التالي

ملحق

الاعجاز والمعجزة عند المسيح بشهادة الانجيل والقرآن

توطئة

الإعجاز المطلق عند المسيح بالأحوال والأعمال والأقوال

إن الانجيل، كما يظهر للعيان، دعوة بالحكمة والمعجزة والشخصية الخارقة. فقد اجتمع فيه الدليل والمدلول عليه جميعاً؛ ففيه الاعجاز المطلق بالاحوال والاعمال والأقوال.

والانجيل والقرآن يشهدان للسيد المسيح بأنه رب الحكمة، وسيد المعجزة، وآية الشخصية المتميزة على العالمين: " لنجعله آية للناس، ورحمة منا وكان أمراً مقضياً" (مريم 21) " وجعلناها وابنها آية للعالمين" (الأنبياء 91)

والمتكلمون والحكماء يلتقون عنده فى نظرياتهم الى الاعجاز والمعجزة. ففى اركان الاعجاز والمعجزة نقل ابن خلدون، فى مقدمته الشهيرة (ص 90) الخلاف المستحكم بين المتكلمين والحكماء. قال: " فالمتكلمون قائلون بأنها - المعجزة - واقعة بقدرة الله، لا بفعل النبى . . . وليس لنبى فيها إلا التحدى بها بإذن الله . . . فإذا وقعت نزلت منزلة القول

الصريح من الله بأنه - اى النبى - صادق، وتكون دلالتها على الصدق قطعية. فالمعجزة الدالة بمجموع الخارق والتحدى ولذلك كان التحدى جزءًا منها.

" وأما الحكماء فالخارق عندهم من فعل النبى . . . وأن النفس النبوية عندهم لها خواص ذاتية منها صدور الخوارق بقدرته، وطاعة العناصر له فى التكوين. والنبى عندهم مجبول على التصرف فى الأكوان مهما توجه اليها واستجمع لها، بما جعل الله له من ذلك. والخارق عندهم يقع للنبى، كان للتحدى أو لم يكن، وهو شاهد بصدقه من حيث دلالته على تصرف النبى فى الأكوان ... لا بأن يتنزّل منزلة القول الصريح بالتصديق ... فلذلك لا تكون دلالتها عندهم قطعية، كما هى عند المتكلمين، ولا يكون التحدى جزءاً من المعجزة".

فالخلاف بين الحكماء والمتكلمين فى الاعجاز والمعجزة يقوم على مصدرهما وعلى التحدى بهما وعلى دلالتهما القطعية. لكن الفريقين يتفقان على خرق العادة فى كل الاحوال، وهذا وجه الدلالة.

والسيد المسيح، سواءُ كان سلطانه الخارق فى الاعجاز والمعجزة، من ذاته او بإذن الله – وكلاهما صحيح فيه - فهو الاعجاز المطلق فى المعجزة المطلقة، فى أحواله وأعماله وأقواله، بشخصيته وسيرته ورسالته فى انجيله، انجيل الله.

التالي