من هو خليفة الله على الأرض

هل هو آدم ؟ أم شخص آخر ؟

جاء فى سورة ( البقرة 30 ):

" وإذ قاَلً ربك للملائكة أنى جَاعِلّ فى الأرضِ خَليفَةَ قَالُوَا أتَجعَلُ فِيهَا من يُفسِدُ فِيهَا

وَيُسفِكُ الدِماءَ، وَنحَنُ نُسَبِحُ بِحَمدِكَ ونَقُدِسُ لَكَ قال أنى أعلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ "

  وفى الآية 34 من نفس السورة يوضح الله من هو " الخليفة " فيقول:

" وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاَ إبلِيس أبَى وأستَكبَرَ وكَاَنَ مِنَ الكَافِرِينَ "

     من هذين الآيتين المتكاملتين فى سورة واحدة (30 و34 )، والتي توضح كل منهما الآخر ولقد لفت نظري في تلك الآيتين المترابطتين بعد اعتناقي المسيحية وليس قبل ذلك، لأني كنت أقرأ القرآن دون التعمق فى كلماته أو معانيه الخفية، هكذا تعلمنا أن نحفظ فقط الآيات عن ظهر قلب دون التفكير فى تفسيرها تفسيراً مقنعاً.

        قرأت القرآن بعد ذلك بأكثر عمقاً وبرؤية مختلفة عما كنت أقرأها فى الماضي. مع مقارنة ما جاء بالقرآن،  بالتوراة والإنجيل، وكنت أعلم أن ورقة بن نوفل الأسقف المسيحي وبحيرة الراهب كان لهما تأثيراً كبيراً على محمد والآيات القرآنية التي تحويه، وكانا لهما الفضل فى وضع الكثير من المعتقدات المسيحية فى بعض السور القرآنية وفى ثناياها من منطلق عقائدي مسيحي وردت ذكرها فى التوراة والإنجيل، ومن ضمن تلك المعتقدات التوراتية الإنجيلية تلك الآيتين محل التفسير، وفيه يتكلم سبحانه عن السيد المسيح الذي سيأتى فيما بعد وفى الزمن المحدد من عذراء لم يمسها بشراًً، بتجّسد روحه وكلمته في جسم بشرى ( آدمي ) وهو الذي يقول عنه في القرآن بأنه: " خليفة الله " على الأرض.

   وفى تلك الآيتين من سورة البقرة عدة ملاحظات تخص بالتحديد " خليفة الله " أو بمعنى أخر هو  " أبن الله" لأن معنى كلمة خليفة تأتى بمعنى الأبن وهى:

1- ان الله قال للملائكة: " أنى جاعل في الأرض خليفة ". وخليفة الله من نفس جوهره.

 2- تجاوب الملائكة الله على حسب فهمهم واعتقادهم القاصر، وعلمهم أن آدم وذريته فاسدين وسافكي دماء بقولهم: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ". 

3- قال الله لهم - لعدم فهمهم - من هو المقصود بخليفة الله قائلاً لهم: " أنى أعلم ما لا تعلمون ".

 4- كيف علمت الملائكة بأن " خليفة الله " سيفسد فى الأرض ويسفك الدماء إذا لم يكن آدم قد خُلق بعد، وهل تعلم الملائكة الغيب ؟ حيث أن الغيب لا يعلمه إلا الله. أم أن آدم وذريته كانوا منتشرين في الأرض ورأت الملائكة تصرفاتهم من سفك دماء بعضهم البعض والإفساد في الأرض ؟. وبناء على ذلك اعتقدوا أن هذا " الخليفة " أيضاً الآتي مستقبلاً هو بشراً يتصرف كما يتصرف آدم وذريته.

 5- وإذا كان آدم وذريته موجودين عندما قال الله للملائكة " أنى جاعل فى الأرض خليفة "، فما عسى أن يكون هذا الخليفة الآتي فى المستقبل الذي ينبغي له السجود ؟ ..هل هو يشبه آدم ؟ .. أم أنه آدم آخر يشبهه شكلاً ولكنه يختلف عنه موضوعاً ؟ ..  وهل هو من جوهر وطبيعة مختلفة ؟.

 6- الله يطلب من الملائكة السجود " لخليفة الله فسجدت الملائكة ؟! ، ويبدو أن الملائكة فهمت من هو سيكون الخليفة المتميز عن آدم بعد قول الله لهم " أنى أعلم ما لا تعلمون " لأن سجود الملائكة لآدم جاءت فى الآية 34، والاعتراض منهم جاء قبلها فى الآية 30 من نفس السـورة، أمــا إبليس فقد فهم أيضاً كما فهمت الملائكة ولكنه لم يسجد له فأصبح من الكافرين ؟!.

 7-يترتب على البند السابق (6) أن يكون " خليفة الله " هو " روح الله متجسداً " وسيأتي فى "هيئة آدم " وليس هناك تفسيراً غير ذلك.       

وهنا لنا عدة ملاحظات:

 1- الله أمر الملائكة بالسجود لخليفته الذي سيجيء فى صورة الإنسان ( آدم ).

2- سجدت الملائكة لخليفة الله ولم يسجد إبليس واستكبر لذلك كان من الكافرين.

 وأنني أتسائل: من هو الكافر فى هذه الحالة ؟ هل الملائكة التي سجدت لآدم المخلوق وهى تعلم ان السجود لغير الله كفراً وشركاً. ؟

 أم إبليس الذى رفض السجود لآدم للمخلوق من طين؟ .

 3- كيف الله يأمر المخلوق بالسجود للمخلوق ويشجع المخلوق بالشرك به!؟.

 أذن من هو خليفة الله، هل هو آدم ابو البشر ؟.

أم هو كائن آخر في هيئة وصورة البشر ؟.

 ان خليفة الشيء او الكائن يكون من نفس جنسه ونوعه وصفاته وجوهره.. الخ..

"ولن تجدوا لسُنة الله تبديلا ".

 أذن معنى كلمة "خليفة " هي تشمل نفس الجنس والنوع من الأصل الذي جاء منه.

وهنا يأتى السؤال السابق، من هو خليفة الله على الأرض ؟.

التحليل :

1- أن القرآن يذكر صراحة ان الذي سيجعله فى الأرض مستقبلاً هو " خليفة الله " أى من نفس جنسه وجوهره، كما للأبن يحمل صفات ابيه كذلك الخليفة يحمل صفات من يخلفه.

 2- لو كانت الآية تقصد أن " خليفة الله " هو " آدم المخلوق " الذى سيعمر الأرض من ذريته، لما قال الله للملائكة بالسجود لآدم فقط دون ذريته الذين فى صُلبه، بل يقول مثلاً " أسجدوا لبنى آدم أجمعين"، مثل قول الله لآدم وحواء عندما طردهم وأخرجهم من الجنة لعصيانهم أمر الله قال لهم:

".... اهبطوا بعضكم لبعض....  قلنا اهبطوا منها جميعاً.."

