تعليق على سورة محمد (47)

جنة المسلمين:

فيها أنهارٌ مِن ماءٍ غير آسِن، وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيَّر طعمه، وأنهارٌ من خمرٍ لذةٍ للشاربين، وأنهارٌ من عسلٍ مصفَّى، ولهم فيها من كل الثمرات (آية 15).

وقال عن المتَّقين إنهم على سُرُرٍ موضونة، متَّكئين عليها مُتقابلين، يطوف عليهم وِلْدان مُخلَّدون بأكوابٍ وأباريقَ وكأسٍ من مَعين، لا يُصدَّعون عنها ولا يُنزِفون، وفاكهةٍ مما يتخيَّرون، ولحمِ طيرٍ مما يشتهون، وحورٌ عِينٌ كأمثال اللؤلؤ المكنون... وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سِدْرٍ مخْضود، وطلْحٍ منضود، وظلٍ ممدود، وماءٍ مسكوب، وفاكهةٍ كثيرة لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ، وفُرُشٍ مرفوعةٍ. إنّا أنشأناهنَّ إنشاءً، فجعلناهنَّ أبكاراً، عُرُباً أتراباً (الواقعة 56: 15 37). وقال: فيهِنّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لم يطمِثهُنَّ إنسٌ قبلهم ولا جانّ (الرحمن 55: 56).

فجنَّة المسلمين فيها حدائق من شجر نبق لا شوك فيه، وشجر موز منتظم الثمر، وفي ظلٍّ ممتدٍّ عليهم، وماءٍ منصبٍّ بين أيديهم، وفاكهةٍ كثيرةِ الأجناس لا تنقطع، ولا يمنعهم أحد من تناولها، ونساءٍ جالسات على الأرائك أنشأهنَّ اللهُ إنشاءً جديداً، فجعلهنَّ أبكاراً، مُتحبِّباتٍ لأزواجهن، كلهن من سنٍّ واحدة، وقد قصرْنَ عيونهن على أزواجهن لم يطمثهن أو يمسسهنّ قبلهم إنس ولا جان، كأنهن الياقوت واللؤلؤ في حمرة الوجنة وبياض البشرة وصفائها.

أما وعد المسيح فهو بيت الله وهناك التسبيح والتقديس، بيت منزّهة عن الأكل والشرب والشهوات. لأنهم في القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء (متى 22: 29 ، 30).

الإسلام يسوّغ لأتباعه الاقتران بأربع وكل ما ملكت أيْمانهم (النساء 4: 3) أما المسيح فقال: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى؟... ويكون الاثنان جسداً واحداً. فالذي جمعه الله لا يفرّقه إنسان . وقال لليهود: موسى أذن لكم أن تطلّقوا نساءكم من أجل قساوة قلوبكم وإنه لا يجوز الطلاق إلا لعلة الزنا (متى 19: 4 9) يعني أن الله خلق آدم وخلق له حواء واحدة، فلم يخلق امرأتين ولا ثلاثة لآدم، وهو برهان مقنع. وفي الإسلام إذا قال الرجل لامرأته ثلاث مرات: أنت طالق، فلا تحلّ له إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره (البقرة 2: 230).

ولا نستغرب هذه الأفكار إذا نظرنا إلى سيرة واضع شريعة الإسلام، وقد رماه أهل عصره بأن ليس همُّه إلا النكاح، فقال للمعترضين عليه: أم يحسُدون الناس على ما آتاهم الله من فضله (النساء 4: 54 راجع تعليقنا هناك). وكانت له نحو 16 زوجة، وسوّغ لنفسه أن ينكح كل من وهبته نفسها (الأحزاب 33: 50). وحلّل لنفسه من يهواها (التحريم 66: 1). ولم يستقبح أخذ امرأة زيد الذي تبنّاه.

أما المسيح فهو منزّه عن كل خطية وشبه الخطية. وقد شهد أعداؤه بأنّه قدوس طاهر، ومحمد قال: كل ابن آدم يطعنه الشيطان في جنبيه بأصبعه حين يولد، غير عيسى بن مريم . وقال القرآن: وإني سمّيتها مريم، وإني اُعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم (آل عمران 3: 36). فالمسيح طاهر قدوس وهكذا يجب أن يكون تابعوه.

الصفحة الرئيسية