مدينة القدس والمسجد الأقصى

(قلب العالم)

لماذا يعتبر الإسرائيليون أن مدينة القدس عاصمة أبدية لهم؟

ولماذا يريد اليهود أن يبنوا هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى بالذات ولو أدى ذلك إلى إبادة كل الفلسطينيين ومحاربة كل العالم الإسلامي؟

ولماذا يعتبر اليهود أن الاستيلاء على فلسطين ومدينة القدس والسيادة

على المسجد الأقصى مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم؟

وما هو الداعي لبناء هذا الهيكل بعد أن تمّ تدميره منذ ألفي سنة؟

ولماذا لا يبنونه في القدس الغربية أو أي مكان آخر؟

هذا الكتاب سيجيبك على كل هذه الأسئلة المحيرة وعلى أسئلة أخرى

هامة لكل إنسان يعيش في هذه الأيام الأخيرة من عمر البشرية

بقلم د/جميل عبد السيد فرح 

اسم الكتاب : مدينة القدس والمسجد الأقصى (قلب العالم)

المؤلف : د/ جميل عبد السيد فرح

المطبعة : دار الطباعة القومية بالفجالة - القاهرة.

ت : 5905486 و5882976

طبعة ثانية منقحة

رقم الإيداع : 5938/2001

شكر

أشكر كل الذين شجعوني وساعدوني في إعداد هذا الكتاب ومنهم الأستاذ الدكتور القس منيس عبد النور والصديق العزيز م/ شوقي إبراهيم أسعد والشيخ الفاضل الدكتور لويس عبد الله شحاتة والدكتور داود رياض والأستاذ محمد جلال أحمد هاشم (محرر ومصحح لغوي) وزوجتي العزيزة وأبنائي وغيرهم كثيرون.

تقديم الكتاب

نسبة إلى الأحداث العالمية المتلاحقة التي يمر بها العالم هذه الأيام، من حروب فظيعة ونزاعات قبلية وعرقية ودينية تندلع يومياً تقريباً في كل مكان في العالم، ومنها الحرب الشرسة غير المتكافئة بين الشعب الفلسطيني الأعزل والمغلوب على أمره والشعب الإسرائيلي المتغطرس. الذي يريد أن يستولي بالقوة العسكرية الجبارة على أرض فلسطين وعلى مدينة القدس بكاملها، ويريد أن يبني هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى بالذات، ولو أدى ذلك لإبادة كل الفلسطينيين ومحاربة كل العالم الإسلامي لو لم يتحقق لهم ذلك! ونسبة للكوارث الطبيعية العنيفة التي تظهر تباعاً تقريباً كل يوم، من زلازل عنيفة أو فيضانات عارمة وأعاصير مدمرة وبراكين ثائرة وانهيارات أرضية وخلافها التي ترمز لغضب الله على الأرض والساكنين فيها في هذه الأيام الأخيرة كما يقول الإنجيل. ونسبة لظهور أوبئة فتاكة مثل وباء الإيدز (AIDS)، والإيبولا (EBOLA) الخطيرين، ومرض جنون البقر (Cow Mad Des.) ووباء حمى السهول المنخفضة الذي ظهر أخيراً في اليمن والسعودية، ووباء الحمى القلاعية (Foot and Mouth disease) التي ظهرت في الماشية في إنجلترا ثم انتشرت في أوروبا والتي بسببها أحرقت إنجلترا أكثر من مليون رأس من الماشية أثناء إعداد هذا الكتاب، وسببت ذعراً في كل العالم، وعودة وبائي الملاريا والسل وغيرهم بأكثر عنفاً.

ونسبة للمجاعات العظيمة التي عمت العالم أجمع، بسبب انتشار اللاجئين والنازحين والمُشردين في كل ركن من أركان العالم، نتيجة للحروب المدمرة، والجفاف والتصحر الذي عم مناطق كثيرة من العالم، وأيضاً نتيجة للفقر، والانفجار السكاني، والكوارث الطبيعية.

ونسبة إلى انهيار الحالة الاقتصادية في كثير من دول العالم.

ونسبة لازدياد الفساد الأخلاقي كالشذوذ الجنسي، والخيانة الزوجية، والكذب، والتزوير، والغش، وخيانة الأمانة، والإرهاب، والاغتصاب، وانتهاك حقوق المرأة والطفل والإنسان (في العيش في أمان وكرامة).

ونسبة لظهور مؤشرات خطيرة تهدد البشرية بالفناء، كثقب الأوزون الخطير الذي ظهر في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية والذي يسمح لمرور الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تسبب السرطانات الجلدية الخطيرة والعمى لأغلب المخلوقات الحية التي تتعرض لها. كذلك ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة لتصاعد ثاني أكسيد الكربون في الجو، الذي بسببه ارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل ملحوظ، مما أدى إلى اندلاع الحرائق الشاسعة في الغابات، وظهور أعاصير مدمرة خطيرة كإعصار النينو Al Nino فوق المحيطين الهادي والأطلنطي الذي سبب دماراً واسعاً في الأمريكتين وفي شرق آسيا، وابتداء ذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي والذي سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار وفيضانات مدمرة في أنحاء الكرة الأرضية.

ونسبة لتلوث البيئة من الغازات السامة التي تنبعث من السيارات والطائرات والمصانع والمعدات الحربية والصواريخ العملاقة والقنابل المتفجرة. وانفجار بعض المفاعلات الذرية المنتشرة في أماكن كثيرة من العالم، كما حدث في انفجار المفاعل الذري الرابع في تشرنوبل في أوكرانيا في 1989م الذي لوَّث البيئة بالإشعاعات الذرية من البلوتونيوم الخطير لملايين السنين كما يقول علماء البيئة. وتلوث البحار والأنهار من النفايات الذرية والمواد الكيماوية السامة التي تُلقي فيها. وقريباً جداً ستُدمر الأرض من التجارب الذرية الخطيرة، التي يبدو أنها لن تنتهي، حيث تمت 2011 تجربة ذرية حتى الآن، كما أجرت الهند وباكستان 11 تجربة ذرية في باطن الأرض في شهر مايو 1999م.

يسعدني أن أقدم هذا الكتاب لكل إنسان (بدون تمييز من كل قبيلة وشعب وأمة ومن كل عقيدة ولسان ولون) يود أن يعرف التفسير لكل هذه الأحداث الخطيرة التي يمر بها عالمنا اليوم. وهل هي فعلاً علامات الأيام الأخيرة لهذا العالم الفاني، كما تنبأ المسيح في الإنجيل وقال » خذوا من التينة عبرة إذا لانت أغصانها وأورقت علمتم أن الصيف قريب. كذلك متي رأيتم هذه الأشياء صائرة فأعلموا أن ملكوت الله (واليوم الأخير) قريب على الأبواب

وبخلاف الإجابة على الأسئلة التي وردت أعلاه عن القدس والمسجد الأقصى سأحاول بقدر الإمكان أيضاً الإجابة على أسئلة غامضة تهم الإنسان المعاصر (الذي يعاني من القلق والحيرة الكبيرة عما يدور في عالمنا هذه الأيام رغم وصوله تقريباً إلى قمة العلم والحضارة)، والذي لا يزال يجهل أصل المشكلة التي تورط فيها الإنسان منذ فجر التاريخ، وعن كيفية الخلاص والاطمئنان على مصيره الأبدي. وفي هذا الكتاب سأحاول أيضاً بقدر الإمكان مناقشة الجهل الديني والضلالات الشيطانية الذي يرزح تحتها معظم الناس في العالم في هذه الأيام الأخيرة من عمر البشرية.

كذلك التساؤلات التي تكتنف شخصية السيد المسيح سأحاول أيضاً أن أُبين حقائق هامة وردت في التوراة والإنجيل والقرآن عن هذا الموضوع الهام. والرب يوفقنا لإظهار الحقيقة التي ينشدها الجميع.

المؤلف

 

» باسم الله العظيم «

الخرطوم في: 20 – 5 - 2001م

رسالة إلى الصديق العزيز،

تحية طيبة .. وبعد؛

أنا لا أومن بالصُدف، بل إن الله خالق السماوات والأرض والمسيطر على كل شيء، هو وحده الذي يهيء الظروف لكل إنسان، ويهيء أيضاً الوقت المناسب ليفعل مشيئته. فليس صُدفةً أن نلتقي في هذا العالم، بل هو في الحقيقة تدبير إلهي، فالله يحبك وهو يريد لك كل الخير، ويريدك أن تعرف الحقيقة، ويمنحك أيضاً الحياة الجديدة في ملكوته الروحي الجديد. وأنت تتفق معي أيها الصديق أن الإنسان الذي يسير في النور والمعرفة الصحيحة يستطيع أن يرى الطريق واضحاً، وليس كالإنسان الذي يسير في الظلام والجهل، فهو سيتخبط ولن يعرف الطريق الصحيح، ولا بدّ أنه سيقع ويُؤذي نفسه أذيةً مُميتة.

وأنا أنصح كل من سيقرأ هذه الرسالة أن يرجع إلى التوراة والإنجيل والقرآن لكي يستفيد من كل ورد فيها من آيات هامة.

وقبل البدء في الكتابة أود أن أشير إلى: (أن الكلام الذي بين قوسين هو من رأي الكاتب وحده، وهو لمزيد من التوضيح والتفسير المنطقي ولمواكبة العصر الحالي دون التغيير في المعنى المقصود).

(1) هل سيتمكن اليهود مرة أخرى من بناء هيكل سليمان في مدينة القدس؟

لا يفوتني أن أعلق على هذا السؤال الهام الذي يشغل بال العالم اليوم، وعلى أسئلة أخرى تُحّير البشرية كلها هذه الأيام، مثل: لماذا تريد إسرائيل أن تكون مدينة القدس عاصمة أبدية لها؟ ولماذا يعتبر اليهود الاستيلاء على الضفة الغربية لفلسطين ومدينة القدس والسيطرة على المسجد الأقصى مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم؟ ولماذا يريد اليهود أن يبنوا هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى بالذات في مدينة القدس، ولو أدى ذلك إلى إبادة كل الفلسطينيين ومحاربة كل العالم العربي والإسلامي لو لم يتحقق ذلك؟ وما هو الداعي لبناء هذا الهيكل بعد أن تمَّ تدميره منذ ألفي سنة تقريباً؟ ولماذا لا يبني اليهود هيكل سليمان في القدس الغربية أو أي مكان آخر؟ وللإجابة على هذه الأسئلة يتطلب بعض الشرح التاريخي عن الشعب اليهودي.

أولاً: لم يكن اليهود قبل الميلاد (ق.م) شعب الله المختار لأنهم كانوا شعباً متميزاً عن باقي الشعوب الوثنية التي كانت موجودة في ذلك الزمان. بل الله اختارهم لكي يأت منهم المسيح مخلص البشرية من الهلاك الأبدي في جهنم النار في اليوم الأخير. وبعد أن رفضوا المسيح لم يعودوا شعب الله المختار. وأرض الميعاد من النيل إلى الفرات (أي إسرائيل الكبرى) التي وعد الله بها آبائهم إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب (إسرائيل) قبل 1900 سنة ق.م أي قبل حوالي 3900 سنة من الآن والتي يطالبون بها اليوم كحق تاريخي منحه لهم الله، ليس لها وجود الآن، حيث أن مواعيد الله لهم قد انتهت. وليس من المنطق أو العدل أن يطالبوا بها بعد أن استوطنها الشعب الفلسطيني لأكثر من ألفي سنة.