   وعبارة " اهبطوا بعضكم لبعض "،  "  اهبطوا منها جميعاً .." للأرض ولكم فيها مستقر الى حين   "بصيغة الجمع" وليس بصيغة المفرد او المثنى " اهبطا " أو " اهبط " لأن المقصود بالهبوط هو "آدم وذريته جميعاً الذين فى صلبه "، ويترتب على ذلك المفهوم أيضاً يجب  أن يقول إذا كان المقصود هو آدم وذريته:

" أنى جاعل فى الأرض خلفاء "

   لأن آدم له عمر زمني ومحدد بأجل معلوم، ثم يموت كما يموت سائر البشر، وذرية آدم التي فى صلبه تقوم بعمله كخليفة له فى الأرض ليكمل تعميرها، وعندما مات آدم هل أصبحت الأرض بدون خليفة لله ؟!.، ولماذا لا يعتبر ذرية آدم خلفاء الله على الأرض؟. على اعتبار أن نسل آدم هو الذى سيعمر الأرض ويتحكم فى مقدراتها وثرواتها بعد موت آدم، ونسل آدم من نفس جنسه ونوعه، وما ينطبق على آدم ينطبق على جميع ذريته، ولا سيما أن آدم لا يختلف عن ذريته من حيث طبيعته وأوصافه وجنسه ونوعه وجوهره.. الخ ؟.

      وإذا قال قائل: المقصود للسجود لآدم لعلو مكانته، نقول له هذا ليس صحيحاً على الإطلاق لأن " آدم أخطأ فى حق الله وعصاه " وليس آدم باراً أو خالي من الخطيئة، وليست هناك أى مكانة للعاصى لربه، مثله مثل بنى جنسه أجمعين الذين في صلبه، ولذا أستحق آدم العقاب وطرده من الجنة شر طرد.

      لذا لا يمكن لسبحانه أن يشكك مخلوقاته من الملائكة بالسجود لغيرة تحت أي سبب أو مبرر، حتى لا تسئ الملائكة فهم معنى السجود الذى هو فى الأصل سجود عبادة .

 3- عندما قالت الملائكة لله " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " ( بصيغة الجمع ) بعد قول سبحانه " أنى جاعل فى الأرض خليفة " ( بصيغة المفرد ) ، من هذين القولين السابقين فهما متناقضان ، لأن الله يتكلم عن خليفته لفرد واحداً فقط لا غير يتم السجود له .

     أما قول الملائكة تفيد الكثرة من بنى آدم أو الخلفاء وليس لآدم كفرد وإنما كجماعة هو ومن فى صلبه وذريته القادمة، لأن سفك الدماء والإفساد فى الأرض تعنى إنه لا بد من وجود كثيرين من البشر بحيث يسفك كل منهما دم الآخر، ويعيث بعض منهم ضد البعض الآخر في الفساد والفسق والرذيلة، ولا يمكن لهذا الخليفة الواحد أن يسفك دم نفسه ويقتلها ويظل حياً ؟. ، أو يعيث في نفسه ومع نفسه الواحدة الوحيدة فسادة وفسقاً وفجوراً.!؟… لذا يبدوا من القولين التناقض، ولكي نزيل هذا التناقض بين كلام الله وكلام الملائكة، لا بد وأن يكون الخليفة كائن آخر يختلف عن جنس آدم من البشر، وفى هذه الحالة يتضح المعنى ويستقيم التعبير ولا يكون هناك تناقض، ويرجع ذلك لسبب بسيط وهو أن ما يقصده الله سبحانه عن الخليفة شئ، وما تقصده الملائكة شيء آخر يختلف. وهذا مما دفع سبحانه أن يصحح هذا المفهوم الخاطئ للملائكة بقوله " أنى أعلم ما لا تعلمون " وأعقبها الأمر بالسجود لهذا الخليفة، الذي لا يعلمونه ويجهلونه " أسجدوا لآدم "، وبعد ذلك الحوار القصير بين الله وملائكته فهمت الملائكة بعض الفهم عن شخصية هذا الخليفة، فسجدت له دون تردد.

      والدليل على صحة وصدق هذا التحليل، بالإضافة لما سبق توضيحه، سنأتي بالبرهان والدليل من ذات القرآن، على أن " خليفة الله " على الأرض " بصيغة المفرد "، ليس هم " خلفاء البشر " على الأرض "بصيغة الجمع". وعلى سبيل المثال وليس الحصر سنأتي بآيتين فقط من عشرات الآيات التى تؤيد هذا القول فقد جاء فى سورة الأعراف:

( … واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فى الخلق بسطه ). ( سورة الأعراف 69).

وأيضا: ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد … وبوأكم فى الأرض...). ( سورة الأعراف 74).

بالمقارنة بين تلك الآيتين، مع الآيتين التى جاءت فى سورة البقرة 30 ،34  سنجد مفارقة واضحة فى شأن " خليفة الله " على الأرض ، و " خلفاء البشر " على الأرض :

   ففي قوله: أنى جاعل فى الأرض خليفة " بصيغة المفرد "، وهذا الخليفة أمر الله ملائكته للسجود له. اذن هذا هو خليفة الله المسجود له من الملائكة .( كما جاء فى الآيتين 30، 34 من سورة البقرة ).

  وفى سورة الأعراف ( كما جاء فى الآيتين 69، 74). ذكر سبحانه أيضاً كلمة خلفاء " بصيغة الجمع " خلفاء الأرض " وزادها إيضاحاً بقوله " جعلكم خلفاء من بعد نوح"، و " جعلكم خلفاء من بعد عاد ".

    أي أن خلفاء نوح وعاد البشريين هم " خلفاء الأرض " لتأكيد التفرقة بين خليفة الله الذي يسجد له بصيغة المفرد وهو صورة الله على الأرض بتجسد روحه فى صورة آدم، وبين خلفاء البشر بصيغة الجمع، وهم خلفاء البشر من البشر المخلوقون على الأرض، والذى لا يمكن السجود لهم لأنهم مخلوقات الله. ولا يتم السجود من مخلوق لمخلوق بأى حال.

 وجاء فى تفسير ابن كثير لتلك الآيتين من سورة الأعراف بقوله:

    " ويجعلكم خلفاء الأرض": " أى أمة بعد أمة، وجيلاً بعد جيل، وقوماً بعد قوم ... وقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين المرادفة آدم المخلوق من السلالة وذريته مخلوقون من نطفة وصح هذا لأن المراد من خلقنا الإنسان الجنس - أى خلفاءه من نفس جنسه - لا معيناً، والله اعلم. ( تفسير ابن كثير ).

4- كان فى مقدور الله وهو القادر أن يختار لفظاً آخر غير كلمة" خليفة " مثل كلمة " خليقة " لكي يكون أكثر تحديداً ودقة فى أن يكون الخليقة هذا إنسان مخلوق كأنه يقول: 

" أنى جاعل فى الأرض خليقة " بدلاً من " أنى جاعل فى الأرض خليفة "

أو " أنى جاعل فى الأرض خليقة عاقلة "

 وفى هذه الحالة يكون اللفظ أكثر تحديداً وأكثر صراحة وأكثر بلاغة. 

  والفرق بين النصين عظيمة جداً وخطيرة للغاية بالرغم بأن الاختلاف لا يتجاوز حرف واحد فقط وهى حرف " ق " بدلاً من حرف " ف ". والله لا ينقصه التعبير بين كلمتي " خليفة وخليقة " ولا سيما القرآن " جاء بلسان عربي مبين ".

