أحاديث الفضائل

هناك عدة أبواب في كتب الحديث تحت عنوان الفضائل والمناقب مثل فضائل القرآن، وفضائل النبي، وفضائل الصحابة. وسنتناول هذه الأبواب كلها تحت العنوان نفسه، مبتدئين بفضائل النبي.

(أ) فضائل النبي:

1 - عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله، متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد 19.

2 - عن عبد الله بن سلام، قال: مكتوب في التوراة: صفة محمد، وعيسى بن مريم يُدفن معه. قال أبو مودود (أحد رُواة الحديث): وقد بقي في البيت (حجرة عائشة) موضع قبره

3 - عن أبي هريرة، قال: يا رسول الله، ادعُ على المشركين. قال: إني لم أُبعث لعّاناً؛ وإنما بُعثت رحمة

4 - عن عبد الله بن مسعود، قال: إن النبي قال: اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد ثم قال النبي: وأَتْبِع أصحاب القليب (مكان بالقرب من بئر بدر) لعنة

5 - روى البخاري عن عائشة أنه لما فتر الوحي عن النبي حزن حزناً شديداً جعله يذهب مراراً ليلقي بنفسه من شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل ليُلقِي نفسه منه، تبدَّى له جبريل، يقول: يا محمد، إنك رسول الله حقاً

للتعليق نقول:

قلنا في فصل علاقة محمد بأديان الجزيرة العربية قبل الإسلام وفصل أُمّية محمد إن النبي لم يكن يجهل ما كُتب قبله، وإن هذه القصص كانت منتشرة في كل مكة والحجاز. ومن هذه القصص والأخبار معجزات الأنبياء قبله، فكان لابد أن تكون معجزات محمد أكثر وأعجب من كل معجزة سبقته، لأنه خاتم الأنبياء. فكان أن رُويت عنه عدة أحاديث حول إيمان الذئب به، وحواره مع غزالة وضبّ، وقصة حماره يعفور الذي كان يذهب لينادي الصحابة من منازلهم، والشجر الذي كلَّمهُ، وغيرها,والأغلب أن المسلمين أرادوا أن يضعوا محمداً في مرتبة أعلى من المسيح. فقد قال المسيح: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ (يوحنا 8: 58) 5,4، فيجب أن تُكتب النبوّة لمحمد، وآدم بين الروح والجسد! وإذا كان المسيح رُفع إلى السماء ولا يزال حياً، فيجب أن يُهبَط ويتزوج ويموت ويُدفَن إلى جوار محمد! ويجب أيضاً أن يصعد محمد إلى السماء حياً ويرى الله ثم يهبط ثانية للأرض (قصة المعراج).

وفي بعض الأحيان تجد محمداً يقول قولاً ثم يفعل عكسه تماماً، فتجده يقول إنه لم يُبعث لعّاناً، ثم تجده يقول: اللهم العَن فلاناً وفلاناً.

ولنا سؤال: لقد حاول محمد عدة مرات أن ينتحر. فهل ثقته بالله هي التي دفعته لمحاولة الانتحار، أم ماذا؟

(ب) فضائل قريش والقبائل:

1 - عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله يقول: لا يزال هذا الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، كلهم من قريش وفي رواية لا يزال هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يقوم عليهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش

2 - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: المُلك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد (اليمن)

3 - عن ابن عبَّاس، قال: رسول الله: أحِبُّوا العرب لثلاث: لأني عربيُّ، والقرآن عربيُّ، وكلام أهل الجنة عربيُّ وقد قال الألباني بوضعه.

وللتعليق نقول:

إذا كان الله قد بعث محمداً نبياً، فلماذا كان يقوم بتقسيمات هي محض مُلكٍ وإمارة؟ ولماذا لم يلتزم بقوله: لا فضل لعربيٍّ على أعجميّ إلا بالتقوى؟ ثم ما ذنب من لا يعرف العربية؟ وهل تحَوَّل الله إلى إله إقليمي للعرب فقط؟ أم يجب على العالم كله أن يتعلم العربية ليعرف الله؟

 

(ج) فضائل الصحابة:

أول ما يُلفت نظرنا في هذا الباب، حديث أنس عن النبي قال: مثل أصحابي في أمّتي كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح وهذا الحديث وحديث آخر يقول: أصحابي كالنجوم، بأيّهم اقتديتم اهتديتم يوضحان رأينا السابق في فصل أمية محمد من أنه كان ملمّاً ببعض ما في الإنجيل، لأنه نقل قول المسيح أَنْتُمْ مِلْحُ الْأَرْضِ, أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ (متى 5: 13 و14).

(د) فضائل الخلفاء الأربعة:

1 - عن ابن عمر، قال : كنا في زمن النبي لا نعدِل بأبي بكرٍ أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي، لا نفاضل بينهم 2.

