التالي

الفصل الأوّل

أسس اعتبار الإعجاز معجزة

توطئة

أسس اعتبار الاعجاز معجزة غير متينة

واقعان قائمان في القرآن : فراغه من معجزة تشهد له ، بتصريحه عن محمد ان المعجزة منعت عنه منعًا قاطعًا ، في المبدأ وفي الواقع ؛ وقوله بإعجاز فيه يتحدى به المشركين . وبما أن واقع امتناع المعجزة ثابت ، فما معنى تحديه باعجازه ؟ سنراه في الفصل التالي . لكن بما أن القرآن يشهد بامتناع المعجزة على محمد ، فلا يصح مبدئيا بحال من الأحوال اعتبار اعجازه معجزة له .

مع ذلك فقد حاول القوم منذ ألف سنة اعتبار الاعجاز معجزة . فباءَت هذه المحاولات الألفية بالفشل ، حتى اضطر أهل عصرنا أن يتبرّأوا من حجّية المعجزة لصحة النبوة ، ضاربين عرض الحائط بضرورة المعجزة لصحة النبوة بحسب أهل "الكتب السماوية" أجمعين .

فبنوا قولهم بالاعجاز على " أمية محمد " . وهذا موقف مغالطة قرآنية مشهود . فتعبير "النبي الأمي" (الاعراف 157) اصطلاح قرآني ، أخذوه على حرفه ولغته .

شك بعضهم بهذا الأساس المشبوه ، فقالوا : القرآن كلام الله ، فهو معجز بذاته للمخلوق . فوقعوا في مغالطة منطقية مكشوفة ، إذ أقاموا المدلول عليه مقام الدليل .

وفتش الجميع عن وجه الاعجاز في القرآن ، فاختلفوا فيه ، وما زالوا مختلفين . واختلاف الأمة في "دلائل الاعجاز ووجوهه" برهان قاطع على أنه أساس مشبوه .

ونحن ندرس الآن في أبحاث ثلاثة هذه الأسس لاعتبار الاعجاز معجزة : "أمية" محمد ؛ القرآن كلام الله ، فهو معجز بذاته وجه الاعجاز في القرآن مختلَفٌ فيه .

التالي