محمد في التوراة والانجيل

القاعدة السادسة عشرة في الحوار الإسلامي المسيحي

 في القرآن آيتان تقولان بأن التوراة أنبأت بالنبي الأمي الأعراف 156 – 157 وأن الانجيل سماه باسمه أحمد الصف 6 فما هو الواقع القرآني بالنسبة للقرآن والانجيل ؟

 جزء أول : النــــــــــــبي الأمـــــــــــــــــي

في قصص موسى مع قومه يقول : وأكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة أنا هدنا إليك ! قال : عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ !

   فأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النــــــــــــبي الأمـــــــــــــــــي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل . يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به اولئك هم المفلحون

قل : يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويموت  فآمنوا بالله ورسوله النــــــــــــبي الأمـــــــــــــــــي الذي يؤمن بالله وكلمته ( كلماته ) وأتبعوه لعلكم تهتدون . ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ......... وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أممــــا وأوحينا إلى موسى ...... الآعراف 155 -  159

 تقويم التفسير الحديث للأستاذ محمد عزة دروزة 3 :164-  171

 كثيرا ما نتتبع الأستاذ في أبحاثه القرآنية ولكن وجدناه في التفسير الحديث يعود مع الرجعيين إلى المواقف الجامدة التي لا تثبت للعلم والنقــــــــــد .

·   بدأ بالاعتراف أن الآيتين وإن كانتا تبدوان معترضتين لتسلسل قصص بني إسرائيل إلا أنهما منسجمتان مع السياق ونظمه والمتبادر أنهما جاءتا استطراديتين ص 164

·   نقــول الآية 157 معترضـــــة بل وظاهر الإقحام بـــاد عليها إذ ما معنى جواب الله لموسى بأن الحسنة في الهدى ليست لقومه بل لأهــــــل  النــــــــــــبي الأمـــــــــــــــــي محمد ؟

و ما معنى جواب الله لموسى بأن النــــــــــبي الأمـــــــــي محمد يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل ؟

   وهل الانجيل قائم في عهد موسى وهل أهل الانجيل قائمون في عهد موسى حتى يحدثه الله عنهم جميعا ؟  أن الآية مقحمة على السياق إقحاما يسئ لإعجاز بيانه وتبيانه وهذا أيضا دليل إقحامها .

والآية 158 ينتقل فيها الله من خطاب موسى إلى خطاب محمد مباشرة : قل يا أيها الناس ...... ......

  فما دخل خطاب محمد بخطاب موسى يوم الميقات ؟ وما معنى الإعلان لموسى مداورة أن محمدا النــــــــــبي الأمـــــــــي يؤمن بالله وكلمته

وهذا الإقحام الثاني أظهر من الأول على خطاب الله لموسى عبده الذي يطلب إلى الله أن يكتب له ولجماعته حسنة في الدنيا والآخرة  فيجيبه الله أولا قال : عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ ثم يجيبه بان الحسنة في الدنيا والآخرة ليست لقوم موسى بل لجماعة النــــــــــبي الأمـــــــــي : إذن ليس من حسنة في إتباع موسى قبل المسيح ومحمد ! لا يصح أن يكون هذا جواب الرحمان لكليمه إنما هو جواب مقحم عليه ولا مبرر له في السياق وقولنا بالإقحام ليس نفيا للتنزيل القرآني .

·   ثم يقول الأستاذ دروزة : ولقد كان ما احتوته الآية 157 من إشارة إلى أن اليهود والنصارى يجدون صفات النبي وأهداف دعوته فيما بين أيديهم من  التوراة والانجيل موضوع جدل وتشــاد في مجال الإنكار والإثبات بين المسلمين وأهل الكتاب .

   ونقول : أن الآية تقول هذا صراحة وتوجه الخطاب خاصة لليهود والنصارى ومنهم من كان يسمعه وجاها ومنهم من آمن به نتيجة لذلك – فليس مما يعقل ونقول هذا من باب المساجلة أن يكون ما تقوله الآية جزافا لا يستند إلى حقيقة ما أو أساس ما فيما كان في أيدي اليهود والنصارى من أسفار في عهد النبي .

وكل ما يمكن فرضه أن هذا في بعض أسفار دون البعض أو عند فريق دون فريق أو من قبيل الإشارات والبشائر الرمزية .

وهي من أجل ذلك موضع جدل بين النبي من جهة وبين مكابري اليهود والنصارى من جهة أخرى . ولعل مما يدعم هذا ما احتواه القرآن من مشاهد وإشارات تدل على أن أهل الكتاب في مكة والمدينة أو وفودهم وفيهم الأحبار والرهبان والقسس      والراسخون في العلم من أمنوا بالرسالة النبوية وصدقوا ما جاء في القرآن وقرروا أنه مطابق مع ما عندهم ويستشهد بالآيات الأعراف 157 آل عمران 113 و 199 النساء 162 المائدة 72 الأنعام 20 الرعد 36 الإسراء 107 القصص 52 الأحقاف 10 العنكبوت 47

ويختم الأستاذ قوله : وفي كل هذا شواهد مكية ومدنية حاسمة لا يسع منصفا أن يكابر فيه حتى حتى من الكتابيين أنفسهم فيما نعتقد ص 166 -  167

   ·   كـــــــــــلا يا فضيلة الأستاذ الذي نجل ونحترم لا يكابر الراسخون في العلم من أهل الكتاب إنما التخريــــج الضـــــــــال هو المردود .

