قبر المسيح في كشمير

ملحق 4

الباب الثالث

في الشهادات المستمدة من التاريخ

الفصل الثالث:

شهادة الكتب التاريخية التي تثبت ضرورة مجيء المسيح إلى فنجاب وما يجاورها من البلاد

كتب المؤلف:

"لماذا سافر المسيح إلى هذه البلاد بعد نجاته من الصلب، وما الذي حداه إلى تجشم هذا السفر الطويل؟

لا يغربن عنكم أنه كان على غاية من الأهمية للمسيح من ناحية واجبات رسالته أن يسافر إلى فنجاب والبلاد المجاورة لها، لأن عشرة شعوب من بني إسرائيل التي سُميت في الإنجيل بخراف إسرائيل الضالة، كانت قد جاءت إلى هذه البلاد، الأمر الذي لا ينكره أحد من المؤرخين، ولذلك كان لا بد للمسيح الناصري من أن يسافر إلى هذه البلاد، ويبلغ هؤلاء الخراف الضالة رسالة الله بعد أن يفتش عنهم ويجتمع بهم، ولو لم يفعل ذلك لظلت غاية رسالته عقيمة قاصرة، لأنه كان مرسلاً من الله تعالى إلى هؤلاء الخراف الضالة" (1). ثم يثبت في بقية الفصل بالرجوع إلى كثير من المراجع أن أهالي كشمير والأفغان هم بنو إسرائيل الذي أسرهم "بخت نصر " وأسكنهم في بلاد فارس وهاجروا منها فيما بعد إلى الشرق (2)، ويختم الفصل بهذا القول:

"إن الهدف النهائي الحقيقي لرحلة المسيح الطويلة إلى الهند كان تأدية واجب الدعوة والتبليغ لجميع شعوب إسرائيل الأمر الذي صُرح به في الأناجيل مراراً، فلذلك ليس من المستغرب أن يأتي إلى الهند وكشمير، بل بالعكس كان من المستغرب جداً لو صعد إلى السماوات بغير أن يقوم بواجبه الأساسي"(3)

التعليق:

لكي تكون الصورة واضحة سوف نقدم هنا دراسة تاريخية حول:

1 - السبي الآشوري أو كيفية انتقال اليهود إلى هناك.

2 - مصير اليهود المسبيين.

3 - النساطرة وهل هم بقايا الأسباط العشرة؟

4 - دخول وانتشار المسيحية في وسط وشرق آسيا.

السبي الآشوري

لقد كان شاول أول ملك على اليهودية في الفترة من 1035-1015 ق.م تقريباً، ثم تبعه الملك داود (1015 -975)، ثم الملك سليمان (975-935)، وبعد موته، انقسمت المملكة إلى قسمين:

أ - المملكة الجنوبية: وتدعي يهوذا وعاصمتها أورشليم، ولقد ملك عليها من سنة 935-586 ق.م عشرون ملك كلهم من عشيرة داود (ما عدا الملك أخزيا بن يهورام إذ كانت أمه بنت عمري ملك إسرائيل).

ب - المملكة الشمالية: وتدعى إسرائيل، وعاصمتها السامرة، وكان هذا القسم يشمل عشرة أسباط، وأول ملك عليها هو يربعام.

وكان هناك صراع مرير بين المملكتين دام أكثر من مائتي عام (935-721) (4).

ومنذ سنة 732ق.م بدأ الغزو الآشوري:

"ورأى علماء الآثار تقسيم تاريخ بلاد آشور إلى ثلاثة عهود رئيسية هي:

أ - العهد الآشوري القديم (3000-1595 ق.م).

ب - العهد الآشوري الوسيط (1595-911 ق.م).

جـ - العهد الآشوري الحديث (911-612 ق.ب).

ويقسم هذا العهد إلى دورين:

1 - الامبراطورية الآشورية الأولى (911-824 ق.م) حكم فيها أربعة ملوك. كان أشهرهم "أشور ناصر بال الثاني) (884-859 ق.م)، وقد خلفه في الحكم ابنه "شلمناصر الثالث" (859-824 ق.م).

2 - الامبراطورية الآشورية الثانية (645-612 ق .م) يبدأ هذا العهد بتسلم "تجلاث بلاسر الثالث" زمام الحكم سنة 745ق.م. وقد استمر حكمه ثماني عشرة سنة، تمكن خلالها من استعادة نفوذ المملكة الآشورية بعد فترة الانتكاس، وحكم خلال فترة الامبراطورية الثاني هذه ستة ملوك من ضمنهم "تجلاث بلاسر" (5)

الدولة البابلية أو الكلدانية (612-539 ق.م)

وعلى أنقاض الدولة الآشورية قامت الدولة البابلية، وقد بلغت أوج ازدهارها في عهد نبوخذ نصر، والذي دام حكمه ثلاثة وأربعين سنة (605-562ق. م)، وبعد وفاته سنة 562ق.م. خلفه على عرش بابل ملوك ضعفاء حتى وقعت بابل لقمة سائغة بيد كورش الأخميني(6).

الغزو الآشوري لمملكة إسرائيل:

لقد كان لقيام الامبراطورية الآشورية التي دامت بين سنة 911-612 ق.م. أثرها في تغيير وجه الشرق، فقد حكم خلال هذه الفترة خمسة عشر ملكاً بلغت الامبراطورية في عهد بعضهم أوج عظمتها واتساعها بحيث ضمت جميع أراضي الهلال الخصيب. ومن ضمنها مصر، ولقد لعبت دوراً رئيساً في القضاء على مملكة إسرائيل وسبي سكانها إلى أماكن بعيدة وإحلال سكاناً من غير اليهود محلهم من مختلف أنحاء الامبراطورية، ثم تحطيم مملكة يهوذا.

ومن الحملات التي شنها ملوك الامبراطورية الآشورية، حملة "تجلاث بلاسر الثالث" على مملكة آرام، فاستولى على عاصمتها دمشق سنة 732 ق.م. وسبى أهلها وقتل ملكها "رصين".. ثم توجه إلى إسرائيل فاستولى في زمن "فقح" ملك إسرائيل (730-721ق.م)، على كل أرض إسرائيل وسبى اليهود إلى أشور وأحل محلهم سكاناً من أقاليم أخرى، تاركاً لخلف "فقح" الملك هوشع مدينة السامرة، وقد قام تجلاث بلاسر بهذه الحملة استجابة إلى طلب آحاز بن يوثام ملك يهوذا (732-715 ق.م) (2مل15: 29، أخ5: 26)، ثم جرد شلمنصر الخامس - خلف تجلاث بلاسر- حملة تأديبية على إسرائيل وحاصر عاصمتها السامرة مدة ثلاث سنوات، وقبل أن يظفر بالنصر النهائي وافته المنية في الشهر العاشر من عام 722ق.م، ولكن القائد الآشوري أتم مهمته باحتلال السامرة في النهاية على عهد سرجون الثاني. وبذلك تم استسلام السامرة والقضاء في النهاية على مملكة إسرائيل نهائياً (2مل17: 6، 18: 9). وتبعاً للخطة التي سار عليها تجلاث بلاسر الثالث أجلى سرجون الثاني 27280 شخصاً من اليهود إلى ناحية حّران وإلى ضفة الخابور وميديا وأحل محلهم الآراميين من أقليم حماة. وقد عثر بوتا (7) سنة 1843 بين أطلال مدينة "سمالي" (زنجرلى) عاصمة الآراميين(8). على مسلة سرجون الثاني نقشت عليها باللغة الآشورية، وبالخط المسماري تفاصيل الحملة الآشورية على إسرائيل والتي انتهت بالقضاء عليها وحمل اليهود إلى الأسر.

الغزو الآشوري لمملكة يهوذا:

بقيت مملكة يهوذا الصغيرة تنتظر دورها وهي تتأرجح في مهب الرياح بين رحمة حكومة مصر من الغرب ودولة أشور من الشرق، فإذا انحازت للأولى غضبت عليها الثانية، وإذا انضمت إلى الثانية اغتاظت الأولى، ولما انحاز حزقيا ملك يهوذا إلى مصر، غضب سنحاريب الذي خلف سرجون، فصمم على القيام بحملة قوية على مملكة يهوذا لاخضاعها أو تدميرها والقضاء عليها، فهب حزقيا وأرسل وفداً إلى مصر مستنجداً بملكها، فوعده المصريون بمده بالعون فانتقده النبي إشعياء على اعتماده على ملك مصر بدلاً من اعتماده على الرب (إش30: 1-7، إش31: 1)، ولدينا مصدران عن أخبار حملة سنحاريب على مملكة يهوذا، ما جاء في التوراة (2مل18: 13-17، 19: 25-36)، والمصدر الثاني هو النقوش التي اُكتشفت على جدران قصره في نينوى، وقد انتصر سنحاريب واحتل مدن يهوذا، وحاصر أورشليم ولم يفك الحصار إلا بعد أن تسلم الجزية من ملك يهوذا"(9).

