قبر المسيح في كشمير

ملحق 4

الباب الثالث

في الشهادات المستمدة من التاريخ

الفصل الأول:

في الشهادات المأخوذة

من الكتب الإسلامية التاريخية التي تثبت سياحة المسيح

"قد ورد في أحد الكتب التاريخية الشهيرة المسمى (روضة الصفا) ص130-135 عبارة فارسية نسجل ترجمتها الملخصة فيما يلي:

إنما سُمى عيسى بالمسيح، لأنه كان يكثر السياحة، وكان يغطى رأسه بطاقية صوفية، كما كان يلبس قميصاً صوفياً أيضاً، وكانت العصا بيده، وكان يسيح ببلد فبلد، ومدينة فمدينة، وكان يبيت حيثما حل به الليل، كان يأكل خضر الغابات، ويشرب مياهها، وكان يمشي مشياً، وحدث مرة أن أشترى له أصحابه فرساً، فركبه يوماً كاملاً، لكن بما أنه لم يستطع أن يهيئ للفرس ما يلزمه من العلف، لذلك رده إلى صاحبه، فوصل بعد أن هاجر من وطنه إلى "نصيبين" التي كانت على مئات الأميال من وطنه، وكان يصحبه بعض الحواريين أيضاً، فأرسلهم إلى بعض المدن للتبشير، لكن كانت الشائعات الكاذبة عن عيسى ووالدته قد بلغت هذه المدينة، فلذلك أن ملك تلك المدينة ألقى القبض على هؤلاء الحواريين، وأرسلهم إلى المسيح الناصري، فجاء وشفى بعض المرضى بقوة الإعجاز، وأتى بمعجزات أخرى، فلذلك أن ملك نصيين وما حولها من عساكره وجميع رعيته آمن بالمسيح، وأن قصة نزول المائدة الواردة في القرآن أيضاً حدثت في أيام سياحته".

إن المسيح كان قد وصل نصيبين وهي مدينة بين الموصل والشام، وهي على مسافة 450 ميلاً من بيت المقدس، وعلى بعد 150 ميلاً من حدود فارس.

فإذا وثقنا برواية "روضة الصفا"، تبين أن المسيح الناصري كان يريد بسفره إلى نصيبين الوصول إلى أفغانستان عن طريق فارس، ودعوة أؤلئك الخراف الضالة من بني إسرائيل المعروفين بأفغان إلى الحق..

فقصارى القول أن حضرة المسيح الناصري جاء إلى فنجاب ماراً بأفغانستان، فقاصداً زيارة فنجاب والهند، فمتجهاً إلى كشمير..

وبعد دخوله في فنجاب لم يكن من الصعوبة في شئ أن يزور بلدان الهند المختلفة قبل أن يتجه نحو كشمير فالتبت.. وليس من المستبعد أنه تزوج هناك أيضاً، ومن الأفغان قبيلة تعرف باسم (عيسى خيل) أي بني عيسى، وليس من المستغرب أن يكون هؤلاء من ولد عيسى.. مما لا شك فيه أن الأفغان من بني إسرائيل، كما أن أهل كشمير أيضاً من بني إسرائيل.. إن الأفغان يعترفون بأنهم من أولاد قيس وقيس هذا، من بني إسرائيل.. ولأجل هذا السفر الطويل سمي المسيح بالنبي السائح، بل لقب بسيد السائحين.

وجاء في لسان العرب: قيل سمي عيسى بمسيح لأنه كان سائحاً في الأرض لا يستقر(1)

الرد:

لنا على هذا القول بعض الملاحظات:

1 - إن هذا القول قد قام الغلام بترجمته وتلخيصه من كتاب "روضة الصفا" وهو مكتوب باللغة الفارسية، ولذلك لم نتمكن من الإطلاع عليه، ولسنا ندري مدى الأمانة في الترجمة والتلخيص.

2 - إن الغلام أتحمد، يشكك في النص بقوله: "إن وثقنا" فيا ترى ما هو المانع من عدم الثقة.

3- لقد أثبتنا -فيما سبق- أن المسيح لم يذهب خارج حدود فلسطين، إلا مرة واحدة، إلى نواحي صور وصيداء (مت15: 21)، في لبنان الآن.