ثانياً: لم يسمح الله للملك والنبي داود ببناء الهيكل لأن يده كانت ملطخة بدماء الكثيرين الذين قتلهم في الحروب، بل نصحه أن يبني ابنه الملك والنبي سليمان هيكل سليمان حوالي ألف سنة ق.م في مكان المسجد الأقصى الحالي وعلى قبة الصخرة بالذات، وليس في أي مكان آخر وإلا أصبحت عبادتهم ناقصة وغير مقبولة. وعند تدشين الهيكل قدم الملك سليمان وجميع بني إسرائيل ذبائح للرب 22000 من البقر و 120000 من الغنم واحتفلوا سبعة أيام (التوراة ملوك الأول 8: 62-64). لذلك نحن نلاحظ إصرار اليهود في محاولة إعادة بناء الهيكل في هذا المكان بالذات لكي يعودوا لممارسة عبادتهم حسب الشريعة الطقسية اليهودية القديمة. وكان الهيكل من أجمل المباني في العالم في العهد القديم، ولم ولن يتكرر مثله حتى الآن. وكان يشمل على المذبح النحاسي الكبير وغرفتي القدس وقدس الأقداس (المُغشيتين بالذهب الخالص وكل الأشياء التي كانت بداخلهما إما مُغشية بالذهب الخالص أو مصنوعة من الذهب الخالص كالتابوت المحفوظ فيه لوحي الشريعة (الوصايا العشرة) ومائدة خبز الوجوه ومذبح البخور والمباخر وملاقط الجمر والمنارة الكبيرة ذات السبع شعب والكاسات والصحاف). وكانت تقدم على المذبح الذبائح الدموية الكفارية من البقر والغنم صباحاً ومساءً مدة ألف سنة تقريباً ق.م. وبدون هذه الذبائح الكفاريه تكون عبادتهم ناقصة وغير مقبولة ولن يغفر الله خطاياهم. لأنه مكتوب في التوراة في سفر اللاويين (17: 11) »لأن نفس الجسد في الدم (دم الذبيحة) فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم (أي لتغطية ذنوبكم). لأن الدم يكفر عن النفس (الخاطئة)«. وجاء في (عبرانيين 9: 22) » فالشريعة تُوصي بأن يتطهر كل شئ بالدم ولا غفران إلا بسفك الدم «. وهذا هو السبب في إصرارهم الشديد على بناء هذا الهيكل ولو بالقوة في نفس المكان للممارسة هذه الفرائض.

ثالثاً: رفض اليهود المسيح وطالبوا بصراخ وهياج شديد الوالي الرومان بيلاطس بصلبه، وكانوا يصرخون بهياج شديد »أصلبه أصلبه. دمه علينا وعلى أولادنا«، راجع بشارتي لوقا (23: 21) ومتى (27: 25)، ولا يخفى علينا تأديب الله لهم منذ ذلك الوقت، فقد نزعهم من الأرض المقدسة وجعل بيتهم، أي هيكل سليمان وهو مركز عبادتهم خراباً، ثم شتتهم في أنحاء الأرض كلها، وأصبحت كل الشعوب تحتقرهم وتضطهدهم وتطاردهم وتقتلهم وسُميت هذه الظاهرة بمعاداة السامية (Anti Semitism) منذ القرن الأول. وليس بعيداً عن ذهننا ما فعله الألمان في الحرب العالمية الثانية، فلقد قتلوا منهم 6 ملايين يهودياً في أفران الغاز في معسكرات التعذيب الرهيبة ( Concentration Camps) وسٌميت محرقة اليهود (Holocaust)، كما شردوا وعذبوا الملايين غيرهم الذين كانوا منتشرين في أوروبا في ذلك الوقت. ولذلك مهما حاولوا سواء بالقوة أو بالاحتيال أن يبنوا هيكل سليمان في نفس مكان المسجد الأقصى، فلن يستطيعوا لأن الله لم يسمح بذلك بعد.

رابعاً: قال المسيح عندما رفضه اليهود في إنجيل متى (23: 39) »ها هو بيتكم (أي هيكل سليمان) يترك لكم خراباً (حتى اليوم الأخير) « . وقال أيضاً في متى (24: 1 و2)» خرج يسوع المسيح من الهيكل. وبينما هو يبتعد عنه، دنا إليه تلاميذه يوجهون نظره إلى أبنية الهيكل (استغرق بناؤه 46 سنة) فقال لهم: أترون هذا الهيكل (العظيم)؟ الحق أقول لكم: لن يترك هنا حجر على حجر، إلا ويهدم! (وسيبقي كذلك حتى اليوم الأخير) « وتحققت هذه النبوة بحذافيرها في سنة 70م عندما حاصر القائد الروماني تيطس مدينة القدس وقتل مليون يهودياً، ثم هدَّم الهيكل وأحرقه ولم يبق فيه حجر على حجر. ويقال أن الهيكل كان في نفس مكان المسجد الأقصى الحالي. وهذا هو السبب أيضاً في إصرار اليهود في محاولة إعادة بناء الهيكل في هذا المكان بالذات.

خامساً: لن يستطيع اليهود بناء الهيكل مرة أخرى، لأن الله لن يقبل ذبائح حيوانية كفاريه حسب الشريعة الطقسية القديمة، خاصة بعد أن قدم المسيح (وهو الذبح العظيم الحقيقي) ذبيحة فدائية وكفاريه نهائية، نيابة عن خطايا البشرية كلها، كما يقول الإنجيل! والشعب المختار الآن هو الذي يقبل بالشكر ويؤمن بهذه الذبيحة السماوية.

سادساً وأخيراً: كل هذه الضيقات التي حلت باليهود منذ القرن الأول كانت عقاباً وتأديباً من الله بسبب رفضهم المسيح. وما عودتهم إلى أرض فلسطين منذ 1948م كانت صدفةً، بل في الحقيقة هي تدبير إلهي خاص في هذه الأيام الأخيرة. والله يريد أن يعطيهم الفرصة الأخيرة، فلهم الأولوية حسب مواعيد الله لآبائهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذي غير الله اسمه وسماه (إسرائيل)، وتعني الأمير المجاهد، الذي جاهد مع الله والناس وغلب، بأنه سيباركهم ويبارك نسلهم، ويبارك مباركيهم، ويلعن لاعنيهم، كما جاء في التوراة (التكوين 12و26 و 27 و 28 والعدد 23 و 24)، ولن يتخلى عنهم طالما هم حفظوا وصاياه على هذه الأرض حتى اليوم الأخير. وبركة الله لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول إلى لعنة، فلذلك لا تزال الفرصة متاحة لهم ليرجعوا ويؤمنوا بالمسيح ملكهم الحقيقي ومخلصهم الوحيد من الهلاك الأبدي في جهنم النار. وبالطبع لم يسمح لهم بالاستيطان بالقوة والإرهاب في أرض فلسطين. فكل الأعمال الإرهابية التي يعملونها الآن ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمغلوب على أمره، ومحاولة إبادتهم بضربهم بالصواريخ والدبابات والطائرات وذخيرة اليورانيوم المنضب، والغازات السامة وحصارهم اقتصادياً وتجويعهم وتمردهم على قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية تدل على استمرار قسوة قلوبهم منذ فجر التاريخ.

وحسب علمي أن هناك نهضة روحية كبيرة بين الشعب اليهودي بمساعدة الدول المسيحية الأخرى، وكثيرٌ من اليهود رجعوا وآمنوا به. وبعودتهم للمسيح ستأتي أيضاً شعوب أخرى للمسيح. فالله يحب الجميع، وهو يريد أن يخلص الجميع.

(2) ما هي الحقائق الهامة التي يجب أن يعرفها كل إنسان؟

لقد أعطي الله حرية الاختيار لآدم وخَّيره بين الأكل من ثمر ملايين أشجار الجنة الجميلة وبين الأكل من ثمر الشجرة الوحيدة الممنوعة التي كانت في وسط الجنة، شجرة معرفة الخير والشر. وقال الله لآدم: »من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً (أبدياً) تموت (جسديا وتعود إلى التراب الذي أُخذت منه، ثم روحياً في جهنم النار في اليوم الأخير) « (التوراة التكوين 2: 16 و 17). وجميعنا نعرف أن آدم وحواء اختارا الأكل من هذه الشجرة المُحرمة، ومن ذلك اليوم أصبح آدم وحواء بعد أن كانا يعرفان الخير فقط، أصبحا يعرفان هما ونسلهما الشر أيضاً، والدليل على ذلك أن ابنهما الأكبر ذبح أخيه الأصغر هابيل بدون سبب، ومن يومها أصبح الشر والكراهية وانتهاك حقوق المرأة والطفل والإنسان (في العيش في سلام وكرامة في هذا العالم) سائد على الإنسان حتى هذه اللحظة.

إن مآسي الحرب العالمية الثانية والتي قامت بسبب تافه ليست بعيدة عن أذهاننا فقد ظهر فيه مدى الشر والكراهية الذي أصبح يتمتع بهما الإنسان رغم تقدمه الكبير في العلم والحضارة، وظهر أيضاً مدى سيطرة الشيطان (عدو الخير والإنسان) على إرادته، فقد سقط فيها أكثر من 60 مليون قتيل و80 مليون جريح، ومشوه، ومعوق، ومئات الملايين الذين تشردوا وفقدوا منازلهم وأموالهم ورزقهم. هذا خلاف آلاف المدن التي دمرت تماماً، والخسائر المادية التي كانت من المُحتمل أن تُعمر الأرض عشرات المرات، وتقضي على الفقر والجهل والمرض في كل العالم إلى الأبد. فسواء خدعه الشيطان أم لم يخدعه، فهو في كل الأحوال مذنب ولا بد أن يتحمل (هو ونسله) نتيجة تمرده وعصيانه لله، والمعروف أن القانون لا يحمي المغفلين. لذلك كان لابد أن يموت هو ونسله من بعده، جسدياً ويعودوا إلى التراب الذي أُخذوا منه، ثم يموت أيضاً هو ونسله روحياً في جهنم النار في اليوم الأخير. لا شك أنت تتفق معي يا صديقي العزيز أن الله الكليّ العدالة لا يمكنه التنازل أو التراجع عن حكمه وإلا أصبح إله غير عادل أو بلا سلطان أو لعبة من لعب الأطفال! وهو ليس إلهاً عشوائياً يرحم من يشاء ويعاقب من يشاء، ولكن في الحقيقة هو يحب الجميع صالحين وأشراراً كما قال المسيح في بشارة (متى : 5: 45) » إن الله يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين «، ولا يرغب أن يهلك أي إنسان كما يقول الإنجيل. لكنه أيضاً كما أنه غفور رحيم فهو أيضاً شديد العقاب وإلا اختل ميزان العدالة، وهذا لا يمكن أن يحدث (أنظر الرسم).

