في حرية السؤال والبحث في الإسلام

نفتتح مقالتنا هذه بسؤال نوجهه لأصحاب نظرية الأعجاز العلمي في القران : ان الأعجاز المنسوب   للقران يتطلب انفتاحا ، حرية حركة وانتقال من موضوع لموضوع ومن مسألة إلى مسألة . والسؤال هنا هو : هل امنت شريعة الإسلام للمسلم هذا المناخ الصحي الذي يساعده على البحث والتدقيق والتمحيص في أمور العلم المختلفة ؟.

 

سؤال أخر : هل يمكن أن نتصور أعجاز علمي  بدون بحث؟

وهل يمكن ان نتصور بحث اي بحث دون أسئلة وتساؤلات ؟؟.

عن سليمان بن يسار. ان رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسال عن متشابه القران فارسل إليه عمر وقد اعد له عراجين النخل  فقال: من أنت؟ قال. انا عبد الله صبيغ. فاخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه وقال. انا عبد الله عمر فجعل له ضربا حتى أدمى رأسه فقال. يأمير المؤمنين !حسبك قد ذهب الذي كنت أجده في

رأسى . راجع: سنن الدرامي 1/54-55 تاريخ ابن عساكر 6/384  سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي 109 وتفسير ابن كثير 4/232 وفتح الباري 8/17

 

عن أبى العديس قال: كنا عند عمر بن الخطاب فاتاه رجل فقال: يأمير المؤمنين !ما الجور الكنس؟ وطعن عمر  بمخصرة  معه في عمامة الرجل فالقاها عن رأسه فقال عمر والذي نفس عمر بيده لوجدك محلوقا لا نحيت القمل عن رأسك. كنز العمال 1/229

 

عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ان رجلا سال عمر عن فاكهة وابا فلما رآهم يقولون اقبل عليهم بالدرة-أراد الرجل ان يسال عمر عن معنى( فاكهة واب) الوردة في سورة عبس 31 فضربه عمر بالدرة راجع: فتح الباري 13  والدر المنثور6/317

 

لماذا أقبل عليهم الخليفة بالدرة؟ وهل تبقى قائمة لاصول العلم والتعلم والحالة هذه؟. لعل الأمة قد حرمت ببركة تلك الدرة عن التقدم والرقي في العلم بعد ان آل آمرها إلى ان هاب مثل ابن عباس ان يسال الخليفة العادل سؤالاً!

 

قال ابن عباس مكثت سنتين أريد ان أسال عمر بن الخطاب عن حديث ما منعني منه الا هيبته راجع الغدير 6/ 292-203 وسيرة عمر لابن الجوزي 118 وسنن الدرامي 1/ 50  جامع بيان العلم 2/141

 

سلوك ابن الخطاب  لم يأتي من العدم فلقد استن ابن الخطاب بسنة رسوله ، لقد اتخذ عمر من نبيه أسوه حسنة! حين منع المؤمنين من تشغيل العقل سواء كان ذلك بالسؤال او بالمطالعة.

 

يقول خليل عبد الكريم في كتابه محمد والصحابة:ص 64-67 :"قال :-عمر بن الخطاب- انطلقت فانتسخت كتاباً من اهل الكتاب ثم جئت به فقال لي رسول الله : ما هذا فى يدك يا عمر؟ ف قلت :يا رسول  الله كتاباً نسخته لنزداد علما إلى علمنا، فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه ثم نودى بالصلاة جامعة  فقالت الأنصار: اغضب

نبيكم00 السلاح السلاح).النداء للصلاة الجامعة لا يكون الا في النوازل الكبيرة والملمات الجائحة اي ان محمد اعتبر قراءة أحد أتباعه لصحيفة من التوراة نازلة وجائحة .

