رجم الزناة ...

ونصها كما تذكر عشرات الكتب والمراجع هو { والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة } والقائل بهذا هو عمر بن الخطاب, وهى آية لم يذكرها مصحف عثمان, بيد أنكم لم تذكروا فى مواجهتها ما تتغنون به الآن على مسامعنا, من أن ( ارتفاع شئ بعد ما ثبت يجتث كل آثاره ) وكانت لديكم الشجاعة لادعاء أنها [ نُسِخَتْ نَصًا و بَقِيَتْ حُكْمًا ] ...

أى أنكم تجاوزتم القول بالتفسير للنص القرآنى إلى القول بالتنزيل لحكم شرعى دون أن يشفع لكم مصحف عثمان ...

بل ووجد بعضكم الشجاعة للتغنى بنسخ السنة للقرآن ...

رغم ما نعلمه وتعلمونه من ظنية السنة وقطعية النص القرآنى ...

لكنه الهوى وتهافت المنطق بل وتناقضه ...

عبد الله بن عباس هو حبر الأمة وبحر العلم وترجمان ( القرآن ) فإذا اختلف معكم وتناقض قوله مع هواكم, أصبح شاذ الرأى, وخارجًا على إجماع المسلمين ...

أبىّ بن كعب هو اشهر كُتّاب الوحى, وهو الذى تنحنى الهامات اما قوله فى محكم الآيات, لأنه الأقرب إليها, وأشهر من أخذها عمن أوحى إليه, فإذا نقل إليكم ما سمعه, ووثق لكم ما نقله عن خير الخلق اتهمتموه بالشذوذ فى الفكر, والمخالفة لرأى جماعة المسلمين ...

عبد الله بن مسعود, أستاذ مدرسة الرأى التى أنجبت الإمام ( الأعظم ) أبا حنيفة, فاسد الرأى لديكم, شاذ الفتوى فى تقديركم ...

هكذا الأمر معكم ...

الحجة رائعة ومقبولة طالما أنها تتسق مع ما تعتقدون ...

وهى شاذة ومرفوضة إذا اختلفت معكم واصطدمت مع هواكم ...

الصحابى هو بحر العلم إذا ذكر اسمه, وأعلن قوله, فإذا اختلف صوابه مع خطئكم, ومنطقه مع عجزكم, وصمتموه بالشذوذ ومخالفة الجماعة, وهى تهمة تعلمون ونعلن ثقلها وأثرها ونتائجها ...

هذا عن الإضافة التفسيرية, التى تنتفضون أمامها كمن لدغه العقرب ...

وكأن زواج المتعة أمر إدّ ...

وكأنكم لم تعترفوا معنا بأن الرسول قد أمر به ...

وأن كبار الصحابة قد مارسوه فى عهده, وباوامره و بأقواله التى خلدتها لنا مراجع الحديث النبوى ( السنية ) ...

وهو الذى لا ينطق فى أمور العقيدة بالهوى ...

وهو أيضًا الذى تواكب التنزيل القرآنى مع سنته القولية والفعلية ...

إذن فالحديث عن الشذوذ نغمة نشاز غير مقبولة, فلا الفعل شاذ, ولا إتيانه باعترافكم فى عصر الرسول كان خروجًا على الإجماع, ولا تأكيد بعض الصحابة الكبار على حلّه قول يأخذ الشذوذ بأطرافه والخروج على الإجماع بتلابيبه, ولا ممارسة المتعة تدخل فى باب الزنا أو المسافحة كما تدعون ...

ويكفينا للرد عليكم قول عبدالله بن عمر ( والله لقد مارسناها على عهد الرسول وما كنا زانين ولا مسافحين ) ...

والأصح والأوثق والأكثر أدبًا وتهذيبًا مع سنة الرسول هو القول بالخلاف أو الاختلاف, بين كبار الصحابة هنا وكبار الصحابة هناك, والخلاف منحصر حول تفسير لآية من الآيات, وهى آية تؤكد رأينا, وتحسم الأمر لصالح منطقنا, سواء بقيت الإضافة التفسيرية أم لم تبق, فالنص الوارد فى مصحف عثمان, كما سنبين لكم, يوضح حجتنا ويناصر رأينا, بأوضح ما تكون المناصرة, وبأظهر ما يكون الوضوح, ولعلنا لا ننتقل من هذه النقطة, التى نتنازل فيها عن الأخذ ( بالإضافة التفسيرية ) برضا كامل منا, وبتنازل نملك أن نعارضكم فيه, بمنطقكم وبأسانيدكم, دون أن نوجه إليكم تساؤلاً ما نظن أنه سوف يمر مرور الكرام على عقولكم وأفئدتكم ..

لقد نقلت كتبكم ( السنية ), بدءًا بمراجع الحديث ومرورًا بكتب التفاسير وقد ذكرناها جميعًا, وانتهاء بكتب الفقه ومنها فتح البارى لاين حجر العسقلانى ومنها المحلى لابن حزم وغيرها ...