 5- " خليفة الله " تختلف تماماً عن " خليقة الله "، فالإنسان هو " خليقة الله وليس خليفته "، وكذلك لجميع الكائنات الحية العاقلة وغير العاقلة والجامدة ..الخ، والجميع يشتركون فى صفة واحدة وهى صفة " المخلوقات " التي تعنى الكثرة والتنوع في النوع والجوهر والعدد والجنس..  الخ .. وكل هذا تسمى خليقة الله وليست خليفته.

 6- وإذا قلنا أن الإنسان هو خليفة الله على الأرض، معنى ذلك أن الله غير موجود على الأرض وجعل آدم خليفته ليقوم بوظيفته وبعمله على الأرض وحاشا.!؟ ، أليس الله موجوداً فى كل مكان سواء على الأرض أو في السماء أو في كل أرجاء الكون، وإذا جعل الله خليفة له في الأرض فأين خلفاءه في الكواكب الأخرى التى تعد بمئات الملايين فهل تلك الكواكب خالية من وجود الله ؟!، ولماذا خص الأرض بالتحديد ليجعل فيها خليفة، هل الأرض فقط خالية من وجود الله الذى من المفروض أن يكون فى كل مكان ؟!.

7- وعندما أجابت الملائكة الله بمفهومهم القاصر المحدود الغير مدرك لحكمة الله اعتقدوا بفكرهم أن هذا الخليفة هو خليقة بشرية، وسوف يعيث فى الأرض فساداً ويسفك الدماء. كيف عرفت الملائكة المخلوقة بأن الخليفة سيسفك الدماء ويعيث في الأرض فساداً ؟!، وكيف للملائكة أن تعلم الغيب ؟! وألا اعتبرنا الملائكة آلهة وحاشا..

    وهنا يتبادر إلى الذهن سؤلاً غاية فى الأهمية، والسؤال هو:

    هل عندما قال الله للملائكة " أنى جاعل فى الأرض خليفة " هل كان آدم مخلوقاً فعلاً وموجوداً على الأرض وتناسل وانتشرت ذريته انتشارا عظيماً، وأصبحت شعوباً وقبائل ومجتمعات في كل مكان وتقاتلت تلك الشعوب بعضها مع البعض وسفكت الدماء وعاثت فى الأرض فساداً ؟ أم لم يكن آدم بعد على الأرض ولم يحين خلقه بعد ؟ .. ولاسيما لفظ " أنى جاعل " يفيد الزمن المستقبلى.

     الجواب : من الواضح جداً بما لا يدع مجالاً للشك إنه عندما قال الله للملائكة " أنى جاعل في الأرض خليفة " كانت الأرض فعلاً عامرة بالبشر، بدليل أن الملائكة أجابت على الفور وبدون تردد وقالت " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " !!؟ . ولا يمكن بأى حال من الأحوال عندما قال الله للملائكة هذه العبارة كان زمن قولها قبل خلق آدم، لأنه أن لم يكن آدم مخلوقاً فعلاً وذريته ملأت الأرض فكيف عرفت الملائكة بطبائع البشر من قتل وسفك الدماء والعيث فساداً، وكيف عرفت الملائكة الغيبيات وهى التي في علم الله وحده علام الغيوب ومن قدرته المتفردة، وكيف تكلمت الملائكة بأوصاف آدم وبنيه أن لم ترى بعينيها الحدث ورأت سفك الدماء وانتشار الفساد والفسوق بين ذرية آدم !.  

ولذا قال بعض المفسرين الإسلاميين لتفسير تلك المشكلة التي لا حل لها بتفسير غير منطقى بقولهم:

" أن الملائكة عرفت طبائع البشر من سفك الدماء والعيث فساداً

من الجن الذي خُلق قبل الأنس "

  وهذه الإجابة الضحلة الركيكة الغير منطقية واللامعقولة التي لا معنى لها، ولا تؤدى إلى غرض، وفيه تلبيس الحق بالباطل، والرد على ذلك فى أبسط صورة أن عالم الجن وهم من عالم الأرواح وليست لهم دماء تسفك وتسيل، أما الإنسان من عالم المادة والجسد والدماء.

     وقال أيضاً بعض المفسرين هروباً من الإجابة بعلم الغيب للملائكة بقولهم :

 " أن الله أعلم الملائكة من أن هذا الخليفة سيسفك الدماء ويعيث فى الأرض فساداً !؟.

    ففى هذا التبرير المضحك وقد قرأته فى بعض التفاسير غير منطقي إطلاقاً، لسبب بسيط وبدون الدخول فى المجادلات العقيمة، إذا كان آدم بهذه الأخلاق من الفساد وسفكه للدماء، وهذه الأمور يحرمها الله وضد شريعته وقداسته، والفاسق وسافك الدماء مسواه النار وبئس المصير خالداً فيها أبدا كعقاب سبحانه لمثل هؤلاء، فكيف الله يأمر ملائكته بالسجود لفاسق ولسافك الدماء والمطرود من الجنة ؟. وكيف يتم السجود لفاسق ؟. وكأن الله يشجع الفسق والفجور وسفك الدماء ؟ ويكافئهم بتعظيمهم واحترامهم، ويشجعهم على المزيد من الفسق والفجور!؟  لأن هذا يزيدهم تعظيماً وإجلالاً ، بدلاً من أن يكونوا عبرة وموعظة لمن لا أخلاق لهم .؟؟!!. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان الله يناقض نفسه ويفقد احترامه ومصداقيته من مخلوقاته، ويجعل سبحانه نفسه أضحوكة من مخلوقاته. ومن ناحية ثالثة يشجع الله مخلوقاته على الشرك به فى خاصية من أهم خواصه وهو السجود للخالق الواحد الوحيد، ويجعل الخالق والمخلوق فى سلة واحدة ؟! وحاشا.

     ومما سبق مما لا يدع مجالاً للشك أن ذرية آدم كانت تملأ الأرض حينما قال للملائكة:

" أنى جاعل في الأرض خليفة "

 والسؤال هنا:

    إذا كانت الأرض عامرة بالبشر عندما قال الله هذه العبارة " بصورة المفرد فمن هو ذلك الخليفة الواحد الوحيد من دون البشر ؟.  فما الداعي للخليفة إذا كان الغرض منها تعمير الأرض والأرض عامرة فعلاً ؟!. وإذا كانت الأرض خالية من البشر وآدم لم يُخلق بعد، فكيف عرفت الملائكة بطبائع البشر من قتل وسفك الدماء والعيث فى الأرض فساداً ؟. هل للمخلوقات علم الغيب والقرآن نفسه يقول " لله وحده علام الغيوب " ؟!. هل الله يناقض ذاته ويجعل من نفسه أضحوكة.. ويقول كلاماً لا يعيه، حاشا !؟. أسئلة كثيرة لا مفر من الإجابة.

    والجواب: ان هذا الخليفة ليس هو آدم البشر المخلوق، وإنما هو كائن من نوع آخر حتى لو كان هذا الآخر فى صورة آدم. والمسيح هو روح الله فى صورة آدم، وآدم ليس كذلك كما جاءت بالقرآن.

