اركان الاسلام

 

 

احدى الثغرات الواسعة جدا في تعاليم الفقه الاسلامي تتمثل في اصرار الفقهاء على ان قواعد الاسلام خمس ليس بينها قاعدة واحدة لها علاقة بشؤون الحكم فذا شهد المواطن بان لا اله الا الله ,وصلى صام,واخرج الزكاة ,وذهب الى الحج ,يصبح مواطنا مسلما مستوفيا لجميع شروط الفقهاء بغض النظر عما يحدث له وبغض النظر عما سيحدث لعياله

نظرية القواعد الخمس لا تستند على القران بل الى حديث رواه صحابي يهودي يدعى ابو هريرة ,وقد اتيح لها سبيل التطبيق العملي طوال اربة عشر قرنا حتى الان ,قضاها المسلمين يصلون ويصومون ويزكون ويحجون محاذرين ان تنهدم اعدة واحدة من قواعد الاسلام لكن الحصيلة لا تقول تاريخيا سوى ان الاسلام نفسه قد انهدم مذ عصر بني امية وان المواطن المسلم قد عاش مسلما في ظ اسرة اقطاعية مسلحة تبدد ثروته على امراء العسكر وتحرمه من الضمان الاختماعي وتقطع يده اذا سرق وتقطع راسه اذا تكلم

ولعل المنهج الحكومي المتبع حاليا في كتابة التاريخ الاسلامي سوف يظل قادرا على اخفاء حجم هذه الكارثة عن اعين المسلمين اربعة عشر قرنا اخرى

هذه النظرية -القواعد الخمسة-ولدت اصلا في غياب الاسلام وقد ولدت بالقوة رغم انف الفقهاء والمسلمين معا بعد ان نجح بنو امية في استعادة نظام الاقطاع واستبدلوا جيوش الجهاد بجيش مأجور محترف يقوده قتلة محترفون من طراز الحجاج بن يوسف وزياد بن ابيه فقد بلغ من ولاء هذا الجيش لذهب بني امية امه قصق الكعبة بالمنجنيق وهدم بيوت مكة على رؤوس سكانها وصلب فيها حفيد ابي بكر الصديق وقتل حفيد رسول الله نفسه

امام هذا السيف القاطع كان على الفقه الاسلامي ان يختار بين طريقين =ذكرتهما سابقا=اما ان يموت الفقهاء او يموت الاسلام

وانجلت المعركة في فترة قصيرة فقد عاد يزيد رضوان الله عليه الذي هدم الكعبة واستباح نساء مكة واحرق استار الكعبة عاد حاجا على رأس وفد من الفقهاء الافاضل

الفقهاء الافاضل اختاروا صيغة تكون مطوعة للتعايش مع حكم الفرد ولا تعترف بمسؤولية الناس عن شؤون الحكم وقدرة على ارضاء ضمير الفرد بغض النظر عن راي الجماعة وخلال البحث عن هذه الصيغة المستحيلة تشكلت نظرية القواعد الخمس تلقائيا ومن دون ان يكتبها احد فلم يكن ثمة قواعد اخرى على اي حال ولم يكن من شأن الحكم الاموي ان يترك للاسلام قاعدة واحدة لها علاقة بشؤون الحكم الاموي لكن الفقهاء اختاروا ان يكرسوا  هذا الواقع دينيا باعتبار ان اداء القواعد الخمس هو نفسه كل الاسلام وقبل ان ينقضي قرن واحد على نشأة علم الفقه كان هذا العلم قد اصبح دعاية اعلامية سافرة للتعايش مع الاقطاع وكان الاسلام قد خسر نصف قواعده بشهادة مصدق عليها من فقهاء الاسلام

اختفت قاعدة العدل فتحول =بيت مال المسلمين= من ميزانية عامة الى ثروة عائلية خاصة يبددها خلفاء المسلمين على شرا المغنيات والصبيان الملاح والعبث والمجون وهو انقلاب لا يعني في الواقع سوى ان الاقطاع قد انتصر على الناس مرة اخرى وانه انتصر عليهم هذه المرة باسم الاسلام

اختفت قاعدة المساواة وخسر كل مسلم عل حدة لكن اكثر المسلمين خسارة كانوا اقلهم حيلة فقد خسر الطفل المسلم حقه في التعليم المجاني وخسرت المرأة المسلمة حقها في الهواء والشمس

اختفت قاعدة الجهاد فأصبح المجاهد المسلم جنديا مأجورا للعمل في خدمة الاقطاع وبات عليه -منذ ذلك الوقت ان يقاتل ضد المستضعفين

كل قاعدة سنها الاسلام لضمان حق المواطن المسلم في حياة كريمة اختفت رسميا من قائمة قواعد الاسلام ولم يبق سوى قاعدة اداء الشعائر التي اجهد الفقهاء انفسهم في دعمها بنصوص القران آملين ان يخمدوا ثورة عالمية واسعة النطاق بتعويذة يقرأها فقيه وهو أمل كان من شأنه ان اضطر الفقهاء الى الحياة دوما على حافة بركان

فالقران الذي يريد الفقهاء ان يحتووه لا يقول ان قواعد الاسلام خمس ولا يفرق بين شعائر الاديان ولا يضمن الجنة لاحد ولا يعترف اصلا بهذا المنهج الكهنوتي                                                                           مجلة النهضة العدد 71 عام 2000

الصفحة الرئيسية