بحث رابع

هل نسخ القرآن التوراة والانجيل ؟

القاعدة السادسة فى الحوالر الاسلامى المسيحى

 

توطئة : النسخ ميزة القرآن وحده فى الناسخ والمنسوخ منه .

 

فالنسخ فى القرآن من خصائص القرآن فى أحكامه من الناسخ والمنسوخ . اما فكرة نسخ القرآن للتوراة والانجيل فهى غريبة عن القرآن ولا يقول بها على الاطلاق .

 

قال جلال الدين السيوطى فى ( الاتقان 2: 22 )  النسخ مما خص الله به هذه الامة .

 

والنسخ يقع فى العقيدة والشريعة -   والعقيدة فى القرآن تسمى الهدى -   والشريعة تسمى الدين  والمبدأ العام فى القرآن أن الهدى فى التوراة والانجيل والقرآن واحد . لذلك يأمر القرآن نبيه : (( أولئك الذيم أتيناهم الكتاب والجكم والنبوة ... فبهداهم أقتده )) الانعام 91

فلا يوجد نسخ فى العقيدة ما بين القرآن والكتاب كله .

 

والمبدأ العام فى القرآن أيضا ان الدين فى الثلاثة واحد لذلك يقول : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ... والذى آوحينا إليك _ وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى : ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )) الشورى 13

فلا نسخ فى الشريعة والدين مابين توراة موسى وانجيل عيسى وقرآن محمد .

 

فمن أين جاؤوا ببدعة نسخ القرآن للتوراة والانجيل ؟

 

أولا : النسخ فى لغة القرآن

 

ترد لفظة  نسخ  فى أربع آيات قرآنية لاغير :

 

1-      هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون )) الجاثية 28 . فسره الجلالان : هذا كتابنا : ديوان الحفظة – الملائكة الحفظة  كنا نستنسخ : نثبت ونحفظ ما كنتم تعملون . فالأمر هنا يتعلق بملائكة الله الذين يسجلون أعمال البشر ليوم الدين

 

2-  (( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الالواح فى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون )) الاعراف 153                                               النص صريح ولا يحتاج الى تعليق

 

3-  (( وما أرسلنا من قبلك رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته , فينسخ الله ما يلقى الشيطان , ثم يحكم الله آياته , والله عليم حكيم ))  الحج 52

 

فسره الجلالان : تمنى اى قرأ  وأمنيته اى قراءته -  وقد قرأ النبى فى سورة النجم بمجلس من قريش , بعد ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى ) بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه ( تلك الغرانيق العلى وان لشفاعتهن لترتجى ) -  ففرحوا بذلك , ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك فحزن . فسلى بهذه الآيات

 

فالنسخ المذكور هو إذن من خصائص القرآن فى تنزيله , ولا وجود لمعنى نسخ كتاب بكتاب , أو شرع بشرع , والنسخ عند كل ( رسول او نبى )  من قبل محمد يتعلق بنسخ ما يلقيه الشيطان فى الوحى  لا بأحكام الكتاب .

 

4-  (( ما ننسخ من آية او ننسها ( ننسيها )  نأت بخير منها او مثلها : ألم تعلم إن الله على كل شئ قدير ))  البقرة 106

 

تلك هى آية النسخ الشهيرة وهى صريحة أنها تنحصر فى نسخ آية بآية وفى القرآن نفسه . فسرها الجلالان : نزلت لما طعن الكفار فى النسخ وقالوا ان محمدا يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غدا ! فالنسخ اذن من خصائص القرآن فى تنزيله ولا علاقة له على الاطلاق بنسخ كتاب منزل بكتاب آخر منزل او بنسخ شرع منزل بشرع آخر منزل .

هذا هو الواقع القرآنى فى لغة النسخ : ان القرآن يحصر مبدأ النسخ فى آياته وأحكامه ,

ولا ينظر فى تطبيق مبدأ النسخ على كتاب غيره .