     والمسيح كائن روحي متجسّد، أي ليس مثل البشر، بل يفوقهم، فهو روح الله. ولكن النص لا يحتاج إلى اجتهاد وتأويل وفتاوٍ غريبة، فهو يقول " روح منه "، أي أنَّ المسيح روح من الله الروح، أي له نفس طبيعة الله الرّوحيّة، فهو بالتّالي الكائن الرّوحي العجيب، الّذي جاء من السّماء، وأخذ جسداً بشريّاً في أحشاء مريم التى اصطفاها دون نساء العالمين، وولد في العالم بصورة إنسان كامل، فهو الرّوح المتجسّد الآتي "منه" أي من الله، أي إنَّه ابن الله المتجسّد (فهو خليفة الله) وذو الجوهر الرّوحي الواحد مع الله، ولا ينطبق هذا الوصف على أى خليقة بصفة مطلقة سوى المسيح خليفة الله..

 وسيأتي خليفة الله فى الزمن المحدد لظهوره بعد خلق البشر بمئات السنين مولوداً من عذراء لم يمسسها بشر، اصطفاها على نساء العالمين، مولوداً غير مخلوق، وروح الله اتخذت جسداً بشرياً واتحدت فى أحشاء مريم العذراء، أي أن عنصر اللاهوت الإلهي ، تم اتحاده مع العنصر البشرى المحدود في قيمته ليرفع من قيمته الى قيمة اللاهوت الذى هو الله، ولذا أستحق له السجود من دون العالمين.

      فلذا المسيح هو الوحيد الذى ينطبق عليه صفة " خليفة الله الوحيد " على الأرض وفى الإنجيل يسمى " أبن الله الوحيد " إشارة إلى تفّرده العجيب.

  لذا المسيح هو خليفة الله الوحيد الحي حتى الآن وحتى الأزل.

     وحيث أن الملائكة لا تعلم الغيب والمستقبل عن طبيعة ذلك الخليفة وصفاته، لذا اعتقدت الملائكة في بادئ الأمر، أن هذا الخليفة الذى سيجيء فى الزمن المحدد، هو مثل البشر وهم الذين رأوا أفعالهم المشينة من سفك دماء بعضهم البعض والعيث فى الأرض فساداً وفسقاً وفجوراً، طبقاً لقولهم:

" أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك "

     لذا قال الله للملائكة الذين لا يعلمون طبيعة ذلك الخليفة بقوله لهم: " أنى اعلم ما لا تعلمون " أى أن هذا الخليفة ليس كما تظنون هو من بشر مخلوق حتى وأن كان فى صورة البشر، فإنه مولود من عذراء ( مولود غير مخلوق ). لأن الملائكة لا علم لها بما يدور فى فكر الله ولا تعلم ما يعلمه الله.

   وهنا جاء الرد سريعاً من سبحانه للملائكة لتوضيح الفرق بين آدم البشر السافك للدماء والذي يعيث فى الأرض فساداً كمخلوق، وآدم الثاني الذى سيجيء فى صورة آدم الأول ولكنه من روح الله المتجسّدة ومن طبيعته وجوهرة كخالق، وأعطى الله صفة وإشارة لذلك الخليفة لكي يعّرف الملائكة من هو، وهى صفة تخص الله ذاته لا غيره وهى السجود والعبادة له فقط دون كل الخليقة.

  " وقول إبليس " اأسجد للذي خلقته من طين " ؟ " وقولهم أيضاً " أأسجد للذي خلقته من طين وخلقتني من نار "؟.

   ولكن عندما قال لهم الله رداً على تسائلهم واستغرابهم الشديد بقوله: " أنى أعلم ما لا تعلمون " وبهذا الرد القصير من سبحانه كان كفيلاً وكافياً لإقناعهم بأن هذا الخليفة هو شيء مختلف عما يعتقدون.

  ويبدوا يقيناً أن الملائكة فهمت بعض الفهم بعد ذلك التصريح الإلهي وقصد الله من السجود لآدم الذي سيجيء في هيئة آدم، فسجدت الملائكة لخليفة الله لأنها علمت أن هذا الخليفة ليس مخلوقاً مثل آدم الأول الذى اعتقدت فيه الفساد وسفك الدماء، أما إبليس أيضاً فقد فهم قصد الله بأن خليفة الله هو "روح الله " متجّسداً، ولكنه تَكَبرَ وأِستكبر على ذلك، فأستحق العقاب فى نار جهنم أبدا وكان من الكافرين لعدم سجوده لله المتجّسد عندما يأتى الزمان لتجسّد روحه فى شخص المسيح.

    وألا ليس هناك أى معنى بأن يكون إبليس من الكافرين لعدم سجوده لآدم المخلوق. فينبغى القول فى هذه الحالة ان إبليس من الموحدين ويستحق الثناء وليس العقاب، ولا يكون من الكافرين بل يعتبر من المؤمنين، لأنه لم يسجد للمخلوق دون الخالق.

    وذلك التصريح جاء على حسب قول الآية 34 من نفس السورة، فيقول الله للملائكة بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض بأن الذي يظنونه بشر مخلوق ليس ببشر حتى لو جاء في صورة البشر ( آدم ). بقوله للملائكة وأبليس بصيغة الأمر الذي ينبغي التنفيذ له فوراً:

" اسجدوا لآدم "

وهنا لنا ملاحظة:

       من هو الكافر فى هذه الحالة، هل الملائكة التى سجدت لآدم المخلوق وهى تعلم ان السجود لغير الله كفراً وشركاً، والشرك بالله أعظم أنواع الخطيئة التى لا تغتفر، أم إبليس الذى رفض السجود للمخلوق. وكان عقابه لعدم السجود جهنم خالداً فيها أبدا.

   وهذا ما أكده أبن كثير عن حوار الله مع إبليس بشأن عدم سجوده لآدم فيقول إبليس:

" …. لم اكن لأسجد لبشر خلقته من طين "

وذلك بناء على ما جاء فى ( سورة الكهف 50):

" … قال أأسجُدُ لمَن خَلقته طِيناً ؟ "

وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال محير جداً وخطيراً للغاية، عن طبيعة هذا الكائن من دون العالمين، وما طبيعته المتميّزة المتفّردة والذي يأمر الله ملائكته للسجود له.

·        هل الله يناقض نفسه ويحرض على الشرك والوثنية حاشا.

    من التحليل السابق لا بد وان يكون خليفة الله المسجود له يكون من جوهره الإلهي ومن طبيعته ( اللاهوت ) متحداً بطبيعة البشر ( الناسوت ) الذي هو السيد المسيح الذي سيأتي في الزمان مولوداً من عذراء لم تعرف رجلاً بتجّسد كلمة الله وروحه بدون زواج بشرى، وله ينبغي السجود وهو " خليفة الله " الذي ذكره القرآن فى سورة البقرة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون غير ذلك، لأن الله سبحانه قبل خلق العالم يعلم ما سيكون من خطأ البشرية، وسيرسل كلمته وروحه ليتجّسد من مريم العذراء فى صورة الإنسان، وهذا الخليفة المسيح " خليفة الله " الذى يتصف بصفات الله، فيخلق طيراً من طين، ويعلم الغيب، ويقيم الموتى، ودياناً للعالمين.. الخ. ويحمل خطايا العالم لخلاصه بفدائه على الصليب، هذا هو خليفة الله الذي له يحق السجود من الملائكة، ومن كل خليقة الله عندما يتخذ جسداً في ملء الزمان ويظهر على الأرض. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون خليفة الله بشراً، وألا جعلنا الله كاذباً ومضلاً وحاشا، ويحرض على الشرك والوثنية وحاشا لسبحانه.