 

وهناك رواية أخرى يرويها عز الدين بن أثير الجزري :اخبرنا سفيان عن جابر عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال يا رسول الله مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة الا اعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله قال: عبد الله بن ثابت الا ترى ما بوجه رسول الله ؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبي ورسولاً .قال فسرى عن النبي ثم قال والذي نفسي بيده لو اصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، أنكم حظي من الأمم وانا حظكم من النبيين.

 

نلاحظ في هذا الحديث ان عمر بعد ان فوجئ بغضب محمد عليه تلفظ بعبارات تفيد بأنة ما زال  على إسلامه وباعترافه برسوليه محمد، ما يعنى انه فهم ان قراءته للتوراة اعتبرت  خلعاً لرقبة عقيدة محمد وخروجا عليها.

ولكن لماذا كان محمد يغضب ويثور عندما يعلم ان احد الصحابة قرأ شيئا من كتب الديانتين السابقتين على ديانته ؟ لانه كان حريصا على فصم كل صلة لهم بما هو خارج عن دائرة الإسلام وبالأخص ما يدخل في دائرة الاعتقاد.

استوعب عمر بن الخطاب الدرس جيداً وحفظه تماماً ثم اخذ يدرسه بحذافيره للراعية والوقائع في ذلك كثيرة

 

عن خالد بن عرفطة ان عمر بن الخطاب ضرب رجلا اسمه عبدي ثلاثاً لانه نسخ كتب دنيال، ثم قال له : فانطلق فامحه بالحميم والصوف الابيض ثم لا تقرأه أنت ولا تقراه  أحدا من الناس فلئن بلغني عنك انك قرأته او اقرأته أحدا من الناس لانهكتك عقوبة.

 

اخرج نصر المقدسي عن ميمون بن مهران قال: اتى عمر بن الخطاب رجلا وقال له يأمير المؤمنين انا لما فتحنا المدائن أصبت كتاب فيه كلام معجب، قال امن كتاب الله ؟ قلت : لا، فدعا بالدرة فجعل يضربه بها. هنا نجد ان عمر ضرب الرجل دون ان يطلع

على الكتاب الذي حدثه عنه وان فيه كلاماً معجبا 00م جرد تصريح الرجل ان الكتاب ليس من القران عرضه للعقاب الرادع  راجع محمد والصحابة خليل عبد الكريم ص 64-67.

 

قال المروزي قال أبو عبد الله : سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم ؟ فقلت له أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا وقال أيضا قال أبو عبد الله : سأل بشر بن السري سفيان الثوري عن أطفال المشركين فصاح به وقال يا صبي أنت تسأل عن ذا وقال حنبل سمعت أبا عبد الله وسأله ابن الشافعي الذي ولي قضاء حلب قال له يا أبا عبد الله ذراري المشركين أو المسلمين لا أدري أيهما سأل عنه , فصاح به أبو عبد الله وقال له : هذه مسائل أهل الزيغ ما لك ولهذه المسائل ؟ فسكت وانصرف ولم يعد إلى أبي عبد الله بعد ذلك حتى خرج .

 

وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة مرفوعا { كان ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال , وكثرة السؤال وفي لفظ إن الله كره لكم ذلك} متفق عليه .

 

عن سعد مرفوعا قال : { أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته } .وقال البيهقي في كتاب المدخل كره السلف السؤال عن المسألة قبل كونها إذا لم يكن فيها كتاب ولا سنة , وإنما سأل بالاجتهاد لأنه إنما يباح للضرورة ولا ضرورة قبل الواقعة وقد يتغير اجتهاده عندها .راجع الاداب الشرعية لابن مفلح المقدسي فصل في كراهة السؤال 2/69-71

 

هذا هو العلم في الإسلام وهذه هي حدود المسلم كما رسمها له رسول الله لا سؤال ولا بحث ولا علم خارج حدود القرآن والسنة "تلك هي حدود الله فلا تتعدوها". بقرة 229   ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا. !!!. راجعالإرهاب إسلام أم تأسلم د. رفعت السعيد ص12-13.

عودة