ذكر في الإنجيل: أن الله يحب الإنسان أفضل خليقته أراد أن ينقذه من الموت الروحي (الخطير) فدبر له خلاصاً عظيماً عندما تواضع بنفسه حباً في الإنسان الهالك متخلياً عن ألوهيته وعظمته، وتجسد في صورة إنسان طاهر لم يأتِ من نسل آدم (وهو بالطبع قادرٌ على كل شيء)، وهو الوحيد نسل المرأة الموعود به (عيسى ابن مريم)، لكي يموت على الصليب فداء نيابةً عن آدم ونسله، ويكون كبش الفداء حتى يوفي العدالة الإلهية أولاً قبل أي شئ آخر! كما يقول الإنجيل (والله روح قدوس خالق السماوات والأرض لا يموت ولكن كإنسان يستطيع أن يموت (مؤقتاً، وهذا سر إلهي) من خلال الجسد الذي اتخذه كلمته المتجسد. لكنه ظلَّ حياً بلاهوته. وبالطبع الموت لا يمكن أن ينتصر عليه كما انتصر على آدم.

وقد يسأل القارئ: لقد أخطأ آدم فما ذنبي أنا؟ وللإجابة على ذلك: دعني أذكرك يا عزيزي بعلم المنطق والوراثة، فالحية تلد حيةً ولا يمكن أن تلد حمامةً والعقرب يلد عقرباً ولا يمكن أن يلد عصفوراً وشجرة الشوك تثمر شوكاً وليس عنباً أو تيناً. لذلك كان لا بد لأبينا آدم المتمرد على الله أن يلد متمرداً مثله يستحق الموت الأبدي أيضاً.

والقصة لم تنته بعد كما يقول الإنجيل، بل هو قام من بين الأموات في فجر اليوم الثالث منتصراً على الموت إلى الأبد وعلى الشيطان (الذي يريد هلاكنا)، ومكث 40 يوماً على الأرض يعلم تلاميذه وظهر لمئات من شهود العيان، ثم صعِد إلى السماء أمام عيون تلاميذه من جبل الزيتون القريب من مدينة القدس. وهكذا أصبح هناك رجاء أكيد للمؤمنين بفداء المسيح العظيم وانتصاره على الموت الأبدي بأنهم سينتصرون أيضاً على الموت الأبدي في اليوم الأخير. فماذا ستختار يا عزيزي؟: هل تقبل محبة الله وفداءه وتضمن حياة ثانية أبدية سعيدة أم سترفض وتختار الموت الروحي الأبدي؟ فالله ليس ديكتاتوراً يأمر ويجب أن يُطاع، بل هو إله ديموقراطي يريدك أن تأخذ قرارك بنفسك، ليس فقط في تحديد مصيرك الأبدي بل أيضاً في كل ما يخصك في شئون حياتك، في مأكلك وشرابك ولباسك وصلواتك وأصوامك، كما يقول الإنجيل!

(3) وماذا يقول الإنجيل عن السيد المسيح؟

وفي الإنجيل الكثير من الآيات التي تُثبت أن المسيح كلمة الله هو الله المتجِّسد بذاته، منها ما جاء في سفر الرؤيا (19) »ويُدعى اسمه الأمين والصادق .. كلمة الله .. وملك الملوك ورب الأرباب«. وفي (يوحنا 1: 1): » في البدء كان الكلمة (المسيح). والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة هو الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان. وبغيره لم يكن شيءٌ مما كان«. وأن الله أيضاً روح قدوس (واحد) كما جاء على لسان السيد المسيح الحي عندما قال للسامرية في (يوحنا 4 : 24): »الله روح (واحد أحد)، وبالروح والحق يجب على العابدين أن يعبدوه «. وقال لمحاوريه من اليهود في يوحنا (8 : 23): »أنتم من أسفل. أما أنا من فوق (من السماء). أنتم من هذا العالم (الترابي). أما أنا فلست من هذا العالم (الترابي)«. وقال في (يوحنا 10: 33) »أنا والله الآب واحد (أحد)«. وقال لتلاميذه في متى (28: 18) بعد انتصاره على الموت الأبدي بقيامته من بين الأموات في فجر اليوم الثالث يوم الأحد ورآه مئات من شهود العيان وقبل أن يرتفع إلى السماء أمام عيونهم: » دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض«. وقال في (يوحنا 14: 6): »أنا هو الطريق (أي الصراط المستقيم) والحق (العدالة) والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الله الآب إلا بي«. وقال أيضاً لتلميذه فيلبس في (يوحنا 14: 9 و 10) »أنا معكم زماناً طويلاً (أكثر من ثلاث سنوات) ولم تعرفني يافيلبس. الذي رآني فقد رأى الله الآب، فكيف تقول أنت أرنا الله الآب. ألست تؤمن أني أنا في الله الآب والله الآب فيَّ«. وقال في سفر الرؤيا (22: 13): »أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر«. وقال في مرقس (10: 27) »كل شي مستطاع عند الله«. وقال في يوحنا (8 : 12) »أنا هو نور العالم. من يتبعني لا يتخبط في الظلام، بل يكون له نور الحياة «. وقال في يوحنا (11: 25و26) لمرثا أخت صديقه لعازر الذي كان قد مات وظل في القبر أربعة أيام، ثم أقامه من الموت بعد أن أصبح رمه كريهة »أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات (جسدياً) فسيحيا (بجسد روحاني في اليوم الأخير). وكل من كان حياً (الآن) وآمن بي (وبفدائي له) فلن يموت (روحياً) إلى الأبد «. وقال في متى (11: 28 - 30) »تعالوا إلىَّ يا جميع (الناس) المتعبين ولثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هين وحملي خفيف«. وجاء في رسالة كولوسى (1: 15-17) »المسيح هو صورة الله الذي لا يرى، الكائن قبل الخليقة، إذ به خلقت جميع الأشياء: ما يُرى وما لا يُرى، سواء عروشاً كانت أم سيادات أم رئاسات أم سلطات. كل ما في الكون قد خلق به ولأجله. هو كائن قبل أي شي، وبه يدوم كل شيْ«. وفي رسالة فيليبى (2: 6،7 و10)» المسيح إذ كان في صورة الله ومعادلاً لله، لكنه أخلي نفسه (تواضع) آخذاً صورة عبد (إنسان) صائراً في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة (الشكل) كإنسان وضع نفسه (تواضع) وأطاع حتى الموت موت الصليب (حباً في الإنسان الهالك أبدياً)، .. لكي تجثو باسم يسوع (عيسى بن مريم) كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض (في الماء)«. وجاء في الرسالة إلى العبرانيين (1: 2،3)» والذي جعله الله (أي المسيح) وارثاً لكل شئ (فهو ابنه الوحيد الجنسوالذي به عمل العالمين. هو ضياء مجد الله ورسم جوهره (أي صورة منظورة لله)، وهو يحفظ الكون (كله) بقدرة كلمته«. وجاء في (تيموثاوس الأولى 3: 16): كون الله يتجسد في صورة إنسان، هذا سر إلهي عظيم لا يستطيع البشر أن يدركوه.

(4) وماذا يقول القرآن عن السيد المسيح عيسى ابن مريم؟

ولمزيد من المعرفة أرجو من الأخ المسلم أن يقرأ كتابي» كيف نتصالح مع الله؟« وهو سيجيبه عن معظم الأسئلة المُحيرة عن الشريعة والجهاد والفرائض وغيرها في اليهودية والمسيحية. ويقرأ أيضاً الإنجيل فهو هدىً ونورٌ للجميع كما جاء في سورة المائدة (46): »وقَّفينا على أثارهم بعيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدىً ونورٌ .. وموعظة للمتقين«. وهذا الكتاب مركزه السيد المسيح عيسى ابن مريم كلمة وروح الله (المتجّسد) كما يقول الإنجيل والقرآن. وجاءت في القرآن آيات كثيرة تذكر هذه الحقيقة. فمثلاً في سورة البقرة (253): »تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات، وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس«. وروح القدس هو روح الله القدوس، كما يقول بعض المفسرين من علماء المسلمين مثل الرازى وابن حنبل. وفي سورة آل عمران (45): »إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه (خالقة متجّسدة عاقلة مفكرة ناطقة مُسيطرة .. إلخ) اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربي «. وفى سورة النساء (171): »إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته (الخالقة العاقلة المفكرة المهيمنة .. الخ) ألقاها إلى مريم وروح منه «. وفى سورة مريم (17): »فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها (أي صار) بشراً سوياً«. والملاك جبرائيل وهو من رؤساء الملائكة لم يكن إلا مجرد رسول ليبلغ مريم العذراء المُطّهرة والمُصطفاة على نساء العالمين كما جاء في سورة آل عمران (42) هذه البشارة السارة، فهو مجرد رسول مثله مثل الملائكة الآخرين كما جاء في سورة فاطر (1): » الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً «. وهو بالطبع لا يملك روح الله ولا يستطيع أن يهب مريم الجنين. والدليل على أن الله هو الذي أرسل روحه إلى مريم جاء في سورة التحريم (12): »ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا «. وهناك آيات أخرى في القرآن تثبت أن السيد المسيح هو إنسان متميز عن كل إنسان وهو كلمة (عقل وحكمة الله وروحه الواحد الأحد) (وللمزيد ارجع لكتاب شخصية المسيح لعبد الفادي).

(5) هل فعلاً المسيح هو الله المتجسد كما يقول المسيحيون؟

وكثيراً ما يُسأل هذا السؤال كيف يكون المسيح الذي جاء من مريم هو الله المتجسد وليس مجرد إنسان مثله مثل آدم خُلق من تراب؟ ولذلك انتهز هذه الفرصة حسب فهمي المتواضع، لأوضح هذه الحقيقة عن طبيعة المسيح. فالمعروف طبياً أن الذي يحدد نوع الجنين ذكراً أو أنثى هو الحيوان المنوي المذكر Y أو X وليست بويضة المرأة. ونحن نعرف أن المرأة الجميلة كما جاء في التوراة والقرآن لم تخلق منفصلة عن آدم بل هي خُلقت من أحد أضلاع آدم القريبة من قلبه لتكون مثله تماماً (في الحقوق والواجبات) وتعينه في حياته على الأرض، (التوراة، التكوين 2: 18). ولذلك حواء لم يكن لها جينات وراثية خاصة بها، بل الجينات الوراثية التي تحمل الصفات الوراثية في الكروموسومات الموجودة في نواة الخلية جاءت من آدم.

