الفكر الإسلامى ومهاجمته للعقيد ةالمسيحية

 

  

3-   المسيح رسول الله:

أ‌-   شهد المسيح عن نفسه أنه رسول الله فى قوله لليهود: "يا بنى إسرائيل إنى رسول ربكم إليكم".

ب‌-  وشهد عنه أنه رسول الله حواريوه: "ربنا آمنا بما أنزلت وأتبعنا الرسول (عسى) فأكتبنا مع الشاهدين) (سورة آل عمران).

ج‍‌-  وشهد عنه كرسول الله اليهود فى قولهم: "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" (النساء 156).

     فالمسيح رسول الله.                              والمسيح كلمة الله.

        وإذا كان الإنسان حين يرسل كلمته ، خارجة من فكره ، لا تنفصل الفكرة عن علقه ، وإن وجدت لها مستقرا فى عقول أخرى غيره.

        فالله أرسل كلمته من غير أن ينفصل عنه ، كالشمس التى ترسل شعاعها ، تبث حرارتها ، وتبثق ضوءها ونورها من غير أن يكون هناك أى داعى كأنفصال الشعاع عن القرص والحرارة عن الشعاع والنور عن الحرارة.

     فالمسيح ليس رسولا كباقى الرسل.

     لأن المسيح ليس إنسانا كباقى الناس.

     وليس نبيا كباقى الأنبياء.

        فكل نبى أو رسول ، كان رسولا يحمل رسالة ، أما المسيح فهو رسالة ورسول ، ولا فصل مطلقا بين الرسول والمرسل ، لأن الكتاب المقدس يقول عنه: أنت رسالة المسيح الحية المقروءة من جميع الناس. والقرآن يجعل المسيح رسولا لله إلى بنى إسرائيل فقط: "إذ قال عيسى بن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول ربكم إليكم". حتى تكون رسالته ناقصة غير كاملة ، فيأتى محمد إلى العالم أجمع:

     وأرسلناك رحمة للعالمين.

     أرسلت إلى العالم كافة.

        وبهذا المعنى ، تطورت الرسالة المحمدية فى آدائها وفى حدودها وجغرافياتها:

أ‌-   فقد بدأ رسالته ليخبر أم القرى وما حلوها ، حين كان فى مكة ، وحين بدا فى خدمة الطائف ، ومن ثم هاجر إلى يثرب ، وآنذاك بدأ فى المرحلة الثانية.

ب‌-  أن تكون دعوته لكل من ينطق العربية ، فأتى قرآنه بلسان عربى مبين ، وجاء فى القرآن أن لكل أمة أرسل الله رسولا وكتابا. وحين مات محمد ، قال مقولته المشهورة بلسان على بن أبى طالب فى حجة الوداع:

     لا يبقى فى بلاد العرب دينان.

     ولا يحج الكعبة كافر.

     ولا يطوف البيت عريان.

ج‍‌-  ثم توسعت هذه الرسالة فشملت العالم كله ، فقال محمد عن نفسه (أنا رحمة مهداه للعالم كله).

        ففى العام السابع للهجرة أرسل وفودا لكل الدول المحيطة بشبه الجزيرة العربية يدعوها إلى الإسلام ، حتى سمى هذا العام بعام الوفود. وفى مصرنا جاءنا حاطب بن بلتعه يحمل رسالة إلى المقوقس بطريرك مصر الملكانى ، يقول له فيها أسلم تسلم يؤتك الله خيرا جزيلا ، ويهدده بأن لم يسلم فعليه إثم القبط جميعا.

        بهذا تمايز محمد فى القرآن عن المسيح. فالمسيح رسول لبنى إسرائيل فقط ، أما محمد فرسول للعالم كله ، رسول عالمى أو رسول مسكونى.

د‌-   ثم توسعت هذه الرسالة بصورة أكبر وأكثر ، فشملت العالمين: العالم كله وعالم الجن أيضا. فهو رسول الله للإنس والجن معا. جاء فى القرآن قول الله لمحمد: (وإذا نسوق إليك نفرا من الجن تتلو عليهم القرآن ، فلما سمعوا قالوا لقد سمعنا قرآنا عجبا يدعو إلى الرشد).

     فالإنسان مبشر بالإسلام.

     والجن مدعو للبشارة بالإسلامز

     وإليهما كان يتساءل القرآن بقوله: فباى ألاء ربكما تكذبان؟.

        كتب أحد المسلمين كتابا أسمه "حوار صحفى مع الجن المتأسلم مصطفى كنجور" الذى كان مسيحيا هنديا وأسلم على يديه وأسلم بإسلامه عشرة آلاف جنى آخر.