        وحيث أن الإسلاميون لا يعترفون بلاهوت السيد المسيح وطبيعته وجوهره الإلهي المتفّرد من دون الرسل والأنبياء الذين هم من الصفوة، بالرغم من تصريح القرآن بأن المسيح هو كلمة الله وروحه وولد بدون أب بشرى،  لذا فهم متخبطون فـي تفسير تلك الآيـات، فمـرة يقولون أن هذا السجود هو سجود إكرام، فكيف يكون لآدم الإكرام وهو الذي " عصى ربه " فأستحق العقاب وليس الإكرام، ولكن أغلب المفسرين يقولون أن السجود لا يذكر إلا فى العبادة، أما آدم وذريته فكلهم خطاءون حتى الأنبياء والرسل لم يخلو من خطيئة كما جاء في حديث صحيح:

" كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون "

    ومرة يقولون أن الله أمر بالسجود ولا مرد لأمره لأنه الخالق، والمخلوق يقع عليه الطاعة دون اعتراض. فنقول أن الله لا يناقض نفسه فيقول قولاً ويتراجع عنه ثم يعود فيقرره وحاشا. كما إن الله إذا كان متناقضاً مع ذاته لا يصلح أن يكون إلهاً، وإن كانت أقواله لا تسير على حسب ثوابته وقواعده الراسخة التي يضعها لنا، فلا يستحق أيضاً أن يكون إلهاً معبوداً، وكـل أوامره ونواهيه منطقية وعقلانية، وليست عشوائية ودون أى هدف أو معنى، لأن الله هو الله لا نقص فيه ولا تضليل.

     وكل هذه التبريرات التي تخرج عن سجود العبادة وتخرج عن مفهوم خليفة الله فهو تفسير بعيـد عن الحقيقة تماماً، أن الله روح لطيفة يمكنها أن تتخذ جسداً بشرياً كثيفاً لترفع من قيمة الجسد إلى قيمة الروح الإلهية وهو القادر.

        وعندما قرأت الإنجيل وجدت شيئاً عجباً، وجدت آية شبيهة تماماً لتلك الآية القرآنية والتى جاءت فى سورة البقرة، وهى جاءت في الإنجيل في عبرانيين (1: 6 )، يقابله فى القرآن نصاً وروحاً فى سورة البقرة فى الآيتين ( 30، 34 ). والمفسرون المسيحيون فى جميع تفسيراتهم قالوا أن هذا البكر هو " السيد المسيح "، وهو " آدم الثانى".

 وهى آية إنجيلية واحدة تقابلها آيتين قرآنيتين وهى:

 " وأيضاً متى أدخل البكر ( الخليفة ) ألي العالم (1)

، ولتسجد له كل ملائكة الله (2) "

 وهذه الآية الإنجيلية السابقة تشمل نصين لآيتين قرآنيتين:

  النص الأول (1): تقابل الآية 30 من سورة البقرة: 

" وإذ قاَلً ربك للملائكة أنى جَاعِلّ فى الأرضِ خَليفَةَ … "

      وتطابق هذه الآية القرآنية 30 مع الجزء الأول من الآية الإنجيلية تطابق عجيب والمعنى واحد تماماً مع اختلاف الأسلوب، وفى كل منهما الله سيدخل او سيجعل فى المستقبل كائن ألهى (خليفة الله ) فى صورة آدم إلى العالم الأرضي !.

والنص الثاني (2):  تقابل الآية 34 من سورة البقرة يأمر الله الملائكة للسجود لهذا الخليفة:

" وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ …… " 

   وتطابق هذه الآية القرآنية 34 أيضاً، مع الجزء الثاني من الآية الإنجيلية تطابق عجيب والمعنى واحد تماماً مع اختلاف الأسلوب، وفى كل منهما الله يأمر الملائكة للسجود لآدم ( خليفة الله).

أي

متى أدخل البكر ( الخليفة ) ألي العالم (الإنجيل) = أنى جَاعِلّ فى الأرضِ خَليفَةَ (القرآن)

و

ولتسجد له كل ملائكة الله (الإنجيل) = وإذ قُلنَا للملائكة اسجُدُوا لآدَمَ (القرآن)

 من المقارنات السابقة توضح أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم، وآدم هو خليفة الله. وخليفة الله هو المسيح الأبن ( البكر ). جاء فى صورة آدم متجسداً.

           أعتقد المسلمون والمفسرون أن الآية السابقة تشير إلى آدم الأول " أول الخليقة البشرية " واعتقدوا خطأ - حتى لا يعترفوا بألوهية المسيح - بأن "البكر" هو المقصود بآدم أول الخليقة البشرية، وربطوا الآية الإنجيلية السابقة بالآيتين القرآنيتين التي جاءت في سورة البقرة 30، 34 في شأن خليفة الله وسجود الملائكة له. وخلطوا بين لفظ خليفة الله، وآدم خليقة الله.

 

وبحيرة الراهب هو الذي قام بنقل الآية الإنجيلية بشأن بكر الله وأبنه بكلمة مرادفه لها وهى كلمة خليفته، ووضعها فى آيتين قرآنيتين من سورة البقرة 30، 34 بقصد أن الخليفة هو المسيح الذي سيأتي في صورة آدم ينبغي له السجود، وليس آدم أول خليقته البشرية.

 والقرآن يؤكد حقيقة السجود لله فقط كما تأكدت فى التوراة والإنجيل كما جاءت فى( سورة الحج : 10 )

 " آلم تر إن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر.. "

وفى ( سور النحل 49 ): " ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون " .

     لاحظ هنا المقارنة العجيبة ذات الصلة بين الآية السابقة والآية 34 من سورة البقرة، عن سجود الملائكة لله وهم لا يستكبرون، وتكرار نفس النص عن سجود الملائكة لآدم الثانى وهو ( المسيح روح الله المتجسد )، وبين إبليس الذي أبى السجود مستكبراً على سبحانه فأستحق الكفر والعذاب فى نار جهنم أبدا وكان من الكافرين، وحاول يا أخي المسلم الربط بين الآية السابقة والآية التي جاءت في سورة البقرة 34 كما سبق التوضيح لترى وتتأكد أن المسجود له من الملائكة هو (خليفة الله ) هو الله سبحانه سواء كان فى لا هوته الغير منظور، أو في حالة تجّسد هذا اللاهوت فى الناسوت ويظهر كبشر ويصير منظوراً، وفى كلا الحالتين فإن اللاهوت واحد فى كليهما… وجاء فى (سورة الرعد : 15 ) :

" لله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ".

وقالت أم يحيى النبى وهى حامل به، لمريم وهى حامل ايضاً بالمسيح كما جاء في القرآن قولها:

 " إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك "

فذلك تصديقه بعيسى وسجود يحيى في بطن أمه لعيسى.

                                        ( تفسير ابن عباس والطبري وابن كثير والقرطبي وغيرهم ).