ولذلك منطقياً كل إنسان سواء ذكر أو أنثى منذ بدء الخليقة هو في الحقيقة صورة أو نسخة طبق الأصل من آدم (في الشكل والصفات الأخلاقية) وليس من حواء، وكل إنسان منذ فجر الخليقة له صفات وراثية مناصفة من أبويه في ألـ 23 زوج من الكروموسومات الموجودة في كل خلية من خلايا جسده ما عدا السيد المسيح الذي بالطبع لا يحمل جينات وراثية من آدم، بل هو حقيقة كلمة وروح الله (المُتجَّسد) والذي بمعجزة إلهية لقح بويضة العذراء الطاهرة مريم. وهذا بالطبع يتفق مع ما جاء في الإنجيل والقرآن من أن المسيح كان معجزة المعجزات. وفى القرآن في سورة مريم (21) ما يثبت ذلك إذ جاء على لسان الملاك : »قال كذلك قال ربك هو عليَّ هين ولنجعله آية (معجزة) للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً «. وفي الإنجيل » قال الملاك جبرائيل للعذراء الطاهرة مريم: لا تخافي يا مريم، نلت حظوة عند الله: فستحبلين وتلدين ابناً تسمينه يسوع (يهوه، الله يُخلص من الهلاك الأبدي) .. فقالت مريم: كيف يكون هذا وأنا عذراء لا أعرف رجلاً ؟، فأجابها الملاك: الروح القدس يحلُ عليك وقدرة العليِّ تُظَلِّلك، لذلك فالقدُّوس الذي يولدُ منك يُدعي ابن الله (وليس ابن آدم) « لوقا (1: 30 – 35)، ولذلك أبينا آدم (ونسله) الذي جاء من التراب لم يشترك في تكوين المسيح في الرحم، بل السيد المسيح جاء من فوق من السماء من روح الله القدوس، وهذه هي المعجزة الكبرى، وفي حوار المسيح مع رؤساء اليهود جاء ما يثبت أنه جاء من السماء إذ قال:» أنتم من أسفل. أما أنا من فوق (من السماء). أنتم من هذا العالم (الترابي). أما أنا فلست من هذا العالم (الترابي) « يوحنا (8: 23).

وللمزيد من شرح موضوع التجسد، دعني يا صديقي العزيز أُلقي الضوء على هذا الموضوع الهام، فرغم أنه يبدو موضوع غامض وغير معقول، ولكن في الحقيقة نحن نعايشه الآن في كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية. فلقد استطاع الإنسان المعاصر أن يُجسد الإنسان وكل المخلوقات الحية في الراديو والهاتف والتلفزيون والسينما والفيديو والكومبيوتر، وأقرب مثال لذلك هو ما نشاهده يومياً في التلفزيون فنحن نرى فيه عشرات الألوف من الناس (كما رأيناه مثلاً في كأس العالم لكرة القدم أو في أولومبياد 2000م العظيمة في سدني بأستراليا الذي كان فيه أكثر من 120 ألف متفرج في وقت واحد) وكل المخلوقات الحية مُجَّسدين حقيقة أمامنا في التلفزيون رغم بعدهم عنا آلاف الأميال، ولكن في نفس الوقت كنا نشعر وكأننا نعيش في وسطهم، وليس هذا كان مجرد صورة أو خيال. والسؤال: إذا كان الإنسان المعاصر استطاع أن يُجِّسد كل المخلوقات الحية، فهل يعجز الله القادر على كل شئ أن يكون في السماء وفي نفس الوقت يُجِّسد نفسه في صورة إنسان حقيقي على الأرض كالمسيح القدوس؟ (وهناك أمثلة أخرى، ولكن عموماً ليس للأمثلة بُعد لاهوتي، لكنها لتقريب الفكرة لأذهاننا). لذلك أصبحت الإجابة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالمسيح إذن هو في الحقيقة كلمة الله (عقل وحكمة الله ألـ LOGOS) وروح الله بذاته (الواحد الأحد) كما يقول الإنجيل والقرآن، أي الله المُتجسد وهو لم يأتِ من تراب كآدم. فالله القادر على كل شيء كان قادراً أن يتجسد في شعلة من النار وفي شجرة تتقد بالنار دون أن تحترق ويتكلم مع كليمه النبي موسى بالقرب من جبل حوريب في سيناء (وهو الجبل الذي نزلت فيه الشريعة، أي الوصايا العشرة. حيث يوجد الآن مسجد وكنيسة ومعبد يهودي) كما جاء في التوراة والقرآن، فهل يعجز أن يتجسد في صورة إنسان، خلقه على صورته؟

ولذلك نجد في صميم العقيدة المسيحية عند كل المسيحيين أن المسيح هو مولود متميز عن كل إنسان وهو غير مخلوق، ولم يأتِمن التراب، وله طبيعتان في شخصية واحدة، طبيعة لاهوتية (إلهية) وطبيعة ناسوتية (إنسانية) في آن واحد (وهذه هي المعجزة الكبرى)، فهو إله قدوسٌ مُتجسد وإنسانٌ طاهر حقيقي قدوسٌ في نفس الوقت. ويأتي سؤال صعب آخر: لماذا يتجسد الله في صورة إنسان؟ وهذا ما سعينا شرحه وتوضيحه في كتابي: (كيف نتصالح مع الله؟) وسعينا شرحه منذ البداية في هذه الرسالة أيضاً.  

(6) ما معني أن المسيح ابن الله؟

معني أن المسيح ابن الله، هو في الحقيقة أن المسيح لم يأتِ من أبونا آدم ولا هو من نسله الفاسد، بل هو الوحيد من الناس جميعاً الذي أتى من امرأة طاهرة لم يمسّسها بشر ولم يكن له آب أرضي، وكإنسان كان يجب أن يكون له آب مثل كل إنسان، وأنت تتفق معي أيها الصديق العزيز أنه لا يصح أن ندعو أي إنسان باسم أمه، فلذلك السيد المسيح هو الإنسان الوحيد من دون الناس جميعا الذي دُعيّ ابن الله الوحيد (وهو ليس ابن بالمعنى الحرفي، بل هو روح وكلمة وحكمة وعقل الله المتجِّسد) كما جاء في آيات كثيرة في الإنجيل، وكما قال هو عن نفسه في مرات كثيرة أنه ابن الله. وهذا كان من ضمن الأسباب القوية التي دعت اليهود يطالبون بصلبه لأنه ساوى نفسه بالله، واتهموه بالتجديف (الكُفر). وعند محاكمته ثلاث مرات قبل صلبه أمام رؤساء اليهود والملك هيرودس والوالي بيلاطس، نتَّفوا ذقنه ولطموه ولكموه وبصقوا في وجهه (باحتقار) وجلدوه أيضاً كثيراً، وكانوا يضربونه بقسوة مستهزئين قائلين تنبأ يا ابن الله من ضربك، ثم ضفروا إكليل شوك حاد (بديلاً لإكليل الذهب) وألبسوه له، وكانوا يضربونه بقصبة على رأسه مما زاد نزيف الدم من رأسه مع كل ضربة على إكليل الشوك، وطبياً معروف أن الرأس مُمتلئ بالدم أكثر من أي عضو آخر في الجسم، ولذلك كان الدم يملأ كل جسده، وأصبح منظره بشعاً (وهو معلق فوق الصليب)، مع أنه مكتوب عنه، أنه »أبرع جمالاً من كل بني البشر«، وبعد الضرب الشديد والصيام لحوالي 20 ساعة، حمَّلوه صليب كبير لمسافة طويلة ثم عروه تماماً وصلبوه عرياناً (إمعاناً في الاستهزاء به)، وسط مُجرمين خطيرين خارج مدينة القدس، وسّمروا يديه ورجليه على الصليب، وكان معلقاً عليه لمدة 6 ساعات، ملطخاً بالدماء الغزيرة من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، وهو في آلام جسدية ونفسية شديدة، وكان المارة يهزون رؤوسهم ويشتمونه ويقولون »إن كنت ابن الله، فخلص نفسك وأنزل عن الصليب «، وكان رؤساء الكهنة ومعلمو الشريعة والشيوخ يستهزئون به، فيقولون »خلص غيره، ولا يقدر أن يخلص نفسه! هو ملك إسرائيل، فلينزل الآن عن الصليب لنؤمن به! توكل على الله وقال: أنا ابن الله فلينقذه الله الآن إن كان الله راضياً عنه« (متى 27: 39-43). وعندما صرخ وقال أنا عطشان لم يعطوه قطرة ماء واحدة بل أعطوه خلاً ممزوجاً بمُر في إسفنجة معلقة على قصبة (إمعاناً في تعذيبه)، وفوق الصليب كان صامتاً كنعجة صامتة تساق إلى الذبح ولم يصرخ طالباً العفو ولم تنزل دمعة من عينيه، بل طلب المغفرة لصالبيه وقال: »يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون« متى (27: 52)، قالها وهو معلق فوق الصليب (بين السماء والأرض ليصالح الإنسان المجرم مع الله القدوس)، مجروحاً جراحات بالغة من الناس الذين أحبهم، وشفى آلاف المرضى بكلمة فقط أو بلمسة من يده الشافية أو حتى بلمس ثوبه فقط، وفتح عيون مئات العُمي، ولمس البرص فطهرهم، وجعل العشرات من الصُم والبُكم يترنمون من الفرح، وجعل مئات المُكسحين المقعدين والعُرج والمفلوجين يُطفرون ويهلِّلُون من الفرح، وأقام الموتى الكثيرين، وأشبع الآلاف من الجياع بقليل من الخبز وصغار السمك، وأخرج آلاف الأرواح النجسة (أي الشياطين) من المجانين بكلمة فقط. وكان يجول في المدن والقرى ماشياً على قدميه »يصنع الخير للجميع « (لوقا 23: 34). وبغفرانه لصالبيه أثبت أن الذي صُلب هو بنفسه وليس إنساناً آخر شبيهاً به. فلو كان شبيهٌ به صُلب في مكانه وهو بريء لملأ الدنيا صراخاً أنه ليس المسيح، ولصبَّ اللعنة على صالبيه. وهكذا لقد برهن المسيح بغفرانه لصالبيه أنه إله متجسد.

ملاحظات:

(1) كان في إمكان المسيح قبل القبض عليه أن يستدعي اثني عشر جيشاً من الملائكة (أي 12 لواءاً أي حوالي 120 ألف ملاك) لإنقاذه في الحال والذين كان في إمكانهم أن يُبيدوا سكان الكرة الأرضية مضاعفا 22 مرة لو كان سكان العالم 100 مليون نسمة في سنة 30م، راجع (متى 26: 53) وكتاب (كيف نتصالح مع الله؟) ولكنه لم يفعل.

(2) من المحتمل أن السيد المسيح صلب ومات في نفس مكان شجرة معرفة الخير والشر التي كانت في وسط الجنة والتي نصح الله آدم أن لا يأكل منها.