وللتعليق نقول:

ورغم أن هذا الحديث، وحديثاً آخر يقول: من رمى مسلماً بكفرٍ فقد باء به أحدهما 2,فإننا نجد عائشة زوج النبي ترمي عثمان ثالث الخلفاء بالكفر وتقول: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. وتجد الحديث يسكت عن ذكر علي، رغم أنه من محمد بمنزلة هارون من موسى. فهل كان هارون هو الرابع بعد موسى؟

2 - عن ابن عمر، قال: إن عُمراً قال: وافقتُ ربي في ثلاث. قلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت. وقلت: يا رسول الله، يدخل على نسائك البَرُّ والفاجر، فلو أمرتهن يحتجبن؟ فنزلت آية الحجاب. واجتمع نساء النبي في الغيرة، فقلت: عسى ربَّه إن طلَّقكنَّ أن يبدله الله أزواجاً خيراً منكنَّ فنزلت كذلك.

وللتعليق نقول:

لعل هذا الحديث - وغيره - يوضح من أين كان يأتي الوحي. فالواضح أن محمداً كان يسمع أقوال معاصريه، فإذا استصوب رأياً جعله قرآناً.

(ه ) فضائل القرآن:

المطَّلع على كتب الحديث يرى مئات الأحاديث التي كُتِبَت في فضائل القرآن، سورة سورة، وآية آية، بعضها مرفوع للنبي، والآخر موقوف على الصحابة والتابعين. وقد طعن كثير من علماء الحديث في أغلب الأحاديث الواردة في فضائل القرآن، واتهموا رُواتها بوضعها. ولن نناقش هنا هذه الأحاديث، لكننا سنسأل: هل اتَّفق المسلمون على القرآن قبل أن يعدّدوا فضائله؟

1 - أورد ابن أشتة في كتابه المصاحف أن في مصحف أُبيّ سورتين صغيرتين زائدتين عن سور المصحف، واحدة اسمها الحفد والثانية اسمها الخلع. وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي اسحق أن أُمية بن خالد أمَّ الناس في خراسان، فقرأ في صلاته بسورتي الحفد والخلع. وكان هذا بعد عثمان بمدة طويلة.

2 - أورد السيوطي في كتابه الإتقان أن سورتى الفيل و قريش في مصحف أُبيّ سورة واحدة، وأن سورتي الضحى و الشرح في مصحف بعض الصحابة سورة واحدة أيضاً.

3 - كان ابن مسعود يحكّ الفاتحة والمعوَّذتين من مصحفه ويقول: لا تكتبوا في كتاب الله ما ليس منه.

4 - عن عائشة، قالت: إن سورة الأحزاب كانت تُقرأ في زمن النبي مئتي آية. فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا ما هو الآن وهو اثنتان وسبعون آية.

5 - عن حميدة بنت أويس، قالت: قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين، في مصحف عائشة إن الله وملائكته يصلّون على النبي. يا أيها الذين آمَنوا صلوا عليه وسلِّموا تسليماً، وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى. وذلك قبل أن يغيّر عثمان المصاحف.

6 - عن المسوَّد بن محزمة، أن عبد الرحمن بن عوف قال : لم نجد في ما أُنزِل علينا جاهدوا كما جاهدتم أول مرّة فإنا لا نجدها، قال: أُسقطت فيما أُسقط من القرآن.

7 - عن ابن عمر، قال: لا يقولن أحدكم أخذتُ القرآن كله، وما يدريه ما كله، فقد ذهب قرآن كثير (يقصد آيات كثيرة). ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر

8 - عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله يقول: لو جُعل القرآن في إهاب (درجٍ من الجلد) ثم أُلقي في النار ما احترق.

9 - عن عبد الله، قال: ما مِن بيت تُقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضريط.

1 - عن الشعبي، قال: قال عبد الله بن مسعود لقي رجلٌ من أصحاب النبي رجلاً من الجن فصارعه، فصرعه الإنس، فقال له الإنس: إني لأراك ضئيلاً شخيتاً (مهزولاً) كأن ذريعتيك (ذراعيك) ذريعتي كلب، فكذلك أنتم معشر الجن، أم أنت منهم كذلك؟ قال: لا والله إني منهم لضليع (جيد الأضلاع). ولكن عاوِدْني الثانية، فإن صرعتَني علَّمتُك شيئاً ينفعك، قال: نعم. قال (الجن): تقرأ الله لا إله إلا هو الحي القيوم فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خيخ كخيخ (أي ضِراط) الحمار.

11 - عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله: من قرأ (قُل هو الله أحد) خمسين مرة غفر الله له ذنوب خمسين سنة.

12 - عن أبي سعيد الخدري، قال: من قرأ في ليلة عشر آيات كُتب من الذاكرين، ومن قرأ بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قرأ بخمس مائة آية إلى الألف أصبح وله قنطارٌ من الأجر، قيل وما القنطار؟ قال: ملء مسك (براز) الثور ذهباً.

13 - عن ابن عباس، قال: سجد النبي بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجنُّ والإنس.

وللتعليق نقول:

هذه أقوالهم عن القرآن، وهذا هو اتفاقهم حول ما هو مكتوب فيه. ونحن نسأل: إذا كانوا لم يتفقوا على ما هو مكتوب في القرآن، فهل سيتفقون على فضائله؟ وكيف يطلب أن نعرف فضائل القرآن، قبل أن نعرف ما هو القرآن الذي سنعرف فضائله؟

الصفحة الرئيسية