الإسلام بدون حجاب

تمهيــد ما وراء الواجهة...

 

"الإسلام" الذي يقدمه دعاة الإسلام إلى العالم الغربي في هذه الأيام يختلف تماماً عن الإسلام الذي عرفناه واختبرناه في الشرق الأوسط. إنه طبعة جديدة، منقحة، معدلة، مزودة، ومنقوصة عن الإسلام الحقيقي. إنه كثوب قديم أخذوا يضيفون اليه الرقع الواحدة بعد الأخرى حتى اختفت تماما معالم الثوب العتيق.

وإحقاقاً للحق أعترف أن الحركة التبشيرية الإسلامية العالمية في السنوات الأخيرة قد اكتسبت حنكة وذكاء. لقد أعوزتهم القوة، فقرروا أن يكونوا أذكياء. وطالما لم يعد في استطاعتهم استعمال السيف لغزو العالم كما فعلوا في الماضي، فلذلك لم يكن أمامهم من سبيل غير استعمال الوسائل المسالمة.

وفيما يلي بعض الأساليب الجديدة التي يستعملها دعاة الإسلام اليوم:

 

1- تغيير الهوية

 

وجدنا دعاة الإسلام يتفادون الإشارة إلي التعاليم التي تثير حفيظة المواطن الغربي مثل أن النساء غير مساويات للرجال، والرجال من حقهم ضرب نسائهم. إنهم لا يتعرضون إلي الحدود الإسلامية في القصاص مثل قتل المرتد وجلد السكير وقطع يد السارق.

         

إنهم يحرصون على تأكيد أنهم يؤمنون بموسى وعيسى (يسوع). إنهم لا يطلقون الآن على اليهود إسم "الصهاينة" ولا يطلقون على المسيحيين إسم "الصليبيين" ولا يسمونهم "الكفار".

 

إن آخر شئ يريدونه هو إحداث صدمة للناس. أحد مقدمي برنامجهم الإسلامي أسمه بول (بولس)، لأن أسماءً مثل محمد أو مصطفى أو عمر غير  مستساغة  عند  المواطن  الغربي.  إنهم  يستعملون  الآن التعبير "مدارس الأحد" بدلا من "درس الجمعة"، ويختمون برامجهم بعبارة "الرب يبارككم" التي يستعملها المسيحيون في كلامهم.

 

إنهم يتباهون بأنهم أمريكيون، ويغطون خلفية برامجهم بالعلم الأمريكي. هذا هو العلم الذي طالما أحرقوه في البلاد الإسلامية وهم يطلقون على أمريكا اسم "الشيطان الأكبر".

 

2- تغيير اللغة

 

إنهم يستعملون الآن اصطلاحات جديدة غريبة على لغتهم مثل المحبة والنعمة. إنهم يتكلمون في موضوعات لاهوتية مسيحية الأصل مثل: الخلاص والتبرير والتقديس.

 

إنهم يغيّرون من ترجمة القرآن لتغطية بعض التعاليم الإسلامية العنيفة. وكمثال لذلك الترجمة الفرنسية الجديدة التى أثارت ضجة في العالم الإسلامي لمحاولتها ترضية اليهود بتغيير بعض الآيات القرآنية التى تدينهم مثل الآية الواردة في سورة الإسراء 4:17 ونصها العربي: "وقضينا الى بنى إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيرا". هذه الآية كانت ترجمتها القديمة تقول ما معناه: "إن بنى إسرائيل بعد أن بثوا الفساد في الأرض مرتين بهدف استغلال الآخرين سوف يدفعون أنفسهم لتصبح لهم السلطة العليا الى أن يعاقبهم الله". ثم جاءت الترجمة الجديدة بعكس هذا المعنى تماما فقالت: "إن بنى إسرائيل سوف يعتدي عليهم مرتين كأبرياء، ثم سيكافئهم الله بعد ذلك بأن يرفعهم الى أسمى المراتب".

 

3- تغيير الخطة

 

إن خطتهم الجديدة هي محاولة أن يكونوا مقبولين ومنتمين ومشاركين في جميع النشاطات الدينية والاجتماعية والسياسية.

