كيف دخلت الذبائح الإسلام؟

عندما نريد أن نعرف تاريخية شيءٍ ما فعلينا أن نرجع لجذوره التراثية. فلنرجع لتاريخ العرب قبل الإسلام، وهم بشرٌ يؤثّرون في الآخرين ويتأثّرون بهم.

ومن الثابت تاريخياً أنه ليس للعرب أية سجلات تاريخية توضح حال شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل الميلاد. فالمعروف أن النبي إبراهيم، خليل الله، عاش تقريباً من 2 25 - 185 ق.م، ولكن التاريخ العربي لم يسجل شيئاً عنه، وكانت قصته مجهولة تماماً عند العرب القدماء.

ومن المعروف أيضاً أن الديانة اليهودية ديانة غير كارزة، لا تدعو أحداً للدخول فيها، بل تقتصر على بني إسرائيل. لذا فاليهود لا يعنيهم ما يعرفه الآخرون عنهم. ولكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لتأليف مجموعة من القصص تمكّنهم من العيش وسط العرب، بعد أن طُردوا من فلسطين على عدة مراحل، كان أولها على يد تيطس الروماني عام 7 م، ثم عام 132م حينما حاولوا القيام بثورة ضد الرومان. وكان الملجأ الوحيد لهم هو شبه الجزيرة العربية لأنها لم تكن خاضعة للحكم الروماني. فكان عليهم أن يوجِدوا صلةً ما بينهم وبين العرب، تتيح لهم أن يعيشوا في بلادهم، فقاموا بصناعة الحلي والسيوف والكهانة، ثم اخترعوا فكرة قرابتهم للعرب، لأنهم أبناء عمومة، فجدّهم جميعاً هو إبراهيم، الذي أنجب اليهود من نسل ابنه إسحاق، وأنجب العرب من نسل ابنه إسماعيل! وهذه الصلة بالجد البعيد إبراهيم جعلتهم يربطون بين بئر سبع وبئر زمزم، وبين برية فاران التي عاش فيها إسماعيل وبين مكة,وانتقلت هذه القصة في الموروث الشعبي، نتيجة عدم تسجيل العرب لوثائق تاريخهم، كما كان يفعل اليهود والرومان والمصريون.

كان نتيجة ذلك أن استقرت هذه القصة في الأذهان كحقيقة واقعة مفادها أن إسماعيل عاش في مكة وأنه أبو العرب وأخو إسحاق أبي اليهود. ولذا فالعرب واليهود أبناء عمومة!

التراث اليهودي - الإسلامي:

نتيجةً لما سبق تأثّر العرب بالتراث اليهودي فظهر الحُنفاء الذين اتّخذوا طقوساً كثيرة من اليهودية وجعلوها نبراساً لهم، وكان منهم قُصيّ بن كِلاب أحد أجداد النبي، ومنهم جدّهُ عبد المطلب ، وزيد بن عمرو بن نفيل عم عمر بن الخطاب9, بن الخطاب.

وكانت نتيجة كل ذلك هو مولد محمد وسط هذا الموروث العقائدي الذي تأثر به كثيراً نتيجة لاحتكاكه بأقربائه الحنفاء, كما تأثر محمد بيهود المدينة موطن أخواله، وبيهود الشام واليمن في رحلاته التجارية. فكان أن أخذ محمد الطقس الموروث دون مدلولاته، فإنه أخذ أشياء كثيرة ممن كانوا قبله، كالصوم والصلاة والحج والحدود وكذلك أخذ طقس الفصح السنوي عن اليهود، لكن دون مدلوله وهو المسيح. ولعلنا لا نتجنّى إذا قلنا إن مفهوم الكتاب المقدس عن الذبائح يوضّح لماذا يقع الدم من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض. وذلك لأن هذا الدم كان يرمز إلى كفارة المسيح، الذي سُفِكَ دمه عن كثيرين وبه تُغفَر الخطايا. ولقد انتهت الآن كل الذبائح والقرابين التي تُقَدّم لله لأن المسيح لَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الْأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً (عبرانيين 9: 12).

الصفحة الرئيسية