     إنك تفسر قوله مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل بثلاث افتراضات : أن هذا في بعض أسفار دون بعض أو عند فريق دون فريق أو من قبيل الإشارات والبشائر الرمزية .

أن صفة النبي الأمي لا وجود لها على الإطلاق في التوراة والانجيل وسنرد على استدراكك الأخير لا تصريحا ولا تلميحا ونحن في ذلك لا نتهم القرآن حاشا لنا وكلا .

·   إنما نقول أن كلمة النبي الأمي قد تكون قراءة خاطئة للنبي الآتي في نبوة موسى والكتابة كانت بدون نقط النبي الآـي   فقرؤوها النبي الأمي وأقحموا حديث النبي الأمي في القرآن .

ونعرف أن القرآن يكرر ويردد تعليمه للترسيخ والتذكير بينما حديث النبي الأمي لا وجود له في القرآن إلا في هذا الإقحام المزدوج .

·   وتنص الآية على : النــــــــــبي الأمـــــــــي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل . أنها كتابة لا إشارة وليست في التوراة كتابة أو إشارة عن نبي من الأمم الأميين يأتي إلى بني إسرائيل .

إنما الله تعالى وعد بفم موسى بالمسيح الموعود النبي الآتي ولا يمكن للمسيح الموعود أن يكون أميا اى من الأمم فقد جاء المسيح من بني إسرائيل .

·   وفاتك يا أستاذ كما فات غيرك أن الذين أمنوا بالدعوة القرآنية في أوانها ليس اليهود ولا المسيحيين إنما الذين قالوا أنا نصارى المائدة 85

وهذا تقويم جديد لك ولغيرك وهؤلاء النصارى تصفهم آية الأعراف 158 أنهم أمة من قوم موسى

    وآية الصف 14 طائفة من بني إسرائيل أمنت بالمسيح  هؤلاء هم أولو العلم الاسراء 107 والراسخون في العلم النساء 162 بحسب اصطلاح القرآن .

هؤلاء هم  في اصطلاح القرآن أيضا المسلمون الأوائل قبل القرآن ومحمد : وإذا يتلى عليهم قالوا أمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمون القصص 53

·   فالذين قالوا أنا نصارى هم وحدهم الذين أمنوا بالدعوة القرآنية لا اليهود ولا المسيحيين وليس في القرآن من شواهد مكية ومدنية حاسمة كما تقول تشهد إيمان اليهود والمسيحيين بالقرآن  حتي نأخذ إيمانهم برهانا على صحة كتابة النبي الأمي في التوراة والانجيل .

ويشهد بذلك موقف وفد نجران الوفد المسيحي الوحيد الذي باحث النبي و وادعه ورجع خائبا ونعرف الوفد على أنه كان من أهل البدعة .

·   ومن هنا كان الاستدراك الغريب الذي لا يليق بعالم مثلك : ومما يصح أن يقال في هذا المقام أن ما في أيدي اليهود والنصاري اليوم من أسفار لا يجزم أنه هو نفسه ما كان في أيديهم في عهد النبي دون نقص أو زيادة أو جميع ما كان في أيديهم ... وخاصة الانجيل المعروف تحت اسم برنابا أحد الحواريين وفيه نصوص متفقة مع نصوص القرآن عن عيسى وحياته ورسالة النبي وصفاته .

   ومهما يكن من المآخذ التي توجه لانجيل برنابا فأن نص القرآن الذي لا يشك أحد في أنه يرجع تاريخيا لألف وثلاثمائة سنة ونيف دليل قاطع على أن فيما كان متداولا بأيدي اليهود والنصارى من أسفار يوجد به إشارات لصفة النبي ورسالته ص 168

·   ليتك لم تذكر انجيل برنابا وجميع العلماء يعرفون أنه منحول وبرنابا لم يكن من الحواريين على الإطلاق يا ليتك قرأت كتابي الذي أهديتك إياه انجيل برنابا شهادة زور على الانجيل والقرآن لكنت وجدت محور تعليمه أن المسيح ليس عيسى ابن مريم بل محمد ابن عبد الله ! وهذا تكذيب للمسيحية والإسلام !

والانجيل اليوم ينقل عن المخطوطات الكبرى من القرن الرابع للميلاد قبل القرآن بأكثر من مائتي سنة وهي معروضة في متاحف موسكو ولندن وباريس والفاتيكان .

