المعجزة

(وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا لأن كذب بها الأولون) الإسراء 59.
أصحيح أن (المعجزات لم تصلح من قبل وسيلة لإقناع) ؟؟.  

 

قال الأستاذ عبد الله السمان ( محمد الرسول البشر ص 89): " وقد شق محمد لدعوته طريقه إلى القلوب والعقول غير مؤيد بالخوارق التي لم تصلح من قبل وسيلة لإقناع".

نشكر هذا العالم المسلم ونسجل له تصريحه الجريء بأن الدعوة القرآنية لم تؤيد بمعجزة . لكن نأخذ عليه وعلى أمثاله فلسفة هذا الواقع القرآني إن المعجزات لم تصلح من قبل وسيلة لإقناع" كصدى لسورة الإسراء آية (59) .

وها الكتاب شاهد عدل على ان الدعوة الموسوية لم تنجح في مصر، ولم تنجح مع بني إسرائيل إلا بفضل المعجزة.

وها الدعوة المسيحية فأنها لم تنجح وتكتسح العالم، إلا بفضل المعجزة، وقيامة المسيح ورفعه حيا إلى السماء، وذلك معجزة المعجزات.

 

والقرآن نفسه شاهد عدل على ان الدعوة السماوية تقوم اولا على المعجزة. فإن القصص القرآني يشغل حيزا كبيرا في القرآن، وما يقصه إلا للتمثيل لأهل زمانه المشركين. وكل قصصه يقوم على ذكر الدعوة والمعجزة التي أيدتها، ويختمه بمثل قوله: ( وتلك أمثال نضربها للناس) العنكبوت 43، الحشر21)، "يضرب الله الأمثال) الرعد 17، إبراهيم 25،النور 35، " وضربنا لكم الأمثال (إبراهيم 45. فجدلية القرآن مع المشركين في قصصه لاقامة الحجة عليهم بدعوة الرسل ومعجزاتهم.

 

والقرآن المكي صراع متواصل مع المشركين على تحديهم محمدا بمعجزة كالأنبياء الأولين لكي يؤمنوا به: لن نؤمن حتى نؤتى ما أوتي رسل الله (الأنعام 124)؛ ثم يتهمون محمد بشتى التهم إذ لم يأتيهم بآية معجزة: "فليأتنا بآية كما أرسل الأولون" ( الأنبياء 5). ويذهبون الى الأقسام المغلّظة أنهم يؤمنون اذا جاءهم محمد بمعجزة: "وأقسموا بالله (لاحظ القسم بالله من قبل المشركين!!) جهد أيمانهم: لئن جاءتهم آية ليؤمن بها! قل: إنما الآيات عند الله" (الأنعام 109). إن أهل مكة يجادلون محمدا في المعجزة وسيلة للإقناع. فالمعجزة دليل النبوة الاوحد في نظرهم وفي نظر القرآن. لذلك يسجل محمد عجزه عن معجزة، وامتناعهم عن الايمان: "  وما منع الناس أن يؤمنوا، إذ جاءهم الهدى...إلا أن تأتيهم سنة الأولين" (الكهف 55)!

 

فالمعجزة "سلطان الله المبين" للبرهنة على صحة النبوة مع الاولين ومع الآخرين ومع العالمين.

 

فما من رسالة من السماء آمن بها الناس إلا عن طريق المعجزة. تلك هي الشهادة القاطعة في التوراة والإنجيل والقرآن. إنها الوسيلة الوحيدة لاقناع الناس، والواقع القرآني شاهد عدل.

 

فالقول في سورة الإسراء اية 59، بأن الخوارق لم تصلح وسيلة للاقناع لان كذب بها الاولين، تنقض القرآن نفسه والتاريخ ايضا.

للقران فلسفة رائعة في ضرورة المعجزة لصحة النبؤة.

 

فالقران يسمي المعجزة "سنة الاولين" التي لا تبدل ولا تحول: " فهل ينظرون إلا سنة الاولين! فلن تجد لسنة الله تبديلا! ولن تجد لسنة الله تحويلا" (فاطر 43). وبدون معجزة لا يوجب الله على الناس الايمان: " وما منع الناس أن يؤمنوا، إذ جائهم الهدى، ويستغفروا ربهم، إلا أن تأتيهم سنة الاولين" (الكهف 55). فقد امتنع مشركوا مكة عن الايمان بالدعوة القرانية، " بالحكمة والموعظة الحسنة" لأنها لم تقترن بالمعجزة المطلوبة، "سـنة الاولين"؛ ورضخوا لها بالجهاد في\المدينة " بالحديد الذي فيه بئس شديد ومنافع للناس" (الحديد 25). ففي فلسفة القران وفي عرف الناس جميعا، إن المعجزة سنة النبؤة: " لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله" (الانعام 124).

 

والقران يسمي المعجزة ايضا "السلطان المبين" من الله لـتأيد رسله.

(ابراهيم 10؛ المؤمنون 45- 46؛ غافر 23-34. فالمعجزة هي دليل النبؤة الأوحد. فهل شهد القران لمحمد بمعجزة؟

عودة