السابق

بحث ثالث

تحويل الدين بالجهاد الى دولة و نظام دنيا

بفرض القتال فى الدين ، تحول الدين الى دولة . لذلك يقولون : " الاسلام دولة . فى المدينة أصبح الاسلام دينا و دولة معا . فبدأت قواعد الدولة الاسلامية بالرسوخ . و أخذ الرسول يهتم بالأسس الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العلمية التى يجب أن تقوم عليها الدولة . و سيبرز فى الوحى بعد ذلك ناحيتان : ناحية الجهاد لتثبيت الاسلام و انشاء الدولة الجديدة ، و ناحية التشريع ، لإدارة هذه الدولة " 1 .

و هذا هو القرآن المدنى كله : جهاد و تشريع لإقامة دينية . فاين هو الدين الخالص ، كما كان يقول : " ألا لله الدين الخالص " ( الزمر 3 ) . ففى مكة كان محمد " مخلصا له الدين " ( الزمر 11 ) ، " مخلصا له دينى " ( الزمر 14 ) . و كان يدعو جماعته ان يكونوا " مخلصين له الدين " ( 7 : 29 ، 10 : 22 ، 29 : 65 ، 31 : 32 ، 40 : 14 و 65 ، 98 : 5 ) . و فى المدينة تحول الدين الى دولة بجهاده و تشريعه : فالقرآن المدنى هو قرآن الدولة . ففى المدينة صار الدين جزءا من نظام شامل : " الاسلام دين و دولة ... و إنه تعرض لشؤون الحياة الدنيوية العلمية ، بأكثر مما تعرض للاعمال التعبدية ... إن الدين جزء من نظام الاسلام ، و الاسلام ينظمه كما ينظم الدنيا " 2 .

و هكذا فالاسلام نظام دنيا ، و نظام دولة ، و ما الدين فيها سوى " جزء من الاسلام " . فهل هذا هو الأعجاز فى الرسالة الدينية ، عند من كان الكتاب " إمامه " فى الهدى ؟ ( هود 17 ، الاحقاف 12 ) . هل ينزل الله كتابا يهدى الى الدين الحق ، أم الى نظام الدنيا ، و نظام الدولة ؟ و هل تنظيم الدنيا و تنظيم الدولة من الأعجاز فى الرسالة الدينية ؟


1 عمر فروخ : العرب و الاسلام ص 42 .
2 الإمام حسن البنا عند أحمد محمد جمال فى " دين و دولة " – المقدمة الأولى .

السابق