والاستناد الى آية النسخ للقول بنسخ كتاب بكتاب أو شرع بشرع هو فرية على القرآن , والقرآن منها براء

 

ثانيا : النسخ فى علوم القرآن

 

يذكر السيوطى فى الاتقان 2 : 20 معانى النسخ , يقول :

 

 يرد  النسخ  بمعنى  الإزالة , ومنه قوله : فينسخ الله  ما يلقى الشيطان  ثم يحكم   الله آياته   الحج 52

 وبمعنى التبديل ومنه : واذا بدلنا آية مكان آية  والله أعلم بما ينزل , قالوا انما أنت مفترِ بل اكثرهم

 لا يعلمون  النحل101

وبمعنى التحويل , كتناسخ المواريث من واحد الى واحد ( فى سورة الانفال نسخ الارث بالموالاة  بالارث بالرحم وذلك فى آيتين متقاربتين )

وبمعنى النقل من موضع الى موضع ومنه  نسخت الكتاب  اذ نقلت ما فيه محا كيا لفظه وخطه ... يشهد قوله تعالى ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون )

 

النسخ مما خص الله به هذه الامة لحكمة منها التيسير

وقد أجمع المسلمون على جوازه وأنكره اليهود ظنا منهم أنه بداء

 

وفى هذه المعانى كلها يحصر القرآن أنواع النسخ وأسماءه وأشكاله بنفسه

 لا ينظر فيها الى غيره .

وقد ألفوا كتبا فى (( الناسخ والمنسوخ )) من القرآن , تنحصر فيه , ولا تطال غيره .

 

ثالثا : القول بنسخ القرآن للتوراة والانجيل فى العقيدة – ينقض القرآن نفسه

 

1- الكتاب فى الثلاثة واحد

يعلن القرآن وحدة التوراة والانجيل والقرآن : (( كان الناس امة واحدة فبعث الله مبشرين ومنذرين  وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما إختلفوا فيه )) البقرة 212

فالكتاب واحد فى التوراة والانجيل والقرآن فلا نسخ بينها .

 

والقرآن ينذر بعذاب النار من يكفر بأحد الكتب الثلاثة لانها كلها الكتاب : (( الذين كذبوا بالكتاب وبما ارسلنا به رسلنا فسوف يعلمون , إذ الاغلال فى أعناقهم والسلاسل يسحبون فى الحميم , ثم فى النار يسجرون  )) غافر 72

 

2- التنزيل فى الثلاثة واحد

 (( الله ... نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه , وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس ,وانزل الفرقان ))      ال عمران 1- 3

فالكتب الثلاثة تنزيل الله , فلا ينسخ بعضها بعضا بل فى نظر القرآن يصدق بعضها بعضا : (( وقفينا على آثرهم بعيسى ابن مريم مصدقا لمل بين يديه من التوراة وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لمل بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ... وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ))  اى شاهدا له  المائدة  46- 54 

والكتاب الذى يصدق كتابا لا ينسخه .

 

3- الاسلام فى الثلاثة واحد

قل: آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط , وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم : لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون : ومن يبتغى غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين   ال عمران 83- 85

والاسلام فى نظر القرآن واحد من ابراهيم الى موسى الى عيسي الى محمد , ولا دين عند الله غير هذا الاسلام التوراتى الانجيلى القرآنى : وهل ينسخ الاسلام نفسه بنفسه ؟

 

4- ومن الاسلام الايمان بكتبه تعالى ورسله بلا تفريق

(( يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى انزل من قبل : ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا   النساء 135

والمسلمون مأمورون بالايمان  بالكتاب كله ال عمران 119

 

وهذا الايمان لايضيره اختلاف طرق العبادة : (( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ! ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين )) البقرة 177

فالكتاب واحد والنبوة واحدة والاسلام واحد والايمان واحد

فهل من نسخ  مقبول معقول بعد هذا كله , فى نظر القرآن؟

 

5- ان الكتاب هو إمام القرآن فى الهدى والبيان , فكيف ينسخه ؟

قال: (( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة , وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ))         الاحقاف 12

فالكتاب هو إمام القرآن , وما القرآن سوى نسخة عربية مصدقة للكتاب الإمام

فكيف ينسخه ؟

 

6- إعلان القرآن انه لايفرق بين كتب الله ورسله

(( لانفرق بين أحد منهم , ونحن له مسلمون )) البقرة 136 و آل عمران 85

شاهد على انه لا ينسخها

 

7- إعلان القرآن المتواتر أنه (( تصديق )) الكتاب كله لبرهان قاطع على عدم نسخه

 

(( وآمنوا بما انزلت مصدقا لما معكم ))  البقرة 41

(( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ))  البقرة 81

(( وهو الحق مصدق لما معهم ))  البقرة 91

(( نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه ))  البقرة 97

(( ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم ))  البقرة 101

(( الله ...  نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ))  آل عمران 3

(( يا ايها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم ))  النساء 46

(( وما نزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )) المائدة 47

(( وهذا كتاب أنزلناه بالحق مبارك مصدق الذى بين يديه )) الانعام 92

(( وما كان حدبثا يفترى ولكن تصديق الذى بين يديه ))  يوسف 111

(( والذى آوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ))  فاطر 31

(( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة , وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ))  الاحقاف 12

(( اذا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه ))  الاحقاف 31

 

(( وما كان هذا الكتاب ان يفترى من دون الله , ولكن تصديق الذى بين يديه , وتفصيل الكتاب , لاريب فيه , من رب العالمين )) يونس 37

 

فسر البيضاوى هذه الآية الآخيرة :

جاء تصديقا  جاء  مطابقا  لما  تقدمه من  الكتب الالهية  المشهودة  على  صدقها ....