4 - إذا كان عيسى، ُسمى بالمسيح، لأنه كان يكثر من السياحة، والانتقال من بلد إلى آخر، فهذا لا يعني ذهابه إلى الهند، والأوصاف التي ذكرها عن المسيح، من لبس قميص من الصوف، والعصا بيده، والمشي وغيرها هي صفات المتصوفين.

5 - أما دعواه ذهاب المسيح إلى نصيبين، ومنها إلى أفغان، ثم فنجاب، فكشمير، فسوف نناقشها بالتفصيل فيما بعد.

6- أما قوله بأن أهل فنجاب وكشمير من نسل بني إسرائيل، فهذه رواية مشكوك فيها، وهي من الروايات التي انتشرت في أفغانستان في القرن السابع عشر.

7 - أما قوله بأنه ليس من المستبعد أن المسيح تزوج هناك، وأن من الأفغان قبيلة تعرف باسم "عيسى خليل" فهو ادعاء كاذب، وفيما يلي نثبت ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية(2)، ومنه نرى أنه لا توجد قبيلة "باسم عيسى خيل" أورد أبو الفضل في كتابه أكبر نامه، المعالم الرئيسية للروايات القبلية عن الأفغان، وثمة روايات تختلف اختلافاً طفيفاً وردت في كتاب تذكرة الأولياء لسليمان ماكو.. ويُعد كتاب مخزن أفغاني لنعمت الله المصدر الرئيسي الذي استقينا منه الروايات القبلية (وقد تم عام 1613م). ولا يمكن الاعتماد على الأنساب التي وردت في هذا الكتاب، ونقلت بعد ذلك في مصنفات أخرى مثل كتاب حيات أفغاني، باعتبارها مصادر تاريخية، ولكنها دليل قيم على الروايات التي كانت حية بين الأفغان في القرن السابع عشر، وإذا أخذنا بهذه الروايات، فإن الجد المشترك لمعظم القبائل الأفغانية هو قيس عبد الرشيد، الذي دخل في الإسلام على يد خالد وهو من نسل أفغان، حفيد شاول، وأنجب قيس ثلاثة سَرْبن وبَطنَ وغُرغُشت. وأنجب سربن هو الآخر ابنين، شرَخبون، وخرشبون. ويمكن إيضاح فروع النسب الأخرى في الجداول الآتية:

شرخبون

خرشبون

 ويقال

إن معظم ما تبقى من القبائل ينحدر من كرات (أوكرلان) وأصله مشكوك فيه هذا ما جاء عن القبائل، ورغم أن هذه روايات لا يمكن أن نثق فيها، إلا أنه لم يأت فيها أي ذكر لـ "عيسى خيل" أو قبيلة عيسى.

والصحيح كما ذكرت دائرة المعارف الإسلامية:(3)

"إن البقاع التي تعرف الآن بأفغانستان، كانت تسكنها قبائل إيرانية، أثناء الهجرات الآرية في الألف الأول، والألف الثاني قبل الميلاد، وقد أدخلها كورش في الإمبراطورية الأخمينية، وتنازعها بعد غزوات الإسكندر أهل بلخ والفرثيون.

وفي القرن الأول قبل الميلاد حدث تدفق جديد للقبائل الإيرانية تحت زعامة قبيلة يوه تشي الكوشية، وقد بلغت الإمبراطورية الكوشية أوج عزها في القرن الأول الميلادي.

وينقسم سكان أفغانستان إلى المجموعات الرئيسية التالية:

1 - الأفغان.

2 - التاجيك والإيرانيين.

3 - المغول الترك.

4 - سكان هندوكش الهنديين والآريين.

وهناك فارق كبير من ناحية السلالة بين القبائل الأفغانية.. بيد أنه يمكن أن يقال -بصفة عامة- أن الأفغان ينتمون إلى الفرع الإيراني الأفغاني من جنس البحر المتوسط ذي الرأس المستطيل(3)

المراجع:

1 - المسيح الناصري في الهند. ص75-79.

2 - دائرة المعارف الإسلامية. مجلد4. طبعة دار الشعب. ص7-10.

3 - المرجع السابق. ص3، 21، 26.

الصفحة الرئيسية