الحج كطقس وثني

يعتبر الحج من اقدم الطقوس الجماعية في حضارات المنطقة. فقد عرفت شعوب المنطقة انواع
عديدة من الحج منها الى شجرة اوصخرة اوالى الكعبات واقول كعبات لانه كان هناك في الجزيرة العربية حوالي 23 كعبة لم يبق منها سوى واحدة هي الكعبة الشامية وسميت بالشامية تمييزا لها عن الكعبة اليمنية او كما سميت (ذي الخلصة) التي هدمها جرير بن عبدالله البجلي في مذبحة رهيبة. ويقول محمد عابد الجابري ان ذي الخلصة ظل موجودا الى عام 1922 فقد بقي الناس يحجون اليه الى ان قام الوهابية بتدميره نهائيا.اما بالنسبة للكعبة المكية فهناك من يعتقد ان شكلها وطقوسها قادمة من العراق
اذ عثر على كعبة مصغرة محاطة بمطاف من جهاتها الاربع في الحضر وان اهل مكة هم اهل الحضر هاجرو الى مكة بعد احتلالها خاصة وان هناك قول ينسب الى الامام علي بن ابي طالب
يقول فيه ان اهل مكة من نبط كوثى وكوثى مدينة قرب بابل اوكما يعتقد خزعل الماجدي انها
الكوت الحالية.
ويرى الدكتور احمد ابراهيم الشريف ان اسم مكة اخذ من لغة الجنوب فمكة كما ذكرهابطليموس
كلمة يمنية مكونة من (مك)و(رب) ومك تعني البيت فتكون مكرب بمعنى بيت الرب ومن هذه الكلمةاخذت
مكة او بكة كما ذكرت في القرآن بقلب الميم باء على عادة اهل الجنوب ويقول المؤرخ بروكلمان
انها مأخوذةمن كلمة مقرب العربية الجنوبية ومعناها الهيكل او المذبح.
وقد لاحظت الباحثة اليمنية ثريا منقوش التشابه بين آله القمر السبئي (المقه) ومكة وربطت بين
الاثنين في ضوء ما جاء عند ابن طيفوروالقيرواني عن بعض اهل اليمن انهم يقلبون القاف كافا
وماجاء على لسانمحمد حول الفقه اليماني والحكمة اليمانية ومن المعروف انه بعد انهيار مركز
اليمن التجاري ودمار سد مارب . نزحت القبائل اليمنية الى الشمال واستقرت اكبرها خزاعة
في المنطقة التي اصبحت تعرف بمكة ومن الطبيعي ان تحمل هذه القبائل معتقداتها وآلهتها
وطقوسها الدينية وان يرحل رب البيت مع اصحابه ليتقدس له بيت جديد على الارض في مكة
. خاصة انه جاء عند المؤرخين المسلمين ان عمرو بن لحي الخزاعي هو اول حاجب للبيت
الحجازي وكذلك ماجاء عند المسعودي عن الكعبة انها خططت اصلا لعبادة الكواكب السيارة
كما عثرعلى نص يمني كتبت فيه (مختن ملكي بمكى) وتعني المذبح الملكي في منطقة مقدسة
هي مكى. اذا معبد الآله هنا ومزاره المقدس في منطقة مكى خاصة اذاعرفنا المقطع الاول للمقة
هو ايل وهو اهم اله لدى اليمنيين خاصة بالصيغة الثمودية(اله ن) اي الله .من هنا نعرف ان المقة
هو اله مكة او رب مكة خاصة ماجاء في النصوص السبئية اكثر من اشارة باسم ذو سموي اي رب السماء وايل هو اله القمر وهو اله ذكر اما زوجة هذا الاله وهي الشمس قد اطلق عليها ألات اي