(7) هل صلب المسيح ومات ودفن ثم رفع إلى السماء؟ أم هو رفع إلى السماء دون أن يصلب ويموت؟

أما ما جاء في القرآن: »ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم« (النساء 157) لقد فسر بعض العلماء أن المقصود بذلك أنه عندما قام الرومان واليهود بصلب وقتل السيد المسيح، ظن الناس أن رسالته ستموت أيضاً بموته. ولكن العكس هو الذي حدث، إذ بموته كتبت لرسالته الحياة وانتشرت على وجه الأرض كما لم تنتشر رسالة أو دين من قبل. (ولا يخفى عليك أن الإسلام قد جاء في القرن السابع الميلادي أي بعد ستة قرون من مجيء المسيح، وأول سنة هجرية بدأت في 2 يوليو 622م). وفوق هذا وذاك، لماذا نذهب لتفسيرات العلماء؟ فلقد جاءت في القرآن ما يثبت أن المسيح مات ثم بُعث حياً قبل أن يرفعه الله إلى السماء، بالضبط كما يقول الإنجيل. ومن هذه آيات تقول ما معناه »إن اليهود قتلوا الأنبياء«، ومنهم بالطبع (حسب تصورنا) المسيح. وهناك أيضاً الآية المشهورة في آل عمران (55) »إذ قال الله يا عيسى إني مُتوفيك ورافعك إليَّ ومُطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة«. وأيضا تنبأ السيد المسيح وهو في المهد بموته قبل البعث، كما جاء في سورة مريم (33): »والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً «. فهل القرآن في هذه الآيات لا يقول الحقيقة وينفي أن المسيح كلمة وروح الله المتجسد فعلاً مات أولاً بديلاً عن الإنسان المجرم (ككبش الفداء)، ثم دُفن وبُعث حياً في فجر اليوم الثالث منتصراً على الشيطان والموت الأبدي في جهنم النار، ثم رفعه الله من جبل الزيتون في مدينة القدس أمام شهود عيان كثيرين، ليُجلسه بجانبه الأيمن على العرش (كناية عن التساوي في العظمة والدرجة)، وهو الآن يشفع في المؤمنين إلى اليوم الأخير، وسيأتي مرة ثانية في نفس المكان الذي ارتفع منه إلى السماء! (كما يقول الإنجيل)، ليس كإنسان نجار فقير وضعيف يموت، بل سيأتي للدينونة الأخيرة في السحاب بمجد عظيم مع الملايين من ملائكته القديسين في اليوم الأخير الرهيب وستنظره كل عين من الأحياء والأموات وآثار المسامير في يديه ورجليه وأثر الحربة الكبيرة التي اخترقت صدره نيابة عن الإنسان المجرم (ليوفي العدالة الإلهية التي تطالب بموت الإنسان المجرم في جهنم النار)، والذي لم يستطيع أن يُنمي ويُحافظ على الأرض الجميلة (من التشويه والدمار) التي أهداها له الله بكل ما فيها من مخلوقات حية جميلة لا تحصى، وكنوزٌ أيضاً لا تحصى ولا تعد من الذهب والفضة والحديد والبترول .. الخ مجاناً وبلا مقابل.

وهو سيأتي ليدين الأحياء والأموات على شئ واحد فقط، وهو هل تابوا (رجعوا بعقولهم) وندموا بالدموع (فكرياً على أفعالهم الشريرة التي عملوها بأفكارهم أولاً قبل أقوالهم وأعمالهم) وقبلوا بالشكر فدائه وكفارته العظيمين أم رفضوه، ولن ينفع مال ولا بنون ولا أعمال صالحة تنقذهم من الهلاك الأبدي في جهنم النار! كما يقول الإنجيل، وأنت معي يا عزيزي ويا عزيزتي أن المحكوم عليه بالإعدام له خياران لا ثالث لهما إما يُعدم أو يدفع الدية. أما الصلاة والصوم والأعمال الصالحة مهما كثرت فهي لا تشفع للإنسان ابن آدم، المحكوم عليه بالإعدام والموت الأبدي في جهنم النار، فهذه الأشياء تنفع عندما يدفع الدية، والدية بالطبع هي: الإيمان بالمسيح وقبول فداءه بالشكر والحمد الذي دفعه بكل الحب والتضحية العظيمة عندما مات بالنيابة عنه ليوفي العدالة الإلهية (التي تطالب بموته، أي انفصاله روحياً عن الله!). وفي ذلك اليوم عند البوق الأخير الأموات في المسيح سيقومون أولاً والأحياء المؤمنين الباقين إلى ذلك اليوم سيخطفون جميعاً معهم في السحب في لحظة في طرفة عين لملاقاة المسيح في الهواء ليكونوا كل حين معه بدون دينونة، راجع (1 تسالونيكي 4: 13 - 18 ).

أما الأموات والأحياء غير المؤمنين في ذلك اليوم ستطرحهم الملائكة في جهنم النار الأبدية حيث البكاء وصرير الأسنان من الندم والعذاب، ودودهم لا يموت والنار لا تُطفأ أبداً كما قال المسيح. وأود أن ألفت نظرك أيها الصديق إلى هذا التحذير الذي جاء في الإنجيل في (عبرانيين 10: 31) » مخيف هو الوقوع في يدَّي الله الحي« فماذا ستختار؟ ولماذا لا تعمل مليون حساب يا عزيزي لكي لا تصل إلى هذا المصير المرعب؟

(8) ما هي أهم أقوال وتنبؤات السيد المسيح في الإنجيل؟

ومن أقوال المسيح له أفضل الصلاة والسلام في القرن الأول الميلادي في متى (12: 25) »كل مملكة (أو أمة) منقسمة على ذاتها تخرب وكل بيت منقسم على ذاته لا يثبت (ينهار)«. ويا ليتنا نتعظ من هذه النبؤة التي قالها المسيح منذ ألفى سنة، ويا ليت القادة من أهل السودان الحبيب والأمة العربية وفى كل العالم وفي الأمم المتحدة أيضاً، يعرفون أن في الوحدة قوة وانتصاراً وفى الانقسام هزيمة وخراباً.

وقال أيضا بفمه الطاهر له كل المجد في متى (5 : 17و18): »لا تظنوا أني جئت لأنقض الشريعة وتعاليم الأنبياء: ما جئت لأُبطل، بل لأُكمّل، الحق أقول لكم: قبل أن تزول السماوات والأرض لن يزول حرفٌ (واحد) أو نقطة (على أو تحت حرف) من الشريعة حتى يتم كل شيء (حتى اليوم الأخير)«. والشريعة في المسيحية هي: شريعة المحبة والسلام بين كل الشعوب وكل الناس واحترام حقوق الله وحقوق الإنسان (وهو مبدأ العولمة الذي وصل إليه العالم أخيراً، أي بمعني أن كل الناس بدون فرز في كل مكان في العالم اخوة أحباء، وعائلة واحدة وعالم واحد، ويجب أن يتعاملوا فيما بينهم في كل شي بكل المحبة والود، وأن أباهم واحد، وهو الله الآب السماوي).

وقال المسيح الحي القدوس في مرقس (8: 36و37) »ماذا ينتفع الإنسان لو ربح (أموال) العالم كله، وخسر نفسه (في اليوم الأخير) وبماذا يفدي الإنسان نفسه (الغالية في اليوم الأخير)؟« فلن ينفع مال ولا بنون ولا أعمال صالحة كما ذكرنا من قبل من إنقاذه من جهنم النار كما يقول الإنجيل. فلماذا تخسر يا صديقي نفسك الغالية لَتطرح في جهنم النار الأبدية؟ وماذا تنتظر فالحكمة تقول : لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد؟ والفرصة الذهبية متاحة لك الآن بقراءة هذا الكتاب. وأنت لا تستطيع أن تضمن حياتك ولو لثانية واحدة في هذه الحياة. وما المانع أن تركع لله نادماً على خطاياك الكثيرة (ولو عملتها بأفكارك وحدها) التي لا تحصى ولا تُعد وتطلب الخلاص الآن؟ والله المحب الذي أحبك وفداك بدم المسيح الطاهر سيضمك إلى صدره الحنون في الحال ولن يرفضك إلى الأبد.

وتنبأ المسيح الحي القدوس أيضاً عن طريقين وبابين لا ثالث لهما سيدخل منهما الناس في اليوم الأخير وقال »أدخلوا من الباب الضيق! فإن الباب المؤدي للهلاك (الأبدي في جهنم النار) واسع (جداً) وطريقه رحب (جداً)، وكثيرون (جداً) سيدخلون منه. ولكن ما أضيق الطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية (في ملكوت الله الأبدي في اليوم الأخير) وقليلون (جداً) هم الذين يهتدون إليه« متى (7: 13). فمن أي طريق ستسلك ومن أي باب ستدخل أنت أيها الصديق العزيز؟ ولماذا لا تستمع لنصيحة السيد المسيح الحي؟

ومن أقوال السيد المسيح الحي في (متى 9 : 5): »طوبى (هنيئاً) لصانعي السلام لأنهم يُدعون أبناء الله« (والويل لصانعي الحروب والخصومات لأنهم يُدّعون أبناء الشيطان). والسؤال: هل تريد أن تُدعي ابن الله أم ابن الشيطان؟ ولماذا لا تدعو للسلام حتى يرضى الله عنك؟

 

(9) كيف يتبرّر الإنسان الخاطئ؟ هل بالنعمة الإلهية والإيمان أم بالصلاة والصوم والأعمال الصالحة؟ وكيف ينجو الإنسان من جهنم النار الأبدية؟ وما هي طبيعة الحياة الثانية الجديدة للمؤمن؟ وهل هي جسدية حرفية أم هي روحية سماوية؟

هناك آيات كثيرة في الإنجيل تدل على فساد الإنسان ابن آدم، منها: ما جاء في رسالة رومية (3: 10- 18) »كما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. جميع الناس (بدون فرز منذ أبينا آدم إلا السيد المسيح) زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد. حنجرتهم قبر مفتوح (كريه). بألسنتهم قد مكروا، وسُّم الأصلال (القاتل) تحت شفاههم. وفمهم مملوء لعنة ومرارة. أرجلهم سريعة إلى سفك الدماء. في طرقهم اغتصاب وسحق. وطريق السلام لم يعرفوه. وليس خوف الله قدام عيونهم«.

