التالي

الجزء الثاني

الإعجاز في شمول الدعوة القرآنية وكمالها

توطئة

الشمول والكمال في الدعوة القرآنية

من الاعجاز في دعوة دينية شمولها وكمالها . وهم يرون في الدعوة القرآنية شمولا في النبوة والعقيدة ، جاء مصحّحًا متمّمًا لكل نبوة وعقيدة سبقتها ، شمولا في موضوع الدعوة ، فالاسلام دين ودنيا ، دين ودولة ، دنيا وآخرة ؛ شمولا في عالمية الدعوة ، وكانت كل دعوة قبلها قومية . إن " عقيدة الشمول " هي الصفة التي امتازت بها الدعوة الاسلامية(1) . فكمالها في شمولها وفي عالميتها .

وقد فات العقاد حقيقة الواقع القرآني . فقومية الدعوة القرآنية ظاهرة في تصاريحها : "وانه لذكر لك ولقومك" (الزخرف 44) ؛ "لقد أنزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم ، أفلا تعقلون" (الأنبياء 10) ، "بل أتيناهم بذكرهم ، منهم عن ذكرهم معرضون" (المؤمنون

ــــــــــــــــــــــــ

(1) عباس محمود العقاد : الاسلام في القرن العشرين ص 23
72) . فالدعوة القرآنية قومية عربية ؛ وانتهت عالمية بالفتوحات الاسلامية . والشمول محدود بأمر الوحي لمحمد : "أولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتده" (الأنعام 90) ؛ ومقيّد "بالمثْل" الذي يتّبعه : "وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله" (الأحقاف 10) . والكمال يقتصر على الدعوة "النصرانية" : فمحمد يشهد بشهادة "أولي العلم قائما بالقسط ... ان الدين عند الله الاسلام" (آل عمران 18 – 19) . فهو يمنع الجدل مع أهل الكتاب النصارى إلاّ بالحسنى ، وهذه الحسنى هي الأمر لأمته أن يقولوا : "آمنا بالذي أنزل الينا وأُنزل اليكم ، والهنا والهكم واحد ، ونحن له مسلمون" (العنكبوت 46) ، فالإله واحد ، والتنزيل واحد ، والاسلام واحد . فأين الشمول والكمال في الدعوة القرآنية ؟

التالي