الموالاة في اللغــة:

أصـل المـوالاة من الوَلْى ــ بسكــون اللام ــ وهو القُرْب والدُّنُوْ، ومنه قول النبي للغــلام (كـُلْ مما يليك) أي مما يقاربك، ووالى بين شيئين: تابَعَ بينهما بلا تفرقة ومنه الموالاة في أعمال الوضوء أي المتابعة بينها بلا تفرقة. فأصل الموالاة: القرب والمتابعة.

قال الزبيدي في :  تاج العروس : هي المحبة بغض النظر عن درجة هذا الحب ومرتبته، فكل من أحببته وأعطيته ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته، وواليته، والمعنى أي أدنيته إلى نفسك ". تاج العروس 10/401

وتأت أيضاً بمعنى النصرة، وتأت كلمة ( أولياء ) بمعنى الخاصة والبطانة، وأيضاً بمعنى الاتحاد والتجانس.

وقال الفرّاء: الوَلِيّ والمَوْلى واحد في كـلام العـرب، (لسـان العـرب) 15/408، وكلاهمـا يستعمـل فـي الفاعل (الموالِي، بكسر اللام) والمفعول (الموالَي، بفتح اللام). (المفردات) للراغب الأصفهاني صـ 533.

وتـولّى فلانٌُ فلاناً: أي اتبعه وأطاعه وتقرَّب منه ونصره.

وتولّى عنه: أي أعرَضَ وذهب وانصرف، فمعناها عكس (تولّى) التي تعنى اقترب، ومنه قوله تعالى (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا) النجم 29، وقوله تعالى (فتولّعنهم) القمر 6، وإذا جاءت تولى بمعنى أعرض وانصرف كما في قوله تعالى (لايصلاها إلا الأشقى الذي كذّب وتولى) الليل 15 ــ 16، فيُقَدَّر فيها (عن) محذوفة بعد (تولّى). انظر: (لسـان العـرب) لابن منظور، ط دار صادر، 15/406 ــ 415، و(النهاية) لابن الأثير 5/ 227 ــ 230، و (المفردات) للراغب الأصفهاني 533ــ

535، و (مختار الصحاح) للرازي صـ 736، و (المعجم الوسيط) لمجمع اللغة العربية بمصر 2/1057 ــ 1058، و (مجموع فتاوى ابن تيمية) 20/ 499.

 

أما التولي : قال الجوهري في ( الصحاح ) 6/2530 " هو تقديم كامل المحبة والنصرة للمتولى بحيث يكون المتولِي مع المتولَى كالظل مع الجسم ". فالتولي بمعنى الاتخاذ والاتباع المطلق، وبمعنى الانقطاع الكامل في نصرة المتبع وتقريبه وتأييده، ويأتي بمعنى الاتباع، وبمعنى التفويض.

وكل تولي موالاة وليس العكس، والتولي أخص من الموالاة فكل تولي كفر والموالاة منها ما هو كفر ومنها ما هو دون ذلك، على اختلاف بين العلماء في التفريق.

وضد الموالاة: المعاداة، وهى المباعدة والمخالفة.

والوَليّ ضــد العــدو، والوَلِيّ هو: الناصــر والمعــين والحليف والمحـب والصديق والقريب في النسب، والمعِتق، والمعتَق، والعَبْد، وكل من قام بأمر فهو وَلِيُّه: كولي الأمر، وولي المرأة في النكاح وولي اليتيم ونحوه.

قال بطرس البستاني في ( محيط المحيط ) 2/1353 " هي مصدر عادى يعادي وعداءً، والعداء مصدر عادى أي خاصمه، وصار له عدواً، والعداوة : اسم بمعنى الخصومة والمباعدة، والعدو والعداوة، أخص من البغضاء لأن كل عدو مبغض، وقد يبغض من ليس بعدو "

والعدو : ضد الولي، والجمع أعداء وجمع الجمع آعادي، وهو ضد الصديق أيضاً، والعدو، والعداوة، والأعداء، والعدوان، كلها ورد استعمالها في القرآن، وتأت المعاداة في أغلب استعمالاتها، ويراد بها البغض والكراهية وحب الانتقام، عكس الموالاة تماماً، والتي تدل في أغلب استعمالاتها على المحبة والمودة والمتابعة والنصرة والقربة، وبذلك فالموالاة والمعاداة بهذا المعنى المتقدم ضدان لا يجتمعان، فوجود أحدهما ينفي الآخر لزوماً في حق ذات معينة.

ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في ( الرسائل الشخصية ) ص232 " أبلغوهم أن المعاداة ملة إبراهيم عليه السلام، ونحن مأمورون في متابعته، قال تعالى { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه } إلى قوله { حتى تؤمنوا بالله وحده}. ثم قال " واذكروا لهم، أن الواجب على الرجل، أن يعلّم عياله وأهل بيته، الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في الله والمعاداة في الله، مثل تعليم الوضوء والصلاة، لأنه لا صحة لإسلام المرء، إلا بصحة الصلاة، ولا صحة لإسلامه أيضاً إلا بصحة الموالاة والمعاداة في الله ".

الصفحة الرئيسية