ولذلك يواجهنا سؤال هام وهو: إذا كانت هذه حالة الناس جميعاً منذ أن تمرد أبينا آدم على الله وأكل من الشجرة المحرمة، كيف يغفر ويرحم الله لهذا الإنسان المجرم الذي عاث في الأرض فساداً وملأ الأرض بالدماء الطاهرة التي حرمها الله؟ والإجابة جاءت في كثير من آيات الإنجيل، وسأذكر بعضاً منها حتى يطمئن قلبك أيها الصديق العزيز وتضمن نعمة الله المجانية بالشكر والحمد عندما تؤمن بكفارة وفداء المسيح. جاء في رسالة رومية (4: 3-6) » فالكتاب يقول: آمن النبي إبراهيم الخليل بكلام الله (وهو أغلف في سن التاسعة والتسعين) فبرره الله لإيمانه (وليس بسبب ختانه أو أعماله الصالحة). من قام بعمل، فأجرته يستحقها على أساس دين وليس على أساس نعمة وهبة مجانية. أما من لا يقوم بعمل صالح، بل يؤمن (فقط) بالله الذي يبرر الخاطئ، فالله يبرره لإيمانه «. وفي رسالة (أفسس 2: 8-10) جاء »لأنكم بالنعمة أنتم مُخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله (المجانية). ليس من أعمال (صالحة) كيلا لا يفتخر (بها) أحد. لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله (منذ الأزل) فأعدها لكي نسلك فيها«. وأهم ما كتب عن الخلاص بالنعمة والإيمان هو: » أما الآن فقد أُعلن التبرير الذي يمنحه الله، مستقلاً عن الشريعة (الأدبية والطقسية) ومشهوداً له من الشريعة والأنبياء، ذلك التبرير الذي يمنحه الله على أساس الإيمان بيسوع المسيح، إذ لا فرق (بين كل الناس)، لأن جميعهم أخطأوا وهم عاجزون عن بلوغ ما يُمَّجِد (ويكَّرم) الله، فهم يبررون مجاناً بنعمته بالفداء بالمسيح بيسوع الذي قدمه الله كفارة عن طريق الإيمان ..، إذ تغاضي بإمهاله الإلهي، عن الخطايا (الكثيرة) التي حدثت في الماضي، ويظهر بره في الزمن الحاضر. فيتبين أن الله بار وأنه يبرر من له الإيمان بيسوع. إذن أين الافتخار؟ إنه قد أُبطل. وعلى أي أساس؟ هل على أساس الأعمال الصالحة؟ لا، بل هو على أساس الإيمان« ( رومية 3: 21 26). أعظم آية في العهد الجديد (أي الإنجيل) كما ذكرنا من قبل هي:»هكذا أحب الله العالم (كله) حتى بذل (ضحيَّة على الصليب) ابنه الوحيد (ابن الله وليس ابن آدم، أيّ كلمته وروحه المتجسد) لكي لا يهلك (في جهنم النار) كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (في ملكوت الله)«. (يوحنا 3 :16).

وجاء أيضاً في (تيموثاوس الأولى 2: 3-6): »فهذا حسن ومقبول عند الله مخلصنا الذي يريد أن يخلص جميع الناس (صغاراً وكباراً، صالحين وأشراراً من كل قبيلة وعقيدة ولسان وشعب وأمة من جهنم النار. فهو يحب الجميع!) وإلى معرفة الحق يقبلون، لأنه هناك إله واحد (أحد). ووسيط واحد (شفيع أحد) بين الله والناس. وهو الإنسان المسيح يسوع الذي بذل نفسه (أي ضحي بنفسه) فدية (أي دية) عوضاً عن الجميع« . (وهو مات حباً عن البشرية كلها على الصليب في مدينة القدس وعلى جبل المُريا، ككبش الفداء السماوي، عوضاً عن آدم ونسله، وبالقرب من مكان شجرة معرفة الخير والشر المحرمة التي كانت في وسط الجنةً.

وقال النبي يوحنا (النبي يحي) في يوحنا (3: 36): »من يؤمن بالابن (ابن الله وليس ابن آدم، أي الكلمة المتجِّسد، وهو الإنسان الوحيد نسل المرأة الموعود به، أي عيسى ابن مريم) فله الحياة الأبدية. ومن لا يؤمن بالابن فلن يرى حياة أبدية بل يحلُ عليه غضب الله «.

ومن دواعي سرور الله ما قاله في لوقا (12: 32): »أن يلتقي المؤمنون في سعادة كاملة في ملكوته السعيد «. »وسيمسح الله كل دمعة تسيل من عيونهم ولن يكون هناك موت ولا حزن ولا صراخ أو ألم أو مرض لأن الأشياء القديمة حتماً ستزول. وقال الجالس على العرش: ها أنا أجعل كل شيء جديداً. وقال (لكاتب السفر) أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة«، اقرأ سفر الرؤيا (21: 1-8). وقيل في (كورونثوس الأولي 2: 9) »ما لم تراه عين، ولم تسمع به أذن. ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه (ويؤمنون بفدائه وكفارته العظيمة)«. فمهما وصل الإنسان المؤمن من العلم والمعرفة فلن يستطيع أن يصف ما أعده الله له في ملكوته العظيم.

أرجو يا عزيزي أن تقرأ الإنجيل، خاصة الطبعات الحديثة إذا نويت جاداً أن تعرف الحقيقة، وستجد في آخرها شرح الحقائق الأربعة التي ستقودك للخلاص وتوصلك إلى نور الحقيقة، وتخلص أنت وأهلك من جهنم النار الأبدية كما خلصت أنا منذ عقود.

وباختصار كما يعطينا الله الذي أحبنا والذي خلقنا في هذه الدنيا ليجعلنا ملوكاً وأمراء على الأرض ولنعيش معه في شركة عائلية حبية ونعتبره في كل وقت أبانا السماوي، فهو يريد أن يعطينا كل شيء مجاناً كما يعطي الآب الأرضي أبناءه كل شيء مجاناً. فهو أعطانا الأرض الجميلة بكل ما فيها من كنوز كالذهب والفضة والحديد والبترول وخلافهم الكثير مجاناً، وأعطانا الشمس والقمر والكواكب والنجوم ونورها مجاناً، وأيضاً أعطانا الهواء والأكسجين والماء العذب اللازم لحياتنا مجاناً. وأعطانا الزرع والفواكه والطيور والحيوانات والسمك مجاناً، وبسخاء كبير دون أن يحاسبنا أو يعيِّرنا بها. فهو يحب جميع الناس مؤمنين وغير مؤمنين، ويريد أن يكرمهم ويسعدهم في هذه الحياة، كما قال المسيح: «فإن الله يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين (مجاناً)« (متى 5: 45). وهو أيضاً يريد أن يعطينا الخلاص الروحي الأبدي مجاناً، رغم أنه كلفه الكثير جداً، فقد ترك أمجاد السماء العظيمة وتسبيح الملائكة الدائم حول العرش، ليتجسد في صورة إنسان ضعيف فقير نجار، ثم يموت كمجرم خطير عوضاً عن خطاياك وخطايا البشرية كلها. فهكذا نرى أن الله الذي يحب الجميع هو يصبر على الإنسان إلى أبعد مدى، ويمنحه الفرصة تلو الأخرى ليتوب (بعقله)، وينال بركات الله الفياضة هنا وفي الحياة الأخرى.

ملحوظة هامة:

الملائكة والشياطين مخلوقات روحية لا نستطيع أن نراها، وليس لها جنس أو أعضاء تناسلية. وفي الحياة الأخرى الجديدة، سنصير مثل الملائكة، ولن يكون هناك زواج بتاتاً بين المؤمنين والمؤمنات، ولن تكون هناك أيضاً ممارسات جنسية بأي شكل من الأشكال. والدليل جاء في أقوال السيد المسيح في حواره مع بعض علماء اليهود، عندما سألوه عن الحياة الزوجية في الحياة الأخرى قال: »لا تضلوا إذ لا تعرفون الكتب ولا قدرة الله، فأبناء هذا الدهر يُزوجون ويتزوجون، ولكن الذين حسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر (الآتي) والقيامة من الأموات لا يتزوجون ولا يُزوجون، ولا يستطيعون أن يموتوا أيضاً، لأنهم سيصيرون مثل الملائكة، وهم (أصبحوا) أبناء الله« ( راجع متى 22: 29، 30 ولوقا 20: 34-36).

(10) هل اليوم الأخير قريب؟ وما هي العلامات التي تسبقه؟ وما هي تنبؤات الأنبياء والسيد المسيح عن هذا اليوم الخطير؟

واليوم الأخير قد يكون قريباً جداً، كما تدل عليه الأحداث العالمية الحالية التي تسبقه من حروب فظيعة ونزاعات قبلية وعرقية ودينية، والتي يؤججها الشيطان عدو الإنسانية والسلام، الذي يعرف أن أيامه قد اقتربت من نهايتها. وكوارث طبيعية عنيفة كالزلازل المدمرة والتي أصبحت ظاهرة أسبوعية تقريباً، وفيضانات عارمة وأعاصير مدمرة وخلافهم والتي ترمز لغضب الله على الأرض والساكنين فيها في الأيام الأخيرة.

وأوبئة فتاكة (كوبائي الإيدز والإيبولا الخطيرين، ومرض جنون البقر ( Cow mad disease) الذي انتشر في دول أوروبا هذه الأيام، والذي يُدمر خلايا المُخ في البقر والإنسان، ووباء الحمى القلاعية ( Foot and Mouth disease) الذي أدى إلى موت أكثر من مليون رأس من الماشية في أوروبا هذه الأيام، وسبب ذعراً شديداً في كل العالم، ووباء السهول المنخفضة الذي ظهر أخيرا في الماشية والإنسان في اليمن والسعودية، وعودة أوبئة خطيرة للظهور مرة أخرى بأكثر عنفاً كالملاريا والسل .. الخ)، ومجاعات عالمية كبيرة (بسبب انتشار اللاجئين والنازحين والمُشردين في العالم كله نتيجة للحروب الكثيرة التي لا تنتهي، وأيضاً بسبب الجفاف والتصحر الذي عم مناطق كثيرة من العالم، وبسبب الانفجار السكاني والكوارث الطبيعية والفقر)، وفساد أخلاقي عالمي (كالشذوذ الجنسي والاغتصاب والإرهاب والخيانة الزوجية وخيانة الأمانة والكذب والرشوة وانتهاك حقوق المرأة والطفل والإنسان وخلافها)، وانهيار اقتصادي عالمي، واضطرابات كثيرة تعم العالم كله، وعلامات في السماء كثقب الأوزون الخطير الذي ظهر في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية وفوق أستراليا ونيوزلندة وأمريكا الجنوبية، والذي يهدد الناس بالسرطانات الجلدية الخطيرة كما ظهر في أستراليا ونيوزلندة، وبالعمى بالكتراكت (أي المياه البيضاء) لكل مخلوق حي يتعرض لهذه الأشعة، نتيجة لتأثير الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تمر بدون عائق من هذا الثقب وتؤثر على عدسة العين والجلد. وهذا الثقب يتسع كل يوم كما يقول علماء البيئة، ولقد حذرت تشيلي الناس (أثناء كتابة هذه السطور) الخروج إلى الشوارع حتى لا يتعرضوا لهذه الأشعة الضارة التي تفني أيضاً كل المخلوقات الحية في كل العالم من نبات وحيوانات وأسماك وطيور وخلافهم، وهذا بسبب أنها ستغير شكل الجينات الوراثية في خلايا هذه المخلوقات كما يقول علماء البيئة، وظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة لتصاعد ثاني أكسيد الكربون في الجو، والذي بسببه ارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل ملحوظ، مما أدى إلى اندلاع الحرائق الكبيرة في الغابات، وظهور أعاصير مدمرة في الأمريكتين وشرق آسيا، وابتداء ذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي والذي سيؤدي إلى ارتفاع مستوي البحار وفيضانات مُدمرة في كل الكرة الأرضية. وآخر العلامات، البشارة بالإنجيل (وهو مترجم الآن إلى أكثر من ألفي لغة ولهجة) بواسطة الأقمار الصناعية وبالإنترنت ووسائل الإعلام الحديثة. كما تنبأ المسيح الحي القدوس في (متى 24: 14) وقال: » فسوف يبشر بهذا الإنجيل في العالم أجمع، شهادة لي لدي كل الأمم. وبعد ذلك تأتي النهاية«. هو أيضاً اليوم الذي قال عنه المسيح الحي القدُوس في (متى 24: 32،33):» خذوا من التينة عبرة، إذا لانت أغصانها وأورقت، علمتم أن الصيف قريب. وكذلك متى رأيتم هذه الأشياء صائرة فاعلموا أن ملكوت الله (واليوم الأخير) قريبٌ على الأبواب (واليوم الأخير يُحتمل أن يكون على عتبة الأبواب الآن)« ، فلماذا لا تعمل مليون حساب يا صديقي لهذا اليوم الرهيب، يوم الحساب والدينونة؟

