الاسلام فى عرف القرآن

 

توطئة (( الاسلام ))  اصطلاح لدين الله المنزل فى الكتاب

 

دين القرآن , بل دين الله على الاطلاق , هو الاسلام : (( ان الدين عند الله الاسلام )) [ آل عمران 19 ]

لذلك (( ومن يبتغ غير الاسلام دينا , فلن يقبل منه , وهو فى الاخرة من الخاسرين ))  [ ال عمران 85 ]

 

يظن الجاهلون او المتجاهلون ان هذا (( الاسلام )) هو اسلام آل محمد من دون سواهم . لكن القرائن الفرآنية , فى الآيتين وفى القرآن كله تشهد بأن اسلام القرآن هو اسلام الكتاب الذى يبلغه النبى العربى لبنى قومه [ الشورى 13 ]  وهو اسلام (( النصارى ))  على الخصوص . هذا هو الركن الاساسى للحوار الاسلامى المسيحى .

 

 

بحث أول

اسلام القرآن هو اسلام الكتاب

( القاعدة الاولى للحوار الاسلامى المسيحى )

 

1- الاسلام بين القرآن والكتاب واحد

 

·  فى عرف القرآن , (( ان الدين عند الله الاسلام )) [ ال عمران 19 ].

 

لكن هذا الاسلام هو اسلام الكتاب نفسه , بنص القرآن القاطع : (( أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والارض طوعا وكرها , واليه يرجعون . قل : آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط . وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم , ونحن له مسلمون : ومن يبتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ,وهو فى الاخرة من الخاسرين ))  [ ال عمران 83- 85 ] .

 

فالاسلام هو دين , ابراهيم وموسى وعيسى (( لانفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )) واسلام الفرآن هو اسلامهم اى اسلام الكتاب لا اسلام غيره .

 

·  والقرآن يشرع للعرب اسلام الكتاب نفسه .

 

(( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا _  والذى اوحينا اليك _  وما وصينا به ايراهيم و موسى   و عيسى : ان أقيموا الدين   ولاتتفرقوا فيه ! كبر على المشركين ما تدعوهم   اليه ))

[ الشورى 13 ] . فالدين الذى يشرعه الله فى القرآن للعرب هو دين ابراهيم وموسى وعيسى وهذا هو اسلام الكناب  -   فاسلام الفرآن هو اسلام الكتاب .

 

·  والقرآن أخذ الاسلام أسما ومعنى من الكتاب .

 

(( هو سماكم المسلمين من قبل وفى هذا ))  [ الحج 78 ] اى من قبل القرآن فى الكتب المتقدمة وفى هذا القرآن , والضمير لله ويدل عليه انه قرئ : الله سماكم او لابراهيم . وتسميتهم مسلمين فى القرآن لم يكن منه  [ البيضاوى ] -  فالله تعالى منذ ابراهيم يسمى المؤمنين بالتوحيد     الكتابى    ا لمنزل مسلمين         فورث القرآن اسلام الكتاب اسما ومعنى

 فاسلام القرآن  هو اسلام الكتاب .

 

·  محمد نفسه فى هدايته وبعثته يؤمر ان ينضم الى المسلمين من قبله .

 

(( انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذى حرمها , وله كل شئ , وامرت ان اكون من المسلمين , وان أتلو القرآن )) [النمل91-  92 ] -  فالمسلمون موجودون من قبل محمد , وهو يؤمر بان ينضم اليهم ويتلوا معهم (( القرآن )) -  وما قاله محمد عن نفسه ,قاله نوح عن نفسه من قبله : واتل عليهم نبأ نوح اذ قال لقومه..... وأمرت ان اكون من المسلمين [يونس 71 و72 ]   فالاسلام من نوح الى محمد واحد وهو اسلام الكتاب .

 

·  وفرعون عند غرقه يعلن اسلامه بحسب اسلام بنى اسرائيل .

 

(( وجاوزنا ببنى اسرائيل البحر فتبعهم فرعون وجنوده . بغيا وعدوا حتى اذا ادركه الغرق قال : أمنت انه لا اله الا الذى امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين )) [ يونس 90 ] .

فبنو اسرائيل ورثة نوح وابراهيم وموسى هم المسلمون لانهم أوتوا الكتاب : (( ولقد آتينا بنى اسرائيل الكتاب والحكم (الحكمة) والنبوة  ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين ))

[ الجاثية 15]  -  ولانهم ورثوا الكتاب : (( ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بنى اسرائيل الكتاب )) [ المؤمن 53 ]-  فالاسلام هو اسلام الكتاب قبل اسلام القرآن-  وما اسلام القرآن سوى اسلام الكتاب الذى شرعه الله للعرب  [ الشورى 13  ] .

 

2-وحدة الكتاب المنزل فى التوراة والانجيل والقرآن

 

·  لذلك يعلن القرآن وحدة الكناب المنزل فى التوراة والانجيل والقرآن .