الغزو البابلي لمملكة يهوذا:

"بعد انقراض الدولة الآشورية بسقوط نينوى سنة 612ق.م، اقتسم الماديون والكلدانيون ممتلكاتها، فوقعت حصة الكلدانيين في سورية والعراق، وتأسست على أثر ذلك الدولة البابلية الكلدانية التي دام حكمها 73 سنة (612-539 ق.م) والذي يهمنا من حكم هذه الدولة قضاؤها على مملكة يهوذا وسبي اليهود إلى بابل، وقد أنجزت هذه العملية على عهد "نبوخذ نصر الثاني" أعظم ملوك هذه الدولة، والذي حكم البلاد 43 سنة (605-562 ق.م) وذلك في حملته الأولى سنة 597 ق .م، والثانية في سنة 586 ق.م.وتشير التوراة إلى أن الملك "يهوياقيم" ملك يهوذا (608-597 ق .م) تمرد على "نبوخــذ نصر" عـلى الــرغم من تحذير النبي إرميا له، وذلك بعد أن أظــهر الطـــاعة والخضـــوع للعاهل الكــلداني مدة ثلاث سنوات،

فشن "نبوخذ نصر" حملة على "يهوياقيم" وحاصر أورشليم، وأثناء هذا الحصار توفى "يهوياقيم" وخلفه ابنه "يهوياكين" الذي اضطر إلى الاستسلام، فسبى "نبوخذ نصر" كل يهود أورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابرة البأس والصناع، عشرة آلاف شخص. ولم يبق أحد إلا مساكين شعب الأرض، كما سبى "يهوياكين" وأمه ونساءه ورجاله من أورشليم إلى بابل. وأخذ نبوخذ نصر جميع خزائن بيت الملك، وكسر كل آنية الذهب، ثم عين "صدقيا" عم "يهوياكين" خلفاً ليهوياكين الذي أكد ولاءه للملك الفاتح. وقد تم إسكان المسبيين وعوائلهم في منطقة تدعى “نهر الخابور" قرب نينوى وهذه خلاف عادة الآشوريين الذين كانوا يشتتون أسراهم في أماكن بعيدة لمنعهم من التكتل والتجمع وممارسة تقاليدهم وثقافتهم، فمكن ذلك اليهود من التجمع في المنفى والاستمرار في ممارسة تقاليدهم وتكوين مجتمعهم المنعزل الخاص بهم. وكان هذا هو السبي الأول. ثم تبعه السبي الثاني سنة 586 ق.م، وهذا وقع على أثر نقض "صدقيا" لعهده بالولاء لنبوخذ نصر، إذ دخل في حوالي سنة 589 ق.م في تحالف مع المدن السورية والفلسطينية بتحريض من "جوفرا" ملك مصر، الذي كان يطمح في استعادة سيطرة مصر على سورية، وهكذا وضع "صدقيا" مصيره مع مصر وحلفائها على الرغم من محاولة ارميا إبعاده عن هذا الحلف الذي كان موجهاً ضمناً ضد "نبوخذ نصر"، فغضب "نبوخذ نصر" غضباَ شديداً، وجاء هذه المرة بنفسه على رأس حملة قوية إلى سوريا الشمالية وعسكر في ربلة على نهر العاصي، وكان ذلك سنة 587 ق.م، وأرسل نبوخذ نصر من يحاصر أورشليم، إلا أن دخول "جوفرا" ملك مصر إلى فلسطين اضطر البابليين إلى رفع الحصار لمحاربته، فظن اليهود أن النصر حليفهم، ولكن النبي أرميا حذرهم وأبان لهم بأنهم يخدعون أنفسهم بهذا النصر لأنه وقتي، فوضعوه في السجن (إرميا28: 2)، ووقع كما تنبأ إرميا فعلاً، فقد تمكن البابليون من صدّ المصريين وإرجاعهم على أعقابهم، ثم أعادوا بسط الحصار على أورشليم في الحال، ولم يمض وقت طويل حتى تفشت المجاعة وربما الوباء في المدينة، مما اضطر اليهود أن يرضخوا ويستسلموا، فدخلت الجيوش البابلية المدينة في اليوم الرابع من شهر يوليو سنة 586 ق.م، أما صدقيا فهرب هو وأفراد عائلته، ولكن البابليين لحقوا به في سهول أريحا، حيث قبضوا عليه وحملوه إلى "ربلة" حيث كان مقر معسكر الملك نبوخذ نصر، وهناك ذُبح أولاده أمام عينيه ، ثم فقئت عيناه وأخذ مكبلاً مع الأسرى إلى بابل، وكان النبي دانيال بين المسبيين. وأما أورشليم فخربت ودمرت تدميراً كاملاً، فأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم، كل بيوت العظماء، وُسلبت الخزائن ونُقلت إلى بابل. ويقدر عدد الأسرى الذين سيقوا إلى بابل ليلتحقوا باليهود من السبي الأول بحوالي50000 شخص.

وهكذا قُضي على مملكتي إسرائيل ويهوذا.. وقد دام حكم إسرائيل 209 سنوات، وذلك بين سنة 931- 722 ق.م، ودام حكم يهوذا 345 سنة وذلك بين سنة 931-586 ق.م (10).

ملحوظة حول عدد المسبيين من يهوذا:

"يبدو شئ من الغموض في أعداد المسبيين. فنقرأ في ارميا 52: 28-30 عن ثلاث دفعات للسبي، ففي سنة 597 ق.م سُبي 3023 شخصاً، وفي سنة 586 ق.م سبي نبوخذ نصر 832 شخصاً، وفي سنة 581 ق.م سبى نبوزراوان 745 شخصاً فيكون جملة المسبيين 4600 شخصاً (إرميا 52: 30)، ونجد في 2 مل24: 15-16 أن نبوخذ نصر قد سبى 8000 شخصاً.

ويرى د. الخضري: أن العدد الذي اتفقت عليه الأغلبية هو حوالي 22000 شخصاً غير النساء والأولاد. (11).

ويذكر د. جمال حمدان: أن عدد اليهود في ذلك الوقت بلغ زهاء ثلاثة أرباع المليون، وأن نبوخذ نصر سبى أغلبهم(12).

ويقدر د. جورج آدم سيمث(13) أن أكبر رقم محتمل هو 62000-70000 من الرجال والنساء أي أقل من نصف السكان(14).

المسبيون في بلاد السبي:

المسبيون من يهوذا:

"نعلم شيئاً عن أحوال المسبيين الذين نقلهم نبوخذ نصر إلى بابل، فأقاموا على ضفاف أنهارها، من نبوات دانيال ونبوات حزقيال ومزامير السبي... والاكتشافات التي أسفر عنها التنقيب في نيبور تلقي أمامنا ضوءاً قوياً على الحالة الاجتماعية للمسبيين. وهناك ألواح بالخط المسماري -محفوظة الآن في المتحف العثماني باسطنبول- تعود إلى أيام ارتحشستا الأول وداريوس الثاني (0464-405ق.م). ويستنتج هلبرخت، في كتابه (البعثة البابلية. مجلد 9. ص13 وما بعدها) من فحص هذه الألواح أن عدداً كبيراً من المسبيين اليهود الذين جاء بهم نبوخذ نصر بعد تدمير أورشليم قد استقروا في نيبور وما حولها، وهناك أدلة كثيرة على هذه الحقيقة.

العودة من السبي بتصريح كورش سنة 538 ق.م

تحققت آمال المسبيين باستيلاء كورش ملك فارس على بابل والقضاء على المملكة البابلية(15). ففي السنة الأولى لاستيلائه على بابل أصدر مرسوماً (2أخ36: 22-23، عزرا 1: 1-4) يسمح فيه لليهود بالعودة إلى بلادهم، وإعادة بناء الهيكل، ولهذا الغرض أمر بأن تعود إليهم آنية الهيكل التي كان قد أخذها نبوخذ نصر، كما أمر الإسرائيليين الذين يرغبون في البقاء في بابل أن يسهموا في إعادة بناء الهيكل". وكان على رأس العائدين شيصر- الذي يحتمل أن يكون زربابل- وكذلك رئيس الكهنة يشوع وكان حفيداً لرئيس الكهنة سرايا الذي قتله نبوخذ نصر. وعاد في رفقتهم عدد قليل من المسبيين يبلغ 42360 من الرجال والنساء والأطفال، وعدد من الخدم من الذكور والإناث، وبخاصة من أسباط يهوذا وبنيامين ولاوي. وفي سنة 458 ق. م في السنة السابعة لارتحشستا جاء عزرا الكاتب من بابل إلى أورشليم ومعه مجموعة جديدة من نحو 1500 من الرجال ومعهم النساء والأطفال.