وأود أيضا أن أشير إلى نبؤه النبيّ إشعياء العظيم (النبي شُعيب) في العهد القديم (أي التوراة) حوالي 700 سنة ق.م: أنه في الأيام الأخيرة بواسطة السودان سيدخل الكثير من الناس في ملكوت الله، فجاء في (إشعياء 18: 7):»في ذلك الزمان (الأخير) ستأتي نفوس كثيرة للرب القدير، ويحملها الشعب الطويل والأجرد (أي شعب كوش وهو شعب السودان الذي ليس له شعر في جلده، أي أمرد)، الشعب الذي يهابه القريب والبعيد، الأمة القوية الجبارة الخُطى، التي تقطع الأنهار أرضها إلى مقر الرب القدير في ملكوته الجديد«، ولا يخفى عليك كثرة الأنهار التي تقطع السودان، وأن أطول نهر في العالم يقطع السودان وهو نهر النيل العظيم وطوله أكثر من 6400 كلم، والذي يأتي بعده في الطول نهر المسيسبى في أمريكا الشمالية. والدليل على أننا نعيش في الأيام الأخيرة، هو وجود نهضة روحية كبيرة لم يكن لها مثيل من قبل في السودان.

وفي العهد القديم أيضاً تنبأ بالتفصيل الدقيق النبي دانيال العظيم حوالي 500 سنة ق.م عن الممالك التي ستحكم الأرض تباعاً من أيامه إلى نهاية التاريخ، فجاء في سفره إصحاح 2: عن تفسيره لحلم الملك نَبوخذ نصر ملك بابل عن نهاية حكم الناس على العالم ما يلي: مُمثلة في قدمي التمثال المصنوعتين من خليط من الخزف والحديد، (واللذين لا يمكنهما أن يتحدا أو يختلطا) الذي رآه الملك في الحلم والذي يمثل دول كثيرة تحكم الأرض في أواخر الأيام، والتي ستحاول أن تتحالف وتتفق وتتحد ولكنها ستفشل. وعندما تتجمع جميع هذه الدول التي تحكم العالم كله، رغم أن منها دول قوية كالحديد ودول ضعيفة كالخزف الهش، سيأتي فجأة حكماً سماوياً أبدياً، مُمثلة في الحجر كما جاء في النبوة، والذي جاء من السماء وضرب التمثال في قدميه، وليس في رأسه، وانسحق التمثال كله وصار كالرماد وتناثر في الهواء، وأما ذلك الحجر صار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها (والذي يمثل مملكة المسيح الأبدية).وهذا ما نراه حادثاً في هذه الأيام الأخيرة، فقد تحالفت جميع دول العالم في هيئة الأمم المتحدة (ولكن بدون اتفاق) ومنهم دول قوية كالحديد مثل أمريكا وروسيا وإنجلترا وفرنسا والصين وغيرهم، مع دول ضعيفة كالخزف الهش . وحتى الآن يوجد 188 دولة في الأمم المتحدة (وهم لم يتفقوا أو يتحدوا في أي شئ)، والباقي دول قليلة لم تنضم، وعندما تنضم هذه الدول عن قريب سيأتي فجأة حكم المسيح السماوي والروحي الأبدي. ومن المحتمل أن تنضم هذه الدول في انعقاد الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في سبتمبر 2001م، أو في السنين القادمة القليلة، والتي عادة ما يجرى فيها تصويت في آخر سبتمبر من كل سنة لقبول دول أخرى، ومن ضمن هذه الدول كما أعلم أنا، اليابان وألمانيا وفلسطين وفيتنام والصين الوطنية!

ولا يفوتني أن أعلق على ما جاء في الإنجيل في سفر الرؤيا 12 و 13 عن ظهور ثلاثة وحوش شرسين قبل اليوم الأخير، أولهم التنين الأحمر (الشيطان) والذي يرمز إلى الوثنية والنازية والفاشستية والشيوعية ويتبعه الوحش الثاني أي النبي الكذاب (المسيح الدجال) المتعطش لسفك الدماء (كالعادة) والذي يتحالف معه تماماً في أعماله الوحشية الوحش الثالث. وفوق هذا وذاك القرن العشرون أي الألفية الثانية لم تنتهي بعد حسب تقويمات أخرى كالتقويم القبطي، فلا تزال بضعة سنين لكي تبدأ الألفية الثالثة وتنتهي الألفية السادسة والأخيرة (أي الستة أيام التي منحها الله للإنسان ليحكم الأرض، لأن ألف سنة كيوم واحد عند الله)، وبعدها تبدأ الألفية السابعة (أي السبت الأول سبت الراحة) وتبدأ مملكة المسيح الأبدية.

(11) ما هي أهم مسؤولية للإنسان تجاه فداء وكفارة المسيح؟

أما مسئولية الإنسان الذي يؤمن والنادم على خطاياه الكثيرة التي عملها أثناء حياته سواء بالفكر أو بالقول أو العمل، ولا يعتمد على قوته وإرادته الشخصية فقط في تقويم وإصلاح نفسه، لأنه سيفشل فشلاً ذريعاً. بل كل المسئولية التي عليه بعد أن عرف أنه خاطئ بالوراثة من آدم وأيضاً بأفعاله الذاتية، ويستحق الموت النفسي والروحي الأبدي هو أن يطلب في صلاته بحرارة (بدون أي وسيط) من الله القادر على كل شيء، الروح القدس الذي يعطيه القدرة على النصر وعلى الخطية وعلى إغراءات الشيطان والتوبة النصوحة. والدليل على ذلك ما قاله المسيح: »فإني أقول لكم: اطلبوا (من الله) تُعطوا، اسعوا (لدى الله) تجدوا، اقرعوا (باب السماء) يفتح لكم. فإن كل من يطلب (من الله) ينال، ومن يسعى (لدى الله) يجد، ومن يقرع (باب السماء) يفتح له. فأي آبٍ منكم يطلب منه ابنه خبزاً فيعطيه حجراً؟ أو يطلب سمكة فيعطيه بدل السمكة حية؟ أو يطلب بيضة فيعطيه عقرباً؟ فإن كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة (مجاناً)، فكم بالأحرى الآب السماوي يهب الروح القدس (مجاناً) لمن يسألونه؟« (لوقا 11: 9).

وقال الله في العهد القديم (التوراة) في سفر (زكريا 4: 6) »لا بالقدرة ولا بالقوة تنتصر (أيها الإنسان) بل بروحي (القدوس الذي يسكن فيك) قال ربُّ الجنود« .

أما المسئولية التي وضعها المسيح على القادة في كل مكان وكل زمان، سواء الآباء أو الأمهات أو المعلمين أو قادة الدين أو الملوك ورؤساء الدول، فهو هداية الناس جميعاً إلى الطريق الصحيح وعدم ضلالهم. وقد وبخ المسيح قادة اليهود من الكهنة وكتبة التوراة والمعلمين (وهذا ينطبق على كل القادة في كل العالم) إذ قال لهم: »الويل لكم أيها القادة المراءون! فإنكم تغلقون ملكوت السماوات في وجوه الناس، فلا أنتم تدخلون ولا تدعون الداخلين يدخلون. الويل لكم أيها الكتبة والمعلمون المراءون! فإنكم تلتهمون بيوت الأرامل وتتذرعون بإطالة صلواتكم (في زوايا الشوارع ووسائل الإعلام المختلفة) لذلك ستنزل بكم دينونة أقسى من الآخرين! الويل لكم أيها الكتبة والمعلمين والقادة المراءون! فإنكم تطوفون البحر والبر تنشرون تعاليمكم المضللة (في وسائل الإعلام الحديثة) لكي تكسبوا واحداً من الناس. فإذا كسبتموه جعلتموه أهلاً لجهنم ضعف ما أنتم عليه! .. الويل لكم أيها الكتبة القادة والمعلمون، فأنكم تدفعون العشور (الزكاة عند اليهود) وقد أهملتم أهم ما في الشريعة: العدل والرحمة والأمانة. كان يجب أن تفعلوا ذلك ولا تغفلوا تلك. أيها القادة العميان! إنكم تُصفّون الماء من البعوضة الصغيرة (ليكون نظيفاً)، ولكن تبلعون الجمل! الويل لكم أيها القادة المراءون، فإنكم تنظفون الكأس والصفحة من الخارج فقط، ولكنها من الداخل مملوءة بما كسبتم بالنهب والطمع. أيها القائد الأعمى، نظِّف أولاً داخل الكأس ليصير خارجها أيضاً نظيفاً. الويل لكم أيها القادة المراءون! إنكم كالقبور المطلية من الخارج بطلاء جميل ومزينة بزينة جميلة فتبدو جميلة المنظر من الخارج، ولكنها من الداخل ممتلئة بعظام الموتى وكل نجاسة! كذلك أنتم أيضاً تبدون للناس أبراراً وقديسين ولكن أنتم من الداخل مملوءين بالرياء والفسق والنجاسة. أيها القادة والحيات، أولاد الأفاعي! كيف تفلتون من عقاب جهنم؟ لذلك ها أنا (كلمة الله المتجسد بذاته الواحد الأحد) أرسل إليكم أنبياء ومعلمين وحكماء،فبعضهم تقتلون وبعضهم تجلدون وتسجنون، وتطاردوهم من مكان إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى. وبهذا يقع على مسئوليتكم كل دم ذكي سُفك على الأرض. من دم هابيل البار إلى.. (آخر قتيل في هذا العالم). الحق أقول لكم: إن عقاب ذلك كله سينزل بكم« (متى 23: 13-26).

والآن يا صديقي لقد عرفت حقائق هامة، فهل ستسكت، أم ستخبر الآخرين بهذه الأخبار السارة؟. ولقد أمر الله في الإنجيل الرسول بولس (في مدينة كورنثوس الفاجرة والداعرة في اليونان في القرن الأول، والذي كان خائفاً للتحدث مع الناس عن المسيح): »لا تخف! بل تكلم ولا تسكت، لأني معك ولن يقدر أحد أن يؤذيك. لأن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة (وفي كل العالم)«. (أعمال: 18: 10). والله منذ البداية كان يريد أن يملأ الأرض بأبناء أحباء وليس بعبيد (لأنه مستغنى) من نسل آدم، كما ذُكر في (التوراة، التكوين 1: 27و28) »فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم وقال لهم أثمروا وأكثروا واملئوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض«. ( ولقد علم المسيح تلاميذه أن يبدءوا صلاتهم بقول: أبانا الذي في السماوات .. وهذه تعتبر أجمل جملة عند الله يقولها إنسان).

