بنوة المسيح لله

 

وأخيراً نردّ على قولك إن المسيح ليس ابن الله كما أنه لم يدَّع الألوهية,

لقد أجمعت آراء الباحثين على أن الطريقة التي أعلن بها يسوع لاهوته للشعب اليهودي تحمل طابع الصدق, والواقع أن مجرَّد التأمل في محتويات العهد الجديد يحملنا على التسليم بصحتها, ويأتي بنا إلى حل معضلة ظهور الإيمان في محيط يهودي شديد التعصب لعقيدة التوحيد المغلق, فهي طريقة تدرج في إعلان هذا السر العظيم ، تناسب عقليات السامعين وتنطوي على احتراس مصحوب بحكمة إلهية فائقة,

ويمكننا أن نفهم عقلية المجتمع اليهودي وتعصبه الشديد لعقيدة التوحيد المطلق من التأمل في الرواية الخاصة بمقتل الشهيد استفانوس كما جاءت في سفر أعمال الرسل ، حيث نقرأ أن أعضاء المجلس ظلوا صابرين على كلام الشهيد ، حتى سمعوه يقول : أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ ، وَقَدْ قَتَلُوا الذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ البَارِّ ، الذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ ، 53 الذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلَائِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟ . 54 فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. من شدة الغيظ 55 وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ ، فَرَأَى مَجْدَ اللّهِ ، وَيَسُوعَ قَائِماً عَنْ يَمِينِ اللّهِ. 56 فَقَالَ : هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً ، وَا بْنَ الإِنْسَانِ قَائِماً عَنْ يَمِينِ اللّهِ . 57 فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، 58 وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ المَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ أعمال 7 :52 58

لقد حكموا عليه بالموت لأنهم اعتبروا كلامه عن وقوف يسوع عن يمين الله تجديفاً ، لأن هذه العبارة معناها اشتراك يسوع مع الآب في مجده,

فلو كان يسوع تكلم عن لاهوته بدون تدرج وبطريقة فجائية مثل هذه ، فقال من الأول إنه ابن الله الوحيد المتجسد ، والمساوي للآب ، والمشترك مع الله في صفاته الإلهية ، لما أمكن أن يستمر في مدة خدمته التبشيرية ثلاث سنوات, ولكن طريقته التدريجية ، مكنته من تأدية رسالته وإعلان سر تجسده بوصفه المسيا ابن الله مخلص العالم, فإنه تكلم وتصرف بطريقة تشير إلى حقيقة شخصه ، وتنبه أذهان السامعين ، وتلفتهم إلى ألوهيته, في ما يلي أهم نصوص الإنجيل الخاصة بذلك :

أولاً إنّ التأمل في العظة على الجبل ، يدلنا على أنه علَّم بسلطان لا يناسب غير المشترع الإلهي رب إسرائيل كقوله : قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ : لَا تَقْتُلْ ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الحُكْمِ ، وَمَنْ قَالَ لِأَخِيهِ : رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ المَجْمَعِ ، وَمَنْ قَالَ : يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ متى 5 :21 22 ,

قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ : لَا تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ا مْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا ، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ متى 5 :27 28 ,

أَيْضاً سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ :لَا تَحْنَثْ ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لَا تَحْلِفُوا البَتَّةَ متى 5 :33 34 ,

سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لَا تُقَاوِمُوا الشَّرَّ ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً متى 5 :38 39 ,

سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوالاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ متى 5 :43 44 ,

فمن هو ذلك الذي له السلطان أن يقول وأما أنا وأن يزيد على الناموس الإلهي ، الذي تسلمه موسى من الرب في سيناء؟

قال يسوع في لوقا 6 :22 طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ ، وَأَخْرَجُوا ا سْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ا بْنِ الإِنْسَانِ , قابلها بقوله : طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ البِرِّ متى 5 :10 , فالبر في عرف سامعيه هو ناموس الرب أو الرب نفسه, إذا يكون يسوع بهذا الإعلان ، قد جعل نفسه مساويا للرب الإله,

وليس هذا وحسب ، بل أن يسوع طلب المحبة الكاملة والتسليم التام لشخصه ، إذ قال : مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي ، وَمَنْ أَحَبَّ ا بْناً أَوِ ا بْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي ، وَمَنْ لَا يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي متى 10 :37 38 ,

