رابعا : إختصاص المسيح دون الرسل أجمعين بتأييد روح القدس له

 

أن القرآن لا يذكر تأييد روح القدس للأنبياء والرسل مطلقا وبحق محمد يقول ( نزله الروح القدس ) النحل 102 وبمقارنتها مع آية البقرة 97 نعرف أن روح القدس فى تنزيل القرآن هو كناية عن جبريل

( فروح القدس جبريل ) يحصر القرآن دوره مع محمد فى تنزيل القرآن وخارجا عن تنزيل القرآن لا يذكر القرآن له تأييدا لمحمد .

 

أما ميزة السيد المسيح فى تأييد روح القدس الشامل والمطلق له فى السيرة والرسالة والمعجزة والشخصية كما نرى من النصوص الآتية :

 

لقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ولآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس البقرة 87

يدل ظاهر الآية على إختصاص المسيح بتأييد روح القدس له من دون المرسلين أجمعين وظاهرها يدل أيضا على التأييد الدائم المطلق .

تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض : منهم من كلم الله , ورفع بعضهم درجات ؛ وآتينا عيسي ابن مريم البينات وآيدناه بروح القدس البقرة 252

يدل ظاهر الآية على إختصاص المسيح فى باب المفاضلة بين الرسل : وقد فُضل المسيح على الرسل أجمعين بتأييد روح القدس له .:

إذ أيدتك بروح القدس , تكلم الناس فى المهد وكهلا المائدة113

هنا يجعل القرآن تأييد روح القدس فى علاقة مع سيرته ورسالته وشخصيته المعجزة : وبسبب تأييد روح القدس له يكلم المسيح الناس فى المهد وكهلا _ ومنذ المهد ينطق المسيح بمعجزة ليبرئ أمه ويعلن نبوته مريم 30 مع المائدة 113 يظهران تأييد روح القدس شاملا لسيرة المسيح ورسالته وشخصيته .

سؤال : من هو الروح القدس الذى أيد الله به عيسي ؟ وما معنى هذا التأييد ؟

 

قال الطبرى فى تفسير البقرة 87 : أُختلف فى تأويله قال بعضهم هو جبريل وقال آخرون هو الانجيل وقال آخرون هو الأسم الذى كلن عيسي يحيى به الموتى _ وهو يفضل القول أنه جبريل بسبب المائدة 113 التى تقرن التأييد بالنبوة فى المهد وكهلا _ لكن فات الطبرى أن التأييد المقيد فى المائدة 113 هو مطلق فى البقرة 87 ومطلق أيضا فى باب المفاضلة بين الرسل 253

والرازى ينقل قول الحسن فى تفسير البقرة 87 : والذى يدل على أن روح القدس هو جبريل قوله : قل نزله الروح القدس _ وينقل أيضا قول ابن عباس : أن روح القدس هو الاسم الذى كان يحي به عيسي الموتى _ وينقل قول ابى مسلم : أن روح القدس الذى أيده به يجوز أن يكون الروح الطاهرة التى نفخها الله تعالى فيه وأبانه بها عن غيره والى هذا الرأى يذهب الرازى فى تفسير المائدة 113

قوله إذ أيدتك بروح القدس اى جبريل فالروح هو جبريل والقدس هو الله إضافة للتعظيم أو روح عيسي لأن الله خصه بالروح الطاهرة النورانية المشرفة العلوية الخيرة .

ويكمل الرازى هنا ايضا أن الروح القدس كان لا يفارقه ساعة وذلك معنى قوله وأيدنا بروح القدس

وقال الجلالان : يسير معه حيث سار فى تفسيره للبقرة 87 , 253 وهذان القولان يدلان على أن التأييد بروح القدس كان فى السيرة والرسالة والشخصية .

ومن تعارض وتنوع أقوال المفسرين نرى أن تفسير روح الفدس فى تاييد المسيح بجبريل إنما هو من باب المشاكلة لا من باب المطابقة بين محمد والمسيح

والتعبير الفارق صريح : عند محمد تنزيل وفى المسيح تأييد مطلق وتفسير روح القدس بجبريل هو قول من ثلاثة :

والقولان الآخران هما الصحيحان : اما الأسم الأعظم الذى كان به عيسي يحيى الموتى ؛ واما الروح العلوية النورانية التى نفخها الله تعالى فى عيسي وأبانه بها على غيره كما يقول أبو مسلم والرازى

وفى كلا القولين نرى أن القرآن صدى لمقالة الانجيل فى الروح القدس الذات القائمة فى الله مع كلمة الله ( وعيسي هو كلمة الله وروح منه ) النساء 170 نفخها الله منه فى عيسي وأبانه على غيره من المخلوقين والمرسلين .

ففى عيسي ذات نورانية روحية غير ذاته البشرية : فهو عيسي ابن مريم كما هو ايضا كلمة الله ألقاها الى مريم وروح منه النساء 170

وبهذه الذات النورانية الروحانية المسماة كلمة الله التى نفخها الله فى عيسي وأيده بها : رفع الله عيسي ابن مريم فوق المخلوقين الى صلة خاصة به تعالى من دون العالمين والمرسلين أجمعين .

 

الصفحة الرئيسية