والله وعد المبشرين بأجر عظيم في الدنيا والآخرة. فلماذا لا تعمل مثلاً نسخاً عديدة من هذه الرسالة لتساهم بالتبشير، وتوزعها لأهلك أولاً ثم لأصدقائك ولكل أهل بلدك والى كل العالم لو أمكن؟ وهناك أكثر من 6000 مليون (أي 6 بليون) إنسان في العالم اليوم أغلبهم يجهلون هذه الحقائق الروحية؛ وبهذا يمكن أن يتم خلاصهم، والله لن ينسى أجرك.

وقال السيد المسيح في لوقا (10) ويوحنا (4) ما معناه: الحقول ستنضج للحصاد (في الزمان الأخير) والفعلة قليلون (أي المبشرون). فلماذا لا تكون أنت من أولئك الفعلة الذين سيأتون بالحصاد الكثير إلى ملكوت الله الأبدي؟ وقال أيضاً لتلاميذه قبل أن يرتفع إلى السماء من جبل الزيتون القريب من مدينة القدس أمام عيونهم وليس في الأحلام في مرقس (16: 15و16): »اذهبوا إلى العالم أجمع، وبشروا الخليقة كلها بالإنجيل. من آمن (بفدائي وكفارتي له) واعتمد ، خلص (من جهنم النار)، ومن لم يؤمن يُدَّن (ويهلك في جهنم النار في اليوم الأخير)«. فلماذا لا تكون أنت تلميذاً مُؤمناً ومُبشراً أيضاً؟

ووعد الله الذين يعملون في حقل التبشير ببركات أرضية وسماوية. ولو ماتوا هنا على الأرض نتيجة للتعصب الأعمى والاضطهاد، فسينالون الميداليات وأكاليل المجد الأبدية، وسيضؤن كالكواكب في الأبدية، كما جاء في التوراة في سفر (دانيال 12: 3) » الذين ردوا كثيرين إلى البر (وطريق الخلاص) سيضؤن كالكواكب إلى أبد الدهور«. وأي كوكب قد يصل عمره كما قال علماء الفلك إلى 6000 مليون سنة. فلماذا لا تكون أنت أحد هؤلاء الذين سيضؤن إلى ما لا نهاية؟

لذلك أنت معي يا صديقي العزيز، نحن نستنج من هذا كله أن أول عمل مسؤول عنه المؤمن بفداء وكفارة المسيح العظيمين هو البشارة السارة لكل الناس بطريق الخلاص من جهنم النار، وسكوته عن إنقاذ اخوته في الإنسانية يعتبر تقصير وخطية، ولا بد أن الله سيؤدبه كابن على ذلك على الأرض وسينقص أجره في السماء، ولكن بالطبع لن يهلك كما يقول الإنجيل!

(12) ما هي التحذيرات الهامة في الإنجيل لغير المؤمن؟ وما هو مصير غير المؤمن بفداء وكفارة المسيح؟

ولا يفوتني أن أشير إلى التحذير الذي جاء في الإنجيل لكل من يرفض فداء وكفارة المسيح ويتبع الضلالات الشيطانية، كما جاء في (كورونثوس الأولى 6 وتيموثاوس الأولى 3 وسفر الرؤيا 14 و 21 وغيرهم): »أما الجبناء (الكلاب في الترجمة القديمة) وغير المؤمنين بفداء وكفارة المسيح، والفاسدون، والقاتلون، والزناة (الخونة)، والأوغاد، والفُجار، والمُتعجرفون المُتكبرون، وناكري الجميل، والنمامون، والذين لا رأفة لهم ولا عهد (الشرسون)، والذين لا يطيعون والديهم ولا يحترمون الأكبر منهم سناً، وأعداء الخير والسلام، وجميع الكذبة، والمُرتشون، ومضاجعو الذكور (والحيوانات)، والمُتخنثون، والخاطفون، والمُغتصبون (بالقوة أو بالاحتيال والإرهابيون)، والسكيرون (والمدمنون على المخدرات)، والمتصلون بالشيطان، والمأبنون (أي المنحرفون والشاذون جنسياً سواء من الرجال أو النساء)، وعبدة الأصنام والصور (والقبور والأموات والحجارة)، والفاسقون، والظالمون، والسارقون، والطماعون (البخلاء)، والشتامون، وجميع الدجالين، والسحرة، ومُنتهكي حقوق المرأة والطفل والإنسان (في العيش في آمان وكرامة)، فمصيرهم الطرح في البحيرة الملتهبة بالنار والكبريت، الذي هو الموت الروحي الثاني الأبدي«. ( وفي هذه البحيرة لا تستطيع أقدامهم أن تستقر على شيء كما كان المسيح القدوس معلقاً لفترة 6 ساعات على الصليب في مدينة القدس في الفضاء بين السماء والأرض ليموت (مؤقتاً) بديلاً عن الإنسان المجرم (ليوفي العدالة الإلهية)، والذي لم يستطيع أن يُنمي ويحافظ على الأرض الجميلة التي أهداها له الله بكل ما فيها من مخلوقات جميلة وكنوز لا تحصى كالذهب والفضة والحديد والبترول ..الخ مجاناً، ولم يستطيع أيضاً أن يصنع السلام الذي كان ينشده الله عبر آلاف السنين). وهذا الموت يعني: الانفصال الروحي الأبدي عن رحمة الله. وسيتصاعد دخان عذابهم نهاراً وليلاً. وسيكون هناك البكاء وصرير الأسنان الأبدي من الندم والعذاب النفسي الشديد، وأيضاً العطش الشديد لقطرة ماء واحدة، كما عطش المسيح فوق الصليب، وسيكون كل واحد منهم في ظلام أبدي دامس (وما أصعب أن يكون الإنسان بلا أنيس بعيداً عن نور الله ووحيداً في إحدى الثقوب والسُدم المظلمة جداً (Black Holes) والتي يوجد منها آلاف الملايين في الكون. وكما أن الحياة الثانية روحية، فجهنم أيضاً نفسية روحية وليست جسدية حرفية كما يقول الإنجيل!)

والمجد والعظمة والقوة والبركة والإجلال والكرامة والغنى والحكمة والحمد والشكر والقدرة والسلطان إلى أبد الآبدين لإلهنا الحبيب الذي أحبنا أولاً، ووفي العدالة الإلهية في ذاته بالكامل، وفدانا بنفسه من جهنم النار، آمين. 

ونختم ببشارة جمهور الملائكة للرعاة بهذه الترنيمة عند ميلاد السيد المسيح وهو في مذود للبقر والغنم بمدينة بيت لحم في فلسطين كما ذكرت أمه العذراء الطاهرة مريم (أي هو الإنسان الوحيد الذي وُلدَ في مكان الذبائح الكفارية):»المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة«، لوقا (2: 13) ……………… ولكم منا المحبة والسلام.

بقلم د/ جميل عبد السيد فرح

E-mail: «Farahgamil@hotmail.com»

ملاحظات:

  1. هذا الكتاب والنسخة المنقحة من كتاب (كيف نتصالح مع الله؟) طبعة 1999م يوزعان في بعض الأكشاك والمكتبات في العالم العربي. أو يمكن سؤال المطبعة.

(2) لقد وزعت جمعية جدعون العالمية (International Gideons) وحدها، وهي جمعية عالمية تطبع وتوزع الكتاب المقدس مجاناً بأغلب لغات العالم، 56 مليون إنجيل مجاناً في العالم كله بعدة لغات في الفترة من مايو 1999م إلى مايو 2000م. أليس هذا أكبر دليل على قرب النهاية؟ كما تنبأ المسيح في متى (24: 14) وقال » فسوف يبشر بهذا الإنجيل في العالم كله، شهادة لي لدي كل الأمم. وبعد ذلك تأتي النهاية«.

(3) حقائق هامة عن مدينة القدس وهيكل سليمان والمسجد الأقصى: يحتمل أن (شجرة معرفة الخير والشر) كانت في مدينة القدس، وهي الشجرة التي كانت في وسط الجنة وفوق جبل المُريا. والتي حذر الله آدم أن يأكل من ثمرها، وقال له: »لأنك يوم تأكل من هذه الشجرة موتاً (أبديا) تموت« (التوراة، تكوين 2: 17). وفي نفس هذا المكان أيضاً فدى الله ابن النبي إبراهيم الخليل بذبح عظيم، وبالقرب من هذا المكان وفوق قبة الصخرة بالذات بنى النبي والملك سليمان بأمر من الله هيكل سليمان حوالي 1000 ق.م، وكانت تقدم عليه الذبائح الدموية الكفارية من البقر والغنم صباحاً ومساء لفترة ألف سنة، ثم دُمر هذا الهيكل مرتين بسبب عصيان اليهود لله، وكان آخر تدمير سنة 70م، وبتدميره انتهت الديانة اليهودية، لأنه بدون الذبائح الكفارية تكون عبادتهم غير مقبولة. وفي آخر القرن السابع الميلادي بُني المسجد الأقصى في نفس مكان هيكل سليمان القديم. وبالقرب من هيكل سليمان وفوق جبل المُريا أيضاً صُلب المسيح نيابة عن خطايا البشرية كلها، وليكفر عنها بدمه الطاهر بشهادة الإنجيل، حوالي سنة 30م، في مكان يُدعى»جُلجُثة« أي الجمجمة حيث دُفن النبي نوح بعد الطوفان، ويقال أن جمجمة أبينا آدم دُفنت في هذا المكان أيضاً، وبالقرب من مكان يُدعى جهنم (حيث كانت تحرق نهاراً وليلاً الأوساخ والرِمَّم خارج المدينة المقدسة، وكانت النار لا تُطفأ أبداً).

وسلام الله الذي يفوق كل عقل يكون مع جميع من قرءوا هذه الرسالة. وأنا أصلي لله من كل قلبي أن تكون هذه الرسالة مصدر بركة وخلاص من عبودية الخطية وسيطرة الشيطان والنجاة من الطرح الأبدي في جهنم النار في اليوم الأخير القريب. آمين 

المراجع :

  1. التوراة، الإنجيل، والقرآن.

  2. الترجمة التفسيرية للكتاب المقدس باللغة الإنجليزية (LIVING BIBLE)

  3. كتاب (برهان يتطلب قراراً)، تأليف جوش مكدول، ترجمة الأستاذ الدكتور/ القس منيس عبد النور.

  4. كتاب (قصة العقيدة الإنجيلية)، للدكتور/ القس لبيب مشرقي.

  5. كتاب (المسيحية في الإسلام)، للقمص إبراهيم لوقا 1938م.

  6. كُتيب (الإيمان العظيم Mighty Faith) ) تأليف ج. أزوالد ساندرز.

  7. كتاب (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس) إعداد الأستاذ الدكتور/ القس منيس عبد النور.

  8. كتاب علوم وأساسيات الطب الباطني (Davidson).

إلىالأعلى

رجوع