شهادة غرائز الحيوانات:

إنّ حكمة الحيوان تتحدّث بصورة لا تجادَل عن الخالق الصالح، الذي زوّد هذه المخلوقات العجماء بالغرائز اللازمة لحياتها. خذ السالومون مثلاً، فهذا الحيوان المائيّ الصغير الذي يقضي أعواماً في البحار، يعود في آخر الأمر إلى المكان الذي وُلد فيه عند روافد الأنهار. فمن الذي أرجعه إلى مهده الأوّل؟ بل ما الذي يجعله يجاهد في سبيل الرجوع إلى ذلك المكان؟ إنّها الغريزة التي جهّزه الله بها!

وكذلك طير »البارتروج« حينما تكتشف أنّ عدوّاً يريد أن يداهم صغارها تسقط أمامه إلى الأرض ثمّ تطير قليلاً على ارتفاع منخفض وتسقط ثانية متظاهرة بأنّها كسيرة الجناح، فإذا ما اقترب منها العدوّ تعيد الكرّة مبتعدة عن منطقة صغارها. أليست هذه غريزة تدلّ على حكمة الخالق الوهاب؟

ولعلّ أدقّ الألغاز وأصعبها عند الحنكليس، فهذه المخلوقات تخرج عند اكتمال نموّها من الأنهار والبحار لتتجمّع عند نقطة معيّنة عميقة بالقرب من برمودا، حيث تلد صغارها وتموت. والعجيب في أمرها أنّ أولادها التي وُلدت هناك ترحل كلّ مجموعة منها إلى المكان الذي جاء منه آباؤها. وهذه الحيوانات وأمثالها التي تفعل بدافع الغريزة أموراً يعجز عقلنا عن تحليلها، ألا توجّه أفكارنا إلى الخالق العظيم الذي زوّدها بالغريزة اللازمة لحياتها ولحفظ جنسها؟!