      فهل بعد هذا التصريح في جميع الآيات السابقة، أن السجود لله وحده، وهل الله يناقض ذاته ليقول " أسجدوا لآدم ".؟! حاشا ألف حاشا. فكيف تكون كل الخليقة بكل أنواعها يأمرها الله لتسجد له طوعاً أو كرهاً، وفى نفس الوقت يأمرها بالسجود لآدم ؟! معنى ذلك أن آدم الإنسان هو ذاته الله وهذا كفراً والعياذ بالله. وهنا يتساوى الخالق بالمخلوق وحاشا.

    وهنا نلاحظ ذكاء بحيرة الراهب في ربط القرآن بالإنجيل والتوراة في قضية من أهم القضايا المسيحية التي يحاربها الإسلام عن حقيقة المسيح وطبيعته الإلهية، وبحيرة يعلم تماماً النصوص الإنجيلية والتوراتية فى شأن خليفة الله المنتظر، فلذا أختار صفة هامة متفردة تخص الله ذاته وهى "سجود الملائكة وغير الملائكة لله " لتطبيقها أيضاً على المسيح " روح الله المتجّسد "، الذي سيأتي في صورة آدم مستقبلاً. والذي يدرس الإنجيل والقرآن يستطيع الربط بين كثير من الآيات الإنجيلية بالآيات القرآنية. ولذا علماء الإسلام يحذرون المسلمين من البحث فى كتب اليهود والنصارى لئلا يصلوا للحقيقة، ويرمون كتبهم بالتحريف والتبديل للهروب من حقائق الإيمان القويم.

    كما وضع بحيرة الراهب صفات كثيرة للمسيح تخص الله وحده ولا يجوز منحها لغيرة لتأكيد ألوهية المسيح خليفة الله، مثل الخلق طيراً من الطين، ودياناً للعالمين، وعالم الغيب.. الخ. والكثير من صفات الله المتفردة التي تخص الله ذاته، ووضعها بحيرة فى آيات قرآنية مبعثرة أو مجمعة لكي يثبت لاهوت المسيح، ولكن بحيرة وللتمويه ذيل تلك الصفات الإلهية بعبارة " بأذن الله" أى بأذن الله اللاهوت المتحد مع المسيح.

لأنه يعلم تماماً أن الله لا يأذن لبشر أن يقوم بعمل الله أو يمنحه صفاته الذاتية،

 لئلا يعبده البشر من دونه.

  ولكن ذكاء بحيرة الراهب قصد أن تلك المعجزات التى قام بها المسيح هي بأذن اللاهوت المتحد فى ناسوت المسيح، واللاهوت هو الله. ولا مجال لسرد باقي صفات الله الذاتية التى جاءت بالقرآن بواسطة بحيرة، وعلى المسلم الرجوع إليها فى قرأنه.

 وهذا ما يؤكده أيضاً القرآن فى سور كثيرة مثل ما ورد فى سورة ( الحج 77):

( يا أيها الذين آمنوا اركعوا وأسجدوا واعبدوا ربكم..)

وفى سورة ( فصلت 37) : (… لا تسجدوا للشمس ولا للقمر وأسجدوا لله الذي خلقهن أن كنتم إياه تعبدون. )

   وإذا قال قائل: " أن الله قال هذا فلا بد من تنفيذ أمره ولا مرد لأرادته ولا يحاسب البشر إلهه "

     أقول أن هذا " قول حق يراد به باطل " لأن الله فى أبسط قواعد المنطق والعقل لا يناقض نفسه أبدا وبصفة مطلقة، كما أن الله لا يقول كلاماً بعيداً عن العقل والمنطق، كما أن الاعتراف بوجود الله الذي لا نستطيع ان نراه، يرتكز أساساً على العقل والمنطق، فإذا تم إلغاءهما يلغى بالتالى وجود الله، والإله الذي يقول قولاً، ثم يأت بقول آخر يناقض سابقه هذا ليس بإله بأي حال من الأحوال، ولاسيما هذا قول خطيراً للغاية لأنها تتعلق بسبحانه ذاته، وتتعلق بعقيدة أساسية ليس بحاجة للف والدوران وتلاعب الألفاظ، أن الشرك بالله هى خطيئة لا غفران لها وهذه حقيقة لا جدال فيها، والله حريصاً جداً لتوصيل تلك الحقيقة دون لبس أو شك، حتى لا يكون الله عثرة لخليقته البشرية ليزج بهم فى جهنم وبئس المصير.

   مثلاً : لو كنت مدرساً في إحدى المدارس وتدّرس مادة الجغرافيا للطلبة ، فقلت لهما بالأمس أن قارة أستراليا تقع فى نصف الكرة الأرضية الجنوبي، وفى اليوم التالي قلت لنفس الطلبة أن قارة أستراليا تقع فى نصف الكرة الأرضية الشمالي ! .. فماذا يكون رأى الطلاب لمدرسهم ؟ ، أبسط الأوصاف سيقولون أن هذا المدرس مجنوناً ومعتوهاً، وينصرف الطلبة عنه في جميع دروسه اللاحقة بل ولا يثقون فيه فيما بعد، وقد يودع في مستشفى المجانين. فهل الله سبحانه يجوز أن يقول كما يقول المجانين حاشا وألف حاشا.

     وفى حالة بحثنا هذا، نفس هذا الموضوع بالقياس ولكنه أكثر خطورة، لأنها تتعلق بالخالق الذي لا يخطئ أبدا، فكيف يقول الله اليوم أن السجود لغيره كفراً وشركاً، وكل خطيئة تغفر ما عدا الشرك به والسجود لغيره، ويوم آخر يصّرح سبحانه بل يأمر المخلوق للسجود للمخلوق !؟. هذا مع الأخذ في الاعتبار أن الله لا زمن له، ولا يخضع هذا الفكر بأي حال من الأحوال للناسخ والمنسوخ وهى لغة تبرير المتناقضات القرآنية لأن عقيدة السجود لله وحده، هي من الثوابت التي لا يمكن تبريرها أو تغييرها أو نسخها !!، وفى العُرف الإلهي الذي لا زمن له لا يمكن أن يقول قولاً وفى نفس الوقت يقول قولاً مناقضاً تماماً والزمن عنده معدوم.

    وأقول بكل صدق وأمانة أن الله يحترم عقل الإنسان، والله يحترم ذاته وسرمد يته، ولا يتلاعب بالألفاظ بحيث ينصب شباكه ليصطاد البشر الناقص فى تفكيره، والمحدود فى قدراته، ليزج بهم في نار جهنم نتيجة سوء فهم كلماته الذي هو السبب المباشر للشك والحيرة، والله واضح وصريح وعباراته لا تقبل التلوين والتلبيس.

 

    لا يريد الله منا أن نقع فى الشك والحيرة في تفسير كلماته الواضحة، لأن الله يعلم ضعف الإنسان وضحالة تفكيره ونقصه، والله لا يناقض نفسه ولا يكذب أو يتّلون، والله عاقل كل العقل، والمنطق دربه، والله ثابت لا تغيير فيه، ولا يلبس الحق بالباطل.