 

(( كان الناس امة واحدة , فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ))  [ البقرة 212 ] . وهذا الكتاب الواحد نزل توراة وزبورأ وانجبلا وقرآنا : ((نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه (قبله)  وانزل التوراة والانجيل من قبل ... وانزل الفرقان ))  [ ال عمران 3 ] .

قال الزمخشرى :   ان  الله  تعالى  بتنزيل    التوراة   والانجيل   والقرآن     أنزل  الفرقان   كله

 (( جنس الكتب السماوية لانها كلها فرقان يفرق بين الحق والباطل ))

وقال البيضاوى : ((وانزل الفرقان : ذكر ذلك بعد الكتب الثلاثة ليعم ما عداها وقد يراد به الزبور او القرآن , وكرره مدحا )) ورآى الزمخشرى أقرب الى الصواب الفرقان تفصيل الكتاب 

 

·  وهذه الكتب المنزلة يصدق بعضها بعضا .

 

(( وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة , وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور . وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه (قبله) من الكتاب ومهيمنا عليه )) [ المائدة 46-  51 ] (( مهيمنا عليه اى شاهدا له ))   [ الجلالان ] .

 

·  وما القرآن نفسه سوى نسخة عربية ااكتاب .

 

(( والكتاب المبين . انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) [ الزخرف 1-  2 ] فكتاب موسى هو الامام وقرآن محمد تصديق له : (( ومن قيله كتاب موسى اماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا )) [ الاحقاف 12 ]  كأنه لشدة مطابقته لايختلف عنه الا باللسان العربى . فالقرآن تصديق للكتاب وتفصيل : (( أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا ( القرآن )  , والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق , فلا تكون من الممترين ))  [الانعام 114]  لاحظ من تعريف ( الكتاب )  فى الموضعين ان المنزل على محمد والمنزل من قبل واحد , وما القرآن سوى تفصيل للكتاب .

 

·  ليس القرآن سوى تصديق وتفصيل للكتاب .

 

بلسان عربى مبين : (( وما كان هذا القرآن ان يفترى من دون الله , ولكن تصديق الذى بين يديه (قبله) وتفصيل الكتاب , لاريب فيه , من رب العالمين ))  [ يونس 37 ] .

فوحدة الكتاب بين التوراة والانجيل والقرآن شاهد عدل على وحدة الدين ووحدة الاسلام فى عرف القرآن .

 

3-           وحدة الايمان من وحدة الاسلام .

 

·  ويعلن القرآن ايضا وحدة الايمان بين القرآن والانجيل والتوراة .

(( يا ايها الذين امنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله , والكتاب الذى انزل من قبل ! ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ))

[النساء135 ]

 

·  ايمان واحد واسلام واحد .

(( قولوا :امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحق ...وماأوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم:لانفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )) [ البقرة 136 ]

 

·  لا تفريق فى الايمان والاسلام ما بين موسى وعيسى ومحمد  .

 ((قل : امنا بالله و بما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق .... وما اوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم : لانفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )) [ ال عمران 83- 85 ]

 

4-وحدة الايمان والاسلام تقوم على وحدة الوحى .

 

·  ان وحدة الكتاب والاسلام والايمان تقوم على وحدة الوحى .

 

(( انا اوحينا اليك كما اوحينا ال نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط , وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان , واتينا داود زبورا , ورسلا لم نقصصهم عليك , وكلم الله موسى تكليما , رسلا مبشرين ومنذرين , لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل! وكان الله عزيزا حكيما ))  [ النساء 162- 164 ] .

 

فوحدة الاسلام بين اهل القرآن واهل الكتاب تقوم على وحدة الكتاب المنزل , ووحدة الدين الكتابى , ووحدة الايمان الاسلامى . ووحدة الوحى الا لهى .

 

·  لذلك لما تلا محمد القرآن على اهل الكتاب اجابوه انهم مسلمون من قبله .

 

(( الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم يؤمنون به , واذا يتلى عليهم قالوا : امنا به انه الحق من ربنا , انا كنا من قبله مسلمين . اولئك يؤتون أجرهم مرتين ))  [ القصص 52- 54 ] .

 

فكان جواب القرآن لتصريح اهل الكتاب انهم مسلمون من قبل القرآن : ان لهم اجرهم لايمانهم باسلام الكتاب واسلام القرآن , او كما يقول البيضاوى : (( لكونهم على دين الاسلام قبل نزول القرآن او تلاوته عليهم )) .

 

فاسلام القرآن هو اسلام الكتاب فى (( امة واحدة )) .

 

وهكذا اتضحت لنا القاعدة الاولى من الحوار الاسلامى المسيحى : اسلام القرآن هو اسلام الكتاب  ومن يبتغى غيرهذا الاسلام الكتابى الفرآنى دينا . فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين  . [ال عمران 83- 85 ]

 

الصفحة الرئيسية