هدى محمد في صباه

هناك ثلاث روايات عن حدث جرى لمحمد في صباه، تفسرها جميعاً كلمة القران " وجدك ضالاً فهدى" (الضحى 7).

رواية اولى في "شق الصدر" وهو ابن خمس سنين: عن أنس انه أتاه جبريل وهو يلعب بين الغلمان، فأخذه، فشق صدره، فاستخرج منه علقه، فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم...ثم أعاده الى مكانه. رواية متواترة في الحديث يوردها الخازن عند تفسير قوله: " ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك" (الشرح 1-3).
لقد جسّموا ما جاء مجازاً في القران، والحديث عن تطهير محمد من الاثم في صباه، وبما أنه لا يوجد معجزة في سيرة محمد سوى القران، فما معنى رواية شق الصدر وتطهير محمد من الاثم؟؟؟؟

 

رواية ثانية تقول بأن أمه آمنة ذهبت بمحمد الى يثرب "لزيارة أخواله" أي أخوال جده من بني النجار؛ وربما لزيارة قبر زوجها عبدالله. فمكثت به شهراً بينهم. ولما قفلت راجعة به الى مكة ماتت ودفنت في الابواء، محل بين مكة والمدينة. " وكانت معها بركة الحبشية، أم أيمن التي ورثها عن ابيه عبدالله. فحضنته وجاءت به الى جده عبدالمطلب". وهكذا كان محمد ابن خمس سنوات لما فقد امه ايضا. وحاضنته المسيحية هي التي رجعت به بعد زمن الرضاعة وبعد الزيارة ليثرب، الى مكة، الى جده عبد المطلب.

 

رواية ثالثة عن ابن هشام ( 1: 176) يقول: ( قال ابن اسحق: وزعم الناس في ما يتحدثون – والله اعلم – أن أمه السعدية ( مرضعه) لما قدمت به الى مكة، أضلها (محمد) في الناس، وهي مقبلة به نحو أهله. فالتمسته فلم تجده. فأتت عبد المطلب فقالت له: اني قدمت بمحمد هذه الليلة. فلما كنت بأعلى مكة أضلني. فوالله ما أدري اين هو. فقام عبد المطلب عند الكعبة يدعو الله ان يرده. فيزعمزن أنه وجده ورقة بن نوفل ، بن أسد، ورجل اخر من قريش، فأتيا به عبد المطلب. فقالا له: هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة. فأخذه عبد المطلب على عنقه،وهو يطوف به الكعبة، يتعوذه ويدعو له. ثم أرسل به الى أمه آمنة".


ان الانتحال ظاهر على الرواية كما يشعر ابن اسحق ناقلها: فما الداعي ان يبقى طفلا مع مرضعه خمس سنين؟ وكيف تطيق امه فراق وحيدها اليتيم طوال هذه المدة ؟؟؟؟ إن هذه الرواية الثالثة تحريف للثانية. إن أم أيمن، بركة الحبشية، هي التي رجعت الى مكة بمحمد. وهنا تستقيم الرواية.

 

فجاءت الحاضنة المسيحية بمحمد الصبي الى ورقة بن نوفل، قس مكة، وهو بمعبده ومنسكه في حراء فعّمده بماء زمزم . وهذا معنى اسطورة " شق الصدر " لوضع الوزر الذي ينقض الظهر عن محمد. ولا معنى " للهدى " في صباه بقوله " ووجدك ضالاً فهدى " (الضحى 7) إلا الهداية بالعماد والتنصير، كما يرشح من واقع الحال. قد يكون لقاء ورقة لمحمد أمرا طارئا، وقد يكون مقصودا. فما يعمل القس بمكان تعبده بأعلى مكة؟؟؟ وكيف يفلت محمد من حاضنته ويضيع؟؟؟ والغسل لتطهير الصدر بماء زمزم؟؟؟ وما معنى وقوف عبدالمطلب " يدعو الله ان يرده"؟؟؟ ولما تسلمه من القس أخذ يطوف به حول الكعبة، بيت الله، على عادة اهل الانجيل الى اليوم، حيث يطوف الكاهن المعمِّد مع الكفيل يحمل المعمود في الكنيسة. انه طواف العماد والتنصير الذي يفسر قوله: وجدك ضالا فهدى" ؛ وقوله: " ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك" (الشرح 1-3).
هذا هو " الهدى" في الصبا، ولا هدى سواه، مهما حرّج المتخرصون

  عودة