 

       أما عن العقيدة المسيحية والتي يصعب كتابتها صراحة فى القرآن عن ألوهية المسيح وصلبه وقيامته وسبب مجيئه الأول في الجسد لخلاص العالم بدمه الغير محدود لكل البشر، فجاء بها بحيرة في " الحروف المقطعة " التي جاءت في أوائل بعض السور القرآنية فى صورة حروف وطلاسم مستترة المعنى (الم ، الر ، المر ، المص ،  كهيعص ، حم ، طس ، طسم ، كهبعص ، حمعسق ، ن ، ق ، ص ،  ..الخ. وعند فك طلاسم تلك الحروف ستجد العجب العجاب لأنها حروف رقمية لها قواعد لفك طلاسمها وهى معروفة للباحثين عند الكثير من المسيحيين فى طول البلاد وعرضها، وهى تشهد للمسيح وحقيقته الإلهية وتشمل العقيدة المسيحية كاملة والتي ينكرها المفسرون كعادتهم. وطريقة فك طلاسم تلك الحروف هى عن طريق: " الترقيم على حساب الجمل".

    وبحيرة الراهب، ويربط بين الآيات القرآنية بالآيات الإنجيلية ويربط بين (خليفة الله وبكر الله ) وكلاهما شخص واحد وهو المسيح يسوع، وهو المسجود له من الملائكة بأمر الله. وهو بكر الله وخليفته كما جاء فى الإنجيل والقرآن. وحلول روح الله بالتجّسد على الأرض.

 

    أما عن المجيء الثاني للسيد المسيح في نهاية العالم والذي يعترف بها القرآن، هي لدينونة الإنسان لكل العصور بما فيهم الأنبياء والرسل، ومنح الثواب والعقاب فى الجنة أو النار لكل البشر من آدم وحتى نهاية العالم، لأن السيد المسيح هو " دياناً للعالمين " وهذا ما تقوله الأحاديث الصحيحة أيضاً عن المسيح:

" لا تأتى الساعة حتى يأتى عيسى بن مريم دياناً للعالمين "

 

 

    ملحوظة هامة :

           هناك حقيقة هامة جداً وخطيرة للغاية فى شأن تفسير الآيات القرآنية، فالمفسرين الإسلاميين يتحاشون دائماً تفسير الآيات القرآنية الموجزة التي يصعب تفسيرها بعيداً وبمنأى عن أصولها الحقيقية في التوراة والإنجيل، وهى واضحة جداً فى الكتاب المقدس والتي جاءت بتفصيل دقيق ورائع من حيث المكان والزمان وأصحاب الحدث، بحيث من يقرأ الكتاب المقدس لا يحتاج إلى كُتب في التفسير، لأن الكتاب المقدس يفسّر ذاته، ولا يحتاج لقاموس أو حديث يكمل نقصه أو مرشد، فهو سهل وميسور وواضح لكل من له عين للرؤيا أو أذن للسمع، وأنني أتذكر قول الكتاب المقدس لمثل هؤلاء الناس يقول:

" أن لهم عيونا ولا يبصرون، ولهم آذان ولا يسمعون "

 

    والشيء العجيب بالرغم أن القرآن يعترف بهذه الحقيقة بأن الكتاب المقدس هو " أم الكتاب " وهو الأصل الذي ينهل منه القرآن بإيجاز شديد ومخل، معتمداً على وجود الأصل فى كتاب أهل الكتاب، والذي يقول فى سورة يونس 94:

"  وأن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسألوا الذين يقرءون الكتاب من قبلك  "

 

( الكتاب = الكتاب المقدس ) وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وفى موضع آخر:

" أسئلوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون "

 وأهل الذكر حسب تفسير المفسرين الإسلاميين هم أهل الكتاب.

 

    والشيء الخطير فى التفسير الإسلامي والذي لا يدركه الكثيرين أنهم يتجاهلون التفسيرات التوراتية والإنجيلية الإلهية لمختلف القضايا العقائدية ونصوصها الإلهية وفيها أصول العقيدة، ويرمونها بالشك والتحريف والتبديل إذا لم توافق آرائهم، ويلجئون للتفسيرات البشرية من السلفيين والأصوليين والمتطرفين بدون علم أو روية، ولا يعترفون بأي تفسيرات كتابية صريحة وواضحة جاءت على لسان السيد المسيح ورسله والأنبياء السابقين لهم فى العهد القديم، وكأن هذا التاريخ الإلهي النبوي الذي يمتد جذوره لثلاثة آلاف وخمسمائة عام، كأنه لم يكن ويجب تدميره والقضاء على أتباعهم من اليهود والنصارى. ويستأصلون العقائد الأساسية التى جاءت بالتوراة والإنجيل، وكأن إله القرآن ليس هو إله التوراة والإنجيل، فيرفضون بكل ما جاء بالكتاب المقدس، ويعتبرون القرآن هو الكتاب الإلهي الأوحد الذي يدخل به أصحابه الجنة دون العالمين، والدين عند الله هو الإسلام !!؟. ويمحون التاريخ التوراتي والإنجيلي الذي يرجع 3500 عام من ذاكرة التاريخ.

 

  أنهم يعترفون بالتوراة والإنجيل قولاً نظرياً فقط حتى لا يتهموا بأن القرآن ليس من عند الله، ولا يعترفون به واقعاً أو فعلا، بل يحاربون أتباعه قتلاً وتنكيلاً، ويعتبرون الشريعة الإسلامية هي الشريعة الوحيدة فقط التي تصّرح لهم بدخول الجنة !، وباقي الشرائع الإلهية من اليهود والنصارى مثواهم النار وبئس المصير!.

 

     وهناك الكثير جداً من التعليقات والتفسيرات لآيات كثيرة جداً بل وخطيرة للغاية كما ذكرنا سابقاً وردت بالقرآن ( على سبيل المثال " الحروف المقطعة " التى وضعها بحيرة الراهب، والتي جاءت في أوائل بعض السور، وأصحاب التفسير منهم يجهلونه أو يتجاهلونه وتفسّر تفسيراً على حسب أهوائهم، ولى الحقائق عن معناها الحقيقي، وطمس الحقائق التي جاءت واضحة فى التوراة والإنجيل واستبدالها بمعلومات ناقصة مبتورة لا تفهم منها شيئا.

 

    كما أنهم يحرمون على المسلمين قراءة التوراة والإنجيل حتى لا يكتشفوا المسلمين الحقائق الإيمانية، ويرمون كتاب اليهود والنصارى بدون وجه حق بالتبديل والتحريف لكى يغلقوا عقول المسلمين عن البحث والدراسة والمقارنة، وعندما يجدون فى الكتاب المقدس بما لا يوافقهم فكراً ومنهجاً، يدّعون بأن التوراة الحالية والإنجيل الحالى تم تحريفها وتبديلها؟!. ادعاء غريب.!؟

 

   لذا لا يمكن تفسير القرآن بأي حال من الأحوال من نصوصه المكتوبة بدون الرجوع لأصل الكتاب وهو التوراة والإنجيل، وحيث أن الإسلاميون يستنكفون فى تفسير قرآنهم فى ضوء وإرشاد الكتاب المقدس، لذا لكي يكملوا نقص المعلومات المبتورة التي جاءت بالقرآن، فيلجئون للسُنة ومن الأحاديث البشرية وأكثرها مغلوطة وخاطئة ومندسة ومتلاعب فى معانيها لكي يكملوا النقص في النص القرآني بالتفسير البشرى المغلوط، الذي من المفروض أن يكون نصاً كاملاً متكاملاً لا يحتاج لشيء آخر أو مصدر ثان لكي نفهم القرآن، فهذا يدل على نقص بالقرآن لا يكتمل إلا بنصوص بشرية موضوعة. ولا يكتمل فهم القران من نصوصه المجردة، لأن الأحاديث البشرية تكمل نقصه، وهل تعلم يا أخى المسلم أن من بين (000ر600) ستمائة الف حديث، الصحيح منها أقل من (4000 ) أربعة آلاف حديث فقط أى أقل من 1% من جملة الأحاديث وفى تقديرات أخرى (400) أربعمائة حديث صحيح فقط لا غير وباقى الأحاديث غير صحيحة ومغلوطة وإسرائيليات.. الخ..

