المبحث الثامن

الباراكليت ومحمد

يدَّعي إخواننا المسلمون أن اسم نبيهم محمد قد ورد في الإنجيل استناداً إلى ما ورد في القرآن في سورة الصف 61 :6 وَإِذْ قَالَ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي ا سْمُهُ أَحْمَدُ ,

وقالوا إن معنى باراكليت اليونانية الواردة في الإنجيل أحمد ?وأحمد ومحمد سيان, وبعضهم يدّعي أن الإنجيل مبدل لأن هذه البشارة ليست فيه الآن ?مع أنها لاتزال مدونة كما كانت في أيام محمد في اللغة اليونانية, ولكن ما فهمه القرآن من الكلمة المقصودة في الآية في غير محله ?لأن الكلمة اليونانية كذا : IIAPAKAHTOE وليست كذا IIEPIKAHOTE

وبالحروف الإفرنجية كذا paracletos وليست pericletos تعريبها باراكليتس وليس بِرِكلِتُس, فالأولى معناها المعزي والثانية المشهور والمحمود,

وهذه الآية لم تزل في الإنجيل برهاناً على أنه لم يتغير, ولنرجع الآن إلى إيراد الآيات التي فيها لفظة الباراكليت لنفهم معناها من القرائن ?ولنرى هل يصح أن تُنسب إلى محمد كما يدعي إخواننا المسلمون?

وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَّزِياً - باراكليت - آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ ?رُوحُ الحَقِّ الذِي لَا يَسْتَطِيعُ العَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ ?لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلَا يَعْرِفُهُ ?وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ - يوحنا 14 :16 و17 -

وَمَتَى جَاءَ المُعَّزِي - الباراكليت - الذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ ?رُوحُ الحَقِّ ?الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ ?فَهُوَ يَشْهَدُ لِي - يوحنا 15 :26 - ,

لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ المُعَّزِي - باراكليت - وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ العَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ يوحنا 16 :7?8 - ,

وَفِيمَا هُوَ - المسيح- مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ ?بَلْ يَنْتَظِرُوامَوْعِدَ الآبِ الذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي ?لِأَنَّ يُوحَنَّا - يحيى - عَمَّدَ بالمَاءِ ?وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بالرُّوحِ القُدُسِ ?لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ - أعمال 1 :4 و5 -

وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الخَمْسِينَ كَانَ الجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ?وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلَأَ كُلَّ البَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ ?وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلَأَ الجَمِيعُ - المؤمنون والرسل - مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ ?وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا - أعمال 2 :1 4 -

لا يخفى أن المسيح كان معلم الحواريين مدة إقامته بينهم ?وكان مرشداً ومعزياً لهم ومدافعاً عنهم حتى تعلقت قلوبهم به ?وهو بسابق علمه عرف أن فراقه لهم بواسطة الموت سيحزنهم جداً, وتحقق أنهم في حاجة إلى مساعدة سماوية للتقوية والإرشاد والتعزية بعد فراقه ?لذلك سبق فوعدهم بالروح القدس المعزي الآخر ?كما رأيت في الآيات السالفة الذكر,

وبعد إنعام النظر في هذه الآيات يتضح لنا أن الشخص الموعود به لا يمكن أن يكون محمداً نبي المسلمين لأسباب تراها في نفس الآيات :

1 إن الموعود به غير ذي جسم روح الحق لذلك لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه, وهذا الوصف لا يصدق على محمد لأنه ذو جسم وقد رآه العالم المؤمن والكافر,

2 إن الموعود به جاء ليمكث مع الحواريين إلى الأبد ليمكث معكم إلى الأبد وهذا أيضاً لا يصدق على محمد ?لأنه لم يأت في زمن الحواريين ?ولم يمكث في العالم أو معهم إلى الأبد,

3 إن الموعود به كان وقتئذ مع الحواريين لأنه ماكث معكم وهذا أيضاً لا يصدق على محمد لأنه لم يكن مع الحواريين,

4 إن المسيح أوصى الحواريين أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا ذاك المعزي الروح القدس, وهم إطاعة لأمر سيدهم - والمسلمون يعتقدون أن الحواريين طائعون - انتظروا عشرة أيام في أورشليم حتى جاء ذلك المعزي وامتلأ الجميع من الروح القدس وهذا أيضاً لا يصدق على محمد ?وإلا كان يجب على الحواريين أن ينتظروا في أورشليم نحو ست مئة سنة إلى مجيء محمد ?وأنىَّ لهم هذا العمر! وخصوصاً أن المسيح وعدهم بإرسال هذا الروح المعزي على عجل ?وإلا فليس من فائدة للتعزية وهم موتى ?فتعزيةً لهم قال : وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بالرُّوحِ القُدُسِ ?لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ - أعمال 1 :5 - ,

5 ولست أظن أن الأخ المسلم يريد أن يعتقد أن المسيح هو الذي أرسل محمداً ?لأن الآيات السالفة تبين أن المسيح هو الذي أرسل الروح المعزي, فإن كان ذلك فلنا معه بحث آخر ?فيه يضطر أن يسلم بألوهية المسيح المرسِل ?لأن محمداً كان يدّعي أنه رسول الله ?فتأمل! والله أسأل أن يهب أخي المسلم هذا الروح القدس كما وهب الحواريين ?كي يرشده إلى الحق ويهديه سواء السبيل ?وينير ذهنه ليعرف الغث من السمين,

الخاتمة

ها قد عرفت مما سبق أنه ليس من واسطة للحصول على مغفرة الخطايا وطهارة القلب إلا المسيح ?وليس من كتاب يدل على طريق هذا الخلاص إلا الكتاب المقدس التوراة والإنجيل ?وليس من ديانة توفق بين عدل الله ورحمته وإظهار محبة الله للناس إلا الديانة المسيحية, فانتهز الفرصة أيها الأخ لأن الوقت وقت خلاص واليوم يوم مقبول,

والقصد من المباحث الماضية والمناظرة فيها ?الوصول إلى الحقيقة والحصول على السعادة بواسطة اتباع تلك الحقيقة, والله أسأل في الختام أن يمنح أخي المسلم روحه الصالح ?وينير ذهنه في تفتيشه عن الحق ?ويهديه الصراط المستقيم موضوع صلاته اليومية ?كي ينال الخلاص بالمسيح ?والحياة الأبدية في النعيم إلى أبد الآبدين,

الصفحة الرئيسية