 

لقد أصبحوا مشاركين في النشاطات الحزبية حتى تصبح لهم كلمة في برامج الأحزاب.إنهم يشتركون في حملات الخطابات الموجهة لأعضاء الكونجرس حتى يؤثروا على القوانين التشريعية. إنهم يدخلون في الترشيح للوظائف القيادية بهدف الوصول إلى مراكز السلطة. إنهم يستخدمون قوتهم الإنتخابية للحصول على إمتيازات خاصة. إنهم يحرصون على أن يمثلوا في لجان التعليم حتى يغيروا برامج التعليم لتتمشى مع معتقداتهم.

 

مرحلة الاستضعاف ومرحلة الجهاد

ولكن يبدو أن هذه الأساليب التي أشرنا إليها ليست بجديدة على التاريخ الإسلامي.

 

جاء في كتاب "خريف الغضب" للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل صفحة 285 ما يلي: "هكذا برز في فكر أبو الأعلى المودودي عنصر الجهاد وراح يفرق بين مرحلتين مختلفتين تعيشهما المجتمعات الإسلامية: مرحلة الاستضعاف، وفيها تكون الجماعة الإسلامية غير قادرة على أن تتولى زمام أمورها بنفسها. وفي هذه الحالة - طبقا لفكره -  فإنها تنسحب لتعد نفسها حتى تصبح قادرة على مواجهة المرحلة الثانية.

 

والمرحلة الثانية هي مرحلة الجهاد. وهي تجيء حين تكون الجماعة الإسلامية قد أتمت استعدادها وحان لها أن تخرج من عزلتها لتتولى بنفسها زمام الأمور عن طريق الجهاد.

 

وكان أبو الأعلى المودودي يعقد المقارنة بين مرحلة الاستضعاف ومرحلة الجهاد من ناحية، وبين كفاح محمد صلى الله عليه وسلم في مكة ثم في المدينة بعد ذلك".

 

محمد في مكة ومحمد في المدينة

يتفق المؤرخون على وجود اختلاف كبير بين شخصية نبي الإسلام في مكة وبين شخصيته بعد أن هاجر الى المدينة.

 

كان نبي الإسلام في مكة ضعيفاً، يكافح من أجل أن يحوز القبول. وكان في كثير من الأحيان يقابل بالاستهزاء والسخرية. وقد حاول في البداية أن يكون محباً وعطوفاً، فكانت تعاليمه تنهى عن العنف والظلم وإهمال الفقير واليتيم. أما بعد أن هاجر الى المدينة وقوي باعه فقد تحول الى محارب صنديد لا يرحم، مصمماً على نشر دينه بحد السيف.

ويظهر هذا التغيير في شخصية نبي الإسلام بمقارنة بعض ما جاء في السور المكية بما يقابلها مما جاء في السور المدنية. ويلاحظ أن ترقيم السور والآيات لا تتبع التسلسل الزمنى.

 

في سورة المزمل 10:73 يطلب الله من الرسول أن يصبر على معارضية: "واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً". بينما في سورة البقرة 191:2 يأمره أن يقتل معارضيه. "واقتلوهم حيث ثقفتموهم (وجدتموهم) وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل".

 

في سورة البقرة 256:2 يطلب الله من الرسول عدم فرض الإسلام بالقوة: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى". بينما في آية 193 يطلب منه أن يقتل كل من يرفض الإسلام، "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين".

 

في سورة العنكبوت 46:29 يطلب الله من الرسول أن يتكلم بالحسنى مع أهل الكتاب (المسيحيين واليهود)، "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون". بينما في سورة التوبة 29:9 يطلب منه قتال كل من لا يدين بالإسلام من أهل الكتاب: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".

 

ولتبرير هذا التغيير المفاجئ في أسلوب القرآن من المسالمة إلى المعاداة، ومن المهادنة إلى المواجهة، فإن رسول الإسلام يلقي التبعة في ذلك على الله، بقوله إن الله هو الذي نسخ (أبدل) الآيات المسالمة بالآيات العنيفة.

ولكن حقيقة الأمر أن نبي الإسلام -  على حد قول المودودي - كان قد قوي وأصبح في إمكانه أن ينتقل من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة الجهاد.

 

اليوم نحن نشاهد في العالم الغربي مرحلة الاستضعاف الإسلامية ولكن دعونا ألا نُخدع، فإن مرحلة الجهاد قادمة إن عاجلا أم آجلا. ذلك الحمل الوديع الصغير سيتحول إلى ذئب مفترس، هذه الأسنان اللؤلؤية الجميلة ستصير أنياباً، وتلك المأمأة الموسيقية العذبة ستصبح زئيراً مرعداً.

الصفحة الرئيسية