 

    معنى ذلك ان القرآن غامض فى فهمه والأحاديث مشكوك فى صحتها، لأن الأحاديث من وضع البشر، وكيف تدرى وتعلم ما هو الحديث الصحيح من الحديث الموضوع؟. وكيف تكون الأحاديث هي المصدر الثاني للشريعة والتي تكمل النص القرآني، وأغلب الأحاديث مدسوسة وخاطئة لأنه من وضع البشر، وما ينطبق على الأحاديث ينطبق على النص القرآني أيضاً، لأن النص القرآني دون وجمع من الرواة وما أكثرهم، منهم الصادق ومنهم الكاذب، كما ان عثمان أحرق الكثير من المصاحف وأبقى على واحد منها، فأي المصاحف منها الصحيحة، وكيف تجزم بأن قرآن عثمان هو القرآن الصحيح، ولا سيما ان عثمان اتهمه المسلمون فى عصره بالكفر بسبب حرق المصاحف الأخرى.

ولست أعلم لمصلحة من لي الحقائق الإلهية وإخفائها وطمسها وتغيير معناها،

هل هذا لصالح العقيدة ؟ أم دفاعاً عن الله ؟

 

    أقول لهؤلاء المفّسرون أن ما تقومون به من تفسيرات بغرض حماية العقيدة، فأقول لهم: أنكم تهدمونها ولا تبنوها، وإذا كان ما تفعلونه دفاعاً عن الله، فالله غير محتاج لدفاعكم وهو القادر أن يحمى نفسه ممن يكفرون به، وإذا كان المقصود تشويه الديانة المسيحية وتشويه حقائقها الثابتة، أقول لهم أيضا أقرءوا قرآنكم جيداً وتفحصوه بدقة ستجدوا فيه من الحقائق المسيحية التي تتجاهلونها صدمة تتحاشون مواجهتها، ألم يعلموا هؤلاء أنهم يحاربون الله بتغيير معاني كلماته ويعاندونه، ويجعلون الله مثل البشر يصيب مرة ويخطئ كثيراً.

 

    فأنني أقول لك يا صديقي المُسلم أقرأ قرآنك جيداً وأفهمه، فى جميع الصفات التي يتفّرد بها المسيح ويتميز فيها فى قرآنكم، ولا يباريه أحدا من البشر أو الأنبياء والرسل على أى وجه من وجوه المقارنة، لأنه خليفة الله البار الوحيد والقدوس من دون العالمين، وتلك الصفات القرآنية لا تنطبق على أى إنسان مهما كانت درجته حتى محمد كأشرف خلق الله كما تقولون، ولكنها تنطبق بالكمال والتمام على شخص واحد فقط كائن إلهى يكون هو خليفة الله عن جدارة ينبغي له السجود من الملائكة وكل الخليقة وهو السيد المسيح فقط من دون العالمين.

     اكتفى بهذا القدر من تفسير آية السجود لخليفة الله ( السيد المسيح ) آدم الثاني. حيث أنهم يفسّرون خليفة الله بعيداً عن تفسير الكتاب المقدس الذي جاء صريحاً من هو خليفة الله.

 

    وبحيرة الراهب الذي تدخل فى النصوص القرآنية كان يعلم تماماً ما يمليه على محمد من آيات بعد أن رأى أنه لا سبيل لرجوع محمد الى مسيحيته، ولا سيما بعد وفاة ورقة بن نوفل، كما أن بحيرة كان يربط دائماً وبطريقة ذكية المفهوم العقائدي للمسيحية في بعض الآيات القرآنية ( الآيات المكية تحديداً )،، بعضها ظاهر وصـريح مثل: خليفة الله وكلمة الله وروح الله ( السيد المسيح )، وصفاته ومعجزاته الخارقة.. الخ.  وبعضها غير ظاهر خفي مثل: طلاسم الحروف المقطعة التى جاءت فى أوائل بعض السور القرآنية. التي تحوى فى طياتها كل العقيدة المسيحية بكمالها وتمامها.

كما أن الباحث المنصف يرى جميع صفات الله الذي يتفرد بها  من دون العالمين تجدها هى ذاتها صفات السيد المسيح بالكمال والتمام كما جاءت بالقرآن.

 

 والمسيح هو الوحيد من دون العالمين لم يكن من زرع بشر، وكل تلك الصفات الخاصة جداً بالسيد المسيح والتي هى صفات الله ومعجزاته الخارقة والتي جاءت بالقرآن صراحة يعللونها بأنه تمت بإذن الله، والله لا يمكن أن يعطى صفاته المتفردة لبشر كصفة الخلق والعلم بالغيب والدينونة.. الخ.

 

    كل ذلك التغيير والتبديل والتخبط فى معان كلمات الآيات القرآنية الرائعة كلها تبريرات غير منطقية ؟، بل هي للهروب من الحقيقة.

 

  والذي يلاحظ ذلك التباين فى التفسير، هم بعض الدارسين الشرفاء المتعمقين وهم قلة فى علم مقارنة الأديان، ولذا هم يعتنقون المسيحية سراً أو جهراً، فلذا المفسرون الذين يفسرون الآيات القرآنية كان يجب عليهم دراسة التوراة والإنجيل دراسة متأنية واعية غير متعصبة لكي يصل للفكر الإلهي والمعاني العقائدية التي جاءت بالكتاب المقدس وهو أصل العقائد، ولكنهم يستنكفون عن دراسة الكتاب أو حتى قراءته قراءة واعية متأنية، ولذلك هم متخبطون في تفسيرها التفسير الصحيح.

    وهناك الكثير جداً من المدلولات القرآنية لها أصول توراتية إنجيلية لا داعي لذكرها جميعاً وعلى المسلم البحث والمقارنة، وعلى وجه الخصوص " القرآن المكي "، والذي هو من تشجيع ورقة بن نوفل بداية لجعل محمداً مسيحياً وزوجه من بنت عمه خديجة المسيحية ثم توفى بعد سنوات، وأكمل المشوار بحيرة الراهب الذي أمد الله في عمره وعاصر الدعوة المحمدية، وحيث انه لم يستطع محاربتها عندما سار محمد فى اتجاه آخر غير الذى يريدونه له، فلذا حارب القرآن بصورة أخرى أكثر ذكاء وحكمة (خوفاً من القتل)، فى وضع العقيدة الإنجيلية، والحروف المقطعة فى بعض السور القرآنية، حتى يتم كشفها مستقبلاً بالعلم والمقارنة من ذوى العقول المفكرة.

نسأل الله الهدى.

                                                                                         التوقيع ( مسلم متنصر )

الصفحة الرئيسية