        وهنا نتساءل ما فائدة دعوة الجن للإيمان؟ هل سيدخل بإسلامه إلى الجنة كمسلم؟ أم يزج به النار كجنى. هب أن مدرسا قال لتلاميذه: "سأقدم لكم امتحانا ، إما أن تسقطوا فيه ، أو أن ترسبوا فيه" فماذا تقول أنت عن هذا المدرس؟.

        فرسالة الإسلام للإنسان والجن فمن الجن المسلمون ومن الجن غير المسلمين ، حتى دعى القرآن نحو الجن أن نشاركهم فى المال والولد ، ومن هنا نشأ عند بعض الناس فكرة التزاوج بالجن والتناسل منه ، وهذا موضوع كبير يحتاج إلى دراسة خاصة.

هل المسيح لبنى إسرائيل فقط؟

     يتذرع بعض الكتاب المسلمين بقول الإنجيل القائل "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله"

     وبأمره إلى تلاميذه حوارييه القائل: "لم أرسل إلا لخراف بيت إسرائل الضالة".

     وبأمره إلى تلاميذ حوارييه قائلا: "إلى طريق الأمم لا تمضوا ، إلى مدينة للسامريين لا تدخلوا ، بل أذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة".

     وبحديثه مع المرأة السامرية قائلا: "لأن الخلاص هو من اليهود".

     فهل رسالة المسيح محلية مكانية ، أم عالمية مسكونية؟.

        جاء المسيح من اليهود دون غيرهم. ولكنه لم يأت لليهود دون غيرهم. فالأمة اليهودية هى التى أنفردت عن العالم كله بولادة المسيح منها دون غيرها ، ولكن مسيحية المسيح أستفاد بها العالم دونهم. فالآيات المقدسة السابقة ، لم تكن إلا شرحا للبداية حيث جاء المسيح ليزرع شجرة المسيحية فى أصيص يهودى قبل أن ينقلها لتغرس فى حدائق الأمم Nations.

        فالسيد المسيح لم يخرج برسالته بعيدا عن دائرة اليهود واليهودية ، ومن هذه الأمة التى خدمت قبلا ، اختار رسله وحوارييه الذين أسسوا كنيسة الأمم والأممين ، بعد أن أزال تعصبهم اليهودى الموروث والممقوت.

        فخروج المسيح خارج جغرافية فلسطين ، لم يحدث إلا حين هرب إلى أرض مصر ، وعاد إلى بلاده إسرائيل غير مغادرها. حتى أن البعض أرتأى أن يكون قد مضى فى سنى شبابه إلى الهند ، وفيها أخذ كل مبادئه التى أعلنها ولا يجد هذا الرأى له سندا. فالكنيسة الأممية تدين بالفضل للأمة والكنيسة اليهودية ، فإليهم أرسلت كلمة الله بأفواه يهودية ومن أشخاص كانوا يهودا. فالمسيح لم يخرج خارج جغرافية إسرائيل وإلا لأستجاب لدعوة الملك أبجار حاكم إدسا أو بين النهرين الذى أرسل له ليستضيفه فى مدينة خاصة مع خاصته ، بغية أن يشفيه من مرض جلدى ، ولأستجاب لدعوة اليونانيين الذين حضروا له فى أيام آلامه.

أما رسالة المسيح فبدأت كالتالى:

     المرحلة الأولى: أرسل تلاميذه لا ليخدموا فقط ، بل ليتدربوا على الخدمة ، فأرسلهم إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، ومنعهم من الذهاب فى طريق الأمم ، أو مدن السامريين ، وهذا ما ذكره الرسولان متى ولوقا فى إنجيليهما ، وفى الأصحاح العاشر من كل إنجيل. فالإرسالية الأولى كانت تدريبه اختبارية ، وكما خدموا خدموا أيضا ، فالخدمة فى حقل مخدوم ، ليس كالخدمة فى حقل بكر مملؤ جدبا.

     المرحلة الثانية: أرسل فيها تلاميذه ليبنوا ويؤسسوا ويكرزوا ويخدموا. وهذه المرحلة ذكرها القديس متى فى الأصحاح الثامن والعشرين ،والقديس مرقس فى الأصحاح السادس عشر والقديس لوقا فى الأصحاح الرابع والعشرين ، كذلك يوحنا فى الحادى والعشرين.

جاءت أقواله فى هذه الأناجيل:

     أذهبوا إلى العالم أجمع.

     أكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.

     مبتدئين من أورشليم فالسامرة فأقاصى الأرض.

     تلمذوا جميع الأمم.

     عمدوهم ، علموهم جميع ما أوصيتكم به.

        فغن كان المسيح كارزا لليهود فقط ، إلا أن المسيحية ليست لليهود فقط. فنقطة البداية كانت منهم وفيهم ، أما المشوار الكرازى كله ، فكان للكل.

        وفى هذا الأمر نحن نحتاج إلى أن نطرق باب الكتاب المقدس سائلينه فبماذا يجيب؟

عودة الى الفهرس