( فهو)  شاهد على صحتها , وتفصيلا للكتاب اى تفصيل ما أثبت وحقق من العقائد والشرائع .

 

والقرآن تصديق للكتاب  اى مطابق له : فكيف يتجاسر أحدهم ويزعم أنه نسخه ؟  فالقول ان القرآن نسخ التوراة والانجيل هو نقض لتعليم القرآن كله ومن يقول بذلك إلا جاهل بالقرآن أو متجاهل لتعليمه .

 

صفة القرآن انه (( تصديق )) التوراة والانجيل : والقول بالتصديق والنسخ نقيضان لا يتفقان  وليس فى القرآن تعليم لنسخ التوراة والانجيل

بل (( تصديق الذى بين يديه ))  اى قبله   يونس 36)

 

رابعا : والقول بنسخ شرع القرآن اشرع التوراة والانجيل ينقض القرآن نفسه

 

فى هذا الباب للقرآن ثلاثة مواقف , وفيها جميعا لا ذكر لنسخ شرع بشرع

 

1-     فى الموقف الاول يعلن انه ينقل للعرب شرع الكتاب وسننه :

 

(( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ...... وعيسى , ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ))  الشورى 13

 

فسره البيضاوى : اى شرع لكم من الدين دين نوح ومحمد وما بينهما من أرباب الشرع وهو الاصل المشترك فى ما بينهم المفسر بقوله : أقيموا الدين وهو الايمان بما يجب تصديقه والطاعة فى أحكام الله فالدين يعنى الشريعة او الشرع لانه الطاعة فى أحكام الله .

 

وفى هذه الآية ثلاث تصاريح : الاول ان الشرع من نوح الى .... الى محمد هو واحد , والثانى ان القرآن يشرع للعرب شرع الكتاب , والثالث انه لايصح تفريق فى الشرع بين شرع ابراهيم وموسي وعيسى ومحمد  والقرآن الذى يشرع للعرب شرع الكتاب لا ينسخ شرعه شرع الكتاب    ..

 

(( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الدين من قبلكم )) النسلء 25

 

فسره الجلالان : سنن الذين من قبلكم : طرائق الانبياء فى التحريم والتحليل -  والقرآن الذى يهدى العرب ويبين لهم طرائق الانبياء فى التحريم والتحليل .

كيف ندعى أنه ينسخ شرائع الانبياء فى التحليل والتحريم ؟؟؟؟

 

2- فى الموقف الثانى يعلن استقلال كل أمة فى شرعها  :

 

(( إنا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها ... الربانيون والاحبار .... ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكاقرون )) المائدة 47

 

وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ... و ليحكم اهل الانجيل  بما انزل الله فيه ومن لم يحكم بما انزل الله فيه فأولئك هم الفاسقون ))  المائدة  49- 50

 

وانزلنا اليك الكتاب بالحف مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه : فاحكم بينهم بما انزل الله , ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق )) 

 

(( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ! ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة  )) المائدة 51

 

فالقرآن يأمر أهل التوراة بشرعها , وأهل الانجيل بشرعه , واهل القرآن بشرعه . ثم يعطى المبدأ العام فى الشرع : (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) 

وهو مبدأ إستقلال الامم الثلاث يشرع كتابهم .

 

وقد فسره الجلالان : لكل جعلنا منكم ايها الامم شريعة وطريقا واضحا فى الدين تمشون عليه ولو شاء الله لجعلكم على شريعة واحدة , ولكن فرقكم فرقا ليختبركم فيما أتاكم من الشرائع المختلفة , لينظر المطيع منكم من العاصى , فسارعوا الى الخيرات .

 

ولما فارق محمد قبلة أهل الكتاب جاء : (( ولكل وجهة هو موليها : فاستبقوا الخيرات ))  البقرة 148 – قال البيضاوى : والمعنى كل وجهة الله موليها أهلها – وقال الجلالان : ولكل من الامم قبلة هو موليها وجهة فى صلاته فبادروا الى الطاعات وقبولها .

 

لكل أمة اذا قبلة مستقلة : فلا تنسخ قبلة قبلة آخرى والقبلة عنوان الدين .