مؤنث ايل ومن الالهة الاخرىفي اليمن الاله ياسين ا لذي ذكر في القرآن وهود ورحمن وحكم
(الحكيم)ورضى (الراضي)وصدوق (الصادق) كذلك ان كثيرا من عادات الحج للبيت الحجازي
كانت على غرار التقاليد اليمنية القديمة في تأدية فروض العبادة والحج للاله المقة. اما في مكة
فقد اطلق على اله هذا الموضع المقدس اسم (رب البيت) اما رب البيت عند عرب ما قبل الاسلام
فقد حمل الاسم (الله) وهو ماخوذ من ايل اضافة الى اللات الالهة المقدسة والزوجة الام وهبل
كبير اصنام الكعبة وهو في الصل ه+بعل والهاء اداة التعريف في العربية الشمالية وقد اهملت
العين بمرور الزمن . اما بعل في هبل فهو اله الخصب والجنس عند الكنعانيين الشاميين المتصلين
تجاريا وجغرافيا اتصالا وثيقا بمكة وبعل اله معروف ومنتشر انتشارا هائلا في البلاد الشامية كاله
للخصب وصاحبته طقوس جنسية. وقد كان في الاساطيرالاوغاريتية ابنا للاله ايل .ويقول
المؤرخون المسلمون ان عمرو بن لحي الخزاعي سافر الى الشام في تجارة فرآهم يتعبدون
لآلهة الخصب هذه وكان مما احضره هبل وآساف ونائلة فوضع هبل في
فناء الكعبة ووضع آساف
على الصفا ونائلة على المروة . واذا كان هبل اله الخصب والجنس فهل عرفت الكعبة هذا
النوع من الطقوس خاصة ماعرف عن وجود عبادة جنسية غابرة في عبادة الاله المقة اليمنية
تقول كتب التاريخ الاسلامية ان الصنم اساف كان معبودا ذكراعلى جبل الصفا وان الصنم نائلة
كان معبودا انثى على الجبل المروة وانهما كانا شخصين حقيقيين دخلا فناء الكعبة وهناك ضاجع
اساف نائلةفمسخهما الله صنمين .لكن كيف للعقلان يستسيغ هذه الرواية الاسلاميةعن اساف
ونائلةفي ضوء حقيقة ان الصفا والمروة كانا مقدسين عند لدى الجاهليين كذلك اساف ونائلة
كانا ربين جديرين بالتبجيل والتقديس وكانو يسعون بينهما 7 اشواط ويتمسحونبهما ويقصون
شعورهم عندهما في طقس من طقوس الحج وعندما جاء الاسلام اقر السعي بين الصفا والمروة
باشواطه السبعة واعتبرهما من شعائر الحج . الحقيقة انه لا يمكن فهم هذا الامر الا اذا كان فعل اساف ونائلة بالكعبة عملا مقدسا وانهما كانا يمثلان عبادة جنسية سادتزمانا طويلا في المنطقة.
والرواياتالاسلامية عندما ارادت تفسير السر في استمرار تقديس الصفا والمروة في الاسلام
استبدلت الذكر اساف بآدم ونائلة بحواء ليقوما بالفعل الجنسي بدلا منهما حيث نزل ادم على
الصفا وحواء على المروة وعرف ادم حواء على جبل عرفه ولفظ عرف يعني الجماع الجنسي
والتوراة تصر بشكل خاص على استخدام لفظ عرف بمعنى جامع. ومن هنا تقدس الوقوف
بجبل عرفه لذلك عرف الجبل باسم عرفه لان ادم عرف حواء اوجامع حواء عليه.