إنَّ الكلام بهذه الطريقة ، يذكر سامعيه اليهود بما جاء في التوراة لتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك ، فيسوع بطلبه المحبة الكاملة لشخصه جعل نفسه مساويا للرب إله إسرائيل ، الذي له وحده يحق هذا التكريس, وقد أكد هذا الحق بقوله : لِكَيْ يُكْرِمَ الجَمِيعُ الا بْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لَا يُكْرِمُ الا بْنَ لَا يُكْرِمُ الآبَ الذِي أَرْسَلَهُ يوحنا 5 :23 , أي أن المشيئة الإلهية تطلب من الناس أن يكون إكرام الابن مساويا لإكرام الآب, وينتج من ذلك أن الابن مساوٍ للآب ، وأنه يجب أن نقدم للابن ما نقدمه للآب من المحبة والإكرام والطاعة وكذلك يفعل سكان السماء رؤيا 5 :12 ,

ثم علّمَ أنه سيكون ديان الأحياء والأموات في اليوم الأخير ، إذ قال : فَيُرْسِلُ مَلَائِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ متى 24 :31 , ومن يستطيع أن يقول شيئاً كهذا إلا أن يكون الرب نفسه؟

ثانياً إنَّ التأمل في المعجزات التي صنعها يسوع ، يُظهر أنه صنعها باسمه وبسلطانه الخاص, صحيح أنَّ أنبياء الله صنعوا معجزات مشابهة ولكنهم صنعوها باسم الرب, أما يسوع فقد صنعها بإرادته وقوته الخاصة, فإننا نقرأ عن الرجل الأبرص الذي أتى إليه طالباً الشفاء قائلاً : إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي . فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً : أُرِيدُ فَاطْهُرْ . وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ متى 8 :2 3 ,

ثم أنه لما سكّن البحر الهائج ، لم يقل أنا آمرك باسم الرب بل انتهره بسلطانه قائلاله : اسكت مرقس 4 :39 ,

وأيضا لما اقام ابن أرملة نايين من الموت : تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ ، فَوَقَفَ الحَامِلُونَ. فَقَالَ : أَيُّهَا الشَّابُّ ، لَكَ أَقُولُ قُمْ . فَجَلَسَ المَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ لوقا 7 :14 15 ,

ولم يكتف يسوع بتطهير البرص وإقامة الموتى ، بل أظهر أن له سلطاناً أن يغفر الخطايا ، ويخبرنا مرقس الإنجيلي أن يسوع : 1 دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضاً بَعْدَ أَيَّامٍ ، فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ. 2 وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلَا مَا حَوْلَ البَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالكَلِمَةِ. 3 وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجاً يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ. 4 وَإِذْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الجَمْعِ ، كَشَفُوا السَّقْفَ حَيْثُ كَانَ. وَبَعْدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الذِي كَانَ المَفْلُوجُ مُضْطَجِعاً عَلَيْهِ. 5 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ : يَا بُنَيَّ ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ . 6 وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ : 7 لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هذَا هكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ؟ 8 فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَقَالَ لَهُمْ : لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ

بِ هذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ 9 أَيُّمَا أَيْسَرُ : أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ ، أَمْ أَنْ يُقَالَ : قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَا مْشِ؟ 10 وَل كِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِا بْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الخَطَايَا قَالَ لِلْمَفْلُوجِ : 11 لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ . 12 فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الكُلِّ مرقس 2 :1 12 ,

وإذا تأملنا في قصة المرأة الخاطئة ، التي غفر لها يسوع خطاياها وهي في بيت سمعان الفريسي ، نرى قصد يسوع في إظهار سلطانه على غفران الخطايا ، إذ قال لمضيفه : يَا سِمْعَانُ عِنْدِيشَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ . فَقَالَ : قُلْ يَا مُعَلِّمُ . 41 كَانَ لِمُدَايِنٍمَدْيُونَانِ. عَلَى الوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. 42 وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعاً. فَقُلْ : أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبّالهُ؟ 43 فَأَجَابَ سِمْعَانُ : أَظُنُّ الذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ . فَقَالَ لَهُ : بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ . 44 ثُمَّ التَفَتَ إِلَى المَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ : أَتَنْظُرُ هذِهِ المَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ ، وَمَاءً لِأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. 45 قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي ، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. 46 بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. 47 مِنْ أَجْلِ ذ لِكَ أَقُولُ لَكَ : قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الكَثِيرَةُ لِأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيراً. وَالذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً . 48 ثُمَّ قَالَ لَهَا : مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ . 49 فَا بْتَدَأَ المُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ : مَنْ هذَا الذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضاً؟ . 50 فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ! اِذْهَبِي بِسَلَامٍ لوقا 7 :40 50 ,