نقول أن هذه الكتب نقلت فى شأن المتعة آراء ابن عباس وأبىّ بن كعب وعبدالله بن مسعود فى تفسير الآية ...

وهو رأى يتسق مع رأينا ويؤيده ...

ثم اعترضتم عليه ليس على لسان أحد من كبار الصحابة ممن يطاول من ذكرناهم علمًا أو فقهًا أو تفسيرًأ لمحكم الآيات, بل على لسان كتاب التفسير أو الفقه, وحتى عندما نقل الطبرى فى تفسيره عن على بن أبى طالب, نقل عنه حديثًا يؤيد المتعة وينتقد تحريم عمر لها, ثم انتقل كما انتقل غيره إلى الرد بنفسه على رأى هؤلاء جميعًا, على وابن عباس وابن كعب وابن مسعود, وتناسوا يا أهل السنة خلاف الشيعة معكم واحتكموا لضمائركم, واسألوا يا أنفسكم, إلى من نحتكم فى تفسير القرآن الكريم ...

إلى على بن أبى طالب أم إلى الطبرى ...

إلى عبدالله بن عباس أم إلى الطبرى ...

إلى أبىّ بن كعب أم إلى الطبرى ...

لا تردوا علينا, نحن لا نطلب منكم ردًا, فلعل الخجل يمنعكم, بل ردوا على أنفسكم, وعلى من ذكرنا من الأسماء الجليلة فى سماء العقيدة ...

ثالثًا: تعالوا معنا إلى سياق الآيات, وتعلموا منا درسًا من دروس الفقه ...

إن النكاح الشرعى الوارد فى القرآن الكريم, يشتمل على أربعة أنكحة وردت جميعًا فى سورة النساء وهى:

1)    زواج الحرة الدائم ...

2)    ملك اليمين ...

3)    زواج المتعة ...

4)    زواج الأمة الدائم ...

وإليكم الآيات البينات:

قال الله تعالى فى الآية الثالثة من سورة النساء: { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } فبين فى هذه الآية القسمين الأولين من النكاح وهم زواج الحرة الدائم { مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } , وملك اليمين { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ يُقصد بملك اليمين الجوارى المملوكات بالشراء أو السبى, ولا يشترط فى نكاحهن الزواج كما أنه نكاح لا يحدد بعدد ...].

ثم لا ذلك آيات كثيرة مثل آيات المواريث ومحرمات النكاح من النساء والرضاع والمصاهرة...

ثم تلت ذلك الآية الرابعة والعشرون من سورة النساء: { وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم } أى بثمن أو صداق { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } , فبين أنه يحل لهم أن يبتغوا باموالهم عدا ما ذكره سبحانه من المحرمات بشرط أن يكون نكاحًا شرعيًا لا سفاحًا...

وهو ما يشمل أقسام النكاح السالفة الذكر...

ولما كان الأول والثانى قد سبق ذكرهما فيما تقدم من الآيات, ولم يعد هناك حاجة إلى إعادة ذكرهما ...

انتقلت الآيا إلى بيان زواج المتعة, وهو القسم الثالث بقوله تعالى: { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ...

وسمى المهر هنا أجرًا كما سمى المهر فى الزواج الدائم صداقًا ...

وبين حكم هذا المهر بانه يجوز الحط منه بالتراضى ...

ثم ذكر بعد ذلك حكم النكاح الشرعى الرابع فى الآية الخامسة والعشرون من سورة النساء بقوله : { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ }  إلى قوله سبحانه وتعالى : { فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }  إلى قوله سبحانه زتعالى { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } ...

وبذلك تم الكلام على جميع أقسام النكاح بأحسن بيان وأسلسه وأوضحه ترتيبًا وقصدًا...

[ راجع " نقض الوشيعة": ص 277 / وراجع أيضًا" إسلامن فى التوفيق بين السنة والشيعة"للدكتور مصطفى الرافعى ـ مؤسسة الأعلمى للمطبوعات ـ بيروت ص 148 ].

هذا فقه النكاح الشرعى فى القرآن, وهذا نص محكم الآيات التى هى الفيصل كما ذكرنا فى القبول أو الرفض فى الحكم على شذوذ الرأى أو عدم شذوذه, وهذه هى حجتنا المقنعة, الجامعة المانعة, يساندها ظاهر الآيات وتفسيرها ...

أما ظاهرها فقد عرضناه عليكم فى تسلسل البيان القرآنى,

واما تفسيرها فسندنا فيه ترجمان القرآن عبد الله بن عباس, وأشهر كتاب الوحى أبىّ بن كعب, وإمام أئمة الرأى عبد الله بن مسعود ...

فإن رددتم فنرجوكم أن تردوا عليهم وليس علينا...

وأن تتهموهم ولا تتهمونا...

وأن ترموهم إذا رميتم بما ترموننا به ...