وكان الوقوف بعرفة من اهم مناسك الحج الجاهلي فكانو يتجهون جماعيا الى الجبل ليبيتو
ليلتهم حتى يطلع النهار . وان ليسأل امام مشهد الوف الرجا ل والنساء يتجهون الى الجبل ليبيتو هناك الى الصباح .ماوجه القدسية في هذا الطقس ان لم يكن ذلك تجمعا لممارسة طقس الجنس الجماعي طلبا للغيث والخصب مع ملاحظة ان عرفة يطلق عليه بصيغة الجمع عرفات ولا يعرف جبلا يطلق عليه بصيغة الجمع سوى عرفات فهل الجمع هنا للجبل ام للمجتمعين على الجبل في
حالة جماع اوعرفات. ولو عدنا الى طقوس الحج الجاهلي سنجد طقسا عجيبا ومثيرا وهو
انهم كانو يطوفون حول الكعبة ذكورا واناثا عراة تماما. فما الداعي لهذا العري ان لم يكن بغرض
يستحق العري.وهناك الرواية الاسلامية التي تقول ان الحجر الاسود كان ابيض لكنه اسود من مس الحيض في الجاهلية اي انه كان هناك طقس تؤديه النساء في الحجر وهو مس الحجر الاسود
بدماء الحيض.وقد كان دم الحيض في اعتقاد القدماء هو سر الميلاد فمن المرأة الدم ومن الرجل
المني ومن الاله الروح علما ان الدورة الشهرية للمرأة تتوافق مع حركات القمر وكان الاله ايل
الها للقمر.كذلك طقس الاحتكاك بالحجر الاسود بل ان كلمة حج ماخوذة اصلا من فعل الاحتكاك
من اصل حك. وهناك دلالات على عبادة الخصب والجنس فالرواية الاسلامية تقول ان
عمروبن لحي الخزاعي احضر هبل واساف ونائلةمن هيت على شاطئ الفرات ومعروف ان هذا
المكان لدى جميع الباحثين كان مرتعا لعبادة الخصب وطقوس الجنس بشكل حاد . وكان لقريش
وبعض العرب شجرة خظراء عضيمة يقدسونها تسمى (ذات انواط) وهو احد القاب الشمس كالهة
انثى كما كان لمزدلفة الها يدعى قزح وهو اله برق ورعد ومطر. ومن المعروفان المطر والرعد
من اهم الهة الاخصاب في المجتمعات الزراعية في بلاد الرافدين كذلك طقس الشرب من زمزم
والزمزمة صوت الرعد الذي يسبق المطر.وطقس حلق الشعر عند المروة خاصة انهم كانو يمزجونه
بالطحين ويتركونه للفقراء يصنعون منه خبزا على شكل القمر.والحلق في اللغة هو المستدير
في الشئ وهو رمز جنسي واضح وحلق بمعنى ارتفع وطار في التفسير الفرويدي رمز للفعل الجنسي
اضافة الى طقوس الذبح وصلاة الغيث واهداء الجواري للكعبة واللذي استمر في صدر الاسلام
ويذكرنا بالمنذورات للمعابد في ديانات الخصب القديمة. وهناك دلالة لغوية خاصةبالذبح حيث يرتبط
الغنم والجنس لغويا في تبادل اللام والنون بين غنم و غلم والغلم هو الجنس والشهوة واغتلم مارس الجنسوغلمة تعني اشتداد الشهوة كما ان صغير الغنم يسمى حمل ويؤدي جذره بنا الى لحم بمعنى جسد والى الحمل والميلاد كذلك كلمة موسم وهي الامطارالربيعية ومازال يسمى الحج بموسم الحج
والموسم بمعنى الاحتفال بالوسم اواحتفالات الخصب والمومس الامراة الموسومة بالزنى مع
ملاحظة انتشار الموامس في مكة قبل الاسلام . ولدينا ماجاء عن عمر بن الخطاب(متعتان كانتا على عهد رسول الله وانا انهي عنهما واعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء) وهذا مايدل على استمرار
طقوس الجنس في الحج الاسلامي.
واخيرا ظل للقمر كاله للخصب دوره واحترامه في الاسلام بعد ان تحول من ايل الى الله ووضع فوق المآذن مع النجمة العشتارية رمزا لكوكب الزهرة وضلت الشهور قمرية والحج قمريا والصيام قمريا.
انظر الاسطورة والتراث لسيد محمود القمني
تاريخ العرب قبل الاسلام لجواد علي
العقل السياسي العربي لمحمد عابد الجابري

الشيخ احمد

الصفحة الرئيسية