نلاحظ في هذه الحادثة أنّ يسوع لم يقل للمرأة الخاطئة أنها حصلت على غفران خطاياها نتيجة لتوبتها ، بل قال : لأنها أحبت كثيراً أي أنها أحبت شخصه ، وهذا يعني أن محبة يسوع تعادل محبة الله نفسه,

ثم إننا نقرأ أن يسوع لما أرسل تلاميذه للمرة الأولى ، أرسلهم باسمه وأعطاهم السلطان أن يشفوا المرضى ، ويخرجوا الشياطين, اقرأ متى 10 :1 7 ومرقس 3 :15 19 ولوقا 9 :1 3 ,

ثالثاً إنه تكلم عن نفسه باصطلاح خاص في علاقته مع الآب السماوي فإنه وصف الله بأنه أبو شعبه ، وأعلن أبوة الله للبشر, ولم يكن في هذا مبتكراً ، لأن أنبياء العهد القديم ، سبقوا أن وصفوا أبوة الله لشعبه وأتقيائه ، هكذا نقرأ في إشعياء : أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا ، وَلِيُّنَا مُنْذُ الأَبَدِ ا سْمُكَ إشعياء 63 :16 , وشواهد أخرى كثيرة في أقوال موسى وهوشع وإشعياء وغيرهم, ولكن يسوع المسيح وصف أبوة الله له بأنها فريدة ، تختلف عن أبوة الله للبشر, فإنه كثيراً ما تكلم عن الله بلفظة أبي, ولكن لم ترد العبارة أبانا إلا في الصلاة الربانية,

وأوضح الإعلانات لعلاقة يسوع بالآب السماوي ما جاء في عبارته المشهورة عندما تهلل وقال : أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، لِأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الحُكَمَاءِ وَالفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا للْأَطْفَالِ.,, وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الا بْنَ إِلَّا الآبُ ، وَلَا أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلَّا الا بْنُ وَمَنْ أَرَادَ الا بْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ متى 11 :25 28 , ففي هذه العبارات المجيدة نسمع صدى صوت الأبدية وندرك عظمة هذا السر العجيب إذ نرى أن يسوع قصر معرفة الآب على نفسه فقط ، وقصر معرفة الابن على الله فقط ، وهذه العلاقة المتبادلة تدل على المساواة,

يأتي بعد ذلك حادث آخر ، أراد يسوع أن ينبه اليهود إلى علاقته الفريدة بالآب ، وهو سؤاله الفريسيين : مَاذَا تَظُنُّونَ فِي المَسِيحِ؟ ا بْنُ مَنْ هُوَ؟ قَالُوالهُ : ا بْنُ دَاوُدَ . قَالَ لَهُمْ : فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً : قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي ا جْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئا لقَدَمَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً ، فَكَيْفَ يَكُونُ ا بْنَهُ؟ متى 22 :41 45 ,

وأخيراً نراه واقفاً أمام قيافا رئيس الكهنة ، قبل صدور الحكم عليه, وقد قال له الرئيس : أَسْتَحْلِفُكَ بِاللّهِ الحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا : هَلْ أَنْتَ المَسِيحُ ا بْنُ اللّ هِ؟ قَالَ لَهُ يَسُوعُ : أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ : مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ا بْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ القُوَّةِ ، وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ متى 26 :63 64 ,

ففي هذا الجواب نراه يشير إلى نبوة دانيال الخاصة بالمسيا إذ يقول : كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ا بْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى القَدِيمِ الأَيَّامِ ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتا لتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لنْ يَزُولَ ، وَمَلَكُوتُهُ مَالا يَنْقَرِضُ دانيال 7 :13 14 ,

الصفحة الرئيسية