- تعليق على سورة سبأ (34)

فضل داود وسليمان:

ولقد آتينا داودَ منّا فضلاً. يا جبال أوِّبي معه والطيرَ، وأَلَنَّا لَهُ الحديد أنِ أعمل سابغاتٍ وقدِّرْ في السَّرْد واعملوا صالحاً، إني بما تعملون بصير. ولسليمانَ الريحَ غُدُوَّها شهرٌ ورَوَاحها شهرٌ، وأسَلْناله عيْنَ القِطر، ومِن الجنّمَن يعمل بين يديه بإذن ربه، ومَن يَزِغْ منهم عن أمرنا نُذِقْه من عذاب السّعير، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجِفَانٍ كالجواب وقدورٍ راسياتٍ. اعملوا آل داود شكراً، وقليلٌ من عباديَ الشَّكورُ. فلما قضينا عليه الموتَ ما دلَّهم على موته إلاّ دابةُ الأرض، تأكل مِنْسَأته. فلما خرَّ تبيَّنتِ الجِنّ أنْ لو كانوا يعلمون الغَيْبَ ما لبثوا في العذاب المهين (آيات 10 14).

معنى هذه الأقوال:

- 1 - آتى اللهُ داودَ تأويبَ الجبال والطير، فكانت الجبالُ تُرَجِّع التسبيح أو النوحة على الذنب، بخلق صوت مثل صوته فيها.

- 2 - ألان الله لداود الحديد بأن جعله في يده كالشمع، يصوغه كيف يشاء من غير إحماءٍ وطَرْق، فعمل منه دروعاً.

- 3 - تسخير الرياح لسليمان فكانت تسير به كل يوم مسيرة شهرين، قيل كان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر، وبينهما مسيرة شهر. ثم يروح من اصطخر فيبيت بكابل، وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع. وقيل إنه كان يتغدَّى بالري ويتعشّى بسمرقند.

- 4 - إذابة النحاس له كجري الماء، وكان بأرض اليمن.

- 5 - أمر الله الجن أن يعملوا له قصوراً حصينة ومساكن وتماثيل الملائكة والأنبياء على ما اعتادوا من العبادات، وصحون كالحياض التي يُجمع فيها الماء.

- 6 - لم يعرف أحد بموت سليمان إلا دابة الأرض (أي الأرضة) فإنها أكلت عصاه. فقال مفسرو المسلمين إن داود أسس بيت المقدس في موضع فسطاط موسى، فمات قبل تمامه، فوصّى به إلى سليمان، فاستعمل الجنَّ فيه فلم يتم بعد إذ دنا أجله، وأعلم به، فأراد أن يُعمّي عليهم موته ليُتِمّوه. فدعاهم فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب، فقام يصلي متكئاً على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها، فبقى كذلك حتى أكلتها الأرْضة، فخرَّ. ثم فتحوا عنه وأرادوا أن يعرفوا وقت موته، فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت يوماً وليلة مقداراً، فحسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة. (ابن كثير في تفسير هذه الآيات).

فهذه ست أخطاء:

- 1 - لم تسبِّح الجبال والطير، وإنما لسان حالها ناطق بحكمة الله وقدرته.

- 2 - لم يُسمع أن داود كان حداداً وأن الله ألاَنَ له الحديد.

- 3 - لم يسمع أحد أن سليمان كان يطير على الرياح، وأنه كان ينتقل من مكانٍ إلى آخر في طرفة عين.

- 4 - لم يسمع تليين النحاس لسليمان أو أنه كان بأرض اليمن، فإنه كان في أورشليم.

- 5 - الذين بنوا الهيكل هم البناؤون لا الجن، فإن الجنَّ اسمٌ بلا مسمّى.

- 6 - لم يكن موت سليمان بهذه الطريقة.

الصفحة الرئيسية