التالي

الفصل الثامن

أيصح الإعجاز معجزة؟

" وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله " (الأحقاف 10)

توطئة

ما بين الإعجاز والمعجزة

نصل الآن الى الخاتمة الحاسمة لهذا الكتاب. لقد استقرينا مواطن الاعجاز كلها فى القرآن. وهذه هى النتيجة الحاسمة لها جميعاً. إننا لا نتنكر لاعجاز القرآن فى الهدى والبيان. وان ظن بنا أحد ذلك فقد ظلم نفسه وظلم علمه بنا وبكتابنا. إنما نستنكر أن يكون هذا الاعجاز معجزة القرآن والنبوة . فالشواهد التى استشهدنا بها فى نواحى الاعجاز كلها، جميعها شبهات على المعجزة الإلهية فى هذا الإعجاز اللغوى البيانى. لا نقصد بها الشواهد والشبهات منفردة ؛ بل نقدمها مجتمعة فى عقد فريد يجعل الاعجاز معجزة مشبوهة لا يصح الأخذ بها لصحة القرآن والنبوة. فالإعجاز كمعجزة بدعة قال بها

أهل الاعجاز من غير العرب، ونسبوا الى القرآن عقيدة لم يقل بها، وما أنزل الله بها من سلطان فى حجة القرآن. وقديما قال عقلاء المسلمين، فى بدء المقالة بإعجاز القرآن كمعجزة له: إن الله لم يجعل القرآن دليل النبوة. وذلك لسبب بدهى: إن الدين للعامة، والاعجاز للخاصة، كما يشهد الباقلانى: " معرفة اعجاز القرآن لا تتهيأ إلاّ للعربى المتناهى الفصاحة"

(1) الباقلانى: اعجاز القرآن، ص 171 و 396

التالي