رابعًا: هناك ما يحسُم الأمر بيننا وبينكم, إن كان لم يُحسم بعد ...

زواج المتعة الآن ...

هل هو فى رأيكم زواج أم زنا؟ ...

[6]

*   فيرد السنة:

لم نسمع جيدًا صيغة السؤال, هل قلتم ( الآن ), بمعنى هل تسألون عن زواج المتعة لة أتاه مسلم ومسلمة الآن, وهل هو زواج فى تقديرنا أم زنا ؟ ...

 

ü    فيرد الشيعة:

بالضبط هذا قصدنا ...

[7]

*   فيرد السنة:

وهل هذا فى حاجة إلى سؤال ؟...

هو زنا بالطبع ..

 

ü    فيرد الشيعة:

حسنًا ... لماذا إذن تجمع كتب الفقه السنى فى باب ( الزنا ), على عدم عقوبة من يأتى زواج المتعة بالعقاب الشرعى على الزنا بل ولا يُعاقب من يأتيه بآية عقوبة؟ ...

[8]

*   فيرد السنة:

ليس اعترافًا به أو تسليمًا بمشروعيته...

إنما تطبيقًا للقاعدة الشرعية ( الحدود تدرأ بالشبهات )...

أم تريدون إغلاق باب الرحمة فى الشريعة الإسلامية؟ ...

 

ü    فيرد الشيعة:

إطلاقًا ... نحن لا نسعى لأكثر مما ذكرتموه الآن...

فوجود شبهة فى زواج المتعة يعنى أن حلّه مشتبه عليكم , وحرمته مشتبهة عليكم, ولو كنتم واثقين من حرمته لعاقبتم عليه يعقوبة الزنا؟ ...

أليس كذلك؟ ...

أليس فى هذا حجة لنا وحجة عليكم؟ ...

لماذا لا تعترفون الآن بأن منطقكم من البداية كان ضعيفًا, وأن هناك شبهة فى الأمر منذ بداية النقاش لديكم ...

وأننا بحوارنا هذا قد اجلينا أمامكم الحقيقة ...

وأسفرنا لكم عن الحق وازلنا ما يؤرقكم من شبهات ...

[9]

*   فيرد السنة:

ما أسوأ الطبيعة الإنسانية؟ ...

هل انعدم لديكم الذوق الإنسانى الرفيع, والحس الإيمانى الصادق, والقلب المتدين الورع, حتى لا ترفضوا مثل هذا الزواج من البدء وحتى لا تشغلونا طوال هذا الوقت بهذا الحوار العقيم ...

هل منكم من يرضى بهذا الزواج لابنته أو أخته حتى يرضاه لنساء المسلمين؟ ...

ما هو موقف الواحد منكم ـ يرحمكم الله ـ إذا إستأذنته ابنته لتقضى ساعة فى أحضان صديقها, ينكحها فيها كما يشاء, فإذا استنكرتم أجابتكم الابنة فى هدوء لقد أعطانى عشرة جنيهات, فإذا غضبت مشاعركم, ونظنها تغضب, قالت لكم { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ...

هل تستسلمون لهذا المنطق ...

وهل ترضونه لدينكم ...

إن كنتم ترضونه فنحن لا نرضاه ...

هذا بغاء ... بغاء ... بغاء ...

 

الخلاصة

 

 

عزيزى القارئ ...

اعذرنى هنا لهذه المداخلة ...

فها هو الحوار كما وعدتك يصل إلى نقطة البدء من جديد ... كما وعدتك ...

وها هو يؤكد على مدى الصفحات السابقة ما ذكرته لك من البداية, وهو أن لكل رأى ردًا, ولكل رد رفضًا, ولكل رفض دحضًا, وأنك ما أن تستقر على رأى فترضاه, حتى يأتيك رد آخر ترضاه أكثر, فإذا اقتنعت به وارتكنت عليه, أتاك تفنيده بأسرع مما تتصور, وبأيسر مما تتخيل, ولعلك تصدقنى الآن فيما ذكرته لك من البداية من أن حوار المتعة رياضة ذهنية رائعة, فلعلك استمتعت بها, ولعلك سعيد بأنها انتهت هذه النهاية المفتوحة حيث لا رأى للكاتب ولا اجتهاد, وإنما هى مائدة فقهية دسمة, نهديها إلى فقهائنا الأجلاء حتى يوضحوا لنا ما استشكل علينا, ويحسمون الأمر لمن اشتبه عليه الأمر منا, وأنا واثق من قدرتهم على ذلك, فعلمهم فى النهاية هو الملاذ, وفقههم هى السند, واجتهادهم هو الأمل , وقدرتهم التى لا نشك فيها هى التى سوف تحسم الأمر بالقول الفصل,

 هدانا الله وإياهم وبهم إلى سواء السبيل ... 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نهاية الباب الأول

من كتاب

زَوَاجُ اَلمُتْعَة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