أما تاريخ اليهود في العقود الأخيرة من الفرس فلا نعرف عنه الكثير، فقد قاسى اليهود كثيراً في عهد ارتحشستا الثالث، عندما اشتركوا في تمرد مع الفينيقيين والقبارصة، وقد نُفى الكثيرين من اليهود -في ذلك الوقت- إلى هرنيكا على الساحل الجنوبي لبحر قزوين"(16)

المسبيون من إسرائيل:

كتبت د. ايفار ليستر: "لم تدم إسرائيل أكثر من مائتي عام، وانتهى تاريخها في سنة 721 ق.م، حين أوقع الملك سرجون الثاني الآشوري الهزيمة بالسامرة ونفي إلى آسيا الوسطى 27 ألف نسمة من الأسباط العشرة التي اختفت من على مسرح الأحداث التاريخية، ولم نسمع قط عما حل بها، ولازال مصيرهم من بين الألغاز التاريخية التي لم تحل، ومن الأمور التي يتوق إليها المؤرخون، في الواقع، هي إعادة اكتشاف الأسباط العشرة المفقودة، ولما عُثر في الصين على أحجار عليها كتابة يهودية، ظن بعض العلماء أن تلك الأسباط قد ألقت عصا الترحال هناك، كما زعم البعض بأنهم عثروا على آثار لهم في الهند، بينما ينظر غيرهم من العلماء إلى الأنجلوساكسون على أنهم منحدرون من سلالة تلك الأسباط المنفية.. وأما المصير النهائي للأسباط العشرة المفقودة فنكاد نعثر عليه في كل بقعة من بقاع العالم"(17).

فهل حقاً أن الأسباط العشرة قد اختفت من على مسرح الأحداث التاريخية وصارت لغزاً؟

يرى د. فيليب حتى: "إن سرجون قد سبى 27280 شخصاً إلى ميديا (2مل17: 6)، ولم يشكل المسبيون سوى قسم صغير من سكان المملكة الشمالية غربي الأردن، ويقدر عددهم بأربعمائة ألف نفس، وهكذا فإن الأسباط العشرة المفقودة، لم تفقد قط والذين أصبحوا مسبيين اندمجوا بغيرهم. وقد أظهر الرحالة بنيامين من بلدة توديلا في القرن الثاني عشر مقداراً أكبر من الفهم التاريخي حين كتب أن الطائفة اليهودية في نيسابور في شرقي إيران ينحدر أفرادها من المسبيين الأصليين"(18).

يرى د. جمال حمدان: بعد الرجوع من السبي، الأغلبية منهم بقيت في العراق حيث كونت مستعمرات مهمة نمت حتى بلغت في عهد المسيح مليوناً... وقد أمتد انتشار اليهود في العراق شمالاً إلى كردستان، غير أن يهود العراق -مع سكانه- تعرضوا للإبادة مع الطوفان المغولي، حيث هوى عددهم إلى بضعة آلاف فقط، على أن يهود العراق كانوا نواة الشتات شرقاً، فمنهم انشطر يهود فارس الذين غادروا العراق لأول مرة في عهد كسرى، ولكن هجرتهم الكبرى كانت في القرن الثاني عشر الميلادي، وبالمثل كان يهود هيرات في أفغانستان ويهود بخاري وسمرقند في التركستان شظية من نواة فارس.

كذلك يقال إن يهود القوقاز -الذين يردون مستعمراتهم المبعثرة في تضاريس جبالها هناك إلى العصر الأشورى، ولو أن أول ذكر لها تاريخياً يرجع إلى القرن الخامس الميلادي -يقال إنهم أتوا من فارس ونواتها القديمة، ومن هذه المراكز الأولية والثانوية يمكن أن نتتبع انتشار اليهود حتى نهاياته ومستعمراته القصوى في الشرق الأقصى بالهند والصين" (19)

"وليس من المستبعد أن تهاجر قبائل من العبرانيين إلى أماكن بعيدة عبر نهر الفرات سعياً وراء الرزق أو هرباً من الاضطهاد، ويؤكد لنا أحد الرحالة الباحثين، في لقاء له مع اليهود ذوي البشرة السمراء، أنه استفسر منهم عن مصير إخوانهم من البقية من الأسباط العشرة، فكان جوابهم إنهم هناك في أرض الكلدانيين فيما بين النهر. ولكن البعض هاجر إلى كوشين وأجابور في الهند، وإلى أماكن أكثر بعداً في الشرق الأقصى، وتكاثر واستقر به المقام، وليس من المستبعد أن نرجع بأصل الشعب الأفغاني أيضاً إلى مثل هذه القبائل المهاجرة، التي تكاثرت وتزايدت وكونت هذا الشعب المميز في شمال الهند". (20)

ومما لا شك فيه أن اليهود في أورشليم والمسيحيون الأولون كانوا يعرفون أن في بابل بقية من اليهود المسبيين.

"إننا لو رجعنا إلى التقرير الذي كتبه لوقا الطبيب في سفر الأعمال عن المجتمعين في يوم الخمسين لوجدناه يذكرأتقياء من كل أمة على وجه الأرض ومن ضمنهم: الماديون والعيلاميون والساكنون بين النهرين (أع2: 1)، هؤلاء كانوا في العيد في أورشليم وأتيح لهم أن يشاهدوا المعجزات التي اقترنت بحلول الروح القدس على التلاميذ في يوم الخمسين، فإذا بهم يسمعونهم ينادون ببشارة الإنجيل، بنفس اللغة التي ولدوا فيها... ولعل أوضح دليل غير هذا، نجده ضمن كتابات المؤرخ يوسيفوس اليهودي، وفيها يذكر شيئاً عن الملك أغريباس فبعد مرور سنوات أربع على محاكمة بولس أمامه، نقرأ عنه هناك، أنه في خطاب تقدم به إلى اليهود، محاولاً تسكين ثائرتهم ضد الرومان، يقول لهم: "وهل تعتقدون إن إخوتكم الساكنين عبر الفرات في "أديبنه" سوف يهبون لمعونتكم؟ هذا مع العلم أنه قد مر على سبي الأسباط العشرة إلى أرض أشور حتى ذلك الحين ما يزيد على سبعة قرون كاملة، ومع ذلك نرى الملك أغريباس يتحدث عن وجودهم كحقيقة واقعة، وكشعب له قوته وكيانه في القرن الأول المسيحي" (21)

وعندما وصلت إليهم البشارة المسيحية اعتنق معظمهم الديانة المسيحية.

"لقد سُئل أحد أحبار اليهود المنتشرين حول جبال "أديبنة" (والعهدة في صدق الرواية على هنرى هول الذي كان يرأس في وقت ما الإرسالية الإنجليزية إلى النساطرة في بلاد فارس) عن رأيه في النساطرة وكان جوابه: إنهم إخوتنا، أبناء جنسنا، لكننا لا نريد الاعتراف بهم، لانحرافهم عن الحق الموسوي منذ عصور سحيقة في القدم" (22)

ويؤكد د. أحمد سوسة ذلك بقوله:"مما تجدر الإشارة إليه أن إمارة واسعة تدعى إمارة حدياب (Adiabene) وبالعربية "حزة" ازدهرت في القرن الأول بعد الميلاد في نفس منطقة كردستان التي نقل إليها أسباط مملكة إسرائيل المسبيين، وهي من ضمن أراضي أشور القديمة التي تقع شرقي نهر دجلة في منطقة كردستان، وتمتد بين نهر دجلة وأذربيجان ثم توسعت لتشمل بلدة نصيبين غرباً، وكان ملك هذه الإمارة المدعو (ايزاط الأول) إسرائيلياً كما كانت الملكة الأم المدعوة (هيلانة) إسرائيلية أيضاً. أما عاصمة الإمارة فكانت مدينة أربيل(23). وقد اعتلى (ايزاط) الإمارة سنة 36م.

وامتد حكمه حتى توفى سنة 60م، فخلفه أخوه (مولوباس الثاني) وقد دام حكم هذه الأمارة أكثر من 75 سنة عندما غزاها ترجان أمبراطور روما سنة 115 أو 116م... وقد التزمت هذه العائلة الملكية الإسرائيلية بولائها للإسرائيليين في أورشليم مما يدل على أنه منذ القديم اتصال بين الأسبط العشرة في حدياب وبين الإسرائيلين في أورشليم... ويقول د. جرانت: إن عدد النساطرة في منطقة حديات التي كانت تحت حكم ملك يهودي خلال القرن الأول للميلاد يبلغ مائة ألف نسمة. وقد كان أجداد هؤلاء الإسرائيليين من الأسباط العشرة قبل تنصرهم في أعقاب ظهور المسيح" (24)

الأسباط العشرة المفقودين والمسيحيون النساطرة في كردستان:

يرى د. أحمد سوسة: "كانت سياسة الآشوريين أن يبعدوا السبايا إلى عدة أماكن نائية، منعزلة لكي لا يتيسر لهم التجمع في مكان واحد والتكتل على أمل العودة إلى مناطقهم التي أبعدوا عنها، وهكذا أبعد الآشوريون آسراهم اليهود من مملكتي إسرائيل ويهوذا إلى المناطق الجبلية المنعزلة في كردستان العراق وتركيا وإيران ضمن حدود الامبراطورية الآشورية، وأحلوا محلهم أقواماً من أنحاء الامبراطورية حتى خفيت أخبارهم عن اليهود في فلسطين، وفي العراق اعتبروا بحكم المفقودين، لذلك سماهم الباحثون (الأسباط العشرة المفقودة) لأن مملكة إسرائيل التي قضى عليها الآشوريون كانت تتألف من عشرة أسباط. وقد كون هؤلاء المسبيون قرى بين السكان الأكراد وفي المناطق العراقية الأخرى.