 

ولما شرع الحج الى مكة , بدل بيت المقدس و جاء : (( لكل امة جعلنا منسكا ليذكروا أسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام : فالهكم اله واحد فله إسلموا ))  الحج 34 -  لكل امة جعلنا منسكا هم ناسكوه : فلا ينازعنك فى الامر )) الحج67

 

تحويل الحج من بيت المقدس الى مكة ليس تحويلا فى الاسلام : فلا داع للنزاع فى الامر والمبدأ العام : لكل امة منسك وحج و كما لكل امة شرع مستقل .

 

فسره الجلالان : لكل امة جعلنا شريعة هم عاملون بها فلا تنازعنهم فى الامر ! وادع الى دين ربك إنك لعلى دين مستقيم . وكل امة من الامم الثلاث على دين مستقيم فى الاسلام الواحد لان لكل امة منسكا او شريعة .

 

وهكذا يشرع القرآن جملة وتفصيلا إستقلال الامم الثلاثة فى شرعها

وفى هذا الموقف أيضا لا ينسخ القرآن شرعا بشرع !

 

2-   وفى الموقف الثالث : يقر اهل الكتاب على أحكام شريعتهم :

 

المبدأ القرآنى العام : (( لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا ))  المائدة 51  -  وتحريضه : (( قل يا اهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم ))  المائدة 71

 

ويعدهم بخيرات الارض اذا أقاموها : (( ولو انهم أقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم و لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم  ))  المائدة 69

 

ان القرآن يحرض اهل التوراة واهل الانجيل على إقامة شريعتهم

فكيف نفترى على القرآن بأنه نسخ هذه الشريعة ؟

 

ونلاحظ ان هذا التحريض يأتى بعد قوله : (( فاحكم بينهم او أعرض عنهم )) المائدة 45 -  (( فاحكم يبنهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ))  المائدة 51 –  (( وان احكم بينهم بما انزل الله ولاتتبع أهواءهم ))  المائدة 52

 

لذلك تلك الاقوال السابقة لا تنسخ إستقلال اهل الكتاب على شريعتهم مهما اختلف الفقهاء فى ذلك  قال الزمخشرى : قيل كان رسول الله مخيرا اذا تحاكم اليه اهل الكتاب بين ان يحكم بينهم وبين ان لا يحكم . وعن عطاء والنخعى والشعبى انهم اذا ترافعوا الى حكام المسلمين فإن شاؤوا حكموا وان شاؤوا أعرضوا .

 

وقيل هو منسوخ بقوله : (( واحكم بينهم بما انزل الله ))  وعند ابى حنيفة : ان احتكموا الينا حملوا على حكم الاسلام  فى  ( تفسير المائدة 46 )

 

والمبدأ العام : (( لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا ))  وتحريض القرآن لاهل الكتاب بإقامة التوراة والانجيل الذى ورد بعد الاية المشبوهة فى نسخ المبدأ العام ( المائدة 52 ) 

يجعلان مبدأ استقلال الشرائع محكما لانسخ فيه

 فلا يصح وبنص القرآن القاطع فى المبدأ العام والتحريض

 حمل اهل الكتاب على حكم المسلمين

واذا إحتكموا الى المسلمين  يحُملون على حكم كتابهم :

(( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة وفيها حكم الله ؟ )) المائدة 46

 

والانجيل : (( هدى وموعظة للمتقين : وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه ومن لا يحكم بما انزل الله فيه فأولئك هم الفاسقون  ))  المائدة 50       فالحكم بشرع الانجيل مطلق

 

ولاشئ فى الاية التالية (( وان احكم بينهم بما انزل الله )) المائدة  52

يدل على أنها ناسخة لما قبلها ويفسرها تنفيذ هذا الحكم

فقد حكم محمد على الزانيين من خيبر بالرجم وهو حكم التوراة .

 

وفى هذا الموقف الثالث أيضا الذى يقر

مبدأ إستقلال اهل التوراة واهل الانجيل واهل القرآن فى شرعهم

لا شبهة على الاطلاق لنسخ شرع بشرع .

والمقالة بذلك بدعة فى الاسلام وفرية على القرآن .

 

وليس فى القرآن نسخ عقيدة بعقيدة , ولا شريعة بشريعة :

فالكتاب إمام القرآن فى العقيدة والشريعة

والقرآن تصديق الكتاب والانجيل فى العقيدة والشريعة .

 

تلك هى القاعدة السادسة فى الحوار الاسلامى المسيحى .

 

الصفحة الرئيسية