 بل أن العلماء الملحدون أنفسهم يشهدون بصحتها وكتابتها في القرن الرابع وليس فيها من نقص أو زيادة أو ضياع وكل تلك الحملات العشواء لتبرير آية مقحمة على القرآن من قراءة مغلوطة ز

·   ونعود للتأكيد على أن في أسفار العهد القديم والاناجيل المتداولة اليوم اشارات عديدة يمكن أن تكون من جملة  ما ينطبق على صفات النبي ورسالته .

  وقد عقد السيد رشيد رضا في الجزء التاسع 230- 300 فصلا طويلا على ذلك  أورد فيه ثماني عشرة بشارة مستمدة من الكتاب وناقش الشبهات التي يوردها المبشرون و أورد من الحجج والأقوال ما فيه المقنع لراغبي الحق والحقيقة في صواب الحجة والاستنتاج وفي عدم قيام شبهات المشتبهين على أسس قوية ص 168

·   نقول : لقد قام بعمل رشيد رضا كثيرون من أمثاله ونقلوا أكثر من ثماني عشرة بشارة وليس في واحدة منها إشارة إلى نبي أمي من الأمم من غير بني إسرائيل سوف يأتيهم .

إنما كلها إشارات ونبوءات صريحة عن المسيح الموعود ابن داود وبهذا اللقب حيا الشعب عيسى ابن مريم لدى مشاهدتهم معجزاته ومواقفه الخارقة .

·   وبمناسبة ورود كلمتي التوراة والانجيل لأول مرة في هذه السورة الأعراف 157 نقول هذا يجر إلى التساؤل عما عناه القرآن في هذا المقام .

    والقرآن صريح في أن الله أنزل التوراة والانجيل على موسى وعيسى عليهما السلام كما في البقرة 53 آل عمران 3 المائدة 43- 47 وهذه الآيات صريحة على أن المقصود بالتوراة والانجيل هما الكتابان الذين أنزلا على موسى وعيسى .

   هذا في حين نرى أن المتداول اليوم في أيدي النصارى ليس واحدا بل أربعة وبينهم اختلاف غير يسير في النصوص والأحداث ... وليس هناك ما يساعد بجزم على معرفة إذا ما كان في   أيدي النصارى اليوم مما يطلق عليه اسم الانجيل هو هذه الاناجيل المتداولة نفسها أو بعضها أو غيرها .

ولو كان في القرآن قرائن تشير أنه كان في أيديهم أسفار وقراطيس لم تصل إلى عهدنا والمتداول اليوم لا يذكر تكلم عيسى في المهد أو طلب الحواريين استنزال مائدة من السماء مما ذكره القرآن .

·   كلا يا حضرة الأستاذ ليست أربعة إنما انجيل واحد نزل على أربعة أحرف وهذا الواقع له مثيله قبل جمع القرآن . بحسب الحديث الشريف  : نزل القرآن على سبعة أحرف باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني  وهكذا يدل الواقع الانجيلي نزل الانجيل علي أربعة أحرف باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني فليس في الانجيل بأحرفه الأربعة اختلاف غير يسير في النصوص والأحداث  يا أستاذ .

·   وفاتك كما فات غيرك أن كتاب الله بحسب اليهود كان قرآنا مكتوبا وفرقانا غير مكتوب وهذا هو الواقع الانجيلي .

   ويصرح الانجيل أنه لم ينقل جميع ما علم يسوع وعلم . ونقلت الاناجيل المنحولة وهي الروايات التي سموها كتبتها أناجيل لتيسير إذاعتها كلام المسيح في المهد وقصة المائدة وليس في ذكرها من غرابة على المسيحيين وليس فيه من شبهة للمسلمين على الانجيل بأحرفه الأربعة المتداولة والمكتوب أقل من المسموع كله يوحنا 21 :  20

 ·   وليس هناك من أسفار وقراطيس لم تصل إلى عهدنا وما ذكره لوقا في فاتحته يدل على تدوينات فردية سبقت التدوين المعصوم بالوحي كما المصاحف التي أمر عثمان بإتلافه . وفاتك أيضا أنك تحصر البحث كله في جاهلية العرب ونصارى الحجاز ألا أخرج إلى عالم النور والعلم في عواصم العالم المسيحي الفسيح خارج الحجاز . والمسيحيون كانوا في معزلمطلق عما يجري في الحجاز و كان القرآن بمعزل عنهم أيضـــا ........

     مناسبة أسطورة التحريف لا تنسى وتتناسى تسمية القرآن للتوراة والانجيل اللذين كانا في زمانه كتاب الله . ويقول القرآن إنــــا  نحن  نزلنا الذكر وإنــــا له لحافظون الحجر 9 وهذا ينطبق على التوراة والانجيل والقرآن والذكر مرادف للكتاب وإطلاقه الذكر قد يعنى الكتاب قبل القرآن : اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر النحل 43- 44 وهم أهل الذكر قبل القرآن .

 

الصفحة الرئيسية