ومن المهم ذكره في هذا الصدد أن هؤلاء اليهود المسبيين لا يزالون رغم مرور حوالى 2800 سنة على نفيهم إلى كردستان يتكلمون فيما بينهم بلغتهم الأصلية -اللهجة الآرامية العربية القديمة(25)- وفضلاً عن ذلك فهم لا يزالون متمسكين بديانتهم الأصلية... وقد أفلح الصهاينة في تهجير كل اليهود الأكراد من العراق إلى إسرائيل.. ويؤيد الباحثون نقلاً عن هؤلاء اليهود الأكراد بأنهم أحفاد اليهود الذين سباهم الآشوريون ونقلوهم إلى منطقة كردستان، وقد أيد ذلك بنيامين التطيلي الذي زار هذه المنطقة في القرن الثاني عشر الميلادي، فقال في رحلته عن العمادية(26)

"يقيم بها خمسة وعشرون ألف يهودي وهم جماعات منتشرة في أكثر من مائة موقع من جبال خفتيان(27) عند تخوم بلاد مارى، ويهودها من بقايا الجالية الأولى التي أسرها شلمنصر ملك أشور، ويتفاهمون بلسان الترجوم(28)، وبينهم عدد من كبار العلماء، والعمادية على مسيرة يوم من تخوم بلاد العجم، ويؤدي يهودها الجزية للمسلمين شأن سائر اليهود المقيمين في الديار الإسلامية". وفي كلام بنيامين عن نهاوند، وهي بلدة تبعد أربعين ميلاً عن همذان يقول: "وأرض نهاوند تبعد مسيرة خمسة أيام عن العمادية، تسكنها طائفة لا تؤمن بدين الإسلام. يعتصم أتباعها بالجبال المنيعة ويطيعون شيخ الحشاشين(29)، ويقيم بين ظهرانيهم نحو أربعة آلاف يهودي يسكنون الجبال مثلهم، ويرافقونهم في غزواتهم وحروبهم، وهم أشداء لا يقدر أحد على قتالهم، وبينهم العلماء التابعين لنفوذ رأس الجال ببغداد"(30).

وقد توصل د. جرانت الطبيب والمبشر الأمريكي الذي قضى عدة سنوات في منطقة كردستان وتجول في أحيائها التركية والعراقية والإيرانية، إلى أن أكثرية يهود كردستان هم من أحفاد السبايا الآشوريين، وأنهم أخذوا بتعاليم المسيح بعد ظهوره، وصاروا يعرفون بالنساطرة نسبة إلى نسطور أو التيارية بالنسبة لتسميتهم القبائلية. والدكتور جرانت هذا، حل بين النساطرة على رأس بعثة أوفدها مجلس البعثات التبشيرية البروتستانتية سنة 1835م وبحكم مهنته كطبيب كان يسهل عليه التوغل بين المسيحيين والأكراد في تلك المناطق الجبلية الصعبة والمحفوفة بالمخاطر. واتخذ دكتور جرانت أورمية مركز لعمله وتعلم لغة النساطرة (الآرامية السريانية)... وأيضا تعلم الكردية.. وقد قضى دكتور جرانت ست سنوات في منطقة كردستان.. وبعد دراسة عميقة لهؤلاء النساطرة وتقاليدهم وطقوسهم الدينية واتصالاته بشخصياتهم الدينية والقبائلية، وبخاصة اتصاله ببطريكهم الأكبر الذي كان مقره بلدة (جولامرك) الواقعة قرب منبع خابور دجلة، توصل إلى أن النساطرة القاطنين في كردستان هم أحفاد الأسباط العشرة المفقودة، الذين سبأهم الآشوريين وأبعدوهم إلى مناطق أشور النائية، وهي المناطق التي ورد ذكرها في التوارة، أي حلح وخابور ونهر جوزان ومدن مادي (2مل17: 6، 18: 11)، وتتوسط هذه المناطق التي تشمل مساكن أكراد العراق وإيران وتركيا مدينة نصيبين. وقد كانوا على رأي جرانت يهوداً عندما نفاهم الآشوريين إلى هذه المناطق الجبلية النائية، ثم لما ظهر السيد المسيح بعد حوالى سبعة قرون اتخذوا تعاليمه ديناً لهم، وذلك نتيجة البعثات المسيحية التي أوفدها الحواريون أتباع المسيح إلى هذه المناطق للتنبشير بتعاليم الدين المسيحي الجديد بينهم، وكان ذلك بعد وفاة المسيح بقليل، مما يدل على أن الحواريين كانوا على علم بوجود الأسباط العشرة في تلك المناطق، وكانوا على اتصال مسبق بهم.

وقد حافظ هؤلاء اليهود المتنصرون على تقاليدهم وعاداتهم القديمة، التي هي نفس تقاليد وطقوس وعادات ولغة اليهود القاطنين في تلك المناطق، وهم قلة بينهم لم يتنصروا، حتى أنه من الصعب التمييز بين النساطرة، وبين اليهود المجاورين لهم في المنطقة.

كما يذهب د. جرانت إلى أن القبائل اليزيدية (31) القاطنة في كردستان، هم كالنساطرة من أحفاد الأسباط العشرة اليهودية" (32).

ويذكر د. جرانت أنه شاهد مخطوطاً بالسريانية(33) لدى المار شمعون الرئيس الروحي للنساطرة يرجع إلى ما قبل أكثر من سبعمائة سنة يؤيد كون النساطرة أحفاد الأسباط العشرة.

وقد أورد د. جرانت أدلة كثيرة لدعم ما توصل إليه بخصوص أصل المسيحيين النساطرة في كتاب نشره بالإنجليزية تحت عنوان "النساطرة أو الأسباط المفقودة" وطبع هذا الكتاب في نيويورك سنة 1841م، ثم ترجم إلى الفرنسية، وطبعت الترجمة في باريس سنة 1843م.

Grant, “The Nestoroans or the lost Tribes” N.y.,1841.

ويرى د. نيوزنر صاحب كتاب "تاريخ اليهود في بابل" أن الأدلة التي أوردها د. جرانت، في دعم الرأي القائل بأن النساطرة هم في الأصل من اليهود الذين نفاهم الآشوريون إلى منطقة كردستان، ثم تنصروا بعد ظهور المسيح تقيم حجة قوية مقنعة لتقبل هذه النظرية".

Neusner, “The Jews in Babylonia, 111,p354”(34)

إذا كان لا بد أن يذهب المسيح إلى هذه المناطق حتى يبشر خراف إسرائيل الضالة (الأسباط العشرة) الموجودة في هذه المنطقة، فلماذا لم يذهب إلى المناطق الأخرى التي تواجد فيها أيضاً بعض خراف إسرائيل الضالة؟ وإليك أمثلة لهذه المناطق:

1 - مستوطنة "جزيرة الفيلة" اليهودية في مصر* :

"وقد عثر في مصر على وثائق نشرت بين سنتي 1901 - 1911م تشير إلى أنه كانت هناك مستوطنة يهودية على هيئة حامية عسكرية يُسمى زعيمها وكاهنها الأعلى بيدونيا yedonin كانت قد أنشئت على الحدود الجنوبية المصرية مقابل أسوان على جزيرة في النيل سُميت باليونانية "اليفانتين" للتعبير عن اسمها المصري القديم "يب" ومعناها مدينة الفيلة، وتعود هذه الوثائق التي كتبت بالآرامية إلى القرن الخامس قبل الميلاد .

وقد اختلفت الآراء حول أصل هذه المستوطنة اليهودية القديمة واسباب وجودها في تلك الأزمنة، فيرى أويسترلى oesterly أن أشور بانيبال (669-626 ق.م) عندما قام بحملته على مصر جند جيشاً من الأسباط العشرة التي سبأها الأشوريون إلى العراق وإلى ميديا وأسس منهم حامية للحدود الجنوبية لمصر بعد إنفصال الحبشة عنها.

