د . على عبد العزيز يكتب : معذرة ايها المجلس العسكري .. نحن لسنا قروداً


Tue, 10/18/2011 - 17:01
دائما من يحكمون يمتلكون اساليب متعددة لمواجهة اى اعتراض لهم كأساليب دفاعية, سأقصر مقالى هذا على اسلوب خطير جدا يستخدم الآن فى مصر وهو اسلوب استخدمه علماء النفس لتغيير السلوك الجمعى وخلاصة هذا الاسلوب سأسرده فيما قام به علماء النفس عندما قاموا بتجربته عملياً .
قام علماء النفس بإحضار خمسة قرود ثم تم وضعهم داخل قفص وتم غلق القفص, وبعد فترة قصيرة تم ربط بعض اصابع الموز في سقف القفص بحيث تتدلي اصابع الموز من السقف مع صعوبه الوصول اليها, وبعد فترة قام العلماء بوضع كرسى تحت اصابع الموز بحيث تتمكن القرود من الوقوف عليه والوصول للموز ثم اخذ الباحثين في مراقبه ما سيحدث.
بعد فترة قصيرة جدا تحرك قرد واحد واستطاع الصعود علي الكرسى ثم قام بقطع احد أصابع الموز, وفي هذه اللحظه قام الباحثين برش القردة الاربعة الاخرين بماء ساخن جدا
ثم قام قرد اخر بمحاوله الصعود لقطع احد اصابع الموز وفى نفس اللحظه تم رش البقيه بماء ساخن جدا ايضا, وفي المرة الثالثة عندما حاول القرد الثالث القيام بنفس المحاولة لاحظ العلماء انه كلما اقترب من الكرسى قامت القردة الاخرى بضربه بعنف ومنعه من الصعود عليه.
والتفسير هو ان صعود احد القرده علي الكرسي ارتبط بعقاب الاخرين بالرش بالماء الساخن مما جعلهم يعاقبون القرد الذى يحاول خوفاً من ان يتم عقابهم بالماء الساخن.
وادى ذلك الى انه لم يحاول اى قرد الصعود علي الكرسي مرة اخرى وبعد فترة تم اخراج قرد من القفص وادخال اخر لم يشهد اى شئ من التجارب السابقة وكان الطبيعى انه يحاول الصعود لاحضار الموز فقامت القردة الاخرى بضربه بعنف وكلما يحاول يتم الهجوم عليه ولكن هو لا يعرف السبب لانه لم يشهد تجربه الرش بالماء الساخن وبعد فترة امتنع عن محاولة الصعود مرة اخرى , ثم تم سحب قرد اخر من القردة القديمة وتم ادخال اخر ويتكرر المشهد كلما حاول الصعود يضرب حتى من القرد الذى لم يشاهد تجربة الرش بالماء الساخن وتكررت عملية سحب قرد قديم وادخال اخر جديد حتى تم استبدال الخمسة قردة القديمة باخرى جديده وفي النهاية لم يحاول اى واحد منهم الاقتراب من الكرسي علما انهم لم يتعرضوا للعقاب بالماء الساخن.وبإسقاط هذه التجربة على حالنا هذه الايام نجد ان ما يحدث من المجلس العسكرى والمتحالفين معه من رجال الاعمال والاعلام (بكل اشكاله) يستخدمون اسلوب الماء الساخن على الشعب من خلال خلق هالة اعلامية للتخويف من اى اعتراض او مظاهرات او مليونيات تطالب باستحقاقات الثورة وربطها بتعطل عجلة الانتاج وانتشار البلطجة والفوضى فى البلاد والتشكيك المستمر فيمن قام بالثورة او شارك بها, بل والادهى انهم قد ينظمون مظاهرات من نوع خاص ويفتعلون خلالها فوضى واضطرابات مقصودة لزيادة التخويف والارهاب النفسى فى ذهن الشعب حتى يصل الشعب للمرحلة التى وصلت اليها القردة من الخوف من الاقتراب الى الموز بل ومنع من يحاول الوصول الى الموز بالقوة وبالفعل هذا ما يحدث تجاه اى دعوة الى مليونية او مظاهرة او وقفة تجد الملايين من الناس تتوجس خيفة وتدعو المتظاهرين او الثوار الى العودة عن هذا الطريق وان ما وصلت اليه البلاد الان كافى ويجب ان نراعى استقرار البلاد (رغم ان اصول المنطق انه لا يصح تعميم الجزء على الكل اذ كيف لمظاهرة فى ميدان بعيدة عن كل ادوات الانتاج ان تعطل الانتاج وتنشر الفوضى فى كل البلاد), واعتقد ان الدافع لنشر هذه الهالة السلبية تجاه الثورة ومن يدعون للحفاظ على الثورة هو المصلحة الاكيدة فى بقاء الوضع كما هو دون نقل حقيقى للسلطة ودون تنفيذ استحقاقات الثورة, وايضاً هناك دلالة اخرى قوية أن هذه المليونيان والوقفات لها تاثير كبير على المجلس العسكرى لذا هو يواجهها بطريقة اكثر دهاءً وتخطيطاً, وهذا يعنى انه يجب العمل على توعية الجماهير فى كل مكان وبكل وسائل الاعلام المخلصة والمتاحة بأنه لا يوجد ربط منطقى بين المظاهرات الضاغطة على المجلس العسكرى لنقل السلطة وتنفيذ استحقاقات الثورة وبين توقف عجلة الانتاج وانتشار البلطجة والفوضى .
وحتى لا يظن البعض ان هذا الكلام خيالاً فإن ما حدث فى الثورة الرومانية والتى قامت فى عام 1989 استخدم الجيش هناك نفس الاسلوب حتى وصل الحال بالشعب الرومانى ان ثار على من قاموا بالثورة من الشباب وقتل من قتل واعتقل من اعتقل وذلك بعد عام كامل من الثورة كان الجيش فيها مسئولا عن ادارة رومانيا وتولى بعد ذلك فلول النظام الرومانى الحكم وظل الوضع فى رمانيا كما هو قبل عام 1989 بل اسوأ منه.
 

الصفحة الرئيسية