جاء في دائرة المعارف الكتابية "اكتشفت أخيراً برديات بمعبد فيلة بمصر العليا، تعطينا صورة قوية عن اليهود في الشتات، ويظهر لنا من هذه البردية أنه في القرن السادس قبل الميلاد، لم تكن هناك في هذا المكان مستعمرة يهودية كبيرة ومزدهرة فحسب، بل أنهم قد أقاموا في هذا المكان هيكلاً جميلاً ليهوه قدموا فيه ذبائحهم التي كانوا قد اعتادوا تقديمها وهم في بلادهم. وفي رسالة آرامية -ما زالت محفوظة- يعود تاريخها إلى سنة 411ق. م وكانت موجهة إلى الوالي "باجوهي" في اليهودية يشتكي هؤلاء اليهود من أن هيكلهم في "يائيب" (فيلة بجوار أسوان) قد دمر في تلك السنة نفسها، كما تذكر هذه الرسالة أن هذا الهيكل قد استبقاه قمبيز عندما كان في مصر من سنة 525-521ق.م. كما جاء في رد "باجوهي" -مازال محفوظاً أيضاً- أنه يريد أن يعاد بناء الهيكل". دائرة المعارف الكتابية. مجلد 1. ص252.

في حين يرى سبنرM. S. Spinner أن أصل الحامية هم من اليهود الذين سبأهم الآشوريون إلى طوروس، وقد ذكر أن منسى ملك يهوذا (686-641قزم) قد مدَّ أشور بانيبال في حملته على مصر بالرجال.. ويستدل مما تنطوي عليه وثائق اليفانتين أن رجال الحامية اليهودية كانوا يتكلمون الآرامية، وهي نفس اللغة التي كانوا يتكلمونها في فلسطين، وكان لهم هيكل لإلههم (يهوه) " (35)

2 - في عهد الامبراطورية الفارسية، قاسى اليهود كثيراً في عهد أرتحشستا الثالث عندما اشتركوا في تمرد مع الفينيقيين والقبارصة، وقد نفى الكثيرون من اليهود في ذلك الوقت -إلى هرنيكا على الساحل الجنوبي لبحر قزوين(36)

3 - يهود المغرب (شمال أفريقيا) حيث يدّعى اليهود ممن يسكنون الجبال اليوم ويتكلمون البربرية أن أجدادهم تركوا فلسطين... بل هناك من يرى أنه من المحتمل أن اليهود دخلوا شمال أفريقيا مع الفينيقيين (37)

4 - الفلاشا (يهود الحبشة) والذين تم ترحيل معظمهم إلى إسرائيل.

5 - الاسكندرية وسواحل البحر الأسود.

في أثناء الدولة الرومانية قاوم بعض اليهود في فلسطين الصبغة الهللينية بعنف وقاموا بالثورة المكابية في القرن الثاني قبل الميلاد، والكثيرين منهم انتشروا انتشاراً واسعاً بعيد المدى في كل العالم البيزنطي.

ففي مصر قُدر أن ثلث سكان الإسكندرية البطليمية* كان من اليهود وعدا هذا فقد وُجد اليهود في سوريا وأسيا الصغرى من قبل بدرجة أو بأخرى، وعدا هذا وذلك، كان ثمة مركزان رئيسيان لتركز اليهود: البلقان، وسواحل البحر الأسود الشمالية، وكل يسبق العصر المسيحي بوقت طويل، وربما أرسل يهود البلقان منذ ذلك الحين عناصر منهم إلى جنوب روسيا وخاصة كييف حيث كانت المنطقة خاضعة بشدة للمؤثرات البيزنطية. أما مركز ساحل البحر الأسود فكان يقطنه القرم حيث ذهب كثير من اليهود مع الأغريق بعد الاسكندر" (38)

فلماذا لم يذهب المسيح إلى أسوان ليبشر اليهود ولا سيما وأن الآراء تجمع أنهم من بقايا اليهود الذين سبأهم الأشوريين؟

ولماذا لم يذهب المسيح إلى هرنيكا على الساحل الجنوبي لبحر قزوين حيث اليهود الذين نفاهم أرتحشستا الثالث الفارسي؟ اليسوا هم أيضاً يهود ضالين؟ ولماذا لم يذهب المسيح إلى المغرب أو الاسكندرية حيث وجُد أيضاً يهود ضالين هناك؟

إن انتشار المسيحية في أي مكان لا يحتم ذهاب المسيح شخصياً إلى هناك، بل ربما انتشرت بواسطة تلاميذه في القرن الأول الميلادي أو في القرون التالية بواسطة أتباعه.

"ويرى البعض الآخر أن عدد اليهود حوالي 100 ألف يهودي، أي ما يقدر بثمن تعداد المدينة". العهد القديم كما عرفته كنيسة الاسكندرية. ترجمة وإعداد رهبان القديس أنبا مقار. سنة 1994م. ص25.

انتشار المسيحية في وسط آسيا

نحن هنا لسنا بصدد تقديم دراسة تاريخية تفصيلية حول انتشار المسيحية في آسيا. ولكن سوف نقدم دراسة مختصرة وفيها نركز على الأماكن التي قال المؤلف بأن المسيح قد ذهب إليها ليبشر خراف إسرائيل الضالة.

كتب الدكتور عزت ذكي: ترى كيف دخلت المسيحية إلى تلك البلاد؟

هناك دائرتان نستقي منهما معرفتنا في هذا المجال، دائرة التقاليد ودائرة التاريخ. وحيثما يخفق التاريخ في أن يتحدث إلينا بسبب غموض القدم، تتقدم التقاليد لسد الفراغ.

والتقاليد... تقرن المسيحية السريانية بالعصر الرسولى. بل إن البعض منها يؤكد أن تقديم البشارة لآسيا قد حدث أثناء حياة المسيح. وهي تقدم لنا لتأكيد هذه الغاية قصصاً ثلاث:

1 - القصة الأولى:

تدور حول زيارة المجوس الثلاثة للطفل يسوع

يؤكد النساطرة ما دام المجوس قد عرفوا السريانية الآرامية وتخاطبوا بها مع يهود أورشليم، فلا بد وأنهم أتوا من مملكة أوري أو مملكة أديسا نفسها، وهي التي احتفظت وحدها بالسريانية كلغة رسمية لها وسط عدد من اللغات التي سيطرت على الدول... بل لقد قيل أيضاً إن قصة المسيحية تجد جذورها هناك قبل ولادة المسيح بسبعة قرون كاملة، حيث أشرقت على زرادشت(39) في الكهف الذي اعتزل فيه، تلك النواميس والمبادئ الأخلاقية التي وجدت كمالها في المسيحية، وهناك أيضاً أعلنت له الرؤيا والنبوات عن ذلك الطفل السري العجيب (الكلمة الذي به خُلقت السموات)، وبهذا النبوة تحدث إلى أتباعه طالباً منهم (يتبعوا نجمه) واستناداً على ذلك ظلت هواية المجوس مراقبة النجوم، وحسابها خلال الأجيال الطويلة، حتى عثروا أخيراً على نجمه واتجهوا لتقديم التعبد له..

2 - القصة الثانية:

تدور حول الملك الأبجر الخامس ملك أديسا الذي يقال إنه تبادل رسائل مع السيد المسيح، ومع أن القصة لا تستند إلى دليل تاريخي قاطع، إلا أنها وجدت طريقها إلى الأدب المسيحي السحيق في القدم، واحتلت مكانتها على صفحاته.

وتقول القصة: إن الأبجر الخامس، أرسل سفارة إلى سابينوس الحاكم الروماني في فلسطين، بسبب بعض الأمور السياسية، وكانت السفارة مكونة من المدعو مارياب وشمشجرام، مع كاتب يدعى حنان الكاتب. وفي طريق عودتها مرت تلك البعثة بمدينة أورشليم، وعلمت أن نبياً جديداً قد ظهر، وعلى يديه نال العديدون من المرضى الشفاء من أمراضهم المتعددة. أما الأبجر فقد كان مصاباً بداء البرص، وهكذا نقل إليه وزراؤه البشارة الطيبة، ولقد كان ممكناً أن يذهب الملك بنفسه إلى المسيح لينال على يديه الشفاء، لولا أنه ما كان يستطيع أن يخترق الحدود الرومانية الكائنة بين أورشليم وأديسا. وهكذا أرسل بيد حنان رسالة إلى يسوع يدعوه فيها بالحضور إلى بلاده لشفائه، والمنادة بالدين الجديد بين شعبه.

أما تلك الرسالة، ورد المسيح عليها، فقد أثبتهما يوسابيوس القيصري (أسقف قيصرية الذي عاش في القرن الرابع الميلادي) في تاريخه الكنسي باللغة اليونانية. ووردت أيضاً بالسريانية في مؤلف لكاتب غير معروف بعنوان: "عقائد عداى" عاش في أواخر القرن الرابع الميلادي. واشتهرت تلك الرسالة مع رد المسيح عليها في القرون المسيحية الأولى، حتى أننا نجد لها ترجمات إلى اللاتينية والآرامية، وكذلك العربية التي نجدها ضمن المخطوطات التاريخية التي اكتشفت في دير سانت كاترين وكلها مطابقة لما أورد يوسابيوس.

تقول رسالة الأبجر :

من الأبجر أوكهام الملك إلى يسوع المخلص الصالح الذي ظهر في نواحي أورشليم

تحياتي

لقد سمعت عنك، وعن معجزات الشفاء التي تصنعها، كيف أنك تقوم بها دون استعانة بالعقاقير أو الأعشاب، كما سمعت عنك، أنك تجعل الأعمى ينال البصر، والأعرج يمشي مستقيماً، والأبرص ينال التطهير، أما الأرواح النجسة والشياطين، فلك السلطان عليها حتى أنك تستطيع أن تأمرها فتخرج. ولقد سمعت أيضاً أنك تبرئ من الأمراض المستعصية، بل وتقيم الموتي أيضاً، وحينما عرفت عنك كل هذه الأمور، قررت في نفسي أحد أمرين: أما أنك الله نزل من السماء، ليقوم بهذه المعجزات، أو أنك ابن الله، وهذه المعجزات تؤيد بنوتك. ولذلك فإنني أتوسل إليك أن تسرع بالمجيء إليّ لشفائي من مرضي العضال. بل لقد عرفت أيضاً أن اليهود يسخرون منك، ويدبرون ضدك المؤامرات. وأني أقول لك إن بلدي رغم صغره ووضاعته، سوف يكون المكان اللائق بنا كلينا.."

وهذا هو جواب يسوع. إلى الأبجر الملك، مرسلاً بيد رجل البلاط حنان.. " طوباك أنت، يا من آمنت بي دون أن تراني، لأنه مكتوب عني كثيرون يرونني ولا يؤمنون بي، وكثيرون لا يرونني، ويؤمنون بي وينالون الحياة. أما بخصوص مجيئي إليك فإني أقول لك إنني ينبغي أن أتمم أولاً الغرض الذي أُرسلت من أجله، وبعد أن أتممه أعود للآب الذي أرسلني، وحينما أصعد للآب، سوف أرسل لك واحد من تلاميذي لتنال الشفاء على يديه، من كل أوصابك. ويهبك الحياة أنت ومن معك".

ويؤيد كتاب (عقائد عداي) "أنه بعد صلب المسيح وقيامته وصعوده، أتم الرب وعده، فأرسل من التلاميذ واحد.. يدعى تداوس أو عداي إلى أديسا. وهناك استقر به المقام لدى واحد من أهل جنسه.. قبل أن يذهب للملك ويتراءى له ويشفيه من برصه. وبعد ذلك اعتنق الملك المسيحية، واعتمد هو وكل شعبه".

وهذه القصة تدعو إلى الشك(40) بسبب بعض الأدلة والمتناقضات التاريخية.. ومن لغة الرسالة التي رد بها يسوع، نستطيع أن نكتشف أنها لا تشبه لغة الأناجيل، بل هي أقرب ما تكون إلى لغة الدياطسرون أو الرباعي الذي صنعه ططيانوس في منتصف القرن الثاني. لذلك فمن المرجح أن تاريخ كتابة هذه الرسائل يرجع إلى القرن الثالث، ولا يمكن أن يكون قبل هذا"(41)

3 - أما التقليد الثالث: فمصدره ما يدعى "بأعمال توما"(42)

وهو كتاب أبو كريفي يُنسب إلى شخص نسطوري يدعى برديسانس (154-222م) يدّعي فيه أن توما قد جاء إلى الهند. ولقد قامت مدرستنان حول هذا التقليد، المدرسة الأولى رفضت القصة بأكملها، كتقليد لا سند تاريخي له..، أما المدرسة الحديثة، فمع أنها رفضت الأقاصيص التي نسجت حول تبشير توما في جنوب الهند، إلا أنها لم ترفض إمكانية بشارته هناك، خاصة وأن كنيسة (مالابار)، ترتبط باسمه منذ زمن سحيق، أما الصلة بين ربوع الهند وبين الرومان، فقد كانت قائمة منذ العصور القديمة، وكانت السفن تبحر إلى هناك لتعود محملة بالافاوية، وحاصلات الهند. كما اكتشفت في الحفريات ما يشير إلى وجود النساطرة والسريان بين الهنود(43)

"ومهما كانت قيمة هذه التقاليد التاريخية، فأنها تشير على الأقل إلى أن جذور الآشورية المسيحية تمتد إلى سحيق القدم، ومع أن قصة الأبجر تفتقد إلى سند تاريخي، إلا أنه من المؤكد الثابت تاريخياً أن الأبجر الثامن (176 -213م) كان مسيحياً، وذلك بشهادة سكستوس أفريكانوس الذي زار بلاط قصره" (44).

أما فتح الرومان لأديسا عام 216م فقد أنهى حكم الأبجر التاسع، وفتح المجال للاتصال بين المسيحية الأورشليمية والمسيحية الآشورية.

"بدأت الكنيسة بعد أن رسخت عقيدتها، وتأسست لها خلافتها الرسولية وبطريركيتها في ربوع فارس تتطلع إلى الامتداد والاتساع.. إن تطلعات الفرس لفتح جهات جديدة لهم للتوسع وجلها للشرق، قد أفسح المجال أمامهم لحقول جديدة للكرازة، ومجالات جديدة للتبشير. أما الشبكة التجارية القائمة بين بلاد العرب وآسيا والهند والصين، فقد كان لها إسهاماً أيضاً. هنا أصبح المجال مفتوحاً أمامهم للالتقاء بشعوب وأجناس وأمم للمناداة لهم بحق الإنجيل.. إن مجهودات النساطرة في وسط آسيا والصين فتضيق الصفحات عن استيعابها، وإذا كان قد قدر للقائد المتعصب تيمورلنك (1396 -1405م) أن يذبح الألوف المؤلفة من المسيحيين، فأننا نقول إنه لم يستطع أن يمحي المسيحية تماماً من هناك.. على أن أبقى الآثار لمجهودات النساطرة، كان في تبشيرهم بالإنجيل في منطقة الهند الجنوبية، حيث ما زالت كنيسة القديس توما، ذات تأثير وكيان(45)

ملخص الرد على شهادة الكتب التاريخية التي تثبت ضرورة مجيء المسيح إلى فنجاب:

1 - أن اليهود قد تم سبيهم إلى بلاد ما بين النهرين، ومن هناك هاجروا إلى المناطق المحيطة، أي أن وجودهم لم يقتصر على فنجاب أو كشمير فقط فإذ كان لا بد أن يذهب المسيح إلى هناك، فكان يجب بالأولى أن يبدأ بالعراق.

2 - عندما يقول المسيح أنه قد جاء إلى خراف بني إسرائيل الضالة فهذا لا يعني اليهود المسبيين. لأن الضلال هنا يعني البعد عن طريق الإيمان الصحيح، وليس البعد المكاني عن أورشليم. إن عبارة خراف بني إسرائيل الضالة هي تشبيه شائع في العهد القديم(أر50: 6، حز34: 1-16بالمقارنة مع إش 53: 6، وأيضاً 1مل22: 17، 2أخ 18: 16) وقد جاءت هذه العبارة على لسان المسيح (مت 10: 5-7، مت15: 24).

ومن الواضح أنها تشير إلى إسرائيل ككل وليس إلى مجموعة معينة(46)، وهي تعني اليهود الذين ضلوا عن مسالك الحق والعبادة الروحية، فكانوا كغنم بلا راعي (مت9: 36)، وعرضة للهلاك الأبدي (47) وقد استعملها الرسول بطرس "لأنكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم" 1بط2: 25. وهنا يخاطب الرسول بطرس المسيحيين في الدولة الرومانية، وربما كان معظمهم من أصل غير يهودي وبالتالي فالتعبير "خراف ضالة لا راع له" لا يعني يهود الشتات.

3 - إذا كان وجود اليهود هناك يحتم ذهاب المسيح شخصياً إليهم -حتى لا تظل رسالته عقيمة وقاصرة- فهذا بالضروري يحتم على المسيح الذهاب إلى الأماكن الأخرى التي تشتت فيها اليهود مثل سواحل البحر الأسود، والإسكندرية والمغرب والحبشة وغيرها.

4 - إن دعوى ذهاب المسيح إلى الهند، لا تقوم على أي سند تاريخي. والادعاء بأنه قد ذهب هناك للتبشير، ادعاء غير صحيح، حيث أنه من المؤكد تاريخياً أن المسيحية، قد عرفت طريقها إلى هناك في أواخر القرن الثاني الميلادى، وليس قبل ذلك -كما أوضحنا- في السرد التاريخي.

5 - إن الكاتب قد ذكر "نصيبين" وذلك لما كان لها من أهمية، فقد تأسست فيها مدرسة لاهوتية حوالي سنة 320م وكانت الدراسة فيها باللغة السريانية، ولكنها لم تعمر طويلاً، واضطرت إلى الانتقال إلى الرها سنة363م حينما سُلمت نصيبين للفرس تنفيذاً لشروط الهدنة بعد الحرب التي بدأها يوليانوس. وعندما هاجر النساطرة عبر الحدود الفارسية واقنعوا "فيروز" إمبراطور الفرس بأنهم هجروا الإمبراطورية البيزنطية لسوء المعاملة التي لاقوها. قوبل النساطرة بالترحاب في بلاد فارس وأعاد النساطرة فتح مدرسة نصيبين، فأصبحت مركز الحركة النسطورية . وانتشرت البعثات النسطورية في كل وسط آسيا وجنوبها من ناحية البلاد العربية، والراحج أن المسيحيين الذين كانوا في الجزيرة العربية عند ظهور الإسلام كانوا من النساطرة(48).

وبهذا ينتهي ردنا على كتاب المسيح الناصري في الهند.

الهوامش

1 - المسيح الناصري في الهند. ص105.

2 - المرجع السابق. ص106-108.

3 - المرجع السابق. ص121.

لقد أعلن المؤلف عن هدفه من الصفحات الأولى فذكر : "أن المسيح بعد أن خرج من بطن الأرض رحل إلى شعوبه الضالة الحالة بأودية كشمير وتبت من البلاد الشرقية، أي الطوائف العشر من بني إسرائيل اللاتي اتخذها (شالم نصر) ملك أشور أسارى قبل المسيح ب721 عاماً، وفي نهاية المطاف أنهم هاجروا إلى نواحي الهند وأقاموا ببعض بلدانها، وكان لا بد للمسيح من أن يقوم بهذه الرحلة الطويلة، لأن الله عز وجل كان قد حدد غاية نبوته قائلاً: لا بد أن يلقي الشعوب الضالة من بني إسرائيل التي كانت قد أقامت بمختلف نواحي الهند، وهؤلاء هم الذين كانوا الخراف الضالة من بني إسرائيل الذين كانوا قد ابتعدوا عن دين أجدادهم أيضاً، ومعظمهم كانوا قد اعتنقوا البوذية وتحولوا عنها شيئاً فشيئاً إلى الوثنية.. إن المسيح جاء إلى الهند وقطع عدة مراحل حتى وصل في نهاية المطاف إلى كشمير وعثر على الخراف الضالة من بني إسرائيل في الأمة البوذية، وأن هذه الطوائف آمنت به". المسيح الناصري في الهند. ص18-19.

4 - تاريخ الفكر المسيحي.د. الخضري. ص41-42.

5 - العرب واليهود في التاريخ. د. أحمد سوسة. العربي للطباعة والنشر والتوزيع. دمشق ط 7. ص207-211.

6 - المرجع السابق. ص217-218.

7 - بول أميل بوتا (1802-1870) رحالة مشهور وعالم آثار، كان طبيب محمد علي، وفي عام 1833 عُين قنصلاً لفرنسا بالإسكندرية. ثم بالموصل بالعراق عام 1840، وقام بالتنقيب في تل النبي يونس (تل كويونجيك)، ثم في تل حورس أباد واكتشف قلعة ومعبد سرجون الثاني ملك أشور، ثم نُقل بوتا إلى طرابلس الغرب سنة 1848م. ولمزيد من الدراسة حول الاكتشافات الأثرية التي تتعلق بالدولتين الآشورية والبابلية انظر (الأمم السامية. مصادر تاريخها وحضارتها. حامد عبد القادر. مراجعة وتعليق د. عوني عبد الرءوف. دار نهضة مصر. القاهرة 1981م. ص 5-23).

8 - زنجرلي هي عاصمة مملكة سمأل وهي الآن قرية في سوريا. قريبة من عنتاب شمالى حلب.(تاريخ الأدب السرياني. د. مراد كامل وآخرون دار الثقافة للطباعة والنشر. 1979م . القاهرة ص 15).

9 - العرب واليهود في التاريخ. ص 639-645.

10 - العرب واليهود في التاريخ. ص639-947، 663-665.

11- تاريخ الفكر المسيحي. د. حنا جرجس الخضري. مجلد 1ص 48.

12- اليهود. د.جمال حمدان. مكتبة الأسرة. سنة 1998م. ص69.

13 - جورج سميث (1840-1876م) عالم آشوريات إنجليزي، قام بالتنقيب في نينوى، واكتشف لوحات كتب عليها قصة الطوفان، وتاريخ الأسر البابلية وأيضاً بقايا مكتبة أشور بانيبال. وتوفي في حلب وهو في طريقه إلى نينوى. الأمم السامية. ص 17.

14 - دائرة المعارف الكتابية. مجلد 2. ص 46.

15 - المرجع السابق. ص 47.

16 - دائرة المعارف الكتابية. مجلد 1. ص 252-253.

17 - الماضى الحي. د. ايفارليستر ترجمة شاكر إبراهيم سعيد. الهيئة المصرية العامة للكتاب. سنة 1981م. القاهرة. ص 144.

18 - تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين. د. فيليب حتى. ترجمة د. جورج حداد، عبد الكريم رامق، دار الثقافة. بيروت. 1982م. ص213-214.

19 - اليهود. د.جمال حمدان ص70.

20 - كنائس المشرق. د. عزت ذكي. دار الثقافة. سنة 1991م. ص102.

21 - المرجع السابق. ص104-105.

22 - المرجع السابق. ص119.

23 - أربل: بلدة على بعد 6كم تقريباً جنوب شرق مدينة الموصل وإرْبل باللغة الدارجة أربيل، وهي "أربه إبلو" المذكورة في النقوش البابلية الأشورية المكتوبة بالخط المسماري، وقديماً كانت تسمى "أربليتس" أو "أديابين " (حَدَيْب عند أهل الشام) وبدأت من مدينة إربل بنوع خاص تنصير أقليم أديابين والأقاليم المجاورة، فقد أسس بها أسقف كرسيه منذ عصر متقدم جداً، ولم تشمل هذه الأسقفية أول الأمر إلا الأقليم المحصور بين الزابين (اسم نهرين)، ومن ثم أطلق عليها أهل الشام اسم أسقفية حَدَيب أو أسقفية أربل أو حَزَّة (قرية بقرب أربل) باعتبار أن هاتين المدينتين هما مقر الأسقفية. وفي بداية القرن الخامس للميلاد صارت إربل بطريركية تخضع لها أشور برمتها.

وهناك مصنف يتعرض لأهمية أربل في تاريخ بلاد الشام الديني قبل الإسلام صنفه كنسي من أسقفية إربل ونشره منجانا A. Mingana في (Sources Syriaques جـ1 سنة 1908م) ويتناول هذا المصنف تاريخ أساقفة وشهداء هذه الأسقفية في العهد ما بين عامي 100 و 540م. دائرة المعارف الإسلامية طبعة دار الشعب. مجلد 2ص 516-524.

24 - العرب واليهود في التاريخ. ص658 -519.، وانظر أيضاً "تاريخ الأدب السرياني" ص62 -63.

25 - لما استولى البابليون على مملكة دمشق في القرن الثامن قبل الميلاد، نقلوا إلى بلادهم عدد كبير من مهرة الآراميين للاستعانة بهم، وقد استقر الآراميون في مملكة بابل ونشروا لغتهم حتى غلبت على اللغة البابلية والآشورية. وفي نهاية القرن السادس قبل الميلاد تم للفرس الاستيلاء على الشرق.. وكانت اللغة الآرامية شائعة في الشرق كله، وقد تبع انتشار الآرامية واتصال أصحابها بغيرهم من الأقوام أن تولدت لهجات عدة يمكن أن نميز بينها تبعاً لاختلاف الزمان والمكان والدين والحضارة وقد اختلفت الآراء في تقسيم اللهجات الآرامية. "تاريخ الأدب السرياني". ص12-23، ولمزيد من الدراسة حول اللغة الآرامية ارجع إلى "فقه اللغة". د. على عبد الواحد وافي. دار نهضة مصر القاهرة. ص56-71.

26- العمادية قلعة شهيرة في شمال العراق تبعد نحو 168 كيلو متراً عن الموصل، كانت تُسمى في العصر الآشوري آمات (Amat). ويروي ياقوت أنها كانت حصناً للأكراد يُدعى أشب، وبعد خرابه عمره عماد الدين زنكي وسماه باسمه.

27- خفتيان حبتون أو هفتون، من جبال كردستان. جاء في معجم البلدان لياقوت: حبتون جبل بنواحي الموصل، وهفتون بلدة صغيرة من نواحي أربيل تنزلها القوافل لمن يريد أذربيجان، وخفتيان قلعتان عظيمتان من أعمال أربيل، أحدهما على طريق مراغة يقال لها خفتيان الزرزاري، والآخرى خفتيان سرحان ابن بدر.

28 - ترجوم اسم يطلق على عدد من الترجمات التفسيرية القديمة لأجزاء من العهد القديم إلى اللغة الآرامية، وكلمة ترجوم، كلمة آرامية تعني ترجمة. "دائرة المعارف الكتابية مجلد 2. ص246".

وربما يقصد (اللهجة الآرامية اليهودية البابلية) وكان يستعملها يهود العراق الذين يسكنون في بابل وما حولها، وقد بقي لنا منها التلمود البابلي وشرح الكتاب المقدس الذي ألف في مدارس اليهود في بابل فيما بين القرنين الرابع والسادس الميلادي، ويعرف بالجمارا (تاريخ الأدب السرياني. ص 21).

29 - الحشاشين: طائفة إسماعيلية، وهم أعظم جمعية سرية ثورية عرفها الإسلام، لبثت زهاء قرن ونصف رعب الدول الإسلامية من فارس إلى الشام، واستطاعت أن تحشد جموع البسطاء والدهماء باسم الدين لتحقيق أغراض السياسة، واعتمدت في مخاصمة خصومها على الاغتيال الخفي، والذي نظمها ووضع برنامجها الحسن بن علي، المعروف بالصباح، وهو فارسي من خراسان، التحق بخدمة السلطان ملك شاه، ثم اغتال وزيره وهرب إلى مصر ونزل في ضيافة الخليفة المستنصر الفاطمي، واتصل بأساتذة دار الحكمة -التي أنشأها الحاكم بأمر الله لبث الدعوة الشيعية- وتفقه في تعاليمهم، ثم عاد إلى الشام واستقر حيناً بحلب ينظم طائفته الجديدة، وطاف بالجزيرة وبغداد وجنوب فارس يبث تعاليمه ويدعو بإمامة إسماعيل وبنيه من آل البيت. ثم عاد إلى خرسان واستولى على قلعة ألَموت وحصنها واتخذها قاعدة للإغارة على ما يجاورها من الأنحاء، وتسمى بالرئيس أو "شيخ الجبل، ثم استولى على كثير من القلاع، وعاثوا في البلاد قتلاً وسلباً ونهباً.

وتوفى الحسن سنة 1124م بعد أن حكم الإسماعيلية خمساً وثلاثين سنة. وترجع تسميتهم بـ "الحشاشين" فيما يرجح إلى أن الدعاة الباطنيين كانوا يأكلون أوراق شجرة الحشيش المخدرة.

وقد قضى عليهم هولاكو سنة 1252م في بغداد وخراسان، وسحقهم في الشام فارس الظاهر ملك مصر، وبذلك زالت دولتهم."

"تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة. محمد عبد الله عنان. مؤسسة مختار للنشر والتوزيع. القاهرة سنة 1991. ص44 -54.

وانظر أيضاً الجمعيات السرية بين الأمس واليوم. أركون دارول. ترجمة آسيا الطريحي. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت ط 1 سنة 1994م. ص 11-36.

30 - رحلة بنيامين التطيلي. ترجمة عزرا حداد. ص153-154.

31 - لمزيد من الدراسة حول اليزيدية ارجع إلى كتاب "اليزيدية بقايا دين قديم" جورج حبيب. دار بتر للطباعة والنشر. ط3. دمشق.

32 - العرب واليهود في التاريخ د. أحمد سوسة. ص649-655.

33 - السريانية: هي اللهجة الآرامية التي كان موطنها ما بين النهرين في الإقليم الذي كانت عاصمة مدينة الرُّها أو أرفة كما كان العرب يسمونها، وهي التي يعرفها الفرنجة باسم Idssa (إدسا)، وكانت تحكمها في العصر السابق لظهور المسيحية أسرة عربية، فلما ظهرت المسيحية وانتشرت في هذا الإقليم، واتخذت لغته لغة أدبية لها كره أصحابها أن يطلق عليهم اسم الآراميين، وأن يطلق على لغتهم اسم اللغة الآرامية، ورأوا في هذه التسمية مرادفاً للوثنية والإلحاد، فعدلوا عنه إلى الاسم الذي أطلقه عليهم اليونان وهو "السريان" وسموا لغتهم بالسريانية، تاريخ الأدب السرياني. ص22-23. وانظر أيضاً مجلة مجمع اللغة السريانية. مجلد 1 سنة 1975م، ومجلد 2 سنة 1976 م. بغداد).

34 - العرب واليهود في التاريخ. ص655-660.

35 - العرب واليهود في التاريخ. ص661-662، واننظر أيضاً "تاريخ الأدب السرياني" ص49.

36 - دائرة المعارف الكتابية. مجلد 1. ص253.

37 - اليهود. جمال حمدان. ص7.

38 - المرجع السابق. ص73.

39 - زرادشت: قيل أن زاردشت أوزوآستر، قد مارس نشاطه في شمال شرق إيران. ويؤرخ له من الناحية التقليدية بـ 628ق.م والواقع أنه ربما عاش في فترة مبكرة عن ذلك التاريخ، ونحن لا نعرف عن تفاصيل حياته إلا أقل القليل، تزوج وأنجب بنتاً وولدين. وتقول وثائق التراث إنه قتل في سن السبعين. وصلتنا تعاليم زرادشت في سبع عشر ترنيمة من ترانيمه المسماة جاثا (Gathas). الكتاب المقدس عند الزرادشتين هو الابستاق (Avesta) وليس من المرجح أن يكون قد تم تدوينه قبل القرن الخامس الميلادي، لكن جزء من مادة هذا الكتاب يرجع إلى ما قبل هذا التاريخ بفترة طويلة. (المعتقدات الدينية لدى الشعوب المشرف على التحرير جفرى بارندر ترجمة د. إمام عبد الفتاح بدوي. عالم المعرفة. الكويت. مايو 1993م. ص116-119). تتضمن بعض النصوص المسيحية في القرن الخامس وجود أسطورة (مترا)، تتنبأ بظهور نجم يقود المجوس إلى المكان الذي يولد فيه المخلص. (المرجع السابق ص126).

لدراسة أناشيد بوذا ارجع إلى: ترانيم زرادشت، اختيار د. فيليب عطية. الألف كتاب الثانية، الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة.

40- لا يمكن اعتبار قصة أبجر وثيقة تاريخية لدخول المسيحية في الرها، فالقصة وإن اشتملت على بعض الحقائق التاريخية، فإن هذه الحقائق قد وقعت في زمن متأخر عن العصر الذي يراد نسبة القصة إليه. (تاريخ الأدب السرياني. ص66).

41- كنائس المشرق. ص120-124.

42- أعمال توما: توجد هذه الأعمال كاملة، والأرجح أنها كتبت أصلاً بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع أجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية، والنسخة اليونانية تنقسم إلى ثلاثة عشر قسماً وتنتهي باستشهاد توما، وهي في شكل أدب الرحلات، وكان الهدف الرئيسي منه إظهار أن الامتناع عن العلاقات الجنسية شرط حتمي للخلاص. وواضح أن هذه الأعمال نبتت في الدوائر الغنوسية واحتضنتها دوائر الهراطقة ولسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال توما وهي رواية خيالية هادفة وليست مصدراً تاريخياً لأي معلومات عن توما، وإن كان المؤلف قد استخدم أسماء أشخاص تاريخيين.. ومن المشكوك فيه كثيراً ما تحتفظ به هذه الأعمال من أن توما قد عمل في الهند، فأقدم التقاليد التي نعرفها تقول إن دائرة عمله كانت بارثيان. والتقاليد السريانية تقرر أنه مات في أديسا حيث كرست كنيسة على اسمه في القرن الرابع. كما أن أسطورة أبجر تربط بين توما وأديسا حيث تقول إن تاديوس الذي أسس كنيسة أديسا كان مرسلاً من قبل توما. وفي أعمال توما نجد مجموعة من التقاليد عن الهند وأديسا، وأنه بعد موت الرسول بمدة حملت عظامه إلى مناطق الغرب" دائرة المعارف الكتابية. مجلد1 ص51-51.، وانظر أيضاً:

New Testament Apocrypha,English Translation, edited by R. M. vol., 2.PP322-411(The Acts of Thomas) Wilson.

43 - كنائس المشرق. ص144.

44 - إن انتشار المسيحية في الرها في النصف الأخير من القرن الثاني أمر مرجح، إلا أن الأدلة المادية على وجودها متأخرة نوعاً ما. فقد وُجد على نقود أبجر المعاصر للإمبراطور كوفودوس (180-192م) وهو أبجر سويروس، صليب عوضاً عن الشارة القديمة وهي الهلال والنجمة. وأول إشارة إلى وجود كنيسة في الرها كانت سنة 201م وأول مرة ذكر فيها اسم أسقف لمدينة الرها كان في سنة 313م. "تاريخ الأدب السرياني. ص35-36".

45 - كنائس المشرق. ص124،129، 130.

46 - التفسير الحديث (متى). ر.ت. فرانس. تعريب أديبة شكري. ص193.

47 - الكنز الجليل جـ1 د. وليم إدي. ص151.

48 - تاريخ الأدب السرياني. ص127-128. والفكر العربي ومركزه في التاريخ. ص 